مستخدم:ELAAMRANI MOHAMED/ملعب
مآثر مدينة الرباط من خلال بعض المصادر والمراجع التاريخية
عدل- تقديـــم عن مدينة الرباط
- الموقع الطبيعي والاستراتيجي لمدينة الرباط
- الموضع
- نبذة تاريخية
- دلالة التسمية
- الآثار العمرانية:
- 1. مسجد حسان
- 2. قصبة الوداية
- 3. الأسوار
- 4. شالة
- 5. الأبواب
تقديـــم عن مدينة الرباط:
عدلتكتسي دراسة تاريخ المدن أهمية كبرى لما لها من أهمية في التعريف بها وبتاريخها خصوصا الأثري والعمراني والاقتصادي الذي لطالما خضع لنوع من التهميش لفائدة تاريخ الأحداث السياسية وكذا تماطل الأيادي للإسراع في خرابها لطمس هوية حضارة والقيام محلها. وما الرباط إلا مثال مصغر عن هذا النسق التاريخي. وفي إطار الرحلة العلمية التي قام بها ماستر المجال الحضري بالمغرب، التاريخ والخصوصيات؛ لمدينة الرباط وسلا. حاولنا التطرق لأهم المواضيع التالية:
· ما هي مميزات الموقع الجغرافي لمدينة الرباط؟
· نبذة تاريخية عن مدينة الرباط.
· دلالة التسمية وطوبونيم المدينة.
· أهم الآثار المعمارية (الأسوار، الأبواب، موقع شالة، قصبة الوداية)
· الموقع الطبيعي والاستراتيجي لمدينة الرباط:
تحتل الرباط مكانة مهمة من حيث المدن الوازنة في تاريخ المغرب لارتباطها بتاريخنا المحلي والإقليمي، وذلك راجع إلى موقعها وموضعها المتميزين اللذين يزخران بعدة مؤهلات منها الاستراتيجية والطبيعية بالخصوص.
يمتاز موقع مدينة الرباط بعدة خصائص لعبت أدوارا مهمة انعكست على عدة مجالات منها الدينية (الجهاد) والاقتصادية، نظرا لتواجدها على الساحل الأتلنتيكي والضفة الجنوبية لنهر
أبي رقراق. فمن الناحية الدينية فقد لعب موقع مدينة الرباط دورا فعالا في الجهاد، فقد استغله المرابطون للقضاء على الإمارة البرغواطية والتوسع نحو فاس وشمال المغرب، أما في عهد الموحدين فقد لعبت الرباط نظرا لموقعها نقطة وصل بين عدة جهات خصوصا بفاس ومراكش. إلا أن الدور البارز الذي عرفت به الرباط في هذه المرحلة هو استعمالها كقاعدة عسكرية لتجميع المجاهدين وتنظيمهم باعتباره أوفق موقع لتدبير الحركة العسكرية والسياسية لقربها من الثغور البحرية. فلما كانت حاجة الموحدين لتوسيع إمبراطوريتهم نحو إفريقية والأندلس كما ينادى للجهاد، كانت الرباط هي نقطة التجمع.
وهناك عدة أحداث تؤكد هذا الطرح، أي أهمية موقع الرباط في عهد الموحدين في اتخاذها قاعدة عسكرية قصد ردع التمردات التي ما فتئت تعصف بالأجواء في عهدهم خصوصا في إفريقية في إطار الصراع مع بني غانية؛ إذ أنه في سنة 590 هـ/ 1194 م استأنفت بني غانية مغامراتهم ضد الموحدين، فقرر المنصور أن يستدرك الأمر بعزمه على مغادرة مراكش إلى رباط الفتح لإعداد حملة واستنفار الجيوش من المغرب وكذلك من الأندلس، لكن هذه الحملة لم يقدر لها أن تكتمل بعد أن ظهرت قلاقل ملك قشتالة (ألفونس الثامن) الذي سيطر على جميع الثغور الإسلامية المتاخمة له. فحمل المنصور الموحدي نفسه بقيادة الجيش العرمرم الذي قيل عنه بأنه أعظم جيش قيد في هذه الفترة، وقدر عدده بمائة ألف محارب. وقد جمع من كل العناصر البشرية المغربية من قبائل العرب وقبائل زناتة والمصامدة وغمارة، وقد كانت جل هذه العناصر قد قصدت القاعدة رباط الفتح ليجري تنظيمها ومن تم لتنتقل فيما بعد إلى قصر المجاز (القصر الصغير أو قصر مصمودة) للعبور على الأندلس، فكان اللقاء بينه وبين ملك قشتالة في المعركة التاريخية، معركة "الأرك" سنة 591 هـ / 1194 م.
الموضع:
عدليزخر موضع الرباط بعدة مؤهلات وثروات بالخصوص الطبيعية بتوفرها على أراضي خصبة بها وبنواحيها نظرا لموقعها الذي يشكل نقطة ربط بين منطقتين غنيتين، سهل الغرب في الشمال وسهول الشاوية بالجنوب وهي السهول التي كانت تسمى منطقة تامسنا. ويمكن القول أن هذا ما يفسر بروزها كمركز وذلك لما توفره من مؤونة للجيش. بالإضافة للأراضي الخصبة تتوفر الرباط على ثروة مائية مهمة لتواجدها على ضفة نهر أبي رقراق من بين أهم الأنهار بالمغرب، كذلك لتموقعها غير البعيد من نهر أم الربيع أهم نهر بالمغرب. فإذا كانت لهذه الأنهار أهمية كبيرة في توفير الماء للسقي فقد لعبت دورا فلاحيا لا يخلو من أهمية.
نبذة تاريخية:
عدلإن لمدينة الرباط تاريخ ضارب في القدم، هذا ان اعتبرناه من حيث الموقع الذي لطالما تواجدت من مقربته شالة الأثرية، التي تعاقب عليها وصول عدة حضارات. فقد كان لساحل الرباط على ساحل الأطلنتيكي دورا كبيرا في الاحتكاك بالحضارات القديمة منها الفينيقية
والقرطاجية والرومانية بالأخص. لهذا فإذا ما تطرقنا إلى تاريخ تأسيس هذه المدينة فإنه لا يمكن أن نستثني دور هذه الحضارات بالمساهمة في هذه النشأة، لهذا فإنه يمكن تقسيم تاريخ مدينة الرباط إلى عدة مراحل كبرى قد عرفتها المدينة إلى أن اتخذت صفة المدينة.
المرحلة الأولى: يمكن اعتبار مدينة شالة الرومانية هي البدايات الأولى لها، خصوصا من حيث التحرك الروماني في مجالها والاستفادة من موقعا ومرساها البحري والنهري.
المرحلة الثانية: إنه لمن الواجب أن نذكر أن هذا الموقع قد احتضن حضارات أخرى، خصوصا منها المحلية الأمازيغية قديمة وحديثة. فقد كان نفوذ الإمارة البرغواطية يمتد إليها ويسيطر على مجالها.
المرحلة الثالثة: يعد وصول الامتداد المرابطي في عهد يوسف ابن تاشفين الذي سيطر على مجال مدينتي شالة وسلا وضفة أبي رقراق في إطار محاربته للإمارة البرغواطية منعطفا في بروز المعاقل الأولى للمدينة وذلك ببنائه القصبة أو فيما يعرف بقصر بني "تارجة" وهو أول رباط بموقع الرباط.
المرحلة الرابعة: لقد كان للسيطرة الموحدية على هذه المنطقة دورا أساسيا في نشأة الرباط كمدينة أساسية لا تقل أهمية عن مثيلاتها من المدن الكبرى المغربية. وذلك عند دخول الخليفة عبد المومن الذي أمر ببناء قصبة حصينة بالموقع الكائن على فم البحر الداخل على سلا وهو رباط يحتوي على قصر ومسجد جامع، وذلك سنة 543 هـ/ 1150 م. وتعتبر هذه القصبة هي النواة الأولى لمدينة رباط الفتح. التي أسسها الخليفة يوسف ابن عبد المومن بن علي الموحدي. ويجمع المؤرخون على اكتمال اختطاطها وتشييدها في عهد ولده الخليفة يعقوب المنصور في سنة 593 هـ / 1197 م. وقد أطلق عليها اسمها الأول المهدية نسبة إلى المهدي بن تومرت وقد نسي هذا الاسم عبر التاريخ لفائدة رباط الفتح.
دلالة التسمية:
عدلتدل دراسة اسم الرباط بشكل واضح على مكانتها المهمة دينيا وعسكريا، فلفظ الرباط له دلالة تعبدية إذ يطلق لفظ الرباط على الحصن أو المكان الذي يرابط فيه المجاهدون في ثغور المواجهة مع العدو. ويطلق على الشخص المجاهد، مرابط. وهو الشخص الذي خرج مجاهدا في سبيل الله للدفاع عن المسلمين وأرض الإسلام. وهكذا أطلق المسلمون على الثغر أي المحل الذي يقيمون فيه اسم الرباط. بالإضافة إلى دور الرباط الجهادي فقد لعب دورا مهما في نشر تعاليم الإسلام من عقيدة وعبادة، وأخلاق ومعاملات.
وحسب قاموس لسان العرب، فالرباط في الأصل هو اسم رابط مرابطة، وهو ملازمة ثغر العدو والإقامة على جهاده. وأصل الكلمة أن يربط كل الفريقين خيله ثم صار لزاما الثغر رباطا (لسان العرب، ابن منظور، الجزء 7، حرف ط، ص:302). كما يرجع هذا اللفظ إلى أصول دينية محضة ذكر غير مرة في القرآن الكريم بقوله تعالى: "واعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل" (الأنفال، الآية 60). ثم قوله تعالى: " يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون " (أل عمران، الآية 200). وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " رباط يوم في سبيل الله خير من الدنيا وما عليها " (كتاب: إحكام الإحكام شرح عمدة الأحكام، ابن دقيق عبيد. دار الجيل. ص 406) .
أما فيما يخص التطور التاريخي للتسميات التي أطلقت عليها فهذا راجع إلى تجاذب المؤثرات التي تعاقبت عليها. فقد أطلق على الرباط في أول نشأة لها من طرف عبد المومن اسم "المهدية" تيمنا بالمهدي بن تومرت، وقد تغير هذا الاسم لفائدة رباط الفتح ثم فيما بعد الرباط كما هو ثابت اليوم.
المآثر العمرانية:
عدلالرباط غنية بآثارها التاريخية، وربما كانت في طليعة المدن الأثرية التي تحتوي على آثار الدول التي مرت بالمغرب، بل إنها ترسم لوجه فسيفساء متنوع ومتحف زاخر بالروائع والتحف التي أهداها التاريخ للإنسانية على العموم وللأمة المغربية على الخصوص، ففيها نجد آثار الإنسان الأول الموغل في التاريخ، وفيها بقية من آثار الرومان والأمازيغ والدول الإسلامية من المرابطين والموحدين المرينيين والعلويين. وسنتطرق في هذا الموضوع للجوانب العمرانية التاريخية التي تميز مدينة الرباط، وسنبتعد قليلا عن كل ما هو سياسي واجتماعي مما تعودنا في دراستنا للتاريخ والحديث فيما هو حضاري جمالي.
1. مسجد حسان:
عدلشيد من طرف السلطان يعقوب المنصور الموحدي، وكان يعد من أكبر المساجد في عهده. لكن هذا المشروع الطموح توقف بعد وفاته سنة 1199، كما تعرض للاندثار بسبب الزلزال الذي ضرب الرباط سنة 1755م. وتشهد آثاره على مدى ضخامة البناية الأصلية للمسجد، حيث يصل طوله 180 مترا وعرضه 140 مترا، كما تشهد الصومعة التي تعد إحدى الشقيقات الثلاث لصومعة الكتبية بمراكش، والخيرالدا بإشبيلية على وجود المسجد وضخامته.
ويرى مؤرخون أن اختيار هذا المسجد الذي تتجاوز مساحته 2550م 2 بمدينة الرباط ليكون أكبر مساجد المغرب وليداني أكبر مساجد الشرق مساحة وفخامة، يدل على أن الموحدين كانوا يرغبون في أن يتخذوا من الرباط مدينة كبيرة تخلف في أهميتها مدينتي فاس ومراكش، وبالرغم من العناية التي بذلها كل من أبي يعقوب وأبي يوسف في إنشاء مدينة كبيرة بكل مرافقها لتخلد بذلك اسم الدولة الموحدية، فإن الرباط في الواقع لم تعمر بقدر ما كان يأمله منها أبو يوسف وخلفه. وهذا الأمر قد يكون من أهم الأسباب التي أوقفت حركة البناء في هذا الجامع بالإضافة إلى موت أبو يوسف المنصور قبل إكمال بنائه، كما أنه كان يستنفذ موارد الدولة مع المرافق الأخرى للرباط.
في عهد الدولة الموحدية نفسها وفي فترة احتضارها عمد السعيد الموحدي إلى أخشاب المسجد وأبوابه، فصنع منها أجفانا سنة 641هـ فما لبثت أن احترقت بنهر أم الربيع وبذلك فسح للعامة مجال النهب والسلب ليسطوا على بقية هذه الأخشاب التي كانت من أشجار الأرز. وتوالي السطو أيام المرينيين ثم السعديين بل حتى أيام العلويين عهد السلطان عبد الله بن إسماعيل حيث صنع القراصنة من سلا والرباط سفينة من أخشاب الجامع المذكور وسموها بسفينة الكراكجية ثم انتزعها منهم السلطان محمد بن عبد الله.
ولم تكن أحداث الطبيعة بأرحم من الناس على هذا الأثر، فقد كان زلزال لشبونة سنة 1169 (1755م) الذي عم أثره بعض أنحاء المغرب خاصةً مكناس والرباط، سببا في سقوط عدة أعمدة وأطراف من السور والمنار، كما تهدمت عدة منازل من الرباط ثم تلا هذا الزلزال حريق عظيم أتى على ما بقي من أخشاب المسجد التي تحولت رمادا، وكان للأمطار ورطوبة البحر وتقلبات الجو أثرها أيضا على هذا البناء الأثري حتى استحال الجانب المطل على نهر أبي رقراق من المنار رماديا كما يبدو ذلك حتى الآن.
2. قصبة الوداية:
عدلتعد قصبة الوداية النواة الأولى للرباط. وهي تقع شمال شرق هذه المدينة فوق جرف صخري يطل على الساحل الأطلسي ومصب نهر أبي رقراق. تحيل كلمة الوداية على اسم قبيلة صحراوية كانت تسكن القصبة وأدمجت ضمن الجيش العلوي للدفاع عن المدينة ضد هجمات القبائل المجاورة.
لا نعرف إلا الشيء القليل على تاريخ الموقع قبل مجيء الموحدين، ويذكر المؤرخون أن الأمير المرابطي تاشفين بن علي بنى سنة 1140 على مصب نهر أبي رقراق رباطا عسكريا ودينيا أطلق عليه اسم قصر بني تاركة: وقد مكنت الحفريات التي أجريت مؤخرا بالقرب من الباب الكبير من العثور على بقايا أثرية تعود لهذه القلعة الوسيطية.
يبتدئ التاريخ الحقيقي للموقع مع مجيء الموحدين. ففي سنة 1150 أمر عبد المومن بن علي أول الخلفاء الموحدين، ببناء قلعة على الضفة اليسرى لمصب أبي رقراق وسماها المهدية. لعبت هذه القصبة دورا هاما حتى وفاة مؤسسه، حيث فقدت أهميتها وأهملت لتحل محلها مدينة رباط الفتح الجديدة التي بناها يعقوب المنصور.
وفي سنة،1609 لما طرد فيلب الثاني الأندلسيين من إسبانيا، حل حوالي 2000 ممن يعرفون بهورناتشيروس بالقصبة حيث استقروا بها واستقطبوا الآلاف من المطرودين ليعزروا مكانتهم. وحتى يأمن خطرهم، عمد السلطان السعدي المولى زيدان إلى دمجهم في جيشه وكلفهم بالدفاع عن مدينتي الرباط وسلا. كانت القصبة في حالة خراب، فقام الأندلسيون بترميم الأسوار وعدة بنايات، ومقابل ذلك منحهم السلطان حق استخلاص الضرائب على السلع داخل الميناء. لم تستمر هذه الوضعية إلا بضع سنوات إذ استقل الأندلسيين عن السلطة المركزية وكونوا ما يعرف بجمهورية أبي رقراق المستقلة.
واتخذوا من القصبة عاصمة لهم. وقد كانت هذه الإمارة الصغيرة تعيش على مداخيل الميناء وتتعاطى للقرصنة على السواحل الأطلسية.
ومع وصول العلويين إلى الحكم، انتهت هذه الفترة المضطربة من تاريخ مصب أبي رقراق حيث سيطر المولى رشيد سنة 1666 على القصبة ووضع الأندلسيين تحت سلطته. وبالرغم من استمرار نشاط القرصنة في المنطقة فإن السلطان تمكن من ضبط الأوضاع وعرفت القصبة في عهده عدة أشغال للتوسعة. حيث مدت الأسوار في اتجاه الجنوب الشرقي ودعمت ببرجين كبيرين، كما شرع في بناء الإقامة الملكية التي استمرت أشغالها تحت حكم المولى إسماعيل.
وخلال الفترة الممتدة من1757 إلى1789 قام السلطان سيدي محمد بن عبد الله بترميم تحصينات القصبة وإعادة تهيئة الميناء لدرء مخاطر وهجمات المسيحيين كما جهز أسطولا وجيشا لوضع حد لنشاط القرصنة والسيطرة على النشاط التجاري، لكن أهم إنجازاته العسكرية تمثلت في بناء برج الصقالة الذي وضع تصميمه المهندس الشهير محمد الإنجليزي.
وتحت حكم المولى يزيد(1790-1792) شهدت القصبة بناء عدة معالم أهمها المخازن التي تعلو ساحة الملوحة. أما المولى عبد الرحمان (1822-1859)، فقد قام بتعمير القصبة بمجموعة من وجهاء وأعضاء قبيلة الوداية المعقلية الصحراوية، وكلفهم بمهام الشرطة والمراقبة واستخلاص الضرائب وتسيير الشؤون العامة.
3. شالة:
عدلشالة هي موقع أثري بالقرب من الرباط، يرجع تاريخها للقرن السادس قبل الميلاد. ورد ذكر موقع شالة عند المؤرخين القدامى كمدينة صغيرة تقع على نهر يحمل اسم ("سلا كولونيا" (بالإنجليزية:) Sala Colonia) والذي يطلق عليه حاليا اسم واد أبي رقراق. وفي العهد الإسلامي، أصبحت هذه التسمية مقتصرة على المدينة الحديثة الواقعة على الضفة اليمنى للوادي أما الموقع فبدأ يحمل اسم شالة. يرجع تاريخ "شالة" إلى القرن السابع أو السادس قبل الميلاد.
ويبدو أن المدينة قد ازدهرت تحت حكم الملوك الموريين خاصة خلال عهدي الملكين يوبا وابنه بطليموس، حيث جهزت بعدة بنايات عمومية جسد جلها التأثير الهليني والروماني، وكما سكت نقودا تحمل اسمها. ابتداء من سنة 40 م شهدت المدينة تحولا جديدا تحت الحكم الروماني، حيث تميزت بتغيير في مكوناتها الحضرية بإنشاء الساحة العمومية والحمامات والمعبد الرئيسي وتحصينها بحائط متواصل امتد من الساحل الأطلسي إلى حدود وادي عكراش. وفي سنة 144م أحيطت المدينة بسور دفاعي، لتبقى خاضعة للاحتلال الروماني حتى أواخر القرن الرابع أو بداية القرن الخامس الميلادي. ما زالت حدود المدينة القديمة غير معروفة، إذ لم يتم الكشف لحد الآن إلا عن الحي العمومي.
هذا الأخير ينتظم بجانبي شارع رئيسي) الديكومانوس ماكسموس (مرصف ينتهي في جهته الشرقية بالساحة العمومية (الفوروم). أما بشمال غرب الساحة، فيتواجد معبد مكون من خمس مقصورات تبرز التأثيرالمعماري الموري.وقد كشفت الحفريات جنوب الديكومانوس عن حوض الحوريات ومخازن عمومية وحمامات. أما بشماله فقد ظهرت بقايا المعبد الرسمي (الكابتول)وهو بناية ضخمة بني جزء منها فوق صف من الدكاكين المقببة، فتعلو بذلك فضاءا واسعا يضم كلا من قوس النصر ودار العدالة التي لم يتبق منها إلا أجزاء من الواجهة الرئيسية.
بقيت شالة مهجورة منذ القرن الخامس حتى القرن العاشر الميلادي حيث تحول الموقع إلى رباط يتجمع فيه المجاهدون لمواجهة قبيلة برغواطة لكن هذه المرحلة التاريخية تبقى غامضة إلى أن اتخذ السلطان المريني أبو يوسف يعقوب سنة 1284م من الموقع مقبرة لدفن ملوك وأعيان بني مرين حيث شيد النواة الأولى لمجمع ضم مسجدا ودارا للوضوء وقبة دفنت بها زوجته أم العز.
حضيت شالة على عهد السلطان أبي الحسن باهتمام بالغ. أما ابنه السلطان أبو عنان فقد أتم المشروع، فبنى المدرسة شمال المسجد والحمام والنزالة وزين أضرحة أجداده بقبب مزخرفة تعتبر نموذجا حيا للفن المعماري المتميز لدولة بني مرين. تراجعت شالة مباشرة بعد قرار المرينيين بإعادة فتح مقبرة القلة بفاس، فأهملت بناياتها، بل وتعرضت في بداية القرن الخامس عشر الميلادي للنهب والتدمير لتحتفظ بقدسيتها العريقة وتعيش بفضل ذكريات تاريخها القديم على هامش مدينة رباط الفتح، وتصبح تدريجيا مقبرة ومحجا لساكنة المنطقة، بل معلمة تاريخية متميزة تجتذب الأنظار.
في القرن الرابع عشر الميلادي (1339) أحيط الموقع بسور خماسي الأضلاع مدعم بعشرين برجا مربعا وثلاث بوابات أكبرها وأجملها زخرفة وعمارة الباب الرئيسي للموقع المقابل للسور الموحدي لرباط الفتح. أما داخل الموقع فقد تم تشييد أربع مجموعات معمارية مستقلة ومتكاملة تجسد كلها عظمة ومكانة مقبرة شالة على العهد المريني.
ففي الزاوية الغربية للموقع ترتفع بقايا النزالة التي كانت تأوي الحجاج والزوار وفي الجزء السفلي تنتصب بقايا المقبرة المرينية المعروفة بالخلوة، والتي تضم مسجدا ومجموعة من القبب أهمها قبة السلطان أبي الحسن وزوجته شمس الضحى، والمدرسة التي تبقى منارتها المكسوة بزخرفة هندسية متشابكة ومتكاملة وزليجها المتقن الصنع نموذجا أصيلا للعمارة المغربية في القرن الرابع العاشر.
في الجهة الجنوبية الشرقية للموقع يوجد الحمام المتميز بقببه النصف دائرية، التي تحتضن أربع قاعات متوازية: الأولى لخلع الملابس والثانية باردة والثالثة دافئة والرابعة أكثر سخونة.
أما حوض النون، فيقع في الجهة الجنوبية الغربية للخلوة وقد كان في الأصل قاعة للوضوء لمسجد أبي يوسف، وقد نسجت حوله الذاكرة الشعبية خرافات وأساطير جعلت منه مزارا لفئة عريضة من ساكنة الرباط ونواحيها.
الأسوار:
عدليمتد السور الموحدي الذي بناه يعقوب المنصور على طول 5263 مترا غربي وجنوبي المدينة، ويبلغ عرضه أحيانا مترين اثنين ونصف متر ويصل علوه إلى عشرة أمتار، ويوجد فوق السور طريق ممهد للحراس يدعمه حاجز قوي فيه ثغرات للمراقبة في بعض المواضع.
ويشتمل هذا السور على أربعة وسبعين برجا، منها سبعة تمتد من برج الصراط إلى باب لعلو، وتسعة إلى باب الأحد "أو الحد"، وخمسة وعشرون إلى باب الرواح، وسبعة على طول ثكنة الحرس الملكي. وأربعة وعشرون إلى الجهة المطلة على نهر أبي رقراق قرب المكان الذي كان يعرف بالمنزه.
تبتدئ هذه الأسوار من برج الصراط إلى جهة الجنوب الشرقي ثم تنحرف نحو الشمال إلى أن تصل للوادي قريبا من قلعة شالة، ويفصل بينهما السور الأندلسي الممتد من باب الأحد إلى برج سيدي مخلوف المطل على الوادي. أحدثه الأندلسيون أوائل القرن الحادي عشر. ويتصل بالسور الموحدي من جهة المحيط سور أشبار، يبتدئ من برج الصراط إلى فم الوادي قبالة قصبة الوداية. أما السور الخارجي فيبتدئ من البحر على بعد ألف وسبعمائة وأربعين مترا من الجنوب الغربي لبرج الصراط. ويمتد نحو الجنوب الشرقي ثم ينعطف إلى أن يتصل بسور الموحدين على بعد خمسمائة متر من دار السلطان التي يحيط بها سور أكدال الكبير.
والمساحة الداخلية المحاطة بالأسوار الموحدية تبلغ 418 هكتارا، ينفذ الداخل إليها من خمسة أبواب، وهي من جهة الغرب باب العلو ، وباب الحد، وباب الرواح والباب المحاذية للقصر الملكي. ومن جهة الجنوب باب زعير. وما زال السور الموحدي متينا قوي الدعائم رغم مرور ثمانية قرون على تأسيسه حيث تم بناؤه حوالي عام 593 / 1197. وهو يمتد على طول 5263 مترا كما سلف.
الأبواب:
عدلتوجد بالرباط أربعة أنواع من الأبواب:
· أبواب السور الموحدي
· أبواب السور الأندلسي
· أبواب السور العلوي
· أبواب الشوارع والأزقة
أما أبواب السور الموحدي فهي خمسة بإدراج الباب الواقعة داخل ثكنة الحرس الملكي وهي تحمل الأسماء الآتية: باب لعلو وباب الحد وباب الرواح وباب زعير ، إلا بعض الرسوم التي وضعها رحالون أوربيون زاروا المغرب خلال القرنين السابع عشر والثامن عشر، تسمي باب لعلو بباب مراكش أو باب آسفي كما أن البعض يطلق اسم مراكش أيضا على كل من باب الحد وباب الرواح ثم جاء القنصل الفرنسي "شيني" فأشار في تاريخه إلى باب البحر (ويقصد به باب لعلو) وباب الجبل (أي باب الرواح) وباب الحديد (أي باب القصر السلطاني) وباب شالة (أي باب زعير) .
كما أن مؤرخ الرباط (محمد الضعيف) أشار هو أيضا إلى باب مراكش (أي باب الحد) وباب الحديد (أي باب المشور) ملاحظا أن السلطان سيدي محمد بن عبد الله أطلق اسما جديدا على باب الرواح هو (باب الريح) إلا أن الاسم الجديد بخلاف الاسم الذي أطلقه الناس على باب الحد وهو باب الجديد، ويظهر أن الأسماء تعددت بل إن بعض الأسماء كباب الحديد أطلقت على كل من باب المشور وباب زعير.
المصادر والمراجع المعتمدة:
عدل- م، بلفقيه وع. فضل الله، آليات وأشكال التوسع الحضري، حالة الرباط – سلا، مكتبة المعارف، الرباط 1986.
- م، بريان وع. العوينة، تهيئة الساحل وتطوره. منشورات اللجنة الوطنية للجغرافيا، 1993.
- عبد الله العوينة، جهة الرباط – سلا – زمور – زعير. معلمة المغرب.
- عبد الله السويسي، تاريخ رباط الفتح. مطبوعات دار المغرب للتأليف والترجمة والنشر. سلسلة التاريخ (9). الرباط 1979.
- أبو عبيد الله البكري، المسالك والممالك، كتاب المغرب في ذكر بلاد إفريقيا والمغرب، نشر دوسلان، باريس 1965.
- محمد بن علي الدكالي، الإتحاف الوجيز، تاريخ العدوتين، تحقيق مصطفى بوشعراء، منشورات الخزانة الصبيحية، سلا، 1986
- بوجندار، محمد بن مصطفى، مقدمة الفتح من تاريخ رباط الفتح، تقديم عبد العزيز الخمليشي، كلية الآداب والعلوم الإنسانية، الرباط، 2012.
- عبد الكريم كريم، من مظاهر التضامن المغربي عبر التاريخ.
- ابن عذاري المراكشي، البيان المغرب في أخبار الأندلس وإفريقيا والمغرب، تحقيق ج س كولان وليفي بروفنصال بيروت، لبنان 1967، ج 1.
- أحمد بن خالد الناصري، الاستقصا لأخبار دول المغرب الأقصى، جزء الأول، دار الكتاب الدار البيضاء 1954.
- عبد العزيز بن عبد الله، موسوعة الرباط. إشراف: عبد الكريم بناني، مصطفى الجوهري. مطبعة بني يزناسن – سلا. ط 1.