أخلاق

'منظومة قيم' يعتبرها الناس بشكل عام جالبة للخير وطاردةً للشر وفقاً للفلسفة الليبرالية
هذه النسخة المستقرة، فحصت في 25 نوفمبر 2024. ثمة تعديل معلق واحد بانتظار المراجعة.

الاخلاق حياة المجتمع

أخلاق
معلومات عامة
صنف فرعي من
جزء من
يدرسه
لديه جزء أو أجزاء
النقيض
فن رمزي لصورة سيناتور البندقية منسوب إلى تينتوريتو 1585

الأخلاق هي منظومة قيم يعتبرها الناس بشكل عام جالبة للخير وطاردةً للشر وفقاً للفلسفة الليبرالية وهي ما يتميز به الإنسان عن غيره.[1] وقد قيل عنها إنها شكل من أشكال الوعي الإنساني كما تعتبر مجموعة من القيم والمبادئ تحرك الأشخاص والشعوب كالعدل والحرية والمساواة بحيث ترتقي إلى درجة أن تصبح مرجعية ثقافية لتلك الشعوب لتكون سنداً قانونياً تستقي منه الدول الأنظمة والقوانين.[2] وهي السجايا والطباع والأحوال الباطنة التي تُدرك بالبصيرة والغريزة، وبالعكس يمكن اعتبار الخلق الحسن من أعمال القلوب وصفاته. فأعمال القلوب تختص بعمل القلب بينما الخُلُق يكون قلبياً ويكون ظاهرا أيضا.

والأخلاق هي دراسة، حيث يقيم السلوك الإنساني على ضوء القواعد الأخلاقية التي تضع معايير للسلوك، يضعها الإنسان لنفسه أو يعتبرها التزامات ومبادئ يمشي عليها وأيضا واجبات تتم بداخلها أعماله أو هي محاولة لإزالة البعد المعنوي لعلم الأخلاق، وجعله عنصرا مكيفا، أي أن الأخلاق هي محاولة التطبيق العلمي، والواقعي للمعاني التي يديرها علم الأخلاق بصفة نظرية، ومجردة. والكلمة الإنجليزية للأخلاق «Ethic» مستخلصة من الأبجدية اليونانية «ἤθεα» (إيثيه) أي «عادة». وتكون الأخلاق طاقما من المعتقدات، أو المثاليات الموجهة، والتي تتخلل الفرد أو مجموعة من الناس في المجتمع.

والديونتولوجيا -من الجذر اليوناني «δέον» (ديون) أي «ما يجب فعله» و«λογία» (لوغيا) أي «العلم»- أو علم الواجبات مفهوم يستخدم كمرادف للأخلاق المهنية، فيختصّ هذا المجال بالواجبات ويحكم على الفعل راجعاً إلى القواعد والقوانين.

التطور

عدل

ترتبط عملية نشوء الأخلاق الحديثة ارتباطًا وثيقًا بالتطور الثقافي الاجتماعي. يعتقد بعض علماء الأحياء التطورية، على وجه التحديد علماء الأحياء الاجتماعية، أن الأخلاق ناتجة عن القوى التطورية التي تعمل على مستوى الفرد إلى جانب المستوى الجماعي من خلال الاصطفاء الزمري (على الرغم من بقاء هذا الموضوع محطًا للجدل فيما يتعلق بدرجة حدوث ذلك فعليًا في النظرية التطورية). يؤكد بعض علماء الأحياء الاجتماعية أن تطور الأخلاق عائد بشكل كبير إلى قدرتها على توفير فوائد بقاء أو تكاثر محتملة (أي زيادة النجاح التطوري). طور الإنسان بالنتيجة المشاعر «المؤيدة للمجتمع»، مثل أحاسيس التقمص الوجداني أو الذنب، كاستجابة منه على هذه السلوكيات الأخلاقية.

على أساس هذا الفهم، يمكن اعتبار الأخلاق مجموعة من السلوكيات ذاتية الاستدامة المدفوعة بيولوجيًا التي تعمل على تشجيع التعاون الإنساني. يؤكد علماء الأحياء خضوع جميع الحيوانات الاجتماعية، بدءًا بالنمل وصولًا إلى الفيلة، لتعديلات في سلوكياتها، من خلال كبح الأثرة المباشرة بهدف تحسين تلاؤمها التطوري. تُعد الأخلاق الإنسانية في أساسها، على الرغم من تعقيدها ورقيها مقارنة بأخلاق الحيوانات الأخرى، ظاهرة طبيعية متطورة بهدف كبح الفردية المفرطة التي من شأنها تقويض تماسك المجموعة ما ينعكس سلبًا بدوره على تلاؤم الفرد.[3]

من هذا المنطلق، تقوم القواعد الأخلاقية في أساسها على الحدس والغرائز العاطفية التي اصطفتها عملية التطور في الماضي نظرًا إلى دورها المساعد في البقاء والتكاثر (التلاؤم الشامل). من الأمثلة على ذلك: اصطفت عملية التطور رابطة الأمومة بسبب مساهمتها في تحسين فرص بقاء النسل؛ ويدعم تأثير ويسترمارك، الذي ينطوي على دور التقارب خلال السنوات الأولى من الحياة في تقليل الانجذاب الجنسي المتبادل، الأعراف المعارضة لزنا المحارم نتيجة تقليلها احتمالية السلوكيات الخطرة وراثيًا مثل التوالد الداخلي.

ينظر علماء الأحياء التطورية إلى ظاهرة المعاملة بالمثل أو التبادلية الموجودة في الطبيعة باعتبارها إحدى الطرق التي يمكن من خلالها إيجاد فهم أفضل للأخلاق الإنسانية. تكمن وظيفة هذه الظاهرة نموذجيًا في ضمان وجود إمدادات موثوقة من الموارد الضرورية، وخاصة بالنسبة إلى الحيوانات الموجودة في بيئات ذات موارد غذائية متقلبة عشوائيًا في الكمية والنوعية. على سبيل المثال، لا تتمكن بعض الخفافيش مصاصة الدماء من صيد فرائسها بنجاح في بعض الليالي ما يتيح الفرصة أمام بعضها الآخر لاستهلاك الفائض. تلجأ الخفافيش التي نجحت في التغذية إلى تقيؤ جزء من وجبة الدماء الخاصة بها لإنقاذ أحد أفراد النوع من المجاعة. نظرًا إلى عيش هذه الحيوانات ضمن مجموعات متماسكة على مدى سنوات عديدة، يمكن للفرد الاعتماد على بقية أعضاء المجموعة لرد الجميل في الليالي التي يجوع فيها (ويلكنسون، 1984).

جادل مارك بيكوف وجيسيكا بيرس (2009) بأن الأخلاق عبارة عن تركيبة من القدرات السلوكية المنتشرة على الأرجح بين جميع الثدييات التي تعيش في مجموعات اجتماعية معقدة (مثل الذئاب، والقيوط، والفيلة، والدلافين، والجرذان والشمبانزي). عرّفا الأخلاق بأنها «تركيبة من القدرات المتداخلة المرتبطة بالآخرين التي تساهم في صقل التفاعلات المعقدة وتنظيمها داخل المجموعات الاجتماعية». تشمل هذه التركيبة من السلوكيات كلًا من التقمص الوجداني، والتعامل بالمثل، والإيثار، والتعاون والشعور بالعدل.[4] في الأعمال ذات الصلة، ثبت بشكل مقنع أن الشمبانزي قادرة على اختبار التقمص الوجداني وإظهاره بين بعضها البعض في مجموعة واسعة من السياقات.[5] تمتلك الشمبانزي أيضًا القدرة على الانخراط في الخداع، بالإضافة إلى تميزها بمستوى معين من السياسة الاجتماعية،[6] التي تمثل نمطًا بدئيًا من ميولنا الإنساني نحو النميمة وإدارة السمعة.

خلص كريستوفر بوم (1982)[7] إلى فرضية مفادها أن التطور التدريجي للتعقيد الأخلاقي عبر مراحل تطور البشرانيات ناتج عن زيادة الحاجة إلى تجنب النزاعات والإصابات الناجمة عن الانتقال إلى السافانا المفتوحة وتطوير الأسلحة الحجرية. تشير نظريات أخرى إلى أن سبب التعقيد المتزايد عائد ببساطة إلى زيادة حجم المجموعة وحجم الدماغ، على وجه التحديد تطور قدرات نظرية العقل.

المسؤولية القانونية والأخلاقية

عدل

تختلف المسؤولية القانونية عن المسؤولية الأخلاقية باختلاف أبعادهما، فالمسؤولية القانونية تتحدد بتشريعات تكون أمام شخص أو قانون، لكن المسؤولية الأخلاقية فهي أوسع وأشمل من دائرة القانون لأنها تتعلق بعلاقة الإنسان مع ذاته، فهي مسؤولية ذاتية أمام نفسه وضميره. أما دائرة القانون فمقصورة على سلوك الإنسان نحو غيره وتتغير حسب القانون المعمول به، وتنفذها سلطة خارجية من قضاة، ورجال أمن ونيابة، وسجون. أما المسؤولية الأخلاقية فهي ثابتة ولا تتغير، وتمارسها قوة ذاتية تتعلق بضمير الإنسان الذي هو سلطته الأولى.

الأخلاق متعلقة بالإنسان ويعتقد البعض أن فقدان خلفية إيمانية للإنسان قد تضعه في مأزق فكري من جهة الحفاظ على المقياس الأخلاقي الإيماني من التشويش.

انظر أيضا

عدل

مراجع

عدل
  1. ^ الأخلاق الليبرالية، راغب الركابي - تاريخ النشر 31 مارس 2009 - تاريخ الوصول 14 يناير 2014 نسخة محفوظة 07 نوفمبر 2017 على موقع واي باك مشين.
  2. ^ منظومة أخلاقيات لا منظومة أخلاق - إيلاف - تاريخ النشر 30 أكتوبر-2009 نسخة محفوظة 07 نوفمبر 2017 على موقع واي باك مشين.
  3. ^ Shermer، Michael (2004). "Transcendent Morality". The Science of Good and Evil. Macmillan. ISBN:978-0-8050-7520-5.
  4. ^ Bekoff, Marc and Jessica Pierce Wild Justice: The Moral Lives of Animals (Chicago, The University of Chicago Press 2009)
  5. ^ O'Connell، Sanjida (يوليو 1995). "Empathy in chimpanzees: Evidence for theory of mind?". Primates. ج. 36 ع. 3: 397–410. DOI:10.1007/BF02382862. ISSN:0032-8332. S2CID:41356986.
  6. ^ de Waal، Frans (1997). Good Natured: The Origins of Right and Wrong in Humans and Other Animals. Harvard University Press. ISBN:978-0674356610.
  7. ^ Boehm، Christopher (1982). "The evolutionary development of morality as an effect of dominance behaviour and conflict interference". Journal of Social and Biological Sciences. ج. 5 ع. 4: 413–22. DOI:10.1016/s0140-1750(82)92069-3.