مستخدم:Zakaria BES/ملعب
المريخ...هل يكون الوطن الجديد ؟
عدلمقدمة عن المريخ
عدلظاهرًا في سقف السماء بلونه الأحمر الساحر، يأسر المريخ عقولنا منذ قرون طويلة، فلطالما نظرنا له طلبًا للرفقة وبحثًا عن علامات الحياة، لكن هل يمكن حقًا أن توجد حياة خارج كوكبنا هناك؟ هل البشر مستعدين لإعادة كتابة تاريخهم هناك وقلب العالم رأسًا على عقب؟ المريخ هو الكوكب الرابع بعدًا عن الشمس، وهو أحد الكواكب الصخرية الأربعة، أطلق عليه العرب اسم المريخ نسبةً إلى كلمة أمرخ أي ذو البقع الحمراء، وأخذ اسم "Mars" من الرومان تكريمًا لإله الحرب عندهم، والسبب العلمي لتسميته بالكوكب الأحمر راجع إلى نسبة غبار أكسيد الحديد الثلاثي العالية على سطحه وفي جوه. تُقدر المسافة بين الأرض والمريخ بِـ 56 مليون كم عندما يكونان أكثر قربًا من بعضهما وسُجلت هذه المسافة في سنة 2003 أما أكبر مسافة يمكن أن تكون بينهما فتُقدر بحوالي 401 مليون كم عندما يكونان في تقابل وكلاهما في نقطة الأوج، أي كلاهما في أبعد نقطة عن الشمس، ويرجع سبب هذا الأمر (أي الاختلاف الكبير في المسافة بين أقرب نقطة وأبعد نقطة) إلى حقيقة أن كلًا من المريخ والأرض يمتلكان مدارًا إهليلجيًا، كما أن مدار المريخ يعتبر مائلاً مقارنة مع مدار الأرض، وبالإضافة إلى ما سبق فإنهما يدوران حول الشمس بمعدلات سرعة مختلفة. يبلغُ قطر المريخ الاستوائي 6792 كم وهو ما يعادل نصف قطر كوكب الأرض، ويمتلك نفس المساحة من اليابسة، يُقدر اليوم المريخي بِـ 24 ساعة و 39 دقيقة و 25 ثانية وهو شبيه لحد كبير باليوم الأرضي، لكن سنة المريخ تبلغ 687 يوم وهي تقريبًا ضعف السنة الأرضية مما يعني أن الفصول في المريخ تدوم ضعف ما هي عليه هنا في الأرض، كما تتراوح درجة حرارة سطح المريخ بين °20 درجة مئوية في أعلى درجاتها، أما في أدنى درجاتها فيمكن أن تصل إلى غاية -153° درجة مئوية، وبالطبع تختلف درجة حرارة سطح الكوكب الأحمر بين الليل والنهار وبين فصول السنة، وهو يعتبر أكثر برودة من الأرض نظرًا لأنه أكثر منها بعدًا عن الشمس لذا فهو يتلقى فقط 60% من الأشعة الشمسية التي تتلقاها الأرض.
طبيعة المريخ
عدلالهواء على المريخ موجود، لكنه أخف بكثير من الهواء الأرضي، حيث يتصف الغلاف الجوي للمريخ بأنه أقل كثافة من غلاف الأرض بحوالي 100 مرة، وهو مكون في معظمه من غاز ثاني أكسيد الكربون الذي يشكل ما نسبته 96% من النسبة الإجمالية و2% من غاز الأرغون ونفس النسبة من غاز النيتروجين وما تبقى وهو 1% مزيج من غازات أخرى من بينها الأكسيجين، وبالتالي لا توجد كمية كافية من الأكسجين، فنسبة الأكسجين اللازمة لاستمرار بقاء الكائنات الحية هي 21% من إجمالي الهواء وهذا الحال في الأرض، لذا أي اختلاف ولو بشكل طفيف في هذه النسبة في الهواء الذي نتنفسه يعني هلاكنا! كما أن غلاف المريخ الجوي لا يحتوي على طبقة من الأوزون مثلما هو الحال في الأرض، لذا فلا يوجد ما يحمي الحياة هناك من أشعة الشمس فوق البنفسجية. بخصوص للجاذبية فقوتها على سطح المريخ أقل من مثيلتها على سطح الأرض بنسبة 62.5% لذا فالحال مختلف جداً، حيث تصبح الأشياء أخف وزنًا نظرًا لأن الجاذبية ضعيفة هناك. بالنسبة لتوابع (أقمار) المريخ فهو يملك اثنين و هما "فوبوس" و "ديموس" و هما صغيرين جدًا مقارنة بقمر الأرض. و أحد أكثر الأشياء التي تميز المريخ عن باقي كواكب المجموعة الشمسية هو امتلاكه أعلى قمة جبلية على سطحه و هي قمة جبل "أوليمبوس" الذي يبلغ ارتفاعه 25 كم وهو ما يعادل مرتين ونصف ارتفاع قمة جبل "إفرست" الذي يعتبر الأعلى في الأرض. كل هذه الخصائص جعلتنا نرى في المريخ المنقذ الوحيد في حالة ما إذا اندثرت الحياة على الأرض، فرغم اختلافه الكبير على كوكبنا إلى أنه بالنسبة للكواكب الأخرى هو الأكثر شبهًا بالأرض.
استعمار المريخ
عدلأفكار استعمار المريخ واستصلاحه شكلت مادة دسمة للأدباء والسينمائيين فيما مضى، ولم تُؤخذ للجانب العلمي إلا قبل حوالي 50 سنة من الآن، بالتحديد في ستينيات القرن الماضي حينما أطلقت ناسا مسبار "مارينز 3" ومعه "مارينز 4" في نوفمبر 1964، ونجحوا بالتقاط أول صور للمريخ، بينت سطحه و الفوهات التي تغطيه بشكل واضح، وأظهرته لنا أنه كيان أحفوري ميت. توالت بعدها البعثات الاستكشافية إلى المريخ لدراسته بشكل معمق، فأرسلت روسيا مسبار "مارس 2" في ماي 1971 ليكون أول مركبة غير مأهولة تهبط على سطح المريخ، وتستمر إلى حد الآن وكالات الفضاء في إطلاق برامج استكشافية ضخمة خاصة بالمريخ، آخرها هو مشروع "إيكسو مارس" وهو مشروع كبير قيد التطوير من قبل وكالة الفضاء الأوروبية "إيسا" مع مشاركة من قِبل وكالة الفضاء الروسية "روسكوسموس" يهدف إلى البحث عن إمكانية نشأة الحياة في ماضي أو حاضر المريخ، فالرحلات الاستكشافية نحو المريخ من شأنها أن تجيب على عدة أسئلة أساسية لازالت تؤرق البشر من بينها أهم سؤال وهو هل يمكن للبشر العيش على سطح كوكب المريخ؟ رحلات الإجابة عن مثل هذه الأسئلة لها مخاطرها، لكن ما سيحققه البشر من فائدة يستحق المخاطرة فعلًا. وما زاد من جهود وكالات الفضاء في استكشاف المريخ في السنوات الأخيرة هو ما وُصف أنه اكتشاف القرن الحالي، وهو إعلان وكالة "ناسا" عن اكتشافها للمياه السائلة رسميًا على سطح المريخ وذلك في مؤتمر صحفي يوم 29 سبتمبر 2015، واستند علماء "ناسا" على تأكيد وجود الماء المالح السائل على سطح المريخ إلى أنه ترك أثرًا يشبه الوضع على سطح الأرض، حيث إن الماء المالح ترك تعرجات ومنحنيات على سطح المريخ تشبه التعرجات والمنحنيات التي صنعها الماء المالح على سطح الأرض. وأول نظرية تنبأت بوجود الماء على سطح المريخ كانت في 2009 من قِبل الطالب النيبالي "لوجندرا أوجها" الذي أكمل دراسته في جامعة أريزونا الأميركية عام 2011، ويكمل دراسة الدكتوراه في جامعة جورجيا. وبسبب ارتباط الماء الوثيق بنشوء الحياة على الأرض، فإن السؤال الجوهري الذي يطرح نفسه: إذا كان هنالك ماء على المريخ، فهل كانت هناك حياة حينها؟ لكن الباحث "ألفريد ماكوين" يجيب و يقول أن وجود المياه رغم أنه غير كافٍ لتأكيد وجود حياة على المريخ فإنه يشير إلى إمكانية ذلك، واعتبرها الخطوة الأولى للانطلاق للبحث عن حياة على سطح الكوكب و استيطانه، فاستيطان البشر للمريخ هو الخطوة العملاقة التالية للبشرية، كما أنّ استكشاف النظام الشمسي كجنس بشري موحد سوف يقربنا أكثر من بعضنا البعض. لكن استصلاح المريخ واستيطانه ليس بتلك السهولة التي تصورها الأفلام السينمائية فالأمر هنا يحتاج لجهود أجيال وأجيال ولعقول وأموال ضخمة، فالأمر برمته يستغرق حوالي 500 سنة، وتكلفة تصل إلى قرابة 2500 مليار دولار، لذا فالأمر نظريًا ممكن لكنه مشروع مكلف وطويل المدى. أول خطوة ينبغي فعلها هي رفع درجة حرارة المريخ وذلك بخلق حالة احتباس حراري بواسطة طرح الغازات الدفيئة، التي يتم ضخها في الغلاف الجوي لبدء عملية التدفئة، وبينما ترتفع حرارة سطح الكوكب نقوم بإطلاق غاز ثاني أكسيد الكربون المتجمد في القطبين وتحت سطح التربة، ذلك الغاز من الممكن أن يقوم بتسريع عملية التدفئة عن طريق حجز أشعة الشمس المنعكسة، كما هو الوضع تماماً على الأرض. ثانيًا، علينا تهيئة غلافه الجوي وذلك بزيادة سمكه البالغ حاليًا 1% فقط من نظيره الأرضي، وكذا زيادة الضغط الجوي وتغيير مكونات الهواء المريخي، هذه الخطوة تتم إما باستعمال القنابل النووية أو باستعمال المذنبات، استعمال القنابل النووية هو أمر غير محبذ، لأنه سيترك آثارًا إشعاعية خطيرة من المحتمل أن تؤثر لعقود على البشر الذين ربما سيعيشون على المريخ، أما استعمال المذنبات، فيتم عبر تغيير مسارها لتصطدم مع المريخ، هذه الاصطدامات ستكون المحفز لزيادة سمك الغلاف الجوي المريخي، مما سيقلل من قوة العواصف كما سيمكنه من ضبط درجة حرارته حتى نستطيع العيش على سطحه، وحدها هذه العملية تستغرق حوالي 90 عامًا و تحتاج 500 مليار دولار لإتمامها. تاليًا، إذا نجحنا في تطبيق ما سبق سيكون علينا تحرير مياه المريخ السائلة و إذابة جليده، فالمريخ يحتوي على مخزون ضخم من المياه المتجمدة تحت سطحه، حيث اِكتُشف أن هناك ماء تحت السطح مباشرة في معظم الأماكن، وبمجرد ذوبان ذلك المخزون سيصبح من الممكن تجميع الماء السائل في خزانات للشرب والزراعة، وفي نهاية المطاف سيمتلك المريخ دورته المائية الخاصة والتي ستُبنى عليها الحياة النباتية وتؤدي إلى هطول الأمطار على سطحه. و أخيرًا لاختبار دعم المريخ للحياة بشكل نهائي بعد كل هذا ينبغي جلب البكتيريا، الطحالب والنباتات المعدلة جينيًا ومراقبة تكيفها مع الوطن الجديد. وفي حين تحقق كل ما سبق، تتركز حاليًا الجهود في توسيع معرفتنا عن المريخ وذلك بتنظيم رحلات مأهولة بداية من سنة 2018، كما أعلن "إيلون ماسك" مدير شركة "سبايس أكس" عن خطته لذلك التي ستغير ملامح التاريخ البشري حال تحقيقها، حيث تتضمن الخطة إرسال 100 شخص للمريخ على متن مركبة متطورة للغاية تستغرق نحو 80 يومًا حتى الوصول للمريخ، ومن ثم إبقاء هؤلاء الأشخاص في مستعمرات هناك لمدة 30 يومًا، وتبلغ سعر تذكرة الرحلة للمريخ للفرد الواحد مابين 100 إلى 140 ألف دولار، وإذا أراد أحدهم العودة للأرض مرة أخرى، فستكون رحلة العودة مجانًا ! لذا فالسنوات القادمة لن تكون عادية إطلاقًا، لأن البشر على وشك تحقيق أكبر خطوة و قفزة كبيرة علميًا وثقافيًا إذا ما حدث وسار حقًا واحد منا فوق سطح الكوكب الأحمر، الأمر الذي من شأنه أن يجعل مسألة سفرنا بين النجوم واكتشاف عوالم أخرى مسألة وقت واجتهاد لا أكثر، فالمريخ هو نقطة انطلاق البشرية في رحلتها عبر الكون، وكما كان الحال مع مهمات أبولو التي أوصلتنا إلى سطح القمر، فإن مهمات البشر نحو المريخ سوف تُلهم العديد من الأجيال للاعتقاد بعدم وجود شيءٌ مستحيل، حيث يمكن تحقيق كل شيء.
المصادر
عدلhttps://nasa.tumblr.com/post/141602045589/fun-facts-about-mars https://www.universetoday.com/14824/distance-from-earth-to-mars/
https://www.nasa.gov/press-release/nasa-confirms-evidence-that-liquid-water-flows-on-today-s-mars
http://www.popsci.com/article/technology/how-make-new-planet-home
http://mashable.com/2016/09/27/elon-musk-spacex-mars-top-5-takeaways/#SakopiFrkaq7