مستخدم:Mamounshahin/ملعب

تقارب الزمن : الزمن الكوني إذا كان للزمن بداية, فما الذي كان «ماقبل» بداية هذا الزمن!؟ , كثيرًا ما يصدر هذا السؤال من قبل الباحثين في علم الكونيات وغيرهم وكثيرًا ما يكون الجواب جواب فلسفي غير علمي ولايقبله حتى عقل السائل.

نعتقد جازمين ومن غير تعارض مع حقائق العلم أن الحق سبحانه وتعالى كان في «ما قبل» وهو كائن في «ما بعد» وجود الزمان والمكان «هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ ۖ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ» [1] ، ولكن هذه ال «ما قبل» ليست طرفًا ابتدائيٌّا في سلسلة الزمان الكوني الذي يقول العلم إن بدايته كانت عند «الانفجار العظيم»؛ بل هي قبلية "إحاطة" من نوع آخر لا ندرك كنهه ولا طبيعته, لان الله سبحانه وتعالى لا يحده زمان ولا مكان, ولا يحيط بعلمه شيء ولا يدرك إدراكه عقل مخلوق كقوله جلت صفاته: «لاَّ تُدْرِكُهُ ٱلأَبْصَٰرُ وَهُوَ يُدْرِكُ ٱلأَبْصَٰرَ وَهُوَ ٱللَّطِيفُ ٱلْخَبِيرُ» [2].

فالزمن عند «اينشتين» يرتبط ارتباطا كليا بالمكان كوجهين لعمله واحده. وطبقا لنظريه «للكينونه» [3] فالزمن والمكان (الزمكان) هما قالب واحد ذو احداثيات متغيره يعكس محصله تآثر وقيم الحدث أو الفعل لجسم ما, اي ان حركه جسم ما (الفعل) ينتج عنها مجموعه من القيم المختلفه لاحداثيات زمن الفعل (منازل) ولاحداثيات مكان الفعل (مواقع), وهما مرتبطان معا بالاحداث الكونيه الاخرى التي تحدث عند نفس زمن ومكان الفعل, اي ان حركه القمر حول الارض مثلا ينتج عنها منازل للقمر وفي نفس زمن حركه القمر حول الارض يتحرك هو والارض معا حول الشمس في منازل ومواقع اكثر شمولا عن منازل القمر نفسه .

بما ان المكان «متغير» فلا بد ان يكون الزمن تبعا لذلك متغير القيمه والاتجاه ايضا, اي ان الزمن قد يأخذ قيم مختلفه ومتتابعه المنازل لنفس الحدث, فهي «الحاضر» عند بدايه الحدث, وهي «الماضي» عند المنزل التالي... وهكذا دواليك, كما ان نظريه «الكينونه» تتنبأ بوجود دوره للزمن الكوني مرتبطه بدوره «الزمكان».

فالارض تدور حول الشمس كفعل له قيم زمنيه مكانيه (زمكانيه), والشمس والارض ومجموعتنا الشمسيه ككل تجري حول مركز المجرة كفعل له قيم زمنيه مكانيه (زمكانيه) كقوله سبحانه وتعالى «وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ» [4] ، فمجموع احداثيات الزمكان (المنازل) لجريان الشمس حول مركز المجره (مجره درب اللبانه) قدرت بحوالي 225 مليون سنه منسوبه الى سنين الارض تعود بعدها الشمس الى النقطه التي بدأت منها (الماضي) نسبه الى مركز المجره وليست نسبه الى احداث الكون بمجمله, حيث تكون المجره عندها في «منزل» غير الذي كانت عليه عندما بدأت المجموعه الشمسيه بالجريان حول مركز المجره . 

ففي الوقت الذي تكون فيه مجموعتنا الشمسيه في حاله دوران حول مركز المجره, تكون المجره و[5] في حاله سفر وبمن فيها حول مجموعة العذراء العظمىSuper cluster Virgo) ) بمسار شبه دائري نصف قطره يزيد عن 50 مليون سنة ضوئية, اي ان المجموعه الشمسيه عندما تعود الى احداثيات النقطه التي أبتدأت من عندها دورتها حول مركز المجره (قبل 225 مليون سنه) منسوبه لمركز المجره, تكون احداثيات تلك النقطه الزمكانيه (بدايه موقع الحدث) قد تغيرت عن موقعها الذي كانت عليه عند نقطه البدأ نسبه لموقع المجموعه الشمسيه من مركز مجموعة «العذراء العظمى» لتغير موقع مجرتنا وبمن فيها عن موقعها الذي كانت عليه قبل 225 مليون سنه.

اي ان لمجموعتنا الشمسيه احداثيات زمكانيه (منازل) مختلفه القيمه لنفس الحدث منسوبه الى حيز زمكاني آخر في الكون, وهكذا دواليك لمجمل حركه الزمكان في الكون, وهذا ما تسميه "الكينونه" بظاهره « تقارب الزمن الكوني» , حيث انه ليس من الممكن عوده مجمل الاحداث الزمكانيه في الكون الى نفس الاحداثيات الزمكانيه (المنازل) التي ابتدأ من عندها الحدث اي ان مجموعتنا الشمسيه وحتى بعد مرور مليارات السنين قد لا تعود الى نفس الموقع ذو الاحداثيات الزمكانيه التي كانت عليه عند بدأ حدث دورانها الاول حول مركز المجره.

والسبب الرئيس في ذلك هو حدث الحركه اضافه الى حدث التوسع الكوني الذي من المؤكد سينتج عنه تغير مستمر في الاحداثيات الزمكانيه لمواقع (منازل) مكونات الكون من نجوم ومجرات وما الى ذلك, فأحداثيات مواقع النجوم التي اقسم بها سبحانه وتعالى بقوله: « فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ» [6]، هي احداثيات متغيره القيمه بسبب فعل حركتها أولا وبسبب التوسع الكوني ثانيا كما جاء في قوله سبحانه وتعالى: « وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ» [7], اي لا ثبات لاحداثيات "الزمكانيه" لاي حدث كوني .

نتيجه لذلك, وطبقا [8] فان تأثير التوسع الكوني ينحصر فقط على الفضاء الكوني ذو الابعاد الكبيره بين المجرات ولا تتأثر فيه الماده في الكون تاثيرا مباشرا (تآثر من خلال الماده المظلمه المحيطه) , بمعنى آخر فمجره درب اللبانه ونتيجه لمجمل القوى المؤثره فيها (كقوى الجاذبيه) تبقى الى حد ما متوازنه في الكتله والحجم (ما لم يضاف اليها ماده أخرى مؤثره كابتلاع مجره او سدم) ولن يكون هنالك تأثير مباشر للتوسع الكوني على مجمل كتلتها او حجمها في زمكان التوسع, وبالتالي فان مجموعتنا الشمسيه ستبقى على صورتها التي هي عليها من كتله وحجم لزمن بعيد يقدر بملايين السنين وتبقى قوانينها الفيزيائيه كما هي كدوران الارض حول الشمس دوران مجموعتنا الشمسيه حول مركز المجره و ستبقى طريقه حساب السنين القمريه منسوبه الى حركه الارض والقمر حول الشمس كما هي عليه.... الى ان يأتي امر الله سبحانه وتعالى.

كيف يتقارب الزمن نتيجه للتوسع الكوني فاننا نرى ان المتغير هنا هو الزمن بتغير احداثيات المكان الناتجه عن اثر التوسع الكوني هذا على المسافات العظيمه ما بين المجرات, حيث ان المسافه اللازمه لكي تكمل مجرتنا دورتها حول مركز مجموعة العذراء العظمى ستزيد قيمتها بزياده التوسع اي ان سرعه مجرتنا ستتزايد لكي تقوم المجره بقطع تلك المسافه بزمن ثابت وهو 50 مليون سنه ضوئيه (منسوبه الى سنين الارض) , او ان تبقى على سرعتها وبذلك يزيد الزمن اللازم لقطع تلك المسافه (كم الفعل) عن 50 مليون سنه ضوئيه تبعا لذلك.

حيث انه ومن المفترض ونتيجه للتوسع الكوني ان تتأثر قوى الجذب المتبادل بين مكونات مجموعة العذراء العظمى نتيجه لزياده المسافات في ما بينها مما قد يؤدي الى اضعافها أو زياده قوتها تبعا لمحصله الزمكان وهذا الامر قد يؤدي الى هروب بعض المجرات من مجموعة العذراء العظمى او انهيار بعضها نحو البعض وهذا طبعا لا يمت للواقع الذي عليه المجموعه بصله رغم امكانيه حدوثه على المدى البعيد جدا والذي قد يصل الى آلاف مليارات السنين, فصحيح ان هنالك توسع ولكن المؤكد ان هنالك استقرار نسبي للقوى المؤثره في مجمل الكون, اي ان هنالك علاقه طرديه مابين التوسع ومحصله التأثير الثقالي اي كلما كان هنالك زياده في التوسع كان هنالك زياده في محصله التأثير الثقالي, وبالتالي هنالك ثبات في قيمه كم الفعل مقابل زياده السرعه للمجرات والاجرام التابعه لها. 

فطبقا "للكينونه" فان ظاهره « تقارب الزمن الكوني » تنعكس على حدث حركه مجرتنا حول مركز مجموعة العذراء العظمى والذي ينتج عنه زياده في محصله سرعه مجرتنا لكي تقطع تلك المسافه بزمن ثابت "كم الفعل" (مقرونا بسرعه الضوء تبعا لثبات حساب سنين الارض) وهو 50 مليون سنه ضوئيه.

ونفس هذا الامر سينطبق على محصله سرعه حركه الارض والقمر حول الشمس والتي ستتسارع بنفس نسبه الزياده في محصله سرعه دوران مجرتنا, حول مركز المجره حيث اننا نرى في قوله سبحانه وتعالى: «هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ ۚ مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَٰلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ ۚ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ» [9] ، أن الله سبحانه وتعالى بين لنا في سياق هذه الايه الكريمه بان الثابت في عمليه حساب عدد السنين هو منازل القمر اي نتاج حركته مع الارض حول الشمس, فبزياده محصله سرعه حركه القمر والارض معا ينضغط الزمن مع بقاء قيمته العدديه كيوم او شهر قمري كما هي, فالمتغير هنا هو "كم الفعل" خلال السنه القمريه التي اصبحت اقل طولا كفعل كمومي نتيجه للزياده في محصله السرعه , اي ان الزمن مقرونا "بكم الفعل" بالمقياس الارضي سيتقارب (ينضغط), وهو ما اشار اليه الحديث النبوي االشريف المعجز: « لا تقوم الســـــاعة حتى يتقارب الزمان فتكون السنة كالشهر والشهر كالجمعة والجمعة كالأيام ويكون اليوم كالساعة والساعة كالضرمة من النار» (رواة أحمد والترمذي من حديث أبي هريرة وأنس وهو حديث حسن صحيح).

  1. ^ [الحديد:آيه 3]
  2. ^ [الانعام:آيه 103]
  3. ^ للمؤلف,http://www.mamounshahin.com/#!-/c1t8
  4. ^ [يس:آيه 38]
  5. ^ مجموعتها المحليه: المجموعة المحلية Local Group) ) هي مجموعة المجرات القريبة من مجرتنا درب التبانة . تضم تلك المجموعة المحلية نحو 30 من المجرات القزمة الصغيرة ، ويقع مركز المجموعة بين المجرة الكبيرة أندروميدا التي تبعد عنا نحو 5 و2 مليون سنة ضوئية. تشغل المجموعة مكانا في الفضاء يبلغ قطره 10 مليون سنة ضوئية . أهم أعضاء المجموعة المحلية تشكلها مجرتنا درب التبانة وهي قرص فطره نحو 150000 سنة ضوئية ، وأندروميدا (وهي أكبر من مجرتنا ) ومجرة المثلث Triangulum. كما أن المجموعة المحلية تنتمي إلى مجموعة أكبر وهي مجموعة العذراءالعظمى Virgo Super cluster ، وتبعد مجموعة العذراء العظمي عنا نحو 50 مليون سنة ضوئية.
  6. ^ [الواقعة:آيه 75-76]
  7. ^ [الذاريات:آيه 47]
  8. ^ "للكينونه":http://www.mamounshahin.com/#!-/c1t8
  9. ^ [يونس:آيه 5]