مستخدم:Edrees2007/ملعب
أن رقي الإسلام في تشريعاته أمر لا يستطيع أحد له دفعا، فقد كانت صرخة طهر وعفاف مدويه في سماء الانحلال والافساد الاجتماعي والقيمي فجاءت التعاليم الربانية لتجعل الانسان في محله الذي يليق بتكريم الله إياه (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا) [سورة الإسراء 70] .
ان من آداب التي جاء الشرع بها مكرما الانسان في أخص خاصيته عندما يكون في بيته ادب الاستاذان الذي أراد الشارع به ان يحفظ الانسان كرامته حينما يكون في بيته، وقد نزلت آيات الكتاب العزيز بأدب الاستئذان عنايه خاصه به كما فيقوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّىٰ تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَىٰ أَهْلِهَا ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) [سورة النور 27].
وفي الحديث عن سهل بن سعد الساعدي ان رجل اطلع على جحر من باب رسول الله، ومع رسول الله مدرى يحك به رأسه فلما رآه رسول الله قال: لو اعلم أنك تنضرني لطعنت به عينك، وقال: رسول الله انما جعل الاذن من اجل البصر، وما دامت الاستئذان مكانه عالية فسنأتي بآدابه حتى نتفحص مراد الشرع فيه
الأدب الأول: اختيارالأوقات المناسبة:
عدلمعلوم ان الانسان تأتيه أحوال لا يرغب ان يلاقي فيها أحد اما لخلود الى الراحة او أدائه اعمالا لا يريد من احد ان يقطعها، و الاستئذان في مثل تلك الاحوال يقطع عنه راحته مما يورث انزعاجا ممن جاء يستأذن عليه فتفسد العلاقات بين الناس، وهذا المصادم لمراد الشارع من تأكيده مبدأ الاجتماع والأخوة.
الأدب الثاني: أن لا يقف مواجة الباب حال الاستئذان:
عدلجاء في الحديث الشريف الصحيح عن النبي ان الاستئذان مشروع لأجل ان لا يطلع الانسان على عورات البيت الذي أراد ان يدخله فقد قال رسول الله (انما جعل الاذن من اجل البصر) وهذا يوجب على المستأذن ان لا يكون مواجه لباب البيت لان هذا سيجعل يطلع الى البيت مما يفوت حكمة الاستئذان فكأنه لم يستأذن لأنه اطلع على عورات البيت، ولذا يؤمر المستأذن ان يقف جانب الباب الأيمن او الايسر حسبما يراه أفضل وأقرب التحقيق الحكمة الشرعية السابقة.
وقد كان النبي يطبق الأدب السابق ففي الحديث عن عبد الله بن بُسْر قال: كان رسول الله إذا أتى باب قوم لم يستقبل الباب من تلقاء وجهه، ولكن من ركنه الأيمن أو الأيسر، ويقول: السلام عليكم، السلام عليكم، وذلك أن الدور لم يكن عليها يومئذ ستور.
الأدب الثالث: الاستئذان ثلاثاً فإن لم يؤذن له فليرجع:
عدلوقد حدد الشارع الاستئذان ثلاث مرات، ومن لم يؤذن له فيها فليرجع، وسبب ذلك أن الإنسان قد يستأذن في المرة الأولى فلا يسمع أهل البيت استئذانه، فيشرع له أن يزيد الثانية، فإن لم يؤذن له فيها استأذن الأخيرة لعل أهل البيت كانوا يتهيأون لملاقاته، فإن لم يخرج له أحد بعد الثالثة فلا يشرع لع أن يستأذن بعد ذلك إلا إن جاء في وقت آخر.
وفي الحديث عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: كنت في مجلس من مجالس الأنصار إذ جاء أبو موسى الأشعري كأنه مذعوراً قال: استأذنت على عمر ثلاثا فلم يؤذن لي فرجعت، فأرسل وراءه فجاء أبو موسى فقال عمر: ما منعك؟ قال: استأذنت ثلاثا فلم يؤذن لي فرجعت، وقال رسول الله: إذا استأذن أحدكم ثلاثا فلم يؤذن له فليرجع.
والوقت الذي يكون بين المرة والأخرى ليس له تحديد شرعي لكن ينبغي أن يتريث الإنسان بين المرة والأخرى، والاستئذان نفسه ليس أمراً تعبديا بل هو معقول المعنى يراد به إعلام أهل البيت بكونه يستأذنهم في دخول بيتهم، لذا فالأعراف تحدد صفته فإن تعارف الناس على استئذان بالمنبهات من الأجراس كما هو الحال الآن فيكون الاستئذان بها، وإن تعارفوا بطريقة أخرى لا تخرج عن تعاليم الشرع فلهم ما تعارفوا عليه شريطة أن لا يخرج الاستئذان عن مقصد مشروعيته الأصلي.
(إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ) [سورة الحجرات 4]، وروى أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كانت أبواب النبي تقرع بالأظافير.
وقال الحافظ ابن حجر: وهذا محمول منهم على المبالغة في الأدب، وهو حسن لم قرب محله من بابه، أما من بعد عن الباب بحيث لا يبلغه صوت القرع بالظفر فيستحب أن يقرع بما فوق ذلك بحسبه.
الأدب الرابع: التسليم قبل الدخول:
عدلمن آداب الاستئذان أن يبدأ الإنسان بالسلام على المستأذن عليه ثم يطلب الدخول بعد ذلك، والسلام أدب إسلامي رفيع جعله الشرع من حقوق المسلم على أخيه المسلم، وطلب الاستئذان لقاء بالأخ المسلم لذا يؤمر الإنسان بإلقائه أولاً ثم بيان مطلبه من الدخول.
وبين النبي صورة الاستئذان وذلك بأن يقول الرجل: السلام عليكم أأدخل، كما في حديث ربعي قال: حدثنا رجل من بني عامر أنه استأذن على النبي (صلى الله عليه وسلم) وهو في بيت فقال: أألج؟ فقال النبي لخادمه، أخرج إلى هذا فعلمه الاستئذان فقل له: قل: السلام عليكم، أأدخل فسمعه الرجل فقال: السلام عليكم، أأدخل فأذن له النبي فدخل.
الأدب الخامس: التعريف بالنفس إن طلب منه:
عدللان المراد من الاستئذان اخذ رأي اهل البيت في الاذن للقادم، وكيف يعربون عن رأيهم وهم لا يعلمون من الهو القادم عليهم، لذا فمن حقهم ان يعرفوا الشخصية حتى يقرروا في انفسهم أيأذنون أم لا يأذنون، وفي الحديث عن جابر بن عبد الله (رضي الله عنهما) قال: أتيت النبي في دين كان على ابي، فدققت الباب، فقال: من ذا؟ قلت: أنا ، أنا انا، كأنه كرهني .
الأدب السادس: الرجوع عند عدم الاذن:
عدلأهل البيت أحق ببيتهم من غيرهم، ولهم الرأي فيمن يدخلون بيتهم ومن لا يدخلون بيتهم ومن لا يدخلونه، وتكرمهم بالإذن للدخول إنما هو فضل منهم، وامتناعهم عن الإذن أخذ بحقهم فليس الواجب عليهم أن يدخلوا المستأذن بيتهم، وإن فقه المستأذن هذا هان عليه أن لا يؤذن له وتقبل الأمر برحابة صدر قال تعالى: (وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا ۖ هُوَ أَزْكَىٰ لَكُمْ ۚ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ) [سورة النور 28].
قال الإمام السالمي رحمه الله في الاستئذان:
وذاك شيء من حقوق المنزل | إن كان مسكونا فآذن وادخل |
إن أذنــــوا وردُّ إن لــــم يـــأذنــــــــوا | لأنمــا الـــرأي لمـــن قـــد سكنـــــوا |
والآداب المذكورة هي في حق البالغين من الناس إلا أن هناك فئات من الناس هم مخالطون الإنسان في كل أحواله لذا فإلزامهم بالآداب السابقة أمر فيه من العسر ما فيه، لذا جاء الشرع مراعياً الضرورة السابقة فرخص في أن لا يستأذن الأطفال إلا في ساعات ثلاث، قال سبحانه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ۚ مِنْ قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ ۚ ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ ۚ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ ۚ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ ۚ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) [سورة النور 58].
وعندما يصل الأطفال سن التكليف الشرعي فحينها يخاطبون بأحكام الاستئذان العامة التي ذكرناها من قبل، (وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ۚ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) [سورة النور 59].