حديث شاذ
الحديث الشاذ هو الحديث الذي ينفرد بروايته راو ثقة فيخالف به ما روى الناس ممن هو أوثق منه، والحديث الشاذ يُتوقف فيه ولا يُحتج به، [1] بعبارة أخرى فإذا انفرد الراوي بشيء وخالف رواية من هو أحفظ منه وأضبط، كان ما تفرد به شاذا مردودا،[2] وقد يقع الشذوذ في السند أو في المتن،[3] والشاذ في اللغة: المنفرد، الخارج عن الجماعة، ما خالف القاعدة أو القياس،[4] وهو مأخوذ من شذّ يشُذ ويشِذ أي انفرد عن الجمهور،[2]
شروطه
عدليُشترط للحكم في الحديث بأنه شاذ أن:
- يتفرد به الراوي الثقة
- يخالف به رواية من هو أوثق منه (وتُسمى رواية من هو أوثق منه الحديث المحفوظ)
والحديث الشاذ يختلف عن الحديث المنكر في أن الحديث الشاذ يرويه راو ثقة مخالفا به ما رواه من هو أوثق منه، فكل من المنكر والشاذ يشتركان في المخالفة، ويفترقان في أن راوي الحديث الشاذ ثقة مقبول، أما راوي الحديث المنكر فضعيف غير مقبول.[3]
أنواع الحديث الشاذ
عدلالحديث الشاذ سنداً
عدلوهو أن يروي عددا من الرواة حديثا بتسلسل إسناد معين، ثم يأتي راوي ثقة فينفرد بتسلسل إسناد يخالف به من هو أوثق منه، أو من هم أكثر منه عددا، مما يرجح خطأ الراوي المنفرد المخالف، فيصير الحديث شاذ السند.
- مثله:
ما رواه الترمذي والنسائي وابن ماجه من طريق ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن عوسجة عن عبد الله بن عباس «أن رجلاً توفي على عهد رسول الله ﷺ ولم يدع وارثًا إلا مولى هو أعتقه، فدفع رسول الله ﷺ ميراثه له»
وقدر روى هذا الحديث ابن جريج[5] وغيره من طريق عمرو بن دينار بالتسلسل التالي:
عمرو بن دينار ← عوسجة ← عبد الله بن عباس ← النبي ﷺ
لكن البيهقي[6] روى هذا الحديث عن حماد بن زيد من طريق عمرو بن دينار بتسلسل مختلف كما يلى:
عن حماد بن زيد عن عمرو بن دينار عن عوسجة «أن رجلا مات على عهد رسول الله ﷺ ولم يدع وارثا إلا مولى له هو أعتقه، فأعطاه النبي ﷺ ميراثه»
فهنا نرى أن حماد بن زيد روى الحديث من طريق عمرو بن دينار دون أن يذكر عبد الله بن عباس، فروايته على الشكل التالي:
عمرو بن دينار ← عوسجة ← النبي ﷺ
وبالرغم من أن حماد بن زيد من أهل العدالة والضبط، فقد رجحت رواية من هم أكثر عددا منه، فرواية حماد شاذة سندًا[7]
الحديث الشاذ متناً
عدلبأن يخالف الراوي الثقة في متن الحديث من هو أحفظ منه أو من هم أكثر منه عددا
- مثله:
عن عائشة رضي الله عنها قالت:«كان النبي ﷺ إذا صلى ركعتي الفجر اضطجع عن يمينه»
وقد روى هذا الحديث الكثير من الرواة على أنه من أفعال رسول الله ﷺ، لكن عبد الواحد بن زياد روى هذا الحديث كما يلي:
ما رواه أبو داود والترمذي من حديث عبد الواحد بن زياد عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة مرفوعا: «إذا صلى أحدكم ركعتي الفجر فليضطجع عن يمينه»
ووجه الشذوذ أن الرواي الثقة عبد الواحد بن زياد انفرد من بين الثقات عن الأعمش بهذا اللفظ، ورَوى الحديث في صيغة أنه قول من أقوال رسول الله ﷺ، فخالف بذلك العدد الكثير من الرواة،[8] والحديث القولي يختلف عن الحديث الفعلي، لأن الحديث القولي أمر موجه للأمة لا يجوز لأحد التخلف عنه إلا إذا ثبت أنه منسوخ أو غير ذلك.[9]
- مثله أيضا:
ما رواه مسلم عن نبيشة الهذلي قال: قال رسول الله ﷺ: «أيام التشريق أيام أكل وشرب»
وقد جاء الحديث من جميع طرقه هكذا، إلا فيه رواية موسى بن علي بن رباح في سنن النسائي:[10]
عن موسى بن علي قال: سمعت أبي يُحدث عن عقبة بن عامر أن رسول الله ﷺ قال:«إن يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق عيدنا أهل الإسلام، وهي أيام أكل وشرب»
وحديث موسى شاذ لمخالفة الجماعة بزيادة «يوم عرفة ويوم النحر».
الحديث الشاذ سندا ومتنا
عدل- مثله:
ما رواه الدارقطني[11] عن عطاء بن أبي رباح عن عائشة أن النبي ﷺ: «كان يقصر في السفر ويتم، ويفطر ويصوم»
وهو حديث شاذ سندا ومتنا، أما السند فلأنه خالف ما اتفق عليه الثقات عن عائشة أنه من فعلها هي وليس مرفوعا إلى النبي ﷺ، وأما المتن فلأن الثابت هو مواظبة النبي ﷺ على قصر الصلاة في السفر.[12]
المراجع
عدل- ^ كتاب مقدمة ابن الصلاح
- ^ ا ب كتاب توضيح الأفكار لمعاني تنقيح الأنظار للصنعاني
- ^ ا ب كتاب تيسير مصطلح الحديث لمحمود الطحان
- ^ قاموس المعاني
- ^ كتاب المعجم الكبير للطبراني، حديث رقم 12209
- ^ كتاب السنن الكبرى للبيهقي، حديث رقم 12396
- ^ كتاب تيسير مصطلح الحديث لمحمود الطحان
- ^ كتاب الوسيط في علوم ومصطلح الحديث لمحمد أبو شهبة
- ^ كتاب دورة تدريبية في مصطلح الحديث لحسن أبو الأشبال الزهيري
- ^ سنن النسائي، حديث رقم 3004
- ^ سنن الدارقطني، حديث رقم 2298
- ^ كتاب منهج النقد في علوم الحديث لنور الدين عتر