مدحت باشا
أحمد شفيق مِدحت بَاشا (بالتركية العثمانية: أحمد شفيق مدحت باشا) (أكتوبر 1822م إسطنبول - 8 مايو 1884م الطائف الموافق 1238 - 1301 هـ)[1] سياسي عثماني وإصلاحي ذو توجه موالي للغرب تولى مناصب عديدة منها الصدارة العظمى (رئاسة الوزراء) ووزير العدل وخدم قبلها واليا لولاية بغداد وولاية دمشق وولاية سالونيك. وعلى الرغم من قلة أيام حكمه في العراق إلا انه تمكن من إقرار النظام وأجرى بعض الإصلاحات التي لا يزال العراقيون يذكرونها له بالخير، وحاول تأكيد سيطرة العثمانيين على الخليج العربي بإرساله حملة الأحساء سنة 1871م، ولكنه اصطدم بموقف بريطانيا. ثم اهتز موقفه بالعراق بعد موت صديقه الصدر الأعظم عالي باشا فجرى عزله سنة 1872م، وأخيرا وصل منصب الصدر الأعظم، إلا أنه اتهم بالتآمر في مقتل السلطان عبد العزيز، فنفي إلى الطائف حيث قتل هناك في السجن في ظروف غامضة سنة 1884م.[2]
مِدحت بَاشا | |
---|---|
(بالتركية: احمد شفیق مدحت پاشا) | |
معلومات شخصية | |
الميلاد | أكتوبر 1822م إسطنبول، الإمبراطورية العثمانية |
الوفاة | 8 مايو 1884م الطائف، ولاية الحجاز |
مواطنة | الدولة العثمانية |
مناصب | |
وال | |
في المنصب أكتوبر 1864 – مارس 1868 |
|
في | ولاية الطونة |
محمد صبري باشا
|
|
الصدر الأعظم | |
في المنصب 31 يوليو 1872 – 19 أكتوبر 1872 |
|
الصدر الأعظم | |
في المنصب 19 ديسمبر 1876 – 5 فبراير 1877 |
|
الحياة العملية | |
المهنة | رجل دولة والصدر الأعظم |
اللغات | التركية، والفرنسية |
تعديل مصدري - تعديل |
سيرة حياته
عدلولد مدحت باشا (أو أحمد مدحت) ابن حاجي حافظ أشرف أفندي، وشهرته مدحت باشا في إسطنبول عام 1822م ونشأ في بلغاريا حيث كان والده قاضيا على بعض نواحيها وظهرت نجابة مدحت باشا منذ حداثة سنه فحفظ القرآن الكريم وتعلم اللغتين العربية والفارسية إضافة إلى لغته الأصلية التركية لذلك لقب بمدحت نظرا لذكائه ونجابته. كما برع في الخط والكتابة الأمر الذي ساعده في العمل ككاتب في مجلس الصدر الأعظم وهو لم يبلغ العشرين من العمر.
الحياة السياسية
عدلتوظف في بدايته في قلم الديوان في الباب العالي، وبدافع من تشجيع رشيد باشا صاحب فكرة حركة التجديد في الدراسة على النمط الأوربي اتخذ فرماني التنظمات بداية شاملة لهذه الحركة التغريبية تعلم مدحت اللغة الفرنسية فحذقها. عُيّن عام 1860م واليا على نيش فأظهر كفاية فيها، ثم عُيّن واليا على الطوفة عام 1864م لمدة ثلاث سنوات، عاد بعدها إلى إسطنبول ليشغل منصب رئيس شورى الدولة لمدة عام واحد. نقل بعدها واليا على بغداد والخلاف بينه وبين الصدر الأعظم وقتها محمود نديم باشا. ترك مدحت بغداد وصدر أمر تعيينه واليا على أدرنة، ولكنه في مقابلة له مع السلطان عبد العزيز تمكن من إقناع السلطان عبد العزيز بعزل محمود نديم من الصدارة، ثم أقنعه في نفس المقابلة أنه جدير بهذا المنصب فتم تعيين مدحت باشا صدار أعظم لأول مرة عام 1872م.[3]
تمت محاكمته بأمر من السلطان عبد الحميد الثاني بتهمة الضلوع في اغتيال عمه السلطان عبد العزيز وحُكم عليه بالإعدام إلا أن الحكم خُفف إلى المؤبد[4] ونفي إلى الطائف حيث مات فيها مخنوقا في ظروف غامضة عام 1884م.
يعتبر مدحت باشا من أشهر الإصلاحيين العثمانيين الذين تبنوا فكرة الإصلاح على الطريقة الأوروبية ولقب بـ «أبي الدستور» و«أبي الأحرار» حيث سعى إلى إعلان القانون الأساسي وظهور البرلمان العثماني عام 1876م.
والي بغداد (1869-1872)
عدلعُيّنَ مدحت باشا والياً على بغداد في يوم 20 نيسان عام 1869 حتى 27 أيار سنة 1872م،[5] فأخذ على عاتقه مد سيطرة الدولة العثمانية على بلدان الخليج لتشمل الكويت، قطر، والبحرين ويحل النفوذ العثماني المباشر محل السعوديين في الأحساء ونجد.[6][7] أثار هذا الأمر بريطانيا التي كانت ترغب في الاصطدام مع العثمانيين، لأن ذلك يخرق السلم في البحار، وقد يؤدي إلى تدمير التجارة البريطانية، إضافة إلى المشكلات السياسية التي ستنجم عن هذه الحرب.[8]
ثورة بغداد سبتمبر 1869م
عدلفي أوائل شهر سبتمبر من عام 1869م -أي بعد انقضاء أربعة أشهر على ولاية مدحت باشا في بغداد- شبت ثورة شعبية في بغداد، وكان السبب المباشر لتلك الثورة هو ما عزم عليه مدحت باشا من فرض التجنيد الإجباري على سكان بغداد. أمر مدحت باشا تشكيل لجان للتجنيد قوامها ضباط عسكريون على أن يعاونهم مختارو المحلات. ويبدو أنه كان واثقاً من طاعة أهل بغداد لوجود القوات الحكومية بالقرب منهم. أصابت القرعة ثلاثمائة مكلف، ولكن هؤلاء رفضوا الانصياع عندما استدعوا إلى الخدمة، وأخذت بوادر النقمة والتحفز تظهر هنا وهناك في بعض المحلات، وكان على رأس المحلات الثائرة محلة باب الشيخ تتلوها محلة قنبر علي. وحمل الكثير من الأهالي أسلحتهم وقاموا بمظاهرة تتقدمهم الطبول وهم يصرخون تحدياً للحكومة، وتوجهت بعض العصابات المسلحة نحو الأسواق تنهب الدكاكين، ثم سارت نحو محلات اليهود والنصارى بغية العبث فيها.
كان مدحت باشا جالساً في مقره قبيل غروب الشمس فسمع إطلاق الرصاص، ولم يكد يتبين جلية الخبر حتى أسرع بنفسه إلى ثكنات الجيش فصار يوزع السلاح بيده على الجنود، وأرسل قوة منهم إلى محلات اليهود والنصارى وبيوت الأجانب لحمايتها خشية حدوث المذابح. ثم أمر بقطع الجسر ومنع عبور النهر بأية وسيلة، وأرسل قوة من الخيالة لكي تحيط ببغداد وتلقي القبض على كل هارب منها أو داخل اليها بغية النهب.
وركز مدحت باشا اهتمامه على محلتي باب الشيخ وقنبر علي، فوجّه إلى الأولى منها أربع سرايا من الجنود مع مدفع تحت قيادة اللواء سامح باشا، وكما وجه إلى الثانية مثل ذلك تحت قيادة اللواء فيضي باش. والظاهر أن الأهالي أدركوا وخامة العاقبة فتفرقوا قبل أن يطلق الجنود طلقة واحدة. وعندما حلّ الظلام ألقت الحكومة القبض على مائة وثمانين رجلاً اتهموا بأن لهم ضلعاً في إثارة الجمهور، فمن كان يحترف “الشقاوة” أدخل في سلك التجنيد، أما الباقون فقدموا للتحقيق والمحاكمة.
ثم استدعي بعدئذٍ المكلفون الثلاثمائة الذين كانت القرعة قد أصابتهم فلبّوا الدعوة طائعين. وكان ذلك إيذاناً ببدء تطبيق التجنيد الإجباري على العراق كله، فصارت الحكومة تستدعي المكلفين من جميع الألوية ولم يستثنِ منها سوى ألوية المنتفق والدليم والعمارة باعتبار أن أكثر السكان فيها هم من العشائر الرحالة.
تلقى نافذ باشا قائد الحملة العثمانية على الأحساء وهو بالهفوف دعوة من جاسم بن ثاني حاكم قطر، حيث أراد التخلص من قيود تعهدات أبيه مع الحكومة البريطانية، هذا بالإضافة إلى التخلص من دفع الجزية المفروضة على قبائل قطر لشيوخ البحرين.[9] رفع الشيخ جاسم بن محمد آل ثاني العلم العثماني على قصر الحكم وقصره الخاص في الدوحة فرحب مدحت باشا بالدعوة، ذلك أنه كان يخشى من محمد بن ثاني الذي كان يعتنق الدعوة السلفية من أن يعمل على شد أزر السعوديين بالإضافة إلى حضوعه للإنجليز فعيّن مدحت باشا جاسم بن محمد آل ثاني قائم مقام قطر[10] في عام 1288 هـ/ يوليو 1871[11]
حملته على الأحساء
عدلعلاقته بالماسونية ويهود الدونمة
عدللقد شجعت روسيا القيصرية المسيحيين الشرقيين على التمرد وتمزيق الدولة العثمانية في التمرد وسعى الروس إلى تأسيس دويلات صغيرة في البلقان والشرق الأوسط كذلك فرنسا وإنكلترا وأرادت روسيا بعد مؤتمر الترسانة منح مقدار من الأراضي للجبل الاسود فعقدت صلحا مع الدولة العثمانية بشرط إجراء إصلاحات في البوسنة والهرسيك وبلغاريا وتسريح الجيش العثماني هناك وأثار مدحت باشا الصدر الأعظم وأركان الدولة ضد روسيا بأقواله وأفعاله بغية اندلاع حرب ضد روسيا مع أن الدولة كانت في ضائقة اقتصادية ولم تستدن تركيا ليرة واحدة من الخارج حتى 1854م وكان أول قرض من إنكلترا بفائدة 6 بالمئة بتاريخ 24/8/1854 وكان مقداره ثلاثة ملايين ليرة ذهب على أن يسدد مع الفائدة خلال من 5-31 سنة أي عام 1886م وفي عام 1861 تم اقتراض ثلاث دفعات أخرى وقد بلغ مجموع هذه القروض الأربعة والتي تمت في عهد السلطان عبد الحميد 16547700 ليرة ذهب عدا الفائدة خمسة من فرنسا وأربعة -خماسه من إنكلترا وقد استدانت تركيا في عهد السلطان عبد العزيز من إنكلترا 27,777,780 قطعة ذهب بفائدة 6 بالمئة وكان ذلك عام 1873 كل هذه المبالغ أثقلت الاقتصاد العثماني وجعلته خاضعاً إلى الدول الأوربية أن مدحت باشا كان والياً على بغداد عام 1868 في عهد السلطان عبد العزيز ويزعم البعض أن مدحت باشا استطاع بالتآمر مع الدول الأوربية عزل السلطان عبد العزيز ثم قام مع عصابته بقتله عام 1876 ويزعمون أيضا أن الماسونية هي من روجت في أنحاء الشرق العربي الغربي أن مدحت باشا هو البطل العظيم حامل لواء الإصلاح والحرية في الدولة العثمانية وسمته أبا الدستور وسخرت الماسونية كما يزعمون كل دعايتها من صحف ومجلات وإذاعات ووصل بعد ذلك إلى أعلى المراتب منها باشوية سوريا والعراق ومنصب الصدر الأعظم الذي يعتبر أكبر الرتب في السلطنة العثمانية وعرف عن مدحت باشا إفشاؤه الأسرار العائدة إلى الدولة بسبب سكره المستمر بعد توليه الصدر الأعظم وبدأ يخرب كما تمليه عليه هويته الماسونية ويشير دائماً في كلامه إلى مساوئ الحكم وخاصة حكم السلطان عبد الحميد واعتبر العدو الأكبر للماسونية لأنه لم يترك أملاً لليهود في امتلاك أراضي فلسطين وكان مدحت باشا معجباً بالنظام الديمقراطي الموجود في إنكلترا وكان في تصوره أن الدولة العثمانية يمكنها أن تطبق النظام الإنكليزي لتكون في مقدمة الدول وأعجبت إنكلترا بمدحت باشا وكانت تؤيده وتنصره لذلك كان يرى أن التخلص من الدولة العثمانية لا يتم بإعلان القانون الأساسي الموجود في إنكلترا أرسل مدحت باشا أستاذه الفكري أوديان أفندي وهو قانوني أرمني إلى لندن ليطلب من إنكلترا تعهدها بكفالة القانون الأساسي وحمايته ومن العجب أنه كان والياً على بلاد الطونة (البوسنة والهرسك) أمر بإضافة الصليب على العلم العثماني ذي الهلال والنجمة بحيث يكون هذا العلم علم المنطقة المحلي وعاد بعدها إلى إسطنبول ليشغل منصب رئيس الشورى في الدولة العثمانية لمدة عام واحد وأمر السلطان عبد الحميد بمحاكمة المتهمين في مقتل السلطان عبد العزيز بعد خمسة أعوام من مقتله وتشكلت محكمة يلدز في 27/7/1881 وكان على رأسهم مدحت باشا[12]
وفاته
عدلنفي إلى الطائف، حيث مات في السجن في ظروف غامضة عام 1883م. وفي عام 1951م، نُقلَ رفاتُه إلى تركيا بطلب من الحكومة التركية وأُعيد دفنه هناك.
المراجع
عدل- ^ مدحت باشا الأعلام، خير الدين الزركلي، 1980 نسخة محفوظة 15 مارس 2018 على موقع واي باك مشين.
- ^ نخلة، محمد عرابي (1980). تاريخ الأحساء السياسي (1818 ـ 1913) (ط. الأولى). الكويت: ذات السلاسل. ص. 78 الحاشية.
- ^ مدحت باشا الموسوعة العربية الميسرة، 1965
- ^ مِدحت بَاشا موسوعة المورد، منير البعلبكي، 1991
- ^ رسول فرهود هاني الحسناوي (2016). إمارات شمال الخليج العربي: البصرة، الأحواز، الكويت (ط. الأولى). العراق: دار الفرات. ص. 19. مؤرشف من الأصل في 2023-08-29.
- ^ سيد (2012). ص 9
- ^ ياغي (2001). ص 19
- ^ سيد (2012)
- ^ ياغي (2001). ص 35
- ^ سيد (2012).
- ^ ياغي (2001). ص 36
- ^ azz. "الإمبراطورية العثمانية وفلسطين – محمود الفلاحي | AZZAMAN الزمان". www.azzaman.com. مؤرشف من الأصل في 2017-08-13. اطلع عليه بتاريخ 2017-08-13.
وصلات خارجية
عدل- مدحت باشا على موقع الموسوعة البريطانية (الإنجليزية)
المصادر
عدل- سيد، أشرف صالح محمد (2012). التنافس البريطاني العثماني وأثره في الكيان القطري في فترة حكم الشيخ جاسم بن محمد بن ثاني (1878 - 1913). مجلة ليوا،4(8).المركز الوطني للوثائق والبحوث، أبو ظبي. ص 5-22
- ياغي، إسماعيل أحمد (2001). سياسة مدحت باشا والي العراق العثماني تجاه الخليج العربي. مركز الدراسات والوثائق، رأس الخيمة. ط 1. ص 15-54.