فالح بن ناصر السعدون

(بالتحويل من فالح السعدون)

فالح باشا السعدون الشبيبي ( - 1908) أحد شيوخ عشيرة آل سعدون من عرب العراق،[2] وأمير اتحاد قبائل المنتفك، حين كانت لواء بجنوب العراق ضمن الدولة العثمانية، وقال عنه عماد عبد السلام رؤوف إنه:«كان متديناً ميّالاً للسكينة»، تولى مشيخة المنتفق مرتين، الأولى من 1291 إلى 1294 هـ/1874 إلى 1877، والأخرى من 1297-1299 الهجرية/1879-1881 م، وهو آخر أمراء المنتفق".[3] وكانت رتبته ميرميران.[4]

فالح بن ناصر السعدون
فالح بن ناصر السعدون
أمير قبيلة المنتفق وباشا لها
متصرف لواء المنتفق
في المنصب
1291هـ/1874م – 1294هـ/1877م.[1]
معلومات شخصية
مكان الميلاد العراق
مواطنة الدولة العثمانية  تعديل قيمة خاصية (P27) في ويكي بيانات
الديانة مسلم
الأولاد
الأب ناصر بن راشد السعدون  تعديل قيمة خاصية (P22) في ويكي بيانات
عائلة السعدون
الحياة العملية
المهنة سياسي  تعديل قيمة خاصية (P106) في ويكي بيانات

بدايته

عدل

اندلعت في سنة 1869م ثورة الدغارة أو ذبحة المتصرف، فأوعز الوالي مدحت باشا إلى ناصر السعدون بمساعدته في اجهاض هذا التمرد، فجهز 4000 خيال بقيادة فهد باشا العلي. إلا أن تلك القوة لم تشترك في أي معركة ولكن أثبتت أهمية المنتفق لدى الوالي، فكتب الوالي إلى الصدارة العظمى مشيدًا بدور ناصر الأشقر واقترح بترقيته إلى ميرميران، ومنح ابنه فالح باشا وابن أخيه سليمان بك الوسام المجيدي من الدرجة الخامسة لمساهمتهم في قمع الثورة، فصدرت فيهم الإرادة السلطانية في 29 شوال 1286هـ/1 شباط-فبراير 1870م.[5] وفي سنة 1871م ساهم فالح باشا في الحملة على الأحساء، وعند انتهاء تلك الحملة عاد فالح بن ناصر إلى دياره، ومر الكويت في 26 يوليو 1871م، وذكر الوكيل البريطاني في بغداد من أن فالح وفرسانه اشتكوا من أنهم منذ التحاقهم بالحملة لم يستلموا مؤنًا لهم ولخيلهم سوى ما يكفي لسبعة أيام فقط، وقد طلب الدعم من نافذ باشا قائد الحملة، الذي رد بعدم قدرته على تحقيق الطلب، وأوصى بعودة الخيالة إلى ديارهم. وبناءًا على ذلك انسحب فالح ورجاله، ولكن أيضًا دون تزويدهم بأية المؤن للطريق، مما أدى إلى هلاك عدد كبير من خيولهم في طريقهم العودة إلى الكويت جراء الجوع والعطش.[6]

المتصرفية وما بعدها

عدل

جرى في سنة 1874م إعفاء ناصر باشا من متصرفية المنتفق وإعطائها إلى ابنه فالح باشا ليكون متصرف المنتفق، وكان ذلك يوم 11 محرم 1291هـ/27 شباط-فبراير 1874م.[7] واستمر في المتصرفية إلى أن أصدرت الدولة فرمان يوم 26 سبتمبر 1877م بعزل ناصر الأشقر من منصب ولاية البصرة واستدعائه إلى الأستانة، وكذلك عزلت ابنه فالح باشا من منصب متصرفية المنتفق وأسندت المنصب إلى فهد باشا العلي، فاعتزل فالح مع مؤيديه بعيدًا عن مدينتي الناصرية والبصرة، فأصدر والي البصرة بإيحاء من فهد العلي أمرًا في شعبان 1295هـ/أغسطس 1878م إلى فالح بالبقاء في أطراف شط الكار بعيدًا عن ديرة المنتفق، بل وحاول ابعاده إلى أطراف مندلي. ولكن عندما تدهورت العلاقات بين متصرف المنتفق فهد باشا وبين والي البصرة عبد الله باشا أوفد المتصرف ابن اخيه الدويش بن وطبان إلى فالح باشا داعيًا إياه إلى تحرك مشترك ضد الحكومة العثمانية، إلا أن فالح رفض رفضًا قاطعًا فكرة انضمامه إلى عصيان ضد الحكومة العثمانية، ومنع اتباعه من الانضمام إلى ذلك العصيان. ولعل هذا الرفض نابع من شكه بمنافسه القديم، وأيضا أمله من أن تحسن الحكومة موقفها معه بجهود والده في الأستانة،[8] وفعلا تمكن ناصر باشا مع السلطات في اسطنبول من رفع الحظر على دخول فالح باشا ومناصريه إلى ديرة المنتفق، فوردت برقية من اسطنبول إلى ولاية البصرة في جمادى الآخرة 1296هـ/يونيو 1879م تقضي بالسماح لخواص ناصر باشا بالعودة إلى ديارهم. وبناءًا على ذلك ارتحل فالح ومناصروه نحو مقاطعة الجزرة على نهر الغراف، فحاول ضيدان ابن المتصرف فهد العلي أن يمنعهم، فهب أبناء عم فالح وهما عبد الله وسليمان ابني منصور باشا للوقوف إلى جانبه، فاضطر المتصرف إلى قبول الأمر على مضض منعًا للفتنة.[9]

مساهمته في ثورة منصور السعدون

عدل
 
فروع أسرة آل سعدون الرئيسية - أمراء المنتفق.
 
أسرة السعدون - كتاب أربعة قرون من تاريخ العراق الحديث - المؤرخ الأنجليزي ستيفن هيمسلي لونكريك.

بعد أن عزلت الدولة ناصر الأشقر من منصب ولاية البصرة آلت مشيخة آل السعدون إلى منصور باشا وفالح باشا،[10] لذا هرب منصور من بغداد في ولاية عبد الرحمن باشا الثانية (1879-1880)، وعبر نهر ديالى ومنه إلى نواحي الكوت ثم إلى الحي فاتصل به ابن أخيه فالح حيث جمعا عشيرة آل سعدون وبقية عشائر المنتفق، وخطبا فيهم خطبًا أحيوا فيها خلافهم مع الحكومة وأعلنا التمرد، فأجابتهما القبائل المجتمعة معهما. فشرع آل السعدون وحلفائهم بتحشيد القبائل، وبذل الشيخان منصور باشا وابن أخيه فالح باشا الأموال الطائلة لاستمالة الناس إليهما، ووزعا الخيول والأسلحة، وجلبا وسائط النقل والمؤن والوقود للاستعداد للمواجهة.[11] وقد استشارت الحكومة العثمانية عدة مرات أخيه الشيخ ناصر السعدون الموجود عندها في ذلك الوقت رأيه في توتر الأوضاع في المنتفق، وقد أجاب في المرة الأولى بأن ثورة أخيه منصور لا أهمية لها، ولكنه عاد في مناسبات أخرى وقال بأن الموقف خطير وأن معالجته تكمن في حل الخلاف بين أخيه منصور والشيخ «قاسم باشا آل زهير» أحد أعيان الدولة في البصرة، واقترح عزل الشيخ قاسم لحل تلك المشكلة، وتأييدًا لرأيه أبرق منصور باشا إلى الديوان السلطاني في إسطنبول مشتكيًا من أن التمرد مرده بالأساس إلى الخلاف بينه وبين قاسم آل زهير. ولكن الحكومة لم تأخذ الأمر مأخذ الجد لا سيما بعد ورود أخبار بعودة الاستقرار إلى البصرة.[12]

ثم عاد التوتر من جديد بقيادة منصور باشا وابن أخيه فالح، فبدأت العشائر بطرد موظفي الدولة، والامتناع عن أداء الضرائب، وقطع أسلاك التلغراف، وإجراء التعبئة الواسعة، وتحشيد القبائل الأخرى في جنوب العراق.[13] فأرسلت الدولة 4 أفواج لتسكين الأوضاع في المنتفق، ولكنها لم تتمكن من تحقيق هدفها وكادت أن تيأس من تسكين التمرد، إلا أن الفريق «عزت باشا» قائد الجيش أصر على ضرورة القضاء على التمرد، فتسبب إصراره في عزل الوزير عبد الرحمن باشا سنة 1880م واستبداله بالوزير تقي الدين باشا الذي أيد موقف الجيش العثماني. وقد بذل عزت باشا جهودًا جبارة لسحق التمرد، خصوصًا بعد أن نصب منصور باشا نفسه «سلطان البر» وأعلن استقلال لواء المنتفق، وبدأ بمهاجمة لواءي العمارة والبصرة، حيث كان يهاجم البصرة ليل نهار، وقد انضم إليه الشيخ فهد العلي، بالمقابل استمر أخوه ناصر يخفف من خطر أخيه في أذهان الحكومة العثمانية في إسطنبول. وكانت الدولة متأثرة برأي الشيخ ناصر ولا تعتد برأي عزت باشا، بل كانت توبخه على ما كان يرسله إليها من تقارير ميدانية تخالف ما قد رسخ في أذهانهم من انطباعات عن حقيقة الأوضاع في المنتفق. إلا أن عزت باشا كان واثقًا من انتصاره ومصممًا على سحق التمرد بالقوة، لذا فقد أبرق إلى السلطان عبد العزيز مشتكيا من أن «دراهم السعدون شلت يد أعضاء من الحكومة عن العمل»، وهو يقصد أن آل السعدون قاموا برشوة كبار الموظفين وضباط الدولة لكسب تأييدهم.[14] وكان تأثير تلك البرقية قويًا على الحكومة، وتسبب في إرباك قرارها، إلا أن السلطان عبد العزيز رد على البرقية بما معناه أن الدولة لا يمكنها تحمل نفقات قوة عسكرية كبيرة، وإنه إذا أراد متابعة القتال فإن الدولة لن تمنعه بل وتفوضه مسؤولية ذلك.[15] فضمن الجيش العثماني بجميع مصاريف ونفقات تلك الحملة إن فشلت، وزاد من موقف الجيش تأييد والي بغداد تقي الدين باشا لهم.[16]

نهاية التمرد

عدل

توجه عزت باشا بما لديه من امكانيات مادية وبشرية محدودة حتى وصل إلى بلدة الحي، وعند وصولها أتاه أحد اليهود ومعه 30 ألف ليرة هدية من منصور باشا، فرفض عزت باشا تسلمها وكلف اليهودي أن يبلغ الشيخ منصور بأن ينقاد لأوامر الحكومة ويرجع عما أقدم عليه. ثم بقي 3 أيام في الحي ينتظر رد الشيخ منصور، وخلال تلك الفترة اتصل بأمير ربيعة واقنعه بالانفصال عن منصور باشا، وبعد مضي الأيام الثلاث دون رد من منصور باشا، تحرك عزت باشا نحوه بما لديه من قوة، فنشبت بينهما معركة دامية عند «نهر محيرقة» شمال الحي استمرت 3 ساعات، قاومت فيها العشائر مقاومة شديدة، إلا أن الجيش العثماني قد انتصر بالنهاية، وسيق الشيخ منصور باشا مخفورًا إلى إسطنبول. ثم نُقل بعدها إلى بغداد حيث توفي فيها.[17] أما ماتبقى من الجيش المتمرد فقد انسحبوا مع عوائلهم إلى بر الشامية بقيادة فالح السعدون وسعدون بن منصور حيث بقوا فيها لمدة شهرين، حتى وردتهم أنباء بأن الأمير محمد بن رشيد أمير حائل ينوي غزوهم بعد أن علم بأن لدى آل السعدون نقودًا وأموالا جمة سهلة السلب. فلما أحس فالح وسعدون بتحفز ابن رشيد للهجوم عليهم تركوا تلك المناطق وتوجهوا إلى الحويزة حيث نزلوا بجوار الشيخ مزعل بن جابر الكعبي أمير عربستان، فأكرم مثواهم وظلوا عنده مدة سنتين حتى سمحت الدولة العثمانية بعودتهم.[18]

انظر أيضا

عدل

المراجع

عدل
  1. ^ السعدون 2017، صفحة 120 و 156.
  2. ^ أحمد العامري الناصري (2009). القاموس العشائري العراقي الجزء الأول. دار الرافدين للطباعة والنشر والتوزيع. ص. 140.
  3. ^ عبد الله بن إبراهيم الغملاس. تاريخ الزبير والبصرة مع إشارات إلى تاريخ الكويت والإحساء (PDF). عماد عبد السلام عرؤوف. ص. 49.
  4. ^ محمد أحمد محمود (2024). أحوال العشائر العراقية العربية وعلاقتها بالحكومة 1872 - 1918. بغداد: مكتبة النهضة العربية. ص. 258.
  5. ^ السعدون 2017، صفحة 109.
  6. ^ السعدون 2017، صفحات 167-168.
  7. ^ السعدون 2017، صفحة 120.
  8. ^ السعدون 2017، صفحة 215.
  9. ^ السعدون 2017، صفحة 200-201.
  10. ^ باش أعيان 2019، صفحة 618.
  11. ^ باش أعيان 2019، صفحات 618-619.
  12. ^ باش أعيان 2019، صفحة 493.
  13. ^ المنتفق في ذاكرة التاريخ. سعد سلطان السعدون. دار جداول. ط:الأولى 2014. ص:136
  14. ^ باش أعيان 2019، صفحات 492-494.
  15. ^ باش أعيان 2019، صفحة 494.
  16. ^ باش أعيان 2019، صفحة 619.
  17. ^ باش أعيان 2019، صفحة 495.
  18. ^ تاريخ الكويت السياسي. حسين خلف االشيخ خزعل. دار ومكتبة الهلال، ط:1962. ج1، ص:145

المصادر

عدل