كتاب (مدرسة)

مكان لتعليم قراءة القرآن وحفظه
(بالتحويل من الكتاتيب)
هذه النسخة المستقرة، فحصت في 11 فبراير 2024. ثمة 5 تعديلات معلقة بانتظار المراجعة.

الكُتّاب والجمع الكتاتيب هو مكان من الأماكن الأولية لتعليم الناشئة القرآن الكريم والدين ومبادئ القراءة والكتابة والخط والحساب ويشرف عليها شخص يسمى (المعلم) أو (الخطيب) في بلاد الشام أو (المطوع) في جزيرة العرب.

نشأته

عدل
 
طلاب الكتاب والمعلم (الإمام).

يُعَدُّ الكُتاب من أقدم المراكز التعليمية عند المسلمين، وقيل بأن العرب عَرَفُوه قبل الإسلام، ولكن على نطاق محدود، وكانت مكانة الكُتَّاب في القرون الهجرية الأولى عالية الشأن؛ إذ يُعِدُّ لبداية تعليم أعلى، "فكان الكُتَّاب يشبه المدرسة الابتدائية في عصرنا الحاضر.[1][2]

الهدف من إنشاء الكتاتيب

عدل

وكان الهدف من إنشاء الكتاتيب قد تمثّل في تعليم أطفال المسلمين القراءة والكتابة، وحفظ القرآن الكريم.

وقد اهتم النبي بتعليم الأطفال والشباب، أذ أمر أسرى المشركين عقب بَدْر، أن يُعلِّم كل واحد منهم "عشرةً من الغلمان الكتابة، ويخلِّي سبيله، فيومئذٍ تعلّم الكتابةَ زيدُ بن ثابتٍ في جماعةٍ من غلمة الأنصار.[3]

أشهر المعلمين في الكتاتيب

عدل

وقد اشتهر عدد من المعلِّمين في الكتاتيب وذاع صيتهم، منهم:

  • الحجاج بن يوسف الثقفي، وكان مؤدبًا ومعلمًا للصبيان في الطائف، ويحفّظهم القرآن، وكان ذلك قبل التحاقه بجند عبد الملك بن مروان.[4]
  • الضحاك بن مزاحم، وعُرِفَ عن الضحاك بن مزاحم أنه كان مُؤَدِّبًا للصبيان في أحد كتاتيب الكوفة، وكان لديه ثلاثة آلاف صبي.
  • أبي القاسم البلخي، فقد روى ياقوت الحموي في (معجم الأدباء) أن كُتَّاب أبي القاسم البلخي كان به ثلاثة آلاف تلميذ، وكان فسيحًا جدًّا يَتَّسِعُ لهذا العدد.[5]
  • أبو الغنائم المسلم بن الحسين بن الحسن، قال عنه ابن عساكر: «اشتغل بتأديب الصبيان، فحسن أثره في ذلك، وظهر له اسم في إجادة التعليم والحذق بالحساب حتى كثر زبونه»

وقد تعلم كثير من كبار الفقهاء والعلماء في الكتاتيب في صغرهم، فيحكي الإمام الشافعي عن مرحلة الكُتَّاب في صغره فيقول: «كنت يتيمًا في حجر أُمِّي، فدفعتني في الكُتَّاب، فلمَّا خَتَمْتُ القرآن دخلتُ المسجد فكنتُ أُجَالِس العلماء».[6]

مكانة المعلمين في الكتاتيب

عدل

كان للمعلمين قدر كبير من الأحترام فقد كان الأمراء والخلفاء يحترمون المعلمين والمؤدبين، وينزلون على آرائهم؛ احترامًا لهم، ولذلك كان المعلمون يتمتعون بالاحترام الوافي من قبل الناس جميعًا.

فقد بعث هارون الرشيد إلى مالك بن أنس يستحضره ليسمع منه ابناه الأمين والمأمون، فأبى عليه، وقال: إن العلم يُؤتى، لا يأتي. فبعث إليه ثانيًا، فقال: أبعثهُما إليك يسمعان مع أصحابك. فقال مالك: بشريطة أنهما لا يتخطيان رقاب الناس، ويجلسان حيث ينتهي بهما المجلس. فحضراه بهذا الشرط"

ونتيجة لمهارة بعض هؤلاء المعلمين والمؤدبين فقد ترقّى بعضهم في وظائف الدولة حتى صار وزيرًا، مثل إسماعيل بن عبد الحميد الذي كان يعلِّم الصبيان، ثم تقلبت به الأحوال إلى أن صار وزيرًا لمروان بن محمد لمروان بن محمد، وكذلك الحجاج بن يوسف الثقفي الذي صار كبيرًا لوزراء عبد الملك بن مروان.[7]

الكتاتيب في الخليج العربي

عدل

الكتاتيب في الخليج العربي عندما يصل عمر الطفل إلى السادسة أو السابعة أو أصغر من ذلك ترغب عائلته بإلحاقه في أحد الكتاتيب ليتعلم قراءة القرآن ويجيد المبادئ في القراءة والكتابة والحساب. ونظرا لأنشغال الآباء في البحث عن لقمة العيش أثناء موسم الغوص والأسفار في البر والبحر سعيا وراء الرزق فقد كانت المرأة هي التي تتولى مهمة تسجيل الأبن للدراسة على يد أحد (المطاوعة) في القرية

وتخطره برغبة الأسرة في تعليم أبنها عنده وتقول له..(هذا ولدي أبغيكم أتعلمونه) ويجيب (المطوع) إن شاء الله وهي تعني..هذا أبني تولى تعليمه فيجيب المعلم أن شاء الله

ثم تقول (سلموا عينه وعظامه واللحم الكم) وهذا يعني بأن يتولى (المطوع) تربية الولد وتهذيبه أو تأديبه ومن ثم تعليمه.[1] [2]

العقاب

عدل

إذا أخل الولد بواجباته أو تأخر في الدراسة أو بدرت منه خطيئة فأن هذا يعرضه للضرب المبرح والحبس على يد (المطوع).

وكان الأهالي في السابق يؤيدون طريقه (المطوع) في تأديب الولد وعدم تركه لأهوائه ونزواته.

وإذا تغيب أحد الأولاد عن الدرس دون عذر معروف يختار (المطوع) ثلاثة من الأولاد أكبرهم سنا …

ويرسلهم في البحث عن الولد لإحضاره إلى منزل (المطوع) ويذهبون للبحث على البحر أو في أماكن صيد الطيور في البر. وعندما يشاهدونه ينقضون عليه ويحملونه من يديه ورجليه ويذهبون به إلى (المطوع) وأثناء ذلك ترتفع أصوات الأولاد ويقولون (يبناه يبناه) أي أحضرنا الولد الهارب ثم يدخلون به على (المطوع)..

أما عن طرق العقاب فقد كانت شديدة ومبرحة للغاية، لكون (المطوع) قد أخذ الضوء الأخضر من ولي الأمر عندما قام بتسليمه إليه، حيث يقول الأب (للمطوع):”خذ اللحم وعطنا العظم”، أي بمعنى أن هذا الولد محض تصرفك بمعاقبته إلا أن يأتينا بنتيجة مرضية تسر ويصبح هذا الولد متعلما.

ففي خلال تلقي التلاميذ الدرس يكون من بينهم المتذمر للدرس والبعض من المشاغبين الذي يصدرون أصوات وحركات تثير الضحك للتلاميذ الآخرين ويقوم هؤلاء الأطفال المشاغبون بإصدار حركاتهم خفية دون مرأى من (المطوع) ولكن (المطوع) سرعان ما يكتشف هؤلاء المشاغبين فيتم معاقبتهم أمام زملائهم حتى يكونا عبرة وعظة للغير، وعند عدم تمكن (المطوع) من اكتشاف التلميذ المشاغب فإن (المطوع) يتوعد ويهدد بمعاقبة الجميع دون استثناء ففي هذه الحالة يستدل البعض على زميله المشاغب بالتلويح بإصبعه نحوه.

أما طرق التأديب فكانت تتم (بالخيزرانة) وهي في الواقع مبرحة ومؤلمة جدا وتترك آثارا واضحة على الجلد عند الضرب ولقد كانت (الفلقة) أو (الفلكة) هي الوسيلة التي تستخدم في الضرب.

ومعاقبة التلاميذ ليس فحسب لمشاغبتهم عند تلقيهم الدروس بل يكون كذلك عندما يتسنى لولي الأمر ابلاغ (المطوع) بأن الطفل قد أحدث مشاغبة في البيت فيقوم (المطوع) بنفس الطريقة السابقة بمعاقبة الطفل ليلقنه درسا ويربطه ويحبسه في السدرة حتى يعلن توبته.

والحال ذاته بالنسبة لكتاتيب الفتيات حيث توجد مطوعة للفتيات يدرسون عندها

ختم القرآن وزفة الخاتم

عدل

يا لها من مناسبة سعيدة تلك على جميع الصبيان فعندما يكمل أحد الصبيان تلاوة

القرآن بجميع أجزائه تحت إشراف (المطوع) يطلق عليه (الخاتم) فإن كان أهله من الاغنياء أغدق أهله على (المطوع)الهدايا والنقود دون أن يشعر أحد

وأما إذا كان الخاتم من الفقراء يقيم له أهله احتفالا عجيبا من نوعه فيوفر له عن طريق الاستعارة (البشت) و(العقال) والسيف المذهب ويلبس الملابس النظيفة كالثوب و(البالطو)و (الغترة) و(النعال).

وفي صبيحة يوم الاحتفال يخرج الخاتم الصغير من بيته وهو بكامل هيئته لابسا (بشته) و(عقاله) وحاملا سيفه في يده اليمنى يصحبه والده ووالدته وصديقاتها حاملات على رؤوسهن أطباق (المخلط) (ومراش) ماء الورد والمباخر متوجهين إلى مدرسته التي قد أجتمع فيها الصبيان والمدرسون وتأهبوا جميعا لأستقبال الموكب العظيم

وما أن تطأ قدمهم أرض المدرسة حتى يعمل التصفيق ويتعالى (يباب) النساء فيجلس (المطوع)على كرسيه العتيق ويجلس الخاتم بجانبه على كرسي استعاره لهذه المناسبة العظيمة ويجلس بجابنه على كرسي ثالث الوالد ويا له من منظر مهيب تقشعر له الأبدان وبعدئذ يعم الصمت فيتقدم أحد المدرسين أو الطلاب الكبار ويتلو دعاء خاصا بالمناسبة يدعي (التحميده) فيرد عليه جميع الطلاب بكلمة أمين.

وبعد الانتهاء من قراءة الدعاء يتقدم (المطوع) ويوزع على طلابه ومدرسيه المأكولات ويعطرهم بماء الورد والبخور بعد أن يأخذ نصيبه منها ليطعم أهله وأقاربه ثم يأمر جميع طلابه بالانصراف إكراما لهذه المناسبة السعيدة

وذلك بعد أن أختار الكبار منهم برفقة أحد المدرسين ليزفوا الخاتم بصحبة والدته فيمرون به بالأحياء لا يدعون بيتا الأ ووقفوا عنده لقراءة التحميدة وللحصول على المكافآت المالية التي توهب له إكراما لحفظه القرآن الكريم وبعد مرور أسبوع أو أكثر على هذه الحال يكون أهل الخاتم قد وفروا المبلغ المناسب من بيوت الأغنياء الشرقية منها والقبلية الذي سيقدمونه (المطوع) إكراما له على حسن رعايته لإبنهم مع الدعاء له بالخير والبركة والعمر المديد.

التحميدة

عدل

الحمد لله الذي هدانا للدين والإسلام اجتبانا

سبحانه من خالقا سبحانه بفضله علمنا القرآن

نحمده وحقه أن يحمده ما فتق الزهر وما طاح الندى

ثم الصلاة كلما الحادي حدا على الذي قد جاء بالهدى محمدا

هذا غلام قد قرأ وقد كتب وقد تعلم الرسائل والخطب

ولا تقصر يا أبن أشراف العرب ولا يكن طرفك هما وغضب

علمني معلما ما قصرا رددني في درسي وكررا

إني تعلمت كتابا أكبرا حتى قرأت مثله كما قرا

جزاك الله يا والدي الجنانا وشيد الله لك البنيانا

في جنة الخلد مع الولدانا...

أعطو المعلم حقه عظيما لانه كان بنا رحيما

الحمد لله الحميد المبدي سبح له طير السماء والرعد

يأتيك طير من طيور الهندي مخطب بالريش حسين القد.

المراجع

عدل
  1. ^ ابن حوقل: هو أبو القاسم محمد بن حوقل (ت 350 هـ) رحّالة وجغرافي ومؤرخ، أشهر مؤلفاته هو التعليق والتنقيح لكتاب المسالك والممالك
  2. ^ "الكتاتيب عند المسلمين". islamweb.net. 22 يونيو 2008. مؤرشف من الأصل في 2022-09-27. اطلع عليه بتاريخ 2024-01-24.
  3. ^ مصطفى السباعي: من روائع حضارتنا
  4. ^ الحجاج بن يوسف الثقفي: هو أبو محمد الحجاج بن يوسف بن الحكم الثقفي (40- 95 هـ / 660- 714 م)، قائد، داهية، خطيب. ولاه عبد الملك مكة والمدينة والطائف ثم العراق. ولد ونشأ في الطائف، وتوفي بواسط (بين الكوفة والبصرة). انظر: الصفدي: الوافي بالوفيات 11/236-241، والزركلي: الأعلام 2/ 168.
  5. ^ ابن سحنون: آداب المعلمين
  6. ^ السهيلي: الروض الأنف
  7. ^ ابن خلكان: وفيات الأعيان