مستخدم:Widmun/ملعب
ولد وعاش طفولته في مدينة الهندية (العراق ) ودرس فيها الى سنة 1952 حين انتقل مع عائلته الى بغداد وبقي فيها الى ان ترك العراق سنة 1994 فعمل في ليبيا الى ان هاجر سنة 1997 الى نيوزيلندا وعمل فيها بمنصب طبي اكاديمي, وعمل لفترة فصيرة في الامارات العربية المتحدة ثم هاجر سنة 1999 الى بريطانيا للعمل واستقر فيها.
السيرة المهنية
عدلحصل على شهادة بكالوريوس في الطب والجراحة سنة 1966 من كلية الطب جامعة بغداد في العراق ومنح رتبة ملازم أول طبيب . تدرب في مستشفى الرشيد العسكري في بغداد ومستشفى البصرة العسكري في البصرة وذهب سنة 1974 الى بريطانيا للتخصص كجراح . تدرب في لندن في مستشفيات هامرسمث ورويال مارسدن ورويال فري وحصل على شهادة زمالة كلية الجراحين الملكية ادنبرة FRCS سنة 1974. في سنة 1975 تم تعيينه كمدير شعبة وجراح استشاري في مستشفى اربيل العسكري في العراق, وانتقل منها في سنة 1976 الى مستشفى الرشيد العسكري في بغداد كجراح استشاري في جراحة المسالك البولية و زرع الكلى اصبح بعدها مديراً لشعبة جراحة المسالك البولية وزرع الكلى ، واستاذ في الكلية الطبية العسكرية. بقي في المنصب وتدرج في الرتب العسكرية الى رتبة عميد طبيب واحيل على التقاعد سنة 1993 برتبة فريق طبيب وغادر العراق سنة 1994.
للدكتور منير العلي اهتمامات اخرى بالاضافة الى اختصاصه كطبيب , بالطب الشعبي عامة والعربي بصورة خاصة وبالتاريخ والامور الروحية والعلاقة بين الايمان بالله والعلم وألف كتب تفاسير قرآنية باللغتين العربية والانجليزية وترجمات دينية .
عمل خارج العراق كجراح استشاري في المسالك البولية وزرع الكلى في البلدان والمستشفيات التالية:
1- مستشفى ليفربول الملكي , ليفربول, بريطانيا
2- مستشفى موريستون الجامعي, سوانزي, ويلز, بريطانيا
3- مستشفى ادينبروك الجامعي , كمبردج , بريطانيا
4- مستشفى سانت بارثولوميو الجامعي , لندن, بريطانيا
5- مستشفى لندن الملكي الجامعي , لندن, بريطانيا
6- مستشفى هوميرتون الجامعي , لندن , بريطانيا
7- مستشفى كترنغ العام , نورثهامبتون , بريطانيا
8- مستشفى كريستي الجامعي, مانجستر, بريطانيا
9- المستشفى الغربي العام الجامعي ,ادنبرة, بريطانيا
10- مستشفى جيمس كوك الجامعي , مدلزبرة, بريطانيا
11- مستشفى كلاسكو الملكي الجامعي وستوبهل , كلاسكو, بريطانيا
12- مستشفى بورنموث الملكي , بورنموث, بريطانيا
13- مستشفى سينترال مدلسيكس , لندن, بريطانيا
14- مستشفى الامارات العالمي , العين , ابو ظبي
15- مستشفى دنيدن الجامعي , دنيدن , نيوزيلندا
16- مستشفى الزهراء, طرابلس , ليبيا
الابتكارات الجراحية
عدلمنير العلي احد الرواد في عمليات زرع الكلية في الشرق الاوسط والعالم العربي في سبعينات القرن الماضي . ابتكر عدة عمليات جراحية لمعالجة امراض واصابات الكلية والمسالك البولية منها :
1- عملية زرع الكلية الذاتي (auto-transplantation) لمعالجة إصابات وامراض الحالب المعقدة .
2- عملية التصنيع الشامل المتمرحل للإحليل ( staged total urethroplasty) لتضيق الاحليل الطويل بعدالإصابة المركبة.
3- عملية تصنيع الاحليل المنظارية (optical urethroplasty )(GOUR) للانسداد التام الطويل في الأحليل بعد الاصابة الشديدة.
4- عملية ترقيع الناسور البولي المعقد بين الاحليل والمستقيم بطريقة التزحيف الخلفي للجدار الامامي للمستقيم عبر معصرة الشرج (TSARA).
5- عمليات منظارية لتاهيل المثانة العصبية ( neuropathic bladder) لدى المشلولين.
السيرة الاكاديمية
عدل1- استاذ الجراحة البولية , الكلية الطبية العسكرية , بغداد, العراق
2- نائب الرئيس ,مجلس الجراحة البولية, الهيئة العليا للاختصاصات الطبية العليا , بغداد, العراق
3- مدير برنامج ومشرف الجراحة البولية, مركز الرشيد للتعليم الطبي العالي, بغداد, العراق
4- مشرف دراسات عليا وممتحن ومقيّم بحثي , جامعة بغداد , بغداد , العراق
5- ممتحن , كلية صدام الطبية , بغداد, العراق
6- ممتحن , الكللية الطبية , جامعة المستنصرية, بغداد, العراق
7- محاضر اقدم , كلية دنيدن الطبية, جامعة اوتاغو, دنيدن , نيوزيلندا
8- باحث مشارك , كلية الدين , جامعة ادنبرة, بريطانيا
الفعاليات العلمية
عدلمقيّم بحثي , مجلة جراحة المسالك البولية الامريكية The Journal of Urology
مقيّم بحثي , مجلة علم الادوية الشعبية Journal of Ethnopharmacology
مقيّم بحثي , مجلة المرشد العلمي الطبي Medical Science Monitor
عضو هيئة التحرير , المجلة المفتوحة لجراحة المسالك البولية وامراض الكلىThe Open Journal of Urology & Nephrology
مقيّم بحثي , المجلة الطبية السعودية Saudi Medical Journal
مقيّم بحثي , مجلة الجمعية العلمية التايلندية Journal of The Science Society of Thailand
عضو اللجنة الاستشارية لجراحة المسالك البولية وزرع الكلى , وزارة الصحة العراقية (1981 - 1993)
عضو اللجنة الوطنية لاختيار الادوية, وزارة الصحة العراقية (1987 - 1988)
عضو اللجنة العلمية , هيئة رعاية المعوقين العراقية (1982 - 1993)
الجمعيات العلمية المهنية
عدلاحد مؤسسي جمعية الشرق الاوسط لزرع الاعضاء MESOT سنة 1987 وعضو الللجنة العلمية
عضو الجمعية الاوربية لزرع الاعضاء ESOT
عضو الجمعية الاوربية للديلزة وزرع الاعضاء EDTA
عضو الجمعية العربية لامراض وزرع الكلى ASNRT
الاوسمة والانواط
عدل1- وسام الاستحقاق العالي العراقي
2- وسام الرافدين (درجة ثالثة) العراقي
3- وسام الثورةالعراقي
4- نوط الخدمة العامةالعراقي
5- جائزة القيادة المهنية المتميزة من معهد السير الشخصية الامريكي
البحوث
عدل• MRI of the bladder neck, urethra and seminal tract. In Book :[1]
• Johanson's staged urethroplasty revisited in the salvage treatment of 68 complex urethral stricture patients: presentation of total urethroplasty:[2]
• Experience with 30 post-traumatic recto-urethral fistulae: Presentation of the posterior trans-sphincteric anterior rectal wall Advancement (TSARA):[3]
• Endoscopic repair in 154 cases of urethral occlusion: The promise of guided optical urethral reconstruction (GOUR):[4]
• Genito-urinary carcinoid tumours: Initial report of ureteral carcinoid tumour:[5]
• The late treatment of 63 patients with overlooked or complicated missile ureteral injuries: The promise of nephrostomy and the role of aurotransplantation:[6]
• A 10-year review of the endoscopic treatment of the vesical outlet obstruction in spinal cord injured patients (125 cases): does bladder neck dyssynergia exist?[7] Paraplegia (now Spinal Cord), 34:34 (1996).
• Phenoxybenzamine in the management of neuropathic bladder following spinal cord injury:[8]
• Surgically treated superficial transitional cell carcinomas of the bladder: the role of radical surgery: [9]
• Serum sodium changes during and after TUR prostatectomy :[10]
• Experience with 334 urethral strictures treated with urethroplasty or optical Urethrotomy:[11] Emirates Med J, 19(2):96-99 (2001).
• Emphysematous pyelonephritis with large perinephric haematoma: case report & literature review: [12]
• Bladder rehabilitation in patients with spinal cord injury:[13]
• Renal allograft rupture:[14]
• Leiomyosarcoma of the urinary Bladder (4 cases):[15]
• Tribulus terrestris: Preliminary study of its diuretic and contractile effects and comparison with Zea mays: [16]
• Renal transplantation at Al-Rasheed Military Hospital ( First 100 transplants):[17]
الكتب
عدل• Handbook : A Guide to the Care of Surgical Patients: Army Press, Baghdad, Iraq
• A Scientific Tafsir of Qur'anic Verses; Interplay of Faith and Science: CreateSpace Independent Publishing Platform (Amazon), South Carolina, USA Hard copy and Electronic Kindle ISBN 978-1-4801-6996-8. .
• A Scientific Tafsir of Qur’an; Conversation of Faith and Science (in Arabic): Arab Scientific Publishers, Beirut, Lebanon ISBN 978-614-01-0369-6 . التفسير العلمي للقرآن الكريم (وحوار الايمان والعلم)..الدار العربية للعلوم ناشرون , بيروت , لبنان
• Arabic translation of "Faith and Its Critics, A Conversation" by David Fergusson Al-Faraby Publishers, Beirut, Lebanon ISBN 978-1-4944-6836-1. حوار الايمان ومنتقديه...دار الفارابي للنشر, بيروت , لبنان
•العلوم في القرآن Sciences in Quran, باللغتين العربية والانجليزية, ورقي والكتروني, أمازون
• الأيمان بالله علمياً Faith ; Scientifically , باللغتين العربية والانجليزية, ورقي والكتروني, امازون
• الدليل العلمي في التنحيف والغذاء A Guide to Slimming and Food, باللغتين العربية والانجليزية, ورقي والكتروني, امازون
• مُحدَث قصص النبيين ، الكتروني، أمازون
• كشكول بهلول ، الكتروني، أمازون
المراجع
عدل- ^ Endo-cavitary MRI of the Pelvis ed. N.de Souza,(chapter 4) pp. 51–62. London, Harwood Academic Publishers (2001).
- ^ European Urology, 39:268-71(2001)+ Editorial comment by Prof. Mundy.
- ^ Journal of Urology, 158: 421 (1997)
- ^ Journal of Urology, 157: 129 (1997).
- ^ Journal of Urology, 163(6): 1864-1865 (2000).
- ^ Journal of Urology, 156:1918 (1996).
- ^ Paraplegia (now Spinal Cord), 34:34 (1996).
- ^ Aust.N.Z.J.Surg. 69: 660(1999).
- ^ Saudi Med J., 23(6):695 (2002).
- ^ Saudi Med J, 22(9): 765-768 (2001).
- ^ Emirates Med J, 19(2):96-99 (2001).
- ^ Middle East Journal of Emergency Medicine, 1(1):45-46 (2001).
- ^ Egyptian Journal of Rheumatology and Rehabilitation, 15:83-89 (1988).
- ^ Scandinavian Journal of Urology & Nephrology
- ^ Qatar Medical Journal, 11(2): 62-54 (2002).
- ^ J. Ethnopharmacology, 85(2-3): 257-260 (2003)
- ^ Proceedings of the International Military Medical Conference, Baghdad: 1984
وصلات خارجية
عدل..........................................................................................................................................................................................................................
بني مالك (العراق)
عدلبنو مالك احد القبائل الرئيسية في الجزيرة العربية , هم احفاد مالك الاشتر بن الحارث النخعي ,الذي حارب مع علي بن ابي طالب وصار والياً على مصر ,ونسبهم يرجع الى قحطان (ابو العرب العاربةالجزريون الاصليون). يرجع نسب آل نخع الى قبيلة مذحج, ولكن بعد ان اعتنقوا الاسلام سنة 10 هجرية استمر نسبهم بقبيلة خزاعة ابناء عمهم احفاد ازد اخ جدهم مذحج الذين يسمون أزد مكة. حاربت قبيلة خزاعة (ازد مكة) اهل الجاهلية بني بكر مع النبي محمد (ص) فانتصروا عليهم ونزلت فيهم الآية (التوبة-14) " قاتلوهم يعذبهم الله بايديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشفِ صدور قوم مؤمنين".
يقطن بنو مالك في العراق في البصرة والناصرية وفي وسط العراق على الضفة الشرقية لنهر الفرات في منطقة الديوانية وهناك منهم في القطيف وفي البحرين والأحواز.
فروع بني مالك في العراق
عدل2- آل فرج
3- آل أسماعيل
4- آل ابراهيم
5- العوابد
6- الحميدات
7- بني أرزيج
8- بني حسن (العراق)
أكبر فرع لبني مالك في العراق هم قبيلة آل علي وتمتد اراضيهم من الديوانية شمالاُ الى الرميثة جنوباً وتسمى باسمهم, آل علي , ومنها جناجة الشرقية وتروى هذه المنطقة بأنهر الرفيع واليوسفية واللواح. جفت هذه الانهر حوالي سنة 1900 ميلادي فانتقلوا الى المنطقة المحيطة بفرع الهندية من نهر الفرات الذي حفره آصف الدولة الهندي في سنة 1205 هجري (1845 ميلادي) واستقروا في مدينة الهندية وقرية جناجة الحالية.
المصادر
عدل- دراسات عن عشائر العراق , حمود الساعدي
- History of the Arabs from the earliest times to the present -by Philip K.Hitti
.............................................................................................................
- Al-Ali، M؛ Wahbi، S؛ Twaij، H؛ Al-Badr، A (أبريل 2003). "Tribulus terrestris: preliminary study of its diuretic and contractile effects and comparison with Zea mays". Journal of ethnopharmacology. ج. 85 ع. 2–3: 257–60. PMID:12639749.
- Al-Ali، MA؛ Kashmoula، DM؛ Haddad، LF (يونيو 2002). "Surgically treated transitional cell carcinomas of the bladder. The role of radical surgery". Saudi medical journal. ج. 23 ع. 6: 695–9. PMID:12070550.
- Al-Ali، M؛ Al-Alousi، W؛ Al-Shukri، M (سبتمبر 2001). "Serum sodium changes during and after transuretheral prostatectomy". Saudi medical journal. ج. 22 ع. 9: 765–8. PMID:11590448.
- Al-Ali، M؛ Al-Hajaj، R (مارس 2001). "Johanson's staged urethroplasty revisited in the salvage treatment of 68 complex urethral stricture patients: presentation of total urethroplasty". European urology. ج. 39 ع. 3: 268–71. PMID:11275717.
- Al-Ali، M؛ Samalia، KP (يونيو 2000). "Genitourinary carcinoid tumors: initial report of ureteral carcinoid tumor". The Journal of urology. ج. 163 ع. 6: 1864–5. PMID:10799204.
- Agarwal، Sanjiv؛ Al-Ali، M؛ de Souza، Nandita M. (2000). "The Bladder Neck, Urethra, and Seminal Tract". في de Souza، Nandita M. (المحرر). Endocavitary MRI of the pelvis. Amsterdam: Harwood Academic. ISBN:9789058231000.
- Al-Ali، M؛ Salman، G؛ Rasheed، A؛ Al-Ani، G؛ Al-Rubaiy، S؛ Alwan، A؛ Al-Shaikli، A (سبتمبر 1999). "Phenoxybenzamine in the management of neuropathic bladder following spinal cord injury". The Australian and New Zealand journal of surgery. ج. 69 ع. 9: 660–3. DOI:10.1046/j.1440-1622.1999.01659.x. PMID:10515340.
- al-Ali، M؛ Kashmoula، D؛ Saoud، IJ (أغسطس 1997). "Experience with 30 posttraumatic rectourethral fistulas: presentation of posterior transsphincteric anterior rectal wall advancement". The Journal of urology. ج. 158 ع. 2: 421–4. PMID:9224315.
- al-Ali، M؛ al-Shukry، M (يناير 1997). "Endoscopic repair in 154 cases of urethral occlusion: the promise of guided optical urethral reconstruction". The Journal of urology. ج. 157 ع. 1: 129–31. PMID:8976233.
- al-Ali، M؛ Haddad، LF (ديسمبر 1996). "The late treatment of 63 overlooked or complicated ureteral missile injuries: the promise of nephrostomy and role of autotransplantation". The Journal of urology. ج. 156 ع. 6: 1918–21. DOI:10.1016/S0022-5347(01)65391-6. PMID:8911355.
- Al-Ali، M؛ Haddad، L (يناير 1996). "A 10 year review of the endoscopic treatment of 125 spinal cord injured patients with vesical outlet obstruction: does bladder neck dyssynergia exist?". Paraplegia. ج. 34 ع. 1: 34–38. PMID:8848321.
......................................................................................................
العلوم في القرآن
عدلالعلم والإيمان ليسا نقائض، بل أحدهما يكمل الآخر كوجهين لعملة واحدة، ويمكن مزجهما لهدف واحد، وهو كيف نتوصل إلى الخالق سبحانه. إنَّ أيّ موضوع حول الإيمان لا يمكنه تجاوز التطرق إلى وجود الخالق لا بمعنى إثبات وجوده، بل بمعنى محاولة التوصل علمياً إلى تفاصيل خلقه. لا بدّ من التأكيد في هذا المجال على أنَّ الإيمان بالله ليس بحاجة إلى إثبات علمي، لأنَّه اعتقاد عقلانيّ وعملية فكرية بحتة تعتمد على الحجة البالغة وليس على البرهان العلمي. إنَّ نبوة الأنبياء كافة بدأت قبل أن يتجلى الله سبحانه وتعالى لهم ويرسلهم رسلاً للبشر ،حين راحوا يتساءلون كما تساءل العلماء والفلاسفة بعدهم بآلاف السنين عن أجوبة لخلق الأرض والسماء والشمس والقمر والبشر وبقية المخلوقات، وكذلك الحكمة والدقة في هذا الخلق. بعدهم بآلاف السنين ظل العلماء والفلاسفة وكذلك رجال الدين من الأديان كافة بنفس الحماس والرغبة في التعرف على الخلق. لا بد من التأكيد على ان العلم بحكم منهجيته,غير معني بأن يثبت مبدأ الخلق ووجود الخالق سبحانه ، ولا حتى تفنيد ذلك، ولكن يمكننا الاستنتاج من قوانينه على الخلق والخالق, وإنَّ علم الدين لا يستطيع إثبات ذلك بالطرق العلمية لأنَّه يفتقر إليها ولأنَّه ينطلق ابتداءً من فكرة الخلق ووجود الخالق كحقيقة . إن الايمان والعلم يرفد ويكمل احدهما الآخر , في مسارين متوازيين , يتلاقيان في لحظة فناء الخلق ونهاية الزمن; يوم القيامة.
العلم والفلسفة والدين
عدلالآيات:
[سورة طه: 114] ﴿...وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا﴾
[سورة فاطر: 28] ﴿...إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ...﴾.
[سورة آل عمران: 7] ﴿...وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ...﴾
[ سورة النساء: 162] ﴿لَّـٰكِنِ ٱلرَّاسِخُونَ فِي ٱلْعِلْمِ مِنْهُمْ وَٱلْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَآ أُنزِلَ إِلَيكَ وَمَآ أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ...﴾
[سورة آل عمران: 18] ﴿شَهِدَ ٱللَّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ وَٱلْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ ٱلْعِلْمِ قَآئِمَاً بِٱلْقِسْطِ .... ﴾
[سورة الروم: 56] ﴿وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالإِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ...﴾
[ سورة المجادلة:11] ﴿ ...يَرْفَعِ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ مِنكُمْ وَٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ...﴾
[ سورة العنكبوت:49] ﴿ بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَآ إِلاَّ ٱلظَّالِمُونَ﴾
إنَّ للمعرفة الإنسانيّة فرعان هما العلم والفلسفة، فالفلسفة "عقلانية" تعتمد على المعقولية والبرهان بالمناورة المنطقية، بينما العلم هو "علمي" أي يعتمد على البرهان بالتجربة العملية. إن العلم بالأساس هو وليد الفلسفة, فقد ظل ميدانا العلم والفلسفة متلاصقين ومن دون حد واضح أو ثابت بينهما مما يصعب معرفة حد أحدهما وبداية الآخر. على سبيل المثال إنّ دراسة الدماغ brain هي في نطاق العلم، ولكن دراسة العقلmind هي في نطاق الفلسفة. إنَّ مفهوم اللانهاية infinity لا يزال مشتركاً بين علم الرياضيات والفلسفة وهنالك أيضاً «أشباه العلوم» pseudo science التي تقع على الحد الفاصل بين العلم والفلسفة لتربط بينهما.
أما «فلسفة العلم» philosophy of science فهي التي تعنى بالافتراضات والأسس والأساليب والاستخدامات العلمية بالإضافة إلى التأكيد على فائدة العلم وميزته البحثية وتداخله إلى حد ما مع الفلسفة الغيبيّة metaphysics. على العموم فإنَّ هذا الفرع من المعرفة قوبل بالريبة والتوجس من قبل العلماء على أنَّه عديم الفائدة، ولو أنَّ كثيراً منهم استخدموه بصورة عفوية في بحوثهم للتوصل إلى حقيقة علمية ما. وصف الفيزيائي ريتشارد فريمان فلسفة العلم على «أنَّ فائدتها للعلماء تقريباً بقدر فائدة علم الطيور للطيور» مما حدا بالعالم جوناثان شيفر بالرد قائلاً «من الممكن أن تكون معرفة علم الطيور مفيدة للطيور لو كان بمقدرتها الحصول على هذه المعرفة» [1].
إنَّ الفلاسفة العرب من مسلمين وغيرهم ومن المسلمين غير العرب هم رواد العلم في القرنين العاشر والحادي عشر كالرازي وابن الهيثم والبيروني على سبيل المثال لا الحصر، باستخدامهم الطرائق المسماة «علمية» حالياً في التوصل إلى استنتاجاتهم، كما سنتطرق إليه لاحقاً. لحق بهم فلاسفة أوروبيّون من رواد الثورة العلمية في القرن السابع عشرالذين أعطوا اسماً لفكرة «التجربة العلمية» التي بدأها ومارسها المسلمون قبلهم بعدة قرون حين لم تكن كلمة «علم» معروفة بمعناها السائد الآن. إنَّ الفيلسوف فرانسيس بيكون (1561-1626م) توفي بمرض ذات الرئة الذي أصيب به أثناء قيامه بتجربة تأثير التجميد في حفظ اللحم. لقد أشاع هذا الفيلسوف ولأوّل مرة «المنهجية الاستقرائية» inductive methodology في البحث العلمي التي سميت «المنهجية البيكونية» أي المنهجية العلمية. مما يجدر ذكره في هذا الخصوص هو أنَّ فرانسيس بيكون والعالم روبرت بويل وعالم الرياضيات جون دي كانوا أعضاء في «جمعية الصليب الوردي» Rosicrucians [2] التي تصف الكيمياء «على أنَّها ليست تحويل المعادن الأساسية إلى ذهب فحسب ولكن أيضاً هي تنوير الشخص البسيط بعملية روحيّة وتحويله إلى ‹ذهب روحيّ› في عملية سموها ‹الكيمياء الروحيّة› spiritual alchemy».كل هذا حدث قبل أربعة قرون في فترة كان العلم يعتبر فيها بدعةً وكفراً، ويبدو أنَّ هؤلاء الباحثين كانوا محظوظين في أنَّهم لم يسجنوا أو يحرقوا كبقية المفكرين التجريبيين آنذاك.
إنَّ النظريات الكونيّة والاجتماعيّة الجديدة تمثل الحدود الرمادية بين العلم والفلسفة إذ يكمل أحدهما الآخر بدلاً من أن يفنده أو يتعارض معه. إنَّ هذا التقارب المتوازي هو بسبب طبيعة كل منهما وليس بقصد أو تخطيط من قبل الباحثين في هذين المجالين بل بسبب عدم استطاعة الباحثين على تجاهله.
إنَّ عجز العلم عن تفسير الإيمان بالطرائق العلمية المتبعة حالياً حدا بالعالم الطبيعي الملحد ريتشارد دوكينز إلى الاستعانة بالمنطق الفلسفي في جدليته حول نفي وجود الخالق لتعزيز وجهة نظره غير المقنعة. هو وعلماء الحركة الداروينية الجديدة Neo-Darwinism التي هي مثال على تداخل العلم مع الفلسفة يحاولون حتى تفسير الظواهر الاجتماعيّة بواسطة نظرية داروين وتحويل النظرية إلى «مذهب» مادي materialistic لاديني non-theistic فيما سمّي بعلم الأحياء الاجتماعيّ socio-biology ومفهوم الجين الأنانيّ selfish gene واللياقة الشاملة inclusive fitness [3]. لقد حول دوكينز وأتباع النظرية الداروينية الجديدة فرضياتهم إلى معتقد أيديولوجي علماً بأنَّ داروين تعامل مع فرضيته التطورية على أنَّها نظرية علمية فحسب ولا يوجد ما يدل على أنَّه اعتبرها أيديولوجية.
إنَّ عدداً من نظريات وفرضيات علم الفضاء الآن هي أقرب إلى الفلسفة منها إلى العلم، وإنَّ بعضاً من علماء فيزياء الفلك نحوا منحىً فلسفياً ميتافيزيقياً غيبيّاً بقولهم إنَّ الأشياء هي موجودة وغير موجودة في الوقت ذاته، وإنَّ أي ذرة توجد في كوننا قد تكون في الوقت ذاته موجودة في كون آخر موازٍ. هنالك مثال آخر على فلسفة العلم، وهو نظرية الغشاء membrane theory [4]التي تفترض أنَّ الحيّز space له أحد عشر بعداً. مما يجدر ذكره هو أنَّ هذه الطروحات الاجتماعيّة والكونيّة الجديدة لم تثبت بطريقة علمية، ولم تحصل على إجماع العلماء عليها.
أما العلوم الشمولية holistic sciences فهي أشباه علوم pseudo sciences تمثل حلقة الوصل بين العلم والفلسفة. مثلاً إنَّ دراسة جسم الإنسان هي علم، ولكن دراسة الإنسان ككل: الجسم والروح والنفس هي نهج شمولي holistic، وإنَّ ما يخص الكينونة existence هو علم، ولكن ما يخص العيش living هو نهج شمولي أيضاً. من الجدير بالذكر أنَّ كلاً من العلم والفلسفة عجزا عن فك لغز «الروح» مما يجعل المرء يفكر بأنَّ جهلنا هذا بماهية الروح هو مقدر من الخالق سبحانه، [سورة الإسراء: 85] ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً﴾.
إنَّ العلم العقلي science of mind(العلم المعرفي cognitive science) هو نهج شمولي أيضاً، ويتمثل في علم النفس التحليلي الفرويدي (التحليل النفسي psycho-analysis) الذي وضع نظريات للسلوك البشري في مسعى للتغلب على الحدود بين العلم والفلسفة في هذا المجال بالذات. إنَّ الشمولية لها أيضاً تطبيقات في فيزياء الكميم quantum، والطب، والهندسة، والبيئة ، والأنثروبولوجيا، والاقتصاد، وعلم الاجتماع وعلم الأحياء. إذن، فمن المحتمل أن يحدث هذا في مجالات المعرفة الاخرى لردم الهوة بين العلم والفلسفة.
ليس باستطاعة العلم إثبات أو نفي وجود الخالق سبحانه، وذلك بحكم طبيعة منهجه البحثي، فهو يصف الخلق وتطوره كما هو من دون التطرق إلى ما قبل الخلق أو لما بعد الفناء. ولكن علينا أن نتذكّر ما قاله العالم هوكينج «أنَّ مدى صحة أي نظرية علمية هو بقدر انطباق تكهناتها على الواقع واستنادها على فلسفة علمية ملائمة، ومع ذلك يظل إثبات صحتها مستحيلاً» [5]. لحد الآن، هنالك ألغاز حول الكون والمخلوقات الحيّة لم يتوصل العلم إلى حلها؛ فعلى سبيل المثال وليس الحصر هنالك عملية التركيب الضوئي photosynthesis للنبات، وهل أنَّ للكون حدوداً؟ وما هي المادة المظلمة والطاقة المظلمة المفترضتان اللتان تكوّنان 95% من طاقة كتلة الكون mass-energy؟ مما سيتم شرحه في فصول أخرى من الكتاب. كل هذا، ويتحاشى العلماء دوماً التطرق إلى مفهوم «خلق الكون» مما يدل على أنَّ مبدأ الخلق هو خارج نطاق العلم حالياً على أقله. فمن الناحية العلمية لا يوجد تعليل لكيفية بدء الوجود وكذلك نهايته، والقول بأنَّ استمرار بقاء الأنواع يستدعي حظاً كبيراً في أن لا تحدث كارثة أرضيّة أو كونيّة تؤدي إلى انقراضها، مما يفتح الباب واسعاً للجدل الفلسفي [6]. بمعنى آخر إنَّ علوم الحياة هي أشبه بجزيرة من العلم في محيط مترامٍ من الفلسفة.
إنَّ الإيمان بالله هو عملية فكرية مستندة إلى حجة منطقية بالغة، ولو أنَّها غير مبنية على برهان علمي فهي لا تحتاج إثباتها علمياً, وقد قال البرت اينشتاين : «إنَّ الشخص المتديّن هو مؤمن بمعنى أنَّه لا يعتريه الشك في أهمية وسمو القضايا والأهداف الروحيّة التي لا تقوم على أساس علميّ ولا حتى هي بحاجة إلى هذا الأساس، وذلك لأنَّها حقيقة ضرورية كوجوده ذاته. إنَّ الدين هو المسعى الأزلي للبشرية لأن يعي الإنسان هذه القيم والأهداف الروحيّة بصورة تامة وواضحة ودائمية وذلك لتعزيزها وتوسيع نطاق تأثيرها. وعلى هذا، يبدو من المستحيل حدوث صراع بين العلم والدين وفاقاً لهذا الفهم. إنَّ مهمة العلم هي التحري فقط عن ‹ماهية الشيء› وليس عن ‹ما ينبغي أن يكون عليه› الذي هو خارج نطاق العلم، ولو أنَّ التوصل إلى أحكام للقيم الروحيّة يظل ضرورياً. أما الدين فهو لتقييم أفكار الإنسان وأفعاله وليس التطرق إلى الحقائق والعلاقة بينها. فبناءً على هذا التفسير، إنَّ سبب الصراعات الماضية المعروفة بين الدين والعلم هو سوء فهم للقضية» [7]. إنَّ التقدم والاكتشافات العلمية طالما كانت ذريعة للملحد أو المشكك في أن لا يؤمن بالله لأنَّه يعتقدفيها التفسير البديل لما حوله. ولكنها في الوقت ذاته تعزز إيمان المؤمن وحماسه بكشفها بداعة صنع الخالق الله سبحانه، وتؤدي إلى إحكام عقلانيّ للنهايات السائبة في تفكيره الإيمانيّ الغيبيّ.
إنَّ «الطبيعة» التي هي أساس الفهم العلمي لنشوء الكون والمخلوقات ,تعبير غامض لم يتمكّن العلم من تعريفها بإسلوب علمي. أحد السبل لقطع دابر هذه الجدلية بين العلم والإيمان هو استيعاب العلم لفكرة الخلق ضمن البحوث والاعتراف بأنَّ القوانين الطبيعية المكتشفة هي مصممة ومحكومة بالإرادة الإلهية المبدعة، وهو سبحانه الذي يقوم بتضبيطها الفائق الدقة. يبدو أنَّ هذا بعيد المنال حالياً. يتساءل الملحدون من خلق الله؟ وهو الذي ﴿لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ﴾ [سورة الإخلاص: 3]، ولا يسألون من أنشأ عمليات الطبيعة وفصّلها بإحكام؟ وحتى إن كانت عملية محاولة وخطأ من دون إرادة ذكية ومبدعة كما يعتقدون فكيف يُقَرُّ الصحيح ومن يختاره فيسود؟ إنَّ العقل البشري، سواء أكان نتاجاً للخلق creation أو للتطورية بمغزاها العلمي evolutioinism فهو بلا شك نتاج للعوامل والظواهر التي شكلت الكون، وهو بديناميتها ذاتها وتنوعها، وجزءٌ لا يتجزأ منها.
إنَّ إمكانية العقل محدودة واكتشاف كل الكون يعتبر مستحيلاَ من الناحية التقنية، ولكنها لا تمنع محاولة فهمه، وإن كان هذا هو أيضاً افتراضي، إذ قد يعجز العقل حتى عن فهمه. إنَّ مبدأ السببية causality يعني «أنَّ كل حدث يسببه حدث آخر الذي بدوره سببه حدث قبله وهكذا» ولكن العلماء يتحاشون الإجابة عن السؤال: من سبب أوّل حدث وبِدْء الكون؟ فهم إما يقولون أن ليس هنالك بداية للكون، أو أن أصل الكون هو خارج نطاق العلم لسبب ميتافيزيقي أو ديني. هنالك علماء آخرون يعترضون قائلين إنَّ كلا التعليلين ليس علمياً حيث إنَّ الادعاء الأوّل خاطئ لأنَّ الكون له بداية في الانفجار الأعظم big bang، والادعاء الثاني يعني عدم انطباق القوانين العلمية على مرحلة بدء الكون مما يعني أنَّها معرضة لعدم انطباقها في مراحل أخرى من عمر الكون، وهذا لايجوز علمياً إذ إنَّ قوانين العلم هي «علمية» لكونها سائدة دائماً [8]. سيظل هذا اللغز عصياً على الحل علمياً، لأنَّه في طريق مسدودة إلى أن يعترف العلم بوجود الخالق الذي لايعتبر هدفاً له.
لقد تميّز القرن العشرون بقفزات هائلة في العلوم كافة ومنها الفيزياء الفلكية والنظرية، ولكن من الجدير ذكره هو أنَّ هذا التقدم أدى في الوقت ذاته إلى إدراك العلماء للعقبات التي تكتنفهم فيما يخص الكون والتي تمنع أي تقدم لاحق، لكون هذه العقبات هي من صلب المفاهيم والقوانين ذاتها التي أدت إلى تطور معلوماتنا العلمية. مثال على ذلك هو مبدأ التيقن determinism «وهو إمكانية تحديد سرعة أي جسيم ومكانه في الوقت ذاته» ومبدأ «استحالة ذلك التحديد وهو ما يسمى بمبدأ الشك uncertainty»، وكلا المبدأين أساس نظرية ميكانيك الكميم quantum mechanics. مثال آخر هو مبدأ التفردية singularity، «وهي عندما يكون الحجم صفراً والكتلة والكثافة لانهائية»، وهو من الأركان الأساسية لنظريات الانفجار الأعظم والسحق الأعظم big bang and big crunch لنشوء الكون وفنائه. مثال ثالث هو مبرهنة النقص theorem incompleteness القائلة بأنَّه «توجد عقبة أساسية في علم الرياضيات لا يمكن التغلب عليها أبداً، وهي أنَّ هنالك مسائل لا يمكن حلها بأي طريقة ولا بأي قاعدة». ولو أنَّ جميع هذه المفاهيم والمبادئ أعلاه أدّت إلى تقدم هائل في فهم الكون فهي في الوقت ذاته عقبات في طريق التقدم اللاحق وأوصلت العلم إلى طريق مسدودة[9]. إنَّ جميع هذه المصاعب أمام العلم يمكن حلها فقط بتوسيع نطاق النقاش والبحث العلمي إلى التفكير بمبدأ الخلق حيث لا تعارض بين الاثنين.
القرآن الكريم ; خاتم الكتب السماوية
عدلإنَّ جميع التفاسير التقليدية المعتمدة ألفت قبل 5-11 قرن، وطبعاً مراجعها قبلها بقرون أخرى، مما يجعل قدراً كبيراً من تعاليلها إما تأملياً أو تفسيراً حرفياً ,مما جعلها مختلفة مع بعضها في أحيان كثيرة. إنَّ المعلومات العلمية، لم تكن معروفة لا للعامة ولا للمفكرين، وقت نـزول القرآن، أو وقت تأليف التفاسير التقليدية المعتمدةّ التي تخص الخلق والظواهر الطبيعية والأحداث التاريخية الدينية ,ومنها ما سبق ذكره في التوراة والإنجيل.
إنَّ سبحانه وتعالى أنـزل القرآن بهذه المعلومات على نبيّه محمّد (ص) إما بأسلوب مباشر وصريح وخصوصاً ما سبق ذكره منها في الكتب السماوية الأخرى ولو أكثر تفصيلاً، وإما أنَّها وردت بأسلوب مضمر. كان القرآن ثورة ثقافية سابقة لزمانها بأكثر من ألف سنة، تفوق قابلية البشر في تلك الفترة على فهمها واستيعابها، بحيث إنَّ أهل الجاهلية وصفوا محمداً(ص) بالجنون والسحر أو أنَّه شاعر لأنَّه بشّر بوحدانية الله تعالى وبالبعث بعد الموت ويوم القيامة، وأنذر بعقاب الكفّار، ناهيك لو بشّر بما هو أكثر تعقيداً كتفاصيل خلق الوجود. لا بدّ من التأكيد هنا على أنّ النبيّ محمّداً(ص) هو أوّل مفسر للقرآن بأحاديثه بشرط صحة اسنادها . إنَّ هذا يفند الأساس الذي اتهم عليه الفلاسفة والعلماء بأنَّهم «معتزلة» بسبب محاولتهم مد الجسور بين الدين الإسلامي القائم على مفهوم «الإيحاء الالهي والإيمان» , والفلسفة التي تعنى بمفهوم «المنطق». وصم المفكرون بعضهم بعضاً بصفة «الاعتزال» أثناء فترة التنوير العلمي الإسلامي في أواخر الألف الأوّل للميلاد لأسباب شخصية أو سياسية، وخصوصاً بعد وفاة الخليفة المأمون الذي كان يرفل العلماء والفلاسفة برعايته. حدث ذلك من دون دليل على علاقة عضويّة بالمعتزلة التي هي حتى يستعصي على الباحث تعريفها بدقة، وتحديد من لها ومن عليها على مدى القرون؛ فهي منظومة من العقائد والأفكار. بتقادم الزمن تحول «الاعتزال» إلى صفة ازدرائية كصفة «الهرطقة - أي إبتداع البدع » التي هي أيضاً تعبير فضفاض غير محدد الملامح في أوروبا القرون الوسطى، خصوصاً وأنَّ المفكرين العرب والمسلمين الذين وصفوا كمعتزلة هم أنفسهم وصفوا كمهرطقين من قبل الأوروبيّين بعد قرون. للدلالة على عدم دقة هذه التعابير، كان الأوروبيّون في تلك الحقبة يميلون إلى رأي الغزالي بنهجه الصوفي المحافظ ولو أنَّه أيضاً عالم . إنَّ نهج المفكرين الأوائل نقل تفسير القرآن إلى آفاق جديدة ومتجددة على مدى القرون، وأدى إلى تميز الدور الذي لعبه المفكرون العرب والمسلمون في حضارة العالم الحديث، كما أعطى الباحثين من بعدهم الفرصة للتوغل في معاني القرآن وسبر غور ما يحتويه من الحقائق العلمية المعاصرة.
قال النبي (ص) في حديث شريف « إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران, وإن اجتهد وأخطأ فله أجر » مما اعتبره البيهقي ( 384-458 هجري ) دليل على انه وكَّل بعض الاحكام الى اجتهاد العلماء والباحثين وجعل لهم الأجر على ذلك الاجتهاد . إن هذا شجعني على تناول فكرة « التطور الإلهي » على انها « أجتهاد مسوّغ لمقصد صالح » . إنَّ القرآن ، وهو آخر الكتب السماوية، نزل في وقت تطورت فيه الإنسانيّة بعد الإنجيل بأكثر من ستة قرون، لذا فهو أكثرها عمقاً وشمولية وتناسباً مع هذا التغيير وخصوصاً في إعطاء تفاصيل أكثر عن الخلق ورصد العلاقات الاجتماعيّة والتطرق إلى مفاهيم اقتصادية وسياسية وحتى عسكرية. إنَّ التطور وقابلية التكيف والتغيير والتقدم تنجلي في براعة ودقة وجمال الخلق حولنا . برزت دراسات في السنوات الاخيرة، وهي تكتسب زخماً مضطرداً ؛ التطور الإيماني theistic evolution , التطورية الإيمانية theistic evolutionism , والخلقية التطورية evolutionary creationism .
[سورة فاطر: 28] ﴿...إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ...﴾.
إن العلم هو الوسيلة التي تتم بها دراسة حكمة الله فكان الإيمان بالله هو المحرك الاول للنهضة العلمية الحديثة التي شهدتها أوروبا بعد نهاية العصور الوسطى المظلمة، وكان روادها العظام يتمتعون بإيمان عميق بوجود قوة مطلقة عظمى تقوم على هذا الكون .
قال العالم الفلكي نيكولاس كوبيرنيكوس (1437-1543) « إن على العالم ان يطلب الحقيقة في كل شئ الى المدى الذي يؤهله له المنطق الذي منحه الله اياه».
قال العالم غاليليو (1564-1642) « لا اعتقد ان الله الذي منحنا موهبة الحواس والمنطق والحكمة يدعونا الى التخلي عن كل ذلك »
قال العالم "ابو الكيمياء" والفيلسوف والمخترع روبرت بويل(1627-1691) « عندما أتأمل الكواكب والنجوم بواسطة التلسكوب, وأتبين الابداع الفذ الذي لا يضاهى في دقة الصنعة بواسطة المكروسكوب , واقرأ كتاب الطبيعة في مختبرات الكيمياء أجد نفسي تهتف دائماً :كم هو بديع صنعك يا إلهي, إنها حكمتك التي أبدعت كل شئ ».
قال العالم اسحق نيوتن (1642-1727) وهو الاكثر تأثيراً في مسار التطور العلمي ومؤلف اشهر كتاب علمي (برنسبا ماثميتيكا Principa Mathematica) « لقد كتبت كتابي وانا اضع نصب عيني ان يكون سبيلاً الى مساعدة الناس على ان يؤمنوا بالله المعبود, ولن يسعدني شئ اكثر من تحقيق هذه الغاية ". ومن اقواله المأثورة « يكفي ان انظر لإبهامي حتى اكون مؤمناً بالله » .
قال العالم تشارلز داروين (1809-1882) قبل وفاته بثلاث سنوات « أبداً لم اكن ملحداً بمعنى عدم الاعتراف بوجود الله . » [11]
قال العالم البرت أينشتاين (1879-1955) « ثمرة العلم الحقيقي هي ذلك الشعور العميق الجميل بالروحانية, إن من لا يعرف ذلك الشعور ولا يقف مستغرقاً امام عظمة الكون برهبة وخشية هو شخص في عداد الاموات » . وقال ايضاً « أريد أن اكتشف كيف خلق الله الكون لا إهتماماً بعنصر أو بظاهرة بل اريد ان اتوصل الى حكمته, والباقي مجرد تفاصيل ».
قال العالم ماكس بلانك (1858-1947) الذي حاز على جائزة نوبل لتوصله الى نظرية فيزياء الكميم quantum physics « لا غنى للعلم ولا للدين عن الإيمان بالله, فالايمان بالله هو البداية بالنسبة للدين, اما بالنسبة للعلم فالايمان بالله فهو نتيجة كل الابحاث والنهاية التي نتوج بها نظرتنا العامة للكون ».
قال العالم فرانسيس كولنز مدير مشروع خارطة الجينوم البشري « إن الله الذي نعرفه في الجينات ونعبده في اماكن العبادة كما في المختبرات, مخلوقاته عظيمة وبديعة ومحكمة التعقيد وجميلة ايضاً ».
ناهيك عن افكار ابن سينا وابن رشد والفارابي والغزالي والبيروني والرازي وابن الهيثم والكندي ومئات غيرهم من العلماء المسلمين والعرب الذين رفعوا بإيمانهم بالله شعلة العلم لعدة قرون, الى آفاق ما سبقهم اليها أحد.[سورة الزمر:9] ( أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَآءَ ٱلَّيلِ سَاجِداً وَقَآئِماً يَحْذَرُ ٱلآخِرَةَ وَيَرْجُواْ رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي ٱلَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَٱلَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُواْ ٱلأَلْبَابِ ﴾.
الحكمة الإلهية
عدلوحدانية الخالق وكماله
عدلإنَّ قوانين العلوم الطبيعية كالفيزياء والأحياء والطبيعة كلها تنطبق على الكون كله وعلى مخلوقاته كافة؛ فنظام الكون كله محكوم بقيد الجاذبية gravitationally bound، وهناك تجانس بين المخلوقات الحيّة كما يظهر من علم التشريح المقارن comparative anatomy.
إن علم الأحياء الكميميquantum biology وهو علم حديث تبلور في السنوات الاخيرة ,قد أثبت ما هو أكثر دلالة على وحدة الخلق, إذ ربط كافة العلوم الطبيعية; الاحياء والفيزياء والكيمياء بحلقة وصل هي ميكانيك الكميم quantum mechanics. إن العمليات الأحيائية كالتركيب الضوئي في النبات وكيفية عمل الانزيمات وحدوث الطفرات الوراثية المفترضة في المخلوقات وكيمياء عملية الشم وتوجيه الطيور الى اماكن تكاثرها على بعد آلاف الأميال ,كلها تعتمد على قوانين فيزياء الكميمquantum physics التي تتحكم بالجسيمات دون الذرية subatomic particles في ذرات المواد التي تتكون منها الخلايا.
ليس هذا فقط ,فاننا لو بحثنا على الشبكة الالكترونية ( الإنترنيت) أو مواقع دوائر المعرفة, عن تعابير عشوائية تمزج اكثر من علم او نظرية سنكتشف عدداً كبيراً من العلوم أو النظريات المركبة تجسّرها مع بعضها, فعلى سبيل المثال لا الحصر هناك اللوغارثمات التطورية وعلم الكون التطوري وعلم الأحياء الاجتماعي والاحياء الفيزياوي الكميمي وعلم النفس المعرفي والكيمياء الفيزياوية ومئات اخرى .
هذه أدلة على وجود حكمة موحدة تجسّر بين العلوم كافة, وخلق متجانس من أصغر حجم إلى أكبر حجم ومن الطبيعة الى المخلوقات , فمثلاً هناك أدلة علمية على ان مبدأ «الانتقاء الطبيعي» التطوري للمخلوقات هو أيضاً كوني مما سيتم التطرق له بالتفصيل في الفصول اللاحقة.
إنَّ أوّل من استعمل تعبير الميتافيزيقية metaphysics وتناول الجدلية الطبيعية الدينيةPhysico -theological argument [12]هو أرسطوطاليس Aristotle في القرن الرابع (ق.م)، وتطورت هذه الجدلية بعده لتعني «أنَّ الأشياء في العالم ليست عشوائية وإنَّما مرتبة بحكمة ومسببة بقدرة ذكية بارعة، ولا يمكن أن تكون من دون هدف، وأنَّ وحدة العلاقة بين الأجزاء في العالم تدل على أنَّ هناك مسبِّباً واحداً لكل شيء، وهذا المسبب يتسم بالكمال والحكمة والقوة والاكتفاء الذاتي» [13]. وهذا أيضاً ما توصل إليه الفيلسوف الأندلسيّ بقية بن بالكوفة Bachya bin Paquda سنة 1040م، فقد جاء في كتابه (الفرائض في هداية القلوب)[14] [15] «إنَّ تجانس كل ما هو موجود في الطبيعة واعتماد المخلوقات على بعضها والخطة الرائعة والحكمة التي تتجلى في تركيب المخلوقات الحيّة من أكبرها إلى أصغرها، من الفيل إلى النملة، يدل على مصمم واحد عظيم».
الإنسان
عدلالأيات
[سورة هود] ﴿وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (118) إِلاَّ مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (119)﴾.
[سورة الذاريات: 56] ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ﴾.
[سورة الأنبياء: 16] ﴿وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لاَعِبِينَ﴾.
[سورة الملك: 2] ﴿الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ﴾.
[سورة الأنبياء] ﴿وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ عِنْدَهُ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلاَ يَسْتَحْسِرُونَ (19) يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لاَ يَفْتُرُونَ (20)﴾.
[سورة فصلت: 38] ﴿فَإِنْ اسْتَكْبَرُوا فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُمْ لاَ يَسْأَمُونَ﴾.
[سورة الزخرف: 60] ﴿وَلَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَا مِنْكُمْ مَلاَئِكَةً فِي الأَرْضِ يَخْلُفُونَ﴾.
[سورة النحل: 49] ﴿وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مِنْ دَآبَّةٍ وَالْمَلاَئِكَةُ وَهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ﴾.
إنَّ الله سبحانه وتعالى خلق البشر بلا منّة منه ولا حاجة له بعبادتهم (كما أجمع عليه المفسرون كافة) إذ يعبده ويسبح له كل ما في السماوات والأرض من أجرام ومخلوقات ونبات وملائكة وتخضع له بما يراد منها، ولكنه أراد أن يهتدي اليه الإنسان ويعبده باختياره وبإرادته العاقلة لأنَّه المخلوق العاقل وذو البصيرة الوحيد ممن خلق، [سورة التين: 4] ﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ﴾؛ و[سورة الكهف: 29] ﴿وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا﴾.
الكون وبقية الخلق
عدلالآيات:
[سورة ص: 27] ﴿وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلاً ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ﴾.
[سورة يونس: 67] ﴿هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ﴾.
[سورة البقرة: 22] ﴿الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً َأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلاَ تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾.
[سورة الزخرف] ﴿الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ مَهْدًا وَجَعَلَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلاً لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (10) وَالَّذِي نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَنْشَرْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا كَذَلِكَ تُخْرَجُونَ (11) وَالَّذِي خَلَقَ الأَزْوَاجَ كُلَّهَا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ وَالأَنْعَامِ مَا تَرْكَبُونَ (12) لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَتَقُولُوا سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ (13)﴾.
[سورة الجاثية] ﴿وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ رِزْقٍ فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ آيَاتٌ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (5) ...وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (13)﴾.
[سورة الحجر: 22] ﴿وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَا كُمُوهُ وَمَا أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ﴾.
[سورة نوح] ﴿وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ بِسَاطًا (19) لِتَسْلُكُوا مِنْهَا سُبُلاً فِجَاجًا (20)﴾.
[سورة عبس] ﴿فَلْيَنْظُرِ الإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ (24) أنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا (25) ثُمَّ شَقَقْنَا الأَرْضَ شَقًّا (26) فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا (27) وَعِنَبًا وَقَضْبًا (28) وَزَيْتُونًا وَنَخْلاً (29) وَحَدَائِقَ غُلْبًا (30) وَفَاكِهَةً وَأَبًّا (31) مَتَاعًا لَكُمْ وَلأِنْعَامِكُمْ (32)﴾.
[سورة الإسراء: 70] ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً﴾.
[سورة النمل: 62] ﴿أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ﴾.
[سورة الكهف: 7] ﴿إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً﴾.
إنَّ الله تعالى خلق كل شيء بإرادته وبقدرته ليس عبثاً ولكن لغرض. إنَّ ذلك الغرض هو توفير مستلزمات الحياة للبشر والدلالة القاطعة على قدرته وعظمته والحجة البالغة كي يعبده البشر بإرادتهم الحرة وهو القادر على خلقهم كلهم مؤمنين كالملائكة والمخلوقات الأخرى من حيوان ونبات وأجرام سماوية، [سورة الأنبياء: 16] ﴿وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لاَعِبِينَ﴾. إنَّ الكون وما عليه من مخلوقات ونبات بالإضافة إلى الظواهر المناخية والكونيّة قد سخرها لتوفر للإنسان الظروف المتوازنة لتأمين مستلزمات عيشه كافة من خلال الأنظمة البيئية الشاملة الضرورية للحياة Universal or Global eco-systems. يعيش على الأرض ثلاثون مليون نوع من المخلوقات، وهذا التنوع الحياتيّ هو الذي وفر للبشر ما لا يمكن حصره من العطايا، ومنها المناخ المستقر والهواء النقي والماء العذب والطعام وحتى قيمنا الحضارية.
إنَّ الكون مصمم لتوفير ما يريده الإنسان ويحتاجه، وهو ما يسمى علمياً بالمبدأ الإنسانيّ الكونيّ anthropic cosmological principle الذي يقول: «بأنَّ الكون مصمم للإنسان الذي لا يستطيع العيش في أيّ كون لا يشبه كوننا هذا» [16] [17] وكذلك مصمم للمخلوقات المتعايشة معه biocentric اي « إن الحياة والمخلوقات جوهريتان للوجود وللحقيقة وللكون» ,الكون الملائم لاشكال الحياة كافة.
أشار فريمان دايسون إلى هذا المفهوم نفسه بقوله:«كلما أطلت التفكير بالكون وتفاصيل تركيبه كلما ظهر البرهان لدي أكثر وضوحاً بأنَّ الكون لا بدّ أن يكون قد علم بشكل أو بآخر بقدومنا» [18]. الآية [سورة الإسراء:70] ﴿ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي ءَادَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي ٱلْبَرِّ وَٱلْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِّنَ ٱلطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً﴾.
خلق الكون
عدلالآيات:
[ غافر: 57] ﴿ لَخَلْقُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ أَكْـبَرُ مِنْ خَلْقِ ٱلنَّاسِ وَلَـٰكِنَّ أَكْـثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ.﴾ الانفجار الأعظم
[سورة الأنبياء: 30] ﴿أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلاَ يُؤْمِنُونَ﴾.
هذا هو الانفجار الأعظم bang bang [19] [20] حيث كان الكون رتقاًأي كتلة واحدة متماسكة تسمى التفردية singularity (وهي الحالة اللامتناهية الوزن وحجمها صفر) ,فانفجرت مكونةً الأجرام.
هنالك سيناريو آخر لنشوء الكون جاء به العالم غوث [21] [22]Guth سنة 1979 وهو نظرية التضخم inflation، إحدى نظريات تعدد الأكوان multiverse وهي «أنَّ أوّل كون بدأ من اللاشيء الذي لا حيّز له» , سماه الفراغ الكاذب false vacuum الذي يختلف عمّا هو معروف عن الفراغ في أنَّه عكسي التأثير، فبدلاً من أن يجذب الأشياء إليه فهو يدفعها بقوة هائلة، تولد طاقة تتكوّن منها كمية هائلة من المادة، فتكونت المجرات في جزء ضئيل من الثانية.
إنَّ تعابير التفردية singularity والفراغ الكاذب false vacuum ليست مفاهيم بالمعنى العلمي القابل للبرهنة لأنَّها نقيض paradox (النقيض هو تعبير أو مجموعة من التعابير تستعمل في جدالات البديهة أو جدالات المنطق ولكنها تتناقض مع البديهة او الصواب أوتؤدي إلى حالة أخرى تتناقض مع البديهة أو الصواب عند ثبوت صحتها).الإعتراف بوجودالخالق سوف يحل إشكالية هذا التناقض, [سورة البقرة: 117] ﴿بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾، فهو الذي يقول كن للّاشيء الذي لا حيّز له الذي تطرقت اليه النظرية , فيكون.
وكما جاء في الآية حول أهمية الماء، فإنَّ الحياة بدأت على الأرض قبل 3.5 مليارات عام في مياه المحيطات [23] على شكل مخلوقات بدائية ومن المعروف أنَّه حيثما يوجد الماء توجد الحياة، وإنَّ خلايا المخلوقات كافة تحوي الماء. إن «الحقيقة الثلاثية للحياة trifact » هي مستلزماتها الأساسية ; الماء والعناصر الكيمياوية والطاقة , حيث أن "المواد الكيمياوية الاساسية لنشوء لحياة تذوب وتتفاعل في الماء بفعل الطاقة.
الماء والهيدروجين والتفرديات الكونية
عدلالآيات:
[سورة هود: 7] ﴿وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَلَئِنْ قُلْتَ إِنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُبِينٌ﴾.
[سورة الأنبياء: 30] ﴿أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلاَ يُؤْمِنُونَ﴾.
[سورة النور: 45] ﴿وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَآبَّةٍ مِنْ مَاءٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ يَخْلُقُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾.
[سورة الفرقان: 54] ﴿وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ المَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا﴾.
حيث يوجد الماء توجد الحياة ,وللماء مكانة متميزة في الآيات القرآنية وفي الكتب السماوية الاخرى وفي الطقوس الدينية لكل الاديان حتى غير السماوية منها, وقد جاء في الآية [سورة هود: 7] بأنَّ عرش الله سبحانه وتعالى فوق الماء، وفي الآية [سورة الأنبياء: 30] من أنَّه جعل من الماء كل شيء حيّ.
من الجدير بالذكر هنا هو أنَّ الماء مصدر طاقة مائية هيدروليكية أو هيدروجينية بواسطة التحليل الكهربائي electrolysis للماء ، ويطمح العلماء إلى اكتشاف وجود الماء على القمر أو على أيّ من الكواكب الأخرى لأنَّ ذلك سيسهل اكتشاف الفضاء لما توفره هذه الأجرام كمحطات للتزوّد بالوقود الهيدروجيني المستخلص من الماء.
بالإضافة الى ان كل المخلوقات تحتوي على الماء فإنَّ الحياة بدأت في ماء المحيطات من مواد غير عضويّة تكونت منها احماض أمينية amino acids التي بدورها كونت احماض النووية DNA وRNA الضرورية لصنع البروتينات لتكوين المخلوقات البدائية أحادية الخلية التي تقدمت عليها بقيّة المخلوقات من حيوان ونبات وبكتيريا وفطريات واشنات.
لقد تم في يوليو سنة 2011[24] [25]اكتشاف سحابة بخارية عملاقة تحوي كمية من الماء تعادل 140 ترليون مرة بقدر كمية مياه كل محيطات الأرض، وذلك في كوازار quasar (مركز مجرة) تبعد 12 مليار سنة ضوئية عن أرضنا، وحجمه 20 مليون مرة أكبر من شمسنا، وينتج طاقة قدرها 1000 ترليون مرة أعلى من طاقتها. إنَّ الباحثين استنتجوا من هذا الاكتشاف بأنَّ الماء وجد في الكون منذ بدايته. بالإضافة إلى هذا فإنَّ مكونات الماء ( الهيدروجين والأوكسجين ) ومعها الهيليوم (الذي تكوّن من الهيدروجين وكوّن بدوره الأوكسجين) هي أوّل ثلاث مواد كيماوية تكونت في أوّل بدء الكون وأغزرها وجوداً لحد الآن.
إنَّ نظرية الانفجار الأعظم هي السائدة حالياً حول نشوء الكون بدءاً من حالة التفردية الاولى initial singularity , ظلت عاجزة عن تفسير الكثير , كالاجابة عن السؤال حول ما قبل نشوء الكون. هذا مع علمنا بأن حالة التفردية الاولى, وكذلك حالة التفردية الاخيرة عند فناء الكون big crunch singularity هما من المقتضيات الحسابية الرياضية لهذه النظرية, ولكنهما نقائض paradox. فكيف تكون هناك حالة اللاشئ التي حجمها صفر وكتلتها لانهائية ( اقلها بقدر كتلة الكون) التي يتكون منها الكون الذي في النهاية سيعود الى تلك الحالة اللاشيئية ذات الكتلة اللانهائية؟
بناءً على ما تم التطرق اليه من نظريات ومعلومات علمية , يصبح منطقياً أن هناك علاقة بين « الماء » ونشوء الكون وفناءه وما أشارت اليه الآيات حول وجود الماء قبل الخلق , لكي نستطيع حل اللغز ; ما الذي سبق تكون الكون في التفردية الاولى ؟ وما الذي سيخلف التفردية الاخيرة عند فناء الكون؟ خاصة وان هناك مجهول آخر وهو ان المادة والطاقة المظلمتين اللتان تكوّنان 95% من الكون لا نعلم عنهما شيئاً عدا تأثيرهما (فالمادة المظلمة ليس لها اشعاع وقد لا تتكون من جسيمات لكي تكتشف بالوسائل العلمية الحالية). إن اكتشاف كنهها سيؤدي الى قلب مفاهيم كثيرة حول نشوء الكون.
إن المعروف علمياً , إن السحابة الجزيئية molecular cloud التي تكوّنت منها الشموس أثناء الانفجار الأعظم هي عبارة عن هيدروجين وهيليوم , وإن ثلاثة ارباع الكتلة الحالية لشمسنا هو هيدروجين والربع الآخر معظمه هيليوم مع جزء من الكربون والاوكسجين والحديد والنيون. إن الشموس هي عبارة عن مفاعلات إدماجية هيدروجينية نووية لانتاج الطاقة, وتبدأ مرحلة فنائها عندما تتوقف عملية الإدماج هذه.
إنَّ 24% من الكتلة المادية للكون هي مادة الهيليوم ,معظمها على شكل هيليوم 4 الذي تكوّن من الهيدروجين بكميات هائلة عند الانفجار الأعظم من خلال عملية التركيب النووي nucleosynthesis، وظل يتكون باستمرار من خلال عملية الإدماج النووي الحراري thermonuclear fusion للهيدروجين في الشموس [26]. إنَّ من هذا الهيليوم الناتج من الهيدروجين تم تركيب الأوكسجين وكذلك الكربون الذي هو بالإضافة الى الماء مكوّنين أساسيين لخلايا كل المخلوقات. إنَّ المبدأ الإنسانيّ الكونيّ يتضمن على «أنَّنا موجودون ومتكونون من الكربون فلا بدّ أن يكون للكربون أصل ما». تكوّن الكربون من ثلاث نوى هيليوم 4 التي هي جسيمات أوّلية بتفاعل إدماجي نووي من خلال عمليات ألفا الثلاثية triple alpha processes.
هناك حقيقة اخرى ,وهي إن ثلاثية الحياة trifact ;(الماء والمواد الكيمياوية والطاقة) والتي هي مستلزمات نشوء الحياة على اي جرم ترتبط ببعضها من خلال الهيدروجين , فهو موجود في الماء , كما وان الهيدروجين مصدر كل المواد الكيمياوية , وتكوّنت منه الاجرام التي هي مصدر طاقة الكون إما على شكل طاقة حرارية كحرارة الشموس المعطاة الى كواكبها القريبة, او كطاقة حركية تجاذبية gravitational معطاة للاقمار من كواكبها , أو كطاقة كيمياوية ميثانية methaneأو إيثانية ethane (كتلك التي في تايتان احد اقمار زحل).
فالخلاصة مما تم التطرق إليه هي:
1- الهيدروجين هو ذرة الكون البدائية atom primordial التي كوّنت جزيئة الهيدروجين البدائية ثلاثية الذرات H3 .
2- الهيدروجين كوّن الهيليوم وتكونت من كليهما السحابة الجزيئية للكون اثناء الانفجار الاعظم.
3- الهيليوم هو الذي تكوّن منه الأوكسجين والكربون .
4- الماء يتكون من الهيدروجين والأوكسجين.
5 - الكربون والماء هما المادتان الأساسيتان في تركيب الخلايا الحيّة.
6- الكربون مكون أساسي للأجرام.
7- ترابط المستلزمات الأساسية للحياة «ثلاثية الحياة وهي الماء والمواد الكيمياوية والطاقة » ببعضها من خلال الهيدروجين.
ليس من قبيل المصادفة ما جاء في الآيات أعلاه حول أهمية الماء الجوهرية وخصوصاً الآية 7: سورة هود الصريحة في أنَّ عرش الله سبحانه وتعالى قبل الخلق كان فوق الماء. إذاً من الممكن والمعقول القول: إنَّ الماء أو أحد أنواعه أو سائل يشبهه أو الهيدروجين السائل liquid hydrogen كانت موجودة قبل نشوء الكون حسب نظرية الانفجار الأعظم big bang السائدة حالياً أو بأسلوب آخر لا يزال علمه عند الله , فلا أقتضاء لحالة التفرديةsingularity التي افترضتها النظرية , وخاصة ان هناك علماء أخذوا في السنين الاخيرة يشككون بمنطلقات نظرية الانفجار والسحق الاعظم .أن « الماء » في الآية قد يكون كناية عن سيولة الهيدروجين على غرار مجاز قولنا ماء الزهر وماء التبلور وماء الذهب , فهو ماء الهيدروجين. الأحتمال الآخر هو إن الماء قبل الخلق في الآية[ سورة هود : 7] ترميز أو تكنية عن مكوناته التي نشأت منها الأجرام والمخلوقات, وهي الهيدروجين ونتاجه الهيليوم الذي كوّن بدوره الأوكسجين والكربون. لا ننسى ان الاوكسجين وثاني اوكسيد الكربون هما المكونات الأساسية للغلاف الجوي لأرضنا ,الضروري للحياة.
هذا التعليل قد ينقذ نظرية الانفجار الأعظم الذكية من إشكاليتها، فبدلاً من القول «بدأ الكون من اللاشيء اللامتناهي الكتلة وسينتهي إلى اللاشيء اللامتناهي الكتلة»، تصبح «بدأ من الماء أو ربما شبيهه أو الهيدروجين السائل (ماء الهيدروجين) مما له حجم وكتلة وسينتهي إلى نفس الحال», فيسهل استيعابها وفي الوقت ذاته نتوصل إلى حل للغزين بتعليل واحد؛ لغز التفرديات ولغز ماذا قبل الكون وماذا بعده. من الجدير بالذكر أن هناك باحثين يعملون حالياً على بلورة فرضية تقول بأن المادة المظلمة هي التي ضغطت على السحابة الجزيئية فكبستها وحوّلتها الى شموس, مما قد يثير اسئلة جديدة وقد يفجر نظرية الانفجار الاعظم نفسها الى نظريات اخرى.
بالإضافة الى ما اسلفنا حول دور الماء أو الهيدروجين السائل في خلق الكون , فإن في القرآن الكريم ما قد يستدل منه على وجود طاقة قبل أن يخلق الكون , والطاقة علمياً يمكن تحويلها الى مادة وبالعكس حسب مبدأ "تكافؤ الكتلة والطاقة mass-energy equivalence " الذي سيفصل في موضوع الجن . قال ستيفن هوكنج أن الثقوب السوداء تبث أشعاع الجسم الاسود (إشعاع هوكنج ) “black body radiation” “Hawking radiation”,فينتهي الكون الى إشعاع حراري [27] .
أيّام خلق الكون
عدلالآيات:
[سورة هود: 7] ﴿وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَلَئِنْ قُلْتَ إِنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُبِينٌ﴾.
[سورة فصلت] ﴿قُلْ أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ (9) وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ (10) ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ (11) فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (12)﴾.
[سورة النازعات] ﴿أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا (27) رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا (28) وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا (29) وَالأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا (30) أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا (31) وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا (32)﴾.
يخبرنا العلماء أنَّ الانفجار الأعظم big bang بدأ من كتلة ثقيلة جداً وشديدة الحرارة في فترة تسمى حقبة بلانك Planck epoch ( من زمن صفر الى 44 – 10 من الثانية أي رقم 1 مقسوم على 10 امامها 44 صفر) حيث كانت كل طاقة الكون وكتلته مركزة إلى درجة هائلة، وفي ثانية واحدة زاد حجمه 10 27 مرة (10 أمامها 27 صفر) استمر بعدها بالتمدد [28].
إنَّ أيّام الخلق كما جاء في القرآن والكتب السماوية الأخرى هي ليست الأيّام ذاتها على أرضنا، وإنَّما حقب زمنية أو مراحل أو عصور أو لحظات لا يعلمها إلَّا سبحانه وتعالى. من المعروف إنَّ لكل كوكب سيار في الكون يوماً يختلف طوله عن الأيّام في كواكب أخرى. كما أنَّه ليس بالضرورة أن تكون طول الوحدة الزمنية عند خلق الأرض هي بطولها ذاته في خلق السماوات. إضافة إلى هذا فإنَّ الأيّام في القرآن وفي اللغة العربية لها معانٍ مختلفة، فهناك أيّام تعني أنعُم أو تعني حوليات، [سورة إبراهيم: 5] ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآَيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ﴾؛ و[سورة يونس: 102] ﴿فَهَلْ يَنْتَظِرُونَ إِلاَّ مِثْلَ أَيَّامِ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِهِمْ قُلْ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ﴾.
إنَّ الأيّام في القرآن لها أيضاً أطوال مختلفة فهناك يوم طوله ألف سنة من سنين الأرض، [سورة الحج: 47] ﴿وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ﴾ وآخر طوله خمسون ألف سنة؛ و[سورة المعارج: 4] ﴿تَعْرُجُ الْمَلاَئِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ﴾.
أما ما جاء في الآية [سورة فصلت: 11] من أنَّ السماء كانت دخاناً فهو إشارة إلى السديم بين- النجميinterstellar nebula (السحابة بين- النجمية interstellar cloud ) الموجود في مناطق تكوين الشموس، وهي عبارة عن سحب تحتوي على الهيدروجين والهيليوم وغازات متأيـــنة (بلازما) تتجمع فتكوّن الشموس [29].
السماوات السبع
عدلالآيات:
[سورة البقرة: 29] ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيءٍ عَلِيمٌ﴾.
[سورة الملك: 3] ﴿الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ﴾.
[سورة الانشقاق: 19] ﴿لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ﴾.
[سورة فصلت: 12] ﴿ فَقَضَٰهُنَّ سبْعَ سَمَٰوَٰتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَىٰ فِي كُلِّ سَمَآءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا ٱلسَّمَآءَ ٱلدُّنْيَا بِمَصَٰبِيحَ وَحِفْظاً ذَلِكَ تَقْدِيرُ ٱلْعَزِيزِ ٱلْعَلِيمِ﴾.
[سورة الصافات:6] ﴿ إِنَّا زَيَّنَّا ٱلسَّمَآءَ ٱلدُّنْيَا بِزِينَةٍ ٱلْكَوَاكِبِ﴾
إنَّ الأجرام بأحجامها كافة والمكونات الكونيّة الأخرى مركبة على شكل أطباق أو أقراص تدور حول مركز الطبق، وهذا الأخير يدور مع أطباق أخرى حول مركز لتكوين طبق أكبر، وهكذا بنظام واحد متجانس. مما يجدر ذكره هو أن في آيات القرآن الكريم تمييز واضح بين تعبيري النجوم (وهي الشموس) والكواكب (وهي الكواكب السيارة).
إذا طبقنا هذا التركيب الطبقي على ما جاء في القرآن والكتب السماوية الأخرى سيظهر ان سماء اي تركيب كوني هي التركيب الذي يعلوه, فهناك سماء لكل مستوى من هذه الانظمة الكونية :
1- السماء الأولى (الدنيا) : وهي الانظمة الكوكبية planetary systems (الكواكب السيارة) ومنها أرضنا, التي يدور في فلكها قمرها والاقمار الصناعية والمحطات الفضائية وأي جسم كوني كالشهب meteors والنيازك meteoroids ,الآية [سورة الملك: 5] ﴿ وَلَقَدْ زَيَّنَّا ٱلسَّمَآءَ ٱلدُّنْيَا بِمَصَاٰبِيحَ وَجَعَلْنَٰهَا رُجُوماً لِّلشَّيَٰطِينِ وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ ٱلسَّعِيرِ ﴾ , والآية [سورة فصلت:12]﴿ فَقَضَٰهُنَّ سَبْعَ سَمَٰوَٰتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَىٰ فِي كُلِّ سَمَآءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا ٱلسَّمَآءَ ٱلدُّنْيَا بِمَصَٰبِيحَ وَحِفْظاً ذَلِكَ تَقْدِيرُ ٱلْعَزِيزِ ٱلْعَلِيمِ﴾ .
المصابيح في الآيات هي الشهب meteors, وهي اجسام كونية صغيرة انفصلت عن كويكبات asteroids أو عن نيازك meteoroids أو عن مذنبات comets فتحترق وتضئ عند ارتطامها بجسيمات الهواء في الغلاف الجوي للارض,وتسمى رجوماً meteorites عندما تصل سطح الارض. مما يجدر ذكره هنا هو ان الحجر الاسود في الكعبة المشرفة هو ليس من احجار الارض وانما حجر سماوي من النوع الرجمي اعلاه [30], الآية [سورة البقرة:74] ﴿ .... وَإِنَّ مِنَ ٱلْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ ٱلأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ ٱلْمَآءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ ٱللَّهِ وَمَا ٱللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ﴾.
هذا واننا من على كوكب الارض نستطيع رؤية بعض الكواكب بالعين المجردة , إذ هي اقرب الاجرام السماوية الينا, كما جاء في الآيات [سورة الصافات:6]﴿ إِنَّا زَيَّنَّا ٱلسَّمَآءَ ٱلدُّنْيَا بِزِينَةٍ ٱلْكَوَاكِبِ﴾, و[سورة التكوير] ﴿فَلاَ أُقْسِمُ بِٱلْخُنَّسِ (15) ٱلْجَوَارِ ٱلْكُنَّسِ (16)﴾, الخنس الجوار الكنس في التفاسير التقليدية ,هي الكواكب السيارة.
2- السماء الثانية : الانظمة الشمسية التي فيها كواكبها السيارة, ومنها شمسنا التي تدور حولها ارضنا مع باقي كواكب شمسنا.
3- السماء الثالثة: وهي المجرات التي تحتوي على شموسها التي تدور حول مركز المجرة center of mass المسمى الثقب الأسود فوق الهائلsuper-massive black hole. [31] [32]
4- السماء الرابعة: وهي العناقيد (الحشود) clusters التي تحتوي على مجراتها التي تدور حول مركز العنقود (الحشد).
5- السماء الخامسة : وهي العناقيد (الحشود) العظمى superclusters التي تحتوي على العناقيد (الحشود) وما بينها من مجموعات صغيرة من المجرات او مجرات مفردة , تدور كلها حول مركز العنقود (الحشد) الأعظم. أكتشف سنة 1987 أول عنقود (حشد)أعظم وهو بسز - سيتز Pisces-Cetus supercluster complex .
6- السماء السادسة : وهي التراكيب العظمى superstructure complexes (وتسمى ايضاً الجدران العظمى great walls أو السُلَيكات المجرية galaxy filaments [33], أو العناقيد-الحشود- الأسمى hyperclusters ) التي تحتوي على العناقيد (الحشود) العظمى . هذه التراكيب العظمى هي انظمة كونية فريدة في انها ليست قرصية مدارية كباقي السماوات وانما على شكل صفائح أو جدران أو سُليكات , ومفصولة بفجوات voids . اكتشف اولها سنة 1989 وهو الجدار العظيم أو جدار كوما Coma Great Wall , طوله 500 مليون سنة ضوئية وعرضه 200 مليون سنة ضوئية وسمكه 15 مليون سنة ضوئية، والأكبر منه جدار سلون العظيم Sloan Great Wall الذي اكتشف سنة 2003 وطوله 1.38 مليار سنة ضوئية. أما الفجوات voids فهي بين هذه الجدران وقد بدأ اكتشافها منذ سنة 1978 وهي إما خالية أو قد تحوي بضعة مجرات . إنَّ فجوة كابريكورناس Capricornus void هي اكبر فجوة مكتشفة بقطر 230 مليون سنة ضوئية تم اكتشافها في سنة 2009.
7-السماء السابعة (العليا): وهي السماء التي تعلو التراكيب العظمى والفجوات, ولن يتوصل العلم لها بسبب استحالة ذلك علمياً.
من الجدير بالذكر أنَّ التراكيب العظمى (الجدران) تشذ عن بقيّة تراكيب الكون بأنَّها على شكل صفائح ذات طول وعرض وسمك وليست مداريّة، ولا يوجد هناك تراكيب كونيّة أكبر منها كما أثبته مقياس المراقبة المسمى (نهاية العظمة End of greatness ) وهو على بعد 300 مليون سنة ضوئية ,لا يمكن بعدها تمييز مكونات الكون , ولكن (الكون القابل للمراقبةobservable universe ) ويسمى أيضاً (أفق الجسيم particle horizon ) يقدر قطره بـ 93 مليار سنة ضوئية وهو آخر حد للمراقبة( اي بمعنى امكانية وصول الضوء او اشعاعات اخرى على هذا البعد), لكنه نظري فقط لأنه مستحيل عملياً بسبب تحديد آخر يطلق عليه (حد الرؤية المستقبلية future visibility limit ) وذلك بسبب تمدد الكون expansion[34] [35][36]
إذاً نهاية دنيانا بأرضها وسماواتها هي السماء السادسة التي حتى لا سبيل أو أمل في معرفة حدها , لأنه ابعد من حد (نهاية العظمة) التي هي 300 مليون سنة ضوئية ,أي علمياً هي( افق حدث event horizon ) بمعنى «استحالة الحصول على اي معلومات عن ذلك الشئ أو الحدث وحتى لا يمكن الجزم على انه قد وجد ذلك الشئ أو حدث ذلك الحدث » ,ناهيك معرفة السماء السابعة. بالإضافة الى ذلك ,أن ما تعرف العلم عليه لحد الآن لا يمثل إلا 5 % من حجم (الكون القابل للمراقبة) ناهيك معرفة حدوده النهائية ان كانت له حدود أو معرفة السماء السابعة, وذلك بسبب التمدد الكوني المستمر, الآية [سورة الرحمن: 33] ﴿يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ فَانْفُذُوا لاَ تَنْفُذُونَ إِلاَّ بِسُلْطَانٍ﴾.
جاء في [سورة النجم] ﴿عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى (14) عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى (15) إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى (16) مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى (17) لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى (18)﴾. السدرة هي شجرة اللوتس بأوراقها الكبيرة القرصية الشكل الطافية على الماء. إنَّ أصل سدرة المنتهى في العرش العظيم في السماء السابعة ولكن فروعها في السماء السادسة التي وصلها النبي (ص) كما جاء في الحديث النبوي الشريف . "فهي ينتهي اليها علم كل عالم ومَلَك مقرب ونبي مرسل, ما خلفها غيب لا يعلمه إلا الله" كما قال كعب الاحبار. لقد رأى النبي محمد (ص) جبريل ولم ير سبحانه باتفاق كافة المفسرين ,إذ سبحانه لا تدركه الأبصار وهو يدرك الابصار (الانعام 103) , وما كان لبشر ان يكلمه الله إلا وحياً او من وراء حجاب أو يرسل رسولاً فيوحي بإذنه ....(الشورى 51), فلا عجب إذن ان ينتهي اليها علم الخلائق وليس لأحد ورائها علم ولذلك سميت سدرة المنتهى(29) . من المحتمل أنَّ «سدرة المنتهى» هي كناية عن الشكل العام للكون عند هذا المستوى، إذ هو شبيه بشجرة, أو أنَّها كناية عن التركيب القرصي للأجرام الذي يشبه ترتيب الاوراق القرصية لشجرة اللوتس .
هناك احتمال آخر وهو أنَّ السماوات المتعددة المذكورة في القرآن والكتب السماوية الاخرى هي أكوان في حدّ ذاتها حسب نظرية تعدد الأكوان multiverse theory [37] [38] [39]. إنَّ نظرية تعدد الأكوان تقول أيضاً بعدم إمكانية تداخل هذه الأكوان في بعضها، ويعتقد العلماء بأنَّه يستحيل على العلم وإلى الأبد من حل إشكالية وجود أكوان أخرى أو عدمه وذلك لأنَّ هذه الأكوان لها حيّزمنات spacetimes مختلفة ولا يمكن أن تتفاعل مع بعضها بأي شكل من الأشكال، ولا يمكن اكتشافها أبداً، وأن تنقل الإنسان بين الأكوان المتوازية parallel universes هو مجرد خيال علمي سينمائي.
خلق الأرض
عدلالآيات:
[سورة النازعات] ﴿أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا (27) رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا (28) وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا (29) وَالأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا (30) أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا (31) وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا (32)﴾.
[سورة فصلت] ﴿قُلْ أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ (9) وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ (10) ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ (11) فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (12)﴾.
من الجدير بالذكر ان تعبير "السماء" بصيغة المفرد قد لا يدل على الكون بكل سماواته , إذ أن هناك 114 اشارة في القرآن الكريم الى "السماء" , منها 36 اشارة للكون ولكن 78 تشير الى سماء واحدة, فإما تشير الى السماء الدنيا بدليل ذكر السحاب والمطر والطيور والكوارث الطبيعية ,أو الى السماء العليا ( السابعة ) حيث العرش العظيم بدليل ذكر القدرة الالهية (السماوية) في خلق وفناء الكون والمخلوقات.
إن الآية [سورة فصلت: 11] ﴿ ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ ﴾ والاخرى [سورة النازعات:27] ﴿أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا ﴾ تشيران الى احد السماوات وهي الثانية في تسلسل السماوات اي النظام الشمسي, في مجرتنا (الدرب اللبني) التي تكوّنت فيها شمسنا وغيرها من مئات مليارات الشموس والأجرام الاخرى . الدخان هنا هو السديم بين-النجمي interstellar nebula الذي يكوّن الشموس . من المحتمل علمياً أن الأرض خلقت قبل شمسنا كما ورد في[سورة فصلت:11] في نظام شمسي أقدم من نظام شمسنا ,إذا علمنا أنَّ بعض الكويكبات minor planets or asteroids تسير حرة (عائمة) في فضاء مجرتها غير مرتبطة بفلك لجرم اكبر أو قد تدور في أفلاك أجرام غير تلك التي تكوّنت منها أو قد تصطدم بأجرام أخرى. ففي نوفمبر 2012 تم رصد كوكب عائم free floating planet على بعد مئة سنة ضوئية عن الأرض سمّي CFBDSIR2149-0403، يعتقد أنَّه كوكب نبيرو Nibiru الذي رصده السومريون قبل خمسة آلاف عام وسماه البابليون بعدهم نجمة مردوخ (الاله حاكم الكون) ، وطبقاً لما صرحت به وكالة الفضاء الأمريكية ناسا NASA فإنَّ هذا الجرم يعني بداية جديدة لتقويم السنين الذي اعتمدته حضارة المايا في المكسيك )التي امتدت من (750 BC) الى (250 AC) ويعتقد العلماء أنَّ هنالك المليارات من هذه الأجرام العائمة [40]( إذاً فمن الممكن ,نظرياً أقلّه، أنَّ الأرض قد تكونت في مكان آخر من الكون ثم اقتربت من شمسنا التي ضمتها إلى مدارها كأحد كواكبها , أي إن تكوّنها شبيه بتكوّن الكواكب القزمية (اي التي قطرها حوالي 1000-2500 كم) ; سدنا Sedna (اكتشف سنة 2003) والاخر VP 113 2012 (اكتشف سنة 2012) اللذان انفصلا عن سحابة أورت Oort cloud لشمسنا ,فما هي سحابة أورت ؟
يتكون الجزء الدينامي المستقر القابل للمراقبة من نظامنا الشمسي من ثلاث مدارات ; الكواكب الصخرية والكواكب الغازية وحزام كايبر Kuiper belt الجليدي الذي يغطي سمكه المسافة بين AU30 و AU50 عن الشمس( الوحدة الفلكية AU هي المسافة بين الارض والشمس) . أما سحابة اورت فهي طبقة مفترضة مدارها خارج حدود الطبقات الثلاثة آنفة الذكر وسمكها يغطي المسافة بين 2,000 و100,000 وحدة فلكية عن الشمس . ليس هناك رأي موحد حول كيفية تكوينها عدا افتراض انها متكونة من مليارات الكويكبات الصغيرة جداً planetesimal وهي المرحلة الاولية لتكوين الكواكب ,قد تنطلق على هيئة نيازك جليدية مكونة من الماء والامونيا والميثان لأنها في نهاية نطاق جاذبية الشمس حيث تقل ,فتتجاذبها قوى الجاذبية لشمسنا وللشموس المارة القريبة وجاذبية مجرتنا درب اللبانة فتنجذب هذه الاجسام إما الى عمق نظامنا الشمسي او تنطلق خارجه, كما تضاف اليه اجسام من خارجه بنفس الاسلوب [41] يعتبر العلماء الكواكب القزمية هي الدليل على وجود سحابة أورت وصحة فرضية وظيفتها, فمن الممكن ان أرضنا قد تكونت في سحابة أورت لنظام شمسي آخر ثم ضمتها شمسنا اليها.
ولكن هناك احتمال آخر , ففي الآيات [سورة النازعات] ﴿أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا (27) رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا (28) وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا (29) وَالأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا (30) أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا (31) وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا(32)﴾ ما يتفق مع الرأي العلمي وهو أنَّ السماء (النظام الشمسي) تكونت قبل الأرض, ولكن الطبري فسر الآية [سورة النازعات: 30] ﴿وَالأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا﴾ في أنَّها لا تناقض ما جاء في الآيات التي تقول بأنَّ الأرض خلقت قبل السماوات حيث قال: «الْمَعْرُوف مِنْ مَعْنَى وَبَعْد ‹أَنَّهُ خِلاَف مَعْنَى وَقَبْل› وَلَيْسَ فِي دَحْو اللَّه الأَرْض بَعْد تَسْوِيَته السَّمَاوَات السَّبْع، وَإِغْطَاشه لَيْلهَا، وَإِخْرَاجه ضُحَاهَا، مَا يُوجِب أَنْ تَكُون الأَرْض خُلِقَتْ بَعْد خَلْق السَّمَاوَات لأَنَّ الدَّحْو إِنَّمَا هُوَ الْبَسْط فِي كَلاَم الْعَرَب. إِنَّ اللَّه تَعَالَى خَلَقَ الأَرْض، وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتهَا، وَلَمْ يَدْحُهَا، ثُمَّ اِسْتَوَى إِلَى السَّمَاء فَسَوَّاهُنَّ سَبْع سَمَاوَات، ثُمَّ دَحَا الأَرْض بَعْد ذَلِكَ، فَأَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا، وَأَرْسَى جِبَالهَا» [42]. قد يكون تفسير الطبري هذا مدفوعاً برغبته في الحفاظ على التطابق بين المعنى الظاهري للآيات ولو حرفياً، والله أعلم.
بهذا يمكننا النظر إلى هذه الآية من وجهين، أوّلهما أنَّ العلم والقرآن متفقان على الفهم السائد وهو أنَّ نظامنا الشمسي قد خلق قبل الأرض، وثانيهما الذي يأخذ تفسير الطبري بنظر الاعتبار فيوفر على أقلّه أرضيّة مشتركة للعلم والإيمان والقول بأنَّ الأرض تكونت في نظام شمسي آخر في سماء مجرتنا درب اللبانة milky way , وخاصة إن الآية [سورة فصلت: 11]﴿ .....ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ ﴾ , والأية [سورة النازعات:27] تشيران الى السماء الثانية (النظام الشمسي) التي تكونت بعد الارض التي كانت عائمة حرة في فضاء المجرة حتى اقتربت من شمسنا الأحدث خلقاً فجذبتها وبدأت الدوران حولها orbiting ثم أخذت تدور حول نفسها spinning or rotation , قبل أن يكتمل تصلبها فاكتسبت شكلها البيضوي بسبب القوة النابذة(قوة الضرح) centrifugal force. بعد ذلك بدأت الأرض بالتصلب وظهر عليها الماء وتكوّنت الجبال. بهذا تضيق فجوة الاختلاف، فهذه الآية تجعل خلق الأرض على مرحلتين قبل وبعد ضمها للشمس. هنالك أمثلة كثيرة على أجرام جذبت أجراماً لا تعود إليها في الأصل . ولا يتعارض هذا مع خلق أجرام في السماوات ومنها شمسنا بعد خلق الأرض كما ورد في الآية [سورة فصلت:11] ﴿ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ...﴾.
لا بدّ من التذكير هنا بأنَّه إذا كان الكون مصمّماً لما يحتاجه الإنسان ويريده حسب المبدأ الإنسانيّ الكونيّ anthropic cosmological principle [43] [44]فمن غير المستبعد أن تكون الأرض التي سكنها هو والمخلوقات الأخرى المتعايشة معه لها ايضاً خصوصيتها في تكوينها, وخاصةً أنَّ نشأة الأرض لا يزال يكتنفها الغموض علمياً إذ هناك ثغرات في معرفة أصلها وأصل القمر وأصل ما عليها وبخاصة الماء .
تكوين القمر وماء الارض
عدلإنَّ النظريات المتعددة حول تكوين القمر ومصدر الماء قد اضافت غموضاً اضافياً حول تكوين الارض . إنَّ الفرضية السائدة هي فرضية الارتطام الهائلgiant impact hypothesis [45] التي جاء بها جورج داروين ابن تشارلس داروين سنة 1898; وهي أنَّ كوكباً بحجم المريخ اسمه ثيا Theia (على اسم الإلهة اليونانية ثيا إلهة الشمس وهي أم سيلين Selene إلهة القمر) يحوي على ماء قد ارتطم بالأرض في بدء تكونها فأعطاها ماءَه، وأدّى إلى إنفصال جزء منها كقمر.
تجدر الاشارة هنا الى أن بعض العلماء فندوا فرضية الارتطام التي جاء بها جورج دارون , للأسباب التالية التي تم التوصل إليها بعده:
1- نسبة المواد المتطايرة volatile elements في القمر لا تعزز الفرضية.
2-لم يسبق للأرض أن كان لها محيط حمميّ magma ocean الذي تقتضيه الفرضية.
3- نسبة أوكسيد الحديد FeO في القمر لا تعزز الفرضية .
4- إنَّ القمر يفتقد إلى المعادن التي تقبل الاتحاد مع الحديد siderophilic elements التي تفترضها هذه الفرضية.
هذا وقد اكتشف حديثاً إن القمر يحوي على مواد غير موجودة على ارضنا فبرزت نظرية جديدة تقول (ان جزءاً انفصل من الكوكب المرتطم المفترض والتحم معه جزء من الارض ليكوّنا القمر). فرضية أخرى تقول (أن القمر تشكل في موقع أخر من الكون، وتم جذبه في وقت لاحق الى مجال الجاذبية الأرضية).
أما بالنسبة لمصدر ماء الارض فهناك رأي آخر هو ان مصدره من ارتطام نيازك وكويكبات .مما يجدر ذكره أن مركبة روزيتا Rosetta التي تدور حول مذنب 67P قد اكتشفت في نوفمبر 2014 وجود الماء على هذا النيزك ولكنه يختلف عن ماء الارض في نسبة الهيدروجين الى الدوتريوم Deuterium, فإذاً لا يمكن ان يكون مصدر ماء الارض من نيازك او كويكبات إلا إذا تم مستقبلاً اكتشاف نيزك أو كويكب فيه ماء بنفس خصائص ماء الارض , وبهذا فاننا لا نعلم بالضبط مصدر ماءها لحد الآن.[46]
ليس مستحيلاً افتراض وجود الماء على الأرض ذاتياً ؛ فهنالك كويكب اسمه ثيمس Themis 24 [47](بحجم جزيرة صقلية قطره نحو 200 كم ) يدور حول الشمس بين المشتري والمريخ في الحزام الرئيسي للكويكبات solar main-belt asteroids على بعد 300 مليون كم عن الأرض. تم في سنة 2009 اكتشاف ماء متجمد وهيدروكربونات على هذا الكويكب بالإضافة إلى الحمض الأميني غلايسين glycine (إحدى المواد المهمة للحياة وأساس تركيب البروتينات) الذي اكتشف وجوده فيه سنة 2010. إنَّ مصدر الماء على هذا الكويكب هو من تحت سطحه، وتبخر خلال السطح، ثم تجمد على سطح الكويكب. كذلك ففي سنة 2004 تم أيضاً اكتشاف الماء والهيدروكربونات على قمر تيتان Titan وهو أحد أقمار زحل. إنَّ تيتان أيضاً مغلف بطبقة من الغلاف الجوي مثل أرضنا، وهو أكبر قمر في المجموعة الشمسية، والجرم المعروف بأنَّه الأكثر شبهاً للأرض من الأجرام الأخرى كافة. فمن الممكن أنَّ الأرض بذاتها احتوت على الماء والعناصر العضويّة الأوّلية للحياة كما هي الحال على كويكب ثيمس 24 وقمر تيتان.
هناك نظرية اخرى مستمدة من معلوماتنا عن النيازك تقول بان الارض تكونت من إدماج عدة اجزاء. إنَّ هذه وغيرها من الاكتشافات المستقبلية ستغير من فهم العلماء للأرض وما عليها من ماء ومواد عضويّة ضرورية للحياة وكيفية تكوّن القمر.
الليل والنهار ودوران الارض
عدلالآيات:
[سورة الإسراء: 12] ﴿وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلاً﴾.
[سورة يس: 37] ﴿وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ﴾.
تشير الآيتان إلى أنَّ الظلام هو حالة الأساس في الكون وهو فعلاً الذي يسود الكون بين الأجرام، وإلى أنَّ ضوء نهار الأرض هو من الشمس، وأنَّ أيّ ضوء سواء ضوء الشمس أو أيّ مصدر آخر يخترق ظلام الكون من دون أن يضيئه. ألا ما أصدق وأوجز وأحكم ما قاله المتنبي :
وليس يصحُّ في الأفهام شيءٌ إذا احتاج النهار إلى دليلِ
الآيات:
[سورة الحديد: 6] ﴿يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَهُوَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُور﴾.
[سورة الحج: 61] ﴿ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ﴾.
[سورة الزمر: 5] ﴿خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحَقِّ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لأَِجَلٍ مُسَمّىً أَلاَ هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ﴾.
[سورة الفرقان: 45] ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شَاءَ لَجَعَلَهُ سَاكِنًا ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلاً﴾.
إنَّ صورة الكرة الأرضيّة من الفضاء تظهر نصفها ليل والنصف الآخر نهار والخط الفاصل بينهما يتحرك باتجاه حركة عقرب الساعة اي يدوران حول الارض . بما أن الأرض تدور بعكس حركة عقارب الساعة، فالليل يأخذ من مؤخرة النهار في الوقت ذاته الذي يأخذ فيه النهار من مؤخرة الليل. على هذا فإن ما جاء في الآيات [سورة الحديد: 6] و[سورة الحج:61] و[سورة الزمر:5]اعلاه هو القول بصورة غير مباشرة بأنَّ الأرض تدور.
مما يجدر ذكره هنا هو ما جاء بأنَّ الشمس هي أصل الظاهرة، والدليل الذي يقاس عليه الظل لأنَّ الأرض هي التي تدور حول الشمس وليس العكس، وهذا ما أكدته الآية [سورة الفرقان: 45] أعلاه وهو على العكس مما كان يُعتقد في زمن القرآن من أنَّ الأرض هي الثابتة ويتمركز عليها كل الكون.
الآية:
[سورة يس: 40] ﴿لاَ الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلاَ اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ﴾.
إذا كان الليل والنهار في فلك كما جاء في الآية فالأرض إذن تدور في فلك. كما أسلفنا جاء هذا في القرآن في الوقت الذي كان يُعتقد فيه بأنَّ الأرض ثابتة.
الآية:
[سورة الصافات: 5] ﴿رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَرَبُّ الْمَشَارِقِ﴾.
تعدد المشارق والمغارب يتفق مع العلم في أنَّ لكل كوكب مشرقاً ومغرباً لشمسه يختلف عن الآخر يتوقف على سرعة دورانه حول نفسه.
سطح الارض وحركاتها
عدلالآيات:
[سورة الشمس: 6] ﴿وَالأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا﴾.
[سورة النازعات: 30] ﴿وَالأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا﴾.
[سورة النحل: 15] ﴿وَأَلْقَى فِي الأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهَارًا وَسُبُلاً لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ﴾.
[سورة النبأ] ﴿ أَلَمْ نَجْعَلِ ٱلأَرْضَ مِهَٰداً (6) وَٱلْجِبَالَ أَوْتَاداً (7) ﴾.
[سورة فصلت :10] ﴿ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا ....﴾.
«الأُدحية» هي بيضة النعامة. إنَّ القرآن أوّل من جاء بهذه المعلومة عن الأرض على أنَّها بيضوية حيث إنَّها انتفخت في منطقة خط الاستواء وتفلطحت عند القطبين بسبب القوة النابذة أو قوة الدفع (الضرح) عن المركز centrifugal force أثناء دورانها. لم يكتشف العلم أنَّ الأرض كروية وليست مسطحة إلَّا بعد حوالي ألف سنة من نـزول القرآن وبعدها بفترة طويلة على أنَّها بيضوية.
اما بالنسبة لحركات الارض المتعددة ,فالأرض هي الكوكب الوحيد الذي يحوي على صفائح تكتونية tectonic plates في قشرتها وعددها 7-8 كبرى وعدد آخر من الصفائح الصغرى. فالزلازل والبراكين على اليابسة وفي المحيطات , والجبال والصدوع الأرضيّة land rifts والسلاسل الجبلية underwater mountain or mid-ocean ridges ranges والانخفاضات في قعر المحيطات التي قد تصل إلى عمق عشرة كيلومترات تحت مستوى القاع , كلها على حافات هذه الصفائح التكتونية للمحافظة على المساحة السطحيّة للأرض من دون تغيير [48]. إنَّ هذا هو التوضيب الدقيق والمستمر للأرض perpetual fine adjustment.
ما جاءت به الآية (15) سورة النحل منطبق علمياً، فالأرض في المراحل البدائية لتكونها كانت على شكل كتلة رجراجة منصهرة مما يجعلها( تميد ) كما جاء في الآية إعلاه , أي (تمور مضطربة وتحرّك ما عليها ) بسبب عدم تجانس كثافتها. بعد ذلك تصلبت القشرة crust وطبقتا الرتينة العليا upper mantle واللب الداخلي inner core , لكن بقيت طبقتا اللب الخارجيّ outer core والرتينة السفلى lower mantle سائلتين بكثافات متفاوتة [49] [50]. ويعتقد العلماء أن في طبقة الرتينة السفلى ماء ,تعادل كميته ما هو موجود في بحار العالم ومحيطاته مجتمعة، أي حوالي 1.5 % من وزن الأرض.أن عدم تجانس كثافة طبقات الارض , وكونها بيضوية , وتأثير احواض المحيطات والماء الذي تحتويه وعوامل اخرى كونية,كلها تؤدى الى مورٍ مضطربٍ لولا العوامل التي تجعلها تدور بتهادي منتظم ودقيق , وهي :
1- ميلان (زاوية محور الدوران ) axial tilt إذ يميل بإقتراب وإبتعاد متعاكس لنصفيها الشمالي والجنوبي نسبة للشمس بما يسمى(الإنقلابات الشمسية solstices), وهي اطول نهار في الصيف واقصر نهار في الشتاء , اي ان هذا الميلان أدى ايضاً الى الفصول الاربعة الضرورية للحياة على الأرض .
2- تغير (إتجاه محور الدوران)يسمى التسبّق precession في دورة تكتمل كل 26000 سنة. تزحف الفصول تدريجياً فينقلب الصيف شتاءً والشتاء صيفاً في نصفي الأرض الشمالي والجنوبي في منتصف الدورة اي كل 13000 سنة وما يتبعه من تغييرات بيئية وجغرافية خاصة على الصحاري والغابات المدارية, وحضارية ايضاً. إن الجزيرة العربية كانت قبل آلاف السنين غابات ووجدت فيها هياكل عظمية لفيلة وصحاري حالية اخرى. إن أسباب التسبق هي ; عدم انتظام سطحها (الذي تشير له الآيات بالرواسي) , وكونها بيضوية , بالإضافة الى جذبها من قبل الشمس والكواكب القريبة والقمر .
3- حركة الايماء nutation وهي حركة تذبذبية (تشبه حركة الرأس عند ايمائنا بالموافقة على شئ ) تكتمل كل 18.6 سنة .هذا التذبذب له علاقة بحركة الشمس والقمر نسبة لبعضهما,وعدم انتظام سطح الارض وعدم تجانس كثافة طبقاتها.
4- تهادي تشاندلر Chandler wobble وهوتغيير دوري بسيط جداً في محور الدوران. يعتقد العلماء ان هذا التهادي له علاقة بحرارة وملوحة الماء في المحيطات وتاثير الرياح على حركته مما يؤدي الى تغير الضغط في قاع المحيط في دورة تكتمل كل 14 شهر ويؤدي الى مدّ ارتفاعه 6.5 متر لاعلاقة له بالمدّ الاعتيادي القمري [51].
5- تغيرات المد والجزر القمرية لها ايضاَ اثر في انتظام حركة الارض [52].
نخلص بهذا الى ان عدم انتظام سطح الارض بوجود الجبال والوديان العميقة على اليابسة ، واحواض المحيطات وفي قاعها السلاسل الجبلية والإنخفاضات, الآيات[سورة فصلت: 10] ﴿ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا ...﴾ و[سورة النبأ: 7] ﴿وَٱلْجِبَالَ أَوْتَاداً ﴾ و[سورة النازعات : 32] ﴿وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا ﴾, بالإضافة الى حرارة وحركة وملوحة وضغط الماء في المحيطات , كلها عوامل مهمة في انتظام واستقرار دوران الارض . هذا وقد اكتشفت أحافير (متحجرات) لكائنات بحرية في أعالي سلسلة جبال الهملايا مما يدل على التغيير المستمر في قشرة الارض , وإنَّها بدأت بالتصلب عندما ظهر الماء على سطحها , وهذا ما أشارت اليه الآية [سورة النحل :15] ﴿...رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهَارًا...﴾.
إن ما تم التطرق له يشير الى حقيقة جوهرية وهي أن أرضنا ما كان لها ان تكون كوكباً مفعماً بالحياة ومهداً لحضارة بشرية راقية لو لم يتوافر لها شئ مهم جداً وهو الاستقرار لمدة مئات الملايين من السنين على خلاف الكواكب الاخرى في نظامنا الشمسي. إن هذا الاستقرار هو نتيجة كونها ليست صغيرة ولا كبيرة, ولا هي شديدة الحرارة ولا البرودة , وتقع في المنطقة المعتدلة goldilocks or habitable zone لنظامنا الشمسي فهي ليست قريبة من الشمس ولا هي بعيدة عنها , وعليها ماء احتفظت به بسبب غلافها الجوي المتميز ,في دورة محكمة. هذا وأن طبقة اللبّ فيها تختلف عنها في باقي الكواكب في أن حجمها ملائم وكون اللب الخارجي حار منصهر واللب الداخلي صلب , فتعطي دفأً لطبقاتها العليا ومغناطيسية تحمينا من الأشعاعات الكونية المميتة. يضاف الى ذلك إن دورانها بالإسلوب الذي تطرقنا له حول نفسها وحولها القمر في مدار حول الشمس نتج عنها النهار والليل والفصول الاربعة والغلاف الجوي atmosphere والغلاف المائي hydrosphere (كتلة الماء بكافة اشكاله فوق وتحت السطح ) الذي يعطينا المد والجزر والتيارات النفاثة jet streams وامواج الريح wind waves ودورة الماء في الطبيعة hydraulic cycle والمياه المخزونة في الارض groundwaters. كلّ ما ذكرنا هو غيض من فيض مما توفره لنا ارضنا بمواصفاتها المتميزة وكلها ضرورية للفعاليات الحياتية لكل المخلوقات ولحضارة الانسان, فلا يمكن ان يكون هذا مصادفة كونية.
الصدوع الارضية
عدلالآية:
[سورة الطارق: 12] ﴿وَالأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ﴾.
إنَّ هذه الآية تشير إلى العشرات من الصدوع على سطح الأرض التي تكونت من انفلاق حافات الصفائح التكتونية tectonic plates للقشرة الأرضيّة إلى صفائح ثانوية subplates [53]. فعلى سبيل المثال لا الحصر هنالك الوادي العظيم grand canyon الذي يجري فيه نهر كولورادو في أريزونا في الولايات المتحدة الأمريكية، وصدع البحر الأحمر وصدع وادي الأردن والصدع الأفريقي العظيم African great rift الذي كوّن البحيرات الأفريقية العظمى فكتوريا ومالاوي وتنجانيقا، ووادي كابرتي Capertee Valley في أستراليا. نتجت هذه الصدوع عن انشقاق صفائح القشرة الأرضيّة، وجميعها محاطة بغابات من الجانبين كبيئة ملائمة لآلاف الأنواع من الطيور والحيوانات الأخرى، وقد اكتشفت فيها أيضاً متحجرات لمخلوقات منقرضة ؛ هي طبعاً لم تكن مكتشفة في زمن القرآن أو الكتب السماوية الأخرى ولا في زمن المفسرين.
الأرضين السبع
عدلالآية:
[سورة الطلاق: 12] ﴿اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا﴾.
تتابع في السنين الاخيرة اكتشاف عدد من الكواكب التي تشبه أرضنا خارج نظامنا الشمسي exoplanets . في سنة 2009 تم اكتشاف أرضين أكبر من أرضنا وهما
(45)CoRoT-7b على بعد أربعين سنة ضوئية والأخرى (46)GJ 1214 على بعد 490 سنة ضوئية، وهما كأرضنا تحتويان على الماء وعلى صخور تحتوي على مادة الحديد وعلى غلاف جوّي، وتدور كأرضنا حول شموسها.
تم في سنة 2010 اكتشاف مجموعة شمسية Kepler-9 على بعد 127سنة ضوئية وأحد كواكبها (47)KOI-377.03 هو مرة ونصف أكبر من أرضنا، ويبعد عن شمسه بمسافة مقاربة لبعد أرضنا عن شمسنا، وقد يحوي على مخلوقات أو ماء. كما تم أيضاً في السنة ذاتها اكتشاف كوكب Gliese 581 g أوGl 581 g(48) يدور حول نجم قزم أحمر اسمه Gliese 581 على بعد 20.5 سنة ضوئية عن الأرض في كوكبة (برج ) الميزان Libra. ويقع الكوكب في «المنطقة المعتدلة Goldilocks»، أو منطقة الحياة لنجمه الأم. إنَّ هناك احتمالاً قويّاً لوجود الماء بشكله السائل، وبهذا فهو أوّل اكتشاف لكوكب معتدل يشبه كوكب الأرض في إمكانية الحياة والعيش علماً بأنَّ هذا الكوكب يدور حول شمسه (سنته) وحول نفسه (يومه) بنفس الفترة الزمنية وهي حوالى 37 يوماً من ايامنا، فيومه بطول سنته.
في ديسمبر 2011 أعلنت ناسا NASA (وكالة الفضاء الأمريكية) اكتشاف كوكب Kepler-22b شبيه جداً بالأرض بواسطة مرصد كبلر الفضائي Kepler، وأنَّ هذا الكوكب يدور حول شمس تشبه شمسنا، وفي مدار يسمح بالحياة عليه. نصف قطر هذا الكوكب 2.4 مرة بقدر نصف قطر الأرض، ويبعد عنا بمسافة 600 سنة ضوئية، ويدور حول شمس كبلر Kepler-22، وهي من نوع شموس G. كتلة هذا الكوكب وشكل سطحه لا تزالان غير معروفتين، ولكن إذا كانت كثافته أشبه بكثافة الأرض فستكون كتلته 13.8 مرة كتلة الأرض وجاذبيته 2.4 جاذبيتها، أما لو كانت كثافته تشبه كثافة الماء فإنَّ كتلته ستكون 2.5 كتلة الأرض وجاذبيته 0.43 من جاذبيتها. يدور هذا الكوكب حول شمسه على بعد 15% أقل من بعد أرضنا عن شمسنا، ويكمل دورته حولها أي سنته في 289.9 يوماً. هذا الكوكب يعتبر الأكثر شبهاً بالأرض ويمكن أن توجد عليه حياة كأرضنا[54][55].
أعلن في 17 أكتوبر 2012 عن اكتشاف كوكب بحجم الأرض سمي Bb Alpha Centauri يدور في فلك الشمس الفا سنتوري بـي Alpha Centauri B من النظام الشمسي ألفا سنتوري Alpha Centauri الذي هو أقرب نظام شمسي إلى نظامنا على بعد 4.3 سنة ضوئية، والذي يعتبر لا شيء في قياس المسافات الكونيّة ولو أنَّه يحتاج إلى 40 ألف سنة للوصول إليه بما هو متوافر من تقنية حالياً. لا يُعتقد بوجود الحياة على هذا الكوكب المكتشف لأنَّ درجة حرارته تصل إلى 1200 درجة مئوية لقربه الى شمسه بمسافة 4 % من مسافة ارضنا عن شمسنا. اعتبر العلماء هذا الاكتشاف خارقاً في أهميته حيث لا يستبعدون إرسال مركبة فضائية غير مأهولة في المستقبل غير البعيد جداً[56].
في يوليو 2014 اعلن عن اكتشاف كوكب جليز 832 سي Gliese 832c على بعد 16 سنة ضوئية عن ارضنا. إن مؤشـر التشابه الارضي ESI (Earth Similarity Index) لهذا الكوكب يدل على انه اقرب الى مواصفات ارضنا من كل الكواكب خارج نظامنا الشمسي exoplanets المكتشفة لحد الآن , وكتلته تعادل حوالي خمسة مرات كتلة ارضنا ويدور دورة كاملة حول شمسه Gliese 832 كل 35 يوم , اي سنته (150).مكتشفوا هذا الكوكب وصفوه بانه « اقرب واحسن عالم آخر قابل للعيش اكتشف لحد الآن » ولكنه يقتضي مزيداً من الدراسة للتوصل الى امكانية العيش فيه.
في يناير 2015 أعلنت ناسا NASA عن اكتشاف كوكب آخر يشبه الارض سمي Kepler-438b على بعد 470 سنة ضوئية عن ارضنا خارج نظام شمسنا exoplanet. هذا الكوكب تابع للشمس كبلر438- Kepler الواقعة في كوكبة (برج ) القيثارة Lyre وهو مقارب جداً لحجم ارضنا (نصف قطره 1.12 مرة بقدر نصف قطر ارضنا ) وحرارته مقاربة لحرارة الأرض وصخري مثلها ويقع في المنطقة المعتدلة (منطقة الحياة) لشمسه اي أنه يُحتمل احتواءه على الماء . يدور الكوكب حول شمسه مرة كل 35.2 يوم (أي سنته) [57].
ورد في بعض الآيات ما يستدل منه على احتمالات إخرى , منها ما تطرقت له بعض التفاسير التقليدية . هذه الآيات هي [سورة التكوير ] ﴿فَلاَ أُقْسِمُ بٱلْخُنَّسِ (15) ٱلْجَوَارِ ٱلْكُنَّسِ (16)﴾ , فالجواري الخنس الكنس قد يكون المقصود بها الاجرام التي لا ترى لغيابها او اختفائها في إشارة لفنائها أو عدم امكانية كشفنا لها,والآية [سورة النازعات: 4]﴿فَٱلسَّابِقَاتِ سَبْقاً ﴾ اي النجوم يسبق بعضها بعضاً في السير في إشارة لتمدد الكون.
هذه الأحتمالات بوجود كواكب تشبه ارضنا هي:
1- إما تابعة لأنظمة شمسية اخرى من بين مليارات الشموس التي يستحيل علينا اكتشافها بسبب تمدد الكون.
2 - أو سبق وأن كانت هناك كواكب ارضية في انظمة شمسية فانية .
3- أو قد تُكتشف كواكب ارضية في الشموس اليتيمة المخفية عنا. في نوفمبر 2014 كشفت مؤسسة الفضاء الامريكية (ناسا) عن وجود ما سموه الشموس اليتيمة orphan stars أو المختفية hidden stars التي يضاهي عددها عدد كل شموس الكون في كل المجرات التي نعرفها فسميت ايضاً (النصف المختفي من الكون ) [58]. تكونت هذه الشموس بعد الانفجار الأعظم بحوالي 500 مليون سنة وسميت(يتيمة ) لانها انفصلت عن مجراتها بسبب الاحتكاك بين المجرات أثناء الدوران وقد تم أيضاً اكتشاف ما يبدو انه (ثقب اسود يتيم) لنفس السبب. لم تكتشف هذه الشموس سابقاً بسبب عدم امكانية الكشف عنها بما كان متوفراً من الاجهزة الرصدية, فهي اصغر حجماً وأقل كتلةً واقل سطوعاً وأبرد من شمسنا فكانت تظهر قبلاً كمناطق معتمة بين المجرات . إن هذا الاكتشاف استدعى العلماء الآن الى إعادة النظر بحساباتهم وقياساتهم الكونية.
4- هناك آيات تشير الى خلق بشري أو اي خلق آخر لن نعلم عنه على أرض اخرى حالية أو ربما بشر مثلنا او اي خلق يشاءه سبحانه على أرض أو أرضين جديدة وهي[سورة الواقعة:61 ] ﴿ عَلَىٰ أَن نُّبَدِّلَ أَمْثَـٰلَكُمْ وَنُنشِئَكُمْ فِي مَا لاَ تَعْلَمُون ﴾, [سورة ق: 15] ﴿أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ﴾,[سورة المعارج : 41] ﴿عَلَىٰ أَن نُّبَدِّلَ خَيْراً مِّنْهُمْ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ﴾,[سورة الإنسان :28] ﴿ نحْنُ خَلَقْنَاهُمْ وَشَدَدْنَآ أَسْرَهُمْ وَإِذَا شِئْنَا بَدَّلْنَآ أَمْثَالَهُمْ تَبْدِيلا ﴾, [سورة إبراهيم:19]﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ بِٱلْحقِّ إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ ﴾ والآية [سورة يس: 81] ﴿أَوَ لَـيْسَ ٱلَذِي خَلَقَ ٱلسَّمَاواتِ وَٱلأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَىٰ أَن يَخْلُقَ مِثْلَهُم بَلَىٰ وَهُوَ ٱلْخَلاَّقُ ٱلْعَلِيمُ﴾.
تمدد الكون والطاقة المظلمة
عدلالآية:
[سورة الذاريات: 47] ﴿وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ﴾.
ولد الكون عند الانفجار الأعظم big bang [59] [60]من حالة التفردية الأولى initial singularity وهو لا يزال في حالة توسع وامتداد ,تتمدد معه حتى الموجات الضوئية فتزداد سرعته ، وذلك بفعل الطاقة المظلمة dark energy التي افترض العلماء وجودها سنة 1998، وهي طاقة موسّعة مسرّعة افترض وجودها لأغراض هذه النظرية على أنَّها تكوّن 68 % من طاقة كتلة الكون mass-energy [61] [62] [63] [64]الذي يظل بتوسع متسارع مضطرد إلى أن يصل إلى أقصى مدى في التباعد بين أجرامه، فتتعدى كثافته الكثافة الحرجة critical density عند مرحلة السحق الأعظم big crunch فينكمش نحو الفناء[65]([66] [67]، وذلك بفعل الطاقة المظلمة نفسها التي وسّعته حيث ينعكس فعلها من توسيعه الى انكماشه فينتهي الكون بما يسمى ثقب أسود موحد unified black hole أو تفردية الثقب الأسود black hole singularity أو تفردية السحق الأعظم big crunch singularity.
أما بالنسبة إلى كلمة (أيدٍ) فهي جمع (يد) وأيضاً بمعنى القوة والجبروت. عند تصوير العناقيد (أوالحشود أو مجاميع المجرات) clusters البعيدة جداً ودراسة تمدد الكون، ظهرت امتدادات واستطالات على هيئة أصابع تتجه نحو الرائي سمّاها العلماء (أصابع الله fingers of god ) ، وذلك بسبب الظاهرة الكونيّة التي تسمى الانحراف الأحمر redshift [68] [69] وترى عند حد العظمة end of greatness، وقد تكون كلمة (أيدٍ) هي كناية لهذه الظاهرة.
المادة المظلمة
عدلالآيات:
[سورة مريم: 65] ﴿رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا﴾.
[سورة ص] ﴿وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلاً ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ (27) رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ (66)﴾.
[سورة الدخان: 7] ﴿رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ﴾.
في سنة 1934 افترض العالم زويكي Zwicky [70] [71]وجود المادة المظلمة dark matter ما بين الأجرام؛ إنَّها تكوّن 27% من طاقة كتلة الكون mass-energy وهي غير مرئيّة، ولكن يمكن الكشف عنها فقط بواسطة قوة جاذبيتها.
في فبراير 2010 [72]، قد يكون حصل العلماء على أوّل لمحة من «المادة المظلمة» الغامضة وغير المرئيّة حيث التقطت آثار ما يحتمل أن يكون لاثنين من «جسيمات المادة المظلمة» بواسطة كاشفات حساسة للغاية دفنت على عمق 2000 قدم تحت سطح الأرض في قاع منجم مهجور للحديد في سودان Soudan في منيسوتا (الولايات المتحدة). يقول العلماء إنَّ هناك احتمالاً في حدود 75% في أنَّها هي جسيمات حقيقية من المادة المظلمة. إنَّ مهمة الباحثين هي محاولة العثور على جسيمات الويمب WIMP (الجسيمات الضخمة ضعيفة التفاعلية) المفترضة، وهي جسيمات ترتطم بالأرض قادمة من الفضاء وفيها يكمن حلّ لغز المادة المظلمة. استخدم في هذه التجربة 30 كاشفاً detector جمدت إلى درجة 273.1 مئوية تحت الصفر مصممة خصوصاً لرصد الويمبات عند ارتطامها بالذرة العادية وارتدادها. إنَّ هذه التجربة صممت على هذا العمق تحت سطح الأرض لأنَّ الويمبات خلافاً للجسيمات الأخرى القادمة من الفضاء باستطاعتها أن تنفذ من خلال طبقات سميكة من التراب والصخور .
في أبريل 2013 أعلن في المركز الأوروبيّ للأبحاث النووية CERN في سويسرا أنَّ العلماء أثناء بحثهم في الأشعة الكونيّة رصدوا موجة من جسيمات بوزيترونية (جسيمات دون الذرّية) يحتمل أن تكون من آثار المادة المظلمة، وقد تكون من مصدر آخر كالنجوم النيوترونية .
كما أنَّ من المقرر أن يقوم العلماء ببناء تلسكوب نيوترينوي Neutrino telescope عملاق على عمق 3 كم تحت سطح البحر المتوسط اسمه KM3NeT [73]بثلاثة اجزاء احدها على الشاطئ الفرنسي والثاني على الشاطئ الصقلي والثالث على الشاطئ اليوناني مجموع حجومها يساوي 5 كم مكعب , لكشف أسرار جديدة عن الكون لأنَّ هناك أشياء في الكون لا ضوء لها كالثقوب السوداء والمستعرات العظمى supernovae فلا يمكن اكتشافها بالتلسكوبات المستخدمة حالياً، ولكنها تقذف نيوترينوات neutrino (جسيمات أوّلية أصغر بكثير من الإلكترون بلا شحنة كهربائية). إنَّ الكشف عن هذه النيوترينوات يمكن أن يساعد أيضاً في إيجاد المادة المظلمة حيث ان النيوترينوات هي نتاج لتلاشي الومبات.
قيد الجاذبية
عدلالآيات:
[سورة فاطر: 41] ﴿إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ أَنْ تَزُولاَ وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا﴾.
[سورة الحج: 65] ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْضِ وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الأَرْضِ إِلاَّ بِإِذْنِهِ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَحِيمٌ﴾.
[سورة الرعد: 2] ﴿اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لأِجَلٍ مُسَمّىً يُدَبِّرُ الأَمْرَ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ﴾.
[سورة الغاشية: 18] ﴿وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ﴾.
إنَّ نظام الكون قائم على قانون واحد وهو تقييدها بالجاذبية gravitationally bound. إنَّ المادة الاعتيادية normal matter الموجودة في النجوم والكواكب والسحب الغبارية الكونيّة لا تكوّن إلَّا نسبة ضئيلة وهي 5% من طاقة كتلة الكون mass-energy , علماً أنَّ المادة المظلمة غير القابلة للاكتشاف عملياً هي 27% من طاقة كتلة الكون، ولا نعلم عنها عدا أنَّ لها جاذبية كما تم التطرق إليه سابقاً.
إن نظرية أينشتاين النسبية العامة general relativity [74][75] [76][77][78] [79]التي تعتمد على الجاذبية والزمن والحيّز space لا تفسر ما يجري داخل الثقب الأسود black hole، ولكن العلماء يعتقدون أنَّ نظرية ميكانيك الكميم quantum mechanics [80](وهي النظرية التي تفسر ما يحدث داخل الذرة وكيفية دوران الإلكترونات من دون أيّ دور للجاذبيّة) كان بإمكانها تفسير ما يحدث داخل الثقب الأسود لو أنَّ في النظرية دورٌ للجاذبية.
على هذا فإنَّ الإجماع العلمي هو أنَّ كلتا النظريتين قاصرتين عن تفسير موحد لكل ما يحدث في الكون اعتباراً من أصغر ما فيه وهو الذرة إلى أكبر الأجرام، كما ولا يمكن توحيد هاتين النظريتين بنظرية واحدة. إنَّ هذا أدى إلى تناقض وازدواجية علمية؛ فنظرية النسبية العامة لا تفسر كل ما يحدث في الكون، ونظرية ميكانيك الكم لا دور للجاذبية فيها مما يستدعي محاولة التوصل إلى (نظرية كل شيء everything theory ) أو (نظرية جاذبية الكميم quantum gravity[81][82] [83] فهذا هو الشغل الشاغل الآن لعلماء الفيزياء منذ عدة عقود ومنهم هوكينج Hawking [84]. لقد قام هو وبعض العلماء أخيراً بإحياء نظرية الغشاء M-Theory على أنَّها هي النظرية المرجوة. وهي نظرية تمزج ستة نظريات ,خمس منها وترية string theories والسادسة هي نظرية الجاذبية العظمى ذات الأحد عشر بعداً eleven-dimensional supergravity theory. إنَّ نظرية الغشاء تفترض أنَّ اللبنات الأساسية لمادة الكون وطاقته هي الأوتار strings(التي هي لامتناهية في صغرها وتتذبذب بين الأبعاد المتعددة فتظهر في الحيّز الثلاثي الأبعاد على شكل مادة أو جاذبية أو ضوء أو أحد أشكال الطاقة الأخرى). إنَّ الأوتار هي شرائح أحادية البعد من غشاء ثنائي الأبعاد تتذبذب في حيّز له أحد عشر بعداً، ولا يمكن الكشف عن ثمانية أبعاد منها. خيال علمي كما يبدو ؟ او انه معتقد فلسفي ؟ او حقيقة تطرقت لها [سورة الذاريات: 7] ﴿وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ﴾ ؟ ٱلْحُبُكِ: جمع حبيكة كطريقة وطرق فالسماء صاحبة الطرائق في الخلقة أو الطرق كالطريق في الرمل كما قال المفسرون). علماً بأنَّ الغالبية العظمى من العلماء يقولون بأنَّ نظرية الغشاء هي «معتقَد» وليس نظرية لأنَّه لا يمكن إثباتها علمياً.
من الجدير بالذكر فيما يخص الجاذبية أنَّ العالم المسلم أبو الريحان محمّد بن أحمد البيروني 973-1048م (Alberonius 973-1048)[85] قام بصنع جهاز لقياس الوزن النوعي لعدد من المواد والمعادن لأوّل مرة في التاريخ وبدقة متناهية، وقد قال أيضاً بأنَّ الأرض تجذب الأشياء إلى مركزها قبل نيوتن بسبعة قرون، ومن المحتمل أن يكون هو الذي أوحى لنيوتن (1642-1727) بفكرة الجاذبية.
السحق الأعظم
عدلالآية:
[سورة الأنبياء: 104] ﴿يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ﴾.
قد يكون هذا إشارة إلى السحق الأعظم big crunch [86] [87] [88]حيث ينكمش الكون ويفنى عندما يصل كثافته الحرجة وينتهي بما يسمى ثقباً أسود موحّداً unified black hole أو تفردية الثقب الأسود black hole singularity أو تفردية السحق الأعظم big crunch singularity. حالة التفردية singularity هي عندما يكون الحجم صفراً والكثافة لامتناهية , التي هي نقطة البداية. وهناك سيناريو علمي آخر لمصير هذا الثقب الأسود وهو فناؤه التام بسبب فقدان كتلته على هيئة إشعاع حراري.
فالكون من الناحية العلمية عبثي بلا هدف حسب نظرية الانفجار والسحق الاعظم إذ إنَّه بدأ من لاشيء وسينكمش ويفنى من دون أن يخلف شيئاً ، علماً بأنه ليس هنالك تعريف علمي للاشيء أو الفراغ. أما بالنسبة إلى الخالق تعالى فالكون له هدف وغاية، الآية [سورة الدخان: 38] ﴿وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لاَعِبِينَ﴾؛ و[سورة المؤمنون: 115] ﴿أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لاَ تُرْجَعُونَ﴾؛ و[سورة ص: 27] ﴿وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلاً ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ﴾.
تجدر الإشارة الى ان عدداً من العلماء يعتقدون بأنه عندما يصل الكون الى كثافته الحرجة فإن الطاقة المظلمة ستعمل على زيادة سرعة التمدد الكوني الى ما لا نهاية له وليس أنكماشه, فلن يفنى.
هنالك أحتمال آخر وهو أن (إعادة الخلق) في الآية [سورة الانبياء: 104] اعلاه, ليس إلى نقطة البداية بل خلق جديد ممّا قد تطرقت اليه نظريات تعدد الأكوان multiverse [89] [90] [91]والكون الدوري cyclic universe [92] كما جاء ت به أيضاً الآيات [سورة ق: 15] ﴿أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ﴾.
الآيات:
[سورة إبراهيم: 48] ﴿يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ﴾.
[سورة هود] ﴿فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ (106) خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ إِلاَّ مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌلِمَا يُرِيدُ (107) وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ إِلاَّ مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ (108)﴾.
[سورة آل عمران: 133] ﴿وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ﴾.
قَالَ الْحَسَن الْبَصْرِيّ فِي قَوْله تعالى، ﴿...مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ...﴾ سَمَاء غَيْر هَذِهِ السَّمَاء وَأَرْض غَيْر هَذِهِ ﴿...فَمَا دَامَتْ تِلْكَ السَّمَاء وَتِلْكَ الأَرْض...﴾. أما القرطبـي فقال إنَّ المعنى: «ما دامت سماوات الجنة والنار وأرضهما» والسماء كل ما علاك فأظلك، والأرض ما استقر عليه قدمك.
نشرت وكالة الفضاء الأمريكية (ناسا) [93] في آب/أغسطس عام 2010 بحثاً يشير إلى سيناريو آخر لنهاية الكون يختلف عن سيناريو السحق الأعظم big crunch وهو أنَّ الكون في تمدد متسارع إلى أن يتحول إلى كتلة ترابية باردة قاحلة. قد يكون هذا هو المقصود بعبارة «تبدل الأرض غير الأرض والسماوات» في الآية [سورة إبراهيم: 48].
من المحتمل أيضاً أنَّ الآية [سورة آل عمران: 133] أعلاه قد تشير إلى أكوان أخرى .سيتم تفصيله في فقرة اخرى( يوم القبامة).
الآية:
[سورة القيامة: 9] ﴿وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ﴾.
عند انكماش الكون وفنائه ترتطم وتتحطم الأجرام الصغيرة أوّلاً مما يؤدي إلى تفتت المجرات والتكوينات الأكبر وصولاً إلى حالة تفردية السحق الأعظم big crunch singularity [94] [95] [96].
عظمة النجوم
عدلالآيات:
[سورة الواقعة] ﴿فَلاَ أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ (75) وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ (76)﴾.
إنَّ قَسَم سبحانه بمواقع النجوم في الكون يدل على اهميتها فهن وحدة بناءه, وعدم الافصاح عن أنَّها شموس هو لمراعاة محدودية فهم الناس في الجاهلية. فقد وصفوا النبيّ محمّداً (ص) بأنَّه مجنون أو شاعر لمجرد أنَّه بلغ الرسالة والتي هي أسهل فهماً من تعقيدات تركيب الكون. هنا إشارة إلى أنَّ العارفين والعالمين سيقدرون هذه المعلومة. إنَّ هذه الآية تدل أيضاً على تمدد الكون حيث إنَّ النجوم والأجرام لها أكثر من موقع إذ يتغير موقعها على الدوام. إنَّنا لا نرى النجوم كما هي عليه في لحظة مراقبتنا لها، ولكننا نراها في أحد مواقعها السابقة.
الآية:
[سورة النحل: 12] ﴿وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ﴾.
الليلَ والنهار والشمسَ والقمرَ كلها منصوبة بالعطف على ما قبله.«النجومُ مسخراتٌ بأمره» رفع النجوم على الإبتداء و(مسخراتٌ) مرفوعة كخبر لمبتدأ محذوف (هي مسخراتٌ) كجملة خبرية. النجوم طبعاً هي شموس لها أنظمتها الشمسية وكواكبها الخاصة، فلها جملة خاصة بها في الآية أعلاه للتأكيد على أهميتها وعظمة الخالق في خلقها. يمكن عطف النجوم على ما قبلها (كما جاء في بعض القراءات غير الشائعة) لو إنها جاءت للدلالة على التسخير فحسب الذي بدأت به الآية بفعل (سخّر),لكنها لها خصوصية في تسخيرها كلَبُنات بناء الكون.
النجم الطارق الثاقب
عدلالآيات:
[سورة الطارق] ﴿وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ (2) النَّجْمُ الثَّاقِبُ (3)﴾.
الطرق معناه الدقّ أو السحق. فالنجم الطارق والثاقب والساحق والداقّ هو النجم النيوتروني neutron star ويسمى بالنابض pulsar [97] [98] [99] [100]الذي هو بقايا الشموس الهائلة الحجم (الأكبر من شمسنا) ، ذات كثافة عالية في مرحلة فنائها فتدور بسرعة فائقة محدثة أصواتاً طارقة يمكن التقاطها من الأرض, ناتجة عن موجات تضاغطية في الفضاء. إنَّ هذا النجم النابض هو عبارة عن النواة المركزة للنجم الفاني , أثناء مرحلة المستعر الأعظم supernova (وهو انفجار الطبقات الخارجية للنجم). إنَّه يبث إشعاعاً كهرومغناطيسياً يستمر حتى وقت موته النهائي death time بعد 10-100 مليون سنة، وهو يبث هذه الإشعاعات على استقامة محوره المغناطيسي الناتج عن دورانه وهو ليس محور دورانه نفسه ,مما يؤدي إلى رؤية الإشعاع مرة واحدة في كل دورة من دورات هذا النجم، ويعطي الخاصية النبضية لهذا النجم, ويحدث صوتاً بسبب الموجات التضاغطية التي يحدثها في الفضاء. كما إنَّ هذا الإشعاع له قابلية إذابة أيّ جسم كونيّ يقع في مساره , فهو ايضاً ثاقب.
أجهزة الرصد
عدلالآيات:
[سورة الملك: 4] ﴿ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ﴾.
[سورة الطارق: 11] ﴿وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ﴾.
إنَّ النظر سواءً أكان مرة أو مرتين وحتى آلاف المرات سيفشل في أن يرى عيباً في الكون. كما وأنَّ أحد معاني تعبير «الرجع» هو «رجعان الجواب». فالمقصود هو ليس عدد مرات الرؤيا المجردة ولا المطر وغيره كما جاء في التفاسير التقليدية , بل قد يشير مجازياً إلى الرادار [101]الذي يعمل بإرسال موجات راديوية أو موجات قصيرة microwaves أو أيّ نوع آخر من الأشعة الكهرومغناطيسية مثل الليزر، فيعكس الجسم المرئيّ جزءاً بسيطاً منها يعود إلى أطباق أو هوائيات في موقع الإرسال ذاته. إذاً كرّتين أي مرتين؛ ذهاباً وإياباً. ثبت للعلماء أنَّ الرادارت وأعظم المراصد ستفشل في أن تسبر غور الكون والوصول إلى حدوده إن كان له حدود، ذلك بسبب تمدد الكون بسرعة أعلى من سرعة وسائل الكشف التي نستخدمها كالضوء والراديو أو الأنواع الأخرى من الأشعة الكهرومغناطيسية.
خلق الإنسان وبقيّة المخلوقات
عدلآدم وحواء
عدلالآية:
[سورة الزمر: 6] ﴿خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلاَثٍ ذَلِكُمْ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ﴾.
إنَّ خلق حواء من آدم له الآن أساس علمي , إذ أصبح بالإمكان استنساخ حيوانات من خلاياها وحتى استنساخ البشر، فهو ممكن عملياً لولا العائق الأخلاقيّ والاجتماعيّ. فلا مجال هنا للتشكيك بقدرته سبحانه وتعالى القادر على خلق حواء من مكونات آدم. أما الظلمات الثلاث فهي الجدران الثلاثة التي تحمي الجنين، وهي الجدار البطني وجدار الرحم والكيس الجنيني amniotic sac [102]وليس المشيمة كما جاء به المفسرون.
الآيات: [سورة الأعراف] ﴿وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلاَ مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ (19) فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَّ أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ (20) وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ (21) فَدَلاَّهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ (22)﴾.
[سورة الأعراف: 27] (يَابَنِيۤ ءَادَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ ٱلشَّيْطَانُ كَمَآ أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِّنَ ٱلْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْءَاتِهِمَآ إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا ٱلشَّيَاطِينَ أَوْلِيَآءَ لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ).
[سورة طه] ﴿فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَال يا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لاَ يَبْلَى (120) فَأَكَلاَمِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سُوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى (121)﴾.
1-كان آدم وحواء في الجنة وهبطا بإذن سبحانه وتعالى إلى الأرض في المرحلة التي أصبحت فيها تصلح لعيش الإنسان، [سورة الإنسان: 1] ﴿هَلْ أَتَى عَلَى الإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا﴾. إنَّ هذا مما يتفق مع المعلومات العلمية وهي أنَّ عمر الأرض 4.5 مليار سنة ولكن الإنسان الحديث homo sapiens ظهر على الأرض قبل نحو 40-70 ألف سنة، كما يتفق أيضاً مع المبدأ الإنسانيّ الكونيّ وهو « ان كوننا مصمم للانسان وان الانسان لا يستطيع العيش في كون غيره ».
2- إنَّ سبحانه وتعالى وهو القادر، لم يقدّر أو يفرض على آدم عدم الأكل من الشجرة بل نهاه فقط، ولكن آدم اختار بإرادته أن يفعل العكس.
3- سبحانه عالم الغيب الذي يعلم بأنَّ آدم سيغوى ويطرد من الجنة التي هي في السماء إلى الأرض المهيأة مسبقاً لعيشه عليها.
4- إنَّ شجرة الخلد هي تعبير مجازي لعملية التناسل بدليل اكتشاف آدم وحواء لعوراتهما بعد أن تمتعا بثمرة هذه الشجرة إذ لا يمكن أن يستمر الجنس البشري من دونها، وإنَّ الفرد يدوم ذكره في ذرّيته، وأنَّ ما يملكه وما ستملكه ذرّيته بالتعاقب هو الملك الذي لا يبلى.
التصوير المسبق؛ الخارطة الوراثية (الجينوم)
عدلالآيات:
[سورة الأعراف: 11] ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُوا لآِدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ﴾.
[سورة التغابن: 3] ﴿خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحَقِّ وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ﴾.
[سورة الانفطار: 8] ﴿فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ﴾.
[سورة نوح: 14] ﴿وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا﴾.
[سورة الروم: 22] ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآَيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ﴾.
[سورة الحشر: 24] ﴿هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِىءُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾.
[سورة آل عمران: 6] ﴿هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾.
في الآية [سورة الأعراف :11 ] جاء أمر الله للملائكة بالسجود لآدم مسبوقاً بالخلق والتصوير (خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة) ففي الكتاب المحفوظ خطة الخلق والتصوير المسبق للهيئة المقدّرة لكل كائن حي . يمكن الاستدلال من هذا على أنَّ التصوير المسبق للبشرية هو الخريطة الوراثية genome [103] المتكونة من 3.2 مليار زوج قاعدي base pair من الحمض النووي DNA تتشكل منها 20000-25000 وحدة وراثية (جين gene ) تميّز الخصوصية الوراثية لكل إنسان. إنَّ الخطة المسبقة في الخلق والتصوير هي هذا العدد المحدد الثابت من الأزواج القاعدية هو مستودع pool أو فهرس catalog للصفات الوراثية لكل إنسان ولد منذ بدء الخلق أو سيولد حتى فناء الوجود. وإنَّ هناك جينوماً خاصاً لكل نوع من المخلوقات وكذلك النباتات.
من الجدير بالذكر أنَّ حجم جينوم الأسماك وهي الأقل تطوراً من الإنسان حسب شجرة التطور الداروينية هو أربعة أضعاف حجم جينوم الإنسان، وأنَّ حجم جينوم القمح الذي تم كشفه سنة 2010 هو خمسة أضعاف حجم الجينوم البشري. إذأ فالجينوم يفند مفهوم العفوية في الخلق ويدلّ على وجود الخالق المخطط القدير. إنَّ الجينوم هو مسبق العلم بما سيخلق وهو في اللوح المحفوظ، [سورة البروج: 22] ﴿فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ﴾، وهو أم الكتاب، الآية [سورة الزخرف: 4] ﴿وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ﴾.
أما «الأطوار» في الآية [سورة نوح: 14] فهي صفات كل إنسان phenotype وذلك بالتعديل والتغيير من خلال الاحتمالات الجينية genotype الهائلة العدد التي يوفرها الجينوم لكي يصبح المخلوق أكثر ملائمة لبيئته بواسطة عملية التكيف adaptation. مفهوم التكيف هو الجزء المقبول الآن من مبدأ الانتقاء الطبيعيnatural selection في نظرية داروين التطورية بإجماع العلماء [104] [105] [106][107],من دون غلو النظرية في القول بأنَّ هذا التكيّف هو الذي أدى إلى أنتاج أنواع أخرى من المخلوقات, بأسلوب الطفرة الوراثية mutation الذي هو حتى لا يقره علماء اليوم.
تراب الخلق
عدلالآيات:
[سورة نوح: 17] ﴿وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الأَرْضِ نَبَاتًا﴾.
[سورة طه: 55] ﴿مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى﴾.
[سورة النجم: 32] ﴿الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلاَّ اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الأَرْضِ وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ فَلاَ تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى﴾.
[سورة الحج: 5] ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلاَ يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا وَتَرَى الأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ﴾.
الخلق من التراب أو الأرض في الآيات أعلاه هو بمعنى خامات الخلق التي هي من مكونات التربة ,علماً بأنَّ المرادف لتعبير (خامات المواد) هو (ترابها ) , والتي هي ومعها الماء من المكونات الأساسية لجميع المخلوقات والنبات. علمياً , أن الاجرام الكونية واجسام المخلوقات والنباتات كافة تحوي نفس العناصر الكيمياوية ,الآية [سورة المؤمنون: 35] ﴿أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُرَابًا وَعِظَامًا أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ﴾، فعند الموت يتحلل المخلوق مرة أخرى إلى المواد الأساسية التي خلق منها، الاية [سورة الواقعة: 61] ﴿عَلَى أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثَالَكُمْ وَنُنْشِأَكُمْ فِي مَا لاَ تَعْلَمُونَ﴾، ويصبح من مكونات التربة في الدورة الأحيائية الجيولوجية الكيميائية للمواد في الطبيعة أو دورة التغذية bio- geo- chemical cycle or nutrient cycle.[108] [109],علميا إنَّ للإنسان دوراً أساسياً في هذه الدورة. أما العظام فإنَّها باقية لملايين السنين، وهذا ايضاً ما جاءت به الآية إذ لا يتبقى من الإنسان بعد موته سوى تراب المواد التي تكوّن منها وعظامه، فقد تم العثور أخيراً على هيكل عظمي متحجر لحيوان إدنا Edna عاش قبل 47 مليون سنة.
ان كافة العناصر الكيميائية الاساسية في كوننا ومنه طبعاً كوكبنا وفي كافة المخلوقات الحية ومنها نحن وفي النبات ,كلها بدأ صنعها في لحظة الانفجار الأعظم واستمر صنعها في شمسنا وباقي الشموس في الكون. وهكذا يدرك الفلكيون وعلماء الاحياء إن الارض أم الانسان, وإن النجوم هي اجدادنا, إذ نحن الجيل الثالث للكون منذ الانفجار الاعظم, [سورة طه: 55] ﴿مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى﴾. فالقرآن جاء بما هو ليس سائداً في وقت نـزوله؛ وهو أنَّ مصير جسم الإنسان إلى أن يأكله دود الأرض. طبعاً لم يكن في ذلك الوقت شيء اسمه تحليل كيميائي للمواد التي يتكون منها الإنسان أو التي تحتويها التربة، فيكون القرآن بهذا قد سبق عصره.
الآية:
[سورة الصافات: 11] ﴿فَاسْتَفْتِهِمْ أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمْ مَنْ خَلَقْنَا إِنَّا خَلَقْنَاهُمْ مِنْ طِينٍ لاَزِبٍ﴾.
المواد العضوية هي التي تعطي صفة التلزّج للشئ وهي التي تشارك المواد غير العضويّة كالاملاح والمعادن في تكوين الإنسان وباقي المخلوقات.إذاً خُلق الإنسان وتكوّن من «الطين اللازب» أي مكونات الطين اللزج , وهي المواد العضويّة وغير العضويّة ومعها الماء.
الآيات:
[سورة الطارق] ﴿خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ (6) يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ (7)﴾.
[سورة الأعراف: 172] ﴿وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ﴾.
[سورة الحج: 5] ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلاَ يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا وَتَرَى الأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ﴾.
[سورة المؤمنون: 14] ﴿ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ﴾.
يخبرنا علم الأجنة embryology أنَّ الخصيتين وهما مصدر الحيامن sperms في النطفة، تتكونان في المرحلة الجنينية من مجموعة من الخلايا تسمى mesonephros تقع بين العمود الفقري (الصلب) والأضلاع القصيرة الأخيرة في القفص الصدري (الترائب).
معنى «الشهادة على أنفسهم» في الآية [الأعراف: 172]هو أنَّ الأبناء يحملون الجينات الوراثية وكذلك الحمض النووي DNA التي تدلّ على آبائهم.
العلقة في الآية [سورة الحج : 5]، هي ما يعلق، فهي مجموعة خلايا morula والمضغة هي blastula ومنها تتكون أنسجة الجسم المختلفة (عضلات وعظام وأعضاء وغيرها) المخلّقة هي التخصيب الأنابيبي (خارج الجسم)IVF وغير المخلّقة هي الحمل الطبيعي.
يشير علم الأجنة إلى أنَّ العظام في الجنين تتكون أوّلاً قبل العضلات myotome وبذلك جاء تعاقبها في الآية [سورة المؤمنون: 14].
جدلية الإنسان الحديث
عدلالآيات:
[سورة الإنسان: 1] ﴿هَلْ أَتَى عَلَى الإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا﴾.
[سورة القصص: 68] ﴿وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾.
[سورة آل عمران: 33] ﴿إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ﴾.
[سورة التين: 4] ﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ﴾.
[سورة التغابن: 3] ﴿خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحَقِّ وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ﴾.
[سورة الانفطار: 7] ﴿الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ﴾.
[سورة القيامة: 4] ﴿بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ﴾.
[سورة المدثر: 11] ﴿ ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً ﴾
[سورة الأعراف: 189] ﴿......فلَماَّ تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفاً فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّآ أَثْقَلَتْ دَّعَوَا ٱللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحاً لَّنَكُونَنَّ مِنَ ٱلشَّاكِرِينَ﴾.
إنَّ الآية [سورة الإنسان :1] أعلاه قد تدل على أنَّ الإنسان هو أحدث ما خلق سبحانه وتعالى، وبعد فترة من خلق الكون وبدء الزمن (الدهر) . مما يجدر ذكره هنا هو أنَّه لا يوجد علمياً ما يستدل به على ظهور أيّ مخلوق بعد الإنسان الحديث. إنَّ الله هو الخالق القادر الذي خلق المخلوقات كافةً، وهو الذي يختار منها للبقاء أو للانقراض ومتى.
ليس هناك نظرية أو فرضية معتمدة من قبل كل العلماء حول بدءالخلق، ولكن الاعتقاد السائد هو وجود سلف واحد مشترك لكل المخلوقات common ancestor (ويسمى أيضاً المستودع الجيني السلفي ancestoral gene pool) ولو أنَّه لا يفسر كيف خلقت المخلوقات أحادية الخلية كالبكتيريا والبلانكتون plankton.
إنَّ أوّل من جاء بفكرة السلف المشترك هو العالم الفرنسي دي موبرتو Pier-Louis Moreau de Maupertuis سنة 1745، وجاء بعده إراسموس داروين (وهو جد تشارلس داروين) بالرأي ذاته سنة 1795.
من الغريب الجدير بالذكر أنَّ داروين في كتابه «أصل الأنواع» [113] سنة 1859 قال باحتمال أن يكون الخلق قد بدأ بأكثر من سلف مشترك واحد، ولكنه استدرك في كتابه (نسب الإنسان) [114] سنة 1871 وقال بأنَّ الإنسان والشمبانـزي من نسب واحد، وأنَّ الإنسان الحديث تطور من الإنسان القديم الذي تطور بدوره مما سماه الحلقة المفقودة (من المحتمل أنَّها المخلوق إدنا Edna التي وجد متحجرها سنة 2009)، والتي يعتقد أنها تطورت بدورها من القردة. يأمل العلماء بأنَّ اكتمال دراسة متحجر إدنا سيؤدي إلى تعميق فهمنا لتكوّن المخلوقات وخصوصاً الإنسان. كما تم التطرق له سابقاً, أنَّ التكيّف التطوري evolutionary adaptation لا يتناقض مع مبدأ الخلق، [سورة نوح: 14] ﴿وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا﴾، وقد تمت مناقشته سابقاً.
يستدل من الآية[سورة الاعراف: 189] على أنه لم يكن في زمن آدم وحواء بشرٌ مثلهم , لذا فانهما كانا قلقين حول أن لا يكون ما ستلده إنساناً يشبههم بل يشبه البهائم التي حولهم من حيوانات واشباه بشر (إنسان قديم) إذ لم يكن يوجد بشر مثلهم. أما الآية [سورة المدثر:11] فهي تدل أيضاً على تفرد آدم بين الخلق.
الآية [سورة القيامة: 4] تشير إلى حقيقة تميّز الإنسان في كفيه وذلك ببصمة الأصابع fingerprints الفريدة لكل فرد عاش أو سيخلق مستقبلاً، بالإضافة إلى أنَّه هو المخلوق الوحيد الذي يستطيع أن يحرك إبهامه بمواجهة بقيّة الأصابع للقيام بالأعمال الدقيقة. من اقوال العالم اسحق نيوتن المأثورة « يكفي ان انظر لإبهامي حتى اكون مؤمناً بالله » [115]
التطورية والخلق والتطور الإلهي
عدلالآيات:
[سورة نوح: 14] ﴿وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا﴾.
[سورة الروم: 22] ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآَيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ﴾.
إنَّ إثبات وجود الخالق أو نفيه ليس من مهمة العلم وليس ضمن نطاقه, كما ان الإيمان بالله ليس بحاجة إلى إثبات علمي لوجود الخالق [116] هذا وإنَّ الخلق creation والتطور evolution ليسا متناقضين , فالنظريات التطورية هي التي وضحت ووصفت ما خلق الله.
إنَّ التعصب الذي صاحب الجدل بين الملحدين المغالين والمؤمنين غير الملمين بالمعلومات العلمية، هو الذي أدى إلى التشكيك وتفاقم الاختلاف بين الطرفين. فلم يحاول كل منهما تحمل واستيعاب فكرة الطرف الآخر أو حتى المناقشة الموضوعية الهادفة للتوصل إلى الاتفاق بدلاً من الاختلاف، والذي تحوّل بمرور الوقت إلى إطلاقية جزمية بدلاً عن الموضوعية الهادفة . يتضح هذا التنافر على أشده في موضوع التطور الذي ينظر اليه بعض المتدينين على انه كفر وإلحاد, بينما هم يعتبرون الاكتشافات والنظريات الكونية بمثابة اثبات لوجود الخالق سبحانه ودليل على قدرته .
إن النظريات التطورية مثلها هو مثل القوانين والنظريات العلمية التي تصف كيفية عمل الكون وقوى الطبيعة وظواهرها, في أن العلماء وصفوا هذه الامور والاسس التي تحكمها بدون الاشارة الى من أقرّ هذه القوانين فذلك ليس من اختصاص العلم ولا في منهجيته, وكان هذا هو أيضاً دور داروين وعلماء الحياة في موضوع التطور. إن "التطور" كعملية ارتقائية لا يتنافى مع الخلق الالهي , مثل عدم تنافي اكتشافات العلماء الذين وصفوا الذرة والجاذبية والمواد الكيمياوية والاجرام الكونية وغيرها وتوصلوا الى قوانينها ,فهي الخطة التي نشأت وسارت عليها , والتي تدلّ على وحدة وتجانس الخلق ووحدانية الخالق سبحانه.
إن أساس نظرية دارون هو الانتقاء الطبيعي natural selection الذي هو تكيفيadaptive ,ولكنه فسر نشوء الانواع المختلفة ”التنويع “speciation" على اساس الطفرة الوراثية mutation .أن التكيف يتفق عليه كافة علماء الطبيعة وكذلك مع ما جاء في الآية [سورة نوح: 14] ﴿ وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا ﴾. لكن الطفرة كما وصفها دارون كمصدر لانتاج انواع جديدة تم تفنيدها من قبل العلماء بعد داروين ,كما وتتناقض مع الخلق الإلهي حسبما جاء في كل الكتب السماوية. قال العالم الطبيعي ريتشارد فورتي عن الطفرة الوراثية أنها «لم يثبت حصولها في الحيوانات ,وهي في النباتات ليست إلا عملية تكيفية لا تنتج انواعاً جديدة »[117], وهو يعتقد فقط بالانتقاء الطبيعي والتكيف.
ظهرت بعد داروين نظريات تطورية تكيفية جديدة تصف آليات مختلفة حول كيفية نشوء انواع جديدة من المخلوقات وهذه التعددية مما يدل على انها ليست قاطعة , وهي ; التيار الجيني genetic flow والانجراف الجيني genetic drift والشعاع التكيفي adaptive radiation والشعاع المتقارب convergent radiation.اضيفت ايضاً آليات تطورية جديدة متداخلة مع بقية العلوم, لتشمل العلوم الطبيعية الاخرى كالفيزياء والكيمياء والذرة والرياضيات وعلوم النفس والعلوم الإنسانية كالاجتماع والتاريخ على سبيل المثال لا الحصر.
إن "شمولية" نظرية واحدة على عدة علوم و"تعددية" النظريات في علم واحد يدل على امرين ؛ أولهما ,صعوبة وحتى استحالة التوصل لنظريات علمية قادرة لوحدها على تفسير نشوء المخلوقات والوجود ككل بدون الاقرار بمبدأ الخلق والخالق .ثانيهما ؛ هو الدلالة على شمولية ووحدة خطة الخلق .إن تعدد الفرضيات لتفسير امر واحد يدل على عدم التأكد منها فيُشكّ بصحتها, وإن تشتت التفسير بين عدد من العلوم يدل على انها عقد منفرط لن يتم جمعه إلا بالإعتراف بالخالق سبحانه.
قال الفيزيائي برايان كوكس ان «الاحماض الأمينية وهي اللبنات الاساسية في تركيب الحمض النووي DNA للمخلوقات, تحتوي على الكربون الذي توفره الشموس الفانية, لذا فأن وجود الكربون في الاجرام الكونية وفي المخلوقات يدل على إن الانتقاء الطبيعي هو قانون كوني».
إن الاديان الإبراهيمية الثلاثة وكتبها جاءت متسلسلة ومتطورة على بعضها في لغتها وتعاليمها على مدى 17 قرن , والاسلام والقرآن آخرها بعد 6 قرون من المسيحية , وأُنزِل القرآن بما يحويه من مفاهيم جديدة اجتماعية واقتصادية وسياسية ومعرفية « فلسفية وطبيعية » وحتى تعبوية عسكرية وصحية وطبية بما يتلائم مع متطلبات عيش الإنسان وعبادته للخالق سبحانه. ان الاسلام متطور على الأديان قبله فهو يوجب على الفرد طلب العلم والمعرفة , ويسمح بـ « الاجتهاد المسوّغ لمقصد صالح » ويثمن العلماء واهل المعرفة بإسلوب صريح في القرآن ولاول مرة في تاريخ الاديان , وفي حديث شريف قال النبي (ص) « إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران, وإن اجتهد وأخطأ فله أجر» مما اعتبره البيهقي دليل على انه وكّل بعض الاحكام الى اجتهاد العلماء وجعل لهم الأجر على ذلك الاجتهاد . مما يجدر ذكره هنا هو الآيات المنسوخة التي نزلت في ظرفها الخاص ثم بدلت بغيرها مكانها متطورة عليها عندما تغير ذلك الظرف كما ورد في الآية[سورة البقرة:106] ﴿ مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾. وهناك آيات دعت لها الضرورة عندما برزت الحاجة.
نخلص بهذا الى ان داروين وعلماء الحياة الذين اكتشفوا «التطورية» قد نبّهونا الى كنه «التطور الالهي» , والتطورية ليست مفهوماً جديداً فأول من نادى بها هو العالم كارل لينايوس Linnaeus في القرن السابع عشر قبل داروين بقرن , وهو اول عالم طبيعي تطوري, ليس هذا فقط بل هو « تطوري إيماني» بالتعبير الحالي حيث ربط التطور بالخالق تعالى وأن « خلق انواع جديدة يتم بالتهجين hybridization الذي يأمر به الله » [118] .
ظهرت في السنين الاخيرة دراسات طرحت مفهوم «التطور الإلهي», حول العلاقة بين الايمان والعلم , وخصوصاً التطورية باسماء مثل: التطور الإيماني theistic evolution والتطورية الإيمانية theistic evolutionism والخلقية التطورية evolutionary creationism . بالتأكيد يمكننا إعطاء التطور وصفاً ايمانياً ولكن لن نستطيع ذلك بدون التعرف والتأكيد على حقيقة إن الاديان قيم متطورة. يذكرنا هذا بحركات الاصلاح الديني reformation والتنوير enlightment في المسيحية, وإن الإسلام يتكيف ويتطور كونه آخر دين سماوي للبشرية , بلا غرض دنيوي غير مشروع , الآية[سورة الأعراف: 32]﴿ قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ ٱللَّهِ ٱلَّتِيۤ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ ٱلرِّزْقِ قُلْ هِي لِلَّذِينَ آمَنُواْ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ .....﴾.
الزمن
عدلإنَّ مفهوم الزمن هو من أعقد المواضيع وأكثرها غموضاً وجدلاً عند العلماء والفلاسفة على السواء ولكنهم أكثر تقارباً في هذا المجال من بقيّة المجالات المعرفية. أثبت العالم ستيفن هوكينج في نظرية الانفجار الأعظم أنَّ للزمن بداية وكذلك نهاية مما اعتبره هو (دليلاً علمياً لمن يؤمن بمبدأ الخلق) [119]، [سورة الأحقاف: 3] ﴿مَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلاَّ بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمّىً وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا مُعْرِضُونَ﴾. من الجدير بالذكر أنَّ الفيلسوف المسلم يعقوب الكندي (801-873م) هو أوّل من أثبت رياضياً أنَّ الكون والزمن لهما بداية كما لهما نهاية مما هو دليل على الخالق سبحانه وتعالى.
لكن العالم نيوتن كان يؤمن بأنَّ الزمن خط لامتناهٍ في كلا الاتجاهين، فهو بلا بداية ولا نهاية، وهو رأي أرسطوطاليس أيضاً، وكذلك أينشتاين حسب نظريته النسبية العامة، ولو أنَّ حلول معادلات أينشتاين في حالات خاصة معيّنة تدل على أنَّ الزمن في كوننا هذا لا بدّ أنَّ يكون له إما حد أدنى أو حد أقصى، أي إما بداية أو نهاية وليس الاثنين معاً. أما العلماء الذين يساندون نظرية نسبية التزامن relativity of simultaneity فيؤمنون بما وصفه الفيلسوف تيودور سايدر سنة 2001 بمفهوم السرمدية eternalism (أو ما يسمى أيضاً الرابع - بُعدية Four-dimensionalism أو نظرية القالب الكونيّ block universe theory) وهي أنَّ الزمن في الفيزياء يعتبر بعداً dimension بالأسلوب ذاته الذي نعتبر فيه الحيّز space بعداً. إنَّ هذا يعني بأنَّ «الأحداث المستقبلية هي موجودة فعلاً حالياً، وليس للزمن مسار هادف إلى اتجاه معين ولا مستقيم» مما يجعل التنقل في الزمن ممكناً أقلّه من الناحية النظرية. هنالك أيضاً مفهوم الحاضرية presentism بأن « الزمن هو اللحظة الحاضرة» وينفي موضوعية الماضي والمستقبل[120]. قبل هذا قال احمد شوقي أمير الشعراء في قصيدته (جارة الوادي) وكأنه يشير الى مفهوم الحاضرية ,بدون قصد : (لا امسِ من عُمرِالزمانِ ولا غدٍ....جُمِع الزمانُ فكان يومُ رضاكِ)
مما تقدم أعلاه لا يوجد هنالك وصف موحد علمي أو فلسفي لمفهوم «الزمن» مما قد يجعل العلم أقل حماساً في الاعتراض على المفهوم الديني للزمن وأكثر إدراكاً له.
الغيب والتنبؤ
عدلالآيات: [سورة النمل: 65] ﴿قُلْ لاَ يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلاَّ اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ﴾.
[سورة الحجرات: 18] ﴿إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾.
[سورة الأحزاب: 63] ﴿يَسْأَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا﴾.
[سورة لقمان: 34] ﴿إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾.
[سورة الجن: 26] ﴿عَالِمُ الْغَيْبِ فَلاَ يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا﴾.
[سورة المائدة: 116] ﴿وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلاَ أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ﴾.
[سورة الروم: 56] ﴿وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالإِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ فَهَذَا يَوْمُ الْبَعْثِ وَلَكِنَّكُمْ كُنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ﴾.
[سورة هود: 6] ﴿وَمَا مِنْ دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ﴾.
[سورة التغابن: 4] ﴿يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ﴾.
[سورة الملك:13]﴿ وَأَسِرُّواْ قَوْلَكُمْ أَوِ ٱجْهَرُواْ بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ﴾.
[سورة البقرة: 235]﴿ ...وَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِيۤ أَنْفُسِكُمْ فَٱحْذَرُوهُ..﴾.
[سورة الأعلى: 7] ﴿إِلاَّ مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَمَا يَخْفَى﴾.
[سورة غافر: 19] ﴿يَعْلَمُ خَائِنَةَ الأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ﴾.
لقد حاول الإنسان على مدى التاريخ السيطرة على المستقبل أو أقلّه التنبؤ به، ولم يعط الاهتمام ذاته للماضي. يدعي المنجمون أنَّ الأحداث على الأرض لها علاقة بحركة الكواكب في السماء، ولكنهم يضعون توقعاتهم بأسلوب عام غير محدد بحيث يمكن انطباقه على كل الاحتمالات. إنَّ التنجيم مفند علمياً. أما التنبؤ بالطقس فليس أكثر حظاً من التنجيم في هذا المجال، إذ إنَّ حدوث تغيير طفيف جداً في أحد العوامل المناخية يؤدي إلى تغييرات كبيرة في الطقس بالإضافة إلى أنَّه يستحيل تكرار أي تسلسل من التغييرات الجوية، ولهذا تظل النشرات الجوية تفتقر إلى الدقة مهما تطورت الأجهزة المستعملة.
نظرياً، يمكن التنبؤ في حالة توافر التيقن determinism وهو "معرفة موقع أيّ جسيم وسرعته في آن واحد"، مما يعتبر مستحيلاً بسبب «مبدأ الشك uncertainty principle » وهو «حالة عدم التأكد يقيناً، أي حالة المعرفة المحدودة التي يستحيل معها الوصف الأكيد لحالة موجودة فعلياً أو لنتيجة مستقبلية أو لعدد من النتائج المحتملة وذلك نظراً لاستحالة معرفة الموقع والسرعة لأيّ جسيم في آن واحد». فحالة الجسيم يمكن وصفها كخط بيانيّ موجيّ الشكل فقط، وليس كموقع وسرعة محددة.
ولو أنَّ هايسنبرج طبق مبدأ الشك في نظرية ميكانيك الكميم quantum mechanics كما طبقه الآخرون بعده في علوم أخرى، لكنه يؤدي إلى ما يسمى بالمتغير المخفي hidden-variable. هذا يدل على أنَّ العلم لا يتفوق على المنجمين في مجال التنبؤ، كما قال العالم هوكينج: «إنَّ القوانين العلمية ليست أكثر حظاً من التنجيم في التنبؤ بالمستقبل» [121]. من الواضح أنَّ « المتغير المخفي » هو المرادف العلمي لمفهوم «الغيب» الذي جاءت به الآيات أعلاه.
« الغيب لا يعني المستقبل فقط وإنَّما كل ما لا يعلمه البشر؛ فقد يكون هذا شيئاً موجوداً أو حدثاً حادثاً الآن أو في الماضي أو سيوجد أوسيحدث مستقبلاً. هو أيضاً ما فكر به، أو ما عمله أحد عباده في الماضي أو ما يفكرون به، أو يقومون به الآن، ولم يطلعوا عليه أحداً، وما سيفكرون به أوسيعملونه مستقبلاً. هو أيضاً معرفة نشأة ومستقبل ومصير الكون والمخلوقات». إذاً هو أشمل من معرفة المستقبل، فهو ما تستحيل معرفته بواسطة حواسنا أو بصيرتنا أو بالأساليب التقنية لأنَّه خارج عن قدرة البشر.
الفرق بين الغيب والمتغير المخفي هو أنَّ الله سبحانه بالإضافة إلى علمه بالأشياء والأحداث فهو يعلم بما كتمته وتكتمه الآن، وما ستفكر به النفوس، وغاب علمه عن الآخرين، فهو «العالِم الكلي» بكل شئ , وايضاً « عالِم الغيب » [سورة غافر: 19] ﴿يَعْلَمُ خَائِنَةَ الأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ﴾. من المؤكد أنَّ أفكار البشر وأعمالهم لها دائماً تأثير مهم على الأحداث لجميع الحقب الزمنية لكوكبنا ماضياً وحاضراً ومستقبلاً وللكون ككل, ومحفوظة في اللوح المحفوظ قبل حدوثها.
كتاب الله (اللوح المحفوظ)
عدلالآيات:
[سورة النمل: 75] ﴿وَمَا مِنْ غَائِبَةٍ فِي السَّمَاءِ وَالأَرْضِ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ﴾.
[سورة سبأ: 3] ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لاَ تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ عَالِمِ الْغَيْبِ لاَ يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلاَ فِي الأَرْضِ وَلاَ أَصْغَرُ مِنْ ذَلِكَ وَلاَ أَكْبَرُ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ﴾.
[سورة الأنعام: 59] ﴿وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ﴾.
[سورة هود: 6] ﴿وَمَا مِنْ دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ﴾.
[سورة الروم: 56] ﴿وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالإِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ فَهَذَا يَوْمُ الْبَعْثِ وَلَكِنَّكُمْ كُنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ﴾.
في «اللوح المحفوظ أو أم الكتاب» كما جاءت به الآيات أعلاه , ما يجهله البشر إطلاقاً من أفكار الآخرين وأعمالهم غير المعلنة، ومن سيؤمن ومن سيكفر، ونشأة كل الخلق ومصيره ، والمعلومات عن المخلوقات كافة وكل ما وجد وسيوجد من أشياء وأحداث وأفكار, كما جاءت به الآيات أعلاه.
الآيات:
[سورة الحج: 47] ﴿وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ﴾.
[سورة المعارج: 4] ﴿تَعْرُجُ الْمَلاَئِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ﴾.
إنَّ الأيام والسنين هي فترات زمنية تخص الكواكب السيارة, ولكل كوكب يومه وسنته الخاصة, فيومه هو دورة حول محوره ، أما سنته فهي دورة حول شمسه. يدور المريخ Mars حول الشمس بسرعة أبطأ من الأرض، فسنته حوالى سنتين من سنين الأرض، وكذلك دورانه حول محوره أبطأ فيومه أطول بنحو نصف ساعة من اليوم الأرضي. أما المشتري Jupiter فإنَّ سنته تعادل 11.86 سنة أرضيّة ويومه أقل من عشر ساعات أرضيّة. أما عطارد Mercury فإنَّ سنته 88 يوماً أرضيّاً ويومه 176 يوماً أرضيّاً (أي أنَّ سنته نصف يومه).
كما إنَّ النظرية النسبية ألغت مفهوم الزمن المطلق أو الشامل absolute or universal time وجاءت مكانه بمفهوم الزمن الذاتي أو النسبـي personal or relative time.
يمكننا فهم المقصود بالآية (سورة الحج-47) من أنَّ يوم الرب يساوي ألف سنة بأن نحتسبه بالاستعانة بسرعة الضوء التي هي ثابت كونيuniversal constant ومقياس للمسافة وللزمن أيضاً . في اليوم الأرضيّ الحالي، تدور نقطة ثابتة على خط الاستواء مرة واحدة مسافة 40,075كم وهي المحيط الاستوائي(106) ولكن يقطع الضوء مسافة 26 مليار كم في اليوم (300,000 كم في الثانية). فإذاً ألف سنة أرضيّة تساوي 14 حوالي ساعة ضوئية فقط.
لكن هناك مؤثرات على سرعة الضوء وعلى سرعة دوران ارضنا حول نفسها (اي يومها). صحيح أنَّ سرعة الضوء هي ثابت كوني لا يتغير ولكن فقط في الفراغ وليس في وسط مادي medium كالكون، حيث هناك قوى الجاذبية للأجرام الكونيّة، ففي معظم الحالات عندما يمرّ الضوء من بينها تتباطأ سرعته. هذا بالإضافة إلى ما جاءت به نظرية النسبية الخاصة special relativity من مفاهيم مثل تقلص الطول length contraction وتمدد الزمن time dilation.
بالإضافة الى هذا , فان المعروف منذ بعثات المركبة ابولو الى القمر ,وجد انه يبتعد عن الأرض بمسافة قدرها 38 مليمتر في السنة (تقريباً بقدر نمو اظفر الانسان) مما يؤدي الى أطالة اليوم على ارضنا 15 بالالف من الثانية (4.75 ×10 - 8 % ) سنوياً منذ نشوءهما قبل حوالي 4.5 مليار سنة, علماً انه قبل نشوء القمر كان اليوم بطول 5 ساعات من ساعات يومنا الحالي [123]. اي ان الارض تباطأت سرعة دورانها وطال يومها الى ما هو عليه الآن على مدى مليارات السنين , وطال "اليوم الضوئي والمسافة الضوئية" أيضاً بمعنى انه سينتقل الى مسافات ابعد لان سرعته ثابتة , فخلال دورة بطيئة للارض سيكون الضوء وهو الثابت السرعة قد انتقل الى مسافة أطول. كما أنَّ هنالك نظريات تقول بأنَّ سرعة الضوء ذاتها قد تغيرت بمرور الزمن. بالإضافة الى هذا فإنَّ الكون يتوسع بتزايد مستمر, وأنَّ سرعة التباعد بين الأجرام البعيدة جداً تصل الى أعلى من سرعة الضوء التقليدية , بسبب تمدد طول الموجة الضوئية . من الجدير بالذكر, ان هناك قياسات اخرى للزمن وهي السنين الفلكية sidreal ( 365.25636 يوم), والشمسية(الاستوائية)solar(tropical) (365.242181 يوم ) , والقمرية lunar (354.367 يوم) .
فإذا أخذنا بنظر الاعتبار هذه العوامل وهي ; إطالة اليوم الارضي واليوم الضوئي light-day , وتقلص الطول, وتمدد الزمن ,وتزايد سرعة توسع الكون , واحتمالية تغير سرعة الضوء, والقياسات المختلفة للسنين, يمكننا القول أنَّ اليوم الضوئي قد كان يساوي الف سنة أرضية في زمن سابق لا يمكن احتسابه بدقة , وقد يكون مؤشراً لحدث سابق مهم في تاريخ الكون.
مما اوردنا اعلاه يمكننا استقراء وقت تقريبي لفناء الكون من خلال ما جاء في الآية (سورة المعارج - 4) في ان يوم القيامة سيكون طوله خمسون الف سنة من سنين الارض, حيث ان نسبة زيادة سرعة الضوء المحسوبة على اساس طول اليوم الارضي الحالي هي بنفس نسبة زيادة طول اليوم الارضي , مع اخذ المتغيرات الاخرى بنظر الاعتبار. لكن يستحيل ابداً احتساب هذا بصورة دقيقة , فالله أعلم .[سورة الأعراف: 187] ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لاَ يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلاَّ هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لاَ تَأْتِيكُمْ إِلاَّ بَغْتَةً يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ﴾.
من الجدير بالذكر ,ان هذا الموضوع يقع على الحد الفاصل بين العلم والإيمان, ويمكن مناقشته باسلوب آخر; وهو أنَّ من المعروف ان القوانين والنظريات العلمية السارية في كوننا لا تسري على ما قبل نشأته أو بعد فنائه، لان نشوءه وفناءه هما آفاق حدث event horizons . هذا بالأضافة الى أنه ليس هناك رأي سائد متفق عليه علمياً حول مفهوم الزمن قبل نشوء الكون وبعد فناءه , وقد تكون هناك قياسات أو ثوابت اخرى غير مكتشفة بعد ,وقد يكتشف ثابت كوني آخر غير الضوء. إنَّ الاكتشافات المستقبلية بشأن الحيّز والزمن وفك ألغاز الكون قد تفسّر معنى هذه الآيات بشكل أكثر دقة.
مما يستحق الاشارة اليه في هذا الصدد , هو ان سنوات الكواكب السيارة ومنها ارضنا ( اي سرعة دورانها حول شموسها)لم تتغير منذ نشأة هذه الكواكب, وهو ما اشارت له الآية [سورة التوبة: 36] ﴿ إِنَّ عِدَّةَ ٱلشُّهُورِ عِندَ ٱللَّهِ ٱثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ ٱللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ...... ﴾.
نظرياً، يمكن للأجسام الكبيرة التنقل إلى الماضي وحتى بسرعة أقل قليلاً من سرعة الضوء بشرط توافر المركبة الملائمة، وهنا تكمن الاستحالة فإنَّ مجرد محاولة ركوبها تؤدي إلى تكوين دورة من الجسيمات الصورية circulating virtual particles تولد سيلاً من الإشعاع مثلما يحدث في الثقوب السوداء عندما تخترق الأجرام أفق حدثها event horizon فتفنى المركبة. الاستحالة الأخرى هي استحالة التأثير في الماضي، إذ إنَّ ذلك يعتبره العلماء « وهماً وتناقضاً غير منطقي paradox لأنَّه سيمكّن الفرد من الرجوع إلى الماضي وقتل جده قبل أن يولد أبيه طبعاً على شرط كونه حر الإرادة للقيام بأي عمل في الماضي» مما يثير أيضاً جدلاً فلسفياً حول تعريف «الإرادة الحرة» في ظرف كهذا. صحيح أنَّ التنقل في الزمن الى الماضي ممكن الحدوث من الناحية النظرية ولكن احتمال نجاحه هو 60-10 (اي 10/1 امامها 60 صفر).
أما بالنسبة إلى الجسيمات الأصغر من الذرّة (دون الذرّية)subatomic particles، فمنذ فترة طويلة هنالك أدلة غير مباشرة على أنَّ نوعاً منها يستطيع التنقل في الزمن والرجوع إلى الماضي ثم العودة منه بحركة دائرية مغلقة closed-loop. ولكن لم يتم هذا حقيقةً إلَّا في سنة 2011 في مصادم الهادرون الكبير LHC (large hadron collider) التابع للمركز الأوروبي للأبحاث النوويّة CERN على الحدود بين فرنسا وسويسرا , تم التحقق في هذا الجهاز ولمرتين من وجود جسيمة نيوترينو neutrino بسرعة أعلى من سرعة الضوء بـ 6/ مليار من الثانية مما يعتبره العلماء فتحاً علمياً إذا ثبتت صحته بتجارب أخرى. إنَّ التفسير الأوّلي لهذا هو أنَّ النيوترينو قد انتقل بهذه السرعة في بعد آخر غير بعدنا حسب نظرية الغشاء membrane theory.
إنَّ الحيّزمن spacetime حسب النظرية النسبية العامة هو وسط ديناميكي غير مستقر وفيه ثقوب دودية wormholes، أي ممرات يمكن العبور من خلالها إلى حيّز مختلف ذي زمن مختلف، إذ هي مسالك زمنية time paths تربط الحيّزمنات المختلفة بعضها ببعض،الآية [سورة الذاريات: 7] ﴿وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ﴾، الحبك هي جمع حبيكة كطريقة وطرق أي صاحبة الطرق في الخلقة كالطريق في الرمل. فكلما كان المسلك الدودي الزمني أطول كلما توغلنا أعمق في الماضي بفارق زمني أكبر، ونكون قد تنقلنا مسافات أطول. على هذا فكلما قصر المسلك الدودي الزمني سيقل توغلنا في الماضي وإنَّ أقصر مسلك سينقلنا في نفس اللحظة .
في القرآن ثلاثة حوادث من النقل الفائق السرعة مما يعتبر مستحيلاً في الظروف الاعتيادية للأشخاص الاعتياديين أحدها هو إسراء النبيّ محمّد (ص)من المسجد الحرام في مكة إلى المسجد الأقصى في القدس (فلسطين) واعراجه منه إلى السماء السادسة والعودة في الليلة ذاتها، [سورة الإسراء: 1] ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾.
أما الحادثة الثانية فهي نقل عرش بلقيس ملكة سبأ من جنوب الجزيرة العربية (اليمن حالياً) إلى بلاط النبيّ سليمان في أورشليم (القدس ) في فلسطين بلمحة البصر، [سورة النمل] ﴿قَالَ يَا أَيُّهَا الْمَلأَ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ (38) قَالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ (39) قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ...(40)﴾ ,والآية ﴿ فَلَمَّا جَاءَتْ قِيلَ أَهَكَذَا عَرْشُكِ قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ (42)﴾.
الحادثة الثالثة هي صعود المسيح (ع) الى السماء , الآية [ سورة النساء: 157] ﴿ وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا ٱلْمَسِيحَ عِيسَى ٱبْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ ٱللَّهِ ومَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَـٰكِن شُبِّهَ لَهُمْ ...... ﴾
اللانهاية
عدل«اللانهاية» هي من المفاهيم المحيّرة في علم الرياضيات والفلسفة. يعتقد الكثير من علماء الرياضيات الآن بأنَّ «اللانهاية» تعبير لا معنى له، فهي لا حد لها بالإضافة إلى أنَّها لا تتغير بإضافة الأرقام أو طرحها. إنَّ التعابير «العلمية» السائدة الآن مثل: الكون اللانهائي , والأكوان اللانهائية , والعدد اللانهائي , والكتلة اللانهائية الموجودة في اللاحيّز , والجسيمات اللامتناهية الصغر , واللاشيئية المطلقة , والأشياء عديمة البعد ومبدأ الشك uncertainty principle، كلها تعابير لا معنى لها ويصعب إدراكها.
إنَّ اللانهاية هي طريق مسدود ومأزق فلسفي , حيث لا يمكن للبشر أن يستمروا بالتطور إلى ما لا نهاية، فحتى لو افترضنا صحة فرضية الأكوان المتعددة multiverse فإنَّ المخلوقات لا محالة ستفنى مع كوننا هذا حتى لو كان لها قابلية التطور اللانهائي. من الظريف أنَّ مبرهنة القرد اللانهائي infinite monkey theorem [126]تقول بأنَّ باستطاعة القرد طبع جميع مؤلفات شكسبير بالضرب عشوائياً على لوحة مفاتيح الآلة الطابعة الى ما لا نهاية. ولكن ثبت بواسطة برنامج كومبيوتر خاص بأنَّه لو باشر هذا القرد عند بدء الكون قبل13.7 مليار سنة بطبع رواية هاملت Hamlet فقط من مؤلفات شكسبير فلن يستطيع إلَّا طبع جملة واحدة تتكون من ثلاث كلمات مجموع حروفها سبعة فقط من هذه الرواية حسب نظرية الاحتمال probability theory. إنَّ هذا يدل على عبثية المحاولة للتوصل إلى ماهية اللانهاية بتصورنا رقماً معيّناً ضخماً جداً، فهي إفتراض رياضياتي منافي للمنطق.
إنَّ الله سبحانه وتعالى وحده اللانهائي، وهو الذي يقرر حدود ونهاية ما نعتقده لا نهاية له من شيء أو حال، [سورة الرحمن] ﴿كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ (26) وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ (27)﴾؛ و[سورة الفرقان: 2] ﴿الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا﴾؛ و[سورة الحديد: 3] ﴿هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾.
إنَّ الخلود واللانهاية والأبدية والسرمدية هي فقط في الحياة الآخرة وبمشيئة الله، [سورة هود: 107] ﴿خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ إِلاَّ مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ﴾، أي مدّة دوام الدنيا بالإضافة إلى ما شاء الله من الزيادة على مدّتها مما لا منتهى له، أي بمعنى خالدين فيها أبداً. وهذا يتفق مع المفهوم العلمي في أنَّه لا يوجد وقت أو زمان بعد فناء الكون ,أو قد يدل على إننا لا ولن نعلم.
دورالضوء والكربون
عدلالآية:
[سورة النور: (35)] ﴿اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَىٰ نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾.
تشير الآية الى الضوء والكربون وأن سبحانه هو خالق الضوء , إذ (يضئ ولم تمسسه نار) لأن النار والضوء لم تكونا قد خلقتا بعد. الكوكب «الدرّي» هو النجمة المضيئة التي لها صفة «الدرّة» والدرة هي اللؤلؤة الكبيرة، واللؤلؤ هو من مادة «كربونات» الكالسيوم.
أن الإعجاز في هذه الآية واضح ,حيث أن للكربون وللضوء دور أساسي في هذا الكون وهذا ليس مصادفة ولا هو حدث عشوائي كما أنهما مرتبطان إلى درجة كبيرة على غرار ما في ظاهرة الاحترار والتعتيم الكرويglobal warming and dimming. فالكربون هو وحدة بناء الكون إذ إن جميع الأجسام والأجرام الكونية تحتوي على الكربون الذي هو أيضا ًالأساس الكيميائي لكل أنواع الحياة, والمادة والضوء بدأتا بالتكون في نفس الوقت عند مرحلة الجسيمات الأولية elementary particles في لحظة ولادة الكون.
من الجدير بالذكر هنا، وجود كواكب كربونية خارج مجموعتنا الشمسية وأهمية دورة الكربون والنيتروجين carbon-nitrogen cycle في توليد جزء من طاقة الشموس والأجرام الأخرى. كما أن, قبل 550 مليون عام ظهرت أنواع المخلوقات الحيّة المتعددة الخلايا البدائية proto-animal multicellular organisms في المحيطات وكانت تمتص الكربون والمواد الأخرى عن طريق سطح جسمها لتوفير الطاقة اللازمة لفعالياتها ونموها.
أما بالنسبة للضوء فإن طاقته هي أساس الكون مثل غيرها من أنواع الإشعاع الكهرومغناطيسية وهو كذلك من المتطلبات الأساسية للحياة. إن التركيب الضوئي في النباتات هو عملية تحويل ثاني أوكسيد الكربون في الجو لغرض تكوين السكر (الذي يتم صنعه بفعل طاقة ضوء الشمس من الماء وثاني أوكسيد الكربون) والسكر هو المادة الضرورية لحياة النباتات ونموها ومصدر غذائي لكل الحيوانات. إن هذه العملية تتكرر في كل النباتات منذ 2.5 مليار عام سواء المنقرضة منها أو الحالية حيث تلتقط النباتات الفوتونات الضوئية لفصل ذرّات الهيدروجين عن الأوكسجين في جزيئة الماء، فتستفيد من الهيدروجين في نموها وتطرح الأوكسجين للجو فنتنفسه نحن والحيوانات، وكذلك لتكوين طبقة الأوزون في أعالي الجو لحمايتنا من الأشعة فوق البنفسجية الضارة.
الضوء
عدلالآيات:
[سورة النور: 35] ﴿اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لاَ شَرْقَيَّةٍ وَلاَ غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾.
[سورة التغابن: 8] ﴿فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنَا وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾.
[سورة نوح: 16] ﴿وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا﴾.
[سورة النبأ: 13] ﴿وَجَعَلْنَا سِرَاجًا وَهَّاجًا﴾.
[سورة يونس: 5] ﴿هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلاَّ بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ﴾.
[ سورة القصص: 71] ﴿ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ ٱللَّهُ عَلَيْكُمُ ٱلْلَّيْلَ سَرْمَداً إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ مَنْ إِلَـٰهٌ غَيْرُ ٱللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَآءٍ أَفَلاَ تَسْمَعُونَ﴾.
إنَّ الضوء هو العامل المشترك لمجمل الكون إذ تقوم عليه فعاليات هذا الأخير وبه يمكن دراسته, وبهذا فليس من المستغرب أن يلعب الضوء دورا أساسياً في الأمور الروحانية spirituality.
افترض أمبيدوقليس Empedocles في القرن الخامس قبل الميلاد أننا نرى الأشياء بواسطة الضوء الذي ينبعث من العين بتفاعله مع الضوء المنبعث من مصدر ضوئي كالشمس. بعده في القرن الثالث قبل الميلاد أعرب أقليدس Euclides عن تشكّكه بهذه الفرضية ثم تبعه في هذا المجال الفيلسوف الطبيعي لوكريتيوس Lucretius في سنة 55 ق.م حيث قال بأنَّ ضوء الشمس وحرارتها يتكوّنان من ذرات دقيقة. مع ذلك ظلت فرضية أمبيدوقليس هي السائدة على أنَّ «الضوء ينبعث من العين»، وسانده بذلك بطليموس Ptolemy في القرن الثاني الميلادي، وظلت هي الفرضية المعترف بها حتى نهاية الألف الأوّل الميلادي، أي لمدة خمسة عشر قرناً حين أثبت العالم بن الهيثم بطلانها.
في سنة 1021م قام العالم المسلم الحسن بن الهيثم (المسمى Alhazen في الغرب ولقّبوه بأب البصريات الحديثة) بنشر مؤلفه (كتاب المناظر) حيث وضع نظريته في البصريات التي تعتمد على علمي التشريح والهندسة، وأجرى أوّل التجارب التي أثبتت بما لا يقبل الشك «أنَّنا نرى الأشياء عندما تعكس هي ضوء الشمس إلى أعيننا»، ولهذا اعتبره الغربيون أوّل عالم بالمعنى الحديث. إنَّ هذا مثال على كيف أنَّ الضوء أصبح علماً بعد أن كان فلسفة. من المحتمل جداً أنَّ الحسن بن الهيثم قد استوحى نظريته من الآيات أعلاه.
إنَّ الضوء وبخاصة ظاهرة قوس القزح كان لها دور ديني أساسي لآلاف السنين في التأكيد على وجود الخالق. إنَّ هذا هو الذي حدا بالكنيسة الكاثوليكية إلى دعم الفلاسفة في دراساتهم لتفسير الضوء وإيجاد علاقة بينه وبين الخالق سبحانه وتعالى. أحدهم هو الفيلسوف ديكارت Descartes 1596-1650 الذي اكتشف بعض الحقائق التي تخص قوس القزح في القانون المسمى باسمه في انكسار الضوء Descartes law of refraction باعتماده الهندسة ولو أنَّه أخطأ بقوله «إنَّ الضوء هو خاصية ميكانيكيّة للشيء المرئيّ».
منذ بدء الحضارة البشرية كان الضوء والعين والأشعة والبصر ترمز إلى الله سبحانه وتعالى في الكتب السماوية، وإلى الكائن الأسمى في الديانات الأخرى، وأنَّ النار ترمز إلى غضب الله وعقابه، كما أنَّها عُبدت في الديانات غير السماوية لقوتها الرهيبة.
إنَّ أهم مصادر الضوء وأعمّها هو المصادر الحرارية كالشمس والمصباح؛ ففي درجة حرارة معيّنة ينبعث منها طيف مشع مميز. إنَّ الشمس هي مصدر حرارة وضوء وإشعاع وقوة مغناطيسية، وإنَّ حرارتها عند سطحها C°6000 درجة ومليون درجة عند هالتها corona (وهي الطبقة اللهبية التي تحيطها) وعند مركزها 15 مليون درجة. على خلاف هذا فإنَّ القمر جسم بارد مضاء ثانوياً بضوء الشمس. على هذا فإنَّ القرآن قدم هذه المعلومات قبل أربعة قرون من توصل العلم إلى هذه الحقيقة من قبل الحسن بن الهيثم، ولا شك أنَّ هذا العالم قد اعتمدها من القرآن، وكان الاعتقاد السائد قبله هو أنَّ الضوء ينبعث من عين الرائي.
في اللغة العربية على خلاف اللغات الأخرى، هناك تمييز للضوء أو الضياء عن النور؛ «فالضوء أو الضياء» هو ما ينبعث من مصدر مشتعل وهّاج ; كالشمس والمصباح، أما «النور» فهو الضوء المنعكس من جسم بارد كالقمر والمرآة . تشير الآيات أعلاه إلى الحقائق العلمية، وهي أنَّ للقمر نوراً أي أنَّه لا يضئ بذاته؛ فالشمس هي التي تضيئه وهو يعكس ضوءها فنوره ثانوي. إنَّ الكواكب والأجرام كافة ومنها أرضنا منارة بضوء شموسها، أما الشموس فتبعث ضوءاً إذ هي سراج مشتعل وهاج ومصدر ضوء وحرارة وإشعاع ومغناطيسية كما اسلفنا التطرق اليه.
إنَّ في الآية [سورة النور: 35] ﴿اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لاَ شَرْقَيَّةٍ وَلاَ غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾، أوّلاً إشارة صريحة إلى أنَّ المصباح هو مصدر ضوء وثانياً إلى أنَّ «بعضاً من قدرة الله سبحانه وتعالى هي كالمصباح الذي بذاته يضيء كل شيء، ولكن لم يوقده شيء». إنَّ الله هو الذي (ينير) كل شيء سواء «منير» أو «مضئ» في الكون, فسبحانه خالق الوجود ومعه الضوء ومصادره ، « فهو(نورٌ على نور) وكل ما في الكون من (ضوء) أولي أو (نور) ثانوي هو من خلق سبحانه وثانوي لقدرته إذ هو سبحانه يمنح النور للسماوات والأرض» والآية [سورة التغابن: 8] ﴿ فَآمِنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ وَٱلنّورِ ٱلَّذِيۤ أَنزَلْنَا وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ﴾.
في يوم القيامة لا قمر ولا شمس,ففي الآية [سورة الزمر: 69] ﴿وَأَشْرَقَتِ ٱلأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا ...﴾ الارض حسب القرطبي «هي أرض القيامة وكل ما استقر عليه قدمك» , وجاء في تفسير الطبري«أشرقت بنورٍ خلقه الله تعالى ,فهم ما يتضارّون بنوره إلا كما يتضارّون في الشمس في اليوم الصحو » [127] .
للنور والضياء في القرآن مدلولات أخرى مجازية مترادفة فجعل القرآن نوراً يُستضاء ويُتبصر به, الآية[سورة الشورى:52 ] ﴿ وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ رُوحاً مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا ٱلْكِتَابُ وَلاَ ٱلإِيمَانُ وَلَـٰكِن جَعَلناَهُ نُوراً نَّهْدِي بِهِ مَن نَّشَآءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِيۤ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ﴾ والآية [ سورة الحديد: 28] ﴿يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَءَامِنُواْ بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ ويَجْعَل لَّكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِه وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾. فالنور ينير ما حوله كما هو معلوم وايضاً القرآن الذي يُستضاء ويُتنوّر ويُتبصّر به .
لمرة واحدة في القرآن في الآية [سورة الأنبياء: 48] ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ وَضِيَاءً وَذِكْرًا لِلْمُتَّقِينَ﴾، جاء ذكر «ضياء» بغير معنى الضوء الاعتيادي ولكن مقترناً بالتوراة بمعنى التبصّر بالحلال والحرام [128].
يذكر في القرآن الضوء والبصر ككناية عن أنواع الطاقة والإشعاعات الكهرومغناطيسية الأخرى على مبدأ «إنَّ الواحد يدل على الكل ويغني عن ذكره» مما سيتم التطرق إليه في فصول أخرى، [سورة الحجر: 27] ﴿وَالْجَآنَّ خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نَارِ السَّمُومِ﴾؛ و[سورة الملك: 4] ﴿ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ﴾.
الكربون
عدليمكن القول مجازياً بأنَّ الكربون المخزون في الأرض هو عبارة عن ضوء الشمس وطاقتها المتحجرتين؛ فهو الغابات التي عاشت على طاقة الشمس وضوئها وانطمرت تحت الأرض فتحولت إلى كربون وهو الفحم الحجري كمصدر للطاقة وللضوء. كما وأنَّ البترول هو أيضاً كربون كمصدر طاقة وضوء ، ولكن أكثر تركيزاً من الفحم الحجري نتج من تحلل الكائنات البحرية التي انطمرت قبل 300 مليون سنة عندما التحمت اليابسة لتكوّن القارات فطمرت أجزاء من المحيطات.
من المعلوم أنَّ حرق الفحم الحجري أو البترول يولد جسيمات الكربون وغاز ثاني أوكسيد الكربون بدورهما المعروف في التلوّث والاحترار الكروي global warming [129] [130]الذي هو ومعه الكوارث الكونيّة والفناء بأسلحة الدمار الشامل من تحديات البقاء أو الفناء لكوكبنا وللحياة.
إنَّ الكربون متوافر في الكون بكميات هائلة. وهناك الكواكب الكربونيّة التي سبق وأن أشرنا إليها. هنالك كوكب كربوني مثير للاهتمام تم اكتشافه في أغسطس 2004 [131] سمّي 55 كانكري إي 55 Cancri e or 55 Cnc e يدور حول شمس تشبه شمسنا تسمّى 55 Cancri A. إنَّ هذا الكوكب يبعد عنا بمقدار 40 سنة ضوئية ويمكن رؤيته بالعين المجردة. وتصل درجة حرارته إلى 2150 درجة مئوية مما لا يتوقع وجود حياة عليه. كتلته 7.8 مرات كتلة الأرض وقطره مرّتين بقدر قطرها، ويعتبر أوّل كوكب عظيم super-earth planet تم اكتشافه ( الكوكب العظيم هو كل ما كان أكبر من الأرض وأصغر من الكواكب العملاقة في نظامنا الشمسي كنبتون وأورانوس التي هي 10 أضعاف كتلة الأرض). يدور هذا الكوكب على شمسه مرة كل 18 ساعة، وهو في أقرب مدار لشمسه من كواكبها الأخرى. أعلن في أكتوبر 2012 أنَّ هذا الكوكب يمكن اعتباره كوكباً ماسيّاً diamond planet، لأنه يتكوّن من مادة الجرافيت وهو نوع من الكربون، وثلث كتلته تتكون من الماس (الذي يتكون جيولوجياً من كربون مضغوط بدرجة فائقة)، أي بكمية تعادل ثلاث مرّات كتلة أرضنا ماساً.
الآيتان:
[سورة الرحمن] ﴿كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ (26) وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ (27)﴾.
إنَّ هنالك توازناً دقيقاً بين العوامل التي تؤثر في المناخ، فليس هناك عوامل أو مواد جيدة وأخرى سيئة إذ لكلٍ دور مهم، وأن التكهن بالنتيجة النهائية للتلاعب بهذه العوامل ليست أكثر حظاً من النشرة الجوية في التكهن بالطقس، بالإضافة إلى أنَّ التلاعب بهذه العوامل قد يؤدي إلى عواقب وخيمة. يمكننا القول إنَّ عدم استطاعتنا على التكهن بالمناخ بصورة دقيقة هي نعمة إلهية حتى لا نحاول التلاعب به. وصل الحال الى ان الاحترار الكروي تحوّل الى مصدر للكسب التجاري في بيع حصص انتاج غازات الدفيئة بين الدول, ووصلت المقترحات في مؤتمر المناخ العالمي سنة 2015 الى الحد من اكل اللحوم والاستعاضة عنها بأكل الحشرات من اجل الحد من الغازات المضرة الناتجة عن تربية الماشية. صحيح إنَّ الحيوانات والمخلوقات الأخرى والنبات هي مثلنا بين مطرقة الإحترار وسندان التعتيم تحت رحمة الغازات الملوثة وتكافح لكسب معركة البقاء , لكن ليس بإستهلاك غريب لبعضها وتقليل عدد البعض الآخر. إنَّ أهمية الكربون والضوء وارتباطهما بدرجة وثيقة سيصعب معها التكهن بدقة بما ستؤدي إليه حملة الحد من الملوثات البيئية والاحترار، لأنَّها قد تؤدي إلى ضرر بيئي ومناخي قبل الوصول إلى غايتنا في الحد من «غازات البيت الزجاجي» التي تسمى ايضاً«غازات الدفيئة» أو«غازات الاحتباس الحراري» إلى النسبة المطلوبة, وذلك للأسباب التالية:
1 - إنَّ جسيمات الكربونparticles في الجو تساعد على التعتيم global dimming حيث تحجب وتعكس جزءاً من أشعة الشمس عن الأرض فتعتدل حرارة الجو إلى الحد الملائم للعيش والحد من الاحترار الكرويglobal warming وليس زيادته ,بالإضافة إلى فائدتها كنواة تتكون حولها الغيوم وبالنتيجة المطر.
2 – إنَّ جميع الجهود المبذولة حالياً في الحملة لتقليل غازات الدفيئة في الجو (بخار الماء وثاني أوكسيد الكربون والميثان وأوكسيد النتروز والأوزون) للحد من الاحترار ستؤدي أيضاً إلى تقليل جسيمات الكربون بوتيرة أسرع من التقليل من هذه الغازات. إنَّ هذا سيسبب مشكلة مناخية خطيرة من نوع آخر بسبب قلة التعتيم dimming، وازدياد نفاذ أشعة الشمس إلى الأرض، فترتفع درجات الحرارة مما سيؤدي بدوره إلى ازدياد غازات الدفيئة المنبعثة من المحيطات وبملايين الأضعاف لما ينتجه البشر منها.
3 - إنَّ قلة جسيمات الكربون تؤدي إلى الجفاف والتصحر بسبب قلّة الغيوم والأمطار، وهذا هو ما يحدث فعلاً الآن في أفريقيا وأستراليا وما قد تؤدي اليه من مجاعات.
4 - من ناحية أخرى فإنَّ نجاح الحملة سيؤدي إلى انخفاض درجة حرارة الأرض، فمن دون هذه الغازات تنخفض الحرارة C °33 تحت معدلها الحالي مما سيؤدي إلى إنجماد الجزء الأكبر من سطح الكرة الأرضيّة، وعدم صلاحيتها لأنواع كثيرة من المخلوقات مع صعوبة عيش البشر.
5- إنَّ هنالك الكثير من المشككين بالرأي السائد بأنَّ ظاهرة الاحترار هي بسبب عوامل بشرية ويطرحون رأياً بديلاً، وهو أنَّ سببه التغيرات المناخية التي لا بدّ أنَّ تحدث على سطح الأرض بصورة دورية، وأنَّ ما تبثه المحيطات والمخلوقات من غازات الدفيئة هو ملايين المرّات مما ينتجه البشر. على سبيل المثال إن النمل الابيض Termites الذي يتغذى على الخشب وسيقان الأشجار ينتج ألاف الاطنان سنوياً من أحد غازات الدفيئة وهو غاز الميثان وذلك لاحتواء جهازها الهضمي على جراثيم Archaea التي تهضم الخشب وتنتج غاز الميثان.
6- قد يكون الاحترار مفيداً لأنَّه سيؤخر العصر الجليدي القادم لمدة حوالى ألف عام، ومن المعلوم أنَّ العصور الجليدية تفني الجزء الأعظم من الحياة.
ظواهر ومفاهيم
عدلالأشياء غير المرئيّة
عدلالآيات:
[سورة سبأ: 3] ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لاَ تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ عَالِمِ الْغَيْبِ لاَ يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلاَ فِي الأَرْضِ وَلاَ أَصْغَرُ مِنْ ذَلِكَ وَلاَ أَكْبَرُ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ﴾.
[سورة الحاقة] ﴿فَلاَ أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ (38) وَمَا لاَ تُبْصِرُونَ (39)﴾.
[سورة يس: 36] ﴿سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنْبِتُ الأَرْضُ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِمَّا لاَ يَعْلَمُونَ﴾.
[سورة النحل: 8] ﴿وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ﴾.
تشير هذه الآيات إلى ما هو أصغر من الذرة ولا يرى بالعين المجردة (غني عن القول إنَّه لا يوجد مكروسكوب أو غيره من الأجهزة في زمن نـزول القرآن) وخصوصاً إذا ما علمنا بأنَّ التعريف اليوناني للذرة كان هو السائد في ذلك الزمن، وهو أنَّ الذرة جسيم غير قابل للتجزئة. إنّنا نعلم الآن أنَّ للذرة أجزاء أصغر وهي الجسيمات ما دون الذرّية subatomic particles كالهادرونات hadrons وهي البروتونات والنيوترونات, وهناك جسيمات مفترضة أصغر منها وهي الجسيمات الأوّلية elementary particles مثل الفرميونات الأوّلية elementary fermions (ومنها الكوارك quark واللبتون lepton) والبوزونات الأوّلية elementary bosons (ومنها جسيم الله God’s particle أو جسيم هيجز Higg’s particle وهو الذي يُعتقد أنه يكسب المادة كتلتها). من الجدير بالذكر أنه لم تكتشف أيّ من هذه الجسيمات الأوّلية بصورة أكيدة حتى سنة 2012 حين تم إكتشاف احدها وهو جسيم هيجز ، وذلك لأنَّ اكتشافها يستدعي سرعة تصادمية تقرب من سرعة الضوء وطاقة فائقة. تم إنشاء مصادم هادروني كبير LHC في سويسرا سنة 2009 تابع للمركز الأوروبي للأبحاث النووية CERN الأوروبيّة قادر على إجراء تصادم بسرعة فائقة وطاقة قدرها 3.5 تيف (TeV) (ترليون إليكترون فولت) مما سيعمق فهم العلماء للكون. تتم مصادمة بروتونات وهي جسيمات هادرونية للحصول على البوزون boson (جسيم هيجز أو جسيم الله) والذي يعتبر الحلقة المفقودة في سيناريو ولادة الكون، وكذلك لحل لغز الجسيم الأعظم superparticle وهو المادة المظلمة dark matter التي لم يستطع العلماء لحد الآن من إثبات وجودها.
في يوليو عام 2012 تم في مصادم سيرن أعلاه الكشف عن جسيم غير معروف والذي ثبت في عام 2013 أنه هو ضالة العلم المنشودة «البوزون»، ومنح العالم بيتر هيجز جائزة نوبل في نفس السنة إذ هو الوحيد على قيد الحياة بين العلماء الستة الذين افترضوا وجود البوزون .
بالإضافة إلى الجسيمات دون الذرّية فإنَّ هناك أجساماً أكبر من الذرة كالجزيئات والخلايا والمخلوقات المجهرية وهي أيضاً لا ترى بالعين المجردة. كل ذلك لم يكن يبصره أو يعلم عنه الإنسان في ذلك الوقت. ﴿مَا لاَ تَعْلَمُونَ﴾، ﴿وَمَا لاَ تُبْصِرُونَ﴾ في هذه الآيات قد يعني أيضاً وجود اجرام سماوية أو مخلوقات لم تكن معروفة زمن نزول القرآن أو حتى وجود مخلوقات في الكون الفسيح.
الجن وإبليس
عدلالآيات:
[سورة الرحمن: 15] ﴿وَخَلَقَ الْجَآنَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ﴾.
[سورة الحجر: 27] ﴿وَالْجَآنَّ خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نَارِ السَّمُومِ﴾.
[سورة الجن: 8] ﴿وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا﴾.
[ سورة الأعراف: 12] (قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ).
إنَّ الجن من الناحية الغيبيّة (الميتافيزيقية) مخلوقات فوق الطبيعية supernatural قد انها تعيش في عالم آخر ولكنها تتفاعل مع البشر، الآية [سورة الجن: 8] ﴿وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا﴾ . الشهب meteors وهي عبارة عن نفايات كونية debris صلبة باحجام مختلفة انفصلت من مذنبات cometsاو من كويكبات asteroids ,تحترق وتتوهج خلال مرورها بالغلاف الجوي فقد لا تصل الارض,ولكن عند ارتطامها بالأرض تسمى رجوم meteorites. يستدل من الآية على ان الجن يطلون على الارض من خارجها لكنهم يؤثرون فيها.
إنَّ الجن مع البشر والملائكة هم المخلوقات الثلاثة الحساسة sentient التي خلقها الله تعالى، والجن ذوو إرادة حرة مثل البشر وقادرون على عمل الخير والشر،الآية [سورة الجن: 11] ﴿وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا﴾.
حسبما ذكر في الآيات، خلق الجن من " نار السَموم" ألوان لهب النار عديمة الدخان وهو كناية عن ألوان الأشعة الكهرومغناطيسية, أي من طاقة. الطاقة لها كتلة ضئيلة جداً بحيث ان إضافة 90 ميجاجول megajoule من اي نوع من الطاقة الى الشئ يزداد وزنه 1 مليغرام فقط , وليس لها حجم أو هيئة لكن لها زخم momentum تؤثر به على الأجسام فيمكن الاستنتاج من هذه الآيات أنَّ الجن هم عبارة عن طاقة ويعطون زخماً للاشياء التي يؤثرون فيها imparted momentum , وسبحانه هو الأعلم. وهذا هو الانطباع السائد عن الجن وتأثيرهم ولو أنَّه غامض , ولكن فيه سر عدم اكتشافهم. إنَّ عدم اكتشافهم هذا لا يعني عدم وجودهم، كما هي عليه الحال بالنسبة إلى المادة والطاقة المظلمتين إذ هما موجودتان ولكن غير مكتشفتين.
إن ابليس وهو من الجن , يغوي الفرد الذي إختار الضلال بتأثير الطاقة الشريرة التي يبثها الى مراكزه الدماغية , فيقوم ويفكر بما لا يرضي الله. يمكن تشبيه العملية بتأثير الادوية والمخدرات والطاقة الكهرومغناطيسية على خلايا دماغ الانسان ,فهو تأثير لا يمكن كشفه بالفحوص التصويرية او المختبرية . بالإضافة الى عدم وجود تعليل طبي لكيفية عملها في حالات كثيرة مثل معالجة المصاب بالفصام (الشيزوفرينيا) بإغماء وقتي باستعمال الصدمة الكهربائية أو بحقنه بجرعة عالية نسبياً من الإنسولين أو مثل أدوية الامراض العقلية والنفسية الاخرى. إن نتيجة العلاج محسوسة فقط بتغير تصرف المريض وطريقة تفكيره وتصوراته حيث لا توجد فحوص طبية لتشخيص هذه الأمراض او لمتابعة تطورها والتثبت من شفاءِها كما هي الحال بالنسبة للامراض الجسمانية .
مما يجدر ذكره هنا بخصوص الجن انهم خلقوا قبل باقي المخلوقات كما جاء في الآية [سورة الحجر] ﴿ ولَقَدْ خَلَقْنَا ٱلإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ(26) وَالْجَآنَّ خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نَارِ السَّمُوم (27)﴾. إبليس من الجن ويعتبر من الملائكة برأي بعض المفسرين ,على انه احد الملائكة الذين يحيطون بالعرش العظيم قبل خلق الكون. ما استُدِل عليه هو انه من طاقة وليس من مادة , فإذاً الطاقة مخلوقة قبل الكون. قانون «حفظ الطاقة law of energy conservation» هو ان "الطاقة لا تفنى ولا تستحدث وهي خاصية للإشياء لكن يمكن تحويلها الى اشكال اخرى»" كالحرارة والحركة والطاقة المشعة radiant (كالضوء وباقي الاشعاعات الكهرومغناطيسية) والطاقة الكامنة potential (الجاذبية والمغناطيسية والكهربائية) والطاقة الكيمياوية . من المعروف ايضاً أن «الطاقة والكتلة متبادلتا التحويل من احدهما الى الأخرى» حسب مبدأ « تكافؤ الكتلة والطاقة mass-energy equivalence » .
نخلص بهذا الى ان العلم والقرآن يكمل احدهما الآخر , فالطاقة موجودة قبل الكون ويمكن ان تتحول الى كتلة الكون من خلال تكوين المادة البدائية primordial وهي الهيدروجين كما اسلفنا التطرق اليه. أما عند فناءه فالكون يعود الى طاقة ,حيث أشار العالم هوكنج [134]الى أن احد الاحتمالات لمصير "الثقب الاسود الموحد" عند فناء الكون في "السحق الإعظم" هو الفناء التام بسبب فقدان كتلته على شكل طاقة حرارية , بمعنى آخر بدأ الكون من طاقة كما يستدل من القرآن وسينتهي كطاقة كما يستدل من القرآن والنظريات العلمية , والله الأعلم.
إنَّ مسألة الجن يسهل فهمها بالربط مع مفاهيم الفلسفة الميتافيزيقية والعلوم المماثلة كعلم فوق النفسي (الخوارق) parapsychology والنولوجي noology (دراسة الفكر والحدس) وظواهر فوق الطبيعة supernatural كالتنبؤ precognition وتحريك الأشياء بقوة الفكر telekinesis ومفهوم الروح spirit (التي عرّفها قاموس أوكسفورد بأنَّها الجزء غير المادي من الفرد). هذا مع العلم أنَّه لا يوجد إجماع بين الباحثين حول تعريف ما هو طبيعي natural وما هو الحد الذي ينتهي عنده نطاق الحالة الطبيعية naturalism ويبدأ نطاق ما فوق الطبيعية supernaturalism حيث لا يوجد حد فاصل واضح .
الحسد
عدلالآيات:
[سورة الفلق] ﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (1) مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ (2) وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ (3) وَمِنْ شَرِّ النَفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ (4) وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ (5)﴾.
[سورة النساء: 32] ﴿وَلاَ تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ ٱللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ....﴾.
تعريف الحسد هو «الانفعال الحانق لشخص يفتقد ما يتمتع به شخص آخر مما يعتبره منـزلة رفيعة أو إنجازاً أو تملكاً ويتمنى للآخر فقدانه» [135]. يقول الفيلسوف برتراند راسل أنَّ الحسد هو من أهم أسباب التعاسة [136]. فالحاسد تعيس بحسده وكذلك يتمنى التعاسة والشر للآخرين؛ فالحسد بهذا يعتبر أحد النقائص ومن الصفات السلبية للفرد. من الغريب أنَّ النظرية الاجتماعيّة التطورية socioevolutionary theory التي تستند إلى المفهوم التطوري للداروينية في الانتقاء الطبيعي natural selection تقول «بأنَّ الحسد يعزز استمرارية بقاء الأفراد وتكاثر جيناتهم». يتضح من هذا غرابة هذه النظرية في فهمها للتصرفات الشخصية والممارسات الاجتماعيّة للحسد على أنَّ جذورها متأصلة في الدوافع البيولوجية للبقاء والتناسل [137]. ليس هذا فقط بل تتناقض أيضاً مع مفهوم «الملائمة الشاملة inclusive fitness» الذي جاء به علم الأحياء «التطوري»، وعلم النفس «التطوري» واللذان يقولان «بأنَّ الملاءمة الشاملة inclusive fitness هي حصيلة تلاؤم وتوافق الكائن الحيّ مع محيطه مضافاً إليه ما تسهم به أجياله اللاحقة من أجل الخير العام للمجتمع» [138]. من هذا نستنتج أنَّ الكائن الحيّ حسب مفهوم «الملاءمة الشاملة» سيعزز نجاحه الوراثي بواسطة تعاونه الاجتماعيّ، وطبعاً هذا ما يفتقده الحاسد لأنَّه يتمنى ويعمل على أذى الآخرين في مجتمعه.
مرج البحرين
عدلالآيات:
[سورة الفرقان: 53] ﴿وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَحْجُورًا﴾.
[سورة النمل: 61] ﴿أَمَّن جَعَلَ ٱلأَرْضَ قَرَاراً وَجَعَلَ خِلاَلَهَآ أَنْهَاراً وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ ٱلْبَحْرَيْنِ حَاجِزاً أَإِلَـٰهٌ مَّعَ ٱلله بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ﴾.
توجد مناطق كثيرة في العالم يختلط فيها الماء العذب مع ماء البحر من دون امتزاج. مثال على ذلك في أمريكا الجنوبية حيث يصب الماء العذب الذي يأتي من الكهوف القريبة من الشاطئ في المحيط من دون أن يختلط مع الماء المالح للبحر ولمسافات طويلة، أو عند اتصال بحرين أو نهرين بكثافات مختلفة . توجد هذه الظاهرة ايضاً في منطقة الازقة البحرية Fiordland في جنوب نيوزيلندا . علماً بأنَّ هذه الظاهرة غير موجودة في البحار المحيطة بشبه الجزيرة العربية موقع نزول القرآن على النبي(ص)، وكان عدد من القارات لم يزل غير مكتشف زمن نـزول القرآن, ومنها امريكا الجنوبية ونيوزيلندا. إنَّ هناك قوة الشد السطحيّ surface tension التي تختلف حسب كثافة الماء، وهذا الاختلاف يمنع امتزاج الماءين.
عملية الهضم ونفع الحليب والعسل وزيت الزيتون
عدلالآيات:
[سورة النحل: 66] ﴿وَإِنَّ لَكُمْ فِي الأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ﴾.
[سورة محمّد: 15] ﴿مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصْفّىً وَلَهُمْ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ﴾.
[سورة المؤمنون] ﴿وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْنَاءَ تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِلآكِلِينَ (20) وَإِنَّ لَكُمْ فِي الأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهَا ولَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (21)﴾.
[سورة التين: 1] ﴿وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ﴾.
لم تكن فيزيولوجيّة عملية الهضم معروفة في عصر نـزول القرآن وبعده بعدة قرون، وهذا هو سبب عجز المفسّرين عن تفسير هذه الآية. إنَّ من الحقائق المعروفة الآن هو أنَّه عند هضم الطعام يتم في الجهاز الهضمي امتصاص المواد الغذائية إلى الدم وتظل الفضلات (الفرث) في الأمعاء إلى حين التغوط , أما الحليب فيتكون في الأثداء من مكونات الدم. إذاً كما جاء في الآية [سورة النحل: 66] يتكوّن الحليب بين الأمعاء التي تحتوي على الفرث بعد امتصاص المواد المغذية إلى الدم، وبين الثدي الذي يصنع الحليب من مكوّنات الدم.
أما بالنسبة إلى فوائد الحليب والعسل وزيت الزيتون الغذائية والعلاجية التي وردت في الآيات أعلاه فذلك موضوع ليس هذا مجال التطرق إليه.
أحداث تاريخية
عدلالطوفان
عدلالآيات:
[سورة العنكبوت: 14] ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلاَّ خَمْسِينَ عَامًا فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ﴾.
[سورة القمر: 12] ﴿وَفَجَّرْنَا الأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ﴾.
[سورة هود: 40] ﴿حَتَّى إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلاَّ مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلاَّ قَلِيلٌ﴾.
قصة الطوفان وردت في الكتب السماوية الثلاث وفي الكتابات الهندوسية. تم العثور سنة 1849 في مدينة الوركاء السومرية جنوب العراق على الرقائم الطينية بالكتابة المسمارية لملحمة كلكامش Gilgamesh epic [139]التي تشير إلى الطوفان. الوركاء هي أوروك القديمة التي عاش فيها النبيّ نوح عليه السلام، وكانت أكبر مدينة في العالم في وقتها، وعدد نفوسها 50-80 ألف نسمة. أثبت علماء الآثار أنَّ مدينة أوروك قد أعيد بناؤها ثماني مرّات على الموقع ذاته، وعلى فترة 2100 عام (بين 5000 إلى 2900 ق.م) وكان يخترقها عدد من القنوات ووصفوها «بندقية الصحراء»؛ تقع على نهر الفرات القديم الذي هو شرق مجراه الحالي. أشارت هذه الرقائم إلى الملك السومري كلكامش الذي حكم حوالى سنة 2700 ق.م في رحلته لمقابلة بطل الطوفان نوحتراسيس (أوتنابشتم) Utnapishtim or NU-AHtrasis (نوح) بالإضافة إلى سرد قصة الطوفان. من المفيد ذكره هنا أنَّ الدراسات التاريخية لا تتطرق إلى ما هو أقدم من عام 2900 ق.م، ولكن العلماء توصلوا إلى أنَّ مدن سومر تم استيطانها بين 4000-4500 سنة قبل الميلاد، وقد كانوا أوّل حضارة في التاريخ حيث مارسوا الزراعة المكثفة على مدار السنة، وقد بدأوا الزراعة البدائية حوالي 6000 سنة ق.م , وأوّل محاولات الكتابة المسمارية حوالي 3200 سنة ق.م.
جاء ذكر «التنور» في الآية [سورة هود: 40] أعلاه ,التي اختلف في معناها المفسّرون إلى معانٍ متضاربة . علمياً من المحتمل جداً أنَّ ارتطاماً لمذنب أو نيزك هائل سقط في المحيط الهندي حوالى الأعوام 3000-2800 ق.م أدى إلى انفجار كارثي ، وأحدث حفرة قطرها 30 كم سمّيت حفرة بركل Burckle crater ومدّاً زلزاليّاً عنيفاً mega tsunami أو iminami [140]وفيضاناً عظيماً أغرق الأراضي المحيطة. من الجدير بالذكر أنَّ الحفر في المحيطات يمكن أن تكون بسبب انفجار إرتطامي نيزكي أو انفجار بركاني [141]. إنَّ «التنور» في الآية, قد يكون كناية عن الانفجار الهائل في المحيط الهندي الذي أدى إلى مد زلزالي عظيم على الأرجح في نفس الفترة التي عاشها النبي نوح (ع) حوالي نهاية الألف الثالث قبل الميلاد الذي امتد إلى بحر العرب والخليج العربـي والعراق وحتى وادي نهر الاندوس شمال الهند,وسبب الطوفان.
إنَّ رئيس الأساقفة الإيرلندي جيمس آشر في القرن السابع عشر مع علماء لاهوت آخرين قدروا أنَّ وقت حدوث الطوفان يتراوح بين أعوام 2348-2982 ق.م [142].
هناك اشارة في الديانة الهندوسية الى فيضان عظيم حيث انذر الإله فشنو Vishnuالملك مانو Manu بالطوفان وطلب منه بناء سفينة ينقذ بها عائلته والحكماء السبعة sages . من الممكن ان تكون هذه القصة انتقلت من أقوام وادي الرافدين الى أقوام وادي نهر الاندوس Indus التي كانت مرتبطة معها بعلاقات تجارية, أو ان الطوفان قد امتد أيضاً الى وادي نهر الاندوس الذي ينبع من هضبة التيبت وكشمير وافغانستان وباكستان ويصب ايضاً في بحر العرب. من المعروف أنَّ موجات المدّ الزلزالية قد تسري لآلاف الكيلومترات، ويصل ارتفاعها إلى عشرات الأمتار،فامتدت الى حوض نهر الاندوسIndus مثلما امتدت الى بلاد النهرين. كان الطوفان مصحوباً بمطر غزير، [سورة هود: 44] ﴿وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاءُ وَقُضِيَ الأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾.
انفلاق البحر لبني إسرائيل
عدلالآية:
[سورة الشعراء: 63] ﴿فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ﴾.
لقد نجح العلماء في الولايات المتحدة بالمركز الوطني لأبحاث الغلاف الجوي في مدينة بولدر بولاية كولورادو الأمريكية [143]، في التوصل إلى أنَّ مكان هذا الحدث جنوب البحر الأبيض المتوسط، ولكن ليس البحر الأحمر. كان هناك في ذلك الزمن فرع لنهر النيل يصب في بحيرة ساحلية ضحلة اسمها بحيرة تانيس (قرب مدينة Tanis) أو تمساح Timsah في منطقة الأهوار والبحيرات الضحلة المالحة المليئة بنبات البردي شمال خليج السويس للبحر الأحمر. في تراجم العهد القديم للإنجيل سمي البحر الذي انفلق بالبحر الأحمر Red Sea وهو خطأ شائع، فالأصح هو بحر البردي Reed Sea (Yam Suph في النسخ الأصلية العبرية). ومن المعلوم أنَّ البردي لا ينمو إلَّا في المياه الضحلة المالحة. أستخدم الباحثون برنامج كمبيوتر خاص لمحاكاة تأثير الرياح القوية على مياه بعمق ستة أقدام، فوجدوا أنَّ الرياح الشرقية عندما تهب بسرعة 63 ميل في الساعة ولمدة 12 ساعة ستؤدي إلى انحسار المياه في نقطة المصب باتجاهين متعاكسين إلى البحيرة وإلى النهر. إنَّ ذلك سيفتح «جسراً برّياً» بطول ميلين وبعرض ثلاثة أميال ولمدة أربع ساعات،وهو ما يكفي من الوقت لعبور بني إسرائيل. إ
نَّ هذه الدراسة تبين أنَّ هنالك تفسيراً فيزيائياً لفلق المياه في ذلك الزمان والمكان. من الجدير بالذكر أنَّ العلماء قد طرحوا عدة نظريات أخرى منها موجات المد الزلزالي tsunami ورياح الأعاصير hurricanes، ولكن هذه المحاكاة الكومبيوترية simulation بصورة خاصة تبدو منطبقة تماماً على الوصف الذي جاء في الكتب السماوية.
التحنيط
عدلالآيات:
[سورة يونس] ﴿وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ (90) آلآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ (91) فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ (92)﴾.
بادت الحضارة المصرية الفرعونية قبل الإسلام بثلاثة آلاف سنة، لكن الآية [سورة يونس: 92] قد تشير إلى تحنيط المصريين القدامى لجثث فراعنته التي تعرض اليوم كمومياءات في متاحف العالم .
عاش النبيّ موسى عليه السلام مدة 175 سنة، وكان أوّل حياته نبيلاً في بلاط الفرعون أخناتون الذي كان يؤمن بالإله الواحد، الشمس (آتون)، وقد حكم بين 1353-1336 ق.م، توفي سنة 1334 أو 1336 ق.م. أما الفرعون الذي اضطهد بني إسرائيل فهو رمسيس الثاني الذي حكم بين 1279-1213 ق.م.
حكم الفرعون ميرنبتاح بين 1203-1213 وهو الحاكم في زمن هجرتهم exodus والذي غرق جيشه؛ فقد كتب سنة 1208 ق.م في اللوح الذي وجده العلماء سنة 1896 وسموه مسلة ميرنبتاح Merneptah stele أنَّ جيشه هلك في منطقة الأهوار والبحيرات الضحلة لبحر البردي Reed Sea (باللغة العبرية Yam suph).
إذاً تاريخياً وعلمياً لم يثبت ما ذكرته التفاسير التقليدية من ان ميرنبتاح قد هلك غرقاً او اثناء معركة , بل مات موتاً طبيعياً بسبب امراض متعددة ,فهو استلم الحكم وعمره حوالي 60 سنة وحكم 10 سنوات فقط, وجثته المومياء موجودة في المتحف المصري في القاهرة.
نخلص من هذا ,انه قد يكون تفسير الآية (فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية.....) ان سبحانه أهلك جيشه ولكن نجاه بشخصه مخذولاً في مسعاه ليعيش عار هزيمته وغرق جيشه وليكون عبرة لغيره.
كما جاء في الآية ,فإنَّ بدن الفرعون ميرنبتاح وفراعنة آخرين غيره معروضة الآن محنّطة كمومياءات في متاحف العالم ليراها الناس، وتعتبر بها أجيال جاءت بعدهم بآلاف السنين ,والله الأعلم.
فناء الكون ويوم القيامة
عدلالآية:
[سورة الأعراف: 187] ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لاَ يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلاَّ هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لاَ تَأْتِيكُمْ إِلاَّ بَغْتَةً يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ﴾
لم يتوصل العلم لحد الآن، ولن يتوصل باعتراف العلماء إلى معرفة «متى» ينتهي الكون، وذلك لأنَّ علم ذلك عند الله، ولكن هناك نظريات حول «كيف سينتهي؟» وهي لا تختلف جوهرياً عما جاء في القرآن والكتب السماوية الأخرى. لقد جاء في القرآن ايضاً ذكر علامات نهاية الكون وقيام الساعة، وهو ما سيتم التطرق إليه في فصل لاحق.
الآية:
[سورة النحل: 77] ﴿وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا أَمْرُ السَّاعَةِ إِلاَّ كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾.
لا ننسى أنَّ فناء الكون يوم القيامة هو أفق حدث event horizon لا تسري عليه أيّ من قوانين الكون ومنها الزمن. إن «لمح البصر» في هذه الآية هو «اللازمن أو الآنية» . إن لمح البصر هو اقصر زمن يحسه الانسان قبل اختراع الساعة والاساليب الالكترونية لقياس الزمن, فالوقت الذي تستغرقه طرفة العين قصير جداً الى درجة بحيث انها لا تحجب النظر. قد تم أيضاً التطرق إليه في الآية [سورة النمل: 40] ﴿قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ...﴾.
أو قد تنطبق هذه الآية على نظرية أخرى وهي نظرية الكون الدوري cyclic universe theory (أدوار الكون المتعاقبة) حيث يصف العلماء عمر كوننا الحالي بعين الوصف في الآية وهو « لمح البصر eye’s blink » مقارنةً بالزمن الذي تستغرقه هذه الأدوار (حيث لا نهاية للزمن حسب هذه النظرية).
الآيات:
[سورة الواقعة] ﴿وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا (5) فَكَانَتْ هَبَاءَ مُنْبَثًّا (6)﴾.
[سورة الطور: 10] ﴿وَتَسِيرُ الْجِبَالُ سَيْرًا﴾.
[سورة النمل: 88] ﴿وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ﴾.
[سورة المعارج: 9] ﴿وَتَكُونُ الْجِبِالُ كَالْعِهْنِ﴾.
[سورة القارعة: 5] ﴿وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ﴾.
[سورة طه: 105] ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا﴾.
[سورة الدخان: 10] ﴿فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ﴾.
[سورة الفرقان: 25] ﴿وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ وَنُزِّلَ الْمَلاَئِكَةُ تَنْزِيلاً﴾.
[سورة فصلت: 11] ﴿ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ﴾.
من الجدير بالذكر أنَّ مراحل فناء الكون في السحق الأعظم هي معكوس المراحل التي مرّ بها الكون عند ولادته في الانفجار الأعظم؛ فأوّل مرحلة في التكوين وآخر مرحلة في الفناء هي مرحلة الجسيمات الأوّلية elementary particles [144] [145] (وهي جسيمات لا يربط بينها أيّ رابط مثل الكواركات quarks واللبتونات leptons والبوزونات bosons) والغريّبات strangelets [146]. إنَّ الغريّبات هي جسيمات افتراضية تتولد في أقصى حدود الطاقة وهناك رأي بأنَّها هي المادة المظلمة [147].
من المعروف أنَّ الشمس قد تكونت من سحابة هيدروجينية هبائية interstellar cloud وتسمى ايضاً inter stellar nebula . أما الأرض وباقي الكواكب السيارة فتكونت من سحابة غبارية من بقايا مكونات الشمس (السديم الشمسي solar nebula). إنَّ الدخان والغمام والسحاب والهباء المنبث والعهن المنفوش والشيء المبسوس أو المنسوف أو السائر والرمل السائل المتناثر والرماد والغبار التي أوردها المفسرون هي كلها حالات من شيء خفيف جداً ومتناثر، وقد تدل مجازياً على مرحلة الجسيمات البدائية elementary particles والغريّبات strangelets وهي المرحلة البدائية والنهائية للكون.
المهل
عدلالآية:
[سورة المعارج: 8] ﴿يَوْمَ تَكُونُ السَّمَاءُ كَالْمُهْلِ﴾.
إنَّ إحدى مراحل فناء الكون، والتي هي نفسها إحدى مراحل ولادته هي مرحلة الحساء الحار hot soup، وهو سائل حار من الإلكترونات والبروتونات والفوتونات, فإشارة الآية واضحة في وصف الفناء الذي يسبق يوم القيامة. هنالك سيناريو آخر ينطبق ايضاً وهو تكوّن الغريّبات التي أشرنا إليها سابقاً ذات القابلية على تحويل النوى لجميع الذرات لأيّ كتلة من مادة الكون إلى ما يسمى بالمادة الغريبة strange matter، وهي سائل من الكواركات quarks ككتلة سائلة ساخنة.
وردة الدهان
عدلالآية:
[سورة الرحمن: 37] ﴿فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ﴾.
ستفنى شمسنا بانفجار يسمى مرحلة العملاق الأحمر red giant phase [148] [149]} تليها مرحلة السديم الكوكبـي planetary nebula على شكل وردة حمراء جميلة سمّوها Cat’s eye nebula كما وصفتها الآية أعلاه وذلك قبل مرحلة التكوير أو ما يسمّى القزم الأبيض white dwarf [150]. من الجدير بالذكر أن ليس كل الشموس تمر بهذه المراحل عند فنائها، وإنما فقط شمسنا والشموس التي تقارب حجمها . أما الشموس الأكبر فإنها تنتهي بمرحلة النجم المستعر الأعظم supernova ونواته المكثفة تسمى« النجم النيوتروني أو النابض pulsar » الذي جاء ذكره في القرآن باسم النجم الطارق الثاقب وسيتم التطرق له لاحقاً.
التكوير
عدلالآية:
[سورة التكوير: 1] ﴿إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ﴾.
تنفجر شمسنا عند فنائها وتحترق بدرجة 400 إلف درجة مئوية في مرحلة العملاق الأحمر red giant phase ثم مرحلة السديم الكوكبـي planetary nebula (كما اسلفنا) وتنكمش بعدها فتتحول إلى ما يسمى القزم الأبيض white dwarf [151].
يوم القيامة
عدلالآيات:
[سورة المعارج: 4] ﴿تَعْرُجُ الْمَلاَئِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ﴾.
[سورة إبراهيم: 48] ﴿يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْض وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ﴾
[سورة آل عمران: 133] ﴿وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ﴾.
إنَّ نظرية النسبية العامة تقول بأنَّ أفق الحدث event horizon هو حدود الحيّزمن spacetime الذي لا زمن بعده بالمعنى المعروف في كوننا، ويقع في محيط الثقوب السوداء ومنها الثقب الاسود الموحّد عند فناء الكون , فلا يمكن للعلماء من كوننا هذا أن يتوصلوا إلى أيّ زمن أو حدث بعده.
جاء في الآية [سورة المعارج: 4 ] أنَّ يوم القيامة هو خمسون ألف سنة، ولكن في آية أخرى أنَّ اليوم الإلهي هو ألف سنة من سنين الأرض، [سورة الحج: 47] ﴿وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ﴾ .
بما أنَّ يوم القيامة هو بعد فناء الكون فإذن لا يوجد قياس يستدل به عليه من القياسات المعروفة في كوننا هذا، ومن هنا جاء الاختلاف في طول اليوم بين الآيتين، إذ إنَّ لله تعالى قياساته التي هي خارج حدود علمنا، [سورة إبراهيم: 48] ﴿يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ﴾. قَالَ الْحَسَن الْبَصْرِيّ فِي قَوْله تعالى، [سورة هود:107 و 108]﴿...مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ...﴾ سَمَاء غَيْر هَذِهِ السَّمَاء وَأَرْض غَيْر هَذِهِ تعني ﴿...فَمَا دَامَتْ تِلْكَ السَّمَاء وَتِلْكَ الأَرْض...﴾. أما القرطبـي فقال إنَّ المعنى: «ما دامت سماوات الجنة والنار وأرضهما» والسماء كل ما علاك فأظلك، والأرض ما استقر عليه قدمك.
هنا تطرح أسئلة ; بما ان يوم القيامة والحياة الآخرة لها حيّز [سورة آل عمران: 133 ] وزمن [ سورة المعارج :4] أي (حيزمن) مختلف عن حيزمن كوننا ,فهل انها ستكون في دور آخر لكوننا بعد فناءه ؟ أم في كون آخر ؟ إن صحت نظريات تعدد الاكوان والكون الدوري التي اسلفنا التطرق اليها, أم انها حال لا يحيط بعلمها إلا سبحانه ولن يتوصل العلم الى كنهها؟
الآيتان:
[سورة الواقعة] ﴿عَلَى أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثَالَكُمْ وَنُنْشِأَكُمْ فِي مَا لاَ تَعْلَمُونَ (61) وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الأُولَى فَلَوْلاَ تَذَكَّرُونَ (62)﴾.
[سورة الأنبياء: 104] ﴿يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ﴾
هاتان الآيتان تشيران الى ما اقره العلماء بإستحالة التوصل إلى معلومات عن حالة ما بعد السحق الأعظم وفناء الكون لانها (أفق حدث) كما اسلفنا. ولكن الاحتمالات هي إعادة النشأة الاولى إما بانفجار أعظم آخر وخلق كون جديد حسب نظرية تعدد الأكوان multiversوإما دور آخر لكوننا حسب نظرية الكون الدوري cyclic universe وذلك ما اشارت اليه الآيات أعلاه.
علامات قيام الساعة
عدلإنَّ أكثر ما جاء حول علامات قيام الساعة هو في الأحاديث النبوية؛ولكن يقتصر هنا على ما جاء منها في القرآن الكريم. لا بدّ من القول هنا إنَّ هذه العلامات وأوقات حدوثها يجب أن تؤخذ في سياق عمر الكون، وهو 13.7 مليار عام، فهي أوّلاً ليست علامات وشيكة لقيام الساعة، ثانياً لا يمكن التكهن حول أنَّها حدثت أو أنَّها لا تزال في طي المستقبل والله أعلم.
1-البحر المسجور
عدلالآيتان:
[سورة الطور: 6] ﴿وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ﴾.
[سورة التكوير: 6] ﴿وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ﴾.
توجد في قعر المحيطات ملايين الأطنان من غاز الميثان المتجمد وهو غاز سريع الاشتعال. إنَّ جزءاً من هذا قد بدأ الآن فعلاً بالتحول إلى حالته الغازية بسبب الاحترار االكروي مؤدياً إلى حرائق في البحار القطبية وفي سيبريا .
2-انشقاق القمر
عدلالآية: [سورة القمر: 1] ﴿اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ﴾.
في سنة 2008 كشفت مؤسسة الفضاء الأمريكية ناسا NASA عن فيلم فيديو يظهر فيه وجود صدع على سطح القمر بطول عدة أميال، وأن المواد الموجودة على طول خط الصدع تختلف عن مواد سطح القمر ولكنها مشابهة لمواد ما تحت السطح، ولا يمكن تفسير هذا إلَّا كنتيجة انشقاق القمر. طبعاً إنَّ هذا لم يكن انفصالاً كاملاً لنصفي القمر كما جاء في التفاسير [152] [153]، وإلّا لأدّى إلى عواقب كارثيّة وتغييراً لمدار القمر. يعتقد أنَّ هذا الصدع بسبب هزة قمرية أدت إلى حركة الخطوط الصدعية للقمر vault lines أو بسبب فعالية بركانية [154].
3- نقص الأرض
عدلالآيتان:
[سورة الرعد: 41] ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا وَاللَّهُ يَحْكُمُ لاَ مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ﴾.
[سورة الأنبياء: 44] ﴿بَلْ مَتَّعْنَا هَؤُلاَءِ وَآبَاءَهُمْ حَتَّى طَالَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ أَفَلاَ يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي الأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا أَفَهُمُ الْغَالِبُونَ﴾.
إنَّ مستوى سطح البحار في ارتفاع مستمر مما سيقتطع من شواطئ القارات والجزر وسيؤدي إلى اختفاء الجزر الصغيرة، بسبب الاحترار الكروي. إنَّ الرأي السائد هو أنَّ ظاهرة الاحترار قد تؤدي حتى إلى استحالة الحياة.
4- يأجوج ومأجوج
عدلالآية:
[سورة الأنبياء: 96] ﴿حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ﴾.
ليس هناك اتفاق بين الباحثين على هوية هذه الأقوام ولو أنَّهم مذكورون في الكتب السماوية الإبراهيمية الثلاثة والديانات غير الإبراهيمية كالبوذية والهندوسية. عدا ما ذكر في الكتب الدينية هناك معلومات ذكرها رجال دين من الأديان كافة ومؤرخون قدامى على مدى التاريخ ولو أنَّها متناقضة في بعض الأحيان. إذا تجاوزنا التفاصيل الدقيقة يمكننا التوصل إلى الفكرة العامة لهوية يأجوج Gog ومأجوج Magog. أشار المفسر الطبري [155](838-923م) إلى أنَّهم أقوام على علاقة بماشك Meshech وتوبال Tubal وتاريس Taris أولاد يافث Japheth ابن النبيّ نوح عليه السلام. لقد ارتبط اسم مأجوج على مدى التاريخ بأحداث كارثيّة وخصوصاً ما ذكر في الإنجيل (حزقيال 38-39) أنَّ «جوج أرض مأجوج رئيس روش (أي قوم) ماشك وتوبال». بناءً على هذا الوصف ارتبط هذا الثنائي «يأجوج ومأجوج» في أكثر المصادر. كما جاءت هذه التسمية الثنائية أيضاً في العهد الجديد للإنجيل (New Testament 20:8) للكناية عن أعداء الله.
بالرجوع إلى قائمة القبائل في الإنجيل (حزقيال 38) يتبين أنَّهم كانوا يقطنون المنطقة الواقعة حول البحر الأسود ومناطق آسيا الصغرى. جاء في الإنجيل، سفر التكوين (Genesis 10.2) أنَّ مأجوج هو أحد سبعة أبناء ليافث بن نوح [156]. أما يوسفوس Josephus (37-100م) وهو مؤرخ وباحث يهودي فقد أشار الى أنَّ يهود زمانه يعتقدون أنَّ يأجوج ومأجوج كانوا في زمن الإسكندر المقدوني (ذو القرنين) الذي حجز هؤلاء البرابرة الذين يقطنون أقصى الشمال خلف أبواب من حديد، وراء جبال القفقاس [157] [158]، مما ينطبق تماماً على الآية [سورة الكهف: 94] ﴿قَالُوا يا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا﴾.
إنَّ يوسفوس ويشاركه في الرأي باحثون آخرون مثل القديس جيروم (347-420م) وأسيدور (560-636م) أسقف أشبيلية أرجعوا نسب القوميات الأوروبيّة إلى أولاد يافث وهم مأجوج وغومر Gomer وماشك وتوبال وتيراس. أما بالنسبة إلى الأقوام الهند - آرية وهم الفرس والترك وأقوام شبه القارة الهندية بالإضافة إلى أقوام آسيا الصغرى ومنهم المغول، فهم يرجعون في نسبهم إلى مداي Madai أخوهم الآخر. أما الأخ السابع يافال Javal فمنه اليونانيون.
أما أسقف مدينة أبسالا في السويد يوهان ماغنس Magnus1488-1544 فقال بأنَّ يأجوج هو جد قبائل القوط Goth الجرمانية (الألمانية) وهو أحد ابنين لمأجوج [159].
تأريخياً، إنَّ يأجوج ومأجوج كما تم التطرق إليهم سابقاً هم رمز الدمار، إلى درجة أنَّ بعض الباحثين مثلوهم بالمغول تحت قيادة جنكيز خان [160]أو بالإرهابيين على مدى التاريخ أو بنابليون أو هتلر أو الاتحاد السوفياتي أثناء الحرب الباردة. إنَّ هؤلاء بالنسبة إلى معتنقي الأديان الإبراهيمية وغير الإبراهيمية ممكن أن يمثلوا المقصود بمعركة هرمجدون، أي معركة نهاية العالم (End times Armageddon).
من الطريف أنَّ يأجوج ومأجوج هما العملاقان حماة لندن حسبما جرت عليه العادة، وتعرض صورهم في الاستعراض السنوي برعاية (اللورد العمدة لمدينة لندن) وهو منصب تجاري تراثي يختلف عن منصب (عمدة لندن) ,منذ أيّام الملك هنري الثامن قبل عدة قرون [161].
5-الدابة الحاكية
عدلالآية:
[سورة النمل: 82] ﴿وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَآبَّةً مِنَ الأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لاَ يُوقِنُونَ﴾.
قد يتوصل العلماء مستقبلاً إلى إنتاج دابة ناطقة باستخدام الهندسة الوراثية لنقل جين النطق أو غيره من جينات الإنسان ( gene transfer) الى أحد الحيوانات فيما يسمى بالبحوث المؤنسنة humanising research.
المراجع
عدل- ^ http://www.philostv.com/craig-callender-and-jonathan-schaffer
- ^ Karin Gutman, Secret Societies, the Hidden Masters of the World (Kandour Ltd, 2007), pp 40–41
- ^ R. Dawkins, The Selfish Gene. Oxford, UK: Oxford University Press, 1976) ISBN 0-19-286092.
- ^ Hawking, Stephen, The Universe in a Nutshell (Bantam Press, 2001).
- ^ Hawking, Stephen, The Universe in a Nutshell (Bantam Press, 2001).
- ^ Fortey, Richard, Survivors “Great Dying”, BBC, on 24 Jan. 2012
- ^ “Albert Einstein: Religion and Science,” New York Times Magazine,November 9, 1930, pp 1–4. It has been reprinted in (Ideas and Opinions, Crown Publishers, Inc. 1954, pp 36–40). It also appears in Einstein’s book, The World as I See It, (New York: Philosophical Library, 1949), pp. 24–28
- ^ Hawking, Stephen, The Universe in a Nutshell (Bantam Press, 2001).
- ^ Hawking, Stephen, The Universe in a Nutshell (Bantam Press, 2001).
- ^ http://www.aljazeera.net/news/scienceandtechnology/2016/6/29
- ^ Desmond, Adrian; Moore, James (1991). Darwin. London: Michael Joseph, Penguin Group. ISBN 0-7181-3430-3
- ^ Reeve, C. D. C. Substantial Knowledge: Aristotle’s Metaphysics (Indianapolis: Hackett, 2000).
- ^ Caygill, Howard. A Kant Dictionary. (Wiley-Blackwell,1995) http://en.wikipedia.org/wiki/International_Standard_Book_Number http://books.google.com/ ?id=8S4yK8Pn6gYC, ISBN0-631-17535-0.
- ^ Mansoor, Menahem, The Book of Direction to the Duties of the Heart (Oxford: The Littman Library of Jewish Civilization, 2004).
- ^ Ibn Pakuda, Bachya; Yaakov Feldman, Duties of the Heart (Northvale, NJ: Jason Aronson, 1996), pp 20–21.
- ^ Barrow, John D.; Gregory Laughlin, The Anthropic Cosmological Principle (Oxford University Press, 1986), ISBN 0-19-282147-4
- ^ Mosterín, Jesús. “Anthropic Explanations in Cosmology,” in P. Háyek, L. Valdés, and D. Westerstahl (ed.), Logic, Methodology and Philosophy of Science, Proceedings of the 12th International Congress of the LMPS (London: King’s College Publications, 2005) pp. 441–473, ISBN 1-904987-21-4.
- ^ Disturbing the Universe (New York: Harper & Row, 1979), 250.
- ^ What is the evidence for the Big Bang? http://www.astro.ucla.edu/~wright/cosmology_faq.html#BBevidence, UCLA Division of Astronomy and Astrophysics.
- ^ Hinshaw, Gary, “Tests of the Big Bang: The CMB” (NASA WMAP, December 15, 2005).
- ^ SLAC seminar, “10-35 seconds after the Big Bang,” 23rd January, 1980, see Guth (1997), pg 186
- ^ A. H. Guth, “The Inflationary Universe: A Possible Solution to the Horizon and Flatness Problems,” Phys. Rev. D 23, 347(1981).
- ^ Fortey, Richard, Survivors “Great Dying”, BBC, on 24 Jan. 2012.
- ^ Clavin, Whitney; Buis, Alan, “Astronomers Find Largest, Most Distant Reservoir of Water.” (NASA, 22 July 2011), http://www.nasa.gov/topics/universe/features/universe20110722.html. Retrieved 2011-07-25.
- ^ Staff (22 July 2011).Space.com. <http://www.space.com/12400-universe-biggest-oldest-cloud-water.html. Retrieved 2011-07-23>.
- ^ Weiss, Achim. "Elements of the past: Big Bang Nucleosynthesis and observation". Max Planck Institute for Gravitational Physics. Retrieved 2008-06-23.; Coc, A. et al. (2004). "Updated Big Bang Nucleosynthesis confronted to WMAP observations and to the Abundance of Light Elements". Astrophysical Journal 600 (2): 544. arXiv:astro-ph/0309480. Bibcode 2004ApJ...600..544C.doi:10.1086/380121.
- ^ Charlie Rose: A conversation with Dr. Stephen Hawking & Lucy Hawking (1974)
- ^ http://www.universeadventure.org/eras/era1-plankepoch.htm : The Universe Adventure
- ^ http://www.etymonline.com/index.php?term=nebula ,Nebula, Online Etymology Dictionary
- ^ Burke, John G. (1991). Cosmic Debris: Meteorites in History. University of California Press. pp. 221–223. ISBN 978-0-520-07396-8
- ^ Melia, Fulvio, The Edge of Infinity. Supermassive Black Holes in the Universe (Cambridge U Press, 2003), ISBN 978-0-521-81405-8.
- ^ Melia, Fulvio, The Galactic Supermassive Black Hole (Princeton U Press, 2007), ISBN 978-0-691-13129-0.
- ^ Gott, J. Richard, III et al., “A Map of the Universe,” The Astrophysical Journal 624(2):463–484, arXiv:astro-ph/0310571, Bibcode2005ApJ…624..463G, doi:10.1086/428890.
- ^ Chang, Kenneth, “Gauging Age of Universe Becomes More Precise” New York Times, 2008/03/09
- ^ Lineweaver, Charles and Davis, Tamara M., “Misconceptions about the Big Bang.” Scientific American, 2005
- ^ Liddle, Andrew R. and Lyth, David H., Cosmological Inflation and Large-Scale Structure (Cambridge University Press, 2000).
- ^ Ellis, George F. R.; U. Kirchner, W. R. Stoeger, “Multiverses and physical cosmology,” Monthly Notices of the Royal Astronomical Society (2004).
- ^ Munitz M. K., “One Universe or Many?” Journal of the History of Ideas 12: 231–255.
- ^ Vilenkin, Alex, Many Worlds in One: The Search for Other Universes (Hill and Wang, 2006), ISBN 978-0-8090-9523-0.
- ^ Beyond 2012: Why the World Won't End(NASA 11.13.12)
- ^ A Sedna-like body with a perihelion of 80 astronomical units : (2014) http://www.nature.com/nature/journal/v507/n7493/full/nature13156.html
- ^ Tafsir al-Tabari: Jami’ al-bayan fi t’awil al-Qur’an, New edition published in 12 volumes (Beirut: Dar al-Kutub al-’Ilmiyah, 1997).
- ^ Barrow, John D.; Gregory Laughlin, The Anthropic Cosmological Principle (Oxford University Press, 1986), ISBN 0-19-282147-4
- ^ Mosterín, Jesús. “Anthropic Explanations in Cosmology,” in P. Háyek, L. Valdés, and D. Westerstahl (ed.), Logic, Methodology and Philosophy of Science, Proceedings of the 12th International Congress of the LMPS (London: King’s College Publications, 2005) pp. 441–473, ISBN 1-904987-21-4.
- ^ - Canup, R. M. and Asphaug, E. “An impact origin of the Earth-Moon system,”Abstract #U51A-02, (Fall Meeting 2001), AmericanGeophysicalUnion.http://adsabs.harvard.edu/abs/2001AGUFM.U51A..02C, Retrieved 2007-03-10.
- ^ Agle, DC; Bauer, Markus (10 December 2014). "Rosetta Instrument Reignites Debate on Earth's Oceans". NASA.
- ^ Cowen, Ron, “Ice confirmed on an asteroid,” Science News, (8 October 2009), archived from the original on 12 October 2009, http://www.sciencenews.org/view/generic/id/48174/title/Ice_confirmed_on_an_asteroid, retrieved 9 October 2009.
- ^ Read, Herbert Harold and Watson, Janet, Introduction to Geology (New York: Halsted, 1975), pp. 13–15, ISBN978-0-470-71165-1. OCLC317775677.
- ^ Jordan, T. H. “Structural Geology of the Earth’s Interior,” Proceedings National Academy of Science 76 (9): 4192–4200, PMID 16592703
- ^ - Tanimoto, Toshiro and Ahrens, Thomas J., ed (PDF), Crustal Structure of the Earth (Washington, DC: American Geophysical Union, 1995), ISBN 0-87590-851-9.
- ^ Mystery of wobbly Earth solved, http://www.abc.net.au/science/news/enviro/EnviroRepublish_153343.htm July 19, 2000
- ^ Chapront, J.; Chapront-Touzé, M.; Francou, G. (2002). "A new determination of lunar orbital parameters, precession constant and tidal acceleration from LLR measurements". Astronomy and Astrophysics 387 (2): 700–709.
- ^ Decompressional Melting During Extension of Continental Lithosphere, Jolante van Wijk, MantlePlumes.org.
- ^ NASA Press Release, “NASA’s Kepler Confirms Its First Planet In Habitable Zone,” 12/5/2011, http://www.nasa.gov/centers/ames/news/releases/2011/11-99AR.html.
- ^ “MEarth: looking for transiting, habitable super-Earths around small stars,” http://www.cfa.harvard.edu/~zberta/mearth/, Retrieved 2009-12-16.
- ^ -http://www.dailymail.co.uk/sciencetech/article-2218926/Earth-size-planet-Lightest-exoplanet-orbits-Sun-like-star-Alpha-Centauri-B.html#ixzz29Y7OO21X
- ^ Clavin, Whitney; Chou, Felicia; Johnson, Michele (6 January 2015). "NASA's Kepler Marks 1,000th Exoplanet Discovery, Uncovers More Small Worlds in Habitable Zones". NASA. Retrieved 6 January 2015
- ^ Orphan stars could be window into visible universe's 'hidden half' http://www.csmonitor.com/Science/2014/1106/Orphan-stars-could-be-window-into-visible-universe-s-hidden-half
- ^ A. H. Guth, “The Inflationary Universe: A Possible Solution to the Horizon and Flatness Problems,” Phys. Rev. D 23, 347(1981).
- ^ Clavin, Whitney; Buis, Alan, “Astronomers Find Largest, Most Distant Reservoir of Water.” (NASA, 22 July 2011), http://www.nasa.gov/topics/universe/features/universe20110722.html. Retrieved 2011-07-25
- ^ WMAP - Fate of the Universe, WMAP’s Universe, NASA.
- ^ P. J. E. Peebles and Bharat Ratra, “The cosmological constant and dark energy,” (subscription required) Reviews of Modern Physics 75: 559–606.
- ^ Robert R Caldwell, “Dark energy,” Physics World, (May 2004).
- ^ Eric Jullo, Priyamvada Natarajan, Jean-Paul Kneib, Anson D’Aloisio, Marceau Limousin, Johan Richard, and Carlo Schimd, “Cosmological Constraints from Strong Gravitational Lensing in Clusters of Galaxies,” Science, 2010; 329(5994):924–927 DOI: 10.1126/science.1185759.
- ^ Islam, Jamal N., The Ultimate Fate of the Universe (Cambridge, 1983), ISBN 0-521-24814-0.
- ^ Roger Penrose “Chandrasekhar, Black Holes, and Singularities” J. Astrophys. Astr. (1996) 17, 213–231
- ^ Jennifer Bergman, The Big Crunch, Windows to the Universe (2003).
- ^ Yu N Parijskij, “The High Redshift Radio Universe” in Norma Sanchez, Current Topics in Astrofundamental Physics, Springer, p. 223. ISBN 0-7923-6856-8.
- ^ Alan B. Whiting,2004. “The Expansion of Space: Free Particle Motion and the Cosmological Redshift.” arXiv:astro-ph/0404095
- ^ Baade, W. and Zwicky, F., “On Super-novae,” Proceedings of the National Academy of Science 20(5): 254–259, Bibcode1934PNAS…20..254B, doi:10.1073/pnas.20.5.254, PMC1076395, PMID16587881
- ^ Mark J. Hadley (2007) "Classical Dark Matter
- ^ “Discovery of dark matter ,” http://www.dailymail.co.uk/sciencetech/article-1250306/Traces-dark-matter-discovered-2-000-ft-ground.html#ixzz0fi9CIHnf
- ^ http://www.km3net.org/home.php
- ^ Einstein, A, “Kosmologische Betrachtungen zur allgemeinen Relativitätstheorie.” Preussische Akademie der Wissenschaften, Sitzungsberichte, 1917 (part 1): 142–152.
- ^ Einstein A., and de Sitter W. “On the relation between the expansion and the mean density of the universe,” Proceedings of the National Academy of Sciences 18: 213–214.
- ^ Albert Einstein (1905) “Zur Elektrodynamik bewegter Körper,” Annalen der Physik 17: 891; English translation On the Electrodynamics of Moving Bodies by George Barker Jeffery and Wilfrid Perrett (1923); Another English translation On the Electrodynamics of Moving Bodies by Megh Nad Saha (1920).
- ^ Einstein, Albert, Relativity: The Special and the General Theory (Reprint of 1920 translation by Robert W. Lawson, ed., Routledge: 2008), p. 48. ISBN 0-415-25384-5.
- ^ - Dicke, R. H. and Peebles, P. J. E. “The big bang cosmology—enigmas and nostrums,” Hawking, S. W. (ed) and Israel, W. (ed), General Relativity: an Einstein centenary survey (Cambridge University Press), 504–517.
- ^ Natário, J. (2006). Relativity and Singularities—A Short Introduction for Mathematicians
- ^ Hawking, Stephen W, “Quantum Cosmology,” in Hawking, Stephen W. and Israel, Werner, 300 Years of Gravitation (Cambridge University Press, 1987), pp. 631–651, ISBN0-521-37976-8.
- ^ Hawking, Stephen W, “Quantum Cosmology,” in Hawking, Stephen W. and Israel, Werner, 300 Years of Gravitation (Cambridge University Press, 1987), pp. 631–651, ISBN0-521-37976-8.
- ^ Cho, Adrian, “Can Gravity and Quantum Particles Be Reconciled After All?”, Science 325: 673, doi:10.1126/science.325_673.
- ^ Kiefer, Claus, Quantum Gravity, (Oxford University Press, 2007) pp. 376, ISBN019921252X
- ^ Hawking, Stephen, The Universe in a Nutshell (Bantam Press, 2001).
- ^ Georges C. Anawati, BĪRŪNĪ, ABŪ RAYḤĀN v. Pharmacology and Mineralogy, in Encyclopaedia Iranica
- ^ Islam, Jamal N., The Ultimate Fate of the Universe (Cambridge, 1983), ISBN 0-521-24814-0
- ^ Roger Penrose “Chandrasekhar, Black Holes, and Singularities” J. Astrophys. Astr. (1996) 17, 213–231
- ^ Jennifer Bergman, The Big Crunch, Windows to the Universe (2003).
- ^ Ellis, George F. R.; U. Kirchner, W. R. Stoeger, “Multiverses and physical cosmology,” Monthly Notices of the Royal Astronomical Society (2004).
- ^ Munitz M. K., “One Universe or Many?” Journal of the History of Ideas 12: 231–255.
- ^ Vilenkin, Alex, Many Worlds in One: The Search for Other Universes (Hill and Wang, 2006), ISBN 978-0-8090-9523-0.
- ^ P. H. Frampton (2006). “On Cyclic Universes.” arXiv:astro-ph/0612243v1Cornell University Library
- ^ WMAP - Fate of the Universe, WMAP’s Universe, NASA.
- ^ Islam, Jamal N., The Ultimate Fate of the Universe (Cambridge, 1983), ISBN 0-521-24814-0.
- ^ Roger Penrose “Chandrasekhar, Black Holes, and Singularities” J. Astrophys. Astr. (1996) 17, 213–231
- ^ Jennifer Bergman, The Big Crunch, Windows to the Universe (2003).
- ^ Hewish, Antony; S. J. Bell, J. D. H. Pilkington, P. F. Scott, and R. A. Collins, “Observation of a Rapidly Pulsating Radio Source,” Nature 217: 709–713
- ^ Hawking, S. W., “Black hole explosions?”, Nature 248: 30–31.
- ^ Nemiroff, Robert J., “Visual distortions near a neutron star and black hole,” American Journal of Physics 61: 619.
- ^ Johnson, Jennifer, “Extreme Stars: White Dwarfs & Neutron Stars,” (lecture notes, Astronomy 162, Ohio State University).
- ^ “Radar definition in multiple dictionaries,” Answers.com. <http://www.answers.com/topic/radar. Retrieved 2008-10-09>.
- ^ William James Larsen, Lawrence S. Herman, S. Steven Potter, William James Scott, Human embryology (3rd ed.). (Elsevier Health Sciences, 2001), p. 20 http://books.google.com/books?id=H5qw-jiMc44C&pg=PA20.
- ^ Heng H. H. “The genome-centric concept: resynthesis of evolutionary theory,” Bioessays 2009 May 31(5):512–25.PMID: 19334004.
- ^ Darwin, Charles (1859), http://darwinonline.org.uk/content/frameset?itemID=F373&viewtype=text&pageseq=1, On the Origin of Species by Means of Natural Selection, or the Preservation of Favored Races in the Struggle for Life .
- ^ 84- Darwin, Charles, On the Origin of Species by Means of Natural Selection, or the Preservation of Favored Races in the Struggle for Life (5th ed.), (London: John Murray, 1869).
- ^ Darwin, Charles, The Descent of Man, and Selection in Relation to Sex (1st ed.), (London: John Murray, 1871), http://darwinonline.org.uk/EditorialIntroductions/Freeman_The Descent of Man.html
- ^ Gould, Stephan J., “The Evolution of Life on Earth,” Scientific American (October 1994).
- ^ Bormann, F. H. and Likens, G. E. (1967) “Nutrient cycling.” Science 155 (3761): 424–429, doi:10.1126/science.155.3761.424.
- ^ Lavelle, P.; Dugdale, R.; Scholes, R.; Berhe, A. A.; Carpenter, E.; Codispoti, L. “12. Nutrient cycling.” Millennium Ecosystem Assessment: Objectives, Focus, and Approach (Island Press, 2005), ISBN1-55963-228-3.
- ^ William James Larsen, Lawrence S. Herman, S. Steven Potter, William James Scott, Human embryology (3rd ed.). (Elsevier Health Sciences, 2001), p. 20 http://books.google.com/books?id=H5qw-jiMc44C&pg=PA20.
- ^ Satoh M. “Histogenesis and organogenesis of the gonad in human embryos,” J Anat 177: 85–107. PMID 1769902
- ^ Hall B. K., Miyake T., “All for one and one for all: condensations and the initiation of skeletal development..” BioEssays 22(2): 138–47, PMID 10655033.
- ^ Darwin, Charles (1859), http://darwinonline.org.uk/content/frameset?itemID=F373&viewtype=text&pageseq=1, On the Origin of Species by Means of Natural Selection, or the Preservation of Favored Races in the Struggle for Life
- ^ Darwin, Charles, The Descent of Man, and Selection in Relation to Sex (1st ed.), (London: John Murray, 1871), http://darwinonline.org.uk/EditorialIntroductions/Freeman_The Descent of Man.html.
- ^ http://www.aljazeera.net/news/scienceandtechnology/2016/6/29
- ^ “Albert Einstein: Religion and Science,” New York Times Magazine,November 9, 1930, pp 1–4. It has been reprinted in (Ideas and Opinions, Crown Publishers, Inc. 1954, pp 36–40). It also appears in Einstein’s book, The World as I See It, (New York: Philosophical Library, 1949), pp. 24–28.
- ^ Fortey, Richard, Survivors “Great Dying”, BBC, on 24 Jan. 2012.
- ^ Todd Charles Wood, Paul A. Garner (2009), "Genesis kinds:creationism and the origin of species", p.16.
- ^ Hawking, Stephen, The Universe in a Nutshell (Bantam Press, 2001).
- ^ Theodore Sider,Four-Dimensionalism: An Ontology of Persistence and Time (Oxford, 2001; Japanese: Shunjusha, 2007).
- ^ Hawking, Stephen, The Universe in a Nutshell (Bantam Press, 2001).
- ^ Hawking, S .W. and Ellis, G. F. R., The Large-Scale Structure of Space-Time (Cambridge: Cambridge University Press, 1973), ISBN 0-521-20016-4.
- ^ "Why the Moon is getting further away from Earth". BBC News. 1 February 2011. Retrieved 18 September 2015.
- ^ Hawking, S .W. and Ellis, G. F. R., The Large-Scale Structure of Space-Time (Cambridge: Cambridge University Press, 1973), ISBN 0-521-20016-4.
- ^ Hawking, Stephen, The Universe in a Nutshell (Bantam Press, 2001).
- ^ Infinite monkey theorem http://en.wikipedia.org/wiki/Infinite_monkey_theorem
- ^ Tafsir al-Tabari: Jami’ al-bayan fi t’awil al-Qur’an, New edition published in 12 volumes (Beirut: Dar al-Kutub al-’Ilmiyah, 1997).
- ^ Tafsir al-Tabari: Jami’ al-bayan fi t’awil al-Qur’an, New edition published in 12 volumes (Beirut: Dar al-Kutub al-’Ilmiyah, 1997).
- ^ Lewis O. T., “Climate change, species-area curves and the extinction crisis,” (PDF). Philos. Trans. R. Soc. Lond., B, Biol. Sci. 361(1465): 163–71, PMID 16553315.
- ^ Houghton, John, Global warming. (Institute of Physics, 4 May 2005), p. 1362, http://stacks.iop.org/RoPP/68/1343.
- ^ .http://www.reuters.com/search?blob=diamond+planet.http://www.reuters.com/article/2012/10/11/us-space-diamond-planet-idUSBRE89A0PU20121011
- ^ Lewis O. T., “Climate change, species-area curves and the extinction crisis,” (PDF). Philos. Trans. R. Soc. Lond., B, Biol. Sci. 361(1465): 163–71, PMID 16553315.
- ^ Houghton, John, Global warming. (Institute of Physics, 4 May 2005), p. 1362, http://stacks.iop.org/RoPP/68/1343.
- ^ Hawking, Stephen, The Universe in a Nutshell (Bantam Press, 2001).
- ^ Parrott, W. G., & Smith, R. H. (1993). Distinguishing the experiences of envy and jealousy.Journal of Personality and Social Psychology, 64, 906-920.
- ^ Russell, Bertrand (1930). The Conquest of Happiness. New York: H. Liverwright.
- ^ Yoshimura, C.G (2010). "The experience and communication of envy among siblings, siblings-in-law, and spouses". Journal of Social and Personal Relationships. http://ehis.ebscohost.com.ezproxy.lib.ou.edu/ehost/detail?sid=876f3f3d-bc01-4f81-b58c-1a9c4db40db0%40sessionmgr4&vid=6&hid=20.
- ^ Definition and explanation of inclusive fitness from Personality Research.org
- ^ George, Andrew R., trans. & edit. (reprinted with corrections 2003), The Epic of Gilgamesh, (Penguin Books, 1999), ISBN0-14-044919-1.
- ^ Scott Carney, “Did a comet cause the great flood?”Discover Magazine, (November 7, 2007), <http://discovermagazine.com/2007/nov/did-a-comet-cause-the-great-flood. Retrieved 17 September 2010>.
- ^ - Melosh, H. J., “Impact-generated tsunamis: An over-rated hazard.” Lunar and Planetary Science Conference Abstract, (2003).
- ^ James Barr, “Why the World Was Created in 4004 BC: Archbishop Ussher and Biblical Chronology,” Bulletin of the John Rylands University Library of Manchester 67:604 [1].
- ^ http://www.newscientist.com/article/dn19489-how-wind-may-have-parted-the-sea-for-moses.html
- ^ Feynman, R. P.&Weinberg, S., Elementary Particles and the Laws of Physics: The 1986 Dirac Memorial Lectures, (Cambridge Univ. Press, 1987).
- ^ Veltman, Martinus, Facts and Mysteries in Elementary Particle Physics (World Scientific, 2003), ISBN 981-238-149-X
- ^ M. Alford, K. Rajagopal, S. Reddy, and A. Steiner, “The Stability of Strange Star Crusts and Strangelets,” Phys. Rev. D73 114016 (2006), arXiv:hep-ph/0604134.
- ^ E. Witten, “Cosmic Separation of Phases” Phys. Rev. D30, 272 (1984).
- ^ Mermilliod, J. C., Clariá, J. J., Andersen, J., Piatti, A. E., and Mayor, M. (2001). Red giants in open clusters. IX. NGC 2324, 2818, 3960 and 6259, http://adsabs.harvard.edu/abs/2001A%26A...375...30M
- ^ “Late stages of evolution for low-mass stars,” Michael Richmond, lecture notes, Physics 230, Rochester Institute of Technology
- ^ Johnson, Jennifer, “Extreme Stars: White Dwarfs & Neutron Stars,” (lecture notes, Astronomy 162, Ohio State University)
- ^ Johnson, Jennifer, “Extreme Stars: White Dwarfs & Neutron Stars,” (lecture notes, Astronomy 162, Ohio State University)
- ^ Tafsir al-Tabari: Jami’ al-bayan fi t’awil al-Qur’an, New edition published in 12 volumes (Beirut: Dar al-Kutub al-’Ilmiyah, 1997).
- ^ Tafsir Ibn Kathir, http://archive.org/details/Tafseer-Ibn-Kaseer
- ^ "Rima Ariadaeus, a Linear Rille". NASA. Retrieved 8 June 2016. https://www.nasa.gov/mission_pages/LRO/multimedia/lroimages/lroc_20090928_ariadaeus.html
- ^ Tafsir al-Tabari: Jami’ al-bayan fi t’awil al-Qur’an, New edition published in 12 volumes (Beirut: Dar al-Kutub al-’Ilmiyah, 1997).
- ^ International Standard Bible Encyclopedia: Japheth http://www.sbl.org/biblestudies/biblejourney/dictionary/isbe/j/japheth.htm
- ^ Josephus, Antiquities of the Jews, Book I, Chapter6.,InterhackLibrary,http://www.interhack.net/projects/library/antiquitiesjews/b1c6.html#pref.
- ^ Bietenholz, Peter G. Historia and fabula: myths and legends in historical thought from antiquity to the modern age (Brill, 1994).
- ^ Bietenholz, Peter G. Historia and fabula: myths and legends in historical thought from antiquity to the modern age (Brill, 1994).
- ^ Marshall, Robert, Storm from the East: from Ghengis Khan to Khubilai Khan (BBC Books, 1993).
- ^ Gog and Magog at the Lord Mayor's Show: http://www.london.gov.uk/who-runs-london/mayor. Retrieved August 3, 2007