موقع مدينة بني وليد

الطبيلة الوليدية

عدل

مقدمة

عدل

هي أحد الفنون الشعبية الليبية المنتشرة في مناطق وسط ليبيا وبالأخص مدينة بني وليد وسرت وسبها[1]، وتشتهر بها قبيلة ورفلة وتسمى وليدية نسبةً لمدينة بني وليد. ومورس هذا الفن في أعراس البدو الذي كانوا يقطنون وديان وشعاب القرجومة غربي مدينة بني وليد.

تسمية الطبيلة

عدل

تسمى طبيلة نظرًا للطق على أواني الخشبية (قصعة العود القديمة) التي تتميز بنغمة خاصة (مكتومة قليلًا) ارتبطت بنمط الإيقاع، ولهذا يقال أيضًا أن فلانًا "طق العود" أي قام بأداء الطبيلة. وتسمى أيضًا ببيت الطق، أو الصفرة والعودة.[2]

تتميز الطبيلة الوليدية عن غيرها من الفنون التراثية الليبية مثل الطبيلة المنتشرة في شرقي وجنوبي البلاد بأشعارها التصويرية وإيقاعاتها المميزة وقوالبها اللحنية، وتعتبر إحدى أرقى الفنون الشعبية لما فيها من قالب غنائي متكامل وفن راقص متمثل في النخيخ، ومشهد مسرحي في موضع ومكان كل عنصر من عناصرها تالية الذكر. يتطلب أداءها الشِّعري أربع أشخاص.

تكوين الطبيلة الوليدية

عدل

تتكون الطبيلة الوليدية من ثلاث عناصر رئيسية: الشعراء والردادة، والنخاخات، والوعاء الخشبي الذي يتم الدق عليه. ومن الناحية الشعرية يتطلب أداءالطبيلة أربع أشخاص يحبذ أن يكونوا من نفس الطبقة الصوتية وهم: ثلاث خماسة (أو ردادة) بالإضافة للشاعر.

التركيبة الشعرية

عدل

تُستهل الطبيلة بالملالاة، وهو موال جماعي يتم فيه تكرار آه ليل وياليل ياليلي آه على إيقاع الطبيلة الوليدية المميز (دم اس اس)، ثم يتم الانتقال إلى الهذوالي (أو الزرع) وهو مجموعة أبيات تلاثية قصيرة تسمى بالقدعات. ومن ثم تأتي مرحلة الأبيات الرباعية أو السداسية المشتركة في القافية، وتسمى مجموعة الأبيات هذه بالسرحة (أي سرح الشاعر مع قافية ما)، وتحكي هذه الأبيات في العادة قصة ما، وقد تصف المعشوق وصفًا شعريًا صوريًا أو للمكان المقيم به أو الأطلال التي مر عليها (وتسمى الأطلال شعبيًا بالاوهام). ويكون بيت السرحة إما ثنائي (بيت من شطرين) وأو ثلوثي (بيت من ثلاثة أشطر).

خلال إلقاء الشاعر لسرحته يكون الحضور في حالة هدوء وإنصات كامل خلال إلقاء السرحة لتذوق الوصف الشعري، وبعد إتمام السرحة يتم الرجوع لرأس البيت المسمى بالملزومة، ويكون في العادة بيت حماسي مشوّق تكثر معه الزغاريت والكلام الحماسي، هذا مع إمكانية شبك سرحتين أو أكثر دون الرجوع للملزومة (تسمى في هذه الحالة تنكريس). ويكون نظم السرحة أوسع وأطول في الزمن الموسيقي من سارحة الخفيفة أو الموقف، وأقل من تلك المسماة بالهلالية.

التركيب الموسيقي

عدل

يختلف الإيقاع الوليدي للطبيلة عن باقي أنواع الطبيلة من حيث النمط والسرعة، حيث أنه أبطأ قليلا أثناء الملالاة وذو ضغطة ثقيلة واحدة (دم اس اس) ثم يتسارع ويتغير نمطه عند بداية السرحة (يتحول لإيقاع طبيلة دم دم دم اس)، وتختص الطبيلة بنغمة مميزة صعبة التركيب والأداء ولايتقتها إلأ من مارسها كثيراً، وتعرف هده النغمة بالغبيني، ويكون اللحن على مقام الكرد.

النخيخ

عدل

تتميز الطبيلة بنوع فن مخصص لها المسمى بالنخيخ (أو الرقص بالشَّعر لمجموعة من النساء)، وتكون حركات النخ أو (رمي الشعر) متطابقة مع إيقاع ونمط الطبيلة حسب مرحلتها، وتجلس مجموعة من الفتيات، اللاتي يكن في العادة من عائلة العريس، على الأرض بمقابل الشعراء ويغطى وجههن بالكامل بمنديل، ويملن رؤوسهن نحو الأسفل وينسدل شعرهن نحو الأرض.

مراحل النخ
عدل

ويبدأ النخ بأولى حركاته وهي حركة الجل؛ حيث تحرك الفتاة فيه رأسها يمينًا ويسارًا ويتحرّك معه الشعر المنسدل أيضًا بشكل متناغم مع إيقاع الطبيلة الأحادي (أي خلال مرحلة الملالاة والزرع أو الهذوالي)، ثم بتسارع وتغير إيقاع الطبيلة والإنتقال إلى السرحات، تنتقل النخاخات إلى النخ بالقلب، أي رمي الشعر إلى الخلف ثم إلى الأمام في حركة دائرية، تم تستمر في حركة شعرها المائل إلى الأمام يمينًا ويسارًا وتقلب مرة أخرى، ويكون القلب مرة على اليمين ومرة إلى اليسار، متطابقًا في هذا مع إيقاع الطبيلة.

النخ وارتباطه بالشاعر

عدل

يكون النخيخ هو ضابط الإيقاع البصري للشاعر، ويتم تتالي حركات الجل والقلب بالتزامن مع الإيقاع، وتقوم بعملية ضبط التزامن بين النخاخات إحدى عجائز العائلة التي تخرج مع النخاخات وتكون ورائهن، وتقوم بالإضافة لضبط النخ بضبط ملابسهن وأرديتهن والحرص على أن لا يقع المنديل الذي يغطي الوجه كي لا ينكشف وجههن سترة لهن. وعندما تخطئ النخاخة يرتبك اللحن ويفسد إيقاع الطبيلة إلى حين أن تقوم العجوز بتوجيه الملاحظة وتصحيحه.

ويكون عدد النخاخات غير محدد قد تبدأ بواحدة وقد يصل العدد حتى خمسة أو ستة حسب جودة الشعر وصوت الشاعر وحماسة المشهد، ويتحكم في عدد النخاخات نساء العائلة اللاتي يكن في خيمة أمام الشعراء يحجبهن عن الرجال ستار يسمى بالمطقوق. ويتم مجاملة الشاعر متواضع الإمكانيات بنخاخة واحدة أو اثنتان، ويصل عدد النخاخات إلى ثمانية في حال وجود شاعر متمكن.

مشهد الطبيلة

عدل

يتوسط المشهد الشاعر، وحواليه الردادة، ويكون الحضور الرجال من خلفهم، وأمامهم النخاخات، وخلف النخاخات العجوز المشرفة، ويكون ووراءها الستار الفاصل المسمى بالمطقوق وراءه البيت أو الخيمة التي تحوي الحضور من النساء، وتقوم النساء في العادة بالتلصص من وراء الستار الفاصل عند اتصاله بزاوية البيت (يسمى شارب البيت).

ويحكى في هذا أنه عندما كان إحدى الشعراء يطق العود على ألحان الطبيلة والجميع في إنصات، لمح بطرف عينه زوجته فاطمة وهي تختلس إليه النظر في إعجاب من عند شارب البيت، فهي وإن أخفت وجهها وراء ما التحفته من رداء، وأخفت جسدها خلف ذلك المطقوق، إلّا أنه لا يخطئ تمييز ملامحها أبدًا، حتى باقتصارهن على عينٍ وجبين، فقال قوله على تلك الألحان الشجية:

جبين مناي منين يتوق

مع المطقوق

قمر زرقت واتاها روق


والطبيلة في ذلك هي عبارة عن استعراض مسرحي للرجال والنساء المشاركين فيها على حد سواء، فللشعراء الحرية في إخراج مواهبهم بأداءهم وجمالية صوتهم وعمق معانيهم وتوصيفاتهم، والنساء بحسن مظهرهن وتزامن إيقاعهن وحماستهن وانسياب شعرهن، حيث يقترب فن النخيخ من كونه فنًا راقصًا.

اختلاف التركيب حسب المناطق في ليبيا

عدل

تعرف الطبيلة ذات التركيبة المشابهة بطبيلة الوسط، لأنها تنتشر عند شعراء ورفلة والقذاذفة والمقارحة والعزمة والمشاشية، ولكنها تختلف داخليًا بين القبائل، فنقول هذه وليدية بتميزها بلحنها وإيقاعها الأحادي ومقامها (مقام الكرد)، وتلك مقرحية أو عزومية بألحانها المختلفة، وكذلك القذافية أو كما تعرف بالجنجانية.

  1. ^ سالم حسين الكبتي (2005). معجم الأدب الشعبي في ليبيا: دواوين ودراسات. عبد الله مليطان (ط. 1). دار مداد للطباعة والنشر والتوزيع والإنتاج الفني. ص. 572.
  2. ^ "الأدب الشعبي وفنونه". 12579.yoo7.com. اطلع عليه بتاريخ 2022-02-16.