إيران في البيانات الختامية لقمم مجلس التعاون لدول الخليج العربية (1981-2018)
تشكل البيانات الختامية لقمم مجلس التعاون لدول الخليج العربية وثائق مهمة تعكس توجهات السياسات الإقليمية والدولية للدول الأعضاء في المجلس. منذ تأسيس المجلس في عام 1981 لعبت إيران دورا محوريا في العلاقات الخليجية حيث كانت قضايا الأمن والتعاون الإقليمي والتوترات السياسية محاور رئيسية في المناقشات.[1]
![](http://upload.wikimedia.org/wikipedia/commons/thumb/a/a6/Flag_of_the_Cooperation_Council_for_the_Arab_States_of_the_Gulf.svg/220px-Flag_of_the_Cooperation_Council_for_the_Arab_States_of_the_Gulf.svg.png)
تناولت البيانات الختامية للقمم العديد من الموضوعات المتعلقة بإيران بما في ذلك البرنامج النووي والتدخلات الإقليمية والأمن البحري والتوترات الطائفية. تعكس هذه البيانات التحولات في العلاقات الخليجية الإيرانية وكيفية تأثيرها على الاستقرار في المنطقة.
المقدمة
عدلمنذ تأسيس مجلس التعاون لدول الخليج العربية في إمارة ابوظبي في 25 مايو 1981 والذي يضم في عضوية كلا من المملكة العربية السعودية والكويت ودولة الإمارات العربية المتحدة وقطر وسلطنة عمان والبحرين كانت إيران حاضرا في البيانات الختامية لقمم المجلس الأعلى لدول مجلس التعاون الخليجي والذي تعقد اجتماعاته بشكل دوري سنويا بحضور حكام هذه الدول.[2]
موقف دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية من الحرب العراقية الإيرانية (1980-1988)
عدلعندما أعلن عن قيام مجلس التعاون لدول الخليج العربية كان قد مضى على الحرب العراقية الإيرانية تسعة اشهر منذ اندلاعها في سبتمبر 1980. وقد نالت هذه الحرب عناية مؤتمر القمة الأولى لدول مجلس التعاون الخليجي الذي انعقد في ابو ظبي في 25 مايو 1981 اذ اكد البيان الختامي السعي إلى وقف هذه الحرب بوصفها من المشاكل التي تهدد أمن المنطقة وتزيد من احتمال التدخل الاجنبي فيها.[3]
وناقش مؤتمر القمة الثاني لمجلس التعاون الذي عقد في الرياض في 10 و11 نوفمبر 1981 تطورات الحرب الجارية بين العراق وإيران واعرب عن تمنياته بان تتوج المساعي السلمية بالنجاح ومؤكداً دعمه قيام المساعي الإسلامية المنبثقة من المؤتمر الإسلامي وجهود دول عدم الانحياز ومساعي هيئة الأمم المتحدة.
عندما بدأت إيران بهجومها في مارس وفي مايو 1982 شهدت عواصم مجلس التعاون الخليجي نشاطاً دبلوماسياً مكثفاً وتبعتها اجتماعات استثنائية للمجلس الوزاري لمجلس التعاون ففي 15 مايو 1982 وبناء على طلب دولة الكويت عقد وزراء خارجية دول المجلس جلستين مغلقتين في العاصمة الكويتية لبحث مخاطر استمرار الحرب العراقية الإيرانية.
وفي دورته الرابعة في يوليو 1982 في الطائف عبر المجلس الوزاري لمجلس التعاون الخليجي عن تقديره بسحب العراق قواته من الأراضي الإيرانية إلى الحدود الدولية واستعداده لحل المشكلة بالطرق السلمية على نحو يكفل حقوق الطرفين.
قدم عدد من ممثلي دول مجلس التعاون والمندوبين في الأمم المتحدة مشروع قرار في 22 نوفمبر 1982 بالتضامن مع عدد من الدول العربية إلى الجمعية العامة لهيئة الأمم المتحدة يدعو إلى:
- وقف فوري للقتال الدائر بين العراق وإيران.
- انسحاب القوات إلى الحدود الدولية مع البدء بإجراءات تسوية سلمية للنزاع على اساس مبادئ القانون الدولي.
عندما انعقدت الدورة الثالثة للمجلس الاعلى لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية في العاصمة البحرينية المنامة للفترة من 9 إلى 11 نوفمبر 1982 استمع قادة المجلس إلى مجمل الاتصالات التي اجرتها دولة الإمارات العربية المتحدة مع إيران وكان رئيس دولة الإمارات الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان قد ابلغ هؤلاء القادة اصرار إيران على موقفها المتصلب وان اتصالاته لم تسفر عن اية نتيجة مشجعة بل رفضت إيران وساطة دولة الإمارات. وفي اختتام الدورة صدر البيان الختامي أكدت فيه الدول الأعضاء تأييدها للعراق في مساعيه من اجل وضع حد للحرب بالطرق السلمية.
بدأت دول مجلس التعاون مساندة ودعم العراق من الناحية العملية ففي 9 مايو 1983 عقد في المنامة اجتماع طارئ لوزراء خارجية أقطار مجلس التعاون لدول الخليج العربية استعرضوا الوضع في المنطقة وقد اعلن وزير خارجية البحرين الشيخ محمد بن مبارك بن حمد آل خليفة عقب الاجتماع انه تم بحث تطورات الوضع الراهن في المنطقة وخاصة في ما يتعلق بالحرب العراقية الإيرانية والتسرب النفطي من حقل نوروز الإيراني.
اسفر الاجتماع عن تشكيل وفد مشترك من وزير الخارجية الكويتي الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح ووزير الدولة للشؤون الخارجية في دولة الإمارات العربية المتحدة راشد بن عبد الله لزيارة كل من طهران وبغداد لإمكانية التوصل إلى حل لإنهاء الحرب. وصل المبعوثان الخليجيان إلى طهران في 18 مايو 1983 واجتمعا مع الرئيس الإيراني علي خامنئي وجرى البحث في وسائل وقف تسرب النفط من ابار نوروز في الخليج العربي وسبل إزالة البقعة النفطية. كما عرض المبعوثان مشروعاً لوقف الحرب يرتكز على ثلاث نقاط وهي:
- العودة إلى حدود ما قبل الحرب.
- تبادل الأسرى بين البلدين.
- إنشاء صندوق خاص بإعادة إعمار المرافق المهدمة في البلدين كليهما تموله الأمم المتحدة وأعضاء دول منظمة الاوبك.
وفي 19 مايو 1983 استقبل الرئيس العراقي صدام حسين في بغداد وزير خارجية الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح ووزير الدولة للشؤون الخارجية في دولة الإمارات راشد بن عبد الله إذ عرض المبعوثان نتائج زيارتهم إلى طهران التي لم تسفر عن شيء بسبب تصلب الموقف الإيراني.
خلال اجتماعات الدورة الرابعة للمجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية للفترة من 7 إلى 9 نوفمبر 1983 في الدوحة اعرب المجلس عن تأييده لقرار مجلس الأمن الدولي الصادر في 31 أكتوبر 1983 والذي يدعو إلى وقف جميع العمليات العسكرية في الخليج العربي وعدم التعرض للمدن والمنشأة الاقتصادية والموانئ وللوقف الفوري لجميع الأعمال العدائية في منطقة الخليج العربي بما في ذلك جميع الممرات والطرق المائية ولاحظ بارتياح موافقة العراق على هذا القرار ودعا إيران للتجاوب مع هذا القرار وعدم التعرض لحرية الملاحة في الخليج العربي.
شهد ربيع عام 1984 مهاجمة السفن المحايدة وغير المحايدة في الخليج العربي مما كان له تأثير كبير في ردود فعل مجلس التعاون لدول الخليج العربية اذ اصبح القتال يصب في شريانها الحيوي فعندما قُصِفَتْ الناقلتان الكويتيتان للنفط ام القصبة وبحرة في 13 و14 مايو 1984[4] والناقلة السعودية للنفط مفخرة ينبع في ميناء راس تنورة السعودي[5] وهي محملة بحوالي 210 الف طن في 16 مايو 1984 اتهمت دولة الكويت رسمياً إيران بقصف الناقلتين فيما هددت إيران بانها لن تترك طرق الملاحة امنة في الخليج العربي اذا ما بقي الطريق إلى مينائها النفطي في جزيرة خرج مهدداً.
كان رد فعل دول مجلس التعاون سريعاً إذ دعا إلى اجتماع استثنائي لوزراء خارجية دول المجلس في 17 مايو 1984 في الرياض واصدر بياناً ختامياً جاء فيه: "ان الاعتداءات الإيرانية على الملاحة من وإلى موانئ الدول الأعضاء في المجلس هو اعتداء على جميع الدول وانسجاماً مع هذا الموقف فان المجلس يدين هذه الاعتداءات" كما قرر المجلس عرض الموضوع على مجلس الأمن الدولي.
كانت الرسائل التي تقدم بها ممثلو دول مجلس التعاون إلى رئيس مجلس الأمن تشير إلى الاعتداءات الإيرانية على حرية الملاحة من وإلى موانئ دول مجلس التعاون. وأدت نتائج اجتماع مجلس الأمن إلى تبني قرار مجلس الأمن رقم 552. كان القرار يهدف إلى فرض اجراءات فعالة من قبل مجلس الأمن اذا استمر التهديد للسلام والأمن الدوليين وقد حدد البيان الختامي لمجلس الأمن الموانئ الكويتية والسعودية أكثر مما اشار إلى الحقوق العامة للدول غير المتحاربة في ظل القانون الدولي للملاحة البحرية.
وخلال اجتماعات الدورة الخامسة للمجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية للمدة من 27 إلى 29 نوفمبر 1984 في الكويت تدارس المجلس الوضع في المنطقة وخطورة استمرار الحرب العراقية الإيرانية على استقرارها وامنها كما تدارس تطورات الاتصالات والمساعي التي تبذل من اجل وضع حد للحرب. واكد على استعداد دول المجلس للقيام بأي مسعى مباشر قد يحقق تقدما نحو الحوار والمفاوضات. وعبر عن ارتياحه للموقف الإيجابي للجمهورية العراقية من قرارات الأمم المتحدة ويدعو المجلس جمهورية إيران الإسلامية ان تساهم بالجهود التي ترمى إلى ايجاد حل يقوم على مراعاة حقوق الطرفين.
وخلال دورت المجلس الوزاري المنعقدة في الرياض في مارس 1985 قرر المجلس ارسال وفد إلى كل من طهران وبغداد في مبادرة جديدة من مجلس التعاون لوقف الحرب. اذ كلف المجلس وزير الخارجية الكويتي الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح بالتوجه إلى بغداد وطهران لإقناع المسؤولين في إيران والعراق الذي اعلن مراراً استعداده للجلوس إلى مائدة المفاوضات لوقف الحرب وكانت هذه الزيارة في 18 مارس 1985. كما كلف المجلس وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل الذي وصل طهران في 19 مارس 1985 واجتمع مع وزير خارجيتها علي اكبر ولايتي بحضور مسؤولين من الجانبين وعقب الاجتماع صرح مصدر مسؤول في الوفد السعودي ان المحادثات تناولت القضايا المتصلة بأمن منطقة الخليج العربي وبصفة خاصة الحرب الإيرانية وما تجلبه من مخاطر على المنطقة.
لم تفلح المساعي الدبلوماسية لأنهاء الحرب وعلى الرغم من ان دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية اشارت إلى عدم رغبة إيران في التوصل إلى تسوية سلمية للصراع الا انها كررت استعدادها للقيام بمساعي مباشرة قد تحقق تقدماً باتجاه حوار ومفاوضات. وقد اظهر البيان الختامي لقمة مسقط 6 نوفمبر 1985 ليونة في موقف مجلس التعاون لدول الخليج العربية مشيراً إلى الحقوق الشرعية ومصالح كلا الطرفين.
وعندما احتلت القوات الإيرانية شبه جزيرة الفاو في اوائل 1986[6] هددت بعملية فصل البصرة عن باقي العراق. وجاء التهديد الإيراني مصحوباً بعودة التهديدات الإيرانية لدول مجلس التعاون الخليجي فقد هدد مسؤولون إيرانيون علناً تلك الدول بانها اذا لم تتوقف عن دعم العراق سوف تعرض نفسها للخطر.
تكونت قناعة لدى قادة مجلس التعاون الخليجي بان إيران لن توقف الحرب وان التركيز يجب ان يكون مع الاطراف العربية التي تدعم إيران لإيقاف الحرب. وجاءت زيارة بعض كبار المسؤولين من دول الخليج العربي إلى دمشق وليبيا في محاولة لإقناع إيران بالاستجابة لجهود السلام ومنها محاولات الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود ملك المملكة العربية السعودية وولي عهده الأمير عبد الله بن عبد العزيز آل سعود والشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة.
وتأكيدا لتهديداتها قامت إيران ببعض الاستفزازات والاعتداءات ضد دول مجلس التعاون الخليجي ومنها قصف حقل ام البخوش النفطي في دولة الإمارات العربية المتحدة في ديسمبر 1986[7] وهجماتها المتقطعة ضد ناقلات النفط السعودية وعدت موسم الحج فرصة للتعبير عن ايديولوجيتها السياسية ففي أغسطس 1987 تظاهر حجاج إيرانيون في مكة المكرمة وحجاج آخرين ومواطنين اسفرت عن سقوط عدد من الضحايا ناهيك عن وقوع خسائر مادية مما استدعى تدخل القوات السعودية لضبط الأمن وحدثت أعمال شغب في الكويت عام 1987 كانت إيران تساندها بشكل مباشر او غير مباشر ومنها اطلاق صواريخ على منشآت النفط والسفن الكويتية. كان تركيز إيران على المملكة العربية السعودية والكويت لأنها كانت تعدهما الدولتين الممولتين لالة الحرب العراقية.[8]
وبناء على ما تقدم تضمن البيان الختامي لقمة الرياض للمجلس الأعلى لدول مجلس التعاون في 29 ديسمبر 1987 إلى جانب قلقه من استمرار الحرب العراقية الإيرانية واشادته بقرار مجلس الأمن الدولي رقم 598 الصادر بتاريخ 20 يوليو 1987 الداعي لوقف الحرب. نظر المجلس إلى أحداث مكة المكرمة وما تعرضت له دولة الكويت من قصف بالصواريخ واعتداءات إيرانية وما وقع من اعتداء إيراني على سفارتي دولة الكويت والمملكة العربية السعودية في طهران وضرب الناقلات البترولية والسفن التجارية المتجهة من وإلى موانئ دول المجلس في مياه الخليج العربي يدعو المجلس إيران الالتزام بمبادئ حسن الجوار والاحترام المتبادل بما يكفل اعادة الأمن والاستقرار للمنطقة.
كانت دول مجلس التعاون الخليجي تحاول الابقاء على اتصالاتها مع إيران عبر دولة الإمارات العربية المتحدة حتى في أوج الازمات بين دول مجلس التعاون وإيران. وكانت دولة الإمارات العربية المتحدة وسلطنة عمان تتزعمان الاتجاه الداعي للحياد عن طريق اقامة حوار إيراني خليجي يهدف إلى وضع الاسس التي تحصر المخاطر المحدقة بين الجانبين في اضيق نطاق ممكن ومن ثم تهدئة التوترات الحاصلة في المنطقة والتمهيد لوقف الحرب واعادة صياغة العلاقات الخليجي الإيرانية. وعبرت دولة الإمارات العربية المتحدة عن هذا الموقف من خلال مشروع الشيخ زايد بن سلطان ال نهيان الهادف إلى وقف الحرب العراقية الإيرانية والذي يتلخص في ان يفوض القادة العرب في مؤتمر القمة القادم في عمان ثلاثة رؤساء من الذين يتصفون بموقف محايد للسعي بين إيران والعراق واكدوا لهم ان هذا الوفد يضمن حقوق الطرفين وانهم لا يمثلون انفسهم بل القادة العرب كلهم فاذا قبلت الوساطة تنسحب القوات ويتم وقف اطلاق النار عندئذ يجري التحكيم من محكمين مقبولين ومن يثبت عليه الحق لجاره يكون القادة العرب كفلاءه وضامنيه.
وجاءت موافقة إيران مشروطة بان تنهى دول مجلس التعاون ما اسمته بتأييدها للعراق اما سلطنة عُمان فقد صاغت لنفسها اداء متميزاً تمثل في ثلاث ممارسات هي:
- تنمية العلاقات العمانية مع كل من العراق وإيران وعدم اهمال الحوار مع أي منهما في أي وقت من الاوقات.
- القيام بدور لتلطيف حدة الحرب وتخفيف المضاعفات الخطيرة الناتجة عنها في اطار قبول اقليمي ودولي لمثل هذا الدور.
في اجتماع القمة العربية في عمان عاصمة الأردن في اواخر نوفمبر 1987 قام مجلس التعاون لدول الخليج العربية بجهود دبلوماسية جديدة من اجل زيادة الضغوط الدبلوماسية القائمة على إيران والمتابعة إیجاد تسوية. ومما يشار في هذا الاجتماع أن سوريا شاركت الدول العربية في ادانة التعنت الإيراني في الحرب وجاء التحرك السوري نتيجة لتشجيع من مجلس التعاون لدول الخليج العربية وقد تم ادانة احتلال إيران الأجزاء من الأراضي العراقية ورفضها وقف اطلاق النار بين المتحاربين والعودة إلى حدود ما قبل الحرب.
وعلى الرغم من النشاط الدبلوماسي لمجلس التعاون لدول الخليج العربية فان المبادرات التي تقدمت بها لم تنجح في تحقيق تسوية بين الاطراف المتحاربة فقد كانت هناك عوامل اخرى ادت إلى وقف اطلاق النار وقبول إيران قرار مجلس الأمن رقم 598 في 8 أغسطس 1988 وهو يوم وقف اطلاق النار بين الجانبين.
عبرت دول مجلس التعاون الخليجي من خلال بيان القمة الختامي في المنامة في 22 ديسمبر 1988 عن ارتياحه للتطورات الايجابية في المنطقة والتي تمثلت في وقف اطلاق النار وبدء المفاوضات المتعلقة بتنفيذ القرار 598.
موقف دول مجلس التعاون الخليجي من الاحتلال الإيراني للجزر الامارتية الثلاث واثرة على العلاقات الخليجية الإيرانية
عدلتجددت قضية الجزر الثلاث في عام 1992.[9] بعد تجاوز إيران على مذكرة التفاهم الموقعة بين إيران وإمارة الشارقة عام 1971 بخصوص جزيرة ابو موسى وغدت اساساً في تقييم العلاقات العربية الإيرانية بشكل عام وعلاقات إيران مع دولة الإمارات العربية المتحدة ودول مجلس التعاون لدول الخليج العربية بشكل خاص وتبلور ازاءها اتجاهان من لدن دول مجلس التعاون الخليجي اتجاه يدعو للانفتاح على إيران لتيسر حل القضية واتجاه اخر يرى ان الانفتاح تهميش وتهاون في قضية الجزر.
انطوى على قضية الجزر مسألتان رئيستان: الأولى ان القضية تمس سيادة دولة عضو في المجلس وهو ما يتطلب ان يكون الموقف الخليجي جدياً وجماعياً في آن واحد. والثانية ان قضية الجزر وضعت مصداقية دول مجلس التعاون على المحك. ومن الجدير بالذكر ان علاقة إيران بجميع دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية بما فيها المملكة العربية السعودية والكويت قد تحسنت بشكل عام منذ حرب الخليج الثانية (1990-1991).[10] فقد كانت دول مجلس التعاون حريصة على حياد إيران في مواجهة العراق وعلى اقامة علاقات متميزة مع إيران على اساس من حسن الجوار وعدم التدخل في الشئون الداخلية. وبعد فترة وجيزة من انتهاء الحرب وبالتحديد في 26 مارس 1991 استأنفت المملكة العربية السعودية علاقتها الدبلوماسية مع إيران بعد قطيعة دامت نحو 3 سنوات وكانت زيارة وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل لطهران في مايو 1991 بمثابة البرهان على تحسن العلاقات بين البلدين. وتأكيد لرغبة دول مجلس التعاون في تحسين العلاقات مع إيران أعرب بيان الختامي للمجلس الأعلى في ديسمبر 1991 عن ارتياحه للتطور الايجابي والملموس في العلاقات بين الجانبين.
واذا ما اخذ في الحسبان تنامي العلاقات بين إيران ودول مجلس التعاون لدول الخليج العربية في الاعتبار فان الاجراءات الإيرانية في جزيرة ابو موسى تبدو غامضة تماماً هذا إلى جانب موقف استفزازي من جانب إيران يتمثل في موافقة مجلس الشورى الإيراني في 3 أبريل 1993 على مد المياه الاقليمية لإيران لتصل 12 ميلاً بحرياً مما يخضع الجزر الثلاث حتى بحر عمان للسيادة الإيرانية. وللتقليل من شأن هذا الاجراء وللحد من توتر العلاقات بين الجانبين قام وزير الخارجية الإيراني علي اكبر ولايتي في مايو 1993 بجولة خليجية شملت الرياض ومسقط وابو ظبي وباقي عواصم اقطار مجلس التعاون الخليجية.
عكست هذه الجولة رغبة إيران في تحسين علاقتها وتعاونها الاقتصادي مع مجلس التعاون لدول الخليج العربية. لذلك سعى الرئيس الإيراني هاشمي رفسنجاني للقيام بمحاولة جادة للتقارب مع القيادة السعودية بهدف مساعدة إيران على زيادة حصة انتاجها في منظمة الاقطار المصدرة للنفط (اوبك) على زيادة مستويات الانتاج بالنسبة لإيران والكويت وتجميد حصص الانتاج بالنسبة للسعودية والإمارات وعقب ذلك زيادة حصة الانتاج اليومي للنفط الإيراني بمعدل 26 الف برميل يوميا. وكان الراي العام السائد في كل من ابو ظبي والرياض أن إيران قد اصبحت على استعداد لتسوية نزاعها مع دولة الإمارات حول الجزر بالطرق السلمية وعن طريق المفاوضات الثنائية ولكن الحكومة الإيرانية قررت عدم طرح قضية الجزر خلال جولة المفاوضات الثنائية التي كان مقرر عقدها في طهران اوائل أكتوبر 1993. والتي كان من المقرر ان يراس الوفد الإماراتي فيها وزير الدولة للشؤون الخارجية والمسؤول عن قضية الجزر الثلاث الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان والتي سبق أن اتفق عليها خلال زيارة الخارجية الإيراني علي اكبر ولايتي لابو ظبي في مايو 1993.
قررت دولة الإمارات العربية المتحدة الغاء الزيارة اما الاسباب: فتعود إلى ان المجلس الوزاري لمجلس التعاون لدول الخليج العربية الذي اجتمع في الدوحة بقطر في 7 سبتمبر 1993 اصدر بياناً اكد فيه تأييده الدولة الإمارات العربية المتحدة في استعادة سيادتها على جزرها الثلاث وكلف وزير الخارجية الإماراتي راشد عبد الله النعيمي مهمة الاتصال بإيران باسم مجلس التعاون الخليجي داعياً إلى استئناف المفاوضات مع إيران لا نهاء النزاع حول الجزر الثلاث بالطرق الدبلوماسية وان هذا التكليف يشمل ابلاغ طهران الموقف المبدئي الذي مفاده ان تحسين وتطوير العلاقات مع مجلس التعاون لدول الخليج العربية يتوقف على ما ستتخذه السلطات الإيرانية من اجراءات لإنهاء ازمة الجزر.
وجاء الرد سريعاً من إيران إذ عدت بيان مجلس التعاون لدول الخليج العربية هو استباق للمفاوضات وتأكيد لحق لم تسلم به وتهديد بموقف جماعي لدول لا علاقة مباشرة لها بالموضوع. واصدرت إيران بياناً ردت فيه على بيان الدوحة اكدت فيه سيادة إيران على الجزر. وعلى الاثر صدر بيان في ابو ظبي معلناً الغاء زيارة الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان لطهران لاقتناع دولة الإمارات العربية المتحدة بعدم توافر أي رغبة لدى الجانب الإيراني لا نجاحها وعلل البيان ذلك بسببين الاول عدم قبول اصدار بيان يشير إلى أن الزيارة تهدف إلى بحث الخلاف مع الإمارات حول الجزر الثلاث والثاني: التصريحات التي صدرت عن الخارجية الإيرانية عشية الغاء الزيارة تؤكد تبعية الجزر اليها ومما جاء فيها: "ان هذه الجزر إيرانية وستبقى إيرانية". وفي اليوم التالي اعلنت دولة الإمارات العربية المتحدة انها ستدفع بموضوع الجزر الثلاث إلى هيئة الأمم المتحدة وانها بانتظار مبعوث من الامانة العامة لهيئة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق بخصوص النزاع مع إيران.
وبالرغم من تصعيد التصريحات بين الجانبين فقد شهد نوفمبر 1993 قيام وزير الخارجية الإيراني على أكبر ولايتي بزيارة للمملكة العربية السعودية وقطر.
اسهمت العديد من القضايا الخلافية في تزايد التوتر بين دول مجلس التعاون الخليجي وإيران. منها اتهام البحرين والسعودية لإيران بالتورط في الاضطرابات السياسية في البحرين مطلع عام 1994 والرسالة التي بعثها الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود ملك السعودية إلى طهران صيف عام 1994 بمناسبة فريضة الحج التي اظهرت فيها عناية شخصية بدعم الاقتراحات الداعية إلى اعادة الجزر الثلاث إلى السيادة الإماراتية بالطرق السلمية.
ان هذه الرسالة لم تمنع إيران من مواصلة اجراءاتها في جزيرة ابو موسى. فقد واشارت التقارير إلى تزايد عدد الجنود الإيرانيين بين 3000 و4000 جندي إيراني رافقها تنفيذ أعمال انشائية واسعة النطاق تضمنت بناء ثكنات عسكرية للجنود ومرابض للدبابات وزيادة قطع المدفعية الثقيلة وبإشراف الحرس الثوري الإيراني.
انتقد وزير خارجية السعودية الأمير سعود الفيصل الاجراءات الإيرانية وجاء ذلك في افتتاح اجتماع الوزراء خارجية دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية في نوفمبر 1994 بالرياض واعرب عن امله "ان تلغي إيران الاجراءات التي اتخذتها في جزيرة ابو موسى وان تعمل على حل المشكلة عن طريق التعاون والاحتكام إلى القانون الدولي والشرعية الدولية".
ان علاقات إيران بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية لم ينتظمها ناظم واحد او مشترك بل تراوحت بين المزيد من التوتر مع الإمارات والبحرين واطراد التعاون مع الكويت وعمان وقطر والانتقال من الجمود إلى الانفراج وبالعكس بالنسبة للسعودية. اما على مستوى مجلس التعاون الخليجي فلقد ظلت بياناته تعكس حداً ادنى من التنسيق بين اعضائه بخصوص قضية الجزر.
شهد نوفمبر 1995 قيام وساطة لوزير الخارجية القطري الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني وذلك بإجراء جولة من الاتصالات الثنائية بين المسؤولين في حكومة دولة الإمارات وحكومة إيران عبر العاصمة القطرية الدوحة.
وطبقاً للتقارير التي اوردتها وكالة رويترز فان البنود التي اقترحتها دولة الإمارات كانت كالآتي:
- انهاء إيران لاحتلالها العسكري لجزيرتي طنب الكبرى وطنب الصغرى.
- تضمن إيران الالتزام بنصوص مذكرة التفاهم التي وقعت بين إيران وحكومة امارة الشارقة بشأن جزيرة ابو موسى وان تنهي أي اجراءات تكون قد خرقت او تخرق هذا الاتفاق.
- وجوب تسوية مسألة السيادة على جزيرة ابو موسى.
- وجوب احالة النزاعات إلى تحكيم خارجي اذا لم تود المفاوضات الثنائية تسوية لهذه المنازعات خلال فترة زمنية.
لم تسجل المباحثات تقدماً يذكر فكانت إيران تؤكد بان مشاركتها تتركز على ازالة سوء الفهم الذي حصل سابقاً مع دولة الإمارات العربية وليس لبحث ملكية الجزر في حين كانت الإمارات تواقة للبحث عن حل سیاسی.
اصرت إيران على مضمون خطابها السياسي ذي الصلة بقضية الجزر وهبت بعض التصريحات للتلويح بالخيار العسكري في حالة تهديد سيادتها على الجزر. واعلن مساعد قائد القوة البحرية الإيرانية الادميرال عباس محتج بالقول: "أن إيران مستعدة لشن حرب تدوم 80 عاماً للدفاع عن جزرها في الخليج العربي".
شهد عام 1996 تطوراً ملحوظاً بعلاقات إيران مع كل من دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية إذ اقترن بتحسن العلاقات الدبلوماسية بتعيين سفراء إيرانيين جدد هم حسين صادق في دولة الإمارات العربية المتحدة ومحمد رضا نوري في المملكة العربية السعودية فضلاً عن تأكيد وزير الخارجية الإيراني علي اكبر ولايتي على تطوير العلاقات مع المملكة العربية السعودية بات امراً حيوياً يفرضه تعاظم التحديات للدول الإسلامية كما صدر من المملكة العربية السعودية في يناير 1996 اكثر التعليقات حياداً حول النزاع على الجزر. فقد ذكرت الحكومة السعودية أن إيران لها حقوق قانونية في الجزر ينبغي الفصل فيها عند تقديم القضية لمحكمة العدل الدولية.
اما دولة الإمارات فقد زاد تعزيز إيران لوجودها في الجزر من حدة التوتر في العلاقات بين البلدين. اذ اعترفت إيران لأول مرة بنشر بطاريات صواريخ في الجزر الثلاث وجاء الاعتراف الإيراني خلال مؤتمر صحافي لقائد القوة البحرية الادميرال علي شمخاني بمناسبة الاعلان عن مناورات عسكرية ضخمة في الخليج العربي.
كان رد فعل دولة الإمارات على هذه الاجراءات رفع شكوى إلى مجلس الأمن لوضع بند خاص بمسألة الجزر خلال جلسة مجلس الأمن في سبتمبر 1996. لكن مجلس الأمن قرر حذف عدد من الموضوعات المدرجة على جدول أعماله من بينها حالة الجزر. لذلك قدم المندوب الدائم لدولة الإمارات لدى الأمم المتحدة محمد جاسم سمحان رسالة إلى مجلس الأمن اكد فيها: "ان استمرار الاحتلال الإيراني لهذه الجزر ومحاولاتها فرض الأمر الواقع من خلال اقامة العديد من المنشآت الإيرانية فيها امر مخالف لأحكام ميثاق الأمم المتحدة ومبدأ القانون الدولي ويشكل انتهاكاً لمذكرة التفاهم المبرمة في نوفمبر 1971. كما دعا وزير الخارجية الإماراتي راشد عبدالله النعيمي إيران إلى ازالة كل ما انشأته من منشآت مدنية وعسكرية على الجزر والدخول في مفاوضات غير مشروطة تحقق حلاً سلمياً أو اللجوء إلى محكمة العدل الدولية. جاء ذلك خلال الكلمة التي القاها في المناقشة العامة للجمعية العامة لهيئة الأمم المتحدة في اطار الدورة 51 في أكتوبر 1996.
عقب اعلان نتائج انتخاب الرئيس الإيراني محمد خاتمي اكد سفير إيران في دولة الإمارات العربية المتحدة حسين سارغي استعداد بلاده المطلق للتفاوض مع دولة الإمارات العربية المتحدة بشأن المشكلات القائمة بينهما موضحاً ان رؤية السياسة الخارجية للرئيس الإيراني المنتخب محمد خاتمي تعتمد على العلاقات الجيدة مع الدول العربية والإسلامية وبخاصة دول الجوار.
حافظت إيران على مضمون خطابها السياسي ذي الصلة بقضية الجزر الثلاث وهو الخطاب الذي يؤكد استعدادها للحوار مع دولة الإمارات بما يبدد سوء الفهم لكنها في الوقت ذاته تتمسك بتثبيت سيادتها على الجزر الثلاث واتخاذ ما يترتب من اجراءات من طرف واحد ويشار ان إيران قامت عام 1997 ببناء بحري في جزيرة طنب الكبرى واطلقت اسمي طنب وابو موسى على اثنين من سفنها البحرية. وهما الاجراءان اللذان احتجت عليهما دولة الإمارات رسمياً لدى هيئة الأمم المتحدة اذ وجهت البعثة الدائمة لدولة الإمارات في هيئة الأمم المتحدة رسالة إلى الأمين العام لهيئة الأمم المتحدة تضمنت مذكرة الاحتجاج التي وجهتها وزارة الخارجية بدولة الإمارات الموجهة إلى السفارة الإيرانية في ابو ظبي. حذا حذوه بيان صادر عن قمة مجلس التعاون الدول الخليج العربية في ديسمبر 1997. ومما جاء في البيان مطالبته الحكومة الإيرانية بانهاء احتلالها للجزر الثلاث والكف عن ممارسة سياسة فرض الأمر الواقع بالقوة والتوقف عن إقامة منشآت إيرانية في الجزر بهدف تغيير تركيبتها السكانية والغاء كافة الإجراءات وإزالة كافة المنشآت التي سبق تنفيذها من طرف واحد في الجزر الثلاث.
واصلت إيران معارضتها لبحث وضع الطنبتين ورفضها أي اطار لتسوية قضية ابو موسى بخلاف اطار التفاوض الثنائي المباشر واعربت عن ذلك مجدداً في رد فعلها على ترحيب قمة المجلس الاعلى التاسعة عشر المنعقدة في ابو ظبي بتاريخ 7 و9 ديسمبر 1998 بتوسط الامين العام للأمم المتحدة في قضية الجزر الثلاث مجتمعة. وكان الامين العام للأمم المتحدة قد نزل ضيفاً على قمة دول مجلس التعاون الخليجي.
اعلنت إيران تأكيد سيادتها على جزيرة ابو موسى تحديداً بممارسة سياسة فرض الأمر الواقع ولتأكيد سيادتها افتتحت مبنى للبلدية ومجمعاً تعليمياً في الجزيرة في فبراير 1999.
مما حدا بدولة الإمارات إلى رفع شكوى لهيئة الأمم المتحدة. اما دول مجلس التعاون الخليجي فقد اصدر وزراء خارجيتها بياناً اكدوا فيه أن الجزر الثلاث جزء لا يتجزأ من أراضي دولة الإمارات العربية المتحدة الأمر الذي تسبب في استنكارات وانتقادات إيرانية عنيفة بوصفه يمثل تدخلاً في الشؤون الداخلية للجمهورية الإسلامية.
في اطار هذا التصعيد رفض رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان الاستجابة لدعوة الرئيس الإيراني محمد خاتمي بإيفاد وزير خارجيته لزيارة طهران رداً على زيارتين مماثلتين من وزير الخارجية الإيراني إلى ابو ظبي مؤكداً انه ما لم يتحدد هدف الزيارة بالبحث في قضية الجزر فلن تكون لها حاجة.
وخلال اجتماع وزراء خارجية دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية في جدة في يوليو 1999 لتشكيل لجنة وزارية ثلاثية مكونة من وزراء خارجية كل من دولة قطر الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني والسعودية الأمير سعود الفيصل وسلطنة عمان يوسف بن علوي. لوضع الية مناسبة للحوار بين الإمارات وإيران لأجل ايجاد مخرج لقضية الجزر.
على الرغم من تشكيل اللجنة الثلاثية كان المتغير الجديد في قضية الجزر هو بداية تأثير الانفتاح الخليجي على إيران في العلاقات بين دول المجلس نفسها فخلال الجولة العربية التي قام فيها الرئيس الإيراني محمد خاتمي في مايو 1999 إلى كل من سوريا والسعودية وقطر اعاد الرئيس الإيراني تكرار مسألة سوء الفهم مطالباً بعدم تضخيم الخلاف الإيراني مع دولة الإمارات العربية المتحدة بينما كانت هناك مشاكل حدودية عالقة بين دول المنطقة نفسها. وفي جميع البيانات الختامية الصادرة في العواصم الخليجية التي زارها خاتمي تجنبت إيران قضية الجزر حرصاً على انجاح الزيارة التي تعد الأولى لرئيس إيران منذ عشرين عاماً إلى المنطقة.
كان حرص إيران على التقارب مع دول الخليج العربي قد جعل النائب الثاني لرئيس الوزراء وزير الدفاع والطيران السعودي الأمير سلطان بن عبد العزيز آل سعود يقلل من اهمية قضية الجزر بقوله: "لا يوجد خلاف حاد بين البلدين (أي الإمارات وإيران) وحتى لو كان هناك خلاف حول الجزر الثلاث فانه يجب ان تتم تسويته عن طريق المفاوضات". ثم عاد ليرد على تصريحات وزير الخارجية الإماراتي راشد بن عبد الله النعيمي الذي قال: "ان التقارب مع إيران اصبح ضاراً لأن طهران فهمت بشكل خاطئ بان دول مجلس التعاون الخليجي تخلت عن حقوق الإمارات. هذا الفهم نريد تصحيحه بان القضية واحدة والأمن واحد ودفاعنا عن هذه الارض المحتلة يجب ان يكون واحداً. وان دولة الإمارات العربية المتحدة ستراجع التزاماتها في اطار مجلس التعاون الخليجي اذا استمرت دول مجلس التعاون في عدم الالتزام بالموقف الجماعي المعلن للمجلس في شأن ربط العلاقات مع إيران بحل مشكلة جزر الإمارات الثلاث المحتلة" لذلك كان رد الأمير سلطان بن عبد العزيز آل سعود: "ان الخلاف الإيراني الإماراتي حول الجزر لن يؤثر في علاقات المملكة العربية السعودية بإيران لكون سياسة المملكة تتحدد وفق مصالحها. أن هذا الكلام غير منطقي وغير معقول وان السعودية دولة مستقلة ذات سيادة وليست تابعة لأية دولة سواء الإمارات العربية المتحدة او غيرها في اتخاذ قرار اقامة العلاقات السياسية والاقتصادية مع الدول الأخرى".
اسهم في تصعيد الازمة بين الإمارات العربية المتحدة والدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي امتناع قمة دول مجلس التعاون الخليجي في اجتماعها في نوفمبر 1999 عن ادانة احتلال إيران للجزر وذلك للمرة الأولى واكتفاؤها بتجديد دعمها لجهود اللجنة الثلاثية المشكلة من المملكة العربية السعودية وقطر وسلطنة عمان المخولة لتمهيد المفاوضات الثنائية بين البلدين.
في اواخر عام 2000 وخصوصاً بعد البيان الصادر عن اجتماع القمة لدول مجلس التعاون الخليجي المنعقد في العاصمة البحرينية المنامة في 31 ديسمبر 2000 الذي قرر انهاء مهمة اللجنة الثلاثية التي شكلها المجلس قبل عامين بعد اخفاقها في مهمتها بسبب الرفض الإيراني للتجاوب معها.
قامت القمة الخليجية بتكليف المجلس الوزاري بالمهمة واسندت إلى البحرين التي تولت دورة المجلس خلال عام 2001 القيام بتحرك اقليمي وعربي ودولي لإبلاغ الموقف الخليجي الموحد لقمة المنامة بشأن الاحتلال الإيراني للجزر الثلاث وجاء تكليف القمة للمجلس الوزاري بمهمة متابعة قضية الجزر وفقاً لمبدأ الأمن الجماعي كتطور جديد في اداء المجلس الذي عد الجزر الثلاث جزءاً لا يتجزأ من أراضي دولة الإمارات العربية المتحدة وكلف المجلس الوزاري بالنظر في كل الوسائل السلمية المتاحة التي تؤدي إلى اعادة الحقوق المشروعة لدولة الإمارات العربية المتحدة في جزرها الثلاث. واشارت مصادر خليجية ان بيان المنامة وضع إيران امام خيارين: اما التفاوض المباشر ضمن سقف زمني محدد واما اللجوء إلى التحكيم الدولي. كما وضح وزير الدولة للشؤون الخارجية في دولة الإمارات العربية الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان بقوله: "أن قضية الجزر اصبحت قضية خليجية بعد قمة المنامة".
اما إيران فقد كان رد فعلها عنيفاً مؤكدة ما سبق اعلانه من موقف إيراني يرى أن الجزر جزء من ترابها الوطني فقد صرح حميد اصفي المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية رداً على بيان قمة المنامة: "ان البيان الختامي لقمة مجلس التعاون ليس واقعياً ويفتقر إلى روح التعاون وان هذه الجزر جزء لا يتجزأ من الأراضي الإيرانية وستبقى إلى الابد وان دعم الإمارات العربية المتحدة غير مقبول ومؤسف لأنه يثير المطالبة بجزء من أراضينا. إن إيران ستبقى على استعداد لإجراء مفاوضات ثنائية مع الإمارات حول موضوع ادارة جزيرة ابو موسى فقط وعلى اساس الاتفاقات القائمة بين البلدين".
غدت قضية الجزر بند ثابت في بيانات قمم المجلس الاعلى لدول مجلس التعاون الخليجي مؤكدة حق سيادة دولة الإمارات العربية المتحدة على جزرها الثلاث طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى مطالبة إيران بحل قضية الجزر الثلاث بالطرق السلمية أو اللجوء إلى محكمة العدل الدولية.
موقف مجلس التعاون لدول الخليج العربية من البرنامج النووي الإيراني
عدلكانت قمة المجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية المنعقدة في الرياض في 9 و10 ديسمبر 2006 اول قمة يتضمن بيانها الختامي فقرات عن الملف النووي الإيراني اذ حث البيان إيران على التعاون الكامل مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية. كما أكد البيان على مطالبته بجعل منطقة الشرق الأوسط خالية من كافة أسلحة الدمار الشامل بما فيها منطقة الخليج العربي مع الإقرار بحق دول المنطقة في امتلاك الخبرة في مجال الطاقة النووية للأغراض السلمية.
بعد بيان هذه القمة بدت دول مجلس التعاون الخليجي اهتمام اكبر بموضوع ازمة الملف النووي الإيراني وخاصة بعد التطور الايجابي في العلاقات الخليجية الإيرانية خلال العام 2007 والذي تضمن عدت زيارات المسؤولين إيرانيين لدول المجلس فقد قام الرئيس الإيراني محمود احمدي نجاد بزيارة كل المملكة العربية السعودية في مطلع مارس 2007 حيث استقبله الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود العاهل السعودي وبحث معه في تطور الأوضاع في المنطقة. اختتم الرئيس الإيراني محمود احمدي نجاد زيارة للإمارات العربية المتحدة بحث خلالها مع الشيخ خليفة بن زايد ال نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة في الوضع في الخليج العربي والعلاقات الثنائية وقد هدد نجاد برد إيراني شديد في حال تعرضت إيران هجوم من جانب الولايات المتحدة في اطار المواجهة على خلفية برنامج طهران النووي.
واستثماراً في العلاقات الايجابية بين إيران ودول الخليج العربي اعلن الامير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي في مطلع نوفمبر 2007 ان بلدان مجلس التعاون الخليجي تقدمت بعرض إلى إيران لإنشاء هيئة محايدة في بلد محايد كسويسرا لتزويد إيران ودول المنطقة باليورانيوم المخصب للأغراض سلمية. اما إيران فقد اكدت انها تتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية بشأن ملفها النووي وهي لا تقبل بعرض دول مجلس التعاون اذا كان الهدف منه تعليق تخصيب اليورانيوم على الأراضي الإيرانية.
وخلال قيام الرئيس الإيراني محمود احمدي نجاد بزيارة قصيرة إلى البحرين اجتمع خلالها مع عاهل البحرين الملك حمد بن عيسى بن سلمان آل خليفة اعلن ان نشوب حرب امريكية في المنطقة بسبب الملف النووي الإيراني امر مستبعد في المستقبل.
دعا الرئيس الإيراني محمود احمدي نجاد إلى قمة مجلس التعاون الخليجي في قطر إلى زيادة التعاون بين دول المنطقة في المجالات الاقتصادية والأمنية. ورأى نجاد وهو أول رئيس إيراني يدعى إلى حضور قمة لمجلس التعاون ان اي مشكل أمني في اي دولة خليجية لا بد ان ينتقل إلى الدول المجاورة مؤكداً استعداد إيران للتعاون الأمني من دون تدخل خارجي ولم يتناول نجاد ملف إيران النووي في كلمته كما كان متوقعاً.
اما البيان الختامي للقمة فقد جدد دعوته إلى ضرورة التوصل إلى حل سلمي لازمة الملف النووي الإيراني وحث إيران على مواصلة الحوار مع المجتمع الدولي ورحب باستمرار تعاونها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وجدد المجلس مطالبته بجعل منطقة الشرق الأوسط خالية من كافة أسلحة الدمار الشامل بما فيها منطقة الخليج العربي مع الإقرار بحق دول المنطقة في امتلاك الخبرة في مجال الطاقة النووية للأغراض السلمية.
شهد العام 2008 زيارات لمسؤولي دول الخليج العربي إلى طهران تناولت المحادثات العلاقات الثنائية والملف النووي الإيراني حيث اجرى الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة محادثات في طهران مع الرئيس الإيراني محمود احمدي نجاد تناولت الملف النووي الإيراني وصرح الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم بأن الرئيس الإيراني أكد له أن برنامج إيران النووي سلمي مئة في المئة وان طهران ليس لديها النية لتصنيع السلاح النووي.
اعلن رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني في طهران انسجام موقف بلاده مع إيران حيال قضايا لبنان وسوريا وفلسطين والملف النووي الإيراني وقال ان المواقف السياسية التي يتبانها البلدين متطابقة تقريباً.
استقبل الرئيس الإيراني محمود احمدي نجاد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير دولة قطر مرحباً بتطور العلاقات بين الدوحة وطهران.
وفي موازاة ذلك قال الامين العام لمجلس التعاون الخليجي عبد الرحمن العطية الذي زار طهران في أكتوبر 2008 ان المجلس لا يشكك بتاتاً في ان هدف إيران من استخدام التكنلوجيا النووية هو لسد احتياجاتها الوطنية وللأغراض السلمية.
اما البيان الختامي قمة المجلس الأعلى المنعقد في مسقط فقد رحب بالمشاورات بين إيران والدول الغربية. وعبر عن أمله في أن يتم التوصل إلى تسوية دبلوماسية وجدد المجلس المطالبة بجعل منطقة الشرق الأوسط بما فيها منطقة الخليج العربي خالية من الأسلحة النووية.
في حين تطرق البيان الختامي للدورة الثلاثين للمجلس الاعلى المنعقد في الكويت في 14 و15 ديسمبر 2009 بمطالبة إيران بالالتزام بالمرتكزات الأساسية لإقامة علاقات حسن جوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية. ورحب المجلس الأعلى بالجهود الدولية القائمة لحل أزمة الملف النووي الإيراني بالطرق السلمية وإلى تسوية سياسية تبدد المخاوف والشكوك حول طبيعة هذا الملف.
تميز العام 2010 بصدور قرار مجلس الأمن رقم 1929 في 9 يونيو 2010 بخصوص الملف النووي الإيراني ومتضمن منع إيران من المشاركة في الأنشطة المتعلقة بالصواريخ البالستية وفرض حظر على سفر الأفراد المشاركين في البرنامج النووي الإيراني ومنع تقديم الخدمات المالية المستخدمة في النشاطات النووية الحساسة والمراقبة عن كتب للأفراد والكيانات الإيرانية عند التعامل معهم.
لذلك جمدت دولة الإمارات العربية المتحدة 41 حساباً مصرفياً متصلاً بهيئات وافراد إيرانية يشملها القرار الرقم 1929 الصادر عن مجلس الأمن الدولي.
اكد عبد الرحمن العطية الامين العام لمجلس التعاون الخليجي ان بلدان المجلس تعارض توجيه اية ضربة عسكرية تستهدف إيران وانها تدعو إلى الحوار من اجل تسوية ملف طهران النووي.
وخلال انعقاد قمة المجلس الأعلى في ابوظبي في 6 و7 ديسمبر 2010 تابع المجلس الأعلى تطورات العلاقات مع إيران وأكد مجدداً على أهمية الالتزام بالمرتكزات الأساسية لإقامة علاقات حسن جوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية وتابع مستجدات الملف النووي الإيراني بقلق بالغ ومرحباً في الوقت ذاته بالجهود الدولية وبخاصة تلك التي تبذلها مجموعة (5+1) لحل أزمة الملف النووي الإيراني بالطرق السلمية.
توترت العلاقات الخليجية الإيرانية منذ العام 2011 نتيجة التدخلات الإيرانية في الشؤون الداخلية لمملكة البحرين والتي اصبحت من اهم التحديات التي تعرقل تطور العلاقات بين الجانبين ففي رصد للتصريحات الإيرانية الرسمية في هذا الشأن فقد بلغت من فبراير 2011 وحتى ديسمبر 2015 حوالي 100 تصريح إيراني عدائي منها 64 تصريح حول قضايا مملكة البحرين و36 تصريحاً حول قضايا دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية ابرزها تصريح المرشد الأعلى للثورة الإيرانية علي خامنئي خلال يوليو 2015 بالقول ان بلاده: "لن تتخلى عن دعم اصدقائها في المنطقة ولا الشعوب المضطهدة في فلسطين واليمن والشعوب والحكومات في سوريا والعراق وشعب البحرين المضطهد" وقد بلغت التدخلات الإيرانية في شؤون مملكة البحرين مداها عندما حاولت إيران اقحام البحرين ضمن مفاوضاتها مع الدول الغربية مرتين خلال جولتي موسكو وكازاخستان كإحدى القضايا غير النووية وهو الأمر الذي استنكاراً دولياً واقليمياً.
انعكست التدخلات والتصريحات الإيرانية تجاه البحرين ودول مجلس التعاون الخليجي اخرى على بيانات قمم المجلس الاعلى لدول مجلس التعاون الخليجي فقد أعرب بيان المجلس الأعلى للدورة الثانية والثلاثين المنعقدة في الرياض في 19 و20 ديسمبر 2011 عن بالغ القلق لاستمرار التدخلات الإيرانية في الشئون الداخلية لدول مجلس التعاون ومحاولة بث الفرقة واثارة الفتنة الطائفية بين مواطنيها فضلا عن ذلك تابع المجلس الأعلى مستجدات الملف النووي الإيراني بقلق بالغ مؤكداً على أهمية التزام إيران بالتعاون التام مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وفي الدورة الثالثة والثلاثين المنعقد في الصخير جنوب البحرين في 24 و25 ديسمبر 2012 كرر بيان المجلس الأعلى عن رفضه واستنكاره لاستمرار التدخلات الإيرانية في الشئون الداخلية لدول مجلس التعاون وطالب إيران بالكف فوراً ونهائياً عن هذه الممارسات وعن كل السياسات والإجراءات التي من شأنها زيادة التوتر. وتابع المجلس الأعلى البرنامج النووي الإيراني الذي لا يهدد أمن المنطقة واستقرارها فحسب بل الأمن والاستقرار العالمي مشدداً على أهمية التزام إيران بالتعاون التام مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
بعد تولي حسن روحاني منصب رئيس الجمهورية الإسلامية في إيران في يونيو 2013 اعلن انه يسعى لإقامة علاقات مريحة مع دول الجوار الخليجي حيث خص المملكة العربية السعودية عندما وصفها بانها قبلة لكل المسلمين التي يعتزم التقارب معها واعلن استعداده للمزيد من الشفافية ازاء انشطة البرنامج النووي الإيراني.
لذلك رحب بيان الدورة الرابعة والثلاثين لقمة المجلس الاعلى المنعقد في الكويت بالتوجهات الجديدة للقيادة الإيرانية تجاه دول مجلس التعاون أملاً أن تتبع هذه التوجهات خطوات ملموسة في توثيق علاقات التعاون بين دول المجلس وإيران على أسس ومبادئ حسن الجوار وعدم التدخل في الشئون الداخلية ورحب المجلس الأعلى ايضا بالاتفاق التمهيدي الذي وقعته مجموعة (5+1) مع إيران في 24 فبراير 2013 في جنيف باعتباره خطوة أولية نحو اتفاق شامل ودائم بشأن البرنامج النووي الإيراني وخلال الدورة الخامسة والثلاثين لقمة المجلس الاعلى المنعقد في الدوحة في 9 ديسمبر 2014 ثمن المجلس الأعلى الجهود التي تبذلها سلطنة عمان لتسهيل وصول مجموعة دول (5+1) وجمهورية إيران الإسلامية لاتفاق حول البرنامج النووي الإيراني معرباً عن أمله أن يفضي تمديد المفاوضات إلى حل يضمن سلمية البرنامج النووي الإيراني.
توصلت مجموعة الدول الخمس الدائمة العضوية بالإضافة إلى ألمانيا مع إيران إلى اتفاق خلال يوليو 2015 في مدينة فيينا بشأن البرنامج النووي الإيراني يشمل تقليص النشاطات النووية الإيرانية مقابل رفع العقوبات الاقتصادية الدولية المفروضة عليها وقد أعلن رسمياً عن الاتفاق حيث قال الرئيس الأمريكي باراك أوباما إن الاتفاق يقطع أي طريق أمام إيران للحصول على أسلحة نووية بينما قال حسن روحاني رئيس إيران: "إن الاتفاق يفتح فصلا جديا في علاقات إيران مع العالم". هذا من جهة ومن جهة اخرى توصلت تصريحات المسؤولين الإيرانية ضد بعض دول مجلس التعاون الخليجي وبالتالي جاء بيان قمة المجلس الاعلى للدورة السادسة والثلاثين المنعقد في 9 ديسمبر 2015 معرباً عن رفضه التام لاستمرار التدخلات الإيرانية في الشؤون الداخلية لدول المجلس والمنطقة ومؤكد على ضرورة الالتزام بالاتفاق الذي تم التوصل إليه بين إيران ومجموعة (5+1) في يوليو 2015 بشأن برنامج إيران النووي. اضافة إلى ذلك أكد البيان على أهمية تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2231 في يوليو 2015 بشأن الاتفاق النووي بما في ذلك ما يتعلق بالصواريخ البالستية والأسلحة الأخرى. وعبر المجلس الأعلى عن قلقه البالغ بشأن إطلاق إيران لصاروخ بالستي متوسط المدى قادر على حمل سلاح نووي في 10 أكتوبر 2015 مشدداً على أن ذلك يعتبر انتهاكاً واضحاً لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 1929.
تدهورت العلاقات المتأزمة بين السعودية وإيران عقب اعدام السلطات السعودية الشيخ نمر النمر الذي كان حكم عليه بالإعدام في 15 أكتوبر 2014 بتهم اشعال الفتنة الطائفية والخروج على ولي الأمر واعتبر المرشد الأعلى علي خامنئي ان المملكة العربية السعودية ستواجه النقمة الالهية بعد اراقة دم الشيخ نمر من دون وجه حق وقد تعرضت السفارة السعودية في طهران لهجوم من قبل متظاهرين احرقوا خلاله قسماً منها كما تعرضت القنصلية السعودية في مشهد لهجوم. وردت السعودية باستدعاء السفير الإيراني احتجاجا على التدخل السافر في شؤونها الداخلية. واعلنت الرياض قطع العلاقات مع طهران واتخذت البحرين اجراء مماثلا تضامنا مع السعودية. كما استدعت الكويت سفيرها من طهران معلنة تضامنها مع السعودية في مقاطعة إيران. وتلتها قطر في خطوة مماثلة.
استنكرت دول مجلس التعاون الخليجي محاولات إيران تسييس فريضة الحج والاساءة للمملكة العربية السعودية وذلك في اعقاب اتهام طهران الرياض بتخريب موسم الحج هذا العام وقال الامين العام لمجلس التعاون عبد اللطيف بن راشد الزياني ان دول المجلس تستنكر موقف طهران في وضع عراقيل امام التوصل إلى اتفاق نهائي بنظم قيام الحجاج الإيرانيين بأداء فريضة الحج للموسم المقبل. وخلال انعقاد قمة المجلس الاعلى في استنكر بيان الختامي المجلس الأعلى محاولات إيران الهادفة إلى تسييس فريضة الحج والإتجار بها واستغلالها للإساءة للمملكة العربية السعودية مطالباً المسؤولين الإيرانيين بالكف عن مثل هذه الدعاوى والمواقف والتعاون مع الجهات الرسمية بالمملكة العربية السعودية المسؤولة عن تنظيم موسم الحج لتمكين الحجاج الإيرانيين من أداء مناسكهم واعرب البيان ايضاً عن استنكاره وإدانته لاستمرار التدخلات الإيرانية في الشأن الداخلي لدول المنطقة ومن ضمنها مملكة البحرين وذلك من خلال مساندة الإرهاب وتدريب الإرهابيين وتهريب الأسلحة والمتفجرات ومواصلة التصريحات على مختلف المستويات لزعزعة الأمن والنظام والاستقرار وفيما يخص الملف النووي الإيراني اكد البيان على ضرورة تنفيذ إيران لقرار مجلس الأمن رقم 2231 في يوليو 2015 بشأن الاتفاق النووي بما في ذلك ما يتعلق بالصواريخ البالستية والأسلحة الأخرى وعبر المجلس الأعلى عن قلقه البالغ بشأن استمرار إطلاق إيران صواريخ بالستية قادرة على حمل سلاح نووي.
وجهت الحكومة الكويتية اتهاماتها لطهران وحزب الله في لبنان بالضلوع في خلية العبدلي. وقررت خفض عدد الدبلوماسيين العاملين في السفارة الإيرانية في الكويت واغلاق المكاتب الفنية التابعة للسفارة الإيرانية. كما اتهمت البحرين إيران بانها وراء التفجير الذي استهدف انبوب نقل النفط بالقرب من العاصمة البحرينية المنامة مما ادى إلى اندلاع حريق كبير في خط انابيب نقل النفط السعودي إلى البحرين.
وجدت اتهامات الكويت والبحرين صداها في البيان الختامي لقمة المجلس الاعلى فقد حمل إدانته للسياسات الإيرانية تجاه المنطقة بأبعادها النووية وتوسيع برنامج صواريخها الباليستية في انتهاك واضح لقراري مجلس الأمن 1929 و2231 وتدخلها في تقويض الأمن والاستقرار مؤكداً على ضرورة منع إيران من الحصول على سلاح نووي وضرورة إيقاف برنامجها الصاروخي الباليستي والتصدي لأنشطتها لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة ودعمها للإرهاب ومكافحة الأنشطة العدوانية لحزب الله والحرس الثوري ومليشيات الحوثي وغيرها من التنظيمات الارهابية.
أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب في 8 مايو 2018 انسحاب الولايات المتحدة الأميركية من الاتفاق النووي بين إيران ومجموعة دول (5+1) وإعادة فرض العقوبات الاقتصادية على إيران. اما المملكة العربية السعودية فقد اعلن وزير خارجيتها عادل الجبير ان بلاده تؤيد فرض مزيد من العقوبات على إيران قائلا: "ان الاتفاق النووي الإيراني لم يشمل دعم طهران للإرهاب" ووصف خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الروسي سيرغي لافروف في موسكو في أغسطس 2018 الاتفاق النووي مع إيران بانه: "ضعيف خاصة فيما يتعلق بالجدول الزمني" مشيرا إلى ان الاتفاق لم يشمل دعم طهران للإرهاب او برامجها الصاروخية وانتهاكاتها لقرارات الأمم المتحدة.
لذلك كان البيان الختامي لقمة المجلس الاعلى لدول مجلس التعاون الخليجي في دورة التاسعة والثلاثون في ديسمبر 2018 اكثر حدية تجاه إيران اذ طالب البيان باتخاذ خطوات أكثر فاعلية وجدية لمنع حصول إيران على قدرات نووية ووضع قيود أكثر صرامة على برنامج إيران للصواريخ البالستية في الفترة المقبلة وأعرب المجلس الأعلى عن رفضه التام لاستمرار التدخلات الإيرانية في الشؤون الداخلية لدول المجلس والمنطقة وإدانته لجميع الأعمال الإرهابية التي تقوم بها إيران وتغذية النزاعات الطائفية والمذهبية مؤكداً على ضرورة الكف والامتناع عن دعم الجماعات التي تؤجج هذه النزاعات وإيقاف دعم وتمويل وتسليح المليشيات والتنظيمات الإرهابية.
كان البيان اعلاه اخر بيان يصدر من قبل المجلس الاعلى لدول مجلس التعاون الخليجي حتى قمة الرياض العام 2018 والجدول التالي يبين نوع وكيفية ومعدل تناول إيران في البيانات الختامية لقمم مجلس التعاون الدول الخليج العربية.
جدول البيانات الختامية لقمم المجلس الأعلى لدول الخليج العربية من البيان الختامي للدورة الأولى في 26 مايو 1981 وحتى البيان الختامي للدورة التاسعة والثلاثين في 9 ديسمبر 2018.
وجود إيران في البيانات الختامية | استبعاد إيران من البيانات الختامية | المجموع | ||||
عدد المرات | المعدل | عدد المرات | المعدل | مجموع القمم | المعدل | |
إيران بشكل عام | 38 | 97.4% | 1 | 2.6% | 39 | 100% |
دعم المساعي السلمية من أجل إنهاء الحرب العراقية الإيرانية | 10 | 25.6% | 29 | 24.4% | 39 | 100% |
دعوة إيران لقبول القرارات الصادرة من مجلس الأمن الخاصة بإنهاء الحرب | 7 | 18% | 32 | 82% | 39 | 100% |
رفض استمرار احتلال إيران للجزر الثلاث التابعة لدولة الإمارات العربية المتحدة | 25 | 64% | 14 | 36% | 39 | 100% |
دعوة إيران إلى قبول إحالة النزاع حول الجزر الثلاث إلى محكمة العدل الدولية أو عن طريق المفاوضات المباشرة | 20 | 51.2% | 19 | 48.8% | 39 | 100% |
مطالبة إيران بإقامة علاقات حسن جوار وعدم التدخل في الشئون الداخلية | 15 | 38.4% | 24 | 61.6% | 39 | 100% |
إدانة استمرار التدخلات الإيرانية في الشأن الداخلي لدول مجلس التعاون والمنطقة | 8 | 20.5% | 31 | 79.5% | 39 | 100% |
الترحيب برغبة إيران في تحسين وتطوير علاقاتها مع دول المجلس | 4 | 10.2% | 35 | 89.8% | 39 | 100% |
الموقف من البرنامج النووي الإيراني | 13 | 33.3% | 26 | 76.7% | 39 | 100% |
أخرى | 7 | 18% | 32 | 82% | 39 | 100% |
الخاتمة
عدلتوثيق موقف مجلس التعاون لدول الخليج العربية من العلاقات مع إيران من خلال البيانات الختامية لقمم المجلس الاعلى من عام 1981 وحتى عام 2018 واهم ما تناولته هذه البيانات تجاه إيران وطبيعة وكينونة العلاقات والتي انعكست في المقابل على كيفية تناول إيران في البيانات الختامية لقمم مجلس التعاون الخليجي وذلك حسب الآتي:
- عبرت بيانات المجلس الاعلى عن موقف دول المجلس من الحرب العراقية الإيرانية (1980-1988) والذي كان يتطور مع تطور مجريات الحرب فكلما زاد تأثير خطر هذه الحرب في امن هذه الدول ومصالحها ازدادت ردود افعالها السياسية والدبلوماسية وبما يتناسب مع قدراتها. وبالإشارة إلى النشاط السياسي والدبلوماسي الذي قامت به دول مجلس التعاون خلال تلك الحرب التي دامت ثماني سنوات.
- رفض إيران الاستجابة لنداءات مجلس التعاون لدول الخليج العربية بضرورة انهاء قضية الجزر الثلاث من خلال اجراء مفاوضات مباشرة بين الجانبين الإماراتي الإيراني او القبول بمبدأ التحكيم الدولي من خلال عرض القضية على محكمة العدل الدولية.
- لم تؤثر قضية الجزر الثلاث على شكل العلاقات مع دول مجلس التعاون الخليجي وإيران ولكن تتأثر العلاقات الخليجية الإيرانية بشكل سلبي نتيجة تدخل الاخيرة في شؤون دول مجلس التعاون الخليجي.
- عكست البيانات الختامية لقمم المجلس الاعلى موقف دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية من البرنامج النووي الإيراني والذي يتمحور حول ضرورة التوصل إلى حل سلمي لازمة الملف النووي الإيراني والمطالبة بجعل منطقة الشرق الأوسط خالية من كافة أسلحة الدمار الشامل بما فيها منطقة الخليج العربي مع الإقرار بحق دول المنطقة في امتلاك الخبرة في مجال الطاقة النووية للأغراض السلمية.
- تضمنت العديد من البيانات الختامية رفض دول مجلس التعاون الخليجي السياسة الإيرانية في المنطقة العربية.
- دعت العديد من البيانات على ضرورة توثيق العلاقات بين دول المجلس التعاون وإيران على أسس ومبادئ حسن الجوار وعدم التدخل في الشئون الداخلية واحترام سيادة دول المنطقة والامتناع عن استخدام القوة أو التهديد بها.
- انعكس توتر العلاقات السعودية الإيرانية على البيانات الختامية للمجلس الاعلى وخاصة بيانات الاعوام: 2011 و2012 و2015 و2016 و2017 و2018.
مصادر
عدل- ^ "إيران في البيانات الختامية لقمم مجلس التعاون لدول الخليج العربية 1981-2018 دراسة تحليلية".
- ^ "مجلس التعاون لدول الخليج العربية".
- ^ "في ذكراها الـ40.. تعرف على أبرز محطات الحرب العراقية الإيرانية ومن يقف وراء إطالة أمدها".
- ^ "في ذكراها الـ37.. يوم اندلعت حرب الناقلات العراقية الإيرانية وهذه أسباب جر أميركا إليها".
- ^ "الإرهاب البحري.. تاريخ طويل وازدهار في غياب الموقف الدولي الموحد".
- ^ "من أقسى المعارك بين العراق وإيران.. سقوط الفاو عام 1986".
- ^ "1986 | إدانة خليجية لقصف المنشآت النفطية الإماراتية ومقتل 5 أشخاص".
- ^ "الحج: مرآة العلاقة بين السعودية وايران".
- ^ "مساندة قضية الجزر الثلاث المحتلة التابعة لدولة الإمارات".
- ^ "حرب الخليج الثانية.. الزلزال الذي عصف بمنطقة الخليج".