مستخدم:Hanan Sobhy/ملعب
وصول الرئيس المكسيكي أفيلا إلى الحكم والموقف الأمريكي منه
مقدمة تاريخية:
لقد أدت التطورات السياسية الداخلية في المكسيك المتمثلة بـ (الثورة المكسيكية)([1]) عام (1910م)، إلى فراغ سياسي نتيجة انتهاء النخبة الحاكمة بزعامة الرئيس بورفيريو دياز (Porfirio Diaz)([2])، الأمر الذي أثار التنافس والصراع على السلطة المؤدي بدوره إلى إفساح المجال للتدخلات الخارجية في شؤون المكسيك، لا سيما التدخل الأمريكي بواسطة الولايات المتحدة الأمريكية([3])، فضلًا عن التدخل الأوربي لكلٍّ من بريطانيا وألمانيا وفرنسا، فقد سعى الجميع إلى تعزيز وجوده العسكري والاقتصادي في المكسيك ومحاولة انتزاع السيطرة عليها مع قدوم الحرب العالمية الأولى([4]).
لقد كان لبرنامج دياز في تحديث المكسيك وخصخصة الاستثمار الأجنبي، لا سيما الاستثمار الأمريكي، أثر كبير في الإطاحة به؛ بسبب تردي الأوضاع لفئات كبيرة في المجتمع المكسيكي([5])، فعندما بدأت الثورة استطاع الممولون الصناعيون الأمريكيون تعزيز هيمنتهم في المكسيك وترسيخ مصالحهم في الدول الأخرى، فقد كانت الولايات المتحدة الأمريكية تكتسب نفوذًا أكبر في بنَما ومنطقة البحر الكاريبي، وتسعى إلى الهيمنة الاقتصادية على المكسيك، وعلى وفق ذلك بدأ التحدي الثوري في المكسيك على تشكيل حكومة أكثر تشاركية في الإصلاح الزراعي، ولكنها عمَّقت الاختلافات الثقافية والسياسية والقومية بين النخب السياسية لا سيما في العاصمة المكسيكية مكسيكو ستي، وكذلك بين أصحاب العقارات والرأسماليين الكبار([6])، فكان لرد الفعل الأمريكي القومي أثر كبير من خلال زيادة تدفق أعداد المهاجرين الأمريكيين الذين تجاوزت أعدادهم ثلاثة آلاف مهاجر في كل عام بدءًا من عام 1900م.
وقد سعى المهاجرون إلى الاستقرار من خلال العمل في الزراعة لا سيما في الولايات الشمالية المكسيكية وعلى طول السواحل وعلى درجة أقل على برزخ تيهوانتيبيك Tehoantibek)) وتشياباس (Chiapas)([7]).
وحتى قيام الثورة المكسيكية عام 1910م أصبح أكثر من أربعين ألفًا من الأمريكيين يقيمون في المكسيك مع اختيار نصفهم العيش في المناطق الريفية الواقعة على حدود الولايات المتحدة الأمريكية، والنصف الآخر اختار العيش في المدن والبلدات، وما يقارب اثني عشر ألفًا منهم سكنوا العاصمة مكسيكو ستي([8]).
ومنذ عامي 1907- 1908 تأثرت السوق العالمية بأزمة اقتصادية مصرفية كبيرة عندما حاول المضاربين التجاريين في الولايات المتحدة احتكار تجارة النحاس وصناعته، مما أدى إلى زعزعة استقرار البنوك في لندن وأمستردام وهامبورغ، فاجتاحت حالة من الذعر وول ستريت (مقر البورصة وصرف العملات الأجنبية مقابل الدولار الأمريكي)، فأغلقت البنوك الأمريكية أبوابها([9]).
وكان 20% من هؤلاء المضاربين في ولاية تكساس، إذ تحجَّمت الاستثمارات الأمريكية في المكسيك واضطرت إلى استيراد ما قيمته مئة مليون دولار من الذهب من أوروبا للحد من آثار الأزمة الاقتصادية([10]).
تأثرت المكسيك في هذه الأزمة بسبب اعتمادها على الاستثمار الاقتصادي للولايات المتحدة الذي شهد اضطرابًا كبيرًا بسبب تلك الأزمة، فقد تميزت الأعوام في ظل حكومة بورفيريو دياز حتى نهاية عام 1908 بانخفاض الدخل الحكومي، وزيادة الديون الخارجية، إذ ارتفعت أسعار المواد الغذائية، وانخفاض حجم الاستهلاك في المكسيك، وكذلك العمل، مما أدى بالدولة إلى إعلان حالة التقشف وخفض الأجور، الأمر الذي أدى إلى اضطرابات وإضرابات اجتماعية وسياسية شهدتها المكسيك في الأعوام 1908- 1909، وكان أغلبها في مدينة كنانياCananea) ) وريو بلانكو Rio Blanco)) الصناعيتين، مما أدى إلى غلق المصانع في العاصمة مكسيكو سيتي([11]).
أدت تلك الأزمة إلى تراجع النفوذ الاقتصادي للولايات المتحدة الأمريكية والمصالح البريطانية على وجه الخصوص في المكسيك، بسبب تصاعد الاستثمار لا سيما في مطلع عام 1910، وعلى وفق تلك السيطرة الاقتصادية على مقدرات البلد الاقتصادية بدأت الجهات المعارضة بالاستعداد لإعلان الثورة في المكسيك وإسقاط النظام القديم([12]).
فعلى مقربة من نهاية الفترة الماضية لحكومة دياز، كانت العلاقات بين المكسيك والولايات المتحدة ودية بصفة عامة، على الرغم من بعض التضارب في المصالح والسياسات الداخلية لكِلا الطرفين، وعلى الرغم من إدخال دياز منافسين أوروبيين لمصالح الولايات المتحدة الاستثمارية في المكسيك؛ إلا أن الحكومة المكسيكية أولت الاستثمار الأمريكي أولوية خاصة، وكانت الولايات المتحدة راضية تمامًا ومتوافقة مع سياسة النظام والتقدم الذي قام به دياز على المستوى الاقتصادي، لحمايته المصالح الأمريكية وفتح أبواب الهجرة للمهاجرين الأمريكيين للمكسيك، فضلًا عن رؤية دياز بأن تمتين العلاقات مع الولايات المتحدة يفسح له المجال في ضبط السياسة الداخلية للمكسيك([13])؛ إلا أن الولايات المتحدة لم تستطع منع الثورة ضد دياز بزعامة فرانسيسكو ماديرو (Francisco Madero)، وذلك لكونها كانت تراعي الشعور الداخلي لسكان الولايات المتحدة نفسها في الرغبة بتغيير النظام الحكومي في المكسيك، فلم تستطع الولايات المتحدة شن حملة اعتقال لزعماء الثورة في أراضي الولايات المتحدة، ولا تعطيل البرنامج الثوري الديمقراطي الذي يريد ماديرو القيام به في المكسيك، تعاطفًا مع قطاعات الرأي العام الأمريكي تجاه ماديرو وأتباعه، وأصبح هذا واضحًا في شباط من عام 1910، فعندما عاد ماديرو إلى الولايات المتحدة، أعلنت الولايات المتحدة بدورها مذكرة اعتقال ضده بطلب من الحكومة المكسيكية، فعاد مع مجموعة من رفاقه البالغ عددهم (130) رجلًا كان من بينهم خمسين متطوعًا من الولايات المتحدة لإعلان الثورة في المكسيك.
المطلب الأول
علاقات الولايات المتحدة مع المكسيك
كان هناك علاقات وطيدة بين الولايات المتحدة والمكسيك، وكانت المكسيك بالنسبة للولايات المتحدة من ضمن المبادرات والترتيبات الإقليمية، ولها مواقف سياسية مستقلة عن التأثير الأمريكي تجاه الأحداث في أمريكا اللاتينية، حيث كانت المكسيك على توافق مع الولايات المتحدة أفضل من معظم دول أمريكا اللاتينية، ولم يكن ذلك بسبب استقلالها، وقد تحيزت العلاقات بين البلدين بكل احترام وتقدير متبادل من أجل تعزيز المصالح الاقتصادية، مع ازدياد دور الولايات المتحدة في إدامة الاستقرار السياسي والتطور الاقتصادي في المكسيك بعد ازدياد اعتماد المكسيك على الولايات المتحدة لحاجتها للمساعدة في اندفاعها نحو التصنع بعد عام 1940، ومع ذلك لم تكن الولايات المتحدة بعيدة عن مساعيها لإدخال دول القارة اللاتينية في إطار نظام الأمن الذي يرتبط باستراتيجيتها الدولية، وقد اشتركت المكسيك في عام 1947 في معاهدة ريو والتي تضم مجموعة من بلدان أمريكا اللاتينية والولايات المتحدة التي مهدت لإنشاء منظمة الدولة الأمريكية عام 1948 كمنظمة إقليمية لأقطار القارة الأمريكية تهدف تلك المنظمة إلى التعاون السياسي، والاقتصادي والاجتماعي والعسكري للحيلولة دون امتداد المد الشيوعي والنفوذ السوفيتي إلى أمريكا اللاتينية.
وفي بعض الأحيان لم تكن المكسيك طول الوقت تتفق مع أمريكا وبالأخص في دول أمريكا الوسطى، والتي تكون لها اهتمام مركزي وخاص بالنسبة للمكسيك، وقد أعلنت المكسيك معارضتها للدول الأعضاء في منظمة الدول الأمريكية حول قضايا العون وتقوية المنظمة في وضع آلية لحفظ السلام الداعم في القارة اللاتينية، وقد رأت المكسيك أن إعطاء دور أكبر للمنظمة سوف يسمح للولايات المتحدة الأمريكية بالتدخل في الشؤون الداخلية للدول الأعضاء، وقد كانت المكسيك هي المنفردة بالتصويت على المسائل السياسية في منظمة الدول الأمريكية([14]).
قد تطور تاريخ العلاقات المتوترة بين الولايات المتحدة والمكسيك عندما دعمت الولايات المتحدة ولاية تكساس في عام 1836، بدافع جزئي من رفض الحكومة المكسيكية السماح للمستعمرين الأنجلو باستيراد نظام العبودية إلى الدولة المجاورة، وهو أمر ممنوع في المكسيك منذ عام 1821.
تدهورت العلاقات أكثر عندما قامت الولايات المتحدة بضم تكساس في عام 1845، وشنت غزوًا عسكريًّا في عام 1846 أدى إلى فقدان المزيد من الأراضي المكسيكية وتشريد أو إخضاع السكان المكسيكيين في الأراضي المحتلة.
في ختام الحرب واصلت الولايات المتحدة تهديد سعي جارتها الجنوبية للاقتصاد في المستقبل، ومع ذلك خفت حدة العداء بين حكومتي الولايات المتحدة والمكسيك في نهاية القرن التاسع عشر، عندما تولى بورفيريو دياز السلطة([15]).
الولايات المتحدة المكسيكية([16])، يقول المؤرخ شيكانو ديفيد جوتييريز إن تركة التوسع الأمريكي إلى الأراضي المكسيكية كان لها تأثير دائم ومفيد على الوعي التاريخي الأمريكي، ليس فقط بسبب الأرض والموارد التي اكتسبها، بل أيضًا لأن الأمريكيين الأنجلو سُمِح لهم بإنتاج القصص المشتركة التي شرحت هذه الظواهر التاريخية، كما كان اختراق الولايات المتحدة للأراضي المكسيكية وغزوها له أهمية بالطبع، ولكن لم يكن هذا سوى الخطوة الأولى في التوسع الأمريكي، وفي نهاية المطاف أثبت الجانب الحرج من ضم الغرب كونه القوة التي أنعم بها الغزو على الأمريكيين لكي يشرحوا لنا ما حدث هناك([17]).
وقد ازدادت الفجوة بين عامة سكان المكسيك والمصالح الأمريكية في المكسيك في سنوات ما بعد الثورة، وفي نهاية الثورة المكسيكية خلال السنوات بين الحرب العالمية الأولى والحرب العالمية الثانية، اكتسبت المكسيك درجة كبيرة من الاقتصاد والأيديولوجية في القانون الذي اعتبرته الولايات المتحدة خطرًا، وأدى الانتشار المحتمل للمثال الثوري للمكسيك بين دول أمريكا اللاتينية إلى زيادة التوتر بين الحكومتين المكسيكية والأمريكية، علاوةً على ذلك، أدى الكساد الاقتصادي إلى تفاقم العنصرية في الولايات المتحدة، مما أدى إلى طرد ما يقرب من نصف مليون شخص من أصل مكسيكي في ثلاثينيات القرن العشرين، وهو الطرد الذي يعتبره المكسيكيون جريمة، على أقل تقدير([18]).
لعب العنف دورًا أساسيًّا في تاريخ العلاقات الأمريكية بالقارة، بدءًا من حرب المكسيك ضد الولايات المتحدة في أربعينيات القرن التاسع عشر، وأثناء الثورة المكسيكية في القرن العشرين، وامتدادًا حتى حروب العصابات في كلٍّ من الدومينيكان، نيكاراجوا، هاييتي في بدايات القرن العشرين، وكان أكثر العنف نجاحًا ضد واشنطن هو ما تم على يد الرئيس الكوبي كاسترو الذي استطاع أن يهزم الثوار الموالين لـ (والمؤيدين من) واشنطن، فيما عرف بخليج الخنازير 1961، وأن يحتفظ باستقلال بلاده لأكثر من ستين سنة بالرغم من الضغوط الأمريكية عليه([19]).
إن مصالح الولايات المتحدة في القارة اللاتينية تجعلها مهتمة بالتدخل في شؤونها الداخلية، وبالنظر في تعاملات الولايات المتحدة مع دولة فنزويلا، فإنه وفقًا لتقديرات البنك الدولي في 2015، فإن الولايات المتحدة تحتل المركز الأول بالنسبة للصادرات الفنزويلية (حوالي 32.9%، تليها الهند بحوالي 15.2%، فالصين بحوالي 13.4%)، وكذلك الأمر بالنسبة للواردات الفنزويلية (إذ تحتل الولايات المتحدة المركز الأول أيضًا بحوالي 29.4%، تليها الصين بحوالي 13.5% ثم البرازيل بحوالي 10.8%)، ويمثل النفط السعلة ذات الأهمية الاستراتيجية للدولتين (فنزويلا والولايات المتحدة) في وقت واحد، فالنفط بالنسبة لفنزويلا يمثل حوالي 96% من إجمالي إيرادات صادراتها للخارج؛ وإن كان ذلك قد تضاءل كثيرًا نظرًا لانخفاض أسعار النفط في الأسواق العالمية بدءًا من 2014، وبالنسبة للولايات المتحدة فلا غنى لها عن هذه السلعة الاستراتيجية بالنسبة لصناعاتها؛ مما يجعل فنزويلا رابع دولة تصدر هذه السلعة للدولة العظمى بعد السعودية والمكسيك، فالتجارة البينية إذن في تقدم مستمر بين القارة والدولة العظمى([20]).
v التعاون المشترك بين الولايات المتحدة والمكسيك في ظل وجود الرئيس افيلا
وقد أعلنت حكومتا المكسيك والولايات المتحدة في 12 يناير 1942 عن تنظيم لجنة دفاع مشتركة. تم إنشاء قسم الولايات المتحدة في لجنة الدفاع المكسيكية الأمريكية المشتركة بموجب أمر تنفيذي([21]).
وكان هناك أيضا اتفاق بين الولايات المتحدة والمكسيك بشأن المبادئ المتعلقة بتبادل المساعدة في ملاحقة الحرب ، تم التوقيع عليه في واشنطن في 27 مارس 1942. في حين أن الولايات المتحدة الأمريكية والولايات المكسيكية المتحدة تعلن أنه وفقًا للمبادئ المنصوص عليها في إعلان ليما ، الذي تمت الموافقة عليه في المؤتمر الدولي الثامن للدول الأمريكية في 24 ديسمبر 1938،4 ، مع جميع الأمريكيين الآخرين الجمهوريات ، متحدون في الدفاع عن الأميركتين ، عازمون على ضمان تمتعهم ومن أجل بعضهم البعض بثرواتهم ومواهبهم الخاصة ؛ وفي حين قرر رئيس الولايات المتحدة الأمريكية ، وفقًا لقانون كونغرس الولايات المتحدة الأمريكية المؤرخ 11 مارس 1941،4 أ ورئيس الولايات المتحدة المكسيكية ، أن الدفاع عن كل من الجمهوريات الأمريكية أمر حيوي للدفاع عنها جميعًا ([22]).
وفي حين أن الولايات المتحدة الأمريكية والولايات المتحدة المكسيكية ترغبان بشكل متبادل في إبرام اتفاقية لتوفير مواد الدفاع ومعلومات الدفاع من قبل أي من البلدين إلى البلد الآخر ، وقد تم إبرام مثل هذا الاتفاق في جميع النواحي على النحو الواجب ، وجميع الإجراءات والظروف والإجراءات الشكلية التي قد يكون من الضروري تنفيذها أو تنفيذها أو تنفيذها قبل إبرام مثل هذا الاتفاق وفقًا لقوانين الولايات المتحدة الأمريكية أو الولايات المكسيكية المتحدة ، قد تم تنفيذها أو استيفائها أو نفذت على النحو المطلوب، وقد تم الاتفاق على ما يلي:
تقترح الولايات المتحدة الأمريكية أن تنقل إلى الولايات المتحدة المكسيكية بموجب شروط هذه الاتفاقية الأسلحة والذخائر الحربية بقيمة إجمالية تبلغ حوالي 10،000،000 دولار
ولكن وفقًا لقانون كونغرس الولايات المتحدة الأمريكية المؤرخ 11 مارس 1941 ، تحتفظ الولايات المتحدة الأمريكية بالحق في أي وقت في تعليق عمليات التسليم أو تأجيلها أو إيقافها كلما رأى ذلك الرئيس للولايات المتحدة الأمريكية ، لا تتسق عمليات التسليم الأخرى مع احتياجات الدفاع عن الولايات المتحدة الأمريكية أو نصف الكرة الغربي ؛ وبالمثل ، تحتفظ الولايات المكسيكية المتحدة بالحق في تعليق أو تأجيل أو وقف قبول عمليات التسليم بموجب هذا الاتفاق ، عندما يرى رئيس الولايات المكسيكية المتحدة أن الاحتياجات الدفاعية للولايات المكسيكية المتحدة أو نصف الكرة الغربي لا تخدم من خلال استمرار عمليات التسليم.
يجب الاحتفاظ بسجلات لجميع مواد الدفاع المنقولة بموجب هذه الاتفاقية ، ويجب تبادل ومراجعة الجداول الزمنية لمواد الدفاع هذه لمدة لا تقل عن تسعين يومًا([23]).
توافق حكومة الولايات المتحدة الأمريكية على أن تمنح حكومة الولايات المتحدة المكسيكية تخفيضًا بنسبة 52 في المائة في التكلفة المجدولة للمواد التي يتم تسليمها امتثالًا لأحكام هذا الاتفاق ؛ وتتعهد حكومة الولايات المتحدة المكسيكية بالدفع بالدولار إلى خزانة الولايات المتحدة الأمريكية بنسبة 48 في المائة من التكلفة المجدولة للمواد التي تم تسليمها. لن يُطلب من الولايات المتحدة المكسيكية أن تدفع ما يلي:
- أكثر من 800 ألف دولار قبل 1 يوليو 1943.
- أكثر من 1،600،000 دولار قبل 1 يوليو 1944.
- أكثر من 2،400،000 دولار قبل 1 يوليو 1945.
- أكثر من إجمالي 3،200،000 دولار قبل 1 يوليو 1946.
- أكثر من 4،000،000 دولار قبل 1 يوليو 1947.
- أكثر من إجمالي 4،800،000 دولار قبل 1 يوليو 1948.
إن الولايات المتحدة الأمريكية والولايات المتحدة المكسيكية ، إذ تعترفان بأن التدابير المنصوص عليها في هذا القانون للدفاع المشترك والمقاومة الموحدة للعدوان يتم اتخاذها لغرض آخر يتمثل في إرساء أسس سلام عادل ودائم ، توافق ، حيث لا يمكن أن تكون مثل هذه التدابير يزدهر سلام فعال أو كهذا تحت عبء الدين المفرط ، بحيث يتم تسديد جميع الالتزامات المالية للولايات المكسيكية المتحدة أدناه بموجب الدفعات المذكورة أعلاه ؛ وللهدف نفسه ، يتفقون أيضًا ، وفقًا للمبادئ والبرنامج المنصوص عليه في القرار الخامس والعشرين بشأن التعاون الاقتصادي والمالي للاجتماع الثاني لوزراء خارجية الجمهوريات الأمريكية في هابانا ، يوليو ١٩٤٠ ، ٥ على التعاون مع مع بعضهما البعض ومع الدول الأخرى للتفاوض على اتفاقيات سلع عادلة ومنصفة فيما يتعلق بمنتجات أي منهما والدول الأخرى التي توجد فيها مشاكل تسويقية ، والتعاون مع بعضها البعض ومع الدول الأخرى لتخفيف الضيق والعوز الناجمين عن الحرب في أي مكان ، وبمجرد أن تكون هذه الراحة مستعجلة للمظلومين ولن تساعد المعتدي.
إذا نشأت ظروف تتطلب فيها الولايات المتحدة الأمريكية في دفاعها أو الدفاع عن الأمريكتين مواد دفاع أو معلومات دفاع تكون الولايات المتحدة المكسيكية في وضع يمكنها من توفيرها ، فإن الولايات المتحدة المكسيكية ستصنع مثل هذه المواد الدفاعية و المعلومات الدفاعية المتاحة للولايات المتحدة الأمريكية ، إلى أقصى حد ممكن دون الإضرار باقتصادها وبموجب الشروط المتفق عليها.
تتعهد الولايات المتحدة المكسيكية بأنها لن تقوم ، دون موافقة رئيس الولايات المتحدة الأمريكية ، بنقل ملكية أو حيازة أي مادة دفاعية أو معلومات دفاعية تم تلقيها بموجب هذه الاتفاقية ، أو السماح باستخدامها من قبل أي شخص ليس ضابطًا ، موظف أو وكيل للولايات المتحدة المكسيكية.
و نتيجة لنقل أي مقال دفاع أو معلومات دفاع إلى الولايات المتحدة المكسيكية ، فمن الضروري للولايات المتحدة المكسيكية اتخاذ أي إجراء أو دفع أي مبلغ من أجل حماية أي من حقوق أي مواطن الولايات المتحدة الأمريكية التي لديها حقوق براءات الاختراع في أي من هذه المواد أو المعلومات الدفاعية ، ستقوم الولايات المتحدة المكسيكية بذلك ، عندما يطلب ذلك رئيس الولايات المتحدة الأمريكية.
وبالمثل، إذا كان من الضروري ، نتيجة لنقل أي مقال دفاعي أو معلومات دفاع إلى الولايات المتحدة الأمريكية ، أن تتخذ الولايات المتحدة الأمريكية أي إجراء أو تسدد أي مدفوعات من أجل حماية أي من الحقوق بشكل كامل لأي مواطن من مواطني الولايات المتحدة المكسيكية لديه حقوق براءات الاختراع في أي من هذه المواد أو المعلومات الدفاعية ، ستقوم الولايات المتحدة الأمريكية بذلك ، عندما يطلب ذلك رئيس الولايات المكسيكية المتحدة. تستمر هذه الاتفاقية من تاريخ التوقيع عليها حتى التاريخ المتفق عليه بين الحكومتين ([24]).
كما ان هناك أيضا تقرير مشترك لخبراء مكسيكيين وأمريكيين بشأن المبلغ الذي يجب على المكسيك دفعه مقابل الممتلكات البترولية المصادرة. وهو تقرير مقدم في ١٧ أبريل ١٩٤٢ إلى الرئيس روزفلت والرئيس أفيلا كاماتشو والبرقيات بتاريخ ١٨ أبريل ١٩٤٢. وتحتوي تلك الوثيقة على ما يلي:
- يقدم سفير المكسيك تحياته إلى صاحب السيادة السابق وزير الخارجية ويشرفه أن يضع بين يديه ومذكرته التي تقدم فيها الحكومة المكسيكية عرضًا موجزًا لمختلف المشاكل التي تنتظر تسوية بين المكسيك و الولايات المتحدة وبأشكالها المختلفة التي تم التعاون بين البلدين، وذلك في واشنطن 17 فبراير 1941.
- سفارة المكسيك لدى وزارة الخارجية في 7 أكتوبر 1940 ، كان معالي وكيل وزارة الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية جيدًا بما يكفي لتقديم مذكرة إلى السفير المكسيكي في واشنطن احتفظت ببعض المقترحات المقدمة بقصد تحقيق تسوية مختلف المشاكل العالقة بين الجمهوريتين.
- وفقا للدراسة التي تم إجراؤها من السفير المكسيكي - في مكالمة أجريت مع وكيل وزارة الخارجية ويليس في 16 نوفمبر 1940 ، تم تسليمه له بناءً على تعليمات من حكومته مذكرة تم فيها تناول السؤال التالي على وجه الخصوص: مطالبات الاستقرار النقدي الفضي للبترول والمياه الدولية.
- أثار تبادل الوثائق المذكورة سلسلة من المحادثات بين معالي وكيل وزارة الخارجية للولايات المتحدة والسفير المكسيكي في واشنطن في أحدهما الذي عقد في 4 يناير 1941 ، كان السيد سمر ويلز جيدًا بما يكفي ليقترح الرغبة من الحكم المكسيكي([25]).
المطلب الثاني
الرئيس أفيلا والولايات المتحدة الأمريكية
1- مواقف الرئيس أفيلا مع الولايات المتحدة الأمريكية:
وقد جاء الرئيس مانويل أفيلا كماتشو، وكان هناك مخاوف من الجمهور الأمريكي وحكومة الولايات المتحدة من قراره العام بدعم الرأسمالية في المكسيك، على الرغم من وجود شعبية كبيرة لأفيلا كماتشو في الولايات المتحدة، ولكنه واجه الرفض في بلده، وتم انتخاب أفيلا كماتشو عام 1940 في مواجهة الاضطرابات الاجتماعية الشديدة، وكانت مهمتها السيطرة على معارضة مسلحة من المتعاطفين مع الجنرال خوان أندريو المازان، وهكذا اتسم تنصيب الرئيس في عام 1940 بمواجهات عنيفة بين الشرطة والمتمردين، فقبل ليلتين من تنصيب أفيلا كماتشو جاءت وظيفة تمتع بها كامافيسمو بشكل خاص، وداهمت الشرطة الحكومية والجنود مقر الشيوعيين في أفينيدا برازيل، في معركة السلاح لا مفر منه، قتل رائد في الجيش وأصيب اثنان من الشيوعيين، وقد ذكرت مجلة تايم الإخبارية الأمريكية أن الشرطة والجيش المكسيكيين اعتقلا خمسين شخصًا متهمين بالتآمر، وصادرت الحكومة المكسيكية خلال عملية التفتيش بنادق ورشاشات وذخائر وبالات دعائية وأدلة مزعومة على مؤامرة لاغتيال أفيلا كماتشو، بالإضافة إلى التحدي اليساري للرئيس الجديد، قامت مجموعة من "المثقفات الشابات والنساء المتعصبات" من اليمين بتنظيم احتجاج أثناء التنصيب الرئاسي في سفارة الولايات المتحدة في المكسيك، وهم يهتفون ويصيحون "فيفا المازان"، كانت المجلة غير متعاطفة مع هذا التجمع، قائلة أن هذا كان حشدًا من مؤيدي المرشح الرئاسي المهزوم "أندريو المازان" والذين رفضوا اعتراف الولايات المتحدة بأفيلا كماتشو، وهكذا واجه الرئيس المحافظة أفيلا كماتشو اعتقادًا من اليسار واليمين، لكنه تمتع بموافقة الولايات المتحدة.
لجمع الموارد للسيطرة على التمرد، أقام الرئيس المكسيكي تحالفًا أكثر صرامة مع حكومة رو سي فيلت، التي أعلنها خلال خطاب تنصيبه: "لا شيء يفرقنا في هذه الصداقة التي لدينا، يتم التغلب على أي اختلافات قد تكون بين شعوبنا برغبة نبيلة في ضمان ديمومة حياة قارية من الود على أساس القرار المتبادل، وعلى انتصار العقل على القوة الغاشمة والتعاون السلمي على التدمير الميكانيكي"، ترجم أفيلا كماتشو الود المتبادل بين الولايات المتحدة والمكسيك إلى اتفاقيات تجارية وموافقة على الاستثمار الأجنبي في المكسيك، وأكد للمستثمرين الأمريكيين أن كاردينيز لم يعد يشكل تهديدًا للرأسماليين الأمريكيين أو الوطنيين، مشيرًا إلى أنه كلما توافقت الشركات والاستثمارات مع قوانيننا؛ يجب أن نحترم كل مهنة مشروعة تقوم بها، والعمل بجهد مستمر وأن يكون هناك استعداد للمخاطرة التي قد تواجهها أي شركة، وقد تعتمد على ضمانات من مؤسساتنا.
وكان هذا الرئيس يمتلك المهارات التي لم تقتصر على الاستثمار الأمريكي فحسب، بل شمل أيضًا الدعم العسكري والتقني من الولايات المتحدة لاختناق المعارضة المسلحة والسلمية والخطيرة، وهي خطوة قد تؤدي إلى احتجاجات قوية من القوميين وقادة العمال.
وكانت الدعاية للحرب حاسمة في بناء تحول تدريجي في التصور السائد في المكسيك بأن الولايات المتحدة أمة مسيئة، وبالمساعدة المالية والإشراف على المؤسسات الأمريكية الخاصة والعامة، قللت إدارة أفيلا كماتشو من شأن الظل الإمبريالي الذي ألهته الولايات المتحدة لأكثر من قرن من الزمان على الأراضي والموارد المكسيكية، ومن أجل الامتثال للطلب الأمريكي بالسيطرة على المجتمع المكسيكي الياباني، صورت أفيلا كماتشو مكسيكيين من اليابان كخطر وشيك على الأمن القومي([26]).
وفي الوقت نفسه، وبموجب الأساس المنطقي نفسه للحرب، ألغى الحقوق المدنية لجميع المكسيكيين لاستباق أي محاولة لمقاومة خططه للمكسيك، وفي نهاية المطاف عملت هذه العوامل وغيرها؛ مثل المشاعر المعادية للنازية، وتضامن معظم المكسيكيين مع جمهورية إسبانيا لصالح أفيلا كماتشو وشركائه التجاريين.
وقد اتخذ الرئيس المكسيكي خطوات دقيقة في بناء علاقة وثيقة مع الولايات المتحدة حتى قبل أن يصبح مرشح الحزب الرسمي، وفي مقابل الحق في استخدام أراضيها، سوف تتلقى المكسيك التسلح والتدريب والدعم المالي لجيشها من الولايات المتحدة، ولتجنب المزيد من التمرد أو الاحتجاجات القوية من قبل القوميين في مواجهة التدخل الأمريكي، تجنب أفيلا كماتشو الإعلان عن اتفاقاته.
ولم يلمح وزير الخارجية إيزيكيل باديلا علنًا في خطاب ألقاه أمام الكونغرس المكسيكي حول إمكانية الانضمام إلى الولايات المتحدة ضد هجوم ألماني، إلا في أذار/ مارس 1941، في خطوة أثارت احتجاجات واسعة من قبل المواطنين المناهضين للولايات المتحدة في 1 أبريل 1941، اتخذت الحكومة المكسيكية خطوة أكثر جرأة عندما استولت على إحدى عشرة سفينة ألمانية وإيطالية متمركزة في مواني مكسيكية مختلفة، واعتقلت بحارتهم الـ (555)، الذين اتهمتهم السلطات المكسيكية، لكنها لم تحاكمهم في المحكمة، "يخططون لأنشطة تخريبية"، ومع ذلك استمر أفيلا كماتشو وأعضاء حكومته في التأكيد على أنه في حالة الحرب لن تسمح المكسيك بدخول القوات الأمريكية إلى الأراضي المكسيكية، ولم تبلغ الصحف الخاضعة للرقابة في المكسيك عن التوغل العسكري الأمريكي في خواريز في مارس 1942، لم يكن معظم المكسيكيين قد اتخذوا هذه العملية باستخفاف بسبب التاريخ الطويل للتدخلات الأمريكية في المكسيك، ومع ذلك([27]) فإن الغارة العسكرية الأمريكية عبر الحدود أبرمت صفقة قوية بين الدولتين الوطنيتين، نمت ثقة الولايات المتحدة في أفيلا كماتشو وفي الجيش المكسيكي إلى حد التخطيط لتحديثها واعتمادها للعمليات العسكرية الأمريكية للعمل في نهاية المطاف تحت قيادة الجيش الأمريكي، بالإضافة إلى ذلك سجلت الولايات المتحدة مواطنين مكسيكيين في جيشها، وأنشأت مراكز تجنيد ناجحة للغاية في المكسيك حيث يقدر عدد المواطنين المكسيكيين الذين خدموا في الجيش الأمريكي خلال الحرب العالمية الثانية بـ 250.000([28]).
انضم أفيلا كماتشو إلى جيش فينوستيانو كارانزا في عام 1914؛ لأنه ارتقى بسرعة من خلال صفوفه، وكان منظمًا وإداريًّا ماهرًا، عُيِّن رئيسًا لوزارة الحرب والبحرية في عهد الرئيس أبيلاردو رودريغيز، ووزيرًا للدفاع الوطني في عهد الرئيس لازارو كارديناس عام 1937، وقد استقال من منصبه في عام 1939، فاز بترشيح الحزب الحكومي، حزب الشعب من أجل الديمقراطية المكسيكية، وانتُخب رئيسًا في انتخابات عام 1940 التي كانت تسيطر عليها الحكومة([29]).
وقد اتبع أفيلا كماتشو سياسات داخلية للاعتدال والتقدم المطرد، وردًّا على ذلك ضد معاداة رجال الدين من سلفه، وقام بتهدئة الكنيسة الكاثوليكية الرومانية من خلال إعلان عام عن إيمانه الخاص، كما قام بتوسيع النظام المدرسي، وبناء المستشفيات، ورعاية تشريعات الضمان الاجتماعي، ودعم الإصلاح الزراعي المحدود، غير أن إدارته حرصت في المقام الأول على بدء علاقة جديدة أقامتها مع جارة المكسيك في الشمال؛ الولايات المتحدة، وتمت تسوية النزاع طويل الأمد بشأن الممتلكات النفطية الأمريكية المصادرة؛ قدمت المكسيك العمالة الزراعية والمواد الخام اللازمة للمجهود الحربي للحلفاء، وأعلنت الحرب على دول المحور في عام 1942، حتى أنها أرسلت سربًا من الطيارين للخدمة في المحيط الهادئ([30]).
وبالنظر في وضع النفط المكسيكي من قبل مختلف الإدارات والوكالات التابعة لهذه الحكومة قد وصل إلى النقطة التي يبدو من المرغوب فيها إجراء مناقشة عامة حول الموضوع مع الرئيس كاماتشو لإطلاعه على الوضع الحالي هنا وتأمين منه مثل هذه الآراء التي قد يرغب في التعبير عنها بطريقة أولية لتوجيه أولئك الذين يشاركون في هذا العمل هنا. ربما تم إبلاغ قدر معين من المعلومات حول هذا الموضوع إلى الرئيس من خلال د. بيتا الذي تمت دعوته مع ممثلي بتروليوس مكسيكانوس للمشاركة عن كثب في عمل اللجان والأفراد المشاركين في هذه المشكلة هنا. مع ذلك ، للتأكد من أن الرئيس لديه فهم واضح لآراء هذه الحكومة في هذه المرحلة في اعتباراتها ، يُعتقد أنه من المستحسن أن تعرفه بشكل غير رسمي بالأفكار والأنشطة الموضحة هنا. بقدر ما تتطلب جوانب معينة من المشكلة العامة اهتمامًا فوريًا ، نأمل أن تقوم بإبلاغ الإدارة بنتائج مناقشاتك مع الرئيس في أقرب وقت ممكن.
أولا: في حين تدرك هذه الحكومة حاجة المكسيك الملحة للمواد والمعدات من أجل إنشاء والحفاظ على إمدادات كافية من المنتجات البترولية للأنشطة العسكرية والمدنية ، فمن الضروري للغاية من أجل مصلحتنا المشتركة أن يكون العرض المحدود للمواد الحرجة في هذا النصف من الكرة الأرضية تستخدم فقط في الخدمات التي لها علاقة مهمة وحالية بالجهد الحربي أو بأساسيات الاقتصاد القومي المكسيكي. تتطلب هذه الحقيقة أنه عند تقييم احتياجات المكسيك لمثل هذه المواد المادية، لا تؤخذ في الاعتبار أهميتها فقط فيما يتعلق بالبرنامج العام للمكسيك لتطوير صناعة النفط ، ولكن أيضًا أهمية الوقت فيما يتعلق بكل وحدة في هذا البرنامج. تم التأكيد على أن الاعتبارات التي ذكرت للتو يجب أن تتعلق بشكل أساسي بأولوية الأهمية فيما يتعلق بالوقت ، ولا تهدف إلى تقييم سلامة برنامج المكسيك بعيد المدى لتطوير صناعة ما قبل البترول([31]).
ثانيا. من وجهة نظر بعيدة المدى ، تدرك هذه الحكومة أن مصالح هذه الأمة في إمدادات النفط مرتبطة ارتباطًا وثيقًا وضروريًا بمصالح المكسيك. ينطبق مجتمع المصالح هذا بالطبع بين جميع دول نصف الكرة الغربي. لا يمكن حل المشاكل المختلفة للاحتياطيات للدفاع والتنمية في نصف الكرة الغربي في المستقبل ، أو إمدادات المنتجات النهائية لحالات الطوارئ الحربية أو المهن المدنية الأساسية ، أو النقل أو تجارة التصدير ، إلا إذا اعتبرت مسائل ذات اهتمام دولي مشترك. من وجهة النظر هذه ، فإن هذه الحكومة لديها اهتمام عميق بمشاكل وخطط المكسيك فيما يتعلق بالنفط. في حين كثفت الحرب تقدير هذه المصلحة المتبادلة ، وأعطت إلحاحًا خاصًا لبعض جوانبها ، فإن هذه الحكومة تعتبر سياسة النفط بعيدة المدى في المكسيك مهمة بشكل رئيسي لأنها عنصر أساسي في التنمية الوطنية للمكسيك ، وبالتالي في تطوير نصف الكرة الأرضية.
ثالثا: المسائل الخاصة فيما يتعلق بصناعة النفط المكسيكية التي لم تتخذ إجراءات نهائية بشأنها بعد. يرجع التأخير في التعامل مع هذه الأمور جزئيًا على الأقل جزئيًا إلى نقص المعلومات هنا فيما يتعلق بالأهمية النسبية لأجزاء مختلفة من المشاريع المعنية ، وإمكانية استبدال مواد أو معدات مختلفة لتحقيق نتيجة معادلة ، وبشكل عام ونقص المعلومات حول البرنامج الشامل لتطوير صناعة النفط الذي تعمل الحكومة المكسيكية من أجله.
رابعا: إن إبرام تقييم الممتلكات النفطية الذي عهدت به الحكومتان إلى مهمة كوك - زيفادا (53) بالاقتران مع اتفاقية التجارة الأخيرة (54) والأدلة الحالية الأخرى للتفاهم المتبادل بين البلدين ، يشير إلى هذه اللحظة على أنها لحظة مؤثرة بشكل فريد في تاريخ المكسيك. صناعة النفط. وترى هذه الحكومة ، واضعة في اعتبارها الدور الذي قامت به في إتاحة الفرصة الحالية لإعادة التنظيم ، أنه لا ينبغي السماح لأي شيء ، باستثناء مقتضيات الحرب ، بالتدخل في إعادة تأسيس صناعة النفط بشكل سليم ومنظم. في المكسيك. وستعتبر ذلك مؤسفًا على وجه الخصوص إذا احتوت السياسات والخطط الفورية للحكومة المكسيكية لإعادة تأهيل صناعتها النفطية ، تحت الضغط الذي لا مفر منه في ظل هذه الأوقات الحرجة ، على بذور المشاكل والتي قد تترك في نهاية المطاف كلاً من المكسيك ونصف الكرة الأرضية التي تعتبر جزءًا مهمًا فيها بدون المزايا التي عانت منها هذه الآلام الكبيرة. لقد أبدت هذه الحكومة استعدادها للمساعدة بكل وسيلة مناسبة نحو الحماية من مثل هذا الحادث.
وبأخذ الأفكار المشار إليها في الفقرات السابقة في الاعتبار ، اتخذت هذه الحكومة مؤخرا خطوات لتوجيه انتباه الوكالات المهتمة بهذه الحكومة إلى مسائل النفط المكسيكية العديدة التي اعتبرت حتى الآن على أنها مشاكل منفصلة. تتضمن هذه الأمور ما يلي:
1- طلبات ترخيص التصدير وتصنيفات الأولوية للمواد المطلوبة لصيانة العمليات النفطية الحالية.
2- طلبات الحصول على رخصة تصدير وتقييمات الأولوية للمواد والمعدات للمصانع الجديدة ولتوسيع العمليات الحالية.
3- الاعتبارات العسكرية التي لها تأثير مباشر على كمية المنتجات البترولية التي قد تكون مطلوبة لأغراض الحرب وموقعها ، ولا سيما جودة تلك المنتجات.
4- الاستخدام الفعال لناقلات النفط المكسيكية.
5- مقترحات مختلفة من المروجين الأمريكيين المستقلين للمشاركة في تطوير صناعة النفط المكسيكية.
6- مشاكل مختلفة تتعلق بمصالح شركات النفط الكبرى السابقة والحالية التي تعمل في المكسيك.
7- المشاركة المالية لهذه الحكومة.
اما فيما يتعلق بهذه المشاكل ، فقد أسندت هذه الإدارة واجبات معينة ، ولا سيما واجب تنسيق الأنشطة ذات الصلة للوكالات الحكومية المختلفة وإعداد توصيات لاتخاذ إجراءات نهائية ، على لجنة سياسة البترول الخارجية. وتشمل تلك اللجنة ممثلين عن الإدارات الحكومية التالية: وزارة الخارجية ، وزارة الحرب ، وزارة البحرية ، مكتب منسق البترول للحرب ، مجلس الحرب الاقتصادية ، مجلس إنتاج الحرب ، وإدارة إقراض الإيجار. مع ممثلي هذه اللجنة ، وكذلك مع أعضاء هذا القسم ، تمت دعوة الدكتور بيتا وزملاؤه للتعاون ، كما تمت الإشارة إليه سابقًا في هذه المذكرة.
وكنتيجة للعمل الذي أنجزته تلك اللجنة حتى الآن ، واستناداً إلى المعلومات التي تمكنت من الحصول عليها ، فقد قدمت تقريراً أولياً يتضمن توصيات أولية معينة يمكن تلخيصها على النحو التالي:
(أ) هناك حاجة ماسة إلى مواد الصيانة لإنتاج العمليات والمصافي. لا يمكن تأجيل بعض هذه المواد دون تفاقم التدهور الحالي بشكل كبير ودعوة الفشل الكامل أو الحوادث الكارثية([32]).
وقد اتخذت خطوات، بمساعدة ممثلي شركة بتروليوس المكسيكيين الموجودين هنا الآن، لاختيار المواد التي تمس الحاجة إليها وتيسير إصدار الأولويات وتراخيص التصدير التي تغطي تلك الأصناف المحددة.
(ب) يبدو أن خدمات نقل النفط وتوزيعه داخل المكسيك غير منظمة تنظيما كافيا وتعاني من نقص المعدات المناسبة. وفي حالة الطوارئ التي قد تكون في حالة الحرب، قد يكون فشل هذه الخدمات خطيراً. ومن المقترح أن يقوم العقيد هيل، الذي يعمل الآن في إجراء مسح عام للسكك الحديدية في المكسيك، بمساعدة البعثة النفطية بشأن هذه المشكلة، فيما يتعلق بالنقل بالسكك الحديدية. وستنظر البعثة التقنية، مع المسؤولين المكسيكيين المناسبين، في مراحل أخرى من المشكلة.
(ج) عمليات التكرير الحالية والمعدات غير القادرة على إنتاج نوعية المنتجات التي تحتاجها القوات العسكرية الآلية.
وينبغي فحص هذه المصافي دراسة نقدية لتحديد أفضل الطرق لتكملة المعدات أو استبدالها أو تعديلها، وتعديل العمليات وإجراءات التشغيل لضمان تحقيق أفضل النتائج. وينبغي التركيز بوجه خاص على استخدام المعدات المصنعة بالفعل المتاحة الآن في الولايات المتحدة. (على سبيل المثال هناك العديد من المصافي الحديثة الصغيرة هنا التي تم تشغيلها قليلا جدا أو لا تعمل على الإطلاق، وحدات منها قد يتم نقلها بسرعة كبيرة إلى المكسيك.)
(د) هناك إهدار كبير للغاز الغني في بوزا ريكا، الذي لا يهدر المنتجات القيمة الواردة فيه فحسب، بل إنه، وهو الأهم، سيؤدي إلى استنفاد حقل بوزا ريكا نفسه قبل الأوان.
وينبغي اتخاذ قرار من تركيب مناسب لاستعادة البنزين الطبيعي من هذا الغاز، وأفضل استخدام لهذا المنتج. وينبغي إيلاء الاعتبار الفوري والكفوء أيضا لإعادة جزء من الغاز إلى هيكل لإعادة الضغط على الحقل.
(هـ) ينبغي إيلاء الاهتمام لحالة خط السكك الحديدية تيهوانتيبيك ولمرافق المحطة الطرفية في سالينا كروز وموانئ الساحل الشرقي. وفي حالات الطوارئ، قد تكون هناك حاجة إلى هذه المرافق لنقل وتخزين إمدادات النفط الأساسية في الحرب. (العقيد هيل من شأنه أن يساعد في هذا.)
(و) ينبغي تحديد وسائل لزيادة عرض واستخدام الرصاص رباعي الإيثيل.
(ز) يتطلب تقييم المشاكل والخطط الأخرى، مثل مقترحات بعض المصالح الأمريكية لتنفيذ مشاريع معينة في المكسيك، معرفة أكمل مما تمتلكه اللجنة الآن فيما يتعلق بإنجاز العمل الأساسي الذي لا تغطيه هذه المقترحات (ويثير بعض المسائل الأخرى التي ستذكر لاحقا). وينبغي تأجيل موافقة هذه الحكومة، بقدر ما تكون الموافقة عليها أو طلبها، إلى أن يتسنى الإجابة على بعض الأسئلة([33]).
وبالنظر إلى الاعتبارات السابقة التي قدمتها اللجنة، هناك توصية أخرى مفادها أنه إذا كان الاقتراح مقبولا لدى السلطات المكسيكية، فإن المكسيك تدعو فريقا صغيرا من الخبراء من وكالات هذه الحكومة إلى إجراء مسح ميداني سريع، بالاشتراك مع شركة بتروليوس مكسيكوس، للمنشآت والظروف التي تنطوي عليها المشاكل قيد النظر الآن. ولا يُقترح تأجيل بعض الإجراءات الضرورية على وجه السرعة إلى حين الانتهاء من هذه الدراسة الاستقصائية. بيد أنه أشير إلى أن العديد من المسائل التي تقف الآن في طريق اتخاذ إجراء عاجل ستتضح بسرعة كبيرة باتباع المسار الموصى به. وتوافق الإدارة على هذا الاعتقاد وتقترح أن تركزوا بشكل مناسب على هذا الاقتراح في مناقشتكم مع الرئيس.
ثالثا: وبالإضافة إلى الجوانب التقنية لهذه المشاكل التي كانت موضوع دراسة اللجنة حتى الآن، هناك جوانب أخرى تود الإدارة نفسها أن تعرف بشأنها بصورة غير رسمية رأي الرئيس كاماتشو. استنادا إلى الاعتبارات التقنية وحدها من الممكن صياغة برنامج سليم وشامل يمكن أن يستمر التطوير المنظم لصناعة النفط المكسيكية ، بدءا من أعمال الإصلاح اللازمة حاليا ، وتدريجيا ، وتعديل واستكمال المرافق لتلبية المتطلبات المحلية ، ومتطلبات الحرب ، وأخيرا إمكانيات التصدير الكاملة للصناعة. وبالخطوات الأولى على الأقل في مثل هذا البرنامج، فإن هذه الحكومة مستعدة لتقديم المساعدة على النحو المشار إليه. وهي أيضا على استعداد للمساعدة بجميع الطرق المناسبة في صياغة البرنامج الشامل نفسه. بيد أنه عند تنفيذ هذه الخطة، سرعان ما يتم التوصل إلى نقطة يصبح من المستصوب فيها معرفة سياسات ونوايا الحكومة المكسيكية فيما يتعلق بمسائل من قبيل الشروط والطريقة التي سيطلب بها من المصالح الأجنبية المشاركة أو يسمح لها بالمشاركة فيها. وهكذا، على سبيل المثال، هل تعتزم الحكومة المكسيكية القيام بما يلي:
1- القيام بجميع جوانب صناعتها النفطية، بما في ذلك الاستكشاف والتطوير والتصنيع والتسويق، المحلي ة والتصديرية على حد سواء، عن طريق شركة نفط متكاملة تماما ً تخضع للسيطرة المباشرة للحكومة.
2- السماح للمصالح الأجنبية الخاصة الفردية بالاضطلاع بأنشطة معينة على أساس تقاسم الأرباح، على سبيل المثال في إطار شكل من أشكال عقد التشغيل أو الإدارة.
3- السماح للمصالح الأجنبية الخاصة الفردية بالقيام بأنشطة معينة على أساس التزامات ثابتة تجاه الحكومة المكسيكية؛ السماح بفرصة تحقيق أرباح، تتجاوز الالتزامات الثابتة، أن تعود على الشركة الخاصة كحافز على الاضطلاع بالمخاطر الكامنة في أنشطة معينة من هذه الصناعة.
4- السماح بمشاركة اتحاد من المصالح الأجنبية التي تعمل كشركة واحدة في علاقة تعاقدية مع الحكومة المكسيكية أو مع شركة بتروليوس المكسيكية.
وفي حالة ما إذا كانت الحكومة المكسيكية تفكر في السماح بمشاركة المصالح الأجنبية الخاصة، فإن هذه الحكومة مهتمة بمعرفة موقف الحكومة المكسيكية من هذه المشاركة من جانب شركات النفط الأمريكية.
وفي مناقشتكم مع الرئيس، ينبغي أن توضحوا أن التحقيقات، مثل ما سبق بشأن السياسة النفطية المكسيكية، لا تعكس أي رغبة من جانب هذه الحكومة في التدخل بأي شكل من الأشكال في حرية الحكومة المكسيكية في تحديد سياستها النفطية. بيد أنه من الواضح أنه عندما يطلب من هذه الحكومة أن تنظر في المسائل التي تنطوي على مساعدة مالية أو غيرها من المساعدات الكبيرة، أو التي تنطوي على أمن نصف الكرة الغربي عسكريا واقتصاديا على السواء، أو التي تنطوي على أنشطة هامة وطنيا لمواطنيها في الخارج، يجب أن تكون في وضع يمكنها من الحكم على العواقب الطويلة الأجل لأفعالها. وهذه كلها مسائل لا ترغب هذه الحكومة في هذه القضية في تجنبها ولا تتوقع تجنبها.
والغرض من الطلب منكم مناقشة هذه الحالة برمتها بصراحة وبشكل غير رسمي مع الرئيس هو تمهيد الطريق للتعاون الفوري والفعال بين الوكالات المناسبة وأفراد الحكومتين المعنيين مباشرة بالجوانب النفطية للاتفاق العام القائم بين هاتين الدولتين. ومن هذا المنطلق، صاغت هذه الحكومة الاقتراح، الذي نوقش في وقت سابق، للنظر إلى المشاكل المنفصلة العديدة التي يجري النظر فيها الآن على أنها أجزاء من برنامج شامل، ستحدد بعض سياسات الحكومة المكسيكية خصائصه الأساسية([34]).
2- الرئيس أفيلا وتصرفاته مع الولايات المتحدة الأمريكية:
أبلغ الرئيس أفيلا كماتشو الأمة بالإجراءات التي اتخذتها حكومته ضد "العدو" في خطابه الرئاسي عام 1942، وعلى حد تعبير أفيلا كماتشو، فإن المكسيك كانت تُنسج كشعب بطولي يواجه حربًا مفتوحة ضد إيطاليا وألمانيا واليابان؛ لأن الأمة بأسرها أثبتت موقفها بأنه عندما يحين الوقت، يعرف كل مكسيكي كيف يكون جنديًّا مصممًا على الدفاع عن الوطن الأم، بأخذ السلاح أو في مكان عمله؛ من خلال الإنتاجية أو من خلال التضحية (تصفيق)، وقد تألف "الدفاع عن الوطن" من طرد المكسيكيين من جابا ونسلهم من المناطق الحدودية والمناطق الساحلية.
من بين الإجراءات اللازمة لنقل الأشخاص من أصل جابانيسي، وقع أفيلا كماتشو على مرسوم رئاسي يعلق الحقوق الدستورية الفردية التي يمكن أن تشكل عقبة أمام الدفاع السريع والسهل للأمة، وبناءً على ذلك، فإن خطابه الذي سُمع في جميع أنحاء المكسيك عبر موجات الأثير أوضح أن الألمان والإيطاليين والجابانيسي الذين كانوا يقيمون بالقرب من السواحل والحدود، أو في أماكن بعيدة، حيث اعتبر وجودهم غير مرغوب فيه؛ تم نقلهم إلى عاصمة الجمهورية وإلى أماكن أخرى من الداخل، تم إغلاق مراكز الاجتماعات التي تنتمي إلى مجموعة من الأجانب، وبلدنا في حالة حرب ضد بلادهم، (وغيرها) من الإجراءات الفعالة التي تم اتخاذها لتجنب توزيع دعاية العدو والأنشطة الأخرى التي تؤثر على أمن الأمة، ومع أن أفيلا كماتشو ضم سكان من المكسيك من ألمانيا وإيطاليا؛ إلا أن الهدف الرئيسي من هذه الطمأنينة في الشرق الأوسط وإفريقيا كان مجتمع اليابان المكسيكي، ورد نائب رئيس مجلس الشيوخ الاتحادي مانويل غودينيو دياز على الخطاب الرئاسي في اليوم نفسه بتوجيه مزيد من الاتهامات الكاذبة إلى المجتمع المكسيكي الياباني، وشدد غودينيو دياز على "الخطر الذي يمثله"، وأشار دون تحديد جرائمهم المزعومة، إلى "عدم ولائهم للبلد نفسه الذي قدم الضيافة لهم"، وصدرت بيانات إدانة مماثلة في الولايات المتحدة وكندا، حيث اعتُبر الجابانيسي "خائنًا في الصميم"([35]).
بينما أثناء عمليات التسليح السابقة، كان المواطنون المكسيكيون قد ارتبطوا في كثير من الأحيان بالقومية مع النضال ضد قرار الولايات المتحدة واستغلال موارد الناتو القيمة، أدت الحرب العالمية الثانية إلى خلق نوع جديد من القومية، وطبقًا لرانكين فإن المناقشات العامة للحرب سمحت للزعماء بدمج هذه الاستراتيجيات الاقتصادية في تعريفات أكثر تجريدًا للديمقراطية ومفاهيم باتريا المتغيرة، وقد أسهم وصف المكسيكيين جابا بأنهم "عدو داخلي" جزئيًّا في نجاح أفيلا كماتشو في تحقيق الوحدة الوطنية، وارتبط مفهومه للأمة ارتباطًا وثيقًا بالمفاهيم العرقية للمواطنة في عام 1943، جادل أفيلا كماتشو بأنه بسبب الحرب فإن المكسيك تحتاج إلى إلقاء نظرة صارمة على المهاجرين، مع إعطاء الأفضلية لأولئك القادرين من الاستيعاب بسبب تقاربهم العرقي والأيديولوجي.
ونتيجةً لذلك، عندما أبعد أفيلا كماتشو المكسيكيين من الأراضي الحدودية، عزز فكرة أن المهاجرين من جابا وأولادهم المكسيكيين غير قادرين على الاستيعاب وأن عدم قدرتهم على الاندماج في مجتمعاتهم المحلية جعلهم عملاء لولاية جابا، وفي كل حين أكدت الإنتاجات الإعلامية والخطاب الرسمي في المكسيك على وجود تقارب أيديولوجي قوي بين شعوب المكسيك وشعوب الولايات المتحدة.
على الرغم من الروايات التي تزعم أن برنامج إعادة التوطين كان عملية ضرورية للدفاع عن القارات الأمريكية، لم يحاكم المكسيكيون في جابا على أسس فردية لإثبات تورطهم في عمليات تجسس أو تخريب أو عسكرية، وبدلًا من ذلك شيطنت الحكومة المكسيكية اقتلاع من جذور المكسيكيين من جابانيسي للامتثال لطلبات الولايات المتحدة، وكان لهذه التصريحات آثار دائمة وضارة على حياتهم، مثل د. تسونسابورو هاسيجاوا أراكي الذي اعتقل في عام 1942 على الأراضي المكسيكية من قبل الجنود الأمريكيين والمكسيكيين تحت توجيه نائب القنصل الأمريكي, لم يعودوا أبدًا إلى المناطق الحدودية، ولم تصدر الحكومة المكسيكية أي وثيقة رسمية تلغي تجنيس جنسه؛ ولم يسترد جنسيته رسميًّا.
ومثل الدكتور هاسيجاوا، ظل الآلاف من المكسيكيين اليابانيين بعيدًا عن منازلهم في المناطق الحدودية، بعد أن فقدوا ممتلكاتهم وروابطهم الأسرية وحتى بعض حياتهم خلال الحرب العالمية الثانية حتى اليوم، ومع ذلك لم تقدم الحكومة المكسيكية ولا الولايات المتحدة على الإطلاق تعويضات فردية للمكسيكيين المهجرين (جابا) عن خسائرهم([36]).
3- دعم أفيلا للولايات المتحدة الأمريكية:
وفي غضون بضعة أيام بعد الهجوم الياباني على هاواي والفلبين، بدأت دول العالم الجديد في التلاوي إلى جانب الولايات المتحدة، وعلى الفور أعلنت كوبا وهايتي وجمهورية الدومينيكان، والجمهوريات الست في أميركا الوسطى؛ الحرب ضد المحور، وقد تعهدت البرازيل التي يعتبر أمنها حيويًّا للدفاع عن نصف الكرة الغربي، بالتعاون مع دول المحور، ولكنها لم تكن في الوقت الحالي قد قطعت علاقاتها الدبلوماسية مع دول المحور، أما المكسيك التي لم تكن في مناسبات معينة على أفضل وجه مع جارتها إلى الشمال، فقد استجابت على الفور بأي رد وبودٍّ ملحوظ([37]).
في المساء الثاني بعد الهجوم الياباني على بيرل هاربور، أكد رئيس المكسيك الأونورابل مانويل أفيلا كماتشو علنًا؛ تفاني بلاده في القضية التي تقاتل الولايات المتحدة من أجلها، كما أعلن الرئيس أفيلا كماتشو عبر شبكة إذاعية خاصة أن المكسيك قطعت العلاقات الدبلوماسية مع اليابان، وأن بلاده تقف إلى جانب كل أولئك الذين لا يستطيعون "الاعتراف بأن المجتمع الدولي يجب أن يظل خاضعًا للأفعال التعسفية للدول الأكثر قوة إلى أجل غير مسمى، والذين يسعون جاهدين للمساهمة بالوسائل السلمية، في بناء عالم يكون فيه الإنسان صديقًا للإنسان..."، وتابع أن الدول المُحبة للسلام تحاصرها الآن قوات العدوان، في ظل هذه الظروف، كان مصير المكسيك والولايات المتحدة تقديم التعاون الحميم الذي قد يعمل على ربط التضامن مع الإجراءات التي اتخذتها الأمريكتين.
بعد ذلك تحدث الرئيس أفيلا كماتشو بشكل أكثر تحديدًا إلى مواطنيه ونصحهم بالحفاظ على الصفاء الذي تتطلبه الظروف، وتعهد بأن الحكومة ستتصرف بحزم، ولكن بما يتفق مع إرادة الشعب وكرامة وشرف الأمة.
ولو كان المرء قد نظر في خلفية الخلاف بين البلدين في عام 1939، لما بدا احتمال التعاون العسكري النشط مع المكسيك ضئيلًا، قبل عشرين عامًا عندما كانت الولايات المتحدة على شفا الدخول في الحرب العالمية الأولى، كانت المكسيك في أفضل تقدير جارة غير متعاطفة، وكانت تبدو وكأنها عدو محتمل، وكانت قوات الولايات المتحدة التي كانت تتحرك إلى شمال المكسيك في إطار سعيها إلى إقامة أفيلا كماتشو البطل الشعبي، قد خلفت وراءها سلسلة من العداء، ويبدو أن التحالف بين ألمانيا الإمبراطورية والمكسيك الثورية، مثل مذكرة زيمرمان المقدَّمة، لم يكن مستحيلًا، وفي مجال الواقع، فإن بعض الإصلاحات المنصوص عليها في دستور المكسيك لعام 1917 لا يمكن تحقيقها إلا على حساب ملاك الأراضي وشركات النفط الأمريكية في المكسيك، وكان هذا من بين أكبر المهيّرين خلال العقدين القادمين، وقد بنى السفير دوايت مورو درجة من التفاهم وحسن النية في أواخر العشرينات، ثم السفير جوزيفوس دانييلز بعد عقد من الزمان، ولكن لم يكن من الممكن التوصل إلى تسوية حقيقية ما دامت أي خطوة تتخذها الحكومة المكسيكية في هذا الاتجاه يمكن أن تبدو كحل وسط مع المثل العليا للثورة أو مع روح الدستور، وبعد الانفصال عن الرئيس السابق بلوتاركو إلياس كاليس "الرجل الحديدي" في السياسة المكسيكية؛ شرع الرئيس لازارو كارديناس في إطلاق برنامج مصادرة مكثف، ولم يتم تصفية الجدل الناتج والاختلافات القديمة الأخرى بالكامل عندما اندلعت الحرب الأوروبية في عام 1939([38]).
وإذا كانت خلفية الخلاف تجعل التعاون العسكري مع المكسيك يبدو غير مؤكد؛ فإن التوقعات الاستراتيجية في مستهل الأمر جعلت التعاون العسكري يبدو غير ضروري، وخلال الاثني عشر شهرًا الأولى أو نحو ذلك بعد اندلاع الحرب في أوروبا، كانت البرازيل الشرقية وجنوب المحيط الأطلسي نقطة محورية للدفاع في نصف الكرة الأرضية، بعد صيف 1940 كان هناك أوقات اضطر فيها مخططو الجيش لتحويل انتباههم إلى مكان آخر، ولكنهم ركزوا اهتمامهم بشكل عام على التضخم في البرازيل، وقد قدمت المكسيك بموافقة حكومتها، ممرًا مناسبًا لحركة الهواء إلى قناة بنما، ولكن الطريق الرئيسي إلى البرازيل جاء بعد اجتياح جزر الأنتيل، ومع أن التحول الكارثي في الوضع العسكري في أوروبا خلال صيف عام 1940 بدأ يشير إلى كندا كشريك أكثر احتمالًا في التسلح؛ إلا أن البحار الضيقة بين البرازيل وساحل غينيا لا تزال تبتلع معظم اهتمام المخططين العسكريين حتى دخلت الولايات المتحدة الحرب([39]).
وكان سقوط فرنسا سببًا في إثارة احتمال اضطرار منظمـي الدفاع الأمريكيين إلى النظر إلى نصف الكرة الأرضية من خلال عدسة ذات بؤرة حيوية، والنظر ليس فقط في الدول المجاورة البعيدة بل وأيضًا المجاورة، سواء في الشمال أو الجنوب، والواقع أن الأزمة ذاتها والخوف من اقتراب الخطر، بصرف النظر عن الاتجاه الذي قد يبدو منه، من شأنهما أن يقربا الولايات المتحدة من جيرانها على الجانبين، وهناك عناصر معينة في هذه الحالة تبذل جهدًا محددًا نحو إقامة علاقة أوثق مع المكسيك، فقد كانت الانتخابات الرئاسية في المكسيك تقترب من ذلك، الأمر الذي قد يؤدي إلى الفوضى والاضطرابات الداخلية، إن الخوف من استغلال عملاء المحور لظروف كهذه لتمهيد الطريق أمام هيمنة نازية أو فاشية على أمريكا اللاتينية لم يكن أقل العوامل التي تحكم التخطيط العسكري للولايات المتحدة، فضلًا عن ذلك فإن المكسيك لم تعد تربطها أي علاقات وطيدة بالعالم القديم، على عكس كندا التي كانت جزءًا لا يتجزأ من كومنولث الأمم البريطاني، كانت المكسيك عضوًا في أسرة البلدان الأمريكية، ملتزمة بمبدأ أن "كل عمل يمكن أن يزعج سلام أمريكا يؤثر على كل واحد من الأمم الأمريكية"، وإذا أخذنا في الاعتبار مسألة أخرى، فإن احتمالات التعاون مع المكسيك أصبحت الآن مواتية إلى حد ما، ولكن المكسيك وكندا لم يسارعا إلى العمل بقدر كبير من التضافر مع الولايات المتحدة، ولم توقِ الولايات المتحدة من العمل بشكل غير صحيح، ولقد دفعت الظروف دول العالم الجديد إلى العمل الجماعي([40]).
في مظاهرة قوية لوحدة شعورهم، احتجت جميع الجمهوريات الأمريكية في 19 مايو 1940 ضد الغزو الألماني للبلدان المنخفضة، لكن المشكلة كانت في ترجمة السخط الجماعي إلى سياسة مشتركة، وسياسة مشتركة إلى عمل مشترك، ومن ثم أعلنت الولايات المتحدة رسميًّا أمام جيرانها والعالم أنها: "ستتعاون تعاونًا كاملًا، كلما كان ذلك مطلوبًا، مع الحكومات الأمريكية الأخرى في سحق جميع الأنشطة التي تنشأ من مصادر غير أمريكية والتي تعرض للخطر حريتنا السياسية والاقتصادية"، أعربت الدول الأمريكية من المكسيك والبرازيل وجميع الدول اللاتينية الأخرى، باستثناء الأرجنتين، عن استعدادها للتعاون مع الولايات المتحدة، ومن أجل جعل تعاونهم فعالًا، سيتعين على الولايات المتحدة توفير العديد من وسائل صنع الحرب المادية، وقبل أن يتم ذلك كان على الولايات المتحدة أن تعرف إلى أي مدى يمكن لكل حكومة أن تذهب للدفاع عن أراضيها، وإلى أي مدى يمكنها أن تذهب لمساعدة جيرانها.
في غضون ذلك حاولت وزارتا الحربية والبحرية الحصول على اتفاقية رسمية موقعة باعتبارها اللمسة النهائية للمؤتمرات، دون تأخير لا مبرر له، تمت الموافقة على سجل المحادثات وإرساله عبر القنوات الدبلوماسية العرفية إلى الحكومة المكسيكية للموافقة عليه، خلال شهري أغسطس وسبتمبر، انتظرت الإدارتان أن تقبل المكسيك اتفاقات الموظفين، وصل شهر ديسمبر وتم تنصيب الرئيس الجديد "أفيلا كماتشو" في مكسيكو سيتي، لكن الحكومة الجديدة، مثل سلفها، حجبت الموافقة الرسمية، كان هناك حديث عن إنشاء مجلس دفاع مشترك مشابه للمجلس المشترك الدائم للدفاع، كندا والولايات المتحدة، والرئيس أفيلا كماتشو([41]).
ومع عدم رغبته في الوقت الحالي في الاتفاق علنًا ورسميًّا في مثل هذه الخطوة؛ إلا أنه كان مقبولًا لسلسلة أخرى من محادثات الموظفين غير الرسمية من الرجال الذين سيصبحون فيما بعد أعضاء في المجلس، كان من بين البنود المدرجة في جدول الأعمال المقترح توصية من الجيش والبحرية بالتصديق الرسمي على الاتفاقات المبرمة في مؤتمرات يوليو، فشلت جميع الجهود على طول هذا الخط حتى بعد أن هاجم اليابانيون بيرل هاربور، ولا يبدو أن التأخير يعكس أي عدم رغبة حقيقية من جانب أيٍّ من الحكومتين في التعاون مع الأخرى؛ بل يبدو أنها تمثل الانحناء على النفعية من جانب كل منهما وظروف اللحظة كما ترى الحكومة المكسيكية، لفترة من الوقت بعد انتخابات يوليو، بدت ثورة في المكسيك محتملة، حيث أعلن أتباع المرشح المهزوم أن إرادة الشعب قد تم التحايل عليها من خلال الاحتيال وستنتصر بالقوة بحلول سبتمبر.
وقد انتشرت أعمال الشغب والمظاهرات المتفرقة من مكسيكو سيتي إلى ريو غراندي، وقامت حكومة ركام بتركيب نفسها في التلال الجنوبية، في حين بدأت قمع القيادة في شمال غرب المكسيك بالثورة، وكان من المفترض أن يؤدي التفاهم المفتوح المعلن عنه بين الحكومة الفيدرالية والولايات المتحدة إلى إضافة المزيد من الوقود إلى الاضطراب، وبعد زوال التهديد بالثورة حاول العملاء النازيون و"العمود الخامس" الصغير إبقاء اللهب على قيد الحياة من خلال اتهامهم بأن "مجموعة Cardenas- Avila Camacho قد باعت المكسيك إلى أسفل النهر للولايات المتحدة مقابل اعترافنا بأفيلا كماتشو"، كما تم تعميم "معاهدة" زائفة كدليل وهمي، حيث كان من المفترض أن الوثيقة قد تم التوقيع عليها في كويرنافاكا في 14 نوفمبر من قبل كارديناس، أفيلا كماتشو، وثلاثة ضباط في جيش الولايات المتحدة، ويزعم أنها أعطت الولايات المتحدة بأكملها باجا كاليفورنيا، واستخدام جميع المواني المكسيكية كبحرية قواعد، فضلًا عن احتكار جميع الزيوت والمعادن، وأخيرًا للسماح باحتلال المكسيك من قبل جيش الولايات المتحدة، تجاوزت ضراوة الهجوم إلى حد بعيد العداء المعادي للأمركة بعد الانتخابات، حتى انتهى الأمر، تفضل الرئيس أفيلا كماتشو بلا شك بعدم تقديم أي التزام رسمي أو إعلان علني عن التعاون مع الولايات المتحدة([42]).
ربما أسهم سوء فهم من قبل قسم خطط الحرب لما وافق عليه الممثلون المكسيكيون في مؤتمرات يوليو 1940 في تردد الحكومة المكسيكية، حول هذه النقطة سجل المحادثات واضح، فقد وافق الجنرال سانشيز فقط على إبلاغ السفير المكسيكي؛ أولًا: بأن الولايات المتحدة ترغب في استخدام المطارات المكسيكية لأغراض "الدفاع القاري"، وثانيًا: أن الولايات المتحدة طلبت المكسيك لتوفير الحماية الكافية للحقول، ومع ذلك أعطت شعبة خطط الحرب في مذكرة للجنرال مارشال في 31 يوليو ما يلي كقواعد اتفاق تم طرحها في المؤتمرات:
ستوافق المكسيك على السماح للولايات المتحدة باستخدام مطاراتها لتحركات الطيران القتالي الأمريكي إلى قناة بنما أو في أي مكان آخر في أمريكا اللاتينية، كما هو مطلوب لإنجاز مهام الدفاع في نصف الكرة الأرضية، ستوافق المكسيك على حماية مطاراتها من أجل توفير الأمن لاستخدامها من قبل الطيران الأمريكي، استمرت الفكرة الخاطئة القائلة بأن قبول المكسيك رسميًّا للاتفاقات المشروطة التي تم التوصل إليها في المؤتمرات ستلزم الحكومة المكسيكية بالسماح للولايات المتحدة باستخدام المطارات المكسيكية حتى منتصف فبراير 1941([43]).
كان أحد العوائق الرئيسية أمام اتفاق الدفاع الصارم والسريع، بعد عودة مقياس من الهدوء المحلي إلى المكسيك، هو الفشل المستمر للبلدين في تسوية خلافهما بشأن المطالبات، بعد تولي الرئيس أفيلا كماتشو منصبه، بذلت الولايات المتحدة جهودًا حثيثة للتوصل إلى اتفاق عام، لكن مسألة النفط ظلت مضطربة كما كانت دائمًا، كما يمكن تمييز التقدم البسيط، إن وجد، حتى منتصف عام 1941، عندما وافقت الحكومتان على صيغة مؤقتة للتسوية في الوقت نفسه تقريبًا، أصبح مسار التعاون العسكري أكثر سلاسة، مع أن الاتفاقات النهائية التي حلت مشكلة النفط والقضايا المرتبطة بها لم يتم توقيعها إلا بعد ثلاثة أو أربعة أشهر، لم تكن أي من الحكومتين مسؤولة عن التأخير، وقد أشاد كلاهما بالتسوية بارتياح عميق، وتكمن أهميتها للجهد العسكري المشترك بشكل أساسي في التفسير الذي قدمته لها الحكومة المكسيكية، وكان وزير الخارجية إيزيكيل باديلا لا يشوبه الثناء، وقال أمام مجلس الشيوخ المكسيكي إن اتفاقيات نوفمبر تمثل تغييرًا في السياسة الخارجية للولايات المتحدة، لقد كانت اكتساحًا نظيفًا للتهيج والحواجز التي استمرت لعدة عقود، وواحدة من أكثر المظاهرات بليغة لروح أمريكا الجديدة، وخلص إلى أنهم خميرة الحرية المنطقية والضرورية التي لا غنى عنها.
في طبيعة المواضيع التي تعاملت معها وفي إجراءاتها، اختلفت اللجنة عن مجلس الدفاع الكندي والولايات المتحدة، الذي تأسس قبل عام ونصف، الأمر التنفيذي للرئيس روزفلت الصادر في 27 فبراير 1942، والذي أوصل قسم الولايات المتحدة من اللجنة رسميًّا إلى حيز الوجود، ليس له نظير فيما يتعلق بمجلس الولايات المتحدة الكندي، مع أنه ربما كان ينطبق بشكل جيد على الأخير، كما ذكر الأمر التنفيذي أن الغرض من لجنة الدفاع المكسيكية المشتركة هو "دراسة المشاكل المتعلقة بالدفاع المشترك بين الولايات المتحدة والمكسيك للنظر في خطط واسعة للدفاع عن المكسيك والمناطق المجاورة للولايات المتحدة، وأن يقترح على الحكومات المعنية التدابير التعاونية التي ينبغي، في رأيها، اعتمادها"، بعد العمل لبضعة أشهر، وضعت اللجنة بيانًا بالقواعد واللوائح، أرفقته بتقريرها السنوي الأول، واتخذت الرؤية العامة نفسها لوظائف اللجنة، وبعد الاستشهاد بالأمر التنفيذي، تابع البيان: "يجب أن تكون اللجنة على علم بجميع الأمور المتعلقة بالدفاع المشترك عن المكسيك والولايات المتحدة والتعاون العسكري بينهما"، وتم اقتراح مبدأ أضيق بكثير من قبل قسم خطط الحرب، عندما تمت المطالبة بتعريف واسع للأهداف، لم تذكر شعبة خطط الحرب سوى تفاصيل؛ مثل امتيازات الطيران غير المقيدة للطائرات العسكرية للولايات المتحدة فوق الأراضي المكسيكية، واستخدام المطارات والمنشآت، والسماح بنقل القوات البرية إلى أو عبر الأراضي المكسيكية... إلخ، ولهذا السبب اعترضت وزارة الحرب، بموافقة وزارة البحرية، على أي اقتراح بأن يكون هناك ممثل لوزارة الخارجية أو أي مدني آخر في اللجنة، كما كان في مجلس كندا- الولايات المتحدة، كان الرأي الضيق، وليس بيان اللجنة، وفي الوقت نفسه خضع اتفاق الطيران لعام 1941، الذي حدد المبادئ العامة التي يقوم عليها استخدام المطارات المكسيكية، لبعض التعديلات، كما كانت هناك تغييرات في يونيو 1942 في المراجعة والإضافة إلى الطرق المحددة([44]).
4- الاعتقالات التي حدثت في عهد أفيلا:
في ضوء التعليق الرئاسي للحقوق المدنية وقرار أفيلا كماتشو بتجاهل بروتوكولات اتفاقية جنيف أثناء الحرب العالمية الثانية، فلم يكن لأي فرد أو مؤسسة في المكسيك القدر الكافي من السلطة لحماية الطبقة العاملة من أوامر الدولة المكسيكية بإخلاء المناطق الحدودية، ومثلت اللجنة الناشئة المسماة "لجنة المساعدة المتبادلة" المجتمع المكسيكي الياباني وتفاوضت على بعض جوانب عملية إعادة التوطين، ومع أن الجمعية كانت تميل فقط إلى تلبية الاحتياجات الأكثر إلحاحًا من النازحين من الحدود أثناء الحرب العالمية الثانية؛ فإن هدفها الرئيسي كما أمرت وزارة الداخلية، كان مساعدة الحكومة المكسيكية في إدارة المكسيكيين من اليابان، وبهذه الصفة قام المركز بتشغيل معسكرات الاعتقال في تيمكسيكو وفيلا كوريجيدورا ورانشو كاسترو أوردياليس، ثلاثة من المخيمات الخمسة المعروفة في المكسيك، وطلب إغلاق معسكر الاعتقال الأول في فيلا ألداما، شيهواهوا.
ولقد دعم تدخل اللجنة في عمليات معسكرات الاعتقال خلال الحرب العالمية الثانية، باستثناء مخيم فيلا ألداما، الفكرة واسعة الانتشار بأن المكسيكيين من اليابان يشكلون مجتمعًا يتمتع بالحكم الذاتي في المخيمات، وكان افتقار المكسيك إلى السلطة ودرجة الإكراه التي كانت على اليابان من المكسيكيين الذين تعرضوا لها في الحرب العالمية الثانية، ومع أن مجلس الشعب من أجل الشعب ومن أجل النازحين، ساعد السكان المشردين في حالات متغيرة، وخاصة في حالة معسكر فيلا ألداما؛ فإن تورط مجلس الشعب من أجل الشعب في حياة المستجوبين كان معقدًا إلى حد كبير، وبما أن اللجوء القانوني لحماية المكسيكيين من اليابان لم يكن موسعًا، فقد تنقل مجلس الشعب الياباني نفس نظام الفساد والمكتسبين الشخصيين، الذي تغلغل في العلاقات بين المسؤولين الأمريكيين والمكسيكيين أثناء الحرب العالمية الثانية([45]).
في يناير 1942 أمرت الحكومة المكسيكية التي أظهرت دعمها للأمة الأمريكية، بترحيل جميع الدبلوماسيين اليابانيين، تاركةً مهاجرين من اليابان بدون مساعدة دبلوماسية فعالة في المكسيك، ومع وصول مئات المكسيكيين الذين يحملون خلاء اليد إلى مكسيكو سيتي مع أطفالهم، أدركت الحكومة المكسيكية أن المشردين سوف يصبحون في العاصمة لا يملكون السبل التي قد تغطي احتياجاتهم الأكثر إلحاحًا، بعد أن منعت تشغيل النوادي أو الجمعيات اليابانية، وكانت تعتزم نقل مسؤولية إطعام وإسكان مواطني دولة معادية وذريتهم إلى طرف ثالث، منحت الدولة المكسيكية إذنًا خاصًّا بإنشاء مجلس إدارة الكوارث في أذار/ مارس 1942، ومع أن الجمعيات اليابانية المحلية كانت قد وفرت التوجيه والتماسك للمهاجرين وذريتهم قبل عام 1942؛ إلا أن هذه الجمعيات اكتسبت دورًا ثانيًا غير سابق للتعليم عندما سمحت الحكومة المكسيكية بتدخل قادتها في إدارة المكسيكيين من أهل اليابان أثناء الحرب العالمية الثانية.
كانت اللجنة العسكرية اليابانية هي العلاقة التي تربط بين الدبلوماسيين اليابانيين مع بعض أعضاء النخبة المكسيكية اليابانية، وقبل مغادرتها إلى اليابان في يناير 1942، غادر السفير يوشيوكي ميورا مع ثلاثة من أبرز المسؤولين في المكسيك، المسؤول عن المجتمع المكسيكي الياباني؛ سانشيرو ماتسوموتو، البستاني السابق في القصر الرئاسي، ومالك سلسلة من دور الحضانة؛ هيجي كاتو، مدير نويفو، وكيسو تسورو؛ صاحب شركة النفط "لا فيراكروزانا" وغيرها من المؤسسات، وقد تلقى الرجال الثلاثة مئة ألف بيزو من كيوهو هاماناكا، الملحق البحري الياباني في المكسيك، وفي المقابل أودعت منظمات الأعمال المكسيكية اليابانية هذا المبلغ نقدًا على يد المحامي أبيلاردو بانياغوا لارا، وهو صديق مقرب للبرتو يوشيدا، قام بانياغوا بمعاملات مالية بالنيابة عن أعضاء مجلس إدارة هيئة التجارة اليابانية عندما لم يكن بإمكان رجال الأعمال المكسيكيين في اليابان التوقيع شخصيًّا على عقود معينة بسبب القيود المفروضة على أعمال اليابان.
ومع أن الحكومة المكسيكية والولايات المتحدة قد أدرجت كيسو تسورو وهيجي كاتو في القائمة السوداء كمتعاونين مع ولاية اليابان، إلا أن المكسيكيين الجاثين قد تلقوا التمويل النقدي الأولي لعمليات CJAM من ولاية اليابان، كما أصبحوا أعضاء في المجلس، ويقرروا الشؤون المالية للمجلس، كانت كيسو تسورو، وسانشيرو ماتسوموتو، وهيجي كاتو، وألبيرتو س. يوشيدا أعلى سلطة داخل هذه الرابطة المكسيكية اليابانية، وبهذه الصفة وفي حدود الدولة المكسيكية التي فرضت عليها، تفاوضوا على معظم جوانب برنامج إعادة التوطين مع الحكومة المكسيكية وأداروا موارد الرابطة المكسيكية.
لقد كان الدعم المالي الذي قدمته دولة اليابان إلى النخبة المكسيكية من اليابان، حيث غادر الدبلوماسيون الرسميون المكسيك، بمثابة القوة التي مكنتها إدارة المجتمع المكسيكي الياباني، وقد كان أغلب المكسيكيين من اليابان يحاولون حل المشاكل اليومية الناجمة عن إعادة توطينهم واضطهادهم ولم يكن لديهم الوسائل أو الوقت للمشاركة بشكل أكثر نشاطًا في القرارات التي اتخذها زعماء المجلس من أجل تحقيق هذه المشاكل، أما المكسيكيون الذين لا مأوى لهم والذين يشعرون بالحيرة والارتباك، فقد اقتلعوا من ديارهم، وشرعوا في اجتثاث جذور إيزسي ونساي جابنيزي المكسيكيين، فقبلوا بامتنان السكن والوجبات من زعماء حزب الشعب الياباني عند وصولهم إلى مكسيكو سيتي، وعلى غرار نظيرتها في الولايات المتحدة، رابطة المواطنين الأمريكيين، ستكون الرابطة مترجمًا وسيطًا بين ضحايا برنامج نقل السكان والحكومة، كما أنها ستكون مستعدة لعقد اتفاقات باسم المجتمع المكسيكي الياباني بأسره.
وكان لهذه الصفقات في بعض الأحيان أثر سلبي، وفي أحيان أخرى تأثير إيجابي على نوعية حياة الطبقة العاملة في اليابان المكسيكيين، ومع أن العلاقات الشخصية والتعاطف من الممكن أن يتأثران بالقرار الذي اتخذه الرئيس أفيلا كماتشو بمنح مجلس الشعب الياباني سلطة إدارة المكسيكيين النازحين، والفساد وتكديس الثروة من خلال عمليات مشكوك فيها اتسمت بها إدارة أفيلا كماتشو، وبالإضافة إلى المال والاتصالات الشخصية؛ إلا أن الحماية كانت تتطلب معرفة الطريقة التي يعمل بها الفساد على أعلى مستويات الحكومة المكسيكية، وأن الإلمام بآليات الرشوة كان مقتصرًا على رجال الأعمال، وعلى النقيض من المكسيكيين من اليابان الذين يقودون حركة الهجرة اليابانية، والذين كانوا أثرياء أو كانوا على علاقات وثيقة مع الساسة، فإن المرحلين الذين تم ترحيلهم من الامتيازات كانوا غير محصلين، وكانوا يعانون من الإذلال المنهجي والسجن والتشريد المستمر([46]).
المطلب الثالث
مواقف المكسيك مع الولايات المتحدة في الحرب العالمية الثانية
1- دعم المكسيك للولايات المتحدة في الحرب العالمية الثانية:
قد عرفت العلاقات الأمريكية المكسيكية تذبذبًا وفتورًا واضحًا، خلال الفترة التي سبقت اندلاع الحرب العالمية الثانية، ويعود السبب في ذلك أساسًا لجانب من الخلافات بين الجارتين، ففي عام 1845 ضمت الولايات المتحدة منطقة تكساس لممتلكاتها، مثيرة بذلك غضب المكسيك، وعاش الأمريكيون والمكسيكيون ما بين عامي 1846 و1848م على وقع حرب انتهت بانتصار الأمريكيين وانتزاعهم لكاليفورنيا ومناطق من نيومكسيكو وأريزونا ونيفادا ويوتا وكولورادو من قبضة المكسيك عقب اتفاقية غوادالوبي هيدالغو (GuadalupeHidalgo).
وفي أواخر ثلاثينيات القرن الماضي، قد تدهورت العلاقات الأمريكية المكسيكية بشكل سريع بعد قيام الرئيس الإصلاحي، لازارو كارديناس (Lázaro Cárdenas)، عام 1938 بتأميم الصناعات النفطية بالبلاد، الأمر الذي أغضب العديد من الشركات النفطية الأمريكية، ومع بداية الحرب العالمية الثانية واحتدام المعارك على الساحة الأوروبية، واجهت المكسيك والعديد من الدول اللاتينية مشاكل اقتصادية جمة بسبب تعطل الحركة التجارية عبر المحيط الأطلسي، ومع دخول اليابان الحرب بشكل رسمي عقب هجوم بيرل هاربر، انتقلت الحرب نحو المحيط الهادئ لتسهم بذلك في زيادة المعاناة الاقتصادية لدول أميركا اللاتينية.
وفي أعقاب هذه الأحداث فضلت المكسيك التحرك فعمدت لقطع علاقاتها الدبلوماسية مع اليابان في 9 كانون الأول/ ديسمبر 1941، ومع كلٍّ من ألمانيا وإيطاليا بعدها بيومين، كما دعت لإنشاء توافق دفاعي بين دول القارة الأمريكية خلال اجتماع لوزراء خارجية هذه الدول عقد بالبرازيل في أول عام 1942م.
وفي أيار/ مايو 1942 هاجمت الغواصات الألمانية ناقلتي نفط مكسيكيتين بخليج المكسيك، ومع رفض الألمان الاعتذار ودفع تعويضات، أعلن الرئيس المكسيكي مانويل أفيلا كماتشو (Manuel Ávila Camacho) مطلع حزيران/ يونيو من السنة نفسها، الحرب على دول المحور، ورحبت الولايات المتحدة بهذا القرار على لسان وزير خارجيتها كورديل هل (Cordell Hull)، الذي أكد على وقوف المكسيك في صف الدول الحرة المناهضة لعدوان دول المحور([47]).
بالإضافة إلى تمرير قانون الخدمة العسكرية الإلزامية في آب/ أغسطس 1942، فضلت المكسيك في بادئ الأمر الاكتفاء بدور محدود مؤكِّدة على لسان كماتشو أنها ستقدم دعمًا اقتصاديًّا ولوجستيًّا للحلفاء، لكن بمرور الأشهر، اتجه المكسيكيون للحصول على دور أكبر بالحرب فقرروا المشاركة عسكريًّا ضد المحور.
وقد أرسلت المكسيك سرب الطيَّارين (201) الملقب بصقور الأزتاك (Aztec Eagles) للتدرب بالولايات المتحدة قبل أن يحلوا أواخر نيسان/ أبريل 1945 بخليج الفلبين ليشاركوا طيلة الأسابيع التالية في نحو (795) طلعة جوية ضد اليابانيين، كان من ضمنها عمليات قصف لوزون وفورموزا، وطيلة الحرب خسرت فرقة صقور الأزتاك (7) طيارين واستقبل أفرادها استقبال الأبطال عند عودتهم إلى وطنهم([48]).
كذلك منحت المكسيك للولايات المتحدة زمن الحرب بانتداب المكسيكيين المقيمين على أراضيها للعمل بالجيش الأمريكي، وقد أدى ذلك لانضمام نحو (15) ألف مكسيكي لصفوف القوات الأمريكية عقب وعود بالحصول على الجنسية مع نهاية الحرب العالمية الثانية، وبحسب مصادر الجيش الأمريكي، فارق (1492) مكسيكي من هؤلاء المتطوعين الحياة أثناء العمليات القتالية ما بين عامي 1944 و1945([49]).
ولم تتوقف إسهامات المكسيك في دعم الولايات المتحدة عند ذلك، فبسبب انضمام نسبة مهمة من الأمريكيين لصفوف الجيش، افتقر قطاع الفلاحة لليد العاملة، وأمام هذا الوضع، اتجهت المكسيك لسد هذا الشغور فأرسلت، بحسب برنامج بريسيرو (Bracero program)، نحو (300) ألف من مواطنيها للعمل بالمزارع والحقول الأمريكية مقابل أجور زهيدة مساهمة بذلك في توفير الغذاء الكافي للأميركيين، ومقارنة ببقية الدول اللاتينية، وفرت المكسيك النسبة الأكبر من الموارد الطبيعية للمصانع الأمريكية أثناء الحرب فزودت الولايات المتحدة الأمريكية بالزنك والنحاس والزئبق والغرافيت والكادميوم والرصاص.
وقد أسهمت أيضًا المكسيك في صناعة النصر الأمريكي خلال الحرب العالمية الثانية، وكرَّس هذا النزاع سياسة التقارب بين الدولتين في التجاور الجغرافي([50]) بعد فترة طويلة من الخلافات، وعرف الاقتصاد المكسيكي بفضل المساعدات الأمريكية نموًا سريعًا وغير مسبوق لُقِّب بالمعجزة المكسيكية، وبين عامي 1940 و1946م تضاعف الدخل القومي المكسيكي ثلاث مرات([51]).
2- تأثير الحرب العالمية على النزوح من المكسيك:
قد زاد عدد المهاجرين من جابا في المكسيك بحلول عام 1942م من العواقب العميقة لإخلائهم من الأراضي الحدودية بين الولايات المتحدة والمكسيك على مفاهيم ما يشكل مجتمعًا تجريبيًّا تقريبيًّا ومعنى المواطنة، كما هو الحال مع الجالية الأمريكية في جابا أو أي مجموعة اجتماعية أخرى تم تعليق حقوقها المدنية خلال الحرب العالمية الثانية، فإن الآثار المترتبة على استهداف قطاع عنصري في أوقات الأزمات هائلة إذا كانت مبادئ المساواة والحرية ستظل دائمة وعالمية، ويعتقد مؤرخو الجابوا في المكسيك أن عدد المهاجرين من اليابان في المناطق الحدودية كان يتراوح بين (2700) إلى (4700) في عام 1942، وبغض النظر عن عددهم، فإن برنامج إعادة التوطين ترك جميع أعضاء المجتمع المكسيكي الياباني من بينهم أولئك المولودين في المكسيك، والمواطنين المتجنسين، والأطفال المكسيكيين وزوجاتهم من المهاجرين من اليابان دون حماية الدستور المكسيكي([52]).
عدم الاستقرار الذي واجهه المواطنون المكسيكيون في هذه الفترة:
تشير المواطنة إلى الانتماء إلى طبقة اجتماعية تقيم علاقة قانونية مع الدولة، ويتمتع المواطنون من المكسيكيين بحق التمتع بحماية الدولة، سواء حصل على وضع المواطنة عن طريق الولادة أو التجنس، ومع أن المكسيك قد وسعت نطاق الجنسية لتشمل عدة مهاجرين آسيويين؛ إلا أن الحركات المناهضة قد جردتهم من حقوقهم المدنية، وفي حين أن المواطنة هي مفهوم مرتبط بالعرق، فإن الحماية هي التي تحمي نفسها، وكان منح المهاجرين الآسيويين محدودًا للغاية، كما أثبت طرد الصينيين، وبعضهم من مواطني المكسيك المتجنسين، من سونورا في عشرينيات القرن العشرين، وظلت علاقتهم بالدولة غير مستقرة، حيث سادت النظرة الاجتماعية على وضعهم القانوني باعتبارهم مواطنين في المكسيك، وكان الآسيويون من الطراز الظاهري، حتى ولو كان مواطنو المكسيك يعتبرون أجانب، وليس مكسيكيين، وفي بداية الحرب العالمية الثانية كانت الدولة المكسيكية قادرة بفخر على الإعلان عن الإلغاء الرسمي لواجبها المتمثل في حماية كل المواطنين المكسيكيين من أصل ياباني.
في الأول من يونيو/ حزيران من عام 1942، وقع الرئيس مانويل أفيلا كماتشو مرسومًا إلى تعليق الحقوق الفردية، بزعم أن الإطار القانوني كان بمثابة عقبة أمام مواجهة الموقف الذي خلقته حالة الحرب بطريقة مباشرة وغير مباشرة، وكان وجود عدو في الداخل بين السكان من ذوي العرق الياباني سببًا في تيسير الانتهاك للضمانات الدستورية، ومن بين الحقوق التي ألغى الرئيس المكسيكي حقوقها مؤقتًا أو قيدت القيود المفروضة عليها؛ حرية التعبير، الصحافة، التجمع السلمي، والتماس، الحق في الأمان ضد عمليات التفتيش والاستيلاء غير المعقولة، والحق في محاكمة سريعة وعامة.
وكان إغناسيو كوبا ولويس تاناماشي من نوغاليس، سونورا، من بين سكان المكسيك الذين أخذوا حقوقهم المدنية بعيدًا في بداية الحرب العالمية الثانية، وكانت الحكومة المكسيكية قد أرغمت مكسيكيين يابانيين آخرين في المناطق الأكثر اكتظاظًا بالسكان على دخول قطارات مغلقة يرافقهم الجنود إلى حافلات مكتظة، أو إلى أسرَّة شاحنات منذ يناير 1942 إلى داخل المكسيك، بيد أن تاناماشي وكوبا رفضا المضي قدمًا في اقتلاعها في أواخر أيلول/ سبتمبر من ذلك العام، وعندما سمعا الأخبار بأن حكومة المكسيك أمرت جميع الرعايا من اليابان بإرسال أنفسهم مسبقًا إلى السلطات الفيدرالية في مكسيكو سيتي، لم يكن إغناسيو ولا لويس يعتقدان أن اتفاق الشرق الأوسط البيئي ينطبق عليهما، ففي نهاية المطاف كان تاناماشي وكوبا لديهما وثائق تثبت أنهما من مواطني المكسيك، وقد استمر كلاهما في تشغيل متجر صغير يملكه في شراكة في نوجاليس.
في محاولة لإلغاء الأوامر الفيدرالية والمحلية لهما لمغادرة نوغاليس، كتب تاناماتشي وكوبا رسالة هاتفية تبلغ الرئيس أفيلا كماتشو بأن كلاهما مواطنان مكسيكيان، شعر الرجال بأن إقامتهم لمدة أربعين عامًا في البلاد جعلتهم مكسيكيين من خلال الشعور، أكثر من التجنس، مشيرين إلى أن العلاقات العاطفية مع المكسيك كانت أكثر أهمية من كونهم مواطنين رسميين في ذلك البلد، كان لديهم وثائق الجنسية الخاصة بهم، إضافة إلى سنوات عديدة قد عاشوها بسلام في بلدتهم المكسيكية، وكان تاناماشي وكوبا يعتقدان أنه بمجرد اعتراف الرئيس أفيلا كماتشو بحقوق المواطنة، فلن يكون ملزمًا بترك حيازاتهم القليلة، وأسرهم، وأصدقائهم، لإعادة توطينهم، وبعيدًا عن انتهاك حقوقهم الدستورية، فإن الانتقال إلى داخل المكسيك سوف يكون باهظ التكاليف بالنسبة لهم، وذلك لأن أي كيان حكومي لن يغطي نفقات سفرهم، وبالإضافة إلى ذلك كان من المطلوب منهم، امتثالًا لأوامر النقل، أن يدفعوا نفقات السكن واللباس والوجبات طوال فترة الحرب، وكان هذا الفرض التعسفي في حد ذاته عملًا ضارًّا بنزاهة الأفراد والأسر المتأثرة ببرنامج إعادة التوطين، حتى بالنسبة للمجرمين الذين حوكموا وحُكم عليهم، كانت الدولة تعتني بحريتهم([53]).
[1])) الثورة المكسيكية: أولى ثورات القرن العشرين، مرت بأدوار ومراحل سياسية واجتماعية واقتصادية تمثلت في مرحلة الكفاح المسلح ومرحلة الإعمار ودامت ثلاثون عامًا، كما أنها أول ثورة حملت القيم الاشتراكية على مستوى العالم، وكانت أول مبشر بها، ومصدر إلهام للكثير من الدول الأمريكية بالتحرر والاستقلال، فمثلت بذلك منعطفًا تاريخيًّا كبيرًا نحو الاشتراكية العالمية التي ترسخت تمامًا بالثورة البلشفية في روسيا بأيديولوجيتها الماركسية عام 1917، قاد تلك الثورة فرانسيسكو ماديرو في 20 تشرين الثاني 1910 ضد حكومة بورفيريو دياز بسبب برنامج التحديث في المجالات الصناعية والزراعية الذي أفضى إلى خلق نوع من الصراع الطبقي في المجتمع المكسيكي، انتهت الثورة بقرار رسمي بعد أن حققت منجزاتها وأهدافها على يد الرئيس المكسيكي لازارو كارديناس في 18 كانون الأول عام 1940، للمزيد من التفاصيل حول الثورة المكسيكية، ينظر: عقيل جعيز شمخي السهلاني، الثورة المكسيكية 1910-1940 دراسة تاريخية، أطروحة دكتوراه غير منشورة، كلية التربية- جامعة البصرة، 2015.
[2])) بورفيريو دياز: ولد عام 1830، يرجع نسبه إلى الفئة الهندية (السكان الأصليين)، اكتسب شهرته من خلال دعم الحركة الليبرالية في المكسيك، كونه كان قائدًا في الجيش المكسيكي، وكذلك من خلال دعمه لحركة بنيتو خواريز، وفي الحرب ضد الإمبراطور ماكسيميليان، استحوذ على السلطة عام 1876 من خلال انقلاب قام به ضد حكومة تيخادا وبقي فيها حتى عام 1910، حيث اندلاع الثورة المكسيكية الكبرى على يد فرانسيسكو ماديرو، توفي عام 1914 في المنفى بباريس، للمزيد من التفاصيل ينظر:
The Columbia Encyclopedia, Mexico Country North America, Edition 6 Columbia, University Press, 2012.
Mexican Foreign Office, Facts submitted by the Committee of the American colony to President Wilson and Secretary of State Bryan relative to the Mexican situation and the record of the Hon. Henry Lane Wilson therewith, Written in English, Congress Press, (Washington, 1913). p.124.
Michel Meyer and William Beezley (eds.) The Oxford History of Mexico, Oxford University Press, (New York, 2000). 297.
([3]) Mexican Foreign Office, Facts submitted by the Committee of the American colony to President Wilson and Secretary of State Bryan relative to the Mexican situation and the record of the Hon. Henry Lane Wilson therewith, Written in English, Congress Press, (Washington, 1913). p.124.
([4]) Michel Meyer and William Beezley (eds.) The Oxford History of Mexico, Oxford University Press, (New York, 2000). 297.
([5]) Reuben Clark, Department of State Memorandum on the Monroe Doctrine, U.S. Government Printing Office Press, (Washington, 1930) P.39.
([6]) Helen Lane (Translated), The Memoirs of Fray Servando Teresa de Mier. Contributors: Fray Servando Teresa De Mier, Susana Rotker (eds.), Oxford University Press, (New York, 1998). 119.
([7]) Helen Lane (Translated), The Memoirs of Fray Servando Teresa de Mier. Contributors: Fray Servando Teresa De Mier, Susana Rotker (eds.), Oxford University Press, (New York, 1998). 119.
([8]) Helen Lane, Op, Cit., 120.
([9]) Arturo Rosales (ed.), Testimonio A Documentary History of the Mexican American Struggle for Civil Rights, Houston University Press, (Houston, 2000). P,114.
([10]) Alexander Von Humboldt and Jose Enrique Covarrubias، Political Economy Mexico's 1810 and 1910 Revolutions, Cambridge University Press, (Cambridge, 2010). P,67.
([11]) Gilbert Joseph (ed.), Land, Labor & Capital in Modern Yucatan: Essays in Regional History and Political Economy, University of Alabama Press, (Tuscaloosa, 1991). P, 307.
([12]) Michel Meyer and William Beezley (eds.), Op, Cit., P,83.
([13]) Robert Danforth Gregg, The Influence of Border Troubles on Relations between the United States and Mexico، 1876-1910, Johns Hopkins Press, (Baltimore, 1973), P, 298.
([14]) عماد عبد اللطيف سالم، أزمة الاقتصاد المكسيكية وأثرها في تحديد نمط العلاقات الأمريكية- المكسيكية، رسالة ماجستير، جامعة النهرين- كلية العلوم السياسية، 2007، ص44.
([15]) Selfa A. Chew, Uprooting Community Japa nese Mexicans, World War II, and the U.S.- Mexico Borderlands, The University of Arizona Press, Tucson, 2015, p51.
([16]) الولايات المتحدة المكسيكية: وهي جمهورية دستورية فيدرالية في أمريكا الشمالية، يحدها من الشمال الولايات المتحدة، ومن الجنوب والغرب المحيط الهادئ، ومن الجنوب الشرقي كلٌّ من غواتيمالا وبليز والبحر الكاريبي، ومن الشرق خليج المكسيك، تفوق مساحتها تقريبًا المليوني كيلومتر مربع، وتعد خامس أكبر بلد في الأمريكيتين من حيث المساحة الكلية، والثالثة عشر من بين الدول المستقلة في العالم، يقدر عدد سكانها بأكثر من (112) مليون نسمة، مما يجعلها الحادية عشرة من حيث السكان عالميًّا، والأكثر اكتظاظًا بالسكان في البلدان الناطقة بالإسبانية، المكسيك عبارة عن اتحاد يضم (31) ولاية، ومقاطعة فدرالية وحيدة هي المدينة العاصمة، المواد (3) و(5) و(24) و(27) و(130) من الدستور المكسيكي لعام 1917م، كانت في الأصل للحد من سيطرة القساوسة ولتقييد الحريات الدينية بشكل كبير، وكانت هذه الأحكام تطبق بشكل متقطع، ولكن عندما تولى الرئيس إلياس كاليس بلوتاركو فإنه فرض أحكام صارمة. ينظر: رشيد السراي، عندما يكون الإلحاد دولة- 2.. نموذج الثورة الفرنسية والثورة المكسيكية، كتابنا، الخميس 25 أيلول/ سبتمبر 2014.
https://kitabat.com/2014/09/25/%D8%B9%D9%86%D8%AF%D9%85%D8%A7-%D9%8A%D9%83%D9%88%D9%86%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%84%D8%AD%D8%A7%D8%AF-
([17]) Juan Pablo Mercado, Re- envisioning the Mex ican American Experience in World W ar II: A Local Hist or y of Sacramento & the Mex ican American WWII Generation, San Jose State University SJSU ScholarWorks, May 2011, P.10.
([18]) Ibid., P. 53.
([19]) حسين، محمد شاكر محمد، & محمد مصطفى كمال، عودة نفوذ الولايات المتحدة إلى أمريكا اللاتينية: الفرص والتحديات، مجلة كلية التجارة للبحوث العلمية، جامعة أسيوط- كلية التجارة ع: 60، 2016، ص15.
([20]) عبير فرحات علي، التوجه الأمريكي نحو أمريكا اللاتينية وأثره على الصادرات المكسيكية للولايات المتحدة، مجلة مصر المعاصرة، مج: 100, ع: 499، الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي والإحصاء والتشريع، 2010، ص21.
([21]) Foreign Relation of the United States, Diplomatic Papers, 1942, The American Republics, Volume VI, Federal Register 1607, Washington, February 27, 1942.
([22]) Foreign Relations of the United States: Diplomatic Papers, 1942, The American Republics, Volume VI, Agreement Between the United States and Mexico Regarding Principles Applying to Mutual Aid in the Prosecution of the War, Signed at Washington March 27, 1942,p,. 486.
([23]) Ibid., P.487.
([24]) Ibid., P.488.
([25]) FOREIGN RELATIONS OF THE UNITED STATES: DIPLOMATIC PAPERS, 1942, THE AMERICAN REPUBLICS, VOLUME VI, April 17, 1942, p,.371.
)[26]) Selfa A. Chew, op. cit, P.55,56.
([27]) Alejandro Quintana, Maximino Avila Camacho and the One- Party State: The Taming of Caudillismo and Caciquismo in Post- Revolutionary Mexico, Lexington Books, 15 March 2010, p.105,106.
([28]) Selfa A. Chew, op.cit, 57.
([29]) Acapulco, Guerrero- film in Mexico, Mexico and The United States, Volume 1, Marshall Cavendish, new York,London, p. 67.
([30]) The Editors of Encyclopaedia Britannica, Manuel Ávila Camacho, ENCYCLOPEDIA BRITANNICA, Apr 20, 2020.
https://www.britannica.com/biography/Manuel-Avila-Camacho
([31]) FOREIGN RELATIONS OF THE UNITED STATES: DIPLOMATIC PAPERS, 1942, THE AMERICAN REPUBLICS, VOLUME VI, Washington, August 6, 1942.
([32]) Idem.
([33]) Idem.
([34]) Idem.
([35]) Don M. Coerver Suzanne B Pasztor and Robert M. Buffington, Mexico: An Encyclopedia of Contemporary Culture and History, ABCOCLIO, santa Barbara California Denver colonrado oxford, England, p36.
([36]) Selfa A. Chew, op. cit, P. 64, 65.
([37]) Stetson Conn, Byron Fairchild, UNITED STATES ARMY IN WORLD WAR IIThe Western Hemisphere THE FRAMEWORK OF HEMISPHERE DEFENSE, CENTER OF MILITARY HISTORY UNITED STATES ARMY WASHINGTON, D. C, 1989, p331.
([38] (Ibid., P.332.
([39]) María Emilia Paz Salinas, Strategy, Security, and Spies: Mexico and the U.S. as Allies in World War II, The Pennsylvania State University Press University Park, Pennsylvania, 2014, P.63,64.
([40]( Friedrich Schuler, GERMANY, MEXICO AND THE UNITED STATES DURING THE SECOND WORLD WAR, DE GRUYTER, 01 Dec 1985.
https://www.degruyter.com/view/journals/jbla/22/1/article-p457.xml?language=en
([41]( María Emilia Paz Salinas, Strategy op. cit., P.68.
([42]) Ibid., P.75.
([43]) Stetson Conn, Byron Fairchild, op.cit., P.333.
)[44]) Stetson Conn, Byron Fairchild, op.cit., P.351.
([45]) U.S. DEPARTMENT OF STATE, U.S. Relations With Mexico BILATERAL RELATIONS FACT SHEET, BUREAU OF WESTERN HEMISPHERE AFFAIRS, APRIL 1, 2019.
https://www.state.gov/u-s-relations-with-mexico/
([46]) Selfa A. Chew, op. cit., P.82.
)[47]) Christopher Minster, Mexican Involvement in World War II,ThoughtCO., August 05. 2019.
([48]) Idem.
)[49]) Huawei, What did Mexico do in World War 2?, Quora, May 21, 2020.
https://www.quora.com/What-did-Mexico-do-in-World-War-2
([50]) يقصد هنا بالتجاور الجغرافي، تجاور دولتين أو أكثر واشتراكهم في حدود جغرافية واحدة، سواء كانت هذه الحدود طبيعية أو سياسية، ولكن الحدود التي نقصدها هنا في هذه الدراسة هي الحدود السياسية التي تفضل الولايات المتحدة الأمريكية عن المكسيك، الجار الملاصق الجنوبي للولايات المتحدة الامريكية، وتمتد هذه الحدود على نطاق واسع في الجنوب الأمريكي والشمال المكسيكي، لتشكل في حد ذاتها محورًا مهمًّا من محاور السياسية الخارجية لكلٍّ من البلدين، وتبلغ طول الحدود بين البلدين أكثر من ألفي ميل. ينظر: محمد مصطفى كمال، السياسة الأمريكية تجاه أمريكا اللاتينية في الفترة 1993-2008: المكسيك كحالة دراسة، رسالة ماجستير، جامعة القاهرة- كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، يناير 2012، ص8.
([51]) طه عبد الناصر رمضان، كيف ساهمت المكسيك في صناعة نصر أميركا بالحرب العالمية؟، العربية، 20 مايو 2020.
https://www.alarabiya.net/ar/last-page/2019/08/21/%D9%83%D9%8A%D9%81-%D8%B3%D8%A7%D9%87%D9%85%D8%AA%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%83%D8%B3%D9%8A%D9%83-%D9%81%D9%8A-%D8%B5%D9%86%D8%A7%D8%B9%D8%A9-%D9%86%D8%B5%D8%B1-%D8%A3%D9%85%D9%8A%D8%B1%D9%83%D8%A7%D8%A8%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B1%D8%A8%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%8A%D8%A9%D8%9F
)[52]) Parker Asmann, Is the Impact of Violence in Mexico Similar to War Zones?, Insight Crime, OCTOBER 23, 2017.
https://www.insightcrime.org/news/brief/war-like-impact-violence-mexico/
([53]) John Graham Royde- SmithThomas A. Hughes, World War II, ENCYCLOPEDIA BAITANNICA, May 6, 2020.
https://www.britannica.com/event/World-War-II