فهد بن علي بن ثامر السعدون
فهد باشا العلي السعدون شيخ عشيرة عراقي،[1] ومن فرسان المنتفق ورجالها المقدمين، ترأس الإمارة مرتين، الأولى سنوات (1863-1866) والثانية في (1877-1879)، وَعيّنته الدولة العثمانية متصرفاً للواء الحلة،[2] وكان متصرفاً للمنتفك المرتبط بالباب العالي،[3] لـه من لآولاد أربعة عشر ولداً يطلق عليهم لقب البيكات ،ومنهم عبد المحسن السعدون رئيس الوزراء العراقي الآسبق في العهد الملكي، توفى عام 1896 ودفن في مرقد التابعي سعيد بن جبير قرب مدينة الحي في محافظة واسط.
فهد بن علي بن ثامر السعدون | |
---|---|
أمير وباشا لقبيلة المنتفق | |
في المنصب 1863م – 1866م | |
في المنصب 1877م – 1879م | |
معلومات شخصية | |
الوفاة | 1896م ضريح سعيد بن جبير قرب مدينة الحي في محافظة واسط |
تعديل مصدري - تعديل |
تمرد منصور السعدون وعزله
عدلفي سنة 1863م/1280هـ أعرب الوزير نامق باشا عن رأيه بفصل بعض الأماكن عن المنتفق لتقليل سلطتها وحصر دائرة نفوذها في نطاق ضيق، فرد عليه منصور باشا السعدون -وكان حينها من أعضاء المجلس الأعلى لإدارة ولاية بغداد بعد عزله من مشيخة المنتفق- بإنه إذا ماتم إلغاء مشيخة المنتفق وتعيينه متصرفًا عليها فإنه سيجعلها كلها تابعة للدولة مثلها مثل سائر البلاد العثمانية،[4] فأقنع الوالي أمير المنتفق السابق منصور السعدون بإلغاء المشيخة وإبدالها بالوظيفة الحكومية وتعيينه قائمقام على المنتفق دون مسمى «الشيخ» وتحديد مرتب شهري قدره 30 ألف كيس، كما جرى منحه رتبة «مدير الإسطبل العامر» وهي رتبة عسكرية.[5] فبدأ نامق باشا بتجريد المنتفق من أراضٍ جديدة، ففصل الأراضي الواقعة على شط العرب أدنى القرنة والأراضي التي تقع على الضفة اليمنى لنهر دجلة أعلى القرنة. وتجريد شيخ المنتفق من سلطات العفو والإعدام وقطع الأعضاء والعقوبات البدنية، وحرمانه من اقتضاء الديات، وتطبيق الضرائب على المنتفق كما هو مطبق على غيرها.[6][7] ولم تكن في نية الشيخ منصور باشا تنفيذ طلبات الوالي في الإطاحة بحكم المنتفق الذاتي، لذا فما أن وصل إلى دياره حتى ألغى القرار الذي حد من سلطته الإدارية وحرض القبيلة على تلك الإجراءات.[8] فرفضت قبيلته إجراءات الوالي، وتزعم ذلك الاتجاه الشيخ ناصر الأشقر شقيق منصور الذي قاد التمرد والعصيان،[9] فكتب الشيخ منصور إلى نامق باشا معلنًا ولاءه الشخصي، واشتكى بأن الزعماء التابعين له معترضون نوع الحكم الجديد وأن أخاه ناصر يؤلب عليه القبائل، وطلب منه أن يعينه ضد أخيه ناصر.[10] فأحس نامق باشا أن منصور يتلاعب به فعزله، وأعد حملة لإعادة قبضة الحكومة على ديرة المنتفق.[11]
عندما بدأ نامق باشا يعد العدة لحملته وردت إليه برقية من القيادة العامة في الأستانة تطلب منه التريث قبل الدخول في المعركة،[12] إلا أنه أصر على عزل منصور وتعيين «فهد بن علي بن ثامر السعدون» الذي كان موجودًا في بغداد أثناء تلك الأحداث، والذي تعهد للوالي بتنفيذ ما اتفق عليه مع الشيخ «بندر بن ناصر الثامر» مع اشتراطه للوالي أن يصدر عفوًا عامًا عن جميع من اعتبرتهم الدولة خارجين عن القانون، قاصدًا بذلك منصور وأخيه ناصر، وقد أخذ خطابات الأمان بيده بعد أن قبل رئاسة المنتفق لمدة ثلاث سنوات بموجب شرطنامة كتبت بالعربية، وكان ذلك في 12 أكتوبر 1863م.[13]
إلا أن هذا الأمر لم يقبل به الشيخ منصور وأخوه ناصر، فاستعد الجميع للمعركة. فوقع المحظور بين أبناء المنتفق في «معركة الطينه»، وانهزم الأخوين أمام قوة الأمير الجديد المدعوم من بغداد. ثم أفرزت قوة خاصة بقيادة حافظ باشا لمطاردة الأخوين، فجرى أسر الشيخ ناصر، في حين اتخذ منصور من الصحراء ملاذا له، وكان الشيخ فهد العلي يتفقده ويخبره بحركات الجيش ضده، ولمحبته للشيخ منصور كان يود منه أن يسلم نفسه للسلطات للمحافظة على حياته، وفعلا سلم نفسه بضمانة سليمان فائق قائمقام البصرة، وقد قبل الوالي نامق باشا دخالته وعفا عنه.[14][15]
المشيخة الأولى
عدلاستلم فهد بك بن علي الثامر زمام المشيخة سنة 1280هـ/1863م، فشرع في توطيد مد الأسلاك البرقية في أرجاء المنتفق قريبًا من الفرات لتعهده للحكومة العثمانية بمدها. فرفعت الحكومة مرتبته إلى لقب باشا لما أبرزه من خدمات لدى الدولة، فكانت أول مفاوضة جرت بمد هذا الخط البرقي بين بغداد والبصرة في غرة رمضان 1281هـ/يناير 1865م. إلا أن موقفه كان غامضا مع الحكومة، وأبى الحضور إلى بغداد لبحث تنمية الحكومة صداقتها مع المشيخة، بل أنه رفض المنصب ما لم يكن بضمان أن يترك الأتراك ولثلاث سنوات عن كل اعتداء على الامتيازات وولاية القضاء المقررة لشيخ المنتفق، ومع أنه كان بالغ القوة في إقليمه إلا أنه اعترف بعجزه عن حماية السفن في نهر الفرات.[16] وقد وطد الأمير الجديد نفوذه على ديار المنتفق من خلال كياسته واستقامته، وجرت في عهده أول مفاوضة بمد سلك البرق بين بغداد والبصرة مرورًا بديار المنتفق في يناير 1865م، وكان هذا مبعث رضا للدولة التي منحت لقب «بك» لكلا الشيخين المتنافسين (فهد العلى وناصر الأشقر). وفي تلك الفترة رفض الشيخ فهد معاونة العثمانيين في حملتهم ضد شيخ الخزاعل، لأنه يدرك أن قوتهم له وضعفهم سيؤثر عليه، خصوصًا أنه رفض مقابلة القائد العثماني حافظ باشا، وتعمد أن يوظف جميع قوة المنتفق ونفوذها بما بمنع من أي وجود عثماني في منطقتها.[17]
ومن الطرائف التي جرت في فترة حكمه سنة 1865م أن قدم مجموعة من علماء الآثار الإنجليز وأقاموا معسكرًا لهم عند زقورة أور القريبة من الناصرية الحالية ومعهم معداتهم ونواظيرهم وكل مايحتاجه المعسكر من الأدوات بحجة البحث عن الآثار القديمة مثلما أخبر المترجم السوري سائليه من أهل المنتفق عن سبب وجودهم. وعندما علم الشيخ فهد باشا بوجودهم أمرهم بالرحيل فورًا، ومع أنهم أبرزوا له الإذن من سلطات الولاية في بغداد بالتنقيب، إلا أنه عاد في اليوم التالي مكررًا أمره بالرحيل وأمهلهم حتى صباح اليوم التالي للملمة أغراضهم والرحيل عن ديار المنتفق، وهو ما تم في اليوم التالي.[18]
وقد استمر فهد باشا في الحكم إلى سنة 1283هـ/1867م حيث تغلب عليها ناصر باشا السعدون وذلك بعد انتهاء مدة الضمان، حيث جمع ناصر جموعًا من الأعراب ومشى بهم نحو فهد باشا فانتزع منه المشيخة انتزاعًا.[19] وفي نهاية سنة 1869م اندلعت ثورة الدغارة أو ذبحة المتصرف، التي قتل فيها ابن أخت الوالي توفيق بك متصرف الحلة. فأوعز مدحت باشا إلى ناصر السعدون بمساعدته في اجهاض هذا التمرد، فجهز 4000 خيال بقيادة فهد باشا العلي. إلا أن تلك القوة لم تشترك في أي معركة ولكن أثبتت أهمية المنتفق لدى الوالي، مما دعاه أن يشكر الأشقر على همته، ويعين الشيخ فهد باشا متصرفًا للديوانية سنة 1870م بعد فصلها عن لواء الحلة.[20]
المشيخة الثانية
عدلعندما بدأت الحكومة العثمانية بتشكيل الألوية والأقضية سنة 1290هـ/1873م جعلت الناصرية لواء وفوضت متصرفيتها بيد ناصر السعدون وجعلت حكام الأقضية من آل السعدون مثل منصور باشا وفهد باشا العلي. ثم عينت ناصر باشا واليا على البصرة و فهد باشا متصرفًا للواء الحلة. وكانت للشيخ فهد باشا أملاك في شرق البصرة، منها قسم من النخيل في قرية الزريجي، وكذلك امتلك قرية كوت الكوام وأجزاء من قرية كوت سوادي والبصبوصية والجربف والحبابة وكلها تقع شرق البصرة.[21]
مراجع
عدل- ^ مجلة المؤرخ العربي الإصدار 20. الأمانة العامة لاتحاد المؤرخين العرب. 1981. ص. 274.
- ^ حسين خلف الشيخ خزعل (1962). تاريخ الكويت السياسي. دار الكتب. ص. 225.
- ^ سنان معروف أغلو (2006). العراق في الوثائق العثمانية (ط. الأولى). دار الشروق. ص. 31 و32.
- ^ باش أعيان 2019، صفحة 575.
- ^ نوار 1968، صفحة 180.
- ^ لوريمر 1977، صفحات 2100-2101.
- ^ السعدون 1999، صفحات 194-193.
- ^ لوريمر 1977، صفحة 2101.
- ^ سركيس 1948، صفحة 76.
- ^ لوريمر 1977، صفحة 2102.
- ^ نوار 1968، صفحات 182-181.
- ^ نوار 1968، صفحة 182.
- ^ السعدون 1999، صفحات 196-197.
- ^ السعدون 1999، صفحة 197.
- ^ مجموعة 2022، صفحة 505.
- ^ لوريمر 1977، صفحة 2109.
- ^ السعدون 1999، صفحة 198.
- ^ السعدون، حميد حمد (2010). حكايات عن المنتفق، وقائع من تاريخ العراق الحديث والمعاصر. عمان الأردن: دار وائل للنشر. ص. 177.
- ^ مجموعة 2022، صفحة 123.
- ^ السعدون 1999، صفحة 203.
- ^ باش أعيان 2019، صفحة 946.
المصادر
عدل- لونكريك، ستيفن هيمسلي (2004). أربعة قرون من تاريخ العراق الحديث (ط. 5). بيروت: دار الرافدين.
- باش أعيان، أحمد (2019). موسوعة تاريخ البصرة. لندن: دار الحكمة. ج. 2.
- السعدون، حميد حمد (1999). إمارة المنتفق وأثرها في تاريخ العراق والمنطقة الإقليمية 1546-1918 (ط. 1). بغداد: مكتبة الذاكرة.
- الأنصاري، أحمد نوري. النصرة في اخبار البصرة.
- البازي، حامد (1969). البصرة في الفترة المظلمة. بغداد: دار منشورات البصري.
- نوار، عبد العزيز سليمان (1968). تاريخ العراق الحديث، من نهاية حكم داود باشا إلى نهاية حكم مدحت باشا. القاهرة: دار الكاتب العربي للطباعة والنشر.
- العزاوي. موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين. الدار العربية للموسوعات. ج. 7.
- سركيس، يعقوب (1948). مباحث عراقية (PDF) (ط. 1). بغداد: شركة التجارة والطباعة المحدودة. مؤرشف من الأصل (PDF) في 2024-02-24.
- لوريمر، جون غوردون (1977). دليل الخليج، القسم التاريخي. الدوحة قطر: مكتبة أمير دولة قطر. ج. 4.
- مجموعة، من المؤرخين (2022). خزانة تواريخ المنتفق.