منذ تأسيس دولة الإمارات، وفي ظل التحولات التي شهدتها المنطقة في تلك الفترة الحافلة بالأحداث التاريخية، أدرك المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، أهمية الإعلام في التعريف عن الدولة الوليدة، توجهاتها ومواقفها، لكن نشأة وسائل الإعلام في الإمارات كانت سابقة لإعلان الاتحاد، حيث كانت هناك أكثر من محاولة من إماراتيين لإصدار صحف، أو مخطوطات، هنا وهناك، اعتمدوا فيها على الكتابة بخط اليد، نظراً لعدم توافر إمكانات الطباعة لديهم.

ولذلك اتجه بعض الباحثين إلى التمييز بين مرحلتين أساسيتين هما: مرحلة الصحافة المخطوطة، ومرحلة الصحافة المطبوعة. ورغم أن هناك أكثر من دراسة عن نشأة تاريخ الصحافة في الإمارات، إلا أنه يصعب الاعتماد على كتاب أو دراسة واحدة لتتبع نشأة الصحافة بدقة، فمازالت هناك نقاط تبدو خلافية مثل تصنيف بعض الإصدارات، وهل تعد صحفاً أم مجرد مخطوطات. وبشكل عام تعود بدايات ظهور الصحافة في الإمارات إلى ما يقرب من قرن من الزمان، وكان الإماراتي إبراهيم محمد المدفع، المولود عام 1909 صاحب أول صحيفة في تاريخ الإمارات، وهي صحيفة «عُمان» عام 1927، ثمّ أسس صحيفة ثانية وهي «العمود» عام 1932. وفي 1933 أصدر بعض الشباب نشرة «صوت العصافير» في دبي والشارقة. أيضاً يعدّ مصبح بن عبيد الظاهري، من أوائل الذين مارسوا الصحافة ، حيث أسس صحيفة «النخي» عام 1934، وكان الظاهري يكتب مواد هذه الصحيفة بقلمه على أكياس الورق وسعف النخيل ويعلقها في مقهى صغير كان يملكه في مدينة العين، وكان يقرأ المادة لمن لا يجيد القراءة والكتابة، واستمرت هذه المجلة لمدة 16 سنة متواصلة. 

أما فكرة الصحيفة فبدأت عندما دوّن الظاهري على كيس من الورق فوائد حبوب «النخي»، أي الحمص المسلوق، وعلقها على واجهة المقهى، وحظيت الورقة باهتمام الروّاد فقام بنسخها وتوزيعها، وتطوّرت الصحيفة لاحقاً برصد أخبار المجتمع المحلي عن الولادات والأعراس، والقوافل التجارية، ثم حدث تطوّر آخر حين بدأت الصحيفة تنقل الأخبار عن إذاعتي صوت العرب ولندن. في هذا السياق، يشير الإعلامي علي عبيد، إلى ما يذكره الكاتب والباحث بلال البدور، في بحث له مؤكداً أنه لم ترد روايات أخرى بوجود صحيفة قبل «عُمان»، وأنها كانت تضم الأخبار السياسية والاجتماعية، وكانت تعلق على الحائط بعد أن تكتب باليد. وشارك في تحريرها أدباء وشعراء منهم: المؤرخ عبدالله بن صالح المطوع، وأحمد بن حديد، ومبارك بن سيف الناخي، وحميد بن عبدالله الكندي، وحمد بن عبدالرحمن المدفع. يضاف إلى تاريخ الصحافة في الإمارات، صحيفة «الديار» التي أصدرها حميد بن ناصر العويس، وعبدالله بن سالم العمران، وعلي محمد الشرفا، عام 1961، بحسب ما يذكر المؤرخ عمران العويس، وصدرت منها ستة أعداد فقط ثم توقفت عام 1963.وفي 15 يناير 1965، أصدرت دائرة إعلام دبي التابعة للبلدية نشرة عرفت باسم «أخبار دبي»، كما أصدرت إمارة رأس الخيمة مجلة مماثلة في 1968، وظلتا تصدران حتى بداية الثمانينات، وترجع اهمية «أخبار دبي» إلى كونها نظامية، كما كانت تطبع بدبي وتوزع 8500 نسخة في داخل الإمارات وخارجها، واتسمت بالجرأة في إثارة قضايا سياسية واجتماعية مختلفة، كما انتقدت أنشطة البلدية في بعض الأحيان، كذلك يسجل لها أنها أول من أدخل الألوان إلى مجال الصحافة في الإمارات. وفي مارس 1980 أصدرت حكومة دبي مرسوماً بتعطيل المجلة لإصدار «البيان» جريدة يومية بترخيص مجلة «أخبار دبي» الأسبوعية. أما إمارة الشارقة، فأصدرت عام 1970 مجلة الشروق الشهرية، ثم توقفت ليصدر صاحباها الشقيقان تريم عمران وعبدالله عمران، جريدة «الخليج»، وفق ما يذكره الباحث حمدي تمام في موضوعه «زايد الإمارات والتنمية»، وكانت تحرر في الشارقة وتطبع في الكويت، ثم تشحن جواً إلى الشارقة لعدم وجود إمكانات الطباعة وقتها في الإمارات.وفي 20 أكتوبر 1969 صدر العدد الأول من جريدة «الاتحاد»، في الفترة التي شهدت المباحثات التي كان يجريها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، حاكم أبوظبي آنذاك، مع إخوانه حكام الإمارات الأخرى، لقيام اتحاد دولة الإمارات العربية المتحدة. ومن هنا جاءت تسمية الجريدة «الاتحاد» لتكون لسان حال الدولة ككيان وحدوي. وكانت «الاتحاد» تصدر عن دائرة الإعلام والسياحة في أبوظبي، وتحولت إلى صحيفة يومية في 20 أبريل 1972. وصدرت جريدة «الوحدة» في 16 أغسطس عام 1973، ويملكها ويترأس تحريرها راشد عويضة. وفي 17 مارس صدرت جريدة «الفجر» التي يملكها عبيد المزروعي.

في حين صدرت جريدة «البيان» اليومية عن دائرة إعلام دبي عام 1980 بإمكانات حديثة.
وصدرت صحيفة «أخبار العرب»، التي أصبح اسمها «الوطن» حالياً، في نوفمبر من عام 2000 وهي يومية مستقلة، أسسها الشيخ سعيد بن سيف آل نهيان في أبوظبي، وتُعنى بالشؤون المحلية والعربية والدولية. وصدرت جريدة «الإمارات اليوم» في 19 سبتمبر عام 2005 وتُعنى في مجمل محتواها بالشأن المحلي، والقضايا التي تهم القرّاء العرب في دولة الإمارات. وتميزت الصحيفة بصدورها بالقطع الصغير، استجابة لمتطلبات الحياة العصرية.
تم إنشاء وزارة الإعلام عام 1975، وأوكلت إليها مهمة الإشراف على شؤون الإعلام الاتحادي، وكال الأنشطة الإعلامية في الدولة.
ألغيت وزارة الإعلام وحل محلها المجلس الوطني للإعلام، لتطوير الإعلام في دولة الإمارات، ودعم كا المبادرات الإعلامية.
تم تأسيس ي صحيفة «عُمان» عام 1927 لتكون بذلك أول صحيفة تصدر في الإمارات.
صدرت مجلة «زهرة الخليج»، التي تعدّ من أوائل المجلات النسائية في منطقة الخليج، وهي مجلة أسبوعية.
أخبار «النخي»
كانت «النخي» تعتمد نظاماً معيناً في ترتيب الأخبار التي تتضمنها، ومنها إحصائية يومية بعدد القادمين والمغادرين من مدينة العين وإليها. وفق ما يذكره الكاتب علي عبيد، ويعد أهم خبر نشرته «النخي» كان عن ماكينة للري اشتراها في ذاك الوقت سموّ الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، وكانت صيغة الخبر كالتالي: «أفادت الأنباء أن ذهن الإنسان لم يتوقف عند شيء فهو في جديد دائماً، وقد علمنا أن سموّ الشيخ خليفة بن زايد، اشترى ماكينة للري ترج الأرض رجاً، وتعج الماء عجاً، لها أزيز الريح، وخرير المطر، تنتفض كأنها زلزال لا يطاق فتفجر الأرض عيوناً وينابيع».
وقد أثار هذا الخبر فضول المواطنين الذين تجمعوا حول القصر أياماً يشاهدون الماكينة.

مواكبة بناء الدولة

تواكب ظهور الصحافة الإماراتية المطبوعة مع تأسيس دولة الإمارات العربية، حيث عبّرت عن تطلعات أبناء الدولة لبناء دولتهم الجديدة، وشاركت في مرحلة التأسيس والبناء التي قادها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، ووثقت هذه المرحلة بكل أبعادها السياسية والاجتماعية والاقتصادية.

[1]

  1. ^ صحف الامارات جزء من التاريخ وشاهدة عليه, جريدة الامارات اليوم,ايناس محيسن,ابوظبي2016م