بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين وآله المطهرين فلسفة مقاصد الشريعة الغراء في الميراث :(1)

الأمر لله سبحانه وتعالى شرع لنا الأحكام ، وما علينا إلا أن نقول سمعنا وأطعنا.

حفظ الدين والنفس والنسل والعقل والمال. وفي الميراث حفظ لأموال الناس بتوزيعها على ذوي المتوفى على وفق تقسيم تكفل به رب العزة Y.

يقال :المواريث هدفها تحقيق المساواة بين الورثة، والأولى أن المساواة في الميراث لا تساوي العدالة ، فالعدالة هي التفاضل الذي حكم به الله تعالى.

استهدفت الشريعة الغراء التقليل من التفاوت الاقتصادي بإعادة توزيع التركات وتدويلها من جيل إلى جيل، وضمنت حقوق الأجيال اللاحقة (2).

إن من فلسفة التوريث هو أن غريزة البقاء تتمثل في غريزة الأبوة (الأبوة، الأمومة) وهذه الغريزة تُشبَع بالبنوة الحقيقية ، فالإنسان طموح أن يحيى ويخلد بنفسه أو باسمه أو بنسله ، والبقاء يحتاج إلى مال ، وصنع مستقبل الأولاد ، لا يكون من فراغ(3). وأن يعود ما اكتنزه لِمَن سيحمل اسمه وذكراه في الحياة وهم أولاده. وكذلك الأب،يرث مِن ابنه لإغتناء ولده بغريزة الأبوة فالابن محتاج إلى الأب لينتسب إليه ويحفظ ماء وجهه ،ويحميه من مغبة العيبة فيرد شيئاً من أمواله للأب بعد وفاته .

وفلسفة تفتيت الثروة: تفتيت الثروة ليس على إطلاقه في الميراث ، فهو حيناً يفتت الثروة ، وحيناً يجمعها ويركزها ، والنظم الاقتصادية فيها التفتيت والتركيز، لكن نظام المواريث قام بتفتيت الثروة إن كان في المسألة عنصر نسوي والضعاف من الرجال ، فالمستفاد الأكبر من حجم الثروة هنا النساء الأقارب.

أما تركيز الثروة فيكون بيد العصبات، سواء عصبة بالنفس ، أم بالغير، أم مع الغير

فالعصبة بالنفس من الرجال فقط ، والعصبة بالغير أحدهم رجل .فالميراث جمع بين نظريتي

تركيزالمال وتفتيته . لكن أمر التركيز ليس على سبيل المفاضلة فهو تكـليف وليس تشـريفاً

إذ يتناسب الميراث تناسباً طردياً مع الإلزام بالنفقة(4) فالعصبة بالنفس ملزمة بالإنفـاق على

قدر ما يرث من المنفـق عليه وهذا خاص بهم دون العنصـر النســـوي(5)وهو ما عليه إتجـاه


محكمـة التمييز (1) بقرارها : ( تحمل المميز النفقة بمقدار إرثه من المراد الحكم له بالنفقة).

ومن فلسفة أن يكون الميراث توقيفياً هو أن قصد الشارع الحكيم Yإخراج العباد من خطـر إتباع الهوى ، وأخطر ما يكون بفتنة المال وأكل أموال اليتامى ظلماً لذا كان الميراث توقيفي فلا يجاب المسلم إلى هواه بوضعه شرطاً في وصيته بحرمانه لأحد ورثته من الإرث.

وهذا ما يؤكده الضابط المقترح:

(شرع الله يسري على شرط العباد ويُضبَطُ شـرط العباد بشرع الله) .

إذ لو كان الحجب من عند العبد ، لكثرت الضغائن بين العباد ، لكن جاء الحجب للورثة مـن عند الله سبحانه وتعالى ، فأطمئنت النفوس .

وضابطه المقترح : ( من وزع تركتـه على غير هدى الله تعالى فهو باطل).



(1) د. يوسف حامد السالم- المقاصد العامة للشريعة الإسلامية- المعهد العالي للفكر الإسلامي - الطبعة الأولى.- فيرجينيا- الولايات المتحدة الأمريكية- 1412- 1991 - ص80. د.مصطفى الزلمي وعبد الباقي البكري- المدخل لدراسة الشريعة الإسلامية - الدار الجامعية للطباعة والنشر - جامعة الموصل - ص 231 .( بدون طبعة ولا سنة ). (2) الإمام محمود شلتوت-الإسلام عقيدة وشريعة- الطبعة الثانية-دار القلم- القاهرة -ص 265. د.عبد الحميد براهيمي- العدالة الاجتماعية والتنمية في الاقتصاد الإسلامي - ط1 -مركز دراسات الوحدة العربية -بيروت لبنان- 1997.ص245. (3) عفيف عبد الفتاح طبارة - روح الدين الإسلامي - الطبعة الثانية عشرة - دار العلم للملايين – بيروت-1394 هـ -1974م - ص 320 ود. يوسف حامد العالم - مصدر سابق - ص445 واحمد الريسوني - نظرية المقاصد عند الإمام الشاطبي-الطبعة الرابعة- المعهد العالي للفكر الإسلامي- 1416 هـ 1995م - تقديم د. طه جابر العلواني - ص 346. (4) د. عبد السلام داؤد العبادي -الملكية في الشريعة الإسلامية طبيعتها ووظيفتها وقيودها -دراسة مقارنة بالقوانين والنظم الوضعية- القسم الثالث - مكتبة الأقصى - عمان- الأردن- مطبعة وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية(د/ت). (5) د. وليد خالد الربيع – الإلزام في مسائل الأحوال الشخصية – دراسة فقهية مقارنة –الطبعة الأولى - دار النفائس للنشر والتوزيع – الأردن- 1427هـ- 2007م- ص 244. (1) قرار محكمة التمييز الاتحادية بالعدد3347/شخصية أولى/2009في 31/8/2009.قرار غير منشور .