مستخدم:Asaaj7h/ملعب
الأرجوزة المحبرة في التاريخ هي أرجوزة من تأليف علي بن الجهم, مكونه من 333 بيت, تتحدث عن التاريخ من بدايته الى وقت الشاعر, وبعض مما ورد في هذة الأرجوزة هي من الاسرائيليات فلا نصدقها أو نكذبها في الاسلام, والشاعر اختار ما ترجح لديه منها. وهي تتكلم في البداية عن التاريخ من عند الأنبياء والرسل عليهم السلام, ومن ثم في التاريخ الاسلامي والخلافة عند الوصول للرسول صلى الله عليه وسلم.
الأرجوزة المحبرة في التاريخ | |
---|---|
الاسم | الأرجوزة المحبرة في التاريخ |
المؤلف | علي بن الجهم |
عدد الأبيات | 333 |
البحر | بحر الرجز |
ويكي مصدر | |
تعديل مصدري - تعديل |
وصف موضوع الأرجوزة في كتاب أرجوزة في تاريخ الخلفاء هو: (" وموضُوعها ذكْرُ أسماء الخلفاء الذين استُخلفوا في الأرض, منذ نبي الله آدم عليه السلام إلى عصر الخليفة العباسي (المستتعين بالله) الذي عاصره شاعرنا."[2])
التسلسل الزمني
عدلبعد المقدمة, ذكر قصة آدم وحواء من الخلق, مرورا بإقامتهما في الجنة واغترارهما بإبليس وهبوطهم منها, الى رحلتهما في الحياة والانجاب, ومن ثم خبر ولد آدم, وخبر الأنبياء والرسل, ثم ذكر من أخبار الروم والفرس قبل الإسلام, ثم الإسلام بداية بحياة الرسول وانتهاء بالخلافة العباسية,[3]تحديدا الخليفة المستعين بالله[2].
نص الأرجوزة
عدلالحَمدُ للهِ المُعيدِ المُبدي
حَمدًا كَثيرًا وُهوَ أُهلُ الحَمدِ
ثُمَّ الصَلاةُ أَوَّلًا وَآخِرا
عَلى النَبِيِّ باطِنًا وَظاهِرا
يا سائِلي عَن ابتِداءِ الخَلقِ
مَسأَلَةَ القاصِدِ قَصدَ الحَقِّ
أَخبَرَني قَومٌ مِن الثِقاتِ
أولو عُلومٍ وَأولو هَيئآتِ
تَقَدَّموا في طَلَبِ الآثارِ
وَعَرَفوا حَقائِقَ الأَخبارِ
وَفَهِموا التَوراةَ وَالإِنجيلا
وَأَحكَموا التَنزيلَ وَالتَأويلا
أَنَّ الَّذي يَفعَلُ ما يَشاءُ
وَمَن لَهُ العِزَّةُ وَالبَقاءُ
أَنشَأَ خَلقَ آدَمٍ إِنشاءَ
وَقَدَّ مِنهُ زَوجَهُ حَواءَ
مُبتَدِئًا ذلِكَ يَومَ الجُمعَهْ
حَتّى إِذا أَكمَلَ مِنهُ صُنعَهْ
أَسكَنَهُ وَزَوجَهُ الجِنانا
فَكانَ مِن أَمرِهِما ما كانا
غَرَّهُما إِبليسُ فَاغتَرّا بِهِ
كَما أَبانَ اللَهُ في كِتابِهِ
دَلّاهُما المَلعونُ فيما صَنَعا
فَأُهبِطا مِنها إِلى الأَرضَ مَعا
فَوَقَعَ الشَيخُ أَبونا آدَمْ
بِجَبَلٍ في الهِندِ يُدعى واسِمْ
لَبَئسَما اعتاضَ عَن الجِنانِ
وَعَن جِوارِ المَلِكِ المَنّانِ
وَالضَعفُ مِن خَليقَةِ الإِنسانِ
لا سِيَّما في أَوَّلِ الزَمانِ
ما لَبِثا في الفَوزِ يَومًا واحِدا
حَتّى استَعاضا مِنهُ جُهدًا جاهِدا
فَشَقيا وَوَرَّثا الشَقاءَ
أَبناهُما وَالهَمَّ وَالعَناءَ
وَلَم يَزَل مُستَغفِرًا مِن ذَنبِهِ
حَتّى تَلَقّى كَلِماتِ رَبِّهِ
فَأمِنَ السَخطَةَ وَالعِقابا
وَاللَهُ تَوّابٌ عَلى مَن تابا
ثُمَّ استَمَلّا وَأَحَبّا النَسلا
فَحَمَلَت حَوّاءُ مِنهُ حَملا
وَوَضَعَت إِبنًا وَبِنتًا تَوأَما
فَسُرَّ لَمّا سَلِمَت وَسَلِما
وَاقتَنيا الإِبنَ فَسُمِّيَ قايِنا
وَعايَنا مِن أَمرِهِ ما عايَنا
ثُمَّ أَغَبَّت بَعدَهُ قَليلا
فَوَضَعَت مُتئِمَةً هابيلا
فَشَبَّ هابيلُ وَشَبَّ قايِنُ
وَلَم يَكُن بَينَهُما تَبايُنُ
فَقَرَّبا لِحاجَةٍ قُربانا
وَخَضَعا لِلَّهِ وَاستَكانا
فَقُبِلَ القُربانُ مِن هابيلِ
وَلَم يَفُز قايِنُ بِالقُبولِ
فَثارَ لِلحينِ الَّذي حُيِّنَ لَهْ
إِلى أَخيهِ ظالِمًا فَقَتَلَهْ
ثُمَّ استَفَزَّ أُختَهُ فَهَرَبا
وَفارَقا أُمًّا أَلوفًا وَأَبا
فَبَعَدَت دارُهُما مِن دارِهِ
وَزَهَدا في الخَيرِ مِن جِوارِهِ
فَأَخلَفَ اللَهُ عَلَيهِ شيثا
وَلَم يَزَل بِاللَهِ مُستَغيثا
حَتّى إِذا أَحَسَّ بِالحِمامِ
وَذاكَ بَعدَ سَبع مية عامِ
كانَت إِلى شيثَ ابنِهِ الوَصِيَّهْ
وَلَيسَ شَيءٌ يعجزُ المَنِيِّهْ
أَنِ اعبُدِ اللَهَ وَجانِب قايِنا
وَكُن لَهُ وَنَسلِهِ مُبايِنا
فَلَم يَزَل شيثُ عَلى الإيمانِ
مُعتَصِمًا بِطاعَةِ الرَحمنِ
يَحفَظُ ما أَوصى بِهِ أَبوهُ
لا يَتَخَطّاهُ وَلا يَعدوهُ
حَتّى إِذا ما حَضرَت وَفاتُهُ
وَخافَ أَن يَفجَأَهُ ميقاتُهُ
أَوصى أَنوشًا وَأَنوشٌ كَهلُ
بِمِثلِ ما أَوصى أَبوهُ قَبلُ
فَلَم يَزَل أَنوشُ يَقفو أَثَرَهْ
لا يَتَعَدّى جاهِدًا ما أَمَرَهْ
تَمَّ تَلاهُ إِبنُهُ قينانُ
وَقَولُهُ وَفِعلُهُ الإيمانُ
ثُمَّ تَلا قينانَ مَهلائيلُ
فَسَنَّ ما سَنَّت لَهُ الكُهولُ
ثُمَّ استَقَلَّ بِالأُمورِ يَردُ
اخنوخ وَهوَ في العُلومِ فَردُ
وَكانَ في زَمانِهِ يوئيلُ
الخالِعُ المُضلِّلُ الضِلّيلُ
أَوَّلُ مَن تَتَبَّعَ المَلاهِيا
وَأَظهَرَ الفَسادَ وَالمَعاصيا
وَكانَ مِن نَسلِ الغَوِيِّ قاينِ
وَغَيرُ بِدعٍ خايِنٌ مِن خايِنِ
فَاغتَرَّ مِن أَولادِ شيثٍ عالَما
حَتّى عَصَوا وَانتَهَكوا المَحارِما
وَخالَفوا وَصِيَّةَ الآباءِ
وَافتَتَنوا بِاللَهوِ وَالنِساءِ
وَلَم يَزَل يارِدُ يَألو قَومَهُ
نُصحًا وَكانوا يُكثِرونَ لَومَهُ
حَتّى إِذا ماتَ استَقَلَّ بَعدَهُ
إِدريسُ بِالأَمرِ فَأَورى زِندَهُ
وَهُوَ حَنوخ بِالبَيانِ أَعجَما
صَلّى عَلَيهِ رَبُّنا وَسَلَّما
أَوَّلُ مَبعوثٍ إِلى العِبادِ
وَآمِرٍ بِالخَيرِ وَالرَشادِ
وَأَوَّلُ الناسِ قَرا وَكَتَبا
وَعَلِمَ الحِسابَ لَمَّا حَسَبا
فَلَم يُطِعهُ أَحَدٌ مِن أَهلِهِ
وَاختَلَطوا بِقايِنٍ وَنَسلِهِ
فَرَفَعَ اللَهُ إِلَيهِ عَبدَهُ
مِن بَعدِ ما اختارَ المَقامَ عِندَهُ
وَصارَ مَتوشَلَخٌ مُستَخلَفا
مِن بَعدِ إِدريسَ النَبِيِّ المُصطَفى
فَحَذَّرَ الناسَ عَذابًا نازِلا
فَلَم يَجِد في الأَرضِ مِنهُم قابِلا
غَيرَ ابنِهِ لَمكٍ فَأَوصى لَمكا
وَصِيَّةً كانَت تُقىً وَنُسكا
فَوَعَظَ الناسَ فَخالَفوهُ
وَنَفروا عَنهُ وَفارَقوهُ
فَأَرسَلَ اللَهُ إِلَيهِم نوحا
عَبدًا لِمَن أَرسَلَهُ نَصوحا
فَعاشَ أَلفًا غَيرَ خَمسينَ سَنَهْ
يَدعو إِلى اللَهِ وَتَمضي الأَزمِنَهْ
يَدعوهُمُ سِرًّا وَيَدعو جَهرا
فَلَم يَزِدهُم ذاكَ إِلّا كُفرا
وَانهَمَكوا في الكُفرِ وَالطُغيانِ
وَأَظهَروا عِبادَةَ الأَوثانِ
حَتّى إِذا استَيأَسَ أَن يُطاعا
وَحَجَبوا مِن دونِهِ الأَسماعا
دَعا عَلَيهِم دَعوَةَ البَوارِ
مِن بَعدِ ما أَبلَغَ في الإِنذارِ
وَاتَّخَذَ الفُلكَ بِأَمرِ رَبِّهِ
حَتّى نَجا بِنَفسِهِ وَحِزبِهِ
وَأَقبَلَ الطوفانُ ماءً طاغِيا
فَلَم يَدَع في الأَرضِ خَلقًا باقِيا
غَيرَ الَّذينَ اعتَصَموا في الفُلكِ
فَسَلِموا مِن غَمَراتِ الهُلكِ
وَكانَ هذا كُلُّهُ في آبِ
قَبلَ انتِصافِ الشَهرِ في الحِسابِ
فَعَزَموا عِندَ اقتِرابِ المَعمَعَهْ
أَن يَركَبوا الفُلكَ وَأَن يَنجوا مَعَهْ
وَكانَ مِن أَولادِ نوحٍ واحِدُ
مُخالِفٌ لِأَمرِهِ مُعانِدُ
فَبادَ فيمَن بادَ مِن عِبادِهِ
وَسَلِمَ الباقونَ مِن أَولادِهِ
سامٌ وَحامٌ وَالصَغيرُ الثالِثُ
وَهُوَ في التَوراةِ يُدعى يافِثُ
فَأَكثَرُ البيضانِ نَسلُ سامِ
وَأَكثَرُ السودانِ نَسلُ حامِ
وَيافِثٌ في نَسلِهِ عَجائِبُ
يَأجوجُ وَالأَتراكُ وَالصَقالِبُ
وَمِن بَني سامِ بنِ نوحٍ إِرَمُ
وَاَرْفَخْشَدٌ وَلاوِذٌ وَغَيلَمُ
فَكَثُرَت مِن بَعدِ نوحٍ عادُ
وَشاعَ مِنها العَيثُ وَالفَسادُ
وَعادُ مِن أَولادِ عوصِ بنِ إِرَمْ
وَمِن بَني عوصٍ جَديسٌ وَطَسَمْ
فَأَرسَلَ اللَهُ إِلَيهِم هودا
فَجَرَّدَ الحَقَّ لَهُم تَجريدا
فَعانَدوهُ شَرَّ ما عِنادِ
وَانهَمَكوا في الكُفرِ وَالإِلحادِ
فَقالَ يا رَبِّ أَعِزَّ القَطرا
عَنهُم فَعَدّاهُم سِنينَ عَشرا
وَأَرسَلَ الريحَ عَلَيهِم عاصِفا
فَلَم تَدَع مِن آلِ عادٍ طائِفا
وَكانَ وَفدٌ مِنهُم سَبعونا
ساروا إِلى مَكَّةَ يَستَقونا
فَابتَهَلوا وَرَفَعوا أَيديهِمُ
وَكانَ لُقمانُ بنُ عادٍ مِنهُمُ
فَسَأَلَ البَقاءَ وَالتَعميرا
فَعاشَ حَتّى أَهلَكَ النُسورا
وَوافَقَت دَعوَتُهُ إِجابَهْ
إِذ لَم يَكُن بِمُرتَضٍ أَصحابَهْ
وَأَثمَرَت ثَمودُ بَعدَ عادِ
فَسَكَنَت حِجرًا وَبَطنَ الوادي
فَأَرسَلَ اللَهُ إِلَيهِم صالِحا
فَتىً حَديثَ السِنِّ مِنهُم راجِحا
فَلَم يَزَل يَدعوهُمُ حَتّى اكتَهَلْ
وَلَم يُجِبهُ مِنهُمُ إِلّا الأَقَلْ
وَأَحضَروهُ صَخرَةً مَلساءَ
وَقالوا أَخلِص عِندَها الدُعاءَ
فَهَل لِمَن تَعبُدُهُ مِن طاقَهْ
أَن تَتَشَظّى وَلَدًا عَن ناقَهْ
فَانفَلَقَت حَتّى بَدا زَجيلُها
عَن ناقَةٍ يَتبَعُها فَصيلُها
فَعَقَروا الناقَةَ لِلشَقاءِ
فَعاجَلَتهُم صَيحَةُ الفَناءِ
فَتِلكَ حِجرٌ مِن ثَمودٍ خالِيَهْ
فَهَل تَرى في الأَرضَ مِنهُم باقِيَهْ
ثُمَّ اصطَفى رَبُّكَ إِبراهيما
فَلَم يَزَل في خَلقِهِ رَحيما
فَكانَ مِن إِخلاصِهِ التَوحيدا
أَن هَجَرَ القَريبَ وَالبَعيدا
وَشَرَعَ الشَرائِعَ الحِسانا
وَكَسَرَ الأَصنامَ وَالأَوثانا
وَقالَ لوطٌ إِنَّني مُهاجِرُ
وَبِالَّذي يَأمُرُ قَومي آمِرُ
ما قَد تَوَلّى شَرحَهُ القُرآنُ
وَفي القُرانِ الصِدقُ وَالبَيانُ
فَشَكَرَ اللَهُ لَهُ الإيمانا
وَخَصَّهُ الحُجَّةَ وَالبُرهانا
وَقَمَعَ النُمرودَ عاتي دَهرِهِ
بِحُجَجِ اللَهِ وَحُسنِ صَبرِهِ
وَجَعَلَ الحِكمَةَ في أَولادِهِ
وَاختارَهُم طُرًّا عَلى عِبادِهِ
وَجَعَلَ الأَمرَ لِإِسماعيلِ
فَهُوَ أَسَنُّ وَلَدِ الخَليلِ
وَوَلَدَت هاجَرُ قَبلَ سارَهْ
وَقَبلَها بُلِّغَتِ البِشارَهْ
مِن رَبِّها وَسَمِعَت نِداءَ
قَد سَمِعَ اللَهُ لَكِ الدُعاءَ
وَأُسكِنَت في البَلَدِ الأَمينِ
وَشَبَّ إِسماعيلُ في الحَجونِ
وَكانَ يَومًا عِندَهُ جِبريلُ
وَعِندَهُ النَبِيُّ إِسماعيلُ
وَهوَ صَغيرٌ فَاشتَكى الظَماءَ
فَخَرَجَت هاجَرُ تَبغي الماءَ
فَهَمَزَ الأَرضَ فَجاشَت جَمجَما
تَفورُ مِن هَمزَتِهِ أَنْهُرَ ما
وَأَقبَلَت هاجَرُ لَمّا يَئِسَت
فَراعَها ما عايَنَت فَأَبلَسَت
وَجَعَلَت تَبني لَهُ الصَفائِحا
لَو تَرَكَتهُ كانَ ماءً سائِحا
وَجاوَرَتهُم جُرهُمٌ في الدارِ
راغِبَةً في الصِهرِ وَالجِوارِ
فَوَلَّدوا النِساءَ وَالرِجالا
خَؤولَةٌ شَرَّفَت الأَخوالا
وَوَطَّنوا مَكَّةَ دَهرًا داهِرا
حَتّى إِذا ما قارَفوا الكَبائِرا
وَبَدَّلوا شِرعَةَ إِبراهيمِ
وَشَبَّهوا التَحليلَ بِالتَحريمِ
أَجلَتهُمُ عَنها بَنو كِنانَهْ
فَدَخَلوا بِالذُلِّ وَالمَهانَهْ
وَوَلي البَيتَ وَأَمرَ الناسِ
الأَكرَمونَ مِن بَني إِلياسِ
فَلَم تَزَل شِرعَةُ إِسماعيلِ
في أَهلِهِ واضِحَةَ السَبيلِ
حَتّى انتَهى الأَمرُ إِلى قُصَيِّ
مُجَمِّعٍ خَيرِ بَني لُؤَيِّ
فَسَلَّمَ الناسُ لَهُ المَقاما
وَالبيتَ وَالمَشعَرَ وَالحَراما
وَصارَتِ القوسُ إِلى باريها
وَصادَفَت رَمِيَّةٌ راميها
وَإيطَنَت في أَهلِها المَكارِمُ
وَرُفِعَت لِشَيدِها الدَعائِمُ
وَوَرَّثَ الشَيخُ بَنيهِ الشَرَفا
وَكُلُّهُم أَغنى وَأَجدى وَكَفى
وَاسمَع حَديثَ عَمِّنا إِسحاقا
فَإِنَّني أَسوقُهُ أَنساقا
جاءَ عَلى فَوتٍ مِن الشَبابِ
وَمِئَةٍ مَرَّت مِن الأَحقابِ
فَأَيَّدَ اللَهُ بِهِ الخَليلا
وَعَضَدَ الصادِقَ إِسماعيلا
وَعَجِبَت سارَةُ لمّا بُشِّرَت
بِهِ فَصَكَّت وَجهَها وَذُعِرَت
قالَت وَأَنّى تَلِدُ العَجوزُ
قيلَ إِذا قَدَّرَهُ العَزيزُ
وَقيلَ مِن وَرائِهِ يَعقوبُ
مَقالَةٌ لَيسَ لَها تَكذيبُ
فَتَمَّ وَعدُ اللَهِ جَلَّ ذِكرُهُ
وَغَلَبَ الأَمرَ جَميعًا أَمرُهُ
فَكانَ مِن قِصَّةِ يَعقوبَ النَبِي
ما لَيسَ يَخفى ذِكرُهُ في الكُتُبِ
قَد أَفرَدَ اللَهُ بِذاكَ سورَهْ
مَعروفَةً بِيوسِفٍ مَشهورَهْ
وَماتَ يَعقوبُ بِأَرضِ مِصرِ
مِن بَعدِ تِسعٍ كَمُلَت وَعَشرِ
وَإِنِّما طالَعَ مِصرَ زائِرا
لِيوسِفٍ ثُمَّ ثَوى مُجاوِرا
حَتّى إِذا أَيقَنَ بِالحِمامِ
أَوصى بِأَن يُقبَرَ بِالشآمِ
فَحَمَلَ التابوتَ حَتّى قَبَرَهْ
يوسُفُ بِالشامِ عَلى ما أَمَرَهْ
ثُمَّ أَتى مِصرَ فَعاشَ حِقَبا
حَتّى قَضى مِن الحَياةِ أَرَبا
وَكانَ مِن أُسرَتِهِ سَبعونا
أَتوهُ مَع يَعقوبَ زائِرينا
وَكانَ فِرعَونُ يَليهِم قَسرا
فَسامَهُم سوءَ العَذابِ دَهرا
فَبَعَثَ اللَهُ إِلَيهِم موسى
مِن بَعدِ ما قَدَّسَهُ تَقديسا
فَخَلَّصَ القَومَ مِن العَذابِ
وَهُم عَلى ما قيلَ في الحِسابِ
سِوى الذَراري وَالرِجالِ العُجفِ
مِن الرِجالِ سِتَّ مِيةِ أَلفِ
وَنَقَلَ التابوتَ ذو العَهدِ الوَفي
موسى وَفي التابوتِ جِسمُ يوسُفِ
لَم يَثنِهِ عَن ذاكَ بُعدُ العَهدِ
وَلا الَّذي مَرَّ بِهِ مِن جُهدِ
وَبَينَهُم إِحدى وَخَمسونَ سَنَه
وَمِئَةٍ كامِلَةٍ مُمتَحَنَه
وَمَكَثوا في التيهِ أَربَعينا
وَلَم يَعيشوا مِثلَها سِنينا
وَماتَ هارونُ بنُ عِمرانَ النَبِي
مِن قَبلِ موسى في مَنامٍ طَيِّبِ
وَقيلَ ما أُخِّرَ عَن أَخيهِ
إِلّا لِأَمرٍ قَد قُضِي في التيهِ
ثُمَّ تَنَبّا يوشَعُ بنُ نونِ
وَصِيُّ موسى الصادِقِ الأَمينِ
فَخاضَ بَحرَ أُردُنَ العَميقا
وَجَعَلَ البَحرَ لَهُ طَريقا
وَحَرَقَت مَن خانَ في أَريحا
وَفَتَحَ اللهُ بهِ الفُتوحا
وَقالَ لِلشَمسِ قِفي فَوَقَفَت
وَرَدَّها مِن قَصدِها فَانصَرَفَت
وَذَلَّلَ المُلوكَ حَتّى ذَلَّتِ
وَقُلِّلَت في عَينِهِ فَقَلَّتِ
وَأَسكَنَ الشامَ بَني اسرائيلِ
وَعدًا مِن الرَحمنِ في التَنزيلِ
ثُمَّ تَنَبّا وَقَفاهُ كَالِبُ
وَقالَ لِلأَسباطِ إِنّي ذاهِبُ
وَخَلَّفَ الحَليمَ حَزقائيلا
ابنَ العَجوزِ بَعدَهُ بَديلا
وَكَثُرَت مِن بَعدِهِ الأَحزابُ
وَنَصَبوا بَعلَهُمُ وَعابوا
فَقالَ إِلياسُ بنُ ياسينَ لَهُم
وَهُوَ نَبِيٌّ مُرسَلٌ مِن رَبِّهِم
أَنِ اعبُدوا اللَهَ وَأَلقوا بَعلا
فَاستَكبَروا وَأَوعَدوهُ القَتلا
فَلَم يَزَل مُستَخفِيًا سَيّاحا
حَتّى دُعِي بِالمَوتِ فَاستَراحا
وَقيلَ في التَوراةِ إِنَّ فَرَسا
أَتاهُ في صَباحِهِ أَو في مسا
حَتّى إِذا رَكِبَهُ إِلياسُ
غابَ فَلَم يَظهَر عَلَيهِ الناسُ
وَلَم يَزَل ابنُ الخطوبِ اليَسَعُ
يَردَعُهُم دَهرًا فَلَم يَرتَدِعوا
وَسُلِبوا التابوتَ مِن بَعدِ اليَسِعْ
وَماتَ اليادُ اسمُهُم مِن الحَذعْ
وَظَهَرَت عَلَيهِمُ الأَعداءُ
وَعَمَّهُم بَعدَ الهُدى العَماءُ
فسأَلوا نبيَّهم سُمويلا
أنَّ يستقيل الملكَ الجليلا
وَسَأَلوهُ أَن يُوَلّي والِيا
عَلَيهِمُ يُقاتِلُ الأَعادِيا
وَعاهَدوهُ أَن يُطيعوا أَمرَهُ
وَأَن يُعِزّوهُ وَيُعلوا قَدرَهُ
فَبَعَثَ اللَهُ لَهُم طالوتا
فَاتَّبَعوهُ وَغَزوا جالوتا
وَكانَ داودُ أَقامَ بَعدَهُ
في أَهلِهِ ثُمَّ أَتاهُ وَحدَهُ
وَكَلَّمَتهُ صَخرَةٌ صَمّاءُ
نادَتهُ حَيثُ يَسمَعُ النِداءُ
خُذني فَإِنّي حَجَرُ الخَليلِ
يُقتَلُ بي جالوتُ عَن قَليلِ
وَكانَ أَيضًا سَأَلَتهُ قَبلَها
صَخرَةُ إِسحاقَ النَبِيِّ حَملَها
فَشاهَدَ الحَربَ عَلى أَناتِهِ
وَاصطَكَّتِ الأَحجارُ في مُخلاتِهِ
وَكُلُّها يَطمَعُ في إِسدائِهِ
مُنتَقِمٌ لِلَّهِ مِن أَعدائِهِ
فَنالَ داودُ بِبَعضِهِنَّهْ
جالوتَ إِذ كانَت لَهُ مَظَنَّهْ
فَأَهلَكَ اللَهُ لَهُ عَدُوُّهْ
وَفازَ بِالمُلكِ وَبِالنُبُوَّهْ
وَكانَ طالوتُ لَهُ حَسودا
فَأَظفَرَ اللَهُ بِهِ داودا
وَكانَ قَد أَسَّسَ بَيتَ المَقدِسِ
بورِكَ في الأَساسِ وَالمُؤَسِّسِ
وَإِنَّما تَمَمَّهُ سُلَيمانْ
مِن بَعدِهِ حّتى استَقَلَّ البُنيانْ
وَكانَ قَد وَصّاهُ بِاستِمامِهِ
داودُ إِذ أَشفى عَلى حِمامَهِ
وَقامَ بِالمُلكِ سُلَيمانُ المُلِكْ
نَحوَ اَربَعينَ سَنَةً حَتّى هَلَكْ
وَكانَ مِن أَولادِهِ عِشرونا
مِن بَعدِهِ بِالمُلكِ قائِمونا
ثُمَّ أَزالَ المُلكَ بُختَنَصَّرُ
عَنهُم فَقامَ بَعدَهُم وَقَصَّروا
وَخَرَّبَ الشَقِيُّ بَيتَ المَقدِسِ
وَكانَ مَشغوفًا بِقَتلِ الأَنفُسِ
وَماتَ بِالرَملَةِ عَن بَنينا
مِن بَعدِهِ بِالمُلكِ قائِمينا
فَقَتَلَ الأَخيرَ مِن بَنيهِ
دارا وَصارَ مُلكُهُم إِلَيهِ
وَكانَ في زَمانِهِ أَيّوبُ
الصابِرُ المُحتَسِبُ المُنيبُ
وَبَعدَ أَيّوبَ ابنُ مَتّى يونُسُ
وَفيهِ لِلَّهِ كِتابٌ يُدرَسُ
وَيونِسٌ وَلّى فَقامَ شَعيا
فَأَنزَلَ اللَهُ عَلَيهِ الوَحيا
وَقيلَ إِنَّ الخِضرَ مِن إِخوانِهِ
وَإِنَّهُ قَد كانَ في زَمانِهِ
وَزَكَرِيّاءُ وَيَحيى الطاهِرُ
قَد أَنذَروا لَو أَغَنتَ المَناذِرُ
كِلاهُما أُكرِمَ بِالشَهادَهْ
فَسَعِدا وَأَيَّما سَعادَهْ
وَكانَ يَحيى أَدرَكَ ابنَ مَريَمِ
طِفلًا صَغيرًا في الزَمانِ الأَقدمِ
وَبَعدَ ذاكَ مَلَكَ الإِسكِندَرُ
وَالإِسمُ ذو القَرنينِ فيما يَذكُرُ
وَكانَ عيسى بَعدَ ذي القَرنينِ
بِنَحوِ خَمسينَ وَمائَتَينِ
يَنقُصُ حَولًا في حِسابِ الرومِ
بِذِكرِهِ في الخَبَرِ المَعلومِ
وَكانَ في أَيّامِهِ الأَشغانون
وَهُم مُلوكٌ لِلبِلادِ غَرين
فَجَذَّهُم بِالسَيفِ أَردَشيرُ
ثُمَّ ابنُهُ مِن بَعدِهِ سابورُ
وَانقَطَعَ الوَحيُ وَصارَ مُلكا
وَأَعلَنوا بَعدَ المَسيحِ الشِركا
فَخَصَّ بِالطَولِ بَني اسماعيلِ
أَضافَهُم بِالشَرَفِ الجَليلِ
فَلَزِمَت مَكَّةَ وَالبَوادِيا
وَحَلَّت الأَريافَ وَالحَواشِيا
وَظَهَرَت بِاليَمنِ التَبابِعَهْ
شَمرُ بنُ عَبسِ وَمُلوكٌ خالِعَهْ
وَاستَولَتِ الرومُ عَلى الشاماتِ
فَآثَرَت رَفاهَةَ الحَياةِ
وَأجمَعَت لِلفُرسِ أَرضَ بابِلِ
وَقَنَعَت بِآجِلٍ مِن عاجِلِ
فَهذِهِ جُملَةُ أَخبارِ الأُمَمْ
مَنقولَةٌ مِن عَرَبٍ وَمِن عَجَمْ
وَكُلُّ قَومٍ لَهُمُ تكثيرُ
وَقَلَّما تُحَصَّلُ الأُمورُ
وَعُمِّيَتْ في الفَترَةِ الأَخبارُ
إِلّا الَّتي سارَت بِها الأَشعارُ
وَالفُرسُ وَالرومُ لَهُم أَيّامُ
يَمنَعُ مِن تَفخيمِها الإِسلامُ
وَإِنَّما يَقنَعُ أَهلُ العَقلِ
بِكُتبِ اللَهِ وَقَولِ الرُسلِ
ثُمَّ أَزالَ الظُلمَةَ الضِياءُ
وَعاوَدَت جِدَّتَها الأَشياءُ
وَدانَتِ الشُعوبُ وَالأَحياءُ
وَجاءَ ما لَيسَ بَهِ خَفاءُ
أُتاهُمُ المُنتَجَبُ الأَواهُ
مُحَمَّدٌ صَلّى عَلَيهِ اللَهَ
أَكرَمُ خَلقِ اللَهِ طُرًّا نَفسا
وَمَولِدًا وَمَحتَدًا وَجِنسا
يَغشى لَهُ بِالشَرفِ الأَشرافُ
لا مِريَةٌ فيهِ وَلا خِلافُ
أَقامَ في مَكَّتِهِ سِنينا
حَتّى إِذا استَكمَلَ أَربَعينا
أَرسَلَهُ اللَهُ إِلى العِبادِ
أَشرِف بِهِ مِن مُنذِرٍ وَهادِ
فَظَلَّ يَدعوهُم ثَلاثَ عَشرَه
بِمَكَةٍ قَبلَ حُضورِ الهِجرَه
ثُمَّ أَتى مَحَلَّةَ الأَنصارِ
في عُصبَةٍ مِن قَومِهِ خِيارِ
أَوَّلُهُم صاحِبُهُ في الغارِ
أَفضَلُ تِلكَ العِصبَةِ الأَبرارِ
صِدّيقُها الصادِقُ في مَقالِهِ
المُحسِنُ المُجمِلُ في أَفعالِهِ
وَذاكَ في شَهرِ رَبيعِ الأَوَّلِ
لِلَيلَتَينِ بَعدَ عَشرٍ كُمَّلِ
فَسُرَّتِ الأَنصارُ بِالمُهاجِرَه
وَكُلُّهُم يُؤثِرُ دارَ الآخِرَه
وَاحتَشَدَت لِحَربِهِ القَبائِلُ
فَثَبَتَ الحَقُّ وَزالَ الباطِلُ
فَلَم يَزَل في يَثرِبٍ مُهاجِرا
عَشرَ سِنينَ غازِيًا وَنافِرا
حَتّى إِذا ما ظَهَرَ الإيمانُ
وَخَضَعَت لِعِزِّهِ الأَوثانُ
وَبَلَّغَ الرِسالَةَ الرَسولُ
وَوَضَحَ التَأويلُ وَالتَنزيلُ
وَعُرفَ الناسِخُ وَالمَنسوخُ
وَكانَ مِن هِجرَتِهِ التاريخُ
ناداهُ مَن رَبّاهُ فَاستَجابا
مِن بَعدِ ما اختارَ لَهُ أَصحابا
عَدَّلَهُم في مُحكَمِ الكِتابِ
لِعَبدِهِ وَلِذَوي الأَلبابِ
مِن سورَةِ الحَشرِ وَفي آياتِ
من القُرَانِ غيرِ مُشكِلاتِ
قامَ أَبو بَكر الَّذي وَلّاهُ
أَمرَ صَلاةِ الناسِ وَارتَضاهُ
فَعاشَ حَولَينِ وَعاشَ أَشهُرا
ثَلاثَةً تَزيدُ ثُلثًا أَوفَرا
وَماتَ في شَهرِ جمادى الآخِرَه
يَومَ الثُلاثاءِ لِسَبعٍ غابِرَه
وَكانَتِ الرِدَّةُ في أَيّامِهِ
فَصَلَحَ النَقضُ عَلى إِبرامِهِ
وَقامَ مِن بَعدِ أَبي بَكرٍ عُمَرْ
فَبَرَزَت أَيّامُهُ تِلكَ الغُرَرْ
تَضَعضَعَت مِنهُ مُلوكُ فارِسِ
وَخَرَّتِ الرومُ عَلى المَعاطِسِ
أَسلَمَ كِسرى فارِسٍ إيوانُهُ
وَأَصبَحَت مَفروسَةً فُرسانُهُ
وَأَجلَت الرومُ عَن الشآمِ
وَأَدبَرَت مَخافَةَ الإِسلامِ
وَدانَتِ الأَقطارُ لِلفاروقِ
وَاتَّسَعَت عَلَيهِ بَعدَ الضيقِ
وَوَهَبَ اللَهُ لَهُ الشَهادَهْ
جاءَ فَدَلَّتهُ عَلى السَعادَهْ
وَذاكَ مِن بَعدِ سِنينَ عَشرِ
وَشَطرِ حَولٍ يا لَهُ مِن شَطرِ
وَقامَ عُثمانُ بنُ عَفّانَ الرِضا
بِالأَمرِ ثِنتَي عَشرَةٍ ثُمَّ مَضى
مُستَشهدًا عَلى طَريقِ الحَقِّ
لَم يَثنِهِ عَنهُ بِبابِ الطُرقِ
وَفُوِّضَ الأَمرُ إِلى عَلِيِّ
الهاشِمِيِّ الفاضِلِ الزَكِيِّ
فَقامَ بِالأَمرِ سِنينَ أَربَعا
وَتِسعَةً مِن الشُهورِ شَرعا
ثُمَّ مَضى مُستَشهدًا مَحمودا
عاشَ حَميدًا وَمَضى مَفقودا
وَكانَ هذا عامَ أَربَعينا
مِنها انقَضَت مِن عِدَّةِ السِنينا
وَانتَقَلَ الأَمرُ عَن المَدينَهْ
وَكانَ حَقًا ما رَوى سَفينَه
عَن النَبِيِّ في وُلاةِ الأُمَّه
مِنَ المُلوكِ وَمِنَ الأَئِمَّه
ثُمَّ تولّى أمرهم معاويه
فعاش عشرًا بعدَ عشر خاليَه
حَتّى إِذا أَوفاهُمُ عِشرينا
ماتَ مِن التاريخِ في سِتّينا
وَمَلَكَ الأَمرَ ابنُهُ يَزيدُ
لا حازِمُ الرَأيِ وَلا رَشيدُ
وَقُتِلَ الحُسَينُ في زَمانِهِ
أَعوذُ بِالرَحمنُ مِن خُذلانِهِ
وَإِنَّ ما عاشَ ثَلاثُ حُجَجِ
وَأَشهُرٌ مِن بَعدِ حَملِ المَخرَجِ
ثُمَّ ابنه مُعَيَّةُ المُضعَّفُ
كان له دينٌ وعقلٌ يُعرفُ
فدام شهرًا ثمَّ نصفَ شهرِ
وجاءه الموتُ عزيزَ الأمرِ
وتركَ الناسَ بغير عهدِ
توقّيًا منهُ وفضلَ زهدِ
وَفُوِّضَ الأَمرُ إِلى مَروانِ
بَعدَ يَزيدَ وَهُوَ شَيخٌ فانِ
فَقَتَلَ الضَحّاكَ في ذي القِعدَه
بِدارِصٍ ثُمَّ استَمالَ جُندَه
وَلَم يَعِش إِلّا شُهورًا عَشرَه
وَلَيسَ شَيءٌ يَتَعَدّى قَدرَه
وَلَم يَزَل ابنُ الزُبيرِ بَعدَهُ
تِسعَ سِنينَ لَيسَ يَألو جُهدَهُ
مُعتَصِمًا بِالكَعبَةِ الحَرامِ
مُمتَنِعًا مِن إِمرَةِ الشآمِ
حَتّى تَوَلّى قَتلَهُ الحَجّاجُ
مِن بَعدِ ما ضاقَت بِهِ الفِجاجُ
وَكانَ هَدمُ الكَعبَةِ المَصونَه
وَوُقعَةُ الحَرَّةِ بِالمَدينَه
وَقامَ عَبدُ المُلكِ بنُ مَروان
مُستَنهِضًا لِلحَربِ غَيرَ وَسنان
حَتّى إِذا دانَت لَهُ الآفاقُ
وَأَقفَرَت مِن مُصعَبَ العِراقُ
وَمِن أَخيهِ البَلَدُ الحَرامُ
وَخافَ مِن سَطوَتِهِ الأَنامُ
ماتَ وَقَد عاشَ ثَلاثَ عَشرَه
وَأَشهُرًا أَربَعَةً بِالإِمرَه
وَمَلَكَ الناسَ ابنُهُ الوَليدُ
وَعِندَهُ الأَموالُ وَالجُنودُ
سَبعَ سِنينَ بَعدَها ثَمانِيَه
كامِلَة مِن الشُهورِ وافِيَه
ثُمَّ سُلَيمانُ بنُ عَبدِ المُلكِ
اختيرَ لِلعَهدِ وَلَمّا يَترُكِ
فَعاشَ حَولَينَ وَثُلثَ حولِ
ثُمَّ أَتى دابِقِ مُرخى الذَيلِ
فَماتَ وَاستَولى عَلى الأَمرِ عُمَر
بِسيرَةٍ مَحمودَةٍ بَينَ السِيَر
فَعاشَ عامَينِ وَنِصفَ عامِ
بِديرِ سَمعانَ سِوى الأَيّامِ
ثُمَّ تَوَلّى أَمرَهُم يَزيدُ
وَاللَهُ فَعالٌ لِما يُريدُ
وَهُوَ مِن أَولادِ عَبدِ المَلِكِ
ثالِثُهُم في عَهدِهِ المُشتَرِكِ
فَعاشَ حَولَينِ إِلى حَولَينِ
تَزيدُ أَشهُرًا قَريرَ العَينِ
ثُمَّ تَوَلّى بَعدَهُ هِشامُ
أَخوهُ فَاعتَدَّت لَهُ الأَقوامُ
فَلَم يَزَل عِشرينَ عامًا والِيا
إِلّا شُهورًا خَمسَةً بِواقِيا
ثُمَّ الوَليدُ بنُ يَزيدَ القاتِلُ
تَعاوَرَتهُ الأُسُدُ البَواسِلُ
مِن بَعدِ شَهرَينِ وَبَعدَ عامِ
وَبَعدَ عِشرينَ مِن الأَيّامِ
وَنَصَبَ الحَربَ لَهُ ابنُ عَمِّهِ
مُستَنكِرًا سيرَتَه بِزَعمِهِ
فَقُتِلَ الوَليدُ بِالبَخراءِ
مِن بَعدِ أَن أَثَخنَ بِالأَعداءِ
ثُمَّ يَزيدُ بنُ الوَليدِ الناقِصُ
عافَصَه الحينُ الَّذي يُعافِصُ
فَلَم يَعِش إِلّا شُهورًا سِتَّه
حَتّى أَزالَتهُ المَنايا بَغتَه
وَبايَعوا مَروانَ أَجمَعينا
فَكانَ حِصنًا لَهُمُ حَصينا
وَلَم يَزَل خَمسَ سِنينَ وافِيَه
يَملُكُهُم وَأَشهُرًا ثَمانِيَه
حَتّى أَتى اللَهُ وَلِيُّ النِعمَه
بِالحَقِّ مِنهُ رَأفَةً وَرَحمَه
وَاختارَ لِلناسِ أَبا العَباسِ
مِن أَنجَدِ الناسِ خَيارِ الناسِ
آلِ النَبِيِّ مِن بَني العَبّاسِ
أَئِمَّةٍ أَفاضِلٍ أَكياسِ
فَعادَ نَصلُ المُلكِ في قُرابِهِ
وَرَجَعَ الحَقُّ إِلى أَصحابِهِ
ثُمَّ رَقى المَنبَرَ يَومَ الجُمعَه
في مَسجِدِ الكوفَةِ يُذري دَمعَه
فَقامَ في الدينِ قِيامَ مِثلِهِ
بِرَأيِهِ المَيمونِ حَسبَ فِعلِهِ
وَماتَ بَعدَ أَربَعٍ كَوامِلِ
وَسَبعَةٍ مِن أَشهُرٍ فَواضِلِ
وَقامَ بِالخِلافَةِ المَنصورُ
فَاستَوسَقَت بِعَزمِهِ الأُمورُ
فَعاشَ ثِنتَينِ وَعِشرينَ سَنَه
يَحمي حِمى المُلكِ وَيُفني الخَوَنَه
ثُمَّ تُوُفّي مُحرِمًا بِمَكَّه
فَوَرِثَ المَهدِيُّ عَنهُ مُلكَه
فَعاشَ عَشرَ حِجَجٍ وَشَهرا
وَنِصفَ شَهرٍ ثُمَّ زارَ القَبرا
وَاستَخلَفَ الهادِيَ موسى بَعدَهُ
وَكانَ قَد وَلّاهُ قَبلُ عَهدَهُ
وَعاشَ موسى سَنَةً وَشَهرَين
تَنقُصُ يَومًا واحِدًا أَو اثنَين
وَقامَ بِالخِلافَةِ الرَشيدُ
المُلكُ المُمَنَّعُ السَعيدُ
فَعاشَ عِشرينَ وَوَفّى عَدَّها
وَعاشَ عامَينِ وَعامًا بَعدَها
وَنِصفَ شَهرٍ ثُمَّ وافاهُ الأَجَل
بِطوسَ يَومَ السَبتِ فَانهَدَّ الجَبَل
وَبايَعوا مُحَمَّدَ الأَمينا
وَنَكَثوا البَيعَةَ أَجمَعينا
إِلّا قَليلًا وَالقَليلُ أَحمَدُ
وَالمَوتُ لِلناسِ جَميعًا مَوعِدُ
فَأَمَّنوهُ ثُمَّ قَتَلوهُ
ما هكَذا عاهَدَهُم أَبوهُ
ما عاشَ إِلّا أَربَعًا وَأَشهُرا
حَتّى تَهادوا رَأسَهُ مُعَفَّرا
وَبايَعوا المَأمونَ عَبدَ اللَهِ
فَبايَعوا يَقظانَ غَيرَ ساهِ
وَفّاهُمُ خِلافَةَ المَنصورِ
في عَدَدِ السِنينَ وَالشُهورِ
ثُمَّ أَتى الرومَ فَماتَ غازِيا
كانَ البَذَندونَ المَحَلَّ القاصِيا
وَقُلِّدَ الأَمرَ أَبو إِسحاقِ
فَانقَضَّ كَالصَقرِ عَلى العِراقِ
مُعتَصِمًا بِاللَهِ غَيرَ غافِلِ
فَأَيَّدَ الأَمرَ بِرَأيٍ فاضِلِ
وَقامَ فيهِم حُجَجًا ثَمانِيا
وَمِثلَها مِنَ الشُهورِ باقِيا
وَنَحوَ عِشرينَ مِنَ الأَيّامِ
وَخَمسٍ اَدْنَتهُ مِنَ الحِمامِ
وَماتَ في شَهرِ رَبيعِ الأَوَّلِ
وَعُمرُهُ خَمسونَ لَم يَستَكمِلِ
فَبايَعوا مِن بَعدِهِ لِلواثِقِ
وَكانَ ذاكَ بِالقَضاءِ السابِقِ
وَلَم يَزَل في بَسطَةٍ وَمَنعَه
خَمسَ سِنينَ وَشُهورًا تِسعَه
وَزادَ أَيّامًا عَلَيها خَمسَه
مَعدودَةً ثُمَّ تَوارى رَمسَه
وَبايَعَ الناسُ الإِمامَ جَعفَرا
خَليفَةَ اللَهِ الأَغَرَّ الأَزهَرا
بَعدَ ثَلاثينَ وَميتَي عامِ
وَبَعدَ حَولَينِ سِوى أَيّامِ
خَلَت مِن الهِجرَةِ في الحِسابِ
في العَرَبي المُحكَمِ الصَوابِ
لِسِتَّةٍ بَقينَ مِن ذي الحِجَّةِ
فَأَوضَحَ السَبيلَ وَالمَحِجَّه
وَقامَ في الناسِ لَهُم خَليفَه
خِلافَةً مُنيفَةً شَريفَه
قَد سَكَّنَ اللَهُ بِهِ الأَطرافا
فَما تَرى في مُلكِهِ خِلافا
أَقامَ عَشرًا ثُمَّ خَمسًا بَعدَها
مِنَ السِنينَ فَأَبانَ مَجدَها
ثُمَّ تَوَلّى قَتلَهُ الفَراغِنَه
وَساعَدَتهُم عِصبَةٌ فَراعِنَه
لِأَربَعٍ خَلَونَ مِن شَوّالِ
فَأَصبَحَ المُلكُ أَخا اختِلال
وَبايَعوا مِن بَعدِهِ لِلمُنتَصِر
فَأَصبَحَ الرابِحُ مِنهُم قَد خَسِر
فَعاشَ في السُلطانُ سِتَّةَ اَشهُرِ
أَخرَجَهُم مِن مُلكِهِ وَالعَسكَرِ
ثُمَّ أَتاهُ بَغتَةً حَمامُهُ
سُبحانَ مَن يُعاجِلُ انتِقامُهُ
فَانتَخَبَ اللَهُ لَهُم إِماما
يُؤَيِّدُ اللَهُ بِهِ الإِسلاما
وَبايَعوا بَعدَ الرِضا لِأَحمَدِ
المُستَعينِ بِالإِلهِ الأَحَدِ
وَكانَ في العِشرينَ مِن وُلاتِها
مِن آلِ عَبّاسٍ وَمِن حُماتِها
فَنَحنُ في خِلافَةٍ مُبارَكَه
خَلَت عَن الإِضرارِ وَالمُشارَكَه
فَالحَمدُ لِلَّهِ عَلى إِنعامِهِ
جَميعُ هذا الأَمرِ مِن أَحكامِه
ثُمَّ السَلامُ أَوَّلًا وَآخِرا
عَلى النَبِيُّ باطِنًا وَظاهِرا
- ^ أرجوزة في التاريخ لعلي بن الجهم. ص. 24.
- ^ ا ب أرجوزة في تاريخ الخلفاء لعلي بن الجهم. ص. 5.
- ^ "منتديات ستار تايمز". www.startimes.com. اطلع عليه بتاريخ 2023-08-20.