مرحبا بك في ويكيبيديا، محمد يوب !

ويكيبيديا هي مشروع تحرير جماعي لـموسوعة علمية وثقافية بمختلف اللغات. لطلب المساعدة في أي وقت تجد وصلة (مساعدة) في هامش كل صفحة على اليمين.

لا تتردد في قراءة الوصايا الأولى للتحرير و التعديل و إنشاء المقالات الجديدة و تنسيقها وفقا لمعايير ويكيبيديا. تم تخصيص ساحة التجربة لاحتواء تجاربك وخطواتك الأولى في التحرير والتعديل.

يمكنك الاستفسار و طرح الأسئلة المتعلقة بطبيعة العمل في ويكيبيديا، كما يمكنك أيضا طرح الأسئلة العلمية أو الأدبية.

يمكنك أيضا التعريف بنفسك في صفحتك الشخصية، بكتابة معلومات عنك: اللغات التي تتكلمها، من أي بلد أنت، ما هي محاور اهتمامك...

لا تنس التوقيع في صفحات النقاش بكتابة أربع مدّات، هكذا ~~~~. ولكن يجب عدم التوقيع في صفحات المقالات الموسوعية، لأنها تصبح ملكا للجميع لحظة إنشائها .

نرجو منك الاطلاع على ركائز ويكيبيديا الخمسة و المعايير المتبعة (الحياد، و عرض مصادر ومراجع التحرير، و أسلوب التحرير، و معايير السيرة الشخصية، وتفادي كتابة السيرة الذاتية). كما وجب ألاّ تنس عدم النسخ من الإنترنت لأسباب حقوق التأليف والنشر. يمكنك أيضا المساهمة في أحد مشاريع ويكيبيديا وانتقاء موضوع يعجبك.

نرحب بمساهمتك في رفع الصور لإثراء المقالات، مع الأخذ بعين الاعتبار احترام القوانين الصارمة المتعلقة باستعمال الصور واحترام حقوق التأليف والنشر. يوجد أيضا ويكيبيديون متطوعون في ورشة الصور لتحسين صورك وترجمة الصور المطلوبة.

أخيرا، وهو أهم شيء، نرجو منك أن تتمتع بالمساهمة معنا في هذا المشروع!

إذا كانت لديك أي استفسارات أو أسئلة أخرى، يمكنك طرحها في هذه الصفحة أو في صفحة نقاشي.

-- Avocato(راسلني إذا احتجت للمساعدة) 15:49، 18 يوليو 2011 (ت ع م)

جمالية الفوضى في ديوان "صمت يساقط أكثر"

عدل

جمالية الفوضى

في ديوان

"صمت يساقط أكثر"

للشاعرة عزيزة رحموني في حفل توقيع بمؤسسة محمد السادس للأعمال الاجتماعية بالرباط.


•1- فوضى تعم الديوان


عند قراءة ديوان"صمت يساقط أكثر"للشاعرة عزيزة رحموني نلاحظ بأنه يتوجه في عمومه إلى المتلقي، معتمدا أسلوب البساطة المستعصية و الفوضى المفارقة التي تترك شرفة مواربة لاستقبال المعنى، وتستدرج القارئ لفهم التجربة الشعرية المرتمية في حضن الاستعارة الدافئة التي تمتع القارئ وتحسسه بلذة القراءة.


فابتداء من لوحة الغلاف التي تشتت الرؤية البصرية بين الأشكال المجسمة و الحروف المكتوبة على دفة الكتاب،وتداخل الألوان وتماهيها بين الأخضر الغامق والأسود الفاتح،إضافة إلى فوضى تجنيس المنجز باعتباره وشوشات شعرية موجهة في اتجاه المستمع الفرد المستعد و المتشوق لسماع هذه الوشوشات.


وهناك فوضى على مستوى عتبة العنوان المركب من ثلاثة دوال يجمع بينها التنافر المعجمي،فالصمت لا يقبل التساقط لأن الصمت محسوس و التساقط له صلة بشئ ملموس،فالشاعرة تقصد شد انتباه القارئ وإغراقه في دوامة ذهنية مشحونة بالقلق و الحيرة.

وما قلناه عن العنوان نقوله عن عناوين القصائد فهي عبارة عن نصوص موازية للقصيدة لا يمكننا فصلها عن جسد القصيدة،وأحيانا يحتاج العنوان نفسه إلى وقفة تأمل وتأني لفهم القصيدة كاملة.


وهناك فوضى على مستوى تنويع القصائد بين قصيدة النثر وقصيدة التفعيلة،وهي كذلك قصائد مختلفة في الحجم بين القصيرة و المتوسطة الطول،قصائد إلماعية مستفزة في فوضويتها، صادمة تميل إلى التجريد و اللامعقول،وكأن الشاعرة ترسم لوحات زيتية بألوان الحروف و العبارات(وشم في دمي ينحث الصدى)

فالشاعرة تنتقي الكلمات لتأثيث فضاء القصيدة،كلمات متنافرة في المبنى لكنها منسجمة في إعطاء المعنى وإكمال الصورة المتخيلة في ذهن المتلقي،كلمات شعرية تجعل من اللامعقول معقولا،ومن الكلمات قطرات أمطار تتساقط بطريقة كاليغرافية يدل شكلها على مضمونها:

فمن لي بيد ملائكية

تدثر

بهاء

نسغي

ص38


يتفتت الحلم

حين

الليل

يسري

مني

ص33

فالكلمات مشتتة ومتشظية كما تشظي وتشتت الذات في عالم الحياة،إن الشاعرة في هذا الديوان كما الصوفي يقرؤ الشئ ونقيضه،إنها تسائل القصيدة وقدرتها على تجلي الذات وفضحها في نفس الآن.


•2- من فوضى الكلمات إلى فوضى الذات


للديوان مداخل متعددة وأول مدخل هو اللغة،ومن اللغة تقرؤ الذات المعبرة والمحددة لطبيعة وعيها و الموجهة لخطوطها الدلالية.

فالذات في مجموع الديوان تكاد تكون صاحبة السيادة الإنتجاية،فيها حضور مكثف لضمير المتكلم،و الذات تبدو مستوعبة لمفردات الحياة ومتماهية فيها إلى درجة أن القارئ يشعر بأن الذات هي الحياة والحياة هي الذات.بالرغم من عدم وجود واقع ملموس تقوله الشاعرة وتحكيه،بل تعبر عنه من خلال مجموعة من الأسئلة الوجودية التي تبحث عن واقع تحبه وترضاه.


وحضور الذات في الديوان كان حضورا فاعلا تتحرك عندما يسكن وتسكن عندما تتحرك،تتكلم عندما تصمت وتصمت عندما تتكلم،ولهذا لا يمكن التعامل مع الذات إلا من منطلق تأويلي يطرح وينتظر الآتي من الأجوبة المختلفة مما يضفي على الديوان طبيعة إنتاجية دائمة ومستمرة،يكون القارئ طرفا أساسيا فيها.


فالديوان عكس ما يوحي به العنوان"صمت يساقط أكثر" فهو مكون من قصائد صامتة كتومة، فيها الذات هي التي تتكلم لا تمنح نفسها لقارئها بيسر ودون مقارعات ومكاشفات،وهي كذلك نصوص ملغزة تحكي شعريتها في صمت تبحث عن متلقي ضمني له دراسة شاملة لما في وعي ولاوعي الشاعرة،لأن هذه الأخيرة تستحضر في ذهنها هذا القارئ المتخصص المتشبع بفلسفات وجودية وبنظريات صوفية وطقوس دينية غربية وشرقية...وشوشات غارقة في الغموض وفي امتطاء الملغز و المعجز من المشاهد و من الصور الشعرية:


أن

يحضنك الحب

أن تلامسك شمس الليل

صلاة ورعة...أغنية قديسة

تلك سدرة المشتهى

أيمكن أن نكون معا

متوحدين في ألم....؟

كائن يتشظى أنا

في عالم يضيق على نفسه

شمس الليل ص32-33

فمن خلال هذه القصيدة وغيرها نتتبع مجالات فوضى القصيدة التي تعكس في لغتها فوضى الذات المتماهية في الآخر و الغارقة في التشظي عن وعي بما تفعل، لأن في ذلك متعة ذاتية تحققها من خلال الفوضى و الجنون المعقلنين.


وتعتبر قصيدة "صمت يساقط أكثر" قمة التعبير عن الذات بمختلف تجلياتها،إنها تعبر عن الذات وهي ترتقي سلالم الشعور بالمحيط الخارجي الغارقة في عتمة الذات،والباحثة عن جوهر الإنسان الحقيقي، فهي القصيدة الكبرى التي أستقت منها الشاعرة عنوان الديوان،فهي القصيدة التي تبوح من خلالها عما في داخلها من ذوات أخرى،لأنها تنطلق من ذاتها للتعبير عن ذوات الآخرين من خلال: قصيدة تصرخ جرعات،تفك جدائل الصبوات

وتهدي البحر رغوة بوح لا تجرفها الرياح

أمام صمت يساقط أكثر ص 12


وهذا يؤكد لنا بأن الشعر بصفة عامة هو عبارة عن فوضى ،لأنه لا يعبر عن المعاني تعبيرا عاديا كالتعابير المتداولة بين أفراد الناس وإنما يتفنن فيها توخيا للعمق،وتوسيعا لطاقات الإيحاء وإمعانا في التوضيح وسعيا وراء الجمال و التأثير في نفوس الناس وتحريك عقولهم وعواطفهم وأحاسيسهم.


•3- من بوابة النص الحاضر إلى فضاء النص الغائب


عند قراءة ديوان "صمت يساقط أكثر" نلاحظ بأن القصائد المشكلة لهذا الديوان لا تولد من فراغ وإنما تأتي من نصوص أخرى مجاورة أو محاورة،نصوص غائبة تتناص معها هذه القصائد،وهكذا لا يمكن فهم النص الحاضر دون استحضار النص الغائب الذي يساهم في تخصيب النص الحاضر وتقويته،ففي قصيدة "حروف تكاد تصهل" تتناص مع ملحمة جلجاميش الأسطورة البابلية التي تحكي حكاية جلجاميش الذي خرج من مملكته بحثا عن نبتة الخلود:

أينبغي أن أحرر كل نسور الأرض

بحثا عن نبتة الميلاد   ص 39  


لكن هذا لا يعني أن هذه القصيدة تنسخ الملحمة وتبقى رهينة لها،بل إننا نرى بأن الشاعرة حاولت خلق فضاء جديد لها يعطي للقصيدة استقلاليتها وجماليتها.

وجمالية القصيدة برزت من خلال التعبير القوي عن مجموعة من الصور الشعرية الدالة على عمق فكري وبعد قرائي حفر عميقا في الذاكرة وفي الأسطورة و التاريخ ،بلغة تفهم في السياق وليس خارج السياق،لغة انفجارية فيها محسنات بلاغية لفظية ومعنوية.


فالشاعرة جعلت الحروف تصهل كما صهيل الخيول،محدثة صوتا قويا مستعدة لبداية العدو و المنافسة في مضمار القصيدة ،وهو تشبيه تمثيلي وجه الشبه فيه منتزع من غير جنسه .وفي هذه الصورة المجازية دعوة إلى إمعان النظر وإعمال الفكر،و التشوق إلى إدراك المعنى و اكتشاف غوامضه.


•4- خاتمة

على العموم نشير بأن الديوان خاضع لمنطق الفوضى المعقلن، المستفيد من بلاغة اللغة ومن منطق المفارقة المؤدية لعدة معان تختلف باختلاف أنواع المتلقين، وتعمل كذلك على مفاجأة القارئ وتجعله متابعا ومتذوقا لمعاني القصيدة بالرغم من غموضها، لأن الغموض في الشعر عامة وسيلة من وسائل توليد المعنى وإنتاج اللذة القرائية.


فالشاعرة استطاعت أن تخلق لنفسها معجما خاصا بها، معجما تنزاح لغته بشكل ملموس وواضح لتكسر مونوطونية النص الشعري، وتكسر جمود اللغة المحنطة وتجعلها تواكب أسئلة العصر وقضايا الإنسان الكونية و الوجودية.

نصوص شعرية تنزاح لملامسة النثر و التعايش معه لأن في الشعر ظلا من النثر وفي النثر ظلا من الشعر كما قال أبو حيان التوحيدي.


وقد تميز الديوان كذلك بقصائد قصيرة مكونة من جمل كبرى مشحونة بعلامات الترقيم وإشارات المرور التي تساعد القارئ على تخطي مسار القصيدة بسلام دون فهم مغلوط لدلالاتها ،إنها قصائد بليغة تمليها أسرار الذاكرة و خبايا الذات المعبرة،قصائد فيها رؤية وعمق فكري ودلالي.


كما أن الشاعرة من حين لآخر تترك مجموعة من الفراغات ونقط الحذف وتوزيع السواد على البياض بطريقة مختلفة تجعل القارئ مشاركا ومتورطا في ملئ هذه الفراغات وهذا ما يسمى ببلاغة البياض و بلاغة الفراغ.


والديوان كذلك نراه يطارد اللغة الهاربة لاقتناص الصورة المعبرة عن الذات ،وعن شطحاتها وطقوسها الخاصة،فالقصيدة تكتبها اللغة كطرف أساسي وتنكتب في مرحلة أخرى بأياد متعددة يد الشاعرة ويد النصوص الشعرية ويد القارئ.


محمد يوب