تاريخ الهندسة الرياضية
هندسة رياضية geometry، كلمة مشتقة من الكلمة الإغريقية القديمة (بالإغريقية: γεωμετρία) وتنقسم إلى geo وتعني (الأرض)، و metronوتعني (قياسات). وقد ظهرت بوصفها مجال المعرفة المرتبط بالعلاقات المكانية. وكانت الهندسة إحدى مجالي الرياضيات الأولية، والآخر هو المتعلق بدراسة الأرقام (العمليات الحسابية).
ركزت الهندسة الكلاسيكية على البوصلة والمنشآت المستقيمة. طور الهندسة العالم (إقليدس)، الذي قدم الرياضيات الدقيقة والمنهج البديهي المستعمل إلى الآن. ويُعد كتابه (العناصر) الأكثر استعمالًا وتأثيرًا على الإطلاق، وكان معروفًا لكل المتعلمين في الغرب حتى خمسينيات القرن الماضي.[1]
في الوقت الحالي، عُمم مبدأ الهندسة على مستوى عال من التجريد والتعقيد، وارتبط بمبادئ التفاضل والتكامل والجبر. لذلك فإن أغلب الفروع الحديثة لهذا المجال يمكن بالكاد تمييزها بوصفها أساسيات مشتقة من الهندسة المجردة.
بدايات علم الهندسة
عدلأول بيانات مسجلة لبدايات الهندسة يمكن تتبعها إلى الأوائل الذين اكتشفوا المثلثات المنفرجة في حضارة وادي السند القديمة، والحضارة البابلية القديمة نحو سنة 3000 قبل الميلاد. كانت الهندسة البدائية مجموعة اكتشافات تجريبية تتعلق بالأطوال والمساحات والأحجام، وتطورت من أجل بعض الاحتياجات العملية مثل المسح والبناء وعلم الفلك والعديد من الحرف الأخرى. ومن بينها بعض المبادئ المتطورة المدهشة، وقد تبدو الرياضيات الحديثة صعبة إذ دُرست دون الاستعانة بمبادئ التفاضل والتكامل والجبر. مثلًا كان المصريون والبابليون على دراية ببعض مبادئ الفيثاغورسية منذ نحو 1500 سنة، حتى قبل اكتشاف قانون فيثاغورس، وتتضمن مبادئ سولباسوتراس نحو 800 سنة قبل الميلاد أول تصريح للنظرية، ولدى المصريين تركيبة صحيحة لحجم الهرم الرباعي.
الهندسة عند المصريين
عدلعرف المصريون القدامى إمكانية حساب مساحة الدائرة تقريبيًا كما يلي:[2]
مساحة الدائرة ≈ [(القطر) × 8/9] 2.
استُخدمت هذه الطرق لحل المسـألة 30 في بردية أحمس لحساب مساحة الدائرة، وفقًا للقاعدة التي تنص على أن مساحة المربع تساوي من مساحة قطر الدائرة. وعلى هذا يفترض أن π تساوي القيمة، أي 3.160493 بنسبة خطأ تقارب 0.63 بالمائة. هذه القيمة أقل دقةً من القيمة التي توصل إليها البابليون (3.125) مع نسبة خطأ 0.53، وظلت كذلك حتى وضع أرخميدس النسبة التقريبية 3.14163، مع نسبة خطأ 0.0001.
عرف العالم أحمس أن π تساوي 7\22 تقريبًا، واستخدمها لتقسيم وحدة (hekat)، ومع ذلك استمر استخدام القيمة التقليدية لباي (81\256) لحساب حجم الأسطوانة.
تضمنت المسألة 48 استخدام مربع ذي 9 جوانب. يُقطع هذا المربع إلى شبكة . يُستعمل قطر مربعات الزوايا لتكوين شكل مثمن غير منتظم بمساحة 63 وحدة. ما يعطي قيمة لباي تساوي 3.111
تشير المسألتان إلى أن قيمة باي تتراوح بين 3.11 و3.16.
تتضمن المسألة 14 في بردية موسكو الرياضية الأمثلة القديمة لإيجاد حجم المخروط الناقص الهرمي، وتصف المعادلة الصحيحة:
حيث إن a و b هما طول قاعدة وسطح الهرم الناقص، وh هو الارتفاع.
الهندسة البابلية
عدلربما عرف البابليون القواعد الأساسية لحساب المساحات والأحجام. إذ قاسوا محيط الدائرة بمضاعفة القطر 3 مرات، ومساحة المربع بنسبة 1:12 من المحيط، هذه الطريقة صحيحة بفرض أن π =3. ويُحتسب حجم الأسطوانة باستخدام القاعدة والارتفاع، ومع ذلك فقد احتُسب خطأً حجم المخروط الناقص أو الهرم المربع ناتجًا للارتفاع ونصف القاعدة. كانت مبرهنة فيثاغورس معروفة أيضًا للبابليين. واكتُشف حديثًا لوح طيني استخدم قيمة π = 3 و1/8. عرف البابليون أيضًا وحدة قياس سُميت الميل البابلي، الذي كان مقياسًا للمسافة يساوي نحو 7 أميال حديثة. تحول هذا القياس للمسافات بعد ذلك إلى ميل زمني يستخدم لقياس انتقال الشمس، ومن ثم يمثل الوقت.[3] وأظهرت اكتشافات حديثة أن البابليين القدماء ربما اكتشفوا الهندسة الفلكية قبل 1400 سنة من اكتشاف الأوروبيين لها.[4]
الفيدا الهندية
عدلاستخدم الهنود في الفترة الفيدية الهندسة التقليدية، خاصةً لبناء مذابح متقنة. تضمنت نصوص الألفية الأولى قبل الميلاد كتاب شاتاباثا براهمانا وكتاب سولباسوتراس. الذي يتضمن أول تعبير لفظي لمفهوم نظرية فيثاغورس في العالم، رغم أنها كانت معروفة للبابليين.[5][6][7]
تتضمن هذه الكتب تطبيقات لقانون فيثاغورس، وهي حالات مخصصة لمعادلات ديوفانتين. وتتضمن أيضًا معلومات عن تربيع الدائرة وتدوير المربع.
ووفقًا لعالم الرياضيات س.ج. داني، يتضمن اللوح المكتوب باللغة المسمارية سنة 1850 قبل الميلاد[8] 15 ثلاثية لقانون فيثاغورس مع عدد من المدخلات، تتضمن (13500، 12709، 18541)[9] وهي ثلاثية بدائية للتسلسل، تتضمن فهمًا متطورًا للمسألة، ولما كانت هذه الألواح الطينية تسبق سولباسوتراس بقرون، مع أخذ المظهر السياقي للثلاثيات في الاعتبار، فمن المعقول توقع وجود فهم مماثل في الهند.[10]
ولأن الهدف الرئيسي لسولباسوتراس كان وصف إنشاء المذابح والمبادئ الهندسية المتضمنة فيها، فإن موضوع الثلاثيات الفيثاغورسية، وإن فُهم جيدًا، ربما لم يظهر بعد في سولباسوتراس. يمكن مقارنة سولباسوتراس بالرياضيات الموجودة في كتاب تمهيدي عن الهندسة المعمارية أو مجال تطبيقي آخر مشابه، ولن تتوافق مباشرةً مع المعرفة العامة حول الموضوع في ذلك الوقت. لكن منذ ذلك الوقت، لم يُعثر على مصادر معاصرة أخرى يمكنها معالجة هذه القضية بدقة.[10]
الهندسة الإغريقية
عدلبالنسبة إلى علماء الرياضيات اليونانيين القدماء، كانت الهندسة هي حجر الأساس لجميع العلوم، إذ وصلت إلى اكتمال المنهجية الذي لم يحققه أي فرع آخر من معارفهم. وقد وسعوا نطاق الهندسة إلى العديد من الأنواع الجديدة من الأشكال والمنحنيات والأسطح والمواد الصلبة، وغيروا منهجيتها من التجربة والخطأ إلى الاستنتاج المنطقي، وقد أدركوا أن الهندسة تدرس الأشكال الأساسية أو التجريد، التي تعد الأشياء المادية فقط تقريبية، وطوروا فكرة الطريقة البديهية، التي لا تزال مستخدمة حتى اليوم.
انظر أيضًا
عدلمراجع
عدل- ^ Howard Eves, An Introduction to the History of Mathematics, Saunders: 1990 ((ردمك 0-03-029558-0)), p. 141: "No work, except الكتاب المقدس, has been more widely used...."
- ^ Ray C. Jurgensen, Alfred J. Donnelly, and Mary P. Dolciani. Editorial Advisors Andrew M. Gleason, Albert E. Meder, Jr. Modern School Mathematics: Geometry (Student's Edition). Houghton Mifflin Company, Boston, 1972, p. 52. (ردمك 0-395-13102-2). Teachers Edition (ردمك 0-395-13103-0).
- ^ Eves, Chapter 2.
- ^ https://www.washingtonpost.com/news/speaking-of-science/wp/2016/01/28/clay-tablets-reveal-babylonians-invented-astronomical-geometry-1400-years-before-europeans/ نسخة محفوظة 2020-06-01 على موقع واي باك مشين.
- ^ A. Seidenberg, 1978. The origin of mathematics. Archive for the history of Exact Sciences, vol 18.
- ^ (Staal 1999)
- ^ Most mathematical problems considered in the Śulba Sūtras spring from "a single theological requirement," that of constructing fire altars which have different shapes but occupy the same area. The altars were required to be constructed of five layers of burnt brick, with the further condition that each layer consist of 200 bricks and that no two adjacent layers have congruent arrangements of bricks. (Hayashi 2003, p. 118)
- ^ Mathematics Department, University of British Columbia, The Babylonian tabled Plimpton 322. نسخة محفوظة 2020-06-17 على موقع واي باك مشين.
- ^ Three positive integers form a primitive Pythagorean triple if and if the highest common factor of is 1. In the particular Plimpton322 example, this means that and that the three numbers do not have any common factors. However some scholars have disputed the Pythagorean interpretation of this tablet; see Plimpton 322 for details.
- ^ ا ب (Dani 2003)