د.جودت إبراهيم
تعريف الشاعر: الشاعر هو إنسان خلّاق مبدع يخلق باللغة نصّاً له كل خصائص الإبداع من فكر وصور وموسيقا يؤثّر في المتلقي ويولّد فيه مجموعة من المشاعر والأحاسيس تساوي أو تقترب من المشاعر والأحاسيس التي ولّدت ذلك النص...
أ.د.جودت إبراهيم، أستاذ نظرية الأدب والنقد الأدبي، جامعة البعث ، حمص، سورية.
- جودت_إبراهيم_وادي_النضارة_حمص_سورية
- jawdat_ibrahim_dr
00963935619725 00963944434550
The Definition of Arabic Poetry by Jawdat Ibrahim:
It is a creative text, written by a person, using Arabic language with all its components: expressive, pictorial, aesthetic and the music of Arabic poetry and its prosody, infusing it with his or her emotions, sensations and feelings in order to express an emotional state that he or she had experienced at a certain moment. In doing so, he or she arouses in us astonishment and admiration, and generating in the recipient feelings, sensations and emotions that are equivalent to, or that approaches, those which generated that text within that creator - the poet – Dr. Jawdat Ibraheem, Professor of Principles of Criticism and Literary Theory, Department of Arabic Language and Literature, Al-Ba'ath University, Homs, Syria
Mobile: 00963944434550 0096393561972
نحو نظرية في الأدب والنقد في سورية
في أعمال د. جودت إبراهيم
* نها العثمان أركي
- تكاد لا تذكر أعلام النقد في سوريا في القرن الحادي والعشرين إلا تبادر للذهن ذكر رجل كان له بين أقطابها منزلة كبيرة , وكان لي شرف تلقي العلم على يديه إنه الأستاذ الدكتور جودت إبراهيم , صرح من صروح جامعة البعث , وعلم من أعلام الفكر والأدب,وأستاذ قدير جليل .
- لم تخبرني الأيام أني سأكتب بحثا عن ناقد معاصر, إذ كيف أقوم بدراسة ناقد حقق مكانة علمية عالية بين معاصريه، ولكن كم كان لي شرف عظيم وحظ وافر في التعمق و المعرفة ، خصوصا وأن الناقد قدّم لي بروح العالم العارف المتواضع كل ما يلزمني من مصادر بحثي من كتب ومقالات وبحوث مع الرجوع في بعض الأحيان إلى مزود البحث غوغل .
- نعم إنها دراسة لناقد معاصر، و ما أسعد الباحث حين يعثر على مَنْ يكتب عنه قريباً منه، يؤازره ويشرح له، ويجيبه ويعلل له، خصوصا إن كان كما الناقد د.جودت ابراهيم صاحب روح مرحة و أخلاق عالية وعقل متفتح مستنير .
- وإن كنت أقدمت على هذه الدراسات بروح التفاؤل والمحبة فلأقدم جزءاً بسيطاً من العرفان والتقدير لما قدمه لنا ونحن طلاباً في السنة الثانية في مبادئ النقد الأدبي وفي ما قدمه لنا ونحن طلاب دراسات عليا في قسم اللغة العربية.
أما المنهج المتبع في هذه الدراسة التي أقدمها فهو المنهج الثيماتي
( الموضوعاتي ) مع مراعاة المنهج التحليلي إذ هي قراءة تحليلية لأعمال الناقد الدكتور جودت إبراهيم والصعوبة الوحيدة التي واجهتني في دراستي هي كثافة المادة وكثرة القضايا وتعددها مما جعلني أنتقي أهمها وأجدها على الساحة النقدية .
وقد قسمت بحثي إلى أربعة محاور :
المحور الأول: تناولت فيه السيرة العلمية للناقد و إضاءة على أعماله مبينة أهميتها وجدية بعضها في طرح مسائل جديدة وأثرها في مسيرة الحركة النقدية والعلمية عامة .
المحور الثاني : تناولت فيه قضيتين نقديتين : الأولى ,مقارنة الناقد للشعر العربي (قديمه وحديثه )، مبينة رأيه في تناول النقاد واللغويين و الفلاسفة العرب قديما وحديثا للشعر العربي، ونقاط الاختلاف والائتلاف كما رآها الدكتور بين النقدين القديم والحديث، ومن ثم أعرض للقضية الثانية: مناهج النقد الأدبي وتقسيمه لها، ورأيه بكل منها .
المحور الثالث : تناولت فيه عرض الدكتور الناقد لنظرية الأدب، والتي تبحث في سؤالين اثنين : هما ما طبيعة الأدب؟ وما هي وظيفته؟ ,مبرزة رأيه ومآخذه على من فصل الأدب عن وظيفته، مبينةً للسبق النقدي الذي حازه في هذا المجال .
المحور الرابع : قسمته إلى اتجاهين , الاتجاه الأول: عرضت فيه للفكر والثقافة العامة , أعلاما واتجاهات كما تناولها الناقد في كتاباته، ومشكلات ومقترحات. والاتجاه الثاني : عرضت لآراء نقاد عرب وأجانب معاصرين تناولت أعمال الناقد الدكتور جودت إبراهيم .آملين من الله أن يبارك لنا فيه ويديمه علماً من
أعلام النقد والفكر، ليقدم لنا كل ما هو جديد ومفيد , نفعنا الله به وأبقاه لنا ذخرا للوطن والأمة .
المحور الأول
السيرة العلمية:
- بزغ فجر الثاني من أيار عام 1955 م عن ولادة قطب من أقطاب الحركة النقدية في مدينة حمص , ليسهم في نشر شعاع الفكر في سورية والوطن
العربي .
- تخرج الناقد الدكتور جودت إبراهيم في جامعة دمشق عام 1979 م من قسم اللغة العربية وآدابها , وحاز دبلوم الدراسات العليا من الجامعة نفسها سنة 1980 م . وحاز على الدكتوراه في اللغة العربية و آدابها ( مبادئ النقد و نظرية الأدب ) من جامعة تبليسي الحكومية – الاتحاد السوفيتي عام 1990 م . و شغل الدكتور جودت إبراهيم العديد من المهام الإدارية والعلمية وله نشاط أكاديمي وثقافي واسع في سوريا وخارجها إذ شارك بالعديد من المؤتمرات الداخلية والخارجية , سواء في سوريا أو في بلدان عربية أو أجنبية ، و أشرف على العديد من الرسائل العلمية
( ماجستير, دكتوراه )، و حاز العديد من الجوائز وشهادات التقدير المكتسبة .
- يتقن الدكتور جودت اللغتين الإنكليزية والروسية إضافة للعربية وألم
باللغة الأسبانية .و زار العديد من البلدان العربية والأجنبية.
مؤلفاته :
- للدكتور جودت إبراهيم مؤلفات عديدة أثرت المكتبة العربية في الآداب والنقد الأدبي وزودت الباحثين بآراء ورؤى جديدة , وهذه المؤلفات هي :
- الكتاب الأول : النقد العربي المعاصر ( مختارات ) 1989 م :
صنفه الدكتور جودت إبراهيم مع الناقد الجيورجي البروفسور أبولون سيلاجادزه , أيام كان معيدا في قسم اللغة العربية في جامعة البعث وموفدا لتحضير درجة الدكتوراه في جامعة تبليسي . وقد لاقى هذا الكتاب ترحيبا واستحسانا واسعين لدى نقاد سوريا وصحفييها فتناولته أقلامهم بالتعريف به وبمؤلفه وبأهمية ما قدمه.
" إذ يتضمن الكتاب مقدمتين باللغة الجورجية والعربية تتضمنان الحديث عن تطور النقد العربي المعاصر منذ مطلع هذا القرن وحتى نهاية الثمانينات " وهو مختارات من النصوص والدراسات لكبار أعلام النقد العربي المعاصر في الوطن العربي تضمن أبحاثا حول الأنواع والمذاهب والمدارس والاتجاهات الأدبية المختلفة من قصة ومسرح ورواية وشعر وغيرها ([1])
لقد غطى هذا الكتاب مرحلة كبيرة وهامة من مراحل تطور نظرية الأدب العربي واتجاهات النقد الأدبي .
ويرى الدكتور عادل الفريجات " أن الكتاب ينم في دلالته الأولى على اختراق النقد العربي أسوار عزلته وتجاوز محيطه الاجتماعي واللغوي إلى محيط آخر سيكون له فيه مكان ومكانة , كما ينم في دلالته الثانية على أن اهتماما سوفيتيا طيبا بالنقد العربي يجري تأسيسه ليتسق مع اهتمام القيادة السياسية بالعالم العربي وقضاياه ومشكلاته "([2])
إن هذه النصوص التي قدم لها الدكتور جودت إبراهيم , هي رسم للخارطة النقدية العربية المعاصرة, فكان للشعر ونقده الحظ الأكبر,فهذا الشعر الحديث الذي عبر عن حساسية جديدة ورؤية مغايرة للعالم وطبيعة مختلفة في التعبير والاتصال بالقارئ ,إضافة إلى إيقاعاته وأوزانه الجديدة ,وضروب اعتماده على الصور,عبرت النصوص في الغالب عن حركة نقد هذا اللون من الشعر,و يتضح هذا في نصوص (اليافي ,والمقالح ,وكمال أبو ديب,وأدونيس)([3]) النقد العربي المعاصر وقد سبق للدكتور جودت إبراهيم أن عبّر عن اهتمامه لهذا اللون من الشعر الحديث وتحليله لنزعات الحداثة في أعمال شعراء كبار,أمثال:سليمان العيسى ونزار قباني ومحمد الماغوط وغيرهم مصرحا لجريدة البعث:"إن توجّهي إلى هذا الموضوع ليس مصادفة,فأنا أنظم الشعر ,وأحاول أن أغني تربتي الشعرية بإيقاعات عصرنا...." ([4])
أما الفوائد التي قدمها الكتاب :([5])
1 - تقرر تدريس الكتاب في كلية الاستشراق في جامعة تبليسي وفي معهد الاستشراق التابع لأكاديمية العلوم في جمهورية جورجيا .
2 - أن النصوص تدرس باللغة العربية وقد صورت من مظانها ( الكتب والمجلات الأدبية ) لهذه الغاية ومن ثم ستتاح للمستعربين فرصة مجادلة النصوص العربية بلغتها دون الحاجة إلى لغة وسيطة تأكل قدرا من جماليات الصوغ الفني اللغوي
3 - والفائدة الأخرى هي معرفة تطور الحركة النقدية العربية إذ إن هذه النصوص تمثل تطور الموقف النقدي من النص العربي والميل إلى الاستفادة من المناهج النقدية الغربية وأساليب التعامل مع المصطلحات إضافة إلى الاتجاهات النقدية في خلفياتها الفكرية والاجتماعية والسياسية .
ـ الكتاب الثاني : الأسس النظرية لنقد الشعر العربي القرن العشرين ( باللغة الروسية )1990
وحسب ما أفادني الدكتور جودت إبراهيم أن هذا الكتاب تكثيف للنقاط الهامة والأساسية لرسالة الدكتوراه التي قدمها .
- الكتاب الثالث : ملامح نظرية نقد الشعر العربي :1994
لقد أودع الدكتور جودت إبراهيم كتابه هذا معظم آرائه النقدية في الشعر العربي ,فجاء كثيف المادة متنوع القضايا متسلسل الأفكار .
الكتاب الرابع : نظرية الأدب والمتغيرات ( دراسات ) : 1994 م
يعد هذا الكتاب الأول على صعيد الوطن العربي والعالم في السبق الذي حازه في موضوعه([6])، فمفهوم المتغيرات لم يكن بعد قد تحددت معالمه، و لم يكن واضحا في وقتها، ولكن ولأول مرة يكتب في مجال الأدب عن هذه المتغيرات الدولية والعالمية، وأثرها ومنعكساتها في الأدب ، في الوقت الذي لم تحدد بعد ملامح هذا التغير الدولي والعالمي , لقد رسم الدكتور إبراهيم_ وبخطوات جبارة وبنظرة متعمقة غير بعيدة عن الواقع- ملامح هذا التغير العالمي فقام بدراستها على الأدب العربي خاصة وأوربا الشرقية وأميركا نموذجا.
- الكتاب الخامس : مبادئ النقد ونظرية الأدب (1998 - 1999):
وهو كتاب في النقد الأدبي شاركه في التأليف الدكتور رضوان القضماني , أعد فيه الدكتور جودت مقدمة المناهج النقدية والمنهج الانطباعي والمنهج التاريخي والمنهج الفني الجمالي والمنهج الاجتماعي المنهج النفسي من الفصل الثالث ( مناهج النقد الأدبي ) والفصل الرابع ( مصطلحات في النقد ونظرية
الأدب ) كما أعد النصوص الملحقة بالكتاب وهي نصوص أدبية غنية بقيمتها , تغني بذلك كل باحث وناقد ما يلزمه من المناهج النقدية متسلحا بمصطلحات أدبية غاية في الأهمية والجدّة العلمية
- الكتاب السادس ــ اللغة العربية لغير المختصين : 2002م
وهو كتاب تعليمي يدرس لطلاب الطب بكافة فروعه , يريد الدكتور جودت في كتابه هذا أن يؤكد لنا وللعالم أن اللغة العربية هي لغة العلم والثقافة والحضارة والسياسة " فهي الأداة التي نقلت الثقافة العربية عبر القرون وعن طريقها وبواسطتها اتصلت الأجيال العربية جيلا بعد جيل في عصور طويلة وهي التي حملت رسالة العروبة وما انبثق عنها من حضارات وثقافات وبها توحد العرب قديما وبها يتوحدون اليوم "([7]) وقد آلمه ما أصابها من ضعف وخصوصا بين طلبة الجامعات غير المختصة باللغة العربية إذ عبر عن انزعاجه من عجز " طالب في الدراسات العليا مثلا باختصاص طبيب أو مهند س أو غير ذلك من الطلاب المتفوقين أن يتحدث لمدة دقيقتين تقريبا بلغة سليمة من اللحن والغلط أو أن يكتب سطورا قليلة خالية من أخطاء فاحشة "([8]) لذالك انبرى من حسه العميق بالمسؤولية وسلامة سليقته العربية وسلاسة عذوبتها بتقديم هذا الكتاب مع ثلة من الأساتذة الجامعيين لطلاب الطب فحقق بهذا العمل هدفين : عام و خاص
أ - العام : أن زاوج بين اللغة الفنية الجميلة الرائعة وقواعدها وقوانينها النحوية والصرفية .
ب - الخاص يخدم الهدف الذي يقول: إن اللغة أداة الإنسان للتعبير عن الحياة الإنسانية في كل ميادينها وصورها .
قدم الدكتور جودت في كتابه هذا في قسم / أدبيات طبية / أروع الأشعار العربية لكبار الشعراء العرب جمعت طرافة الفكرة والجدية العلمية فمن قصيدة ألقاها الشاعر الدكتور إبراهيم اليازجي 1899 – 1953 في حفل تكريمه 1934 م إذ يقول : ([9])
يا أيها الشعر الذي نطقت به روحي وفاض كما يشاء جناني
والناس تسأل والهواجس جمة طب وشعر كيف يتفقان ؟
كما عرض الدكتور لصور الطب في التراث العربي / لأسامة بن منقذ / في كتابه / الاعتبار / ومن كتاب / القانون في الطب / لابن سينا وغيره كما يعرض في قسم آخر لعيوب اللغة في اللثغة وحفظ اللثة واستصلاحها ودور الأم في تعليم اللغة مرحلة ما قبل الكلام ) .
وقد صرح لي الدكتور راتب سكر وهو زميل الدكتور جودت إبراهيم ومشارك في التأليف " أن هذا الكتاب ينم على ثقافة موسوعية تقتبس من التراث العربي موضوعات علمية متصلة بالعلوم الطبية " إذ يدرك الدكتور جودت إبراهيم وزميله اللذان اختصا بهذا الجانب أهمية ذلك في التوجه إلى الكليات المعنية بالعلوم الصحية والطبية التي يخاطب الكتاب طلبتها "([10]) وأضاف لي الدكتور سكر أن الدكتور جطل وكزارة اختصا بالجانب الصرفي والنحوي في هذا الكتاب .
إن ما يريد أن يثبته الدكتور جودت إبراهيم هو أن اللغة العربية ,لغة التراث و الحداثة ,قادرة على مواكبة الحضارة الغربية في لغتها وجبروت آلتها وتقنياتها .
- الكتاب السابع : الصافي في العروض والقوافي : 2002م
لقد وضعت كتب كثيرة في علم الموسيقى والعروض وأوزان الشعر وضروراته ويفهم من عنوان الكتاب انه يبحث في قضايا نظرية العروض التي تشمل أربع قضايا أساسية هي ([11]): علم العروض وعلم القوافي والزحاف والعلل وعيوب الشعر , امتاز أنه جمع بين المنهج العلمي الأكاديمي والمنهج التعليمي حيث تضمن جدة علمية وجودة تعليمية فجاء على كثافته سهلا مبسطا بين يدي كل طالب وباحث وشاعر . وقد ألفه الدكتور جودت إبراهيم بالاشتراك مع الأستاذ عبد الكريم الحبيب إذ امتلك مؤلفا هذا الكتب الحس الشعري نظما وممارسة والحس النقدي تحليلا وممارسة مما شكل تكاملا فكريا بين الشعر ومعرفة تناوله .
وقد تضمن هذا الكتاب منارات فكرية تضيء سبل الشعر الحديث وقضاياه بدقة موضوعية وتراثية علمية .
-الكتاب الثامن : منهجية البحث والتحقيق : 2007م
لقد قرأ الدكتور جودت إبراهيم مقدمة كتاب طه حسين ( في الأدب الجاهلي ) وكتاب شوقي ضيف ( منهج البحث الأدبي ) وأعجب بكتاب ( منهج البحث الأدبي ) لعلي جواد الطاهر فاستوعب كل ما كتب قبله وهضمه وجاءت مرحلة الغربة والسفر إلى الاتحاد السوفيتي ليدرك أن الغرب قد سبقنا بهذا المجال العلمي , فأعجب الدكتور جودت بمنهج البحث حتى قال عنه أنه : " مظهر حضاري جليل " ([12]).
لقد جاء هذا الكتاب تتويجا لمراحل طويلة في مسيرة تدريس هذه المادة إذ سبق وكلف بتدريس مقرر ( مناهج البحث والتحقيق ) لطلاب دبلوم الدراسات العليا في القسم وكان الدكتور جودت إبراهيم وقتها مدرساً جديداً , فدفع بكتابه ( منهجية البحث والتحقيق ) ليكون عوناً لكل طالب وباحث فقد زود الطالب والباحث بمنهجية علمية فائقة في الدقة والمنهجية و بكل أدوات البحث وأهمها والصفات التي يتمتع بها والمناهج التي تكلل بحثه بالنجاح, لقد حرص الدكتور جودت في أكثر محاضراته أثناء تدريسه هذا المقرر على تشجيعنا على العمل واستغلال الوقت,متندرا لنا(بحكاية الأرنب والسلحفاة) وللدكتور جودت مقابلات تلفزيونية قدم من خلالها آراءه في كيفية إدارة الوقت.
وكم أعجبت بهذه الآراء والأفكار القيمة,التي تنم في دلالتها عن شخصية عظيمة وحب للعمل وتقديس للوقت, ويحضرني في هذا فكرة للدكتور رائعة في فهمه لقيمة الوقت والعمل,وهي :أن عقوبة السجن التي تفرض على الإنسان ما هي إلا عقوبة كبرى له لا لعظم الجرم أو غيره وإنما لعقوبة أعظم هي قتل قيمة الوقت عنده وإقعاده عن العمل.([13])
-الكتاب التاسع : محطات في الثقافة العربية المعاصرة : 2008
لم يكن التعريف بالثقافة العربية المعاصرة واجبا فرض على الدكتور جودت إبراهيم من قبل وزير التعليم العالي حين كلفه أن يكون مديرا لمركز الدورات التحضيرية في حمص وقد كان الدكتور آنذاك وكيلا إداريا لكلية الآداب منذ بضع سنين وإنما كانت هاجسا شغله قبل ذلك بكثير.فتوّج اهتمامه هذا بكتاب ( محطات في الثقافة العربية المعاصرة ) وجعل الثقافة العربية متطلبا من متطلبات الخطة الدراسية لجامعة الوادي السورية الألمانية والتي كان رئيسا لها 2005 - 2007 م .
يقدم الدكتور جودت إبراهيم من خلال هذا الكتاب إضاءات في الثقافة العربية عبر اثنتي عشرة محطة في موضوع محدد قائم بذاته، رابطا إياها بخيط رفيع دقيق مع غيره من الموضوعات التي تحتويها المحطات الأخرى، فكلها محاضرات في الثقافة العربية المعاصرة .
توقف في المحطة الأولى عند مفهوم النهضة العربية، وقارنها بالنهضة الأوروبية، وفي المحطة الثانية تحدث عن أبرز أعلام النهضة العربية، والقضايا التي طرحوها، وأما المحطة الثالثة فقد خصصها للحديث عن اثنين من الاتجاهات الفكرية: المحافظ والإصلاحي، وأما الرابعة فللحديث عن الاتجاه الإصلاحي الثوري، وفي المحطتين الخامسة والسادسة تناول موضوع العلمانية في فكر رواد عصر النهضة العربية، والاتجاه الإصلاحي العلماني، وخصص المحطتين السابعة والثامنة للمفكرين والأدباء من خواتم عصر النهضة ( جبران خليل جبران وطه حسين )، أما المحطة التاسعة والعاشرة والحادية عشرة فقد تناولت الاتجاهات الفكرية : الإقليمي والقومي العربي والمادي، وأفرد المحطة الأخيرة للثقافة العربية الإبداع : مشكلات ومقترحات.إذاّ هذا الكتاب يضم جهود باحثين ومؤرخين ومفكرين عرب.
- الكتاب العاشر : ON MODERN ARABIC CULTURE : 2008
وهذا الكتاب باللغة الإنكليزية وهو ترجمة لكتاب( محطات في الثقافة
العربية المعاصرة ), إذ نلمس من خلال هذا الكتاب حرص الدكتور الشديد على التعريف بثقافتنا و فكرنا للعالم , فيتجاوز بذلك الفكر والثقافة العربية عزلتها لتقفز إلى العالمية .
ويلاحظ في هذا الكتاب حرص الدكتور جودت إبراهيم على إيراد أسماء الأعلام العربية والمؤلفات بلغتها الأم ومن ثم ترجمتها إلى اللغة الإنكليزية حسين طه Taha Hussein ([14]) وقد قام الدكتور الناقد جودت إبراهيم بمراجعة وتدقيق الكتب التالية:
- مفهوم الحداثة الشعرية : 2008 م ([15])
تعرض الكاتبة د.روعة الفقس لمفهوم الحداثة الشعرية معتمدة في كثير من آرائها على بحث للدكتور جودت إبراهيم (الحداثة وما بعد الحداثة )([16]) وقد نشر في مجلة جامعة البعث معرفا هذا المفهوم و مستعرضا لجذوره عند العرب القدامى والمعاصرين من جهة والغرب من جهة ثانية .
- التناص في الشعر العربي ( الشعر الفلسطيني نموذجا ) :
راجع د. جودت هذا الكتاب الذي ألفته د. روعة الفقس والذي تعرض فيه مفهوم التناص ومصادره وقد تناوله د.جودت تنظيراً وتطبيقاً في كثير من البحوث التي نشرت في مجلة جامعة البعث و كان منها ( مصادر التناص في الشعر الفلسطيني في التسعينات ) فقد عد الدكتور هذا المصطلح من "المصطلحات الأكثر إشكالية في الساحة النقدية "
- رماد الورود ( قصص قصيرة ) : 2008 م
وهو مجموعة قصصية للكاتبة وفاء شاهين تعرض فيه هم الحب بكل مستويات تعاطيه الإنساني ويعجب الدكتور جودت بنزوع المؤلفة الكبير لتقديس إنسانية الإنسان وتوقها الجميل أينما كان في مظاهر الحياة ريفا ومدينة .
- ضيعة الشعر الحلو ( شعر محكي ) :
اللغة العامية هي لغة الحياة العامة والتعاون الاجتماعي اللازم لسير الحياة السريعة ونظامها المطرد والشامل لذلك لا يستطيع أن يبتعد الدكتور جودت إبراهيم وهو الأكاديمي الكبير أن يبتعد عن حياته الاجتماعية وهو ما هو من فصاحة لسان وسلامة منطق ولكن هذا لا يعني انسلاخه عما يجري حوله .
لقد أعجب الدكتور جودت إبراهيم بقصائد مكتوبة بالعامية للشاعر( سمير سارة التي ألقاها في مناسبات مختلفة فهذه الأشعار كما يرى الدكتور جودت
تتحسس قضايا إنسانية كبرى ( رغيف الخبز ) و ( من وين هالشعار بيجبوا الحكي ) و
( سعر القصيدة ) وغيرها , لذلك قام بتحقيق بمراجعة كتاب ضيعة الشعر الحلو ( شعر محكي ) .([17])
المحور الثاني
قضايا نقدية:
1- مقارنة النقد العربي في الشعر (قديماً وحديثاً )
إن امتداد الشعرية العربية على عدة قرون والاحاطة بكل ما تعرضت له من تحولات جوهرية تحتاج لفكر موسوعي وقدرة فائقة ودقة متناهية بكل مصطلحات ومفاهيم عصور عدة0وتعد قضية مقارنة نقد الشعر العربي المعاصر مع نقد الشعر العربي القديم :
العمل الأول من نوعه في الجدة العلمية. إذ أن بحث المسائل النظرية للشعر العربي المعاصر في العقود : السابع والثامن والتاسع من القرن العشرين , ومقارنتها مع مسائل علم الأدب العربي القديم,عمل ضخم وخطوة ,قلّت الدراسات بأمثالها.
ومن ثم أن القيام بربط القضايا ببعضها وإظهار ما اختلف منها وما ائتلف عمل منطقي حكيم يدل على سعة في الأفق وفهم عميق لحركة الشعر العربي وتطورها، فما قدمه الدكتور إبراهيم من خلال هذه المقارنة يقدم أهمية بالغة للعلوم المعاصرة ,ولمن أراد أن يطلع أو يبحث في مسيرة الشعر ونقده قديما وحديثا .
أسس القضية :
تناول الدكتور جودت إبراهيم أغلب ما قيل في ماهية الشعر العربي ووظيفته وبنيته قديما وحديثا , فاستعرض عددا من المدارس الأدبية التي اهتمت بمسائل التجديد في الشعر العربي واتجاهات قديمة مثل : مدرسة قدامة بن جعفر ومدرسة الفلاسفة ( الفارابي , ابن سبنا , ابن رشد ) ومعاصرة مثل ( مدرسة الديوان ومدرسة المهجر , وجماعة أبولو ) .
نتائج مقارنة نقد الشعر العربي ( قديمه و حديثه)
1-حدد الدكتور جودت إبراهيم العلاقة بين النقد المعاصر والنقد القديم والتراث عامة في:
- إن تراث نقد الشعر العربي ,لاقى كغيره من عناصر التراث اهتماما بالغا من قبل المعاصرين , ,في حين لاقى هجوما عنيفا كاد أن يقتلع جذوره ,مما أدى لظهور اتجاه ثالث يدعو إلى تفهم التراث واستثماره في الحاضر عن طريق فهمه واستيعابه,لذلك يرى د.جودت أن علينا التعامل مع التراث بعلمية من جهة ,وبحذر من جهة ثانية .
2- إن ما أخذه النقد الجديد من النقد القديم في نظرية نقد الشعر هو:
- إن أكثر دعاة نظرية المقلدين، ودعاة نظرية المجددين في الشعر، يتتبعون خطى القدماء في هذا الموضوع ،( فالشعر قول موزون مقفى يدل على معنى ) وإن اختلفت تفسيرات هذا القول، وان دعا بعضهم إلى التجديد في أوزان الشعر والتحرر من القافية, في حين يرفض دعاة الشعر الجديد(الثوريون) كل ما هو قديم:شكلا ومضمونا, ويؤكد د.جودت أن أغلبية عناصر الشعر وأركانه الأساسية, في الشعر الجديد بصورة خاصة والشعر المعاصر عامة ,على تفاوت باستخدامها ما تزال هي هي ، فتفعيلات الشعر تستخدم هي نفسها وان اختلفت طريقة تشكيلها , ومازالت لغة هذا الشعر هي اللغة العربية الفصحى.
واختلف د.جودت مع الشاعرة (نازك الملائكة) حول تقويمها لنماذج غيرها من الشعراء الذين كتبوا وفقا لنظام نماذجها من الشعر الحر، اذ راحت تقوّم تلك النماذج انطلاقا من القواعد التي وضعتها هي، فعدّت نماذجها المقياس والمرجع. وبهذا تبدو (الملائكة ) وكأنها ضد الحرية في الشعر([18]). وكان د.إبراهيم من أوائل من أشار إلى أن الشاعر المهجري(نسيب عريضة) كان له السبق في استخدام نظام شعري عرف فيما بعد باسم (الشعر الحر) .إذ إن قصيدته (النهاية) في ديوانه (الأرواح الحائرة) هي قصيدة على نظام التفعيلة، فيرد بذلك على من قال إن (الملائكة) هي أول من قال بالشعر الحر.
ويؤكد من خلال حسه الشعري وتتبعه للموسيقا العربية قديما وحديثا أن ماقدمه صاحب العقل الفذ (الخليل بن أحمد الفراهيدي) "سيبقى قطب رحى كل بحث في الموسيقى الشعرية العربية لأنه يستجيب مع الإحساس الداخلي للنفس البشرية التي هي بحد ذاتها عصية على التجديد والاكتشاف". وتختلف نظرية نقد الشعر الجديد عن نظرية نقد الشعر العربي القديم في:
3- الثبات هو جوهر التراث العربي في القيم وأشكال التعبير, بينما صارت (الثورية ) سمة وجوهرا للعصر الحاضر، وصارت نظرية الشعر تطلب من الشعر أن يكون ثوريا, فالشعر القديم حدد للشاعر عددا من التفعيلات والبحور الشعرية الثابتة، وكان على الشاعر الجديد أن يشكل القالب الموسيقي في كل سطر وفي القصيدة كلها .
إن ما أضافه النقد الجديد على ما رسمه النقد القديم لدور الشعر في المجتمع هو:
4-الشعر في خدمة الدين والدولة شعار مافتئ يشغل حيزاً واسعاً من النقد.
العربي المعاصر,بينما ظهرت اتجاهات جديدة تربط دور الشعر بقضايا الجماهير و مصالحها.
5- إن أكثر المرفوض من نظريات الشعر القديم هي مارفضه دعاة الشعر الجديد بشكل أساسي نظرية قدامة بن جعفر"الشعر قول موزون مقفى" في الوقت الذي تمسك فيه (التراثيون ) تمسكاً شديداً بهذه النظرية, وصارت الأكثر شهرة وانتشاراً ، فما أصل هذا الخلاف و التناقض ,في طبيعة الشعر ووظيفته ؟
يرد .د.جودت الأمر إلى طبيعة المُجيب (من هو) ؟فكل ينظر إلى الشعر بمنظاره فالموسيقي ينظر إلى الشعر ويحلله من وجهة نظر موسيقية وهو بذلك يرى في الشعر وزناً فيقول : " الشعر قولا موزون مقفى يدل على معنى " ، ورجل الدين ينظر إليه من الوجهة الدينية , والسياسي ورجل الدولة من الوجهة السياسية ..... وهكذا. ويذهب الناقد لأبعد من ذلك ليرى أن هناك قضية راسخة في التاريخ تمتد جذورها إلى وقتنا هذا وربما إلى الأبد وهي : أن هناك نظريتين تتصارعان:النظرية الشكلية و النظرية الأخلاقية، ويرجع ذلك إلى أن بعض المنظرين حملوا الشعر مهمة تربوية أخلاقية,والبعض الآخر حرره من مثل هذه المهمة فهناك اتجاهان:
1- الشعر في خدمة الدين.
2- لا علاقة للشعر بالدين.
وتبدو للدكتور جودت إبراهيم النظرية الأولى(نظرية المعنى) على نقيض النظرية الثانية(نظرية الشكل) والتي تماثل برأيه (نظرية الفن للفن).
القضية الثانية :
المناهج النقدية الأدبية :
إن المنهج عبارة عن خطة واضحة المدخلات والمخرجات, وهو أيضا عبارة عن خطة واضحة الخطوات تنطلق من البداية نحو النهاية, ويقصد بالمنهج النقدي في مجال الأدب تلك الطريقة التي يتبعها الناقد في قراءة العمل الإبداعي والفني قصد استكناه دلالته وبنياته الجمالية والشكلية, ويعتمد المنهج النقدي على التصور النظري والتحليل النصي التطبيقي .
عرض الناقد لأبرز المناهج النقدية معرفا بأهم أطروحاتها وأعلامها من الأجانب والعرب ، مبينا إيجابيات وسلبيات كل منهج من هذه المناهج , آخذا بعين التقدير مكانتها في الأدب العربي ونقده في القرن العشرين .
فدرس في المناهج الخارجية : المنهج الانطباعي والتاريخي والفني الجمالي والاجتماعي والنفسي، و قسّم المناهج في أبحاثه إلى مناهج خارجية وداخلية :
ومن المناهج الداخلية : المنهج الفينومينولوجي ( منهج الظاهريات ) والمنهج البنيوي وغيره .
أما المنهج النفسي : يرى الدكتور جودت أن هذه المنهج سلاح ذو حدين من أسلحة النقد يجب استخدامه بحذر شديد لأنه من المصائب الكبرى أن يتحول النقد إلى عيادة نفسية نحضر إليها المبدعين.
وأما المنهج الشكلي : عده الدكتور جودت مدخلا أساسيا لابد منه لفهم المدارس النقدية الحديثة كالبنيوية والتفكيكية وغيرها، ومدارس النقد الجديد التي نشأت في إنكلترا ثم امتدت إلى أمريكا في الثلاثينيات.
وأما المنهج الفني الجمالي : يرى الدكتور جودت أن ( الفن للفن ) و( الأدب للأدب )
و ( الفن للمجتمع ) خرافات ابتكرها الإنسان ليحمي نفسه من شر الإنسان فليس على الأرض شيء أو فكر أو فعل وجد من أجل نفسه أو اتخذ من نفسه لنفسه رسالة أو هدفا وإنما كل شيء يجب أن يكون من أجل الإنسانية.
وأما المنهج الاجتماعي : عد الناقد هذا المنهج من أهم المناهج النقدية الأدبية التي عولت على الدور الذي يقوم به الأدباء من تركيزهم على وظيفة الأدب في خدمة الإنسان والارتقاء به وأن الأدب انعكاس للحقيقة الواقعية .
و يؤكد الدكتور جودت قصور وأحادية المنهج البنيوي، ومرامي هذا المنهج، لأن الواقع العلمي الحالي يفرض علينا أن نجمع في دراستنا- لكي تكون علمية مقبولة - بين الداخل والخارج، وبين النص والمرجع، ويفضّل الدكتور ابراهيم المنهج التكاملي : الذي ينفتح على كل المناهج والمقاربات لأنه أفضل بكثير من المنهج البنيوي الشكلاني الذي لا يبالي بالمعطيات السياق�
---------------------------------------------------
الباحث في الأدب من هو؟ د.جودت إبراهيم
المنهج في اللغة العربية يقابله في اللغة الانكليزية The Method )) وفي اللغة الفرنسية (Le methode)، وهو في أبسط تعريفاته وأشملها:طريقة يصل بها إنسان إلى حقيقة.
n أي أن المنهج هو طريقة من الطرائق التي يسلكها الإنسان سواءً كان كاتباً أو باحثاً أو عالماً أثناء بحثه من أجل الوصول إلى الهدف أو الحقيقة التي يبحث فيها.
n اهتم الغربيون بمنهج البحث منذ القديم، أما الجامعات العربية فبدأت تهتم بالبحث في خمسينات القرن العشرين.
n ولا بدّ أن يكون الإنسان قد اكتشف المنهج مبكراً بحكم ما له من ذكاء، وما يجتاز من صعاب، وما يحمله على الوصول إلى نتائج، ويعينه على ادّخار خبراته، واستغلال هذه الخبرات فيما يجدّ عليه من مواقف...
n كان الإنسان ساذجاً وفردياً، ثمّ تقدّم كلما تراكمت التجارب، واتسع الاجتماع...إن المنهج يوفر عليه كثيراً من الجهد والعناء، ويسهّل مهمته في العيش.
• ثم خطا الإنسان خطوة أخرى عندما كانت له حضارة وثقافة، وصور شتّى من المعرفة والعلم.
• و لا يمكننا أن نتصوّر الحضارات الأولى في سورية وبلاد ما بين النهرين ومصر والصين - مثلاً – من دون منهج ومناهج....
• حتى إذا كان الإغريق كان منهج، وكانت الكلمة نفسها بمعنى ( البحث أو النظر أو المعرفة...) فيما يذهب إليه د.عبد الرحمن بدوي في كتابه مناهج البحث العلمي.
• ويسير الزمن ويعدّ القرن السابع عشر من العصور المهمة في هذا المجال...
• فيبرز فيه علمان كبيران هما:بيكون(1561- 1626 ) وديكارت(1596-1650) ينصّان على طريقين في العلم الصرف هما:الاستدلالي في الرياضيات، والتجريبي في الطبيعيات...
• وبلغ الأمر من إعلاء مكانة المنهج ( الطريقة ) أن قال ديكارت:" خيرٌ للإنسان أن يعدل عن التماس الحقيقة من أن يحاول ذلك من غير منهج ".
• ول "كانط" (1724-1804) مكانته في "علم المنهج" methodology، الذي هو جزء من المنطق، يدرس مناهج المعرفة المختلفة، ومناهج العلوم بخاصّة.
• وإذا كان قد أطلق على منهج العلوم الرياضية: الاستدلالي، وعلى منهج العلوم الطبيعية: التجريبي ؛ فقد رئي أن يطلق على منهج الدراسات التاريخية : الاستردادي ، أي المنهج الذي نقوم فيه باسترداد الماضي تبعاً لما تركه من آثار، أيّاً كان نوع هذه الآثار .
• وهكذا اقترب التاريخ من العلم وابتعد عن الأدب، وكان أن أخذ الأساتذة يوجهون الطلبة إلى البحث العلمي في التاريخ، بل إنهم أدخلوا درساً جديداً اسمه "منهج البحث التاريخي" ووضعوا له في ذلك الكتب المناسبة.
• وإذا استطاع المؤرخ أن يحقق هذا النصر المؤزّر بدأ الباحث في الأدب يتأثر بما تأثر به وينحو نحوه... و أن النصر الذي أحرزه العلم الصّرف لا بدّ من أن يدخل إلى نفوس أهل الأدب....
• أجل وكان أن قيل: إنّ البحث في الأدب علمٌ أيضاً، له ما له، وكما كان في العلم "نظرية تطور" يمكن أن يكون في الأدب "نظرية الأدب"...
• وكما كان في العلم " البيئة والجنس والعصر..." يمكن أن يكون في الأدب " البيئة والجنس و العصر..." كذلك...
• وهناك من سار مأخوذاً بانتصارات العلم في القرن التاسع عشر إلى المبالغة في "علمية الأدب"...
• ومنهم من اعتدل فاعترف بأن الأدب ليس كالهندسة أو الكيمياء أو الفيزياء، ولكنه نوع من التاريخ أو كالتاريخ...
• إن للباحث الأدبي أشياء من طريقة العلم، وأشياء من صفاته.ولم لا ؟ إن عليه أن يجمع ويستقصي وينقد ويبوّب ليصل إلى الحقيقة المبتغاة.
• إنك، لكي تدرس أدباً أو عصراً أو أديباً، لا تدرس النصّ مجرداً، وإنما تدرسه مع ما يحيط به من مظاهر الحياة العامة والخاصة...
• وسارت قافلة "علمية الدراسات الأدبية"، وسادت ووجد "تاريخ الأدب " وصار درساً معترفاً به في الجامعات، له أساتذته، وله كتبه...
• وحين كتب لانسون " منهج البحث في تاريخ الأدب " سنة 1901 م؛ ذهب إلى نوع من التلاقي في الخطوط العامة بين منهج البحث التاريخي ومنهج البحث الأدبي...
• أمّا في الخطوط الخاصة فهناك اختلافٌ لا بدّ من الاعتراف به، وقال لانسون: ثمّة فروق بين المادة العادية للتأريخ بمعناه الدقيق ومادتنا، وعن تلك الفروق تنشأ فروق في المنهج:
• موضوع التاريخ هو الماضي، ماضٍ لم تبق منه إلاّ أمارات أو أنقاض بوساطتها يعاد بعثه...
• وموضوع الأدب أيضاً هو الماضي، لكنّه ماض باق، فالأدب من الماضي ومن الحاضر معاً... نحن في موقف مؤرخي الفن، مادتنا هي المؤلفات التي أمامنا، والتي تؤثر فينا كما كانت تؤثر في أول جمهور عرفها.وفي هذا ميزة لنا وخطر علينا... وبهذا تتميز دراسة الأدب عن الدراسات التاريخية الأخرى.
• إن الذي نفيده من العلماء هو وضعهم الفكري إزاء حقيقة الأشياء، ناقلين منهم إلينا حب الاستطلاع النزيه، أمانتهم الشديدة، صبرهم المر، انكبابهم على العمل، صعوبة التصديق، الحاجة المتصلة إلى النقد والضبط والتحقيق...
• لنأخذ من المناهج العلميّة الحذر، فكرة ما يكون عليه برهان، فكرة ما تكون عليه المعرفة، أن نكون أقلّ استسلاماً لأهوائنا، وأقلّ تسرعاً إلى الجزم...
• ستظلّ مناهج البحث المختلفة في نموّ وازدهار، وسيظلّ منهج البحث الأدبي كذلك، وإذا أخذنا مادتنا اليوم من هنا وهناك، من الشرق والغرب، فلقد قطعنا شوطاً حسناً، وسنقطع أشواطاً، ولا يبعد أن تمدّ تجاربنا المنهج بمفيد وجديد.
-2-
البحث research=recherché
• والبحث هو طلب الحقيقة وتقصّيها أي البحث عنها في كل مكان، وإذاعتها بين الناس، أي نشرها وإعلانها للناس.
• وإذاعة الحقيقة المتقصَّاة جزء مهم من عمليات البحث، فيجب نشر البحث و إلا اختل ركن أساسي من أركان البحث.
• فالحقيقة تبقى ناقصة إذا بقيت في أذهاننا، لذلك نرى الباحثين يتسابقون إلى نشر بحوثهم، فلا يكفي أن نبحث ونصل إلى نتائج.
• وفي كلمة الحقيقة ما يبين المعنى الإنساني للبحث.ويدخل في هذا المعنى الشمول فيما يتصل بالفكر البشري وعاطفته وخياله...دون أن يمنع هذا الشمول في القصد إن يرى باحث بارع عناصر الإنسانية بمعناها الواسع خلال موضوع محليّ يبدو ضيّقاً جدّاً.
• ومن هنا يلتقي الباحثون من كل صنف: الفلاسفة والعلماء والنقّاد ودارسو الأدب، ويجب أن يلتقوا أو أن يكون اللقاء-على الأقل- من أهدافهم، ومما لا يغيب عن بالهم.
منهج البحث الأدبي
• منهج البحث الأدبي: هو الطريقة التي يسير عليها دارسٌ أو باحثٌ، ليصل إلى حقيقة في موضوع من موضوعات الأدب، أو تاريخ الأدب، أو تاريخ قضاياه، منذ العزم على الدراسة وتحديد الموضوع، حتى تقديمه ثمرة عمله إلى المشرفين، والناقدين، والقراء مقالةً أو رسالةً أو كتاباً.
• ويفيد منهج البحث الأدبي من المناهج الأخرى في خطوطها العامة، ولا سيما في التاريخ...
• و لكنّه يتميّز بأنه يتعامل مع مادة فنيّة، ونصّ إنشائي على الباحث فيه إن يغور إلى أعماقه، ويقرأ ما وراء حروفه، فيصل خياله بخيال صاحبه، وعاطفته بعاطفته...
• متّخذاً من المادة التاريخية عوناً ومساعداً على بلوغ هذه الغاية، مؤيّداً إيّاها بعوامل مساعدة أخرى تتكون من كلّ ما يستطيع إن يحوز من فنون المعرفة من لغات وجغرافية وفلسفة... وعلوم صرف.
درس منهج البحث
• و درس منهج البحث يوجّه الطلبة في عملهم، ويبيّن لهم صميم رسالتهم، ويزودهم بالضروري مما يلزمهم في كلّ خطوة يخطونها منذ البداية حتى النهاية.
• و دواعي هذا الدرس: إنّ منهج البحث مظهرٌ حضاري تشتدّ الحاجة إليه بعد الحاجة إلى الدرس والتأليف، وما يصحب ذلك من تراكم الخبرات وتضخّم المادة...وما يتّصل بهما - عادة – من اضطراب وفوضى، أو تعصّب وجهل وجور يضيع في مجاهلها القارئ، وتضيع الحقيقة، فتختلط الأمور على الباحث الناشئ، ويصعب عليه أن يتبيّن دربه، ويخشى عليه أن يأخذ الباطل مأخذ الحق...
• وإذا وقع ذلك انبرى الغيارى يوجهون ويرسمون الطريق، يبيّنون الصواب ويفضحون خطأ المخطئين، ويسهّلون أمر البحث على الناشئة من الباحثين...
• وكان طبيعياً أن يرتبط "منهج البحث" بالجامعات ارتباطاً وثيقاً، لأنها موئل الحقيقة – أو ما يفترض فيه أن يكون كذلك- ولأنها تتعامل مع طبقة لها من السن العقلية ما يؤهلها للبحث ولفهم مناحي البحث...
• ولك أن تقارن – لكي تدرك قيمة هذا الدرس – بين بحث جامعي وبحث غير جامعي، وبين بحث لجامعي ملمّ بالقواعد والأصول، منبّه عليها، وبحث للجامعي نفسه قبل أن يعي هذه القواعد والأصول، ستجد أن الفرق كبير، وترى بذلك دليلاً على ضرورة هذا الدرس...
ما هي الفوائد التي نجنيها من مقرر ودرس مناهج البحث ؟
لهذا المقرر فوائدٌ كثيرة نذكر منها:
1- هذا المقرر يعلم الطلاب كيف يبدؤون وكيف ينتهون من البحث، يعلمهم الطريقة التي يسلكونها منذ بداية التفكير بالبحث وحتى طباعته وإخراجه.
2- هذا المقرر يوفر على الطلاب الوقت والجهد، وذلك لأن وجود المخطط الواضح يبعد الطلاب والباحثين الناشئين عن التخبُّط في الدراسة.
3- يجنب الطلاب الوقوع في الخطأ الذي وقع فيه السابقون.
4- يحفظ الطلاب من السأم والشعور بالضجر والضياع.
5- يعين الطلاب على الانصراف إلى صميم الموضوع وإلى كشف مالا يستطيعون كشفه ضمن إمكانياتهم.
6- يحبب البحث للطلاب ويهيئ لهم الاستمتاع بثمرة العمل.
7- يعدُّ الطلاب لبحثٍ أوسع، وتأليف في مدى إنساني أبعد وأصيل، وتعني كلمة أصيل أنه ذاتي، أي من صنع الكاتب، لم يسبقه إليه أحد، و إلا فهي خيانة علمية أو سرقةٌ علمية.
8- يدلّ الباحثين والطلاب الناشئين على أنفسهم ويحدد لهم موقفهم من خلال هذا الميدان.
9- يساعد هذا المقرر في إن المتفوِّقَ من الطلاب يكشف نفسه ويجعلنا نحنُ نكتشفه وبالتالي نرعاه.
10- يوجِدُ هذا المقرر للطالب المتفوق الذي يضيق ذرعاً بالمعلومات التي يقدمها الأساتذة للمستوى الوسط متنفَّساً، ويحبب إليه عمله.
• ولابد من معرفة القدر المناسب، فالبحث، مثل أي ميدان آخر، واسع ومتنوع ومعقّد، بمعنى أن فيه تعميماً وتخصيصاً.
• أمّا التعميم فيقصد به القدر العام الذي يحسن أن يعرفه أيّ طالب ليقوم بما يطلب منه على وجه مقبول، فلا يعذر طالب على الجهل بما أصبح قاعدة في البحث...
• وليقدم الطالب بعد ذلك بحثه في حدود طاقته، وليقف حيث تقف به هذه الطّاقة، فليس من المنهج أن نكلف الطالب بما لا يطاق، وأن نطالبه بالمستحيل، فنكتفي منه بالممكن، ولا نلحّ عليه، ونتركه يتفوّق في ميدان آخر، خارج الجامعة...
• أما التخصيص فيقصد به ما نتوجه به إلى الخاصّة من الطلبة، إلى البارزين الذين يدلّون على ميل خاصّ في البحث، ويبدون تفوقاً ملحوظاً، ويشيرون إلى نبوغ منتظر...
• نتشبث بهؤلاء، ونشجّعهم، ونزوّدهم الكثير مما خبرناه، وما يمكن أن يفيدهم نظريّا وعمليّاً، فمن هؤلاء سيولد المؤلف الخطير والأستاذ القدير.
• ولأمر ما وضعت الجامعات علامات للشرف أو الامتياز، ولسبب من هذه الأسباب تعددت مراحل الدراسة العالية.وما كل طالب بمستحق للماجستير، وما كل طالب تنتظره الدكتوراه.
أنواع البحث الأكاديمية
البحوث أنواع و مستويات متعددة، تختلف حجماً وأهمية بحسب الغرض الذي تطلب من أجله، والمرحلة الجامعيّة التي يحلها الطالب، وهي بهذا تتناسب مع السن الجامعية،وهي لهذا السبب على درجات وأنواع تبدأ بالبحث الصّفيّ وتصل إلى بحث الدكتوراه:
• 1- البحث الصفّي: وهو ما يكلف به الطلبة خلال دراستهم في صفّ من صفوف المرحلة الجامعية الأولى (الإجازة أو الليسانس أو البكالوريوس ) أي أن تقوم به وأنت طالب تتلقى الدروس في الصّف الفلاني أو الصفّ الفلاني من كليّتك...
• ولذا شاعت تسميته بالبحث الصفّي، نسبة إلى الصف، ومنهم من يسميه حلقة بحث كما في الجامعات السورية...
• وفي بعض الجامعات العربيّة يسمونه الفصل، وله تسميات أخرى، وهذا بحث يجريه طالب ويقدمه لأستاذه في مادة ما أو مقرَّر معيَّن...
• ويقصد منه - فيما يقصد – الرجوع إلى المصادر من أجل اطلاع أوسع مما هو في الكتاب المقرر، أو المحاضرة الملقاة، أو ما لم يدخل فيهما أصلاً، والتدريب بعد ذلك على مزاولة البحث إعداداً للمستقبل...
• وهو - أي هذا النوع من البحوث – ذو خطورة خاصّة هي خطورة البداية والأساس من كلّ شيء، فإذا وجّه الطالب جيّداً، وأحسّ بأن أستاذه جادّ، يقرأ بحثه ويناقشه في منهجه ورأيه، جدّ واعتمد نفسه، ومن ثمّ يزداد نفعه وتزداد صلته بالبحث الحقيقي، وقد يأنس به ويكتشف شيئاً من نفسه خلاله فيسعى إلى بحث آخر... و آخر.
• أمّا إذا ترك وشانه، وأحسّ بأن كلامه يبقى حبراً على ورق يتساوى فيه "الزين والشين"، فإنه يكسل وتخمد همّته.وقد يسرق وينقل مادته من أقرب كتاب وأيسر مجلّة، أو من بحث لطالب من سنة سبقت...
• أو يشتري بحثه من طالب، أو مكتبات أو الأشخاص الذين أصبحوا متفرّغين لهذه الغاية بهدف التكسّب وجمع المال،أو أن يستعين استعانة كبيرة بغيره. ثمّ يعتاد الحال، ويفوته جوهر البحث.
• وعلى الكليّة أن تهيئ للأستاذ والطلبة فرصة القيام بالواجب ويمكن أن يتحقق ذلك:
1- بأن تجعل " منهج البحث " درساً مستقلاً له ساعته الخاصّة به.
2-وبأن يكون العدد من الطلبة المنتسبين إليه محدوداً ( 20-25 ) طالباً.
3-وألاّ تكلّف الطلبة بالبحث إلاّ في السنتين الثالثة والرابعة.
4- بعد أن يكونوا قد زوّدوا في السنتين الأولى والثانية بالمكتبة العربية ومصادر العربيّة، وبمنهج البحث، وشيء من التطبيق.
5- ألاّ تثقل طلبة السنة الواحدة بالبحوث، ولا بأس بأن تكتفي ببحث واحد للطالب الواحد، لأن العبرة بالكيفية وليس بالكميّة.
• على أن يمرّ الطالب الواحد بأكثر من مادة واحدة من مواد البحوث، ليلمّ بالتجربة بطبيعتين مختلفتين،كأن يعمل بحثاً في السنة الثالثة في موضوع من موضوعات الأدب، وأن يعمل بحثاً ثانياً في السنة الرابعة في موضوع من موضوعات اللغة.
• و من الشروط المهمّة في البحث الصفّي" الضيق " أن يكون في حدود عشر صفحات، لأن الطالب في طور التجربة وطاقته محدودة.
• ومن الطلبة والأساتذة من يرى لسبب أو لآخر أن عشر صفحات قليلة فيزيد ويزيد على غير قياس أو ضرورة، وهذا غير صحيح لأن "التركيز"شرط في البحث الصفّي، و في حلقة البحث، وفي كلّ بحث.
• وفي كل الأحوال يجب أن يتصف هذا البحث بالضيق.
• وهناك من يسمّي هذا النوع من البحوث "تقريراً "، وهي تسمية مقبولة إذا كانت ترجمة للكلمة الإنكليزيّة: Report.
• وقد نجد من يفضّل تسميته بالمقال أو " المقالة " وهذه ترجمة للكلمة الإنكليزية Essay وهذا مقبول أيضاً، على ألاّ يلتبس الأمر مع المقالة أي الإنشاء القائم على الذاتية أو المقتضى الصحفي، وقد يكون هذا البحث الضيق المركّز ترجمة للكلمة الإنكليزيّة Paper) )، وكثيراً ما نسمع الطلبة الذين يدرسون في قسم اللغة الإنكليزيّة يقولون: عندنا( بيبر)( Paper ) وطلب مني الأستاذ أن أعمل( بيبر) Paper ) ) وهم يقصدون في كل ذلك البحث الصفّي أو حلقة البحث.
ويجب أن يلقى البحث الصفي حظه من العناية و الدراسة والنقاش:
فبعد أن تنتهي من بحثك تقدمه إلى الأستاذ فيدرسه معلقاً على الهامش ما يراه مناسباً في الإيجاب والسلب، ولا تتم الفائدة من البحث إلا بإعادة البحث إلى الطالب وتوضيح هذه الملاحظات والمناقشة فيها. وبقدر ما يفترض في الأستاذ أن يكون قاصداً إلى التوجيه والإرشاد والنفع بالتجارب، بعيداً عن اتخاذ ملاحظاته وسيلة للانتقام أو التبجح، غير مبالغ في القسوة، يفترض في الطالب أن يكون مؤدباً واعياً ساعياً في التعلم، لا يفكر بالدرجة تفكيره بالاستفادة في تحسين بحثه وفي اتخاذ الملاحظات أساساً يعتمده في بحوثه المقبلة.
وقد "يحتد" الأستاذ صادقاً أو ممثلاً لغرض في نفسه، وقد يؤاخذ الطالب بأشياء كان قد اقترحها هو على الطالب، أو بأشياء استشاره فيها الطالب من قبل، أو بأشياء أخرى لم يكن قد تطرّق إليها بوجه من الوجوه وهذا ما يمكن أن يحدث وهو لا يخالف طبيعة الأشياء كثيراً، والأساتذة بشر، فيهم الهادئ الرصين الرؤوف ، وهو المنتظر، وقد يكون فيهم من لم يكن كذلك. ومن خير الطالب _ في كل حال _ أن يحتفظ باتزانه ويلتزم حسن التصرف ويصل إلى هدفه بلباقة. ولا يضيره ذلك ولا يجور على حقه، وإنما يزيده مكانة لدى السامعين ولدى الأستاذ نفسه.
قد تكون مناقشة البحث الصفي خاصة بين الأستاذ وطالبه، وقد تكون عامة أمام طلبة الصف، والحالة الثانية أحسن وأنفع، لأنها تعوّد الطالب النقاش والدفاع العلني، وتعوّد الطلبة الآخرين كذلك وتخدمهم بمادتها وآرائها ومنهجها.
ولا جدوى من بحث لم يقرأه الأستاذ ويصلح من شأنه مادة ومنهجاً، ويبلغ الطالب نتيجة القراءة ويناقشه علناً. ولا بأس في إشراك الطلبة بأطراف من المناقشة نفسها.
إذا انتهيت من مناقشة البحث الصفي عدت إليه تصلح من شأنه في ضوء هذه المناقشة مدّخراً ما أعقب من فوائد للتقدم في بحوث تالية.
• وتطلق هذه التسمية بيبر (Paper) على ما يقوم به الأساتذة أنفسهم مختارين بحوث ينشرونها في المجلات العلميّة، ويقولون يشترط للأستاذية ثلاث "بيبرات" على الأقل.
• 2- بحث التخرُّج: تشترط بعض الكليات بحثاً للتخرج وقد يسمونه مشروع التخرج، وقد يسمّى رسالة ترجمةً للكلمة الانكليزيّة (thesis) يكتبه الطالب في سنته المنتهية، ويكون شرطاً في منحه الدرجة العلميّة( الإجازة أو الليسانس أو البكالوريوس) ولا بد أن يكون هذا البحث أوسع من سابقه،وأن يكون الحساب أشدّ،ويبلغ عدد صفحاته الخمسين أو تزيد،والمعقول ألاّ تزيد كثيراً حرصاً على النوعيّة ، وأكثر جامعات العالم أخذت تقلع عن مثل هذه البحوث...
• 3- بحث ما قبل التسجيل في الدراسات العليا في بعض الجامعات...ويقع ذلك في الغالب من أجل تدريب الطلبة الذين لم يدلّوا على علم بالبحث ومنهجه،أو من أجل الاطمئنان إلى قدراتهم...
• 4- بحث الدبلوم(Diploma) في بعض الجامعات: والدبلوم في أبسط تعريفاته شهادة للتخصص في دراسة ما، وقد تمنح هذه الشهادة بعد درس وامتحان في مرحلة تأتي بعد الإجازة، أو لتكون المرحلة التي تسبق الماجستير...
• وفي جامعاتنا كان يوجد خمسة مقررات في دبلومات الدراسات الأدبية، ومثلها في دبلومات الدراسات اللغوية، ويكلف الطالب ببحث في كل مقرر من تلك المقررات، والأصل أن يكون للطالب بحث واحد في هذه المرحلة.
• 5- بحث الماجستير( Master ):
• هو عبارة عن رسالةٍ أو أطروحة علمية، أي هو بحثٌ علميٌّ جدّي يهتم بموضوعٍ من الموضوعات يعالجه، ويقتضي هذا البحث تأليف رسالةٍ في حدود مئتي (200 ) صفحة، وقد تزيد، ويتألف عادةً من أربعةِ فصول، تتصدرها مقدِّمةٌ أو مدخل و تمهيد، وتنتهي هذه الفصول بخاتمة، وفهرس للمصادر والمراجع، وآخر للأعلام، أو للأمكنة، أو للأزمنة، وربما يلحق البحث بملاحق حسب ما يقتضيه الحال.
• يشبه بحث الماجستير الكتاب، ولكنَّه يختلف عنه في أنه رسالةٌ أكاديميةٌ، مسجلةٌ في الجامعة بإشراف أستاذ، بهدف حصول الطالب على درجةٍ علمية، هي درجة الماجستير، وهي أنواع: ماجستير في الآداب، ماجستير في العلوم..الخ.
• وقد عمدت الجامعات الحكومية السورية منذ العام الدراسي 2006 / 2007 إلى دمج مرحلتي الدبلوم والماجستير في مرحلة واحدة هي مرحلة الماجستير.وهذه الدرجة شرط أساس للتسجيل في درجة الدكتوراه في الجامعات السورية.
• 6- الدكتوراه ( Doctorate )Ph.D. :
• هي عادةً أعلى الشهادات الجامعية، وهذا يؤدي إلى الشدة في الطلب، والدّقة في الحساب،ويسمى البحث هنا Thesis ويترجم إلى العربية بالرسالة أو الأطروحة.
• وأسخف ما يمكن أن يُفهم من هذه المرحلة ضخامة البحث، فيتصَور المتصور من الطلبة، ومن الأستاذة أحياناً، أنها ما دامت دكتوراه فلتكن رسالتها في عددٍ عديدٍ من الصفحات 500 – 750 -1000 أو غير ذلك.
• لا، ليست المسألةُ مسألةَ كَمّ، فإذا زِدْتَ مساحة البحث قد تخسر ثقة أستاذك بك، وبعقليتك، وبالجامعة التي تخرَّجتَ منها.
• إن 250 صفحة، أو 300 أو 350 صفحة، هي حجمٌ مناسبٌ جدّاً، والعبرة قبل ذلك في عمق البحثِ، والتزامك الأصول، ورصِّه وتماسُك وحدتِهِ، ومن الجامعات ما تمنح الدكتوراه بعد الماجستير على رسالة واحدة خاصّة بهذه المرحلة، وعلى هذا تجري الجامعات العربية عموماً، وهناك أنواع للدكتوراه:
• 1- دكتوراه الجامعة.
• 2- دكتوراه الحلقة الثالثة.
• 3- دكتوراه الدولة.
• وتتجه الجامعات الآن في العالم إلى اعتماد نظام موحد للدكتوراه تُمنح بعد دبلوم الدراسات المعمقة، ويشترط في بحث الدكتوراه أن يحتوي البحث على شيءٍ جديد، ويلاحظ أن أكثر هذه التسميات ذات أصل غربي: إغريقي أو لاتيني، تبنّاها الاستعمال الديني فكانت أصلاً من مصطلحات الكنيسة ورجالها.
• و الأصل في كلمة (إجازة) أجازه أي سمح له وأعطاه الحق بذلك، أما لفظ الدكتور فهو في الأصل يدلُّ على من يعلِّم علناً، أطلقه اليهود على الرَّباني أو على الحاخام العالم بالشريعة
• وأطلقه المسيحيون على الذي يُفسِّر الكتب المقدسة.
• ودخل هذا المصطلح (دكتور) الجامعات لأول مرة في جامعة بولونيا في القرن الثاني عشر ثم تبعتها جامعة باريس بعد قليل في كليات القانون والطب واللاهوت ولم يسمح لكلية الآداب والفنون باستخدامه إلا بعد الثورة الفرنسية وذلك بموجب مرسوم صدر في 17 مارس/آذار 1808 والذي نصَّ على نظام جديد للدكتوراه تمنَح بمقتضاه في كليات الآداب والعلوم والقانون والطب ثم ألغت الجامعة كلية اللاهوت سنة 1885.
• إن العبث باللقب العلمي كنايةٌ عن فساد الضمير ودليل على الاستهانة بالقيم وإيعازٌ بالعمل على التخريب فلتكن للألقاب حرمتها ولنسهر نحنُ الباحثين على رعايةِ كرامتها.
• و الخلاصة أن المهمَّ في درسِ منهج البحث أنه يعلمك كيف تبحثُ وكيف تفكِّر.
-3-
الباحث:صفاته، شروطه
n ما هي الصفات التي يجب أن يتميَّز بها الباحث؟
n إذا درسنا باحثاً، معدوداً في أخلاقه وآثاره، رأينا فيه صفات خاصةً: فطريةً ومكتسبةً، خلقيةً ومهنيةً.....
n ووجدنا من هذه الصفات ما يشارك به المختصين الآخرين، في أي حقل من حقول المعرفة، من ذكاء، وعلم، وثقافة عامة، وخاصة، وتجربة، وغير ذلك، ومن إخلاصٍ، وأمانةٍ، وما إلى ذلك...
n ومنها ما يشارك بها غيره، ولكنها تكون لديه ذات دلالة مرتبطة بعمله الخاص...
n ومنها ما يجب أن يتفرّد به بحكم البحث...
ويمكن أن نوجز أهم شروط الباحث وصفاته بما يأتي:
1- الرغبة: شرط للنجاح في كل عمل، وهي شرط في البحث، فإذا فُرضَ البحثُ عليك فرضاً ضقتَ ذرعاً به، وكنت كالمضطهد، ولا يمكن في هذه الحال أن ينجلي ليلك عن نهار، أما إذا كنت راغباً في أن تبحث أنستَ بعملك، ولازمتك خلاله نشوة، فبذلتَ بسبب ذلك الجهد واستهنت بالوقت.
n وتشكل الرغبة حافزاً ودافعاً، وتشدّ الهمة_إذا أمكن القول_ من أجل العمل، ومن لا يمتلك الرغبة في البحث في موضوع من الموضوعات لا يمكن أن يكون باحثاً، فهي شرط أوَّلي فمن أوليات شروط الباحث أن تكون لديه الرغبة في البحث.
2- الصبر: طريق البحـث طويلةٌ وشاقةٌ، ومثل هذه الطريق لا تقطع بالرغبة وحدها...
n فقد تكون الرغبة الظاهرة نزوةً عابرةً، يجهل صاحبها كُنهها، ومن هنا وجـب أن يَصْحَبَ الرغبة الصبر على المكاره، والصمود إزاء المعوقات، والمثبطات...
n والصبر صفة هامة من صفات الناس العظماء عموماً، و صفة أساسية من صفات الباحثين، لأن الباحث قد تعترضه صعوبات وعوائق قد لا يستطيع تذليلها، بل لا يستطيع تذليلها إلا من يصبر عليها ويتحمل.
فإذا كان الباحث صبوراً جدَّد عزمه وبدأ مجدداً وهكذا.
n 3- التَّتَبُّع: التتبع شكلٌ من أشكال المثابرة، وقد وجب الاطلاع على ما قيل وقال، وكُتِبَ ويُكتب، وصدر ويصدر، والارتياح للإقامة في دور الكتب، مراجعاً هذا الكتاب ومتصفِّحاً لذاك، ومقتبساً ملاحظةً من ذلك...
n فيتوجب على الباحث أن يقرأ كل شيء، بما في ذلك المجلات، والدوريات، والفهارس، ويستمتع بما يقرأ، أو يقتبس من معلومات تتصل بموضوعه...
n يجب أن يكون الباحث متتبِّعاً لكل ما يتعلق بالموضوع الذي يبحث عنه، ويجب على الباحث في موضوع ما أن يعرف ما يستجد من أمور تتصل باختصاصه، يجدها ويعرف ما فيها.
4- الحافظة والذاكرة والربط: إن قراءة الكثير لا تعني شيئاً كثيراً، ما لم يبقَ الأساس من المادة في الذهن، ويبقى معه اسم الكتاب، واسم المؤلف، وأمور أخرى تتصل بالأعلام، والأحداث، والسنوات، ونصوص الأقوال...
والحافظة هذه لا تجدي كثيراً ما لم يتذكر الباحث مادتها، في الوقت المناسب، ليستشهد بها، ويستعرضها، ويعود إليها.
n و لا خير يرتجى بأن تذكرها متقطعة، لأن الشرط بالأمر أن يربط الباحث بين الأجزاء المتباعدة، ويصل ما قرأه اليوم بما قرأه أمس، وهكذا يستكمل كثيراً من العناصر.
n يجب أن يمتلك الباحث ثقافة عالية في عقله و ذاكرته، وألاّ يعتمد فقط على الكتب والمكتبات...
n و على الباحث أن يكون قادراً على استرجاع المعلومات من ذاكرته عندما يريد أن يوظفها في بحثه...
n و أن يمتلك القدرة على الربط بين المعلومات، فللذاكرة وظيفتان: "الحفظ والنسيان". والحفظ هو الحفظ الإيجابي الذي يتجلى في استرجاع المعلومات وتوظيفها في البحث والربط بين هذه المعلومات.
5- الشك والتثبُّت: أجل اقرأ كثيراً، واسمع كثيراً، فذلك من واجبك، ولكن لا تقبل كل ما يقدم إليك بيسر، دون نظر، ودون تقليب على الوجوه، بل دون ممانعة وشك في صحة ما تسمع، أو ترى، أو تقرأ...
n ا
،،،،
قصيدة تحية لي من الشاعر الأستاذ عادل ناصيف
تعبّقتْ لغتي والشعرُ فوّارُ
والياسمينُ بماءِ الحرفِ مدرارُ
تدفّقتْ بهوى الأصحاب واندلعت
نار القوافي وماء العين موّارُ
أيترك الدارَ مغرومٌ وما امتلأت
عيناه ممّا حوت في حضنِها الدارُ
يا لَلمقادير ما أقساك من حكمٍ
دامي الأظافر لا تخبو له نارُ
قاضٍ تمرّسَ بالإرهاب ديدنُهُ
أن لا قرارَ. لنا والدهرُ غدّارُ
ما للشآمِ انحنتْ أشجارُ غوطتها
وراحةُ النفس أطيارٌ وأشجارُ
شكوايَ للّهِ ماذا حلَّ في وطني
لا ماءَ فيه ولا ظلٌّ وأنوارُ
الفاسدون وما أدراك ما فعلوا
الناسُ عطشى ونبعُ الماءِ فوّارُ
يا لَلمذلّة ! يا للعار ! في وطني
تحكّمتْ صبيةٌ فيه وتُجّارُ
لم يبقَ غيرك في الميدان مؤتمَنٌ
على الرعيّةِ إلّا أنت بشّارُ
تصبو إليكَ شهور المجدِ يدفعها
إلى التحيِةِ نيسانٌ وآذارُ
أتيتُ جلّقَ والآمال تدفعني
أنّ العراقةَ فينا ليس تنهارُ
وسوريا المجدُ لا تثنيها عاصفةٌ
وأنت ربّانها والشعبُ بحّارُ
نغفو على أملٍ نصحو على وجعٍ
الشمسُ ساطعةٌ والريحُ إعصارُ
لولا الأحبّة لي مدّوا موائدهم
والأصدقاءُ. وأهلُ العلمِ والجارُ
وفتيةٌ توّجوا بالورد قافيتي
وكلّلوها ففاح الوردُ والغارُ
لحاصرتني هنا أشواكُ من عبثوا
بالياسمين ومَنْ ساؤوا ومَنْ جاروا
مني التحيةُ يا جودت ترتّلها ( ١ )
عند الصباح حماماتٌ. وأطيارُ
والياسمين يندّيها ، فتُرسلها
حبّاً إليكَ مع الأنسامِ أقمارُ
أزلتَ من كربتي السوداءِ ما عجزتْ
عن محْوِها سحُبٌ تهمي وأمطارُ
وزدتَني أملاً أصحو على ثقةٍ
أنَّ التراب هنا خصبٌ ومدرارُ
وأنّ في سوريا صحباً ألوذ بهم
وما يزالُ بأرض الدارِ أخيارُ
حُيّيتَ يا كوكبَ الوادي ومنبرهُ ( ٢ )
دُمْ هكذا ( علَماً في رأسه نارُ )
شكراً وشكراً وشكراً لا يعادلها
بوحُ الغصونِ إذا ما حلّ نوّارُ
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
( ١ ) جودت : الدكتور جودت إبراهيم أستاذ
الأدب العربي في جامعة البعث
( ٢ ) الوادي : المقصود :وادي النضارة
طلقات السلام
ترجمها عن اللغة الروسيّة
د.جودت إبراهيم
كان عيد. كان الأب وابنه ينتظران طلقات السلام. الابن يقف على الكرسي، والأب كان بجواره .
- قريباً؟ كان يسأل الصغير باستمرار وينظر من النافذة.
- قريباً، قريباً، أجاب الأب ونظر إلى الساعة:
- بابا، افتح النافذة.
- ليس لازماً، برد.
- وإذا لم نسمع ؟
- لا تقلق ، سنسمع وسنرى.
فجأة سأل الصغير:
- وجدي كان عجوزاً جداً ؟
- لا . كان شاباً ، طويلاً وقوياً
- الأجداد لا يكونون شباباً؟
- يكونون ...
- وكان عنده بندقية ؟
- لا أعرف. على ما يبدو لا.
- كان عنده سلاح . قال الصغير.
- نظر الأب إلى ابنه وسأله :
- أما أنت، فمن أين تعرف، أنه كان عنده سلاح؟
- أعرف. ومن أيضاً كان عنده أسلحة ؟
- لا أذكر جيداً كنت صغيراً مثلك أنت الآن.
- وأين جدي؟
- كان في الحرب، ولم يعد .
- لماذا لم يعد؟ اكتب له رسالة، وعندئذ سيعود .
- الأب لم يرد بشيء.
- أنت لا تعرف عنوانه، أليس كذلك؟ ثانية بدأ يسأل الابن.
- نعم.
- إذن متى نسافر إلى هناك، حيث جدي؟! الأحد!
- إلى هناك لا تذهب القطارات .
- نذهب بالباص، ثم نسير، لنرى الحرب,
- الحرب انتهت منذ زمن بعيد.
- ومتى سيعود جدي؟
- أبداً.
- أبداً – هل هذا وقت طويل؟
- طويل.
- سننتظر حقاً ؟
- افهم ... جدك لن يعود ،جدك استشهد .
- كيف استشهد ؟
- في الحرب .
- منذ زمن بعيد ؟
- نعم، بعيد جداً .
- معناه، قريباً يعود ؟
- لا. لقد مات .
الأب لفترة لم يكن يريد أن يقول هذه الكلمة. ولكن الصغير لم يفهمه، فأخذ يواصل الكلام :
- الجميع عادوا، وجدي سيعود ... ننتظر، حقاً؟
- أنت لم تفهم شيئاً.
- أفهم، أفهم. كانت عنده أسلحة جيدة، وذهب إلى الحرب.
- الآن، سيكون الإطلاق، انظر!
كانت الساعة قد أصبحت التاسعة. بدأ الإطلاق. كان هذا الإطلاق جميلاً جداً.
الصغير كان ينظر باهتمام من النافذة. وفي الشارع كان كثير من المواطنين.
- من يرمي؟ من يطلق النار ؟ سأل الصغير.
- الجنود.
- الذين عادوا.
- طبعاً.
- ولماذا يطلقون النار هكذا بصوت عالٍ ؟
- لأن هذه مدافع .
- وأين هم؟ في الحرب؟
- لا، وراء المدينة.
- أما أنا، فأعتقد أن هذه أصوات المدافع التي في الحرب. بابا، أكنت أنت في الحرب؟
- لا – أجاب الوالد – أنا كنت صغيراً أيضاً، كما أنت الآن.
- لهذا أنت لا تعرف كيف تطلق المدافع في الحرب.
- ممكن.
ولكن الصغير لم يسمع ماذا أجاب والده .
- أنا أعرف، لماذا جدي لم يعد. لأنه (يرمي من المدافع) وهي تطلق طلقات السلام. أليس حقاً هذا ؟
الأب لم يرد بأي شيء، ونظر، ليس إلى طلقات السلام، وإنما إلى ولده. وظنّ أن ولده يرى ما لم يره هو نفسه إطلاقاً: يرى الحرب، الجندي، الجد الذي لم يعد، والآن يرمي من المدافع عندما تطلق طلقات السلام.
_______________________________________
* يورا ياكوفليف.
ترجمة: د.جودت إبراهيم.
* М.М.Нахабина;Р.А.Толсая. А. Б. Русский язык для всех ; книга для чтения ;6-е издание . Москва" Русский язык " 1983.страница 5-8.
-----------------------------------------------------
حفل تأبين الشاعر نجيب سمعان
أقيم اليوم في المركز الثقافي العربي في بلدة المشتاية في منطقة وادي النضارة بمحافظة حمص وبمبادرة من الدكتور جودت إبراهيم عضو المجلس المركزي لاتحاد الكتاب العرب بسورية حفل تأبين الشاعر المرحوم نجيب سمعان الساعة الحاديةعشرة وفق البرنامج الآتي:
* كلمة المركز الثقافي في المشتاية ألقتها الأستاذة مارلين أسعد مديرة المركز الثقافي.
* كلمة آل الفقيد ألقاها الأستاذ مطانيوس مريش.
كلمة مجموعة تاريخ وادي النضارة ألقاها الباحث الأستاذ رجا حولي.
١- الشاعرة فايزة معماري
٢- الشاعر وسيم سلوم
٣- الشاعر سمير سارة
٤- الشاعر عفيف بيطار
٥- الشاعر نادر منجا
٦- الشاعر جرجس حبيب
* فيلم قصير ١٠ دقائق عن المرحوم الشاعر نجيب سمعان.
- * كلمة المهندس الأستاذ نضال حبيب...
٧- الشاعر وائل عثمان
٨- الشاعر عزيز سارة
٩- الشاعر خالد بيطار
١٠-الشاعر حسان بسطاطي
* كلمة د.جودت إبراهيم تحدّث فيها عن مناقبية الشاعر نجيب سمعان ومكانته الشعرية، و قدّم التعازي لآل الفقيد باسم الدكتور محمد الحوراني رئيس المكتب التنفيذي لاتحاد الكتّاب العرب وأعضاء المكتب التنفيذي ومجلس الاتحاد، كما نقل تعازي رئيس وأعضاء مجلس رابطة الخريجين الجامعيين بحمص لآل الفقيد، وقد شكر الدكتور إبراهيم السادة الشعراء المشاركين في التأبين والحاضرين جميعاً، ودعا إلى تكريم الشعراء والمبدعين عموماً وفي منطقة وادي النضارة، وتأبين من يتوفى منهم بما يليق بمكانتهم وإبداعهم، وألقى د.إبراهيم قصيدة نيابة عن الشاعر المغترب الياس سمعان شقيق الشاعر الراحل بناء على رغبته.
وقد قدمت مجموعة تاريخ الوادي مقترحاً بتسمية أحد شوارع بلدة المشتاية باسم الشاعر الراحل نجيب اسمعان قدّم المقترح الأستاذ رجا حولي.
رحم الله أمواتكم جميعاً، وليكن ذكر المرحوم الشاعر نجيب سمعان مؤبداً في ملكوت السماوات.
#جودت_إبراهيم
--------------،،-------------------،،،
د.جودت إبراهيم
سيرة ذاتية وعلمية مختصرة
أستاذ في جامعة البعث- حمص. باختصاص مبادىء النقد ونظرية الأدب.
عضو المجلس المركزي لاتحاد الكتاب العرب بدمشق، 2020- 2025.
عضو هيئة تحرير صحيفة الأسبوع الأدبي التي يصدرها اتحاد الكتاب العرب بسورية.
• (رئيس تحرير مجلة جامعة البعث للعلوم الإنسانية وهي مجلة علمية محكمة – تصدر عن جامعة البعث 14/1/2013 - أيلول 2020)
رئيس جامعة الوادي السورية الألمانية الخاصة وأحد مؤسسيها2005-2007 )
(مدير التدريب والتأهيل في المعهد الوطني للإدارة العامة بدمشق وأحد مؤسسيه2003-2005)
• (رئيس تحرير مجلة جامعة البعث وهي مجلة علمية محكمة – تصدر عن جامعة البعث 1996 – 2002 م.)
• الزوجة: الدكتورة ولادة فوزي نادر، طبيبة اختصاصية في الأمراض الجلدية.
• الأولاد : جود : مهندس مدني . رواء: صيدلانية.
• زار الولايات المتحدة الأمريكية عام 1978 وتردد على جامعة هارفارد ومعهد الدراسات الشرقية.
• زار أمريكا الجنوبية مرتين:الأولى عام 1979 م زار خلالها الأرجنتين والبرازيل والتشيلي، والثانية عام 1984 م فأقام في الأرجنتين وتعلم الأسبانية وزار كثيراً من جامعات الأرجنتين والتقى بأساتذة جامعة بيونس ايرس.
• زار الأردن ولبنان وهولندة والسنغال و ايطاليا
وألمانيا وفرنسا وهنغاريا ومالطا وليبيا وروسيا وجورجيا وأوكرانيا و أرمينيا و أذربيجان وأدجاريا و أسيتيا و كفرديا و بلغارية و تركيا و اليونان و قبرص و الولايات المتحدة الأمريكية والبرازيل و التشيلي و الأرجنتين واليمن.
• باحث زائر في جامعة هارفارد – الولايات الأمريكية من شباط وحتى آب 1995 م، فأجرى بحثاً علمياً لمرحلة ما بعد الدكتوراه بموضوع (وظيفة الأدب في عالم متغير).
• أستاذ زائر في جامعة صنعاء حزيران – أيار 2000 م.
• عضو مجلس رابطة الخرجين و الجامعيين. حمص سورية.
• له ما يزيد عن ٢٥٠ مقالاً أدبياً وفكرياً منشوراً في صحف سورية و عربية و دولية.
• له عدد كبير جداً من المحاضرات و الندوات الأدبية و الفكرية في المنابر و المراكز الثقافية السورية ونشاطات ومؤتمرات اتحاد الكتّاب العرب في مختلف المحافظات السورية.
* مئات اللقاءات الإذاعية والصحفية والمقابلات التلفزيونية: الأرضية والفضائية المحلية والعربية والدولية.
• له عدد من البحوث العلمية المحكمة المنشورة في مجلات محلية و عربية و دولية..
الكتب المنشورة
تأليف منفرد:
1- الأسس النظرية لنقد الشعر العربي في القرن العشرين ( باللغة الروسية): دار نشر جامعة تبسلي جورجيا 1990م.
2- ملامح نظرية نقد الشعر العربي: تنوير للخدمات الطباعية, حمص, سوريا 1994 م.
3- نظرية الأدب و المتغيرات: تنوير للخدمات الطباعية، حمص سورية 1996
4- منهجية البحث والتحقيق: منشورات جامعة البعث، حمص 2008 .
5- محطات في الثقافة العربية: منشورات د.جودت إبراهيم، حمص 2008.
6-SPOTLIGHTS ON MODERN ARABIC CULTURE .HOMS 2008.
7 - أجمل ما في الوجود: مقالات في الحب والشعر والوطن.حمص 2010.
8- رسالة أم: قصص قصيرة مترجمة عن اللغة الروسيّة، حمص 2010.
9- قواعد العربية على مستوى النصّ: نصوص وتطبيقات وقاعدات، حمص 2010.
10-الأدب الشعبي في وادي النضارة: حمص 2010.
- التناص والتلاص في الشعر العربي الحديث والمعاصر. حمص 2015.
كتب بالمشاركة:
11- النقد العربي المعاصر، بالاشتراك مع الدكتور أبولون سيلا غادره، دار نشر جامعة تبيليسي جورجيا 1989 م.
12-مبادئ النقد و نظرية الأدب. بالمشاركة، منشورات جامعة البعث, حمص, سورية 1998 – 1999 م
13-اللغة العربية لغير المختصين, بالمشاركة ، مطبوعات جامعة حلب 2002 م.
14-الصافي في العروض و القوافي, بالمشاركة، مطبوعات جامعة البعث 2002م
تدقيق ومراجعة وتقديم:
15- رماد الورود(قصص قصيرة): وفاء شاهين، مراجعة وتدقيق: د.جودت إبراهيم – منشورات دار المعارف، حمص 2006.
16- كتاب " مفهوم الحداثة الشعرية" د. روعة الفقس، مراجعة وتدقيق: د.جودت إبراهيم – حمص 2008.
17 - كتاب " التناص في الشعر العربي" د. روعة الفقس، مراجعة وتدقيق: د.جودت إبراهيم حمص 2008.
18- ضيعة الشعر الحلو:( زجل) سمير سارة، مراجعة وتدقيق: د.جودت إبراهيم – حمص 2008.
19-حكايات من دفاتر فوزي نادر، فوزي نادر، مراجعة وتدقيق وتقديم: د.جودت إبراهيم – حمص 2010.
20- ومضات خالد بيطار، خالد بيطار، مراجعة
وتدقيق وتقديم: د.جودت إبراهيم – حمص 2010
21- كروم الزجل، آصف شيحة، مراجعة وتدقيق وتقديم: د.جودت إبراهيم – حمص 2010.
22- عيون الودي، د.جبور جبور، مراجعة وتدقيق وتقديم: د.جودت إبراهيم –حمص 2010.
23- مشتى عازار: دراسة تاريخية اقتصادية ثقافية...عقل الأحمر، مراجعة وتدقيق وتقديم: د.جودت إبراهيم – حمص 2010.
24- الحواش، القلعة والوادي: دراسة تاريخية اقتصادية ثقافية...الصيدلي يوسف الشامي، مراجعة وتدقيق وتقديم: د.جودت إبراهيم – حمص 2010.
25- أنوار الزجل: أنور فياض، مراجعة وتدقيق وتقديم: د.جودت إبراهيم – حمص 2011.
26- الحواش، القلعة والوادي: دراسة تاريخية اقتصادية ثقافية طبعة منقحة ومزيدة، الصيدلي يوسف الشامي، مراجعة وتدقيق وتقديم: د.جودت إبراهيم – حمص 2011.
27- عبق الياسمين، ديوان شعر، عادل ناصيف، تقديم ومراجعة د.جودت إبراهيم. دمشق 2021.
الإشراف على رسائل الماجستير و الدكتوراه:
*أشرف الدكتور جودت إبراهيم و يشرف على عدد كبير من رسائل الماجستير و الدكتوراه في جامعة
البعث، و ناقش عدداً كبيراً من الرسائل في جامعات القطر العربي السوري.
العنوان: حمص، جامعة البعث.
00963-94-4434550
00963-935-619725
__________________________
هكذا علمتني الحياة
الدكتور جودت ابراهيم
1. هكذا بدأت حياتي
ولدت طفلاً كما يولد جميع الناس في مكان لا يختارونه ، في قرية صغيرة بين جبلين وهضبة فَتَحتْ في خاضرتها ثغرة تُطل على جبال عكّار في لبنان ، كان الثلج يكلّل رؤوس تلك الجبال حتى أواخر أيام الصيف ، وكانت أرضنا المزروعة بالكروم موزعة بين تلك الجبال ، تأخذك مرّة إلى جبال عكار ، ومرّة أخرى إلى بحيرة قطينة وسهول حمص ، ومرّة ثالثة إلى قلعة الحصن ووادي النضارة ، ورابعة إلى شواطىء طرطوس وطرابلس ، وغيرها إلى روابي ضهر القصير الذي يحتضن في خاصرته اليمنى قريتي " بحوّر ".
نشأت وترعرعت في هذه القرية الصغيرة التي ظلت إلى أن أصبحت فتى خالية تقريباً من الطرقات إلا تلك التي تستخدمها الحيوانات والمواشي بصعوبة بالغة ، وكنت وقتها أظن أن هذه هي الدنيا . نذهب إلى المدرسة الابتدائية ، ثم إلى البراري ، ثم نساعد أهلنا في العمل في الأرض ، ونستمع ليلاً إلى حكايات جدّي ، الذي روى لنا غير مرّة كيف تمكن من الهرب مع مجموعة من الشباب من الأسطبل الذي حشرهم فيه " الجندرما " مرّات عديدة في منزول الشيخ ديوب عاصي الديوب ليقتادوهم في اليوم التالي بعد ليلة سكر وخمر إلى حيث لا يعودون إلى أهلهم البتّة ، فقد أخذوا والد جدي وتركوا امرأته وأطفاله وأكبرهم جدي الذي لم يتجاوز الرابعة عشرة قبل بداية " سفر برلك " الحرب العالمية الأولى ولم يعد . فحرّض جدي رفاقه على كسر القفل الخشبي للباب ، وهربوا في ليلة من ليالي شباط الباردة ، وتوجهوا كل ٌّ إلى حيث يستطيع أن يجد ملجأ له ... وكان بين هؤلاء رجل من قرية بحور رافقه جدي لكي لا يذهب وحده في ليلة باردة مظلمة يجتاز خلالها ضهر القصير الذي كثرت فيه الضباع والذئاب والوحوش وقطاع الطرق . ثم بقي جدي في هذه القرية وتزوج منها ، وصار معلماً ثم كاهناً ، وأقام فيها " .
علمتني تجربة جدي وحياتي في قريتي الصغيرة هذه كيف يجب أن يكون الإنسان عِصامياً يعتمد على ذاته ، وهكذا بدأت حياتي .
2. وســام الأسـرة
كان جدي في البداية معلماً ،ثم صار والدي معلماً ، طبعاً وفق أنظمة التعليم في النصف الأول من القرن العشرين في القرى السورية . فأخذ والدي يعلمنا في البيت أصول الكتابة والقراءة قبل أن ندخل رسمياً إلى المدرسة ، ثم انتقلت في الثالثة عشرة من عمري إلى بلدة مجاورة هي " شـين " درست فيها المرحلة الإعدادية ، كنا نمشي مرّة – عشر كيلو مترات – ونركب في بوسطة مرّة ، وعلى ظهر البوسطة مرّة ثالثة ، أو في مقطورة تراكتور مرة رابعة وهكذا.... ، هل يمكن أن نتخيل الآن طفلاً أو طفلين في الثالثة عشرة من العمر يسيرون على الأقدام في أيام الثلج والمطر والضباب بين جبال وعرة نائية لابشر فيها ولا حياة إلا بعض الحيوانات التي ترعب الكبار فكيف الصغار .... وكم من مرّة رأيت القط فظننته ثعلباً ، والثعلب فظننته ذئباً .... وكم من مرّة تعرضت لخطر الموت على الطريق ، وكم من مرّة أساء إلينا بعض الوضيعين باعتبارنا غرباء .... ولا أنسى ما حييت صفعة قوية من موجّه أو أمين سرّ في المدرسة على وجهي لأنه طالبني عدّة مرات برسوم النشاط المدرسي والتعاون .... ولم أكن أتمكن من تسديدها ، فنحن عشرة أخوة وأخوات والكل يتعلمون ، ولا يوجد راتب في البيت . وكنت أحتج دائماً " بوسام الأسرة من الدرجة الأولى " الذي منحته الدولة لوالدي باعتباره أنجب عشرة أولاد ، فهذه أسرة تتألف من اثني عشر فرداً تستحق ذلك الوسام . ثم حصلت على الشهادة الإعدادية .
أصبح أخواي الأكبران معلمين ، فانتقلت أنا وبعض أخواتي الأصغر مني سناً إلى مدارس مدينة حمص ، وهناك كنت أتعلم شتاءً وأعمل صيفاً ، حيث يتاح لي العمل ، أي ّ عمل فحصلت على الثانوية، وانتسبت إلى جامعة دمشق ، وعملت في الوقت ذاته معلماً وكيلاً ، ثم موظفاً في مطار دمشق الدولي ، فانفتحت أمامي الآفاق وزرت عدداً من بلدان العالم ، وتخرجت في جامعة دمشق ، ثم انتسبت إلى الدراسات العليا ، ثم عيّنت معيداً في جامعة البعث ، ثم أوفدت للحصول على درجة الدكتوراه فحصلت عليها من جامعة تبيليسي الحكومية في جمهورية جورجيا السوفيتية ، وأصبحت عضواً في الهيئة التدريسية في جامعة البعث ، وكان اثنان من أخوتي قد أصبحا ضابطين في الجيش ، وواحد أصبح دبلوماسياً ، والسابع صار مهندساً ، وكان كل واحد من أفراد أسرتي يقدّم مالديه لأخوته ليتابعوا طريقهم ولأهله ليساعدهم في تكاليف الحياة . فتعلمت من الحياة أنّ الأسرة وسام ٌ فعلاً ، وسام للمحبة والتعاون .
3 . أجمل ما في الوجود
فتزوجت وأسست أسرة تشكل في ناظري أجمل ما في الوجود ، بيتي يذكرّني بقصة ذلك الفنان الرّسام الذي قضى بضع سنوات من حياته يسجل بريشته الجمال حيث كان ، ولكنّه لم يقتنع بما أبدعته ريشته من لوحات فراح يبحث عن أجمل شيء في الوجود ليرسمه ، وهو في الطريق وجد رجلاً من رجال الدين فحيّاه وسأله عن أجمل شيء في الوجود فقال : " الإيمان يا سيدي أجمل شيء في الوجود فإنّك تجد ما يغنيك في أي بيت من بيوت العبادة ينتمي لأية عقيدة من العقائد " وراح الفنان يواصل البحث فوجد عروسين حديثي العهد بالزواج ، فتقدّم منهما ووجه إليهما السؤال نفسه ، فقالا : " الحبُّ ،يا سيدي أجمل ما في الوجود ، فإنّ الحبّ يحيل الفقر ثروة ، والظلمة نوراً ، والدموع فرحاً لا طعم للحياة بدونه ولا جمال إلا به ..." . وتابع الرّسام البحث عن غايته إلى أن وصل إلى شاطىء بحر ، وهناك عند الشاطىء وجد جندياً يجلس على شاطىء البحر ساهماً فاقترب منه وحيّاه وأخذ يحدثه ، وعندما فهم الجندي أمنيتَه قال : " السلام يا سيدي أجمل ما في الوجود ، والحرب أقبح شيء فيه ، وحيث يوجد السلام يوجد الجمال بأعلى مراتبه وأرفع درجاته ..." فأطرق الفنان وهو يتمتم : " الإيمان والحب والسلام " ترى كيف أصوّرها ؟!
وعاد الفنّان إلى البيت وهو مكدود الذهن من التفكير ، ولكنّه ما إنْ دَخَلَ عتبةَ بيته حتى وجد بغيته ، ففي عيون أطفاله رأى الإيمان مجسماً ، وفي بسمة زوجته رأى الحبّ ناطقاً ، وفي أرجاء البيت كان السلام الذي حدّثه عنه الجندي ..... فرسم صورة أجمل شيء في الوجود وعندما فرغ منها سمّاها " البيت " .
4 . أنـــا والآخـــر
لم يكن حصولي على درجة الدكتوراه ، ولا على عضوية هيئة التدريس في الجامعات ، ولا على مرتبة الأستاذية هدفاً نهائياً ، بل كان كل ذلك نقطة انطلاق جديدة لي ، فرحت أبحث وأنقبّ وأكتب وأألف ،وأدرّس ، وأمارس العمل العلمي الإداري ، وأشرفت وأشرف على رسائل الطلاب الباحثين ن في الدراسات العليا ، الراغبين في الحصول على درجتي الماجستير والدكتوراه ، كنت خلال تجربتي هذه أباً لكل طالب و طالبة وأخاً لكل زميل ، وصديقاً لكل عامل وعاملة ، أحترم القوانين والأنظمة ، وأسعى جاهداً إلى حلِّ مشكلات الآخرين ، أحترم الآخر رئيساً ومرؤوساً ، أعرف حدودي ، لاأنحني لأحد ، لست قاسياً ، ولكنني لست ليناً ، أتسامح في كثير من الأحيان ، أستمع أكثر مما أتكلم ، وعندما أتكلّم أقول في داخلي : " لعلَّ أحداً بين مستمعي يعرف بهذا الأمر أكثر منّي " فلا أتبجّح ولا أدعي ، وأبحث عن الحقيقة مع الآخرين ، مؤمناً بمقولة ڤولتير الشهيرة :
" قد أختلف معك في الرأي ... لكنني على استعداد لئن أدفع حياتي ثمناً لحقك في الدفاع عن رأيك ... "
5 . العلم والعمل
نمرّ نحن والعالم في مرحلة متغيرات ، ويعيش الناس والدول في حالة سباق والسؤال الكبير الذي يواجهنا في كل صباح : أين نحن ممّا يجري ؟ أين نحن أفراداً ومؤسسات ؟ كيف نبني بيتنا الكبير " الوطن " ؟! الذات تطغى على كل شيء والفساد يملأ الدنيا .... لمن نترك هذا البناء ؟ لماذا نلقي بأحمالنا على أكتاف الآخرين ؟ لماذا نتجاهل أدوارنا ؟
مطلوب من كل واحد منا أن يعمل وكأنّه يبني وحده هذا البيت ، وأنّ هذا البيت له وحده، نعمل بصمت وبصبر، نعمل ليلَ نهار ، فالعمل هو جوهر الحياة ، نحب بعضنا بعضاً ، ولا يخوّن أحدنا الآخر ، ولا يلغيه ، ولا يكفّره ، نؤمن بالعلم ، فبالعلم والعمل تبنى الحضارات . لنكن أحراراً كما ولدتنا أمهاتنا ، وسادة كما كان أجدادنا ، وأطفالاً في سلوكنا ، ورُسلاً كما كان أنبياؤنا، نحمل رسالة إلى العالم ، رسالة المحبة والخير والسلام.
#جودت_إبراهيم
________________________________
أنشطة د. جودت إبراهيم
خارج الجامعة 2020/ 2022
· نشاطات عامة:
1. تم انتخابي عضواً في المجلس المركزي لاتحاد الكتاب العرب في المؤتمر العام العاشر للاتحاد 18 ك 2/ 2021
2. تمت تسميتي عضواً في هيئة تحرير مجلة الفكر السياسي بقرار من المكتب التنفيذي لاتحاد الكتاب العرب شباط 2021
3. تمت تسميتي عضواً في هيئة تحرير صحيفة الأسبوع الأدبي بقرار من المكتب التنفيذي لاتحاد الكتاب العرب نيسان 2022
4. عضو منتخب في مجلس إدارة رابطة الخريجين الجامعيين بحمص لعدة دورات متتالية.
5. تم تكريمي من قبل وزارة الثقافة نظير جهودي المبذولة في مهرجان الوزارة ل عام2020
6. عضو مؤسس وفاعل في مجموعة تاريخ وادي النضارة.
· محاضرات وندوات وأمسيات:
1. محاضرة بعنوان علمية الأدب ونظريته – فرع حمص لاتحاد الكتاب العرب 29/6/2021
2. المشاركة في ندوة أدبية وإدارتها – رابطة الخريجين الجامعيين عن شعراء حمص (عبد الباسط الصوفي، ووصفي قرنفلي، وعبد السلام عيون السود) 2 ت2 2020
3. محاضرة بعنوان الأدب الشعبي في وادي النضارة – المركز الثقافي في الناصرة،20/5/2020
4. محاضرة بعنوان الباحث الأدبي... من هو؟ - رابطة الخريجين الجامعيين- 28 شباط 2022
5. المشاركة ببحث حول شعر الشاعر نجيب سمعان في حفل تأبينه في المركز الثقافي في المشتاية 20/3/2022
6. المشاركة في أمسية شعرية مع الشاعر عادل ناصيف وإدارتها – رابطة الخريجين الجامعيين- 4 / آب 2021
7. المشاركة في أمسية شعرية مع الشاعر عادل ناصيف وإدارتها – المركز الثقافي في القبو- 6/ آب 2021
8. المشاركة في أمسية شعرية مع الشاعر عادل ناصيف وإدارتها – المركز الثقافي في مرمريتا 16 / آب 2021
9. أمسية قصصية بعنوان رسالة أم وقصص أخرى- اتحاد الكتاب العرب بحمص- أيار 2021
10. المشاركة في ندوة وإدارتها بعنوان وادي النضارة- تاريخ وحضارة – المركز الثقافي في مشتى الحلو- 17 / ك 1 2021
11. أكثر من عشرين جولة بحثية برفقة مجموعة من الباحثين المعروفين أعضاء مجموعة تاريخ وادي النضارة إلى بعض المواقع الأثرية والتاريخية في منطقة الوادي ضمن إطار العمل في موسوعة تاريخ الوادي 2020 / 2022
12. محاضرة بعنوان وظيفة الأدب في عالم متغير- فرع حمص لاتحاد الكتاب العرب - 20 ت2 2021
· مؤتمرات ونشر وتأليف:
1. مراجعة وتقديم "ديوان عبق الياسمين" للشاعر المغترب عادل ناصيف، صدر في دمشق أيلول 2021.
2. مراجعة وتقديم "ديوان حييّ على الشعر" للشاعر سليمان الحسن، صدر في دمشق تشرين الأول 2021.
3. تقييم أعمال أدبية عديدة مقدّمة للنشر (روايات ودواوين وقصص وغيرها) ضمن لجان الموافقة على الانتساب إلى الاتحاد.
4. تقييم أعمال أدبية عديدة مقدّمة للنشر في دوريات اتحاد الكتاب العرب جميعاً.
5. صاحب زاوية صحفية أسبوعية في جريدة حمص التي تصدر منذ عام 1909م بعنوان فكر وثقافة... وماذا بعد؟
6. نشرت دراسة بعنوان قصيدة فلسطين للشاعرة خوانا ديب، وهي شاعرة أرجنتينية من أصل سوري، مجلة أفكار اغترابيه، ضمن مشروع النهضة الاغترابية الثانية، تصدر من سيدني أستراليا، 4 / 2 / 2022
7. نشرت دراسة بعنوان عادل ناصيف شاعر فذّ من شعراء النهضة الاغترابية الثانية، مجلة أفكار اغترابيه، ضمن مشروع النهضة الاغترابية الثانية، تصدر من سيدني أستراليا، 5 / 2 / 2022
8. نشرت دراسة بعنوان البناء الأسطوري عند أدباء الرابطة القلمية لطالب الماجستير يوسف حداد بإشرافي، ضمن أعمال المؤتمر الدول الذي انعقد في سيدني – استراليا افتراضياً، ضمن مشروع النهضة الاغترابية الثانية، ك 2/ 2022
9. نشرت دراسة بعنوان في وجه مارتين فييرّو (الشاعر الأرجنتيني الكبير رمز البطولة الأرجنتينية) أرى وجه الفارس العربي. الأسبوع الأدبي 2022
10. نشرت قصة ترجمتها عن اللغة الروسية بعنوان "ذاكرة وحش" في مجلة الآداب العالمية، صيف 2020
11. نشرت دراسة بعنوان عبق الياسمين. الأسبوع الأدبي 19/9/ 2021.
12. بدأت العمل في مشروع "معجم شعراء حمص" الذي أعلنت عنه أثناء محاضرة في رابطة الخريجين الجامعيين عن شعراء حمص، 2 تشرين الثاني 2020
13. نشرت بحثاً بعنوان " شعر الحرب والمقاومة..." الموقف الأدبي نيسان 2022.
· لقاءات تلفزيونية:
1. مقابلة وحوار أجراه معي الإعلامي خالد الطالب في تلفزيون زنوبيا حول اللغة العربية والإعلام، صيف 2020.
2. مقابلة وحوار أجرته معي الإعلامية ميساء يونس في تلفزيون سوريانا حول العلاقة بين المغتربين والوطن في هذه المرحلة، 13 /1 / 2022.
3. مقابلة وحوار أجرته معي الإعلامية ميساء يونس في تلفزيون سوريانا حول الشعر في بلاد الاغتراب، 16 /1 / 2022.
· نشاطات أخرى:
1. المشاركة في أعمال المؤتمر العام السنوي وأعمال المجلس المركز لاتحاد الكتاب العرب بدمشق، يومي 21و22 /2/ 2022.
2. قمت بمجموعة زيارات ودية للمراكز الثقافية في وادي النضارة: مركز الحواش، ومركز الناصرة، ومركز المشتاية، ومكز الحصن وقدّمت مجموعة من الكتب المتنوعة هديّة لهذه المراكز خلال شهري ك 1 وك 2 2021.
· كتبَ عن مؤلفاتي المختلفة التي تزيد على أربعين كتاباً بين تأليف منفرد وبالمشاركة أو بالمراجعة والتقديم:
1. الشاعر الأستاذ توفيق أحمد الإعلامي المعروف/ نائب رئيس اتحاد الكتاب العرب رئيس تحرير صحيفة الأسبوع الأدبي، خصّني بدراسة معمقة نشرها في الأسبوع الأدبي خريف 2021.
2. كتب الأستاذ الدكتور حامد فرزت، الأستاذ في قسم اللغة الفرنسية بجامعة دمشق، دراسة نقدية حول كتابي "رسالة أم" - وهو مجموعة قصص اخترتها وترجمتها عن اللغة الروسية- بعنوان الصديق والرفيقة، ونشرها في صحيفة الأسبوع الادبي 23 شباط 2022م.
3. كتب الدكتور رودان المرعي الأستاذ في جامعة الفرات بدير الزور دراسة معمقة في تجربتي النقدية بعنوان " قراءة في بعض مؤلفات د. جودت إبراهيم" ونشرها في الأسبوع الأدبي 4/4/2021م.
4. نشرت "صحيفة السوري اللبناني" التي تصدر باللغة الاسبانية في بوينس آيرس الأرجنتين دراسة مستفيضة حول أعمالي الأدبية والنقدية وسيرتي الذاتية مركزة على كتابي الأدب الشعبي في وادي النضارة الخميس 13 / أيار /2021م.
5. كتب الإعلامي الأديب عبد الحكيم مرزوق دراستين خلال هذه الفترة عن نشاطاتي الأدبية:
أ- الأولى غطّى فيها محاضرتي التي ألقيتها في المركز الثقافي في الناصرة بعنوان الأدب الشعبي في وادي النضارة، ونشرها في الأسبوع الأدبي 21/6/2021م.
ب- الثانية تحدّث فيها عن محاضرتي التي ألقيتها في رابطة الخريجين الجامعيين بعنوان "الباحث الأدبي ... مَن هو؟ " ونشرها في صحيفة العروبة بتاريخ 6/3/2022م.
6. كتبت الباحثة نها أركي بحثاً مطولاً عن كتبي ومؤلفاتي بعنوان " نحو نظرية في الأدب والنقد في سورية" ونشرته في مجلة الموقف الأدبي – نيسان 2022م.
حمص 16/ 4/ 2022 أ. د. جودت إبراهيم
____________________________
جائزة الأديب د. جميل الدويهي "أفكار اغترابيّة" للأدب الراقي للعام 2022 تمنح للأستاذ الدكتور جودت إبراهيم....
بناء على قرار لجنة "أفكار اغترابية" للأدب الراقي، تمنح جائزة الأديب د. جميل الدويهي "أفكار اغترابيّة" للعام 2022 إلى عشرة (10) مبدعين وأكاديميّين ستنشر أسماؤهم تباعاً في الأيّام المقبلة.
كلّما تواصلت مع أصدقاء وراء البحار، قالوا لي إنّه وجه ثقافيّ من طليعة المثقفين الأكاديميين الكبار. فأفرح بتلك الشهادات عنه، وهو ليس بحاجة إليها، بل يعطيها.
أستاذ جامعيّ ألمعيّ، ومساهم في حركة ثقافية، نقرأ منها الكثير ونتعلّم. وكلّ يوم تشرق من صوبه، أنوار ولآلئ. وكم نحن فخورون بأنّنا نواكب هذه القامة الرفيعة، ونعيش في أيّامها.
أطال الله في عمرك د. جودت ابراهيم، ونحن نكبر بتكريمك، من قبل أفكار اغترابية، من أستراليا إلى العالم، وإليك. ألف مبارك وإلى اللقاء.
_____
غداً اسم آخر من كواكب الوطن المضيئة.
ملاحظة 1: بعد أن تأجّلت مرّتين إقامة المهرجان الخامس للأدب الراقي في سيدني، حيث كان مقرراً تقديم جائزة الأديب د. جميل الدويهي للعام 2021، لنخبة من الأكاديميين والمبدعين، نأمل أن نتمكن من إقامة المهرجان في شهر حزيران المقبل، على أن تمنح الجائزة للعام 2021- و2022 في حفل واحد.
ملاحظة 2- صورة الميدالية المرفقة من العام 2019، باعتبار أنّ الميداليات للعام الجاري لم تنجز بعد.
مشروع الأديب د. جميل الدويهي "أفكار اغترابية" للأدب الراقي
النهضة الاغترابية الثانية - تعدّد الأنواع
سيدني 2022.
_______________________________
* الأدب الشعبي في وادي النضارة
د.جودت إبراهيم
إنّ المنطقة المدروسة (وادي النصارى) فقد حُدّدت رسميّا بالقرى والبلدات التابعة لناحيتي الناصرة والحواش إدارياً. أما من جهتي فهذا التحديد مجرّد تقسيم إداري، فأنا مثلاً من قرية (بحّور) وهي يوم أنا ولدت كانت تابعة لناحية (الخريبة) الناصرة حالياً، وهي الآن تتبع لناحية شين، وهذا ينطبق على مقلس وعيون الوادي والجويخات وغيرها. وهناك قرى من وادي النضارة تاريخياً تتبع الآن لنواحي أخرى في محافظتي حمص وطرطوس. وبما أنّ الحياة الاجتماعية والأدبية والثقافية والروحية للمنطقة واحدة لا يمكن تجزئتها فلذلك لم ألتزم بدقّة فائقة بالتقسيم الإداري المشار إليه، وتعاملت في هذا البحث مع مصطلح (وادي النضارة ـ وادي النصارى- وادي الحصن، وادي راويل وربما وادي الدير) كما هو معروف تاريخياً، ولا أستطيع تقطيع أوصاله جغرافياً ولا ثقافياً، بل لا يمكن ذلك حتى وإن أراد أحد ذلك.
وبما أنّ أبرز وجوه الأدب الشعبي هو الزجل فقد تحدّثت عنه من حيث تعريفه، وماهيته، ونشأته وعلاقته بالأغنية الشعبية، واخترت نماذج منه، واستشهدت بكثير منها، وأبرزت مشاركة الزجل في أغلب الموضوعات الشعرية.
وكان لشعراء وادي النصارى دورٌ بارز بين هؤلاء الشعراء لا يمكن الاستهانة به نظراً لما قدّموه في هذا المجال على المستويين الفردي والعام.
للأدب الشعبي في جميع أشكاله (الزجل بأنواعه والقصص والحكايات والعتابا والميجانا وغيرها) دور بارز في ثقافة منطقة وادي النصارى، كما في ثقافة الشعب السوري عموماً، فالأدب هو صورة الشعب، وهو ذاكرته، وهو ثقافته، وكلّنا يتذكّر تلك الحكايات الشعبية التي كنّا نستمع إليها في سهراتنا، في قرانا كلَّ ليلة، ففي كل ليلة حكاية جديدة يستمع إليها أهالي القرية أو بعضهم.
ونحن في وادي النصارى لا نزال نتذكّر المناسبات والأفراح والأعراس التي كانت مكاناً مناسباً للاستماع إلى أزجال وقرّادي ومعنّى وعتابا وميجنا شعراء وقوّالي المنطقة، إذ كان هؤلاء يؤلفون الأشعار الشعبية وأبيات العتابا والميجنا وربّما يحفظونها عمّن سبقوهم من الأجداد, ويأتون ليتباروا بها في هذه المناسبات، ويجتمع الناس حولهم مشجّعين هذا ومصفقين لذاك, وتشتعل المعارك الشعرية ويأخذ هذا موضوعاً, ويأخذ الآخر موضوعاً مناقضاً, وتبدأ المبارزة ـ المحاورة ـ وتدوم هذه الحال أحياناً عدّة أيام وخاصة بمناسبات الأعراس التي كانت الاحتفالات بها تستمر أحياناً أسبوعاً كاملاً, وكلُّ واحدٍ من هؤلاء الشعراء إذا كان مدعوّاً لهذه المناسبة أو تلك يريد أن يُظهر إمكانياته في قول الشعر والعتابا والميجنا وتجويد الغناء به, خاصّة إذا كان غيره من الشعراء مدعوّاً أيضاً, وغالباً ما كان هذا يحصل.
وكان هؤلاء الشعراء ينتقلون من قرية لأخرى، ومن عرس لآخر، ومن خطبة لخطبة، ومن حفلة عماد إلى وداع مهاجر إلى استقبال مغترب، ومن عيد الميلاد إلى عيد رأس السنة الميلادية، إلى عيد الفصح إلى عيد السيدة حيث تقام الاحتفالات وتغنّى الأشعار الشعبية بكلّ أنواعها ويتبارى هؤلاء بالعتابا وتثليثها وبالميجنا وفنونها. والأمر الذي كان يغذّي هذه المناسبات حماس الناس لحضورها والمشاركة فيها بفاعلية عالية، فالكلُّ مدّعون سلفاً فلا توجد بطاقات دعوة شخصيّة، كما هي عليه الحال في أيامنا، فالعرس عرس الجميع، والحفلة لكلِّ الناس، والعيد لأهل القرية وغيرها من القرى والمناطق، والأفراح تعمُّ الجميع.
وكان لشعراء وادي النصارى دورٌ بارز بين هؤلاء الشعراء لا يمكن الاستهانة به نظراً لما قدّموه في هذا المجال على المستويين الفردي والعام...
ومن أشهر شعراء العتابا وقواليها في وادي النصارى خلا تلك الفترة: شاكر سليمان, وسليم المتري، وتوفيق حنا سمعان، وجرجس الياس إبراهيم، وإبراهيم سليمان سويد، وإبراهيم الياس الكنّي، والسكران (جرجس كحيلا), وسمعان سمعان, ووجيه عساف, وفريد كاسر سليم أبو نجيب, وفوزي نادر أبو خالد, ونسيم لويسة، ونسيم حبيب داوود, ومطانيوس خليل حنا, وجرجس مطانيوس حنّا, وسليم جرجس (الداوالي أبو أديب) وشقيقه الياس جرجس (الدوالي أبو نعمة) ونسيم النبع, وبدر عبّود، وإبراهيم عبود, وغسان ديوب أبو شوقي, وميخائيل أسد, ورياض هزيم, وسعيد هزيم, ونجيب مريم, وإبراهيم بيطار، وصقر سليم صقر الذي طالما تحدّيته وتحدّاني في تثليث أبيات العتابا بينما كنّا لا نزال فتياناً نجوب البراري والوديان والجبال في قريتنا بحّور. باختصار العتابا هي الأدب الشعبي العامي الأكثر حضوراً على الإطلاق في ثقافة أبناء وادي النصارى.
وكان قد برز في هذا النوع من الشعر اللبنانيون ومنهم: يونس الابن ومارون كرم الذي غنّى له بعض أشعاره وديع الصافي والرحابنة ومنها: (شو صار مدري بحالها شو صار) و(وبيعملوا جلسات أهل الحي) و(غايبي وبالفكر موجودي) و(اندق باب البيت عالسكيّت) وغيرها كثير.
ومن أمثلته ما قلته عام /1974/:
هيدي الصبيّة البعد متلا ما شفت
حلوة وجميلة وبعد متلا ما عرفت
عم تمرق بشارعنا
و عالمدرسة تسابقنا
منحكي بتسمعنا
منلطّشا كلمات
عيونك سماويات
هجرك بيتعبنا
ومن بعد تخليقات منقلاّ:
لا تمرقي بشارعنا
***
وبقيت الحقها سني
لحقات عهد الولدني
تحدّثنا كلمات
بنص الدرب بتسبني
وعن دربها بتردني
وبتقول: ما بتحبني
بتحب واحد مات.
د.جودت إبراهيم
#جودت_إبراهيم_وادي_النضارة_حمص_سورية
≈===========================
تعريف الشعر العربي د.جودت ابراهيم Google
تعريفي الشعر العربي باللغة الإسبانية
Nueva Definición de poesía árabe:
“Es un texto creativo, realizado por una persona, utilizando la lengua árabe con todos sus componentes, expresivos, pictóricos y estéticos, y la música de la poesía árabe y sus configuraciones, transmitiendo en él sus emociones, sentimientos y pasiones, para manifestar un estado emocional que lo inquietaba en un momento determinado, suscitando así en nosotros asombro y admiración, y generando en el receptor sentimientos, emociones y afectos equivalentes o que se aproximan a aquellos que generaron ese texto en el interior de ese creativo - el poeta...”
18 de octubre de 2022 d.C.
Dr. Jawdat Ibrahim. Profesor de Principios de la Crítica y Teoría Literaria - Departamento de Lengua Árabe y sus Literaturas, Universidad Al-Baath, Homs, Siria.
Celular 00963944434550
00963935619725
Jawdatibrahim955@gmail.con
Drjawdat@yahoo com
تعريفي للشعر العربي باللغة الفرنسية
Une nouvelle définition de la poésie
arabe: écrite par le Professeur Jawdat IBRAHIM
C'est un texte créatif réalisé par un être humain utilisant la langue arabe avec toutes ses composantes: expressives, imagés et esthétiques, les rythmes de la poésie arabe et sa versification, en y diffusant ses émotions, sensations et sentiments, pour exprimer un état émotionnel qui l'a affligé à un certain moment, évoquant ainsi en nous étonnement et admiration et générant chez le destinataire des sentiments, sensations et émotions égaux ou proches de ceux qui ont généré ce texte à l'intérieur de ce créateur-le poète.
18 octobre 2022
Dr Jawdat IBRAHIM
Professeur de critique et de théorie littéraire
Département d'arabe
Université Al-Baath, Homs, Syrie
تعريف جديد للشعر العربي....
بقلم أ.د.جودت إبراهيم
أثناء عرض بحثي يوم أمس ١٧ تشرين الثاني ٢٠٢٢ في المدرج الجديد في كلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة دمشق ضمن أعمال مؤتمر " التحديث والتجديد في التراث العربي " والذي يحمل عنوان: ( التحديث والتجديد في نظرية الشعر العربي في النقد العربي القديم ) الذي استعرضت فيه بعض مظاهر التحديث والتجديد عند النقّاد العرب القدماء طالب بعض الحضور ومنهم الأستاذ الدكتور فؤاد عويلة عميد معهد التراث العلمي العربي في جامعة حلب أن أخلُصَ أنا إلى تحديد مفهوم الشعر العربي من وجهة نظري، بعد أن كان هناك وجهات نظر مختلفة في المؤتمر حول مفهوم الشعر العربي وتحديده وتعريفه:
وبعد كل ذلك أقدم تعريفاً جديداً للشعر العربي مستنداً إلى إرث نقدي وشعري عربيّ وعالمي، آملاً أن ينال هذا التعريف قبولاً في أوساط الزملاء الكرام الأكاديميين والباحثين والنقّاد في الجامعات العربية والوطن العربي، والله وليّ التوفيق:
تعريف الشعر العربي:
هو نصٌّ إبداعيٌّ يقوم به إنسانٌ مُستخدماً اللغة العربية بكلّ مكوّناتها: التعبيريّة والتصويريّة والجمالية، وموسيقا الشعر العربي وعروضه، باثّاً فيه عواطفَه وأحاسيسَه وشعورَه، ليعبّر عن حالةٍ وجدانيّةٍ انتابَتهُ في لحظة ما، فيثير فينا الدهشةَ والإعجاب، ويولّدُ في المتلقّي مشاعرَ وأحاسيسَ وعواطفَ تعادلُ أو تقتربُ من تلكَ التي ولّدتْ ذلك النصَّ في داخل ذلك المبدع - الشاعر...
١٨/ تشرين الأول/ ٢٠٢٢م
د.جودت إبراهيم. أستاذ مبادىء النقد ونظرية الأدب- قسم اللغة العربية وآدابها بجامعة البعث بحمص سورية.
محمول: 00963944434550
00963935619725
email Jawdatibrahim955@gmail.com
drjawdat@yahoo.com
#جودت_إبراهيم_حمص_سورية