أبو بَكر الصّدِّيق عبد الله بن أبي قُحافة التَّيمي القُرَشيّ (50 ق هـ - 13هـ / 573م - 634م) هو أولُ الخُلفاء الراشدين، وأحد العشرة المُبشرين بالجنَّة، وهو وزيرُ الرسول مُحمد وصاحبهُ، ورفيقهُ عند هجرته إلى المدينة المنورة. يَعدُّه أهل السنة والجماعة خيرَ الناس بعد الأنبياءوالرسل، وأكثرَ الصَّحابة إيمانًا وزهدًا، وأحبَّ الناس إلى النبي مُحمد بعد زوجته عائشة. عادة ما يُلحَق اسمُ أبي بكرٍ بلقب الصّدِّيق، وهو لقبٌ لقَّبه إياه النبي مُحمد لكثرةِ تصديقه إياه. ولد أبو بكر الصدِّيق في مكة سنة 573م بعد عام الفيل بسنتين وستة أشهر، وكان من أغنياء قُريش في الجاهليَّة، فلما دعاه النبي مُحمد إلى الإسلام أسلمَ دون تردد، فكان أول من أسلم مِن الرجال الأحرار. ثم هاجر أبو بكر مُرافقًا للنبي مُحمد من مكة إلى المدينة، وشَهِد غزوة بدروالمشاهد كلها مع النبي مُحمد، ولما مرض النبي مرضه الذي مات فيه أمر أبا بكر أن يَؤمَّ الناس في الصلاة. توفي النبي مُحمد يوم الإثنين 12 ربيع الأول سنة 11هـ، وبويع أبو بكر بالخِلافة في اليوم نفسه، فبدأ بإدارة شؤون الدولة الإسلامية من تعيين الولاة والقضاء وتسيير الجيوش، وارتدت كثير من القبائل العربية عن الإسلام، فأخذ يقاتلها ويُرسل الجيوش لمحاربتها حتى أخضع الجزيرة العربية بأكملها تحت الحُكم الإسلامي، ولما انتهت حروب الرِّدة، بدأ أبو بكر بتوجيه الجيوش الإسلامية لفتح العراقوبلاد الشَّام، ففتح مُعظم العراق وجزءًا كبيرًا من أرض الشَّام. توفي أبو بكر يوم الإثنين 22 جمادى الآخرة سنة 13هـ، وكان عمره ثلاثاً وستين سنة، فخلفه من بعده عمر بن الخطَّاب.
أبو حفص عمر بن الخطاب العدوي القرشي، المُلقب بالفاروق، هو ثاني الخلفاء الراشدين ومن كبار أصحاب الرسول محمد، وأحد أشهر الأشخاص والقادة في التاريخ الإسلامي ومن أكثرهم تأثيرًا ونفوذًا هو أحد العشرة المبشرين بالجنة، ومن علماء الصحابة وزهّادهم. تولّى الخلافة الإسلامية بعد وفاة أبي بكر الصديق في 23 أغسطس سنة 634م، الموافق للثاني والعشرين من جمادى الثانية سنة 13 هـ. كان ابن الخطّاب قاضيًا خبيرًا وقد اشتهر بعدله وإنصافه الناس من المظالم، سواء كانوا مسلمين أو غير مسلمين، وكان ذلك أحد أسباب تسميته بالفاروق، لتفريقه بين الحق والباطل. هو مؤسس التقويم الهجري، وفي عهده بلغ الإسلام مبلغًا عظيمًا، وتوسع نطاق الدولة الإسلامية حتى شمل كامل العراقومصروليبياوالشاموفارسوخراسان وشرق الأناضول وجنوب أرمينية وسجستان، وهو الذي أدخل القدس تحت حكم المسلمين لأول مرة وهي ثالث أقدس المدن في الإسلام، وبهذا استوعبت الدولة الإسلامية كامل أراضي الإمبراطورية الفارسية الساسانية وحوالي ثلثيّ أراضي الإمبراطورية البيزنطية. تجلّت عبقرية عمر بن الخطاب العسكرية في حملاته المنظمة المتعددة التي وجهها لإخضاع الفرس الذين فاقوا المسلمين قوة، فتمكن من فتح كامل إمبراطوريتهم خلال أقل من سنتين، كما تجلّت قدرته وحنكته السياسية والإدارية عبر حفاظه على تماسك ووحدة دولة كان حجمها يتنامى يومًا بعد يوم ويزداد عدد سكانها وتتنوع أعراقها.
عثمان بن عفان الأموي القرشي (47 ق.هـ - 35 هـ / 576 - 656م) ثالث الخلفاء الراشدين، وأحد العشرة المبشرين بالجنة، ومن السابقين إلى الإسلام. يكنى ذا النورين لأنه تزوج اثنتين من بنات الرسول، حيث تزوج من رقية ثم بعد وفاتها تزوج من أم كلثوم. كان عثمان أول مهاجر إلى أرض الحبشة لحفظ الإسلام ثم تبعه سائر المهاجرين إلى أرض الحبشة. ثم هاجر الهجرة الثانية إلى المدينة المنورة. وكان رسول اللَّه يثق به ويحبه ويكرمه لحيائه وأخلاقه وحسن عشرته وما كان يبذله من المال لنصرة المسلمين والذين آمنوا بالله، وبشّره بالجنة كأبي بكر وعمر وعلي وبقية العشرة، وأخبره بأنه سيموت شهيداً. في النصف الثاني من خلافة عثمان التي استمرت لمدة اثنتي عشرة سنة، ظهرت أحداث الفتنة التي أدت إلى استشهاده. وكان ذلك في يوم الجمعة الموافق 18 من شهر ذي الحجة سنة 35 هـ، وعمره اثنتان وثمانون سنة، ودفن في البقيعبالمدينة المنورة.
أبو الحسن علي بن أبي طالب الهاشمي القرشي (13 رجب 23 ق هـ/17 مارس599م - 21 رمضان40 هـ/ 27 يناير661 م) ابن عم محمد بن عبد اللهنبيالإسلام وصهره، من آل بيته، وكافله حين توفي والديه وجده، وأحد أصحابه، هو رابع الخلفاء الراشدين عند السنة وأحد العشرة المبشرين بالجنة وأوّل الأئمّة عند الشيعة، ولد في مكة وتشير مصادر التاريخ بأن ولادته كانت في جوف الكعبة، وأُمّه فاطمة بنت أسد الهاشميّة. أسلم قبل الهجرة النبويّة، وهو ثاني أو ثالث الناس دخولا في الإسلام، وأوّل من أسلم من الصبيان. هاجر إلى المدينة المنوّرة بعد هجرة محمد بثلاثة أيّام وآخاه محمد مع نفسه حين آخى بين المسلمين، وزوجه ابنته فاطمة في السنة الثانية من الهجرة. شارك علي في كل غزوات الرسول عدا غزوة تبوك حيث خلّفه فيها محمد على المدينة. وعُرف بشدّته وبراعته في القتال فكان عاملاً مهماً في نصر المسلمين في مختلف المعارك وابرزها غزوة الخندق ومعركة خيبر. لقد كان علي موضع ثقة الرسول محمد فكان أحد كتاب الوحي وأحد أهم سفرائهووزرائه. اشتهر علي عند المسلمين بالفصاحة والحكمة، فينسب له الكثير من الأشعار والأقوال المأثورة. كما يُعدّ رمزاً للشجاعة والقوّة ويتّصف بالعدل والزُهد حسب الروايات الواردة في كتب الحديثوالتاريخ. كما يُعتبر من أكبر علماء في عصره علماً وفقهاً إنْ لم يكن أكبرهم على الإطلاق كما يعتقد الشيعة وبعض السنة، بما فيه عدد من الفرق الصوفيّة.
خالد بن الوليد بن المغيرة المخزومي القرشي (توفي سنة 21 هـ / 642م) صحابي وقائد عسكري مسلم، لقّبه الرسولبسيف الله المسلول. اشتهر بحسن تخطيطه العسكري وبراعته في قيادة جيوش المسلمين في حروب الردةوفتح العراقوالشام، في عهد خليفتي الرسولأبي بكروعمر في غضون عدة سنوات من عام 632 حتى عام 636. يعد أحد قادة الجيوش القلائل في التاريخ الذين لم يهزموا في معركة طوال حياتهم، فهو لم يهزم في أكثر من مائة معركة أمام قوات متفوقة عدديًا من الإمبراطورية الرومية البيزنطيةوالإمبراطورية الساسانية الفارسية وحلفائهم، بالإضافة إلى العديد من القبائل العربية الأخرى. اشتهر خالد بانتصاراته الحاسمة في معارك اليمامةوأُلّيسوالفراض، وتكتيكاته التي استخدمها في معركتي الولجةواليرموك. قبل إسلامه، لعب خالد بن الوليد دورًا حيويًا في انتصار قريش على قوات المسلمين في غزوة أحد، كما شارك ضمن صفوف الأحزاب في غزوة الخندق. ومع ذلك، اعتنق خالد الدين الإسلامي بعد صلح الحديبية، شارك في حملات مختلفة في عهد الرسول، أهمها غزوة مؤتةوفتح مكة. وفي عام 638، وهو في أوج انتصاراته العسكرية، عزله الخليفة عمر بن الخطاب من قيادة الجيوش لأنه خاف أن يفتتن الناس به، فصار خالد بن الوليد في جيش الصحابي أبو عبيدة عامر بن الجراح وأحد مقدميه، ثم انتقل إلى حمص حيث عاش لأقل من أربع سنوات حتى وفاته ودفنه بها.
جعفر بن أبي طالب بن عبد المطلب الهاشمي القرشيصحابي وقائد مسلم، ومن السابقين الأولين إلى الإسلام، المشهور بجعفر الطيار، وذو الجناحين، ابن عم النبي ،وهو أحد وزراء الرسولِ محمدٍ لقوله: «إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ نَبِيُّ قَبْلِي إِلا قَدْ أُعْطِيَ سَبْعَةَ رُفَقَاءَ نُجَبَاءَ وَوُزَرَاءَ، وَإِنِّي أُعْطِيتُ أَرْبَعَةَ عَشَرَ: حَمْزَةُ، وَجَعْفَرٌ، وَعَلِيٌّ، وَحَسَنٌ، وَحُسَيْنٌ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ، وَأَبُو ذَرٍّ، وَالْمِقْدَادُ، وَحُذَيْفَةُ، وَسَلْمَانُ، وَعَمَّارٌ، وَبِلالٌ». وجعفر هو أخو علي بن أبي طالب لأبويه، ويُقال إنه كان أشبه الناس بالرسولِ محمدٍ خَلقاً وخُلُقاً.
أسلم جعفر بن أبي طالب، ثم هاجر مع جماعة من المسلمين إلى الحبشة، ومكثوا فيها عند ملكها النجاشي. ثم هاجر جعفر إلى المدينة المنورة يوم فتح خيبر، فكانت له هجرتان: هجرة إلى الحبشة، وهجرة إلى المدينة، وآخى الرسولُ بينه وبين معاذ بن جبل الخزرجي الأنصاري. وشهد جعفر بن أبي طالب غزوة مؤتة التي دارت رحاها سنة ثمان من الهجرة بين المسلمينوالروم، وكان هو أميرَ جيش المسلمين إذا أُصيب قائدُهم الأول زيد بن حارثة، فلما قُتل زيد بن حارثة في المعركة، أخذ جعفر بن أبي طالب اللواء بيمينه فقطعت، فأخذه بشماله فقطعت، فاحتضنه بعضديه حتى قُتل وهو ابن إحدى وأربعين سنة، فصلى عليه الرسولُ وقال: «اسْتَغْفِرُوا لأَخِيكُمْ فَإِنَّهُ شَهِيدٌ، وَقَدْ دَخَلَ الْجَنَّةَ وَهُوَ يَطِيرُ فِي الْجَنَّةِ بِجَنَاحَيْنِ مِنْ يَاقُوتٍ حَيْثُ يَشَاءُ مِنَ الْجَنَّةِ». ودُفن جعفر في منطقة مؤتة في بلاد الشام، وله مقام يقع في بلدة المزار الجنوبي في الأردن جنوب مدينة الكرك.
حمزة بن عبد المطلب الهاشمي القرشيصحابي من صحابة رسول الإسلام محمد، وعمُّه وأخوه من الرضاعة وأحد وزرائه الأربعة عشر، وهو خير أعمامه لقوله: «خَيْرُ إِخْوَتِي عَلِيٌّ، وَخَيْرُ أَعْمَامِي حَمْزَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا». وهو أسنُّ من الرسولِ محمدٍ بسنتين، كما أنه قريبٌ له من جهة أمه، فأمه هي هالة بنت وهيب بن عبد مناف، ابنة عم آمنة بنت وهب بن عبد مناف أمِّ الرسولِ محمدٍ. لُقِّب بسيد الشهداء، وأسد الله وأسد رسوله، ويكنى أبا عمارة، وقيل أبو يعلى. كان حمزة في الجاهلية فتىً شجاعاً كريماً سمحاً، وكان أشدَّ فتى في قريش وأعزَّهم شكيمة، فقد شهد في الجاهلية حرب الفجار التي دارت بين قبيلتي كنانةوقيس عيلان.
أسلم حمزة في السنة الثانية من بعثة النبي محمد، فلمَّا أسلم علمت قريش أن الرسولَ محمداً قد عز وامتنع وأن حمزة سيمنعه، فكفّوا عن بعض ما كانوا ينالون منه. ثم هاجر حمزة إلى المدينة المنورة، فآخى الرسولُ بينه وبين زيد بن حارثة. وكان أولُ لواء عقده الرسولُ محمدٌ هو اللواءَ الذي عقده لحمزة، وشهد حمزةُ غزوة بدر، وقَتَلَ فيها شيبة بن ربيعة مبارزةً، وقتل غيرَه كثيراً من المشركين، كما شهد غزوة أحد، فقُتل بها سنة 3هـ، وكان قد قَتَلَ من المشركين قبل أن يُقتل واحداً وثلاثين نفساً، وكان الذي قتله هو وحشي بن حرب الحبشي غلامُ جبير بن مطعم، ومثَّل به المشركون، وخرج الرسولُ يلتمس حمزة، فوجده ببطن الوادي قد مُثِّل به، فلم ير منظراً كان أوجع لقلبه منه فقال: «رحمك الله، أي عم، فلقد كنت وصولاً للرحم فعولاً للخيرات». ودفن حمزة وابن أخته عبد الله بن جحش في قبر واحد.
عبد الله بن الزبير بن العوام الأسدي القرشي (1 هـ - 73 هـ) هو صحابي من صغار الصحابة، وابن الصحابي الزبير بن العوام، وأمه أسماء بنت أبي بكر الصديق، وهو أول مولود للمسلمين في المدينة المنورة بعد هجرة النبي محمد إليها، وفارس قريش في زمانه والمُكنّى بأبي بكر وأبي خبيب. كان عبد الله بن الزبير أحد الوجوه البارزة التي دافعت عن الخليفة الثالث عثمان بن عفان حين حاصره الثائرون أثناء فتنة مقتله، كما شارك في قيادة بعض معارك الفتوحات الإسلامية. رفض ابن الزبير مبايعة يزيد بن معاوية خليفة للمسلمين بعد وفاة معاوية بن أبي سفيان، فأخذه يزيد بالشدة، مما جعل ابن الزبير يعوذ بالبيت الحرام. ولم يمنع ذلك يزيد أن يرسل إليه جيشًا حاصره في مكة، ولم يرفع الحصار إلا بوفاة يزيد نفسه سنة 64 هـ. بوفاة يزيد، أعلن ابن الزبير نفسه خليفة للمسلمين واتخذ من مكة عاصمة لحكمه، وبايعته الولايات كلها إلا بعض مناطق في الشام، والتي دعمت الأمويين وساعدتهم على استعادة زمام أمورهم.
لم تصمد دولة ابن الزبير طويلاً بسبب الثورات الداخلية على حكمه وأبرزها ثورة المختار الثقفي في العراق، إضافة إلى اجتماع الأمويين حول مروان بن الحكم ومن بعده ولده عبد الملك في الشام، مما مكّنهم من استعادة باقي مناطق الشام ومصر ثم العراق والحجاز. انتهت دولة ابن الزبير بمقتله سنة 73 هـ، بعد أن حاصره الحجاج بن يوسف الثقفي في مكة، ولم تقم لسلالته بعد ذلك دولة كغيرهم من البيوت القرشية كالأمويينوالعباسيين.
كانت له عمارةُ البيت الحراموالسّقاية في الجاهلية. شهد قبل أن يسلم مع رسول الإسلام بيعة العقبة، ليشدد له العقد. شَهِد غزوة بدر مع قبيلة قريش مُكرهاً فأُسر ففدا نفسه ثمّ رجع إلى مكة. قيل أنه أسلم قبل عام الفتح بقليل، وقيل أنه أسلم وبقي في مكة.
كان ممن ثبت في غزوة حنين مع النبي. كان الرسول محمد يعظمه ويكرمه بعد إسلامه وقال فيه: «إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى اتَّخَذَنِي خَلِيلا، كَمَا اتَّخَذَ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلا، وَمَنْزِلِي وَمَنْزِلُ إِبْرَاهِيمَ فِي الْجَنَّةِ تُجَاهَيْنِ، وَالْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ مُؤْمِنٌ بَيْنَ خَلِيلَيْنِ». عباس وآل العباس من أهل بيت محمد الذين حرمت عليهم الصدقة. توفي في خلافة عثمان بن عفان في المدينة المنورة سنة 32 هـ وعمره 88 عاماً ودفن في بقيع الغرقد.
أسلم مبكرًا، فكان أحد الثمانية الذين سبقوا إلى الإسلام، وهاجر إلى يثرب التي سُميت فيما بعد بالمدينة المنورة، وشارك في جميع الغزوات في العصر النبوي إلا غزوة بدر حيث كان بالشام، وكان ممن دافعوا عن النبي محمد في غزوة أحد حتى شُلَّت يده، فظل كذلك إلى أن مات. وجعله عمر بن الخطاب في الستة أصحاب الشورى الذين ذكرهم للخلافة بعده، وقال: «هم الذين توفي رسول الله ﷺ وهو عنهم راض.»، وبعد مقتل عثمان بن عفان خرج إلى البصرة مطالبًا بالقصاص من قتلة عثمان فقُتِلَ في موقعة الجمل، فكان قتله في رجبٍ سنة ستٍّ وثلاثين من الهجرة، وله أربع وستُّون سنة، وقيل اثنان وستُّون سنة.
عبد الرّحمن بن عوف القرشيّ الزهريّ (43 ق هـ - 32 هـ / 580 - 656م)، هو أحد الصحابة العشرة المبشرين بالجنة، ومن السابقين الأولين إلى الإسلام، وأحد الثمانية الذين سبقوا بالإسلام، وأحد الستة أصحاب الشورى الذين اختارهم عمر بن الخطاب ليختاروا الخليفة من بعده. كان اسمه في الجاهلية عبد عمرو، وقيل عبد الكعبة، فسماه النبي عبد الرحمن.
كان عبد الرحمن تاجرًا ثريًا، وكان كريمًا، حيث تصدَّق في زمن النبي بنصف ماله والبالغ أربعة آلاف، ثم تصدق بأربعين ألفًا، واشترى خمسمائة فرس للجهاد، ثم اشترى خمسمائة راحلة، ولما حضرته الوفاة أوصى لكل رجل ممن بقي من أهل بدر بأربعمائة دينار، وأوصى لكل امرأة من أمهات المؤمنين بمبلغ كبير، وأعتق بعض مماليكه، وكان ميراثه مالًا جزيلًا.
عبد الله بن عمر بن الخطاب (10 ق.هـ - 73 هـ) محدثوفقيهوصحابي من صغار الصحابة، وابن الخليفة الثاني عمر بن الخطاب، وأحد المكثرين في الفتوى، وكذلك هو من المكثرين في رواية الحديث النبوي عن النبي محمد. كان ابن عمر من أكثر الناس اقتداءً بسيرة النبي محمد، ومن أكثرهم تتبُّعًا لآثاره. كما كان قبلة لطُلاّب الحديث والفتاوى في المدينة المنورة، وطلاّب العطايا لما عُرف عنه من سخائه في الصدقات، والزهد في الدنيا. شهد ابن عمر عدد من المشاهد مع النبي محمد، ثم شارك بعد وفاة النبي في فتوح الشاموالعراق وفارسومصروإفريقية. ولما قامت الفتن بعد مقتل عثمان بن عفان، وبعد وفاة يزيد بن معاوية، آثر ابن عمر اعتزال الفتن. كان ابن عمر دائمًا محل احترام وثقة المسلمين، فحاول عثمان بن عفان توليته القضاء، وعرض عليه علي بن أبي طالب ولاية الشام، ورشحه أبو موسى الأشعري للخلافة يوم التحكيم بين جيشي علي ومعاوية، إلا أنه اعتذر عن ذلك كله، وحرص على عدم الانخراط في أمور الحكم تجنبًا منه للخوض في دماء المسلمين. كانت وفاة ابن عمر سنة 74 هـ، وقيل 73 هـ، وصلى عليه الحجاج بن يوسف الثقفي، ودفن بفخ في مقبرة المهاجرين نحو ذي طوى، وقيل دُفن بالمحصب، وقيل بسرف. أما صفته، فقد كان ابن عمر رجل ربعة، آدمًا، جسيمًا، أصلعًا. وقال سعيد بن المسيب أن عبد الله بن عمر كان أشبه ولد عمر بعمر، وأن سالم بن عبد الله، كان أشبه ولد عبد الله بعبد الله. وكان ابن عمر يحب التطيّب، فلا يذهب الجمعة أو العيد إلا وقد دهن وتطيّب. وكان لابن عمر خاتمًا نقشه «عبد الله بن عمر»، يجعله عند ابنه أبي عبيدة، فإذا أراد أن يختم أخذه، فختم به. كان ابن عمر شديد الحذر والحرص في الفُتيا، فقد روى نافع أنه في موسم الحج كان ابن عمر وابن عباس يجلسان لإفتاء الناس، فكان ابن عباس يجيب ويفتي في كل ما سُئل عنه، وكان ابن عمر يرد أكثر مما يفتي. أما عن منهجه في الفتيا، فقد كان ابن عمر يستمد أحكامه من القرآن، فإن لم يجد رجع إلى السُنّة، فإن لم يجد فاجتهادات كبار الصحابة إن اتفقوا، وإلا فإنه كان يتخير من بينها ما يراه حقًا، ثم بعد ذلك كله يأخذ بقياس النظير.
أبو هُرَيْرَة عبد الرحمن بن صخر الدوسي (المتوفي سنة 59 هـ/678م) صحابيمحدثوفقيهوحافظ أسلم سنة 7 هـ، ولزم النبي محمد، وحفظ الحديث عنه، حتى أصبح أكثر الصحابة روايةً وحفظًا للحديث النبوي. لسعة حفظ أبي هريرة، التفّ حوله العديد من الصحابة والتابعين من طلبة الحديث النبوي الذين قدّر البخاري عددهم بأنهم جاوزوا الثمانمائة ممن رووا عن أبي هريرة. كما يعد أبو هريرة واحدًا من أعلام قُرّاء الحجاز، حيث تلقّى القرآن عن النبي محمد، وعرضه على أبي بن كعب، وأخذ عنه عبد الرحمن بن هرمز. تولى أبو هريرة ولاية البحرين في عهد الخليفة عمر بن الخطاب، كمل تولى إمارة المدينة من سنة 40 هـ حتى سنة 41 هـ. وبعدها لزم المدينة المنورة يُعلّم الناس الحديث النبوي، ويُفتيهم في أمور دينهم، حتى وفاته سنة 59 هـ. نقل أبو سعيد الخدري عن النبي محمد قوله عن أبي هريرة: «أبو هريرة وعاء من العلم»، وقال له ابن عمر: «كنت ألزمنا لرسول الله ﷺ وأعلمنا بحديثه». وقد اهتم علماء الجرح والتعديل بتصنيف أصح أسانيد أحاديث أبي هريرة، فعدّها الذهبي أن أصح أسانيده ما جاء عن الزُهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة، وما جاء عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة، وما جاء عن ابن عونوأيوب عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة، وقد روى له الجماعة في كُتُبهم. بينما اعتبر علي بن المديني أن أصحها ما جاء من طريق حماد بن زيد عن أيوب عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة. لم يتقبّل بعض الصحابة إكثار أبي هريرة الرواية للحديث النبوي كالخليفة الثاني عمر بن الخطاب الذي قال لأبي هريرة: «لتتركن الحديث عن رسول الله ﷺ أو لألحقنك بأرض دوس»، لرؤية عمر ضرورة الإقلال في رواية الحديث عن النبي محمد في زمان خلافته، مخافة انشغال الناس بالحديث عن القرآن.
أبو عبد الرحمن عبد الله بن مسعود الهُذلي حليف بني زهرة (المتوفي سنة 32 هـ) صحابيوفقيهومقرئومحدث، وأحد رواة الحديث النبوي، وهو أحد السابقين إلى الإسلام، وصاحب نعلي النبي محمد وسواكه، وواحد ممن هاجروا الهجرتين إلى الحبشة وإلى المدينة، وممن أدركوا القبلتين، وهو أول من جهر بقراءة القرآن في مكة. وقد تولى قضاء الكوفةوبيت مالها في خلافة عمر وصدر من خلافة عثمان. ينتسب أبو عبد الرحمن عبد الله بن مسعود بن غافل بن حبيب بن شمخ بن فار بن مخزوم بن صاهلة بن كاهل بن الحارث بن تميم إلى بني سعد بن هذيل بن مدركة. نشأ عبد الله في مكة، حيث استقر بها أبوه مسعود بن غافل قبل الإسلام، وحالف عبد بن الحارث بن زهرة بن كلاب بن مرة القرشي، الذي زوجه من حفيدته أم عبد بنت عبد وُدّ بن سواءة الهُذلية، ابنة ابنته هند بنت عبد بن الحارث. اختُلف في ترتيبه في السبق إلى الإسلام، فقيل أنه سادس ستة أسلموا، وقيل أنه أسلم بعد اثنين وعشرين نفسًا. شارك ابن مسعود في الفتح الإسلامي للشام، وشهد فيها معركة اليرموك، وتولى يومها قسمة الغنائم. اختار عبد الله بن مسعود بعد انتهاء الفتح الإقامة في حمص، إلى أن جاءه أمر من الخليفة الثاني عمر بن الخطاب بالانتقال إلى الكوفة، ليعلّم أهلها أمور دينهم، وليعاون أميرها الجديد عمار بن ياسر. وقد بقي عبد الله بن مسعود بالكوفة مدة خلافة عمر، وبداية خلافة عثمان بن عفان، إلى أن عزله عثمان، وبعث إليه يأمره بالعودة إلى المدينة. لبث عبد الله بن مسعود في المدينة المنورة بعد عودته حتى ألمّ به مرض موته سنة 32 هـ، حيث توفي ابن مسعود في تلك السنة وعمره بضعًا وستين سنة، وكُفَّنَ في حُلَّة بمائتي درهم، ودفن بالبقيع عند قبر عثمان بن مظعون، بعد أن صلّى عليه الزبير بن العوام بحسب وصية ابن مسعود. أما صفة عبد الله بن مسعود، فقد كان آدم، خفيف اللحم، نحيفًا، قصيرًا، شديد الأدمة، وكان لا يغير شيبه.
أبو ذر جُنْدَب بن جنادة الغفاري (المتوفى سنة 31 هـ أو 32 هـ) صحابي من السابقين إلى الإسلام. قيل إنَّه رابع أو خامس من دخل في الإسلام، وأحد الذين جهروا بالإسلام في مكة قبل الهجرة النبوية. كان أبو ذر الغفاري في الجاهلية يتكسَّب من قطع الطريق، كما كان موحدًا، ولا يعبد الأصنام. وحين بلغته الأخبار بأن هناك من يدعو للتوحيد في مكة، سارع إلى الإسلام، فكان من السابقين إلى الإسلام. هاجر إلى المدينة المنورة بعد غزوتي بدروأحد، ولزم النبي، وشارك في غزواته. شهد أبو ذر فتح بيت المقدس مع عمر بن الخطاب، وأقام في الشام. تسببت حدَّته في فساد العلاقة مع والي الشامِ معاوية بن أبي سفيان، فكتب معاوية يشكوه إلى عثمان بن عفان بأنه أفسد عليه الشام، فطلبه عثمان؛ فخرج أبو ذر إلى المدينة. وفي المدينة حدثت خلافات، فخرج إلى الرَّبْذَة، وتوفي فيها سنة 31 هـ أو 32 هـ، وصلى عليه عبد الله بن مسعود، وألحده بنفسه. كان أبو ذر زاهدًا عالمًا، قال عنه الذهبي في ترجمته في كتابه «سير أعلام النبلاء»: «وَكَانَ رَأْسًا فِي الزُّهْدِ، وَالصِّدْقِ، وَالعِلْمِ، وَالعَمَلِ، قَوَّالًا بِالحَقِّ، لاَ تَأْخُذُهُ فِي اللهِ لَوْمَةُ لائِمٍ، عَلَى حِدَّةٍ فِيْهِ».
كان عرفجة بن هرثمة من دهاة العرب، ذوي الرأي والمكيدة في الحرب، والنجدة. ومن أجلاء الصحابة الأبطال، ولقد كان أمير لواء من الألوية الإحدى عشرة التي عقدها الخليفة الأول أبو بكر الصديق لقتال المرتدّين في مناطق شبه الجزيرة العربية، وهو أول قائد عربي في الإسلام ركب السفن غازيًا بلد فارس وجرَّأَ العرب من بعده على ركوب البحار.
ولد في النصف من شهر رمضان عام 3 هـ، وكان النبي محمد يحبه كثيرًا ويقول: «اللهم إني أحبه فأحبه»، وكان يأخذه معه إلى المسجد النبوي في أوقات الصلاة، فيصلي بالناس، وكان الحسن يركب على ظهره وهو ساجد، ويحمله على كتفيه، ويُقبّله ويداعبه ويضعه في حجره ويَرْقِيه، كما كان يعلمه الحلال والحرام، توفي جده النبي محمد سنة 11 هـ وكذلك توفيت أمه فاطمة في نفس السنة، شارك الحسن في الجهاد في عهد عثمان، فشارك في فتح إفريقية تحت إمرة عبد الله بن سعد بن أبي السرح، وشارك في فتح طبرستانوجرجان في جيش سعيد بن العاص، كما شارك في معركة الجملومعركة صفين.
بويع بالخلافة في أواخر سنة 40 هـ بعد وفاة علي بن أبي طالب في الكوفة. واستمر بعد بيعته خليفة للمسلمين نحو ستة أشهر، ثم تنازل عنها لصالح معاوية بن أبي سفيان بعد أن صالحه على عدد من الأمور. وانتقل الحسن بعد ذلك من الكوفة إلى المدينة المنورة وعاش فيها بقية حياته حتى توفي في سنة 49 هـ، وقيل سنة 50 هـ لخمسِ ليالٍ خَلَونَ من شهر ربيع الأول، ودفن بالبقيع.
أبو عبد الله الحُسين بن علي بن أبي طالب (3 شعبان4 هـ - 10 محرم61 هـ / 8 يناير626م - 10 أكتوبر680 م) هو سبط الرسول محمد، وصَحابيّ، والإمام الثالث عند الشيعة، أطلق عليه النبي محمد لقب سيد شباب أهل الجنة فقال: «الحسَنَوالحُسَيْنَ سيِّدا شبابِ أَهْلِ الجنَّةِ»، وهو خامس أصحاب الكساء. ولد في شهر شعبان سنة 4 هـ، وأُتِيَ به إلى النبي محمد، وأذن في أذنيه جميعًا بالصلاة، وعقّ عنه بكبش كما فعل مع أخيه الحسن، وكان يأخذه معه إلى المسجد النبوي في أوقات الصلاة، فيصلي بالناس، وكان يركب على ظهره وهو ساجد، ويحمله على كتفيه، ويُقبّله ويداعبه ويضعه في حجره ويَرْقِيه، توفي جده النبي محمد سنة 11 هـ وكذلك توفيت أمه فاطمة في نفس السنة، شارك الحسين مع الحسن في الجهاد في عهد عثمان، فشارك في فتح إفريقية تحت إمرة عبد الله بن سعد بن أبي السرح، وشارك في فتح طبرستانوجرجان في جيش سعيد بن العاص، كما شارك في معركة الجملومعركة صفين. بويع أخوه بالخلافة، واستمر خليفة للمسلمين نحو ثمانية أشهر، ثم تنازل عنها لصالح معاوية بن أبي سفيان بعد أن صالحه على عدد من الأمور. وانتقل الحسن والحسين من الكوفة إلى المدينة المنورة، وبعد وفاة الحسن استمر الحسين في الحفاظ على عهد أخيه مع معاوية طوال حياة معاوية. وبعد موت معاوية رفض الحسين بيعة يزيد بن معاوية وخرج إلى مكة ومكث فيها أشهرًا، فأرسل له أنصاره بالكوفة رسائل تؤكد الرغبة في حضوره ومبايعته، فقام بإرسال ابن عمه مسلم بن عقيل وأمره أن ينظر في أهل الكوفة وأن يستجلي حقيقة الأمر، ولكن والي الكوفة الجديد عبيد الله بن زياد استطاع الإيقاع بمسلم وقتله، وتفرق عنه أنصار الحسين وخذلوه.
أبو عبد الله عُروة بن الزُبير بن العوام الأسدي (23 هـ/644 م - 94 هـ/713 م) تابعيومحدثومؤرخ مسلم، وأحد فقهاء المدينة السبعة، وأحد المكثرين في الرواية عن خالته عائشة بنت أبي بكر زوجة النبي محمد، ومن الأوائل الذين سعوا إلى تدوين الحديث، كما كان له مساهمات رائدة في تدوين مقتطفات من بدايات التاريخ الإسلامي، اعتمد عليها من جاء بعده من المؤرخين المسلمين. كما عُرف عنه أنه من أروى الناس للشعر. كان عروة بن الزبير مُكثرًا من الصيام، فقد روى ابنه هشام أن أباه كان يصوم الدهر كله إِلا يوم الفطر ويوم النحر، ومات وهو صائم، كما كان عروة كثير التعبّد وقراءة القرآن، حيث كان يقرأ ربع القرآن كل يوم في المصحف، ويقوم به الليل، وما ترك ذلك إلا ليلة قطعت رجله. كما عُرف عنه صبره، وله في ذلك قصة مشهورة، حيث تقرّحت قدمه وساء حالها وهو في زيارة لبلاط الخليفة الوليد بن عبد الملك في الشام، فدعا له الخليفة بطبيب رأى ضرورة بترها، وعرض عليه أن يُسكّنه بشراب، فأبى عروة وصبر على قطعها، وما تغيّر وجهه. ثم جاؤه برجله المقطوعة في طست، فقال: «إن الله يعلم أني ما مشيت بك إلى معصية قط، وأنا أعلم». ثم حدث أن مات ابنه محمد وهو أحب بنيه إليه في نفس السفرة إلى الشام، حيث وقع من سطح على إسطبل، فرفسته بغلة حتى مات، فما زاد عن قوله: «لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا. اللهم كان لي بنون سبعة، فأخذت واحدًا وأبقيت لي ستة، وكان لي أطراف أربعة، فأخذت طرفًا وأبقيت ثلاثة؛ فلك الحمد. وأيم الله، لئن أخذت لقد أبقيت، ولئن ابتليت طالما عافيت».
سلمان الفارسي (توفى سنة 33 هـ) صحابي، ومولى النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وأحد رواة الحديث النبوي، وهو أول الفرس إسلاماً؛ أصله من بلاد فارس، ترك أهله وبلده سعيًا وراء معرفة الدين الحق؛ فانتقل بين البلدان ليصحب الرجال الصالحين من القساوسة، إلى أن وصف له أحدهم ظهور نبي في بلاد العرب، ووصف له علامات ليتحقق منه. اتفق سلمان مع قوم من بني كلب لينقلوه إلى بلاد العرب، فغدروا به وباعوه إلى يهودي من وادي القرى، ثم اشتراه يهودي آخر من يثرب من بني قريظة، ورحل به إلى بلده. وعند هجرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم إلى يثرب، سمع به سلمان، فسارع ليتحقق من العلامات، فأيقن أنه النبي الذي يبحث عنه. فأسلم، وأعانه النبي محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه على مُكاتبة مالكه، حتى أُعتق. بعد عتقه، شهد سلمان مع النبي محمد صلى الله عليه وسلم غزوة الخندق، وهو الذي أشار على النبي محمد بحفر الخندق لحماية المدينة من قريش وحلفائها، ثم شهد معه باقي المشاهد. وبعد وفاة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، شهد سلمان الفتح الإسلامي لفارس، وتولى إمارة المدائن في خلافة عمر بن الخطاب إلى أن توفي في خلافة عثمان بن عفان.
أبو الدرداء الأنصاري، صحابيوفقيهوقاضيوقارئ قرآن وأحد رواة الحديث النبوي، وهو من الأنصار من بني كعب بن الخزرج بن الحارث بن الخزرج. أسلم متأخرًا يوم بدر، ودافع عن النبي يوم أحد، وشهد ما بعد ذلك من المشاهد، وكان من المجتهدين في التعبد وقراءة القرآن. رحل إلى الشام بعد فتحها ليُعلّم الناس القرآن، وليُفقّههم في دينهم، وتولى قضاء دمشق، ظل بها إلى أن مات فيها في خلافة عثمان بن عفان. تأخر إسلام أبي الدرداء إلى يوم بدر، وهو آخر من أسلم من أهله، ومن آخر الأنصار إسلامًا، وكان يعبد صنمًا، فدخل أخوه لأمه عبد الله بن رواحةومحمد بن مسلمة بيته، فكسرا صنمه. فرجع، فجعل يجمع الصنم، ويقول: «ويحك! هلا امتنعت! ألا دفعت عن نفسك؟!»، فقالت زوجته أم الدرداء: «لو كان ينفع أو يدفع عن أحد، دفع عن نفسه، ونفعها!». فقام من ساعته إلى النبي محمد، وأسلم. وقد اختلف المؤرخون في اسمه، فقيل اسمه «عويمر بن زيد»، وقيل «عويمر بن عامر»، وقيل «عويمر بن عبد الله»، وقيل «عويمر بن ثعلبة»، وقيل «عامر بن مالك»، ولكنهم أجمعوا على أنه من بني كعب بن الخزرج بن الحارث بن الخزرج، وأمه هي محبة بنت واقد بن عمرو الخزرجية، وأخوه لأمه عبد الله بن رواحة.