مستخدم:Nawals3d/ملعب
الجلّالة
عدلحثت شريعة الإسلام على تناول الطيّبات من الطعام والشراب فقال الله تعالى : ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا ..، ﴾ [البقرة: 186 ] ، وحفاظًا على صحة الإنسان وسلامة بدنه، و إطابةً لمطعمه ومشربه جاء النهي في الحديث الشريف عن أكل لحوم "الجلّالة" التي تتغذى على النجاسات ونهى عن شرب ألبانها؛ فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : ( نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَكْلِ الْجَلَّالَةِ ، وَأَلْبَانِهَا )[1].
تعريف الجلالة :
عدلالجلاّلة: هي الحيوان الذي أكثر أكله العذرة والنجاسات، سواء كان من الإبل، أو البقر، أو الغنم، أو الدجاج، أو الحمام أو غيرها حتى يتغير ريحها[2].
يحرُمُ أكلُ لحمِ الجلَّالةِ وشُربُ لَبَنِها، وهو مذهَبُ الحنابلةِ، واختاره الصَّنعانيُّ، والشوكانيُّ، وبه أفتت اللَّجنةُ الدَّائمةُ.
الأدلَّة مِن السُّنَّةِ:
عدل1- عَنِ ابن عباس رَضِيَ اللهُ عنهما قال: (نهَى رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن لَبَنِ شاةِ الجلَّالةِ ) .
2- عن عمرو بن شعيب عن أبيه، عن جَدِّه، قال: ((نهَى رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يومَ خيبرَ عَن لُحومِ الحُمُرِ الأهليَّة، وعن الجلَّالةِ؛ عن رُكوبِها، وأكْلِ لَحمِها ).
وجه الدَّلالة:
عدلأنَّ الحديث ورَد في النَّهيِ عن ذلك، والأصلُ في النَّهي التَّحريمُ.
هل كل حيوان تغذى على النجاسات يعد جلالة فيأخذ حكم التحريم ؟
عدلالأولى : أن يكون تغذيه على النجاسات قليلا ، وأغلب طعامه من الطيبات ، فهذا لا يشمله حكم الجلالة .
قال الخطابي رحمه الله : " فأما إذا رعت الكلأ ، واعتلفت الحَبَّ ، وكانت تنال مع ذلك شيئاً من الجِلَّة ، فليست بجلالة ، وإنما هي كالدجاج ونحوها من الحيوان الذي ربما نال الشيء منها ، وغالب غذائه وعلفه من غيرها : فلا يكره أكله " انتهى من " معالم السنن " (4/244) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " فإذا كانت تأكل الطيب والقبيح ، وأكثر علفها الطيب ، فإنها ليست جلالة ، بل هي مباحة ، ومن هذا ما يفعله بعض أرباب الدواجن يعطونها من الدم المسفوح من أجل تقويتها أو تنميتها فلا تحرم بهذا ولا تكره ؛ لأنه إذا كان الأكثر هو الطيب ، فالحكم للأكثر " انتهى من " شرح رياض الصالحين " (6/434) .
الثانية : أن يكون أكثر طعامه من النجاسات ، ويظهر تأثير ذلك على الحيوان في نتن لحمه ورائحته ، فهذا يشمله النهي ، فلا يجوز أكل لحمه وبيضه ، ولا شرب لبنه ، ولا ركوبه .
قال الكاساني رحمه الله : " إنَّمَا تَكُونُ جَلَّالَةً إذَا تَغَيَّرَتْ وَوُجِدَ مِنْهَا رِيحٌ مُنْتِنَةٌ ، فَهِيَ الْجَلَّالَةُ حِينَئِذٍ ، لَا يُشْرَبُ لَبَنُهَا ، وَلَا يُؤْكَلُ لَحْمُهَا " انتهى من " بدائع الصنائع " (5/40) .
الثالثة : أن يكون أكثر طعامه من النجاسات ، ولكن لا يظهر تأثير ذلك على الحيوان في لحمه ورائحته ، فهل يعد جلالة أم لا ؟
مذهب الحنابلة : أنه يُعدّ جلالة ؛ لأن الجلالة عندهم هي الحيوان الذي أكثر طعامه من النجاسات ، سواء ظهر أثر ذلك على لحم الحيوان ورائحته أم لا .
قال ابن قدامة رحمه الله : " فَإِذَا كَانَ أَكْثَرُ عَلَفِهَا النَّجَاسَةَ ، حُرُمَ لَحْمُهَا وَلَبَنُهَا ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرُ عَلَفِهَا الطَّاهِرَ ، لَمْ يَحْرُمْ أَكْلُهَا وَلَا لَبَنُهَا " انتهى من " المغني " (9/413) .
وأما الحنفية والشافعية : فلم يعدوها من الجلالة ؛ لأن شرط الجلالة أن يظهر تأثير أكلها للنجاسات في لحمها ورائحتها .
قال السرخسي رحمه الله : " وَتَفْسِيرُ الْجَلَّالَةِ : الَّتِي تَعْتَادُ أَكْلَ الْجِيَفِ .. فَيَتَغَيَّر لَحْمُهَا ، وَيَكُونُ لَحْمُهَا مُنْتِنًا فَحَرُمَ الْأَكْلُ ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْخَبَائِثِ .. وَأَمَّا مَا يَخْلِطُ فَيَتَنَاوَلُ الْجِيَفَ وَغَيْرَ الْجِيَفِ عَلَى وَجْهٍ لا يَظْهَرُ أَثَرُ ذَلِكَ مِنْ لَحْمِهِ ، فَلَا بَأْسَ بِأَكْلِهِ " انتهى من " المبسوط " (11/255) .
قال الشيخ خالد المشيقح حفظه الله : " فالصواب في هذه المسألة أنه إذا كان للنجاسة أثر في طعم اللحم أو رائحته ، أو اللبن ، أو يسبب أمراضاً ، ونحو ذلك ، فإنه محرم ، وأما إذا لم يكن لها أثر فإنه جائز ؛ لأن النجاسات تطهر بالاستحالة ، وهذه الأشياء قد استحالت إلى دم ، ولحم ، وحليب ، ونحو ذلك ، هذا هو الصواب الأقرب من قولي العلماء رحمهم الله فيما يتعلق بالجلالة " انتهى من " فتاوى الشيخ خالد المشيقح " (1/89) .
تطهير الجلالة :
عدلتزولُ حُرمةِ أكلِ لَحمِ الجلَّالةِ بزوال الأثر النجس الذي طرأ على هذه الحيوانات وألبانها وذلك بحبسها ومَنعِها من النَّجاساتِ، وتغذيتها بالعَلَفِ الطَّاهِر مدة يتيقن فيها من طيب لحمها ولبنها كما قال الفقهاء .
قال ابن قدامة: (تزولُ الكراهةُ بحَبسِها اتِّفاقًا، واختُلِفَ في قَدْرِه).[5]
قال ابن تيميَّة: (فإنَّ الجلَّالةَ التي تأكُلُ النَّجاسةَ قد نهى النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن لَبَنِها، فإذا حُبِسَت حتَّى تطيبَ، كانت حلالًا باتِّفاقِ المُسلمينَ؛ لأنَّها قَبْل ذلك يظهَرُ أثر النَّجاسة في لَبَنِها وبَيضِها وعَرَقِها، فيظهر نَتْنُ النَّجاسةِ وخَبَثِها، فإذا زال ذلك، عادَتْ طاهرةً؛ فإنَّ الحُكمَ إذا ثبَت بعلَّةٍ، زال بزَوالِها)[6]
المراجع:
عدل1- موقع الإسلام سؤال وجواب : https://islamqa.info/ar
2- موقع الدرر السنية :[ الموسوعة الحديثية والموسوعة الفقهية ] https://www.dorar.net/
3- موقع المكتبة الشاملة الحديثة : [ كتاب الفتاوى لابن تيمية / وكتاب المغني الابن قدامة / وكتاب موسوعة الفقه الإسلامي ] https://al-maktaba.org/#categories
- ^ "حديث عبدالله بن عمر - تخريج مشكاة المصابيح". dorar.net. اطلع عليه بتاريخ 2021-02-27.
- ^ "ص322 - كتاب موسوعة الفقه الإسلامي - أقسام الأطعمة المحرمة - المكتبة الشاملة الحديثة". al-maktaba.org. اطلع عليه بتاريخ 2021-02-27.
- ^ "المطلب السَّادس: الجَلَّالَة". dorar.net. اطلع عليه بتاريخ 2021-02-27.
- ^ "ما حكم الحيوانات التي تتغذى على النجاسات ؟ - الإسلام سؤال وجواب". islamqa.info. اطلع عليه بتاريخ 2021-02-27.
- ^ "ص414 - كتاب المغني لابن قدامة - فصل حكم الزروع والثمار التي سقيت بالنجاسات أو سمدت بها - المكتبة الشاملة الحديثة". al-maktaba.org. اطلع عليه بتاريخ 2021-02-27.
- ^ "ص618 - كتاب مجموع الفتاوى - أرجح الأقوال - المكتبة الشاملة الحديثة". al-maktaba.org. اطلع عليه بتاريخ 2021-02-27.