إكليل شمسي

نوع البلازما "الغلاف الجوي" للشمس أو الأجرام السماوية الأخرى
(بالتحويل من هالة (فضاء))

الإكليل[1][2][3] الشمسي[4][5] أو إكليل الشمس[6] أو الهالة[1][7] الشمسية أو الطبقة التاجية[8][9] أو الطوق الشمسي[10] (بالإنجليزية: Corona)‏ هي منطقة «جو» خفيفة ناصعة محيطة بالشمس، لا يمكن رؤيتها إلا في وقت الكسوف الكلي للشمس. ويمتد الإكليل إلى نحو 1 - 3 من قطر الشمس خارجها ويمثل منطقة وسطية بين الشمس والفضاء الخارجي. ويستطيع العلماء قياس المنطقة الداخلية للإكليل في جميع الأوقات بدون الانتظار حتى حدوث الكسوف، وذلك بوضع قطعة معدنية مستديرة صغيرة في التلسكوب تحجب الشمس نفسها كما يحدث في الكسوف.[11]

الإكليل الشمسي خلال كسوف الشمس عام 2006.
الإكليل الشمسي كما ظهر خلال كسوف الشمس عام 1999.

وترجع الصفات الطيفية غير العادية للإكليل الشمسية إلى درجة حرارة العالية، مما دعا بعض علماء القرن التاسع عشر إلى الاعتقاد بتواجد عنصر غير معروف فيها أسموه كورونيوم. ثم بينت القياسات والبحوث العلمية بعد ذلك أن هذا الطيف الغريب يعود إلى الحديد شديد التأين (Fe-XIV)، والذي يتسبب في ارتفاع درجة الحرارة خارج الشمس في الإكليل إلى 1 - 2 مليون درجة مئوية.[12]

إكليل ساخن

عدل
 
أثناء اندلاع شمسي حدث في مارس 2012 نتج عنه انبعاث كتلي إكليلي، هذا الانفجار الشمسي ليس متجها إلى الأرض وبالتالي فهو لا يؤثر عليها.[13]
 
حلقات مغناطيسية في الإكليل.

يقع الغلافان الشمسيان الغلاف اللوني والغلاف الضوئي أسفل من الإكليل. ويتكون الإكليل من غازات متأينة في حالة بلازما ويتميز الإكليل بأن درجة حرارته أعلى كثيرًا من الغلافين الأسفل منها وتصل درجة حرارته عدة ملايين كلفن. في حين يبلغ درجة حرارة سطح الشمس نحو 5780 درجة فقط. أسباب نشأة الإكليل وآليات تكوّن درجة الحرارة العالية فيها لا تزال غير مفهومة تماما ويبحث فيها العلماء سواء بالمراصد الأرضية أو بمراصد ترسل على أقمار صناعية.[14]

ويتبوأ فرع الفيزياء الخاص «بفيزياء الشمس» أهمية خاصة لدى العلماء حيث يؤثر النشاط الشمسي وظهور البقع الشمسية تأثيرا مباشرا على الأحوال على الأرض وأحيانا تحدث عواصف شمسية تؤدي إلى إصابة الأرض بوابل من الجسيمات تتسبب في انقطاع التيار الكهربائي في بعض أنحاء العالم مثلما حدث في كندا في سبتمبر 2003، كما تهدد تلك الجسيمات السريعة صحة رواد الفضاء وأحيانا تفسد أجهزة الأقمار الصناعية. لهذا تهتم فيزياء الشمس بإرسال مراصد قريبة منها لدراستها، دراسة الإكليل الشمسي ودراسة النشاط الشمسي.[15]

في أوقات النشاط الشمسي قد يمتد الإكليل المرئي إلى عدة ملايين كيلومترات وبالتالي قد يبلغ 2 إلى 3 قطر شمسي فوق الغلاف الضوئي (سطح الشمس). ويظهر الإكليل في هيئة إشعاعية إلى الخارج بسبب مغناطيسية الإكليل ويتغير كل 11 سنة مع دورة النشاط الشمسي. وبسبب التشكيلات المختلفة للمجال المغناطيسي والتي توجد فيها البلازما، فإن الأشعة المرئية تظهر أثناء قمة النشاط الشمسي في جميع الاتجاهات حول الشمس بينما أثناء فترات الهدوء فيغلب وجود الإكليل عبر الدائرة الاستوائية للشمس.[16]

تفسيرها

عدل

توجد عدة نماذج فيزيائية تفسّر تسخين الإكليل الشمسي، حيث تصل درجة الحرارة فيه عدة ملايين درجة بينما لا تتعدى درجة حرارة سطح الشمس 5800 درجة. ومن تلك النماذج تشتت موجات البلازما (جسيمات أولية مشحونة) وتغيرات مستمرة في أشكال الحقول المغناطيسية على الشمس، وانتشار تصادمي لتيارات كهربائية، وتسخين من خلال موجات تصادمية وبعض التأثيرات الأخرى. وقد ساهمت في الحصول على تلك النتائج عدة أقمار صناعية قامت بالرصد، مثل «مرصد الشمس وغلافها» سوهو ومسبار تريس ومرصد شاندرا الفضائي للأشعة السينية والقمر الصناعي RHESSI. كما سوف يقوم «مسبار الشمس +» مسبار باركر أثناء وجوده في فلك حول الشمس على بعد نحو 4 أقطار من الشمس بقياسات في الإكليل.[17]

 
المنحنى الضوئي اللوغاريتمي لإكليل الشمس (أزرق). ويمثل المنحنى الأحمر الغلاف الضوئي للشمس وانخفاض اللمعان بالابتعاد عن سطح الشمس.

يوجد تدرج شديد في درجة الحرارة في المنطقة التحتية من الإكليل حيث تنخفض فيها الكثافة بالابتعاد عن سطح الشمس (انظر الشكل). وخلال عدة مئات الكيلومترات فوق السطح ترتفع طاقة الحركة لجسيمات البلازما إلى نحو مليون درجة مئوية. وتتسبب درجة الحرارة العالية وبعض آليات التسارع إلى نشأة الريح الشمسية التي تنتشر في الفضاء. وينشأ تسارع الجسيمات المشحونة عن تواجدها في موجات أو أعاصير مغناطيسية شديدة تعمل على تسريع جسيمات البلازما المتكونة بصفة أساسية من بروتونات وإلكترونات.[18]

كما يرجع سبب تسخين الإكليل إلى تلك الدرجات العالية كون كثافته منخفضة جدا. وتمثل درجة حرارته العالية ما يكتسبه أي غاز أو البلازما من طاقة حركة لجسيماته. فإذا وجد جسم صلب على نفس البعد من الشمس فستكون درجة حرارته أقل بكثير، حيث يحدث فيه توازن حراري مختلف تماما عن التوازن الحراري في غاز أو بلازما.

وتصف المعادلة التقريبية التالية شدة إشعاع الإكليل كما يرجع سبب تسخين الإكليل إلى تلك الدرجات العالية كون كثاقته منخفضة جداً. وتمثل درجة حرارته العالية ما يكتسبه أي غاز أو البلازما من طاقة حركة لجسيماته. فإذا وجد جسم صلب على نفس البعد من الشمس فستكون درجة حرارته أقل بكثير، حيث يحدث فيه توازن حراري مختلف تماما عن التوازن الحراري في غاز أو بلازما.[19]

وتصف المعادلة التقريبية التالية شدة إشعاع الإكليل (Lit.: November & Koutchmy, 1996) خارج الشمس بالنسبة لدرجة إشعاع قرص الشمس نفسه ابتداء من مركز فرص الشمس:

 

حيث   هي مسافة بدون وحدات من مركز الشمس، وهي تساوي هنا   عند حافة الشمس.

تمثل تلك المعادلة التقريبية متوسط زمني ومكاني لأن شدة إشعاع الإكليل يعتمد اعتمادا قويا على خطوط العرض على الشمس وعلى النشاط الشمسي وقت المشاهدة.[20]

الضياء الكلي للإكليل

عدل

بإجراء التكامل للمعادلة السابقة من حافة الشمس   حتى مالانهاية نحصل على الضياء الكلي للإكليل، وذلك عند حدوث كسوفًا كليًا للشمس. ويبلغ الضياء الكلي للإكليل نحو 1,6 · 10−6 من الضياء الكلي للشمس، أو من قدرها الظاهري البالغ −12m,3. ذلك الضياء ضعيف وهو يعادل القدر الظاهري لضياء القمر عندما يكون بدرًا. ولذلك فإننا نستطيع مشاهدة الإكليل أثناء الكسوف الكلي للشمس من دون لوح غامق واقي للعين. وبمجرد أن يتزحزح القمر عن الشمس ويظهر خلفه هلال رفيع من الشمس يختفي الإكليل عن أعيننا بسرعة. وعندئذ لا بد من استخدام واقي للعينين لمتابعة مشاهدة الكسوف.[21]

التكوين الطيفي للإكليل

عدل

يتكون ضوء الإكليل الشمسي من ثلاثة أجزاء أساسية، تظهر في التحليل الطيفي:

  • الإكليل F : ويتكون ضوؤها من ضوء الشمس المنعكس على غبار، وتسمى خطوطها الطيفية بأول حرف من اسم مكتشفها «فراونهوفر» الألماني (خطوط فراونهوفر).
  • الإكليل K : وهذه أيضا أشعة متشتتة على إلكترونات. ونظرا لأن سرعة حركة الإلكترونات مختلفة فإن أطوال موجات الضوء المتشتت عليها يعاني انزياح دوبلر، مما يجعل خطوط طيف فراونهوفر تنساب في طيف مستمر ولا تصبح خطوطا منفصلة واضحة.[22]
  • الإكليل L : وهذه خطوط طيف مميزة يصدرها غاز الإكليل نفسه.

اقرأ أيضًا

عدل

مراجع

عدل
  1. ^ ا ب معجم مصطلحات الفيزياء (بالعربية والإنجليزية والفرنسية)، دمشق: مجمع اللغة العربية بدمشق، 2015، ص. 103، OCLC:1049313657، QID:Q113016239
  2. ^ المعجم الموحد لمصطلحات الرياضيات والفلك: (إنجليزي - فرنسي - عربي)، سلسلة المعاجم الموحدة (3) (بالعربية والإنجليزية والفرنسية)، تونس: مكتب تنسيق التعريب، 1990، ص. 173، OCLC:4769958475، QID:Q114600477
  3. ^ ألفريد فايجرت؛ هلموت تسمرمان (1990). الموسوعة الفلكية. ترجمة: عبد القوي عياد. مراجعة: محمد جمال الدين الفندي. القاهرة: دار الكتب والوثائق القومية. ص. 56. ISBN:978-977-01-2341-6. OCLC:929655791. QID:Q123996630.
  4. ^ سائر بصمه جي (2017). القاموس الفلكي الحديث (بالعربية والإنجليزية) (ط. 1). بيروت: دار الكتب العلمية. ص. 111. ISBN:978-2-7451-3066-2. OCLC:1229995179. QID:Q124425203.
  5. ^ أحمد رياض تركي، المحرر (1968)، المعجم العلمي المصور (بالعربية والإنجليزية)، القاهرة: الجامعة الأمريكية بالقاهرة، ص. 130، OCLC:18795017، QID:Q123644307
  6. ^ منير البعلبكي؛ رمزي البعلبكي (2008). المورد الحديث: قاموس إنكليزي عربي (بالعربية والإنجليزية) (ط. 1). بيروت: دار العلم للملايين. ص. 275. ISBN:978-9953-63-541-5. OCLC:405515532. OL:50197876M. QID:Q112315598.
  7. ^ حسن سعيد الكرمي (1999)، المغني الأكبر: معجم اللغة الإنكليزية الكلاسيكية والمعاصرة والحديثة إنكليزي عربي موضح بالرسوم واللوحات الملونة (بالعربية والإنجليزية) (ط. 2)، بيروت: مكتبة لبنان ناشرون، ص. 271، OCLC:1039055899، QID:Q117808099
  8. ^ إبراهيم حلمي الغوري؛ سائر بصمه جي (2013). "النجوم". الموسوعة الفلكية (ط. 2). بيروت: دار الشرق العربي. ص. 16. ISBN:978-9953-61-244-7. OCLC:1291978681. QID:Q123671256.
  9. ^ عماد مجاهد (2011). معجم علوم الفضاء والفلك الحديث (بالعربية والإنجليزية). عَمَّان: دروب ثقافية للنشر والتوزيع. ص. 49. ISBN:978-9957-12-378-9. OCLC:782056884. QID:Q124000206.
  10. ^ إدوارد وديع حداد (2006). معجم المصطلحات الفنية والعلمية والهندسية: فرنسي - عربي (بالعربية والفرنسية) (ط. 3). بيروت: مكتبة لبنان ناشرون. ص. 192. ISBN:978-9953-10-364-8. OCLC:929500981. QID:Q123110925.
  11. ^ Aschwanden, Markus J. (2005). Physics of the Solar Corona: An Introduction with Problems and Solutions. Chichester, UK: Praxis Publishing. ISBN 978-3-540-22321-4.
  12. ^ Aschwanden، M. J. (2004). Physics of the Solar Corona. An Introduction. Praxis Publishing Ltd. ISBN:3-540-22321-5.
  13. ^ "Sun Unleashes X6.9 Class Flare". NASA. مؤرشف من الأصل في 2017-06-27. اطلع عليه بتاريخ 2012-03-07.
  14. ^ de Ferrer, José Joaquín (1809). "Observations of the eclipse of the sun June 16th 1806 made at Kinderhook in the State of New York". Transactions of the American Philosophical Society. 6: 264–275. doi:10.2307/1004801. JSTOR 1004801.
  15. ^ Vaiana, G. S.; Krieger, A. S.; Timothy, A. F. (1973). "Identification and analysis of structures in the corona from X-ray photography". Solar Physics. 32 (1): 81–116. Bibcode:1973SoPh...32...81V. doi:10.1007/BF00152731. S2CID 121940724.
  16. ^ Vaiana, G S; Rosner, R (1978). "Recent advances in Coronae Physics". Annu. Rev. Astron. Astrophys. 16: 393–428. Bibcode:1978ARA&A..16..393V. doi:10.1146/annurev.aa.16.090178.002141.
  17. ^ Giacconi, Riccardo (1992). J. F. Linsky and S.Serio (ed.). G.S. Vaiana memorial lecture in Proceedinds of Physics of Solar and Stellar Coronae: G.S. Vaiana Memorial Symposium. Kluwer Academic Publishers-Printed in the Netherlands. pp. 3–19. ISBN 978-0-7923-2346-4.
  18. ^ Ito, Hiroaki; Tsuneta, Saku; Shiota, Daikou; Tokumaru, Munetoshi; Fujiki, Ken'Ichi (2010). "Is the Polar Region Different from the Quiet Region of the Sun?". The Astrophysical Journal. 719 (1): 131–142. arXiv:1005.3667. Bibcode:2010ApJ...719..131I. doi:10.1088/0004-637X/719/1/131. S2CID 118504417.
  19. ^ Pallavicini, R.; Serio, S.; Vaiana, G. S. (1977). "A survey of soft X-ray limb flare images – The relation between their structure in the corona and other physical parameters". The Astrophysical Journal. 216: 108. Bibcode:1977ApJ...216..108P. doi:10.1086/155452. Golub, L.; Herant, M.; Kalata, K.; Lovas, I.; Nystrom, G.; Pardo, F.; Spiller, E.; Wilczynski, J. (1990). "Sub-arcsecond observations of the solar X-ray corona". Nature. 344 (6269): 842–844. Bibcode:1990Natur.344..842G. doi:10.1038/344842a0. S2CID 4346856.
  20. ^ Mewe, R. (1991). "X-ray spectroscopy of stellar coronae". The Astronomy and Astrophysics Review. 3 (2): 127. Bibcode:1991A&ARv...3..127M. doi:10.1007/BF00873539. S2CID 55255606.
  21. ^ Ulmshneider, Peter (1997). J.C. Vial; K. Bocchialini; P. Boumier (eds.). Heating of Chromospheres and Coronae in Space Solar Physics, Proceedings, Orsay, France. Springer. pp. 77–106. ISBN 978-3-540-64307-4.
  22. ^ Malara, F.; Velli, M. (2001). Pål Brekke; Bernhard Fleck; Joseph B. Gurman (eds.). Observations and Models of Coronal Heating in Recent Insights into the Physics of the Sun and Heliosphere: Highlights from SOHO and Other Space Missions, Proceedings of IAU Symposium 203. Astronomical Society of the Pacific. pp. 456–466. ISBN 978-1-58381-069-9.

مصادر

عدل

روابط خارجية

عدل