نقاش:أوغسطينوس/أرشيف 1
هذا أرشيف النقاشات السابقة حول أوغسطينوس. لا تقم بتحرير محتويات هذه الصفحة. إذا كنت ترغب في بدء مناقشة جديدة أو إحياء مناقشة قديمة، يرجى القيام بذلك في صفحة النقاش الحالية. |
أرشيف 1 |
- أرشيف 1
- 2
نقاش بدون عنوان
للأسف الشديد ترجمة أوغسطين فيها مغالطات تاريخية تتناقض مع ما ذكره أوغسطين نفسه في كتبه وللفائدة ولتصحيح الأكاذيب التي وردت في الصفحة فهذه ترجمة موثقة بالمصادر لأوغسطين.
1-من هـــو أغسطينوس؟
ولد أوريليوس أغسطينوس أو أغسطين أو أوغستان (Saint.Augustin) في 13 نوفمبر من سنة 354م من أم بربرية مسيحية اسمها مونيكا، وأب وثني روماني عبارة عن موثق بسيط كان يسمى پاتريسيوس في مدينة تاگيسته (سوق الهراس) بالجزائر (نوميديا). وقد دافع أوغسطين كثيرا عن هويته الكنعانيته السامية في رسالة له إلى أهل روما، وكان يقول:" إذا سألتم سكان البوادي عندنا في نوميديا، قالوا: نحن كنعانيون"، ويعني هذا أن لغة أوغسطين هي الفينيقية ذات الجذور الكنعانية. بيد أن ثقافته لاتينية ، ولايتقن من الإغريقية إلا النزر القليل.[i] وتلقى أوغسطين تعليمه في تاگيسته و مودوروس منذ السادسة عشرة من عمره، وسافر إلى قرطاج ليستكمل دراساته . وبعد ذلك، انتقل إلى إيطاليا في مرحلة الغزو اللاتيني لشمال أفريقيا للتعلم والدراسة في روما وميلانو. وقبل سفره كان متأثرا بالأفلاطونية المحدثة. وقد مارس أوغسطين مهنة التعليم، و كان يعطي دروسا في البلاغة في مدينة قرطاج و مدن إيطاليا، وانتقل حيال مدينة عنابة سنة 388م التي أقام فيها ديرا للتعبد والاعتكاف الديني ليتقلد عدة مناصب دينية إلى أن عين في منصب أسقف مدينة عنابة سنة 395 م ، وصار بعد ذلك أبا للكنيسة اللاتينية. وقد توفي أوغستان في29/08/ 430 م بمدينة عنابة (Hippone). وتشبع أوغسطين بالمعتقد المسيحي تأثرا بأمه القديسة مونيكا، وتأثرا كذلك بأسقف ميلانو القديس أومبرواز Ambroise وذلك سنة386م. هذا، وقد دافع أوغسطين كثيرا عن مبادئ المسيحية الكاثوليكية الرسمية التابعة للكنيسة الرومانية، ووقف في وجه الحركة الدوناتية ذات الملامح الثورية الشعبية. وكان" خطيبا وكاتبا من طراز عال، فلم يتح للمسيحية أن رزقت زعيما في مرتبته قط".[ii] ويعرف على أوغيسطينيوس أنه في بداية حياته كان ماجنا متهتكا وشابا عربيدا. إلا أنه تاب بعد ذلك وأصبح متدينا وزاهدا متقشفا. وبالتالي، كان القديس أوغسطين" ثاقب الذهن، واسع الفكر، غزير العلم، ارتوى من مبادئ الديانة المسيحية، فأصبح من أكبر القسيسين ورجالات الكنيسة الكاثوليكية. وقد كرس حياته الصالحة في مقاومة الزنادقة ومكافحة المذاهب الأخرى التي من شأنها أن تقف حجر عثرة في سبيل تقدم الديانة المسيحية؛ وكان يستعمل سائر الوسائل لمحاربة المذهب الدوناتي(donatisme ) الذي كان يرمي الكاثوليكيين بتسرب الضعف إلى عقيدتهم الدينية كما كان يحارب المذهب المانكي Manichéisme ) ) والمذهب الآري الذي سينتحله، فيما بعد، القائد جنسريق، ملك الوندال."[iii] وعلى الرغم من ثقافة أوغسطين اللاتينية ، فإنه كان يقدم قداسه ومواعظه باللغة المحلية أو اللغة الفينيقية ؛ لأن السكان في شمال أفريقيا كانوا يجهلون اللغة اللاتينية لكونها لغة المثقفين الذين درسوا بروما وأصبحوا من مؤيدي الحكومة الرومانية، بل كانوا يرفضونها؛ لأنها لغة المستعمر، والهدف من نشرها في افريقيا هو العمل على نشر سياسة الرومنة والترومن. وفي هذا يقول الأستاذ الحسن السايح:" ورغم هذا التأثير الروماني فقد ظل الشعب المغربي يتكلم الفينيقية ويحدثنا القديس (أوغسطونيوس) وهو أحد رجال الدين المغاربة، أنه كان يستحيل عليه أن يلقي قداسه باللغة اللاتينية لأن معظم الناس الذين يستمعون إليه لايعرفون حرفا واحدا من اللاتينية، وإنما كانوا يعرفون اللغة الفينيقية، التي كانت منتشرة انتشارا واسعا، حتى إن العرب الذين جاؤوا المغرب وجدوا الناس يتكلمون اللغة الفينيقية، وهي لغة سامية أخت العربية، بل إنها لهجة من اللهجات العربية فكان الانتقال منها إلى لغة أخرى كالانتقال من اللهجة المغربية إلى المشرقية."[iv] وكان أوغسطينيوس شخصا مثقفا وفيلسوفا لاهوتيا موسوعيا لم يستطع أحد أن يصل إلى مستوى هذا العالم إبان العصر القديم حيث امتلك ثقافة لاتينية عميقة وواسعة المدارك ومتنوعة المستويات والمفاصل، وعد في المجال الديني ضمن آباء الكنيسة. وقد ترك أوغسطين نظرية فلسفية دينية متكاملة مازالت تدرس وتناقش إلى يومنا هذا في الملتقيات اللاهوتية والفكرية، وتنسب إليه تحت اسم" الأوغسطينية" Augustinienne. وثمة عوامل عدة تحكمت في توجيه شخصية أوغسطين، ويمكن إجمالها في: خطابة شيشرون، وقراءة الإنجيل و الاطلاع على تأويلاته وفحص لغة كتابته وخاصة الإنجيل الإفريقي، والانسياق وراء العقيدة الثنائية التي تسمى بالمانيكية، كما تأثر كثيرا بفلسفة أفلاطون والفلسفة الأفلوطينية المحدثة. ومن مرتكزات نظرية أوغسطين: الإيمان الروحي، والحب، والعقل، والحكم العادل، والقدر الإلهي، والإرادة، والخير، و التذكر بدل الجهل والنسيان، والحرب العادلة، والخطيئة الأصلية، والطبيعة، والتعويض، والتجسيد الحلولي ، والملكية الخاصة.
2- مـــؤلفاتـــــه:
ألف أوغيسطينوس أكثر من مائتي كتاب باللاتينية ، وتصنف كتبه وردوده ضمن إطار الثورات الدينية والأدبية التي كانت تشتعل في نوميديا بالخصوص بين الدوناتية والكنيسة الأفريقية المسيحية. وكان القس دوناتوس هو الذي يقود الحركة الدوناتية ، ومن المعلوم أن هذه الحركة ذات طابع ديني شعبي ثوري راديكالي تتشكل من الفقراء والمعدمين والبؤساء والثوار المحليين والعبيد الضعفاء، تدافع عن هوية الساكنة واستقلالهم، وتحارب الرومان وتطالب السكان المحليين بطردهم بالقوة من شمال أفريقيا . أما الكنيسة الكاثوليكية التي يتزعمها أوغستان في أفريقيا فقد استهدفت نشر العقيدة الكاثوليكية كما هو متعارف عليها في الكنيسة المركزية الرومانية ، بيد أن هذه الكنيسة كانت في خدمة الإمبراطور الروماني قسطنطين، تهادن الحكومة الرومانية في حالات السلم والحرب، وتعطي المشروعية الدينية للمعمرين الأجانب والمرابين وأصحاب النفوذ، وتبرر استغلال الإقطاع الروماني في نوميديا بصفة خاصة وشمال أفريقيا بصفة عامة. وعليه، لابد من وضع مؤلفات أوغيسطينوس ضمن هذا السياق التاريخي الذي ينحصر في الصراع ضد الرومان والوندال، وضمن الصراع الديني والاجتماعي والعسكري الذي كانت تخوضه الكنيسة الكاثوليكية ضد المذهب الدوناتي وحركة الدوارين الاجتماعية . وكانت لا تناصر في ذلك سوى القوات الرومانية وتؤيد كل القرارات التي تصدرها الحكومة اللاتينية لإبادة المعارضين. وجل الكتب التي ألفها القديس أوغسطينيوس كانت باللغة اللاتينية، لكن قداسه الديني كان يقدمه باللغة الفينيقية ؛ لأن اللاتينية كانت مقتصرة على كبار المثقفين والموظفين الإداريين التابعية لحكومة روما، وفي هذا يقول القديس أوغسطين:" إن الدولة الرومانية التي تعرف كيف تحكم الشعوب؛ لم تفرض على المغلوبة منها سيطرتها فحسب، بل لغتها أيضا".[v] وعلى أي حال، فأوغسطين كان له فكر في العقيدة التي اعتنقها وفي تعامله مع الرومان، وهو كثير الجدال والمناظرة بالنسبة للعقيدة، وهو كذلك:" فيلسوف قبل كل شيء، رجل يحلل الآراء ويرى كل ماتحوي ومبدأها الأول ومداها ونتائجها النهائية. وهو فوق ذلك خطيب ومؤرخ أو بالأحرى فيلسوف للتاريخ في كتابه" مدينة الله"، وهو أخيرا شاعر للقلب والوجدان الممتع في" اعترافاته" الخالدة. وربما كان هذا الرجل أغرب رجل في العالم القديم كله.".[vi] ومن أهم كتب أوغسطين: اعترافاتي، ومدينة الله، والثالوث المقدس، والنعمة.
أ- اعترافات أوغسطينوس:
ومن أهم مؤلفات القديس أوغستان سيرته "اعترافاتي" Mes confessions التي أصبحت بمثابة البداية الحقيقية للكتابة الأوطبيوغرافية في الفكر الإنساني. ويعني هذا أن هذا المؤلف هو أول كتاب وصل إلينا في باب السيرة الذاتية الروحية ذات الطابع الديني الذي يشتبك بالطابع التاريخي ، حيث يقدم فيه الكاتب اعترافاته بكل صدق وصراحة، ويفصل حياته الغريبة ويوضح انسياقه وراء الأهواء والشهوات، ولاسيما في قرطاج حيث ولع بالمسرح والحب والجنس، ويبين لنا كيف تعرف الله وكيف انتقل بعد ذلك إلى الفكر المسيحي. كما يكشف لنا عن تصوره وموقفه من الصراع العقائدي والاجتماعي والتاريخي الذي كان يعيش فيه أوغسطين إبان مرحلة الصراع مع الرومان. وتعني الاعترافات في المفهوم المسيحي بوح الإنسان واعترافه للراهب بأخطائه وذنوبه قصد الحصول على العفو. ويسير الكتاب في هذا المنحى الاعترافي المسيحي، فيعترف أوغسطين بكل جرأة بأخطائه ومجونه من أجل الظفر بالتوبة والغفران الرباني. ومن المعروف أن هذا الكتاب كتب بين391 و400م في حياة الكاتب أوغسطين ، بينما كتاب " مدينة الله " و"الثالوث المقدس" لم يكتبا ويستكملا إلا بعد وفاته وبالضبط في 400 م. وإذا أراد الدارسون التأريخ للسيرة الذاتية في الغرب يبدأون بالقديس أوغسطين ليتبع بجان جاك روسو بكتابه" اعترافات روسو"، على الرغم من أن أوغسطين مفكر لايمت بصلة كبيرة إلى الهوية الأورپية من حيث اللغة والهوية والشعور والوجدان ، ولكنه دافع عن الرومان الذين يحملون في عصره نفس عقيدته الدينية وهي الكاثوليكية.
والدليل على ريادة سيرة أوغسطين ومكانتها في الأدب الإنساني والعالمي ما قاله الدكتور إحسان عباس في كتابه" فن السيرة":" وفي السير الذاتية بالغرب معالم كبيرة كان لكل معلم منها أثره في كتابة السيرة الذاتية وطريقتها، وفي طليعة تلك السير" اعترافات القديس أوغسطيس" فإنها فتحت أمام الكتاب مجالا جديدا من الصراحة الاعترافية، وشجعت الميل إلى تعرية النفس، في حالات كثيرة تلتبس بالآثام، أو يثقل فيها عناء الضمير.".[vii] ومن أهم مميزات كتاب" اعترافاتي" أنه كتب بطريقة شاعرية روحانية وجدانية يستقطر فيها الكاتب دموع المعاصي و الذنوب ليعوضها براحة التوبة والغفران مقابلا بين الحياة والموت والدنيا والآخرة.
ب- مدينة الله:
يشتمل كتاب" مدينة الله "La cité de Dieu على اثنين وعشرين فصلا أراد فيها صاحبها أن يبين فضل الآخرة على الحياة الدنيا ضمن منظور عقدي مسيحي. كما يؤول فيه كتاب الإنجيل من خلال اجتهاداته وتجاربه الدينية والروحانية متأثرا في ذلك بالفلسفة الأفلاطونية والأفلاطونية المحدثة و العقيدة المانيكية. هذا، ويحوي المؤلف آراء عميقة وحصيفة في مجال فلسفة التاريخ وتأريخ اللاهوت وتفسير الإنجيل وتأويله. وقد انتشرت آراؤه الدينية والفلسفية بين المفكرين واللاهوتيين المسيحيين فيما بعد، وعرفت تصوراته الدينية وتفسيراته المذهبية بالنظرية( الأوغسطينية). وسيهتم المسيحيون فيما بعد بأفكار أوغسطين التي طرحها في كتابه "مدينة الله" وخاصة فكرة الخطيئة، وفكرة الحكم الحر، ولاهوتية التاريخ. ولابد أن نذكر أن أوغسطين قد حارب الدوناتية والمانكية والآرية والپيلاجية واليهودية وكل الدعوات الوثنية والدينية المنحرفة، وحاول في كتاباته جاهدا التوفيق بين العقل والإيمان.
ج- الثالوث الأقدس trinité:
يلاحظ على هذا الكتاب أنه لم يجمع ويستكمل إلا بعد وفاته وذلك في سنة 400م ، ويعالج المعتقد المسيحي الذي يتمثل في الثالوث أو التثليث أو الثالوث الأقدس حسب التصور المسيحي الكاثوليكي. أي إن الكتاب يدرس التصور المسيحي الذي يشخص الرب في ثلاثة أشخاص أو أقانيم (الأب، والابن، والروح المقدسة) متميزة ومختلفة ومتساوية ومنصهرة في بوتقة طبيعية واحدة ( الحلولية)غير منقسمة (وحدة الوجود).
الهوامـــش:
[i] - الدكتور عز الدين المناصرة: المسألة الأمازيغية في الجزائر والمغرب، دار الشروق، الأردن،ط1، 1999م،ص:80؛
[ii] - شارل أندري جوليان:تاريخ شمال أفريقيا،تعريب محمد مزالي والبشير بن سلامة، الدار التونسية للنشر،ص:305؛
[iii]- محمد محيي الدين المشرفي: أفريقيا الشمالية في العصر القديم، الطبعة الرابعة، 1969، دار الكتب العربية، ص:102-103؛
[iv] - الحسن السايح: الحضارة المغربية، منشورات عكاظ، الجزء الأول، الرباط، الطبعة1 ، 2000م، ص:122؛
[v] - شارل أندري جوليان: تاريخ شمال أفريقيا، الجزء الأول، ص:248؛
[vi] - إميل فوگيه: مدخل إلى الأدب، ترجمة مصطفى ماهر،رقم الكتاب201 ، ط 1، 1958، طبع ملتزمة الطبع والنشر لجنة البيان العربي، مصر، ص:51؛
[vii] - الدكتور إحسان عباس: فن السيرة، دار الثقافة، بيروت، لبنان،ص:114؛