مستخدم:6tiwq/ملعب
التحقيق الجنائي
ويقصد بها العناصر التي ينبغي على المحقق تناولها في تحقيقه لبيان كل ما يتعلق بالجريمة المرتكبة ويؤدي إلى إظهار الحقيقة. فيجب أن يشتمل التحقيق على الأمور التالية:
أ ـ إثبات وقوع الجريمة وتحديد مكانها: ينبغي على المحقق فور تلقيه بلاغاً عن حادث ما أن يبادر إلى التحقق من وقوع الجريمة بالانتقال إلى مكانها، وإجراء المعاينة اللازمة، والبحث عن موضوع الجريمة، وملابساتها. ولا بد أيضاً من تحديد مكان وقوع هذه الجريمة، إذ يعد ذلك من الأمور الجوهرية ويتوقف عليه نجاح عمل المحقق. فمن معاينة مكان الجري
مة يمكن تحديد شخصية المجني عليه والسبب والدافع إلى ارتكاب الفعل الإجرامي وتاريخ ارتكابه، وتحديد الوصف القانوني لهذا الفعل. وكذلك فإن معرفة مكان الجريمة يساعد في اكتشاف الجاني أو الجناة والاهتداء إليهم والدور الذي قام به كل منهم عن طريق الآثار المادية التي يعثر عليها المحقق في مسرح الجريمة. وكذلك يمكن عن طريق مكان الجريمة التحقق من أقول الشهود صدقاً أو كذباً، فقد يشهد الشاهد برؤيته للمدعى عليه وهو يطلق النار على المجني عليه من مكان حدده، ولكن يتضح من المعاينة أنه يتعذر على الشاهد وهو في هذا المكان مشاهدة الواقعة الإجرامية لبعد المسافة أو لوجود حائط. ولمكان وقوع الجريمة أهمية خاصة في بعض الجرائم إذ يعد عنصراً من عناصرها أو ظرفاً مشدداً للعقاب عليها. وتتجلى أيضاً أهمية مكان وقوع الجريمة في تحديد الاختصاص المكاني لدائرة عمل المحقق.
ب ـ وقت ارتكاب الجريمة: يجب أن يتناول التحقيق تحديد وقت ارتكاب الجريمة، ويتم ذلك بناء على أقوال المجني عليه أو الشهود، أو عن طريق دراسة الآثار التي يعثر عليها في مسرح الجريمة. وتتجلى أهمية تحديد زمن ارتكاب الجريمة في التحقق من صدق أقوال الشهود عن مشاهدتهم للجاني في أثناء اقترافه للفعل الإجرامي، وفي كون هذا الزمن يشكل ظرفاً أو ركناً في بعض الجرائم، إذ يعد قانون العقوبات الوقت الذي ارتكبت فيه الجريمة ركناً فيها أو ظرفاً مشدداً للعقاب عليها، مثل السرقة والقتل وحالة الدفاع الشرعي. كما يفيد تحديد زمن ارتكاب الجريمة في التثبت من صحة دفاع المتهم بقوله إنه لم يكن متواجداً في مكان الجريمة لحظة اقترافها، بل كان في مكان آخر بعيد. ولا شك في أن هذا الدفاع من المسائل الجوهرية في التحقيق ويجب على المحقق الرد عليه وإلا عد التحقيق مشوباً بالنقص والقصور.
ج ـ تحديد كيفية ارتكاب الجريمة: يقود تحديد كيفية ارتكاب الجريمة إلى اكتشاف عدة أمور منها، الاهتداء إلى الجاني؛ فالمجرم المحترف يتخصص عادة في ارتكاب جريمة معينة، وهو عندما ينفذها إنما ينفذها بأسلوب خاص به وحده يرى فيه أسهل الطرق وأقربها إلى تحقيق غرضه من الجريمة، ويجد فيه الأمان لاعتقاده بأنه إذا حاد عنه سيتم كشفه والقبض عليه، ومن ثم فإن أسلوبه يكون واحداً في كل مرة يقترف فيها جريمته مما يسهل على المحقق تضييق نطاق البحث عن الجاني. كما أن وقوع عدة جرائم تتشابه في طريقة ارتكابها يشير إلى وحدة مرتكبيها، وأنها ارتكبت من يد إجرامية واحدة.
وتحديد كيفية ارتكاب الجريمة يقود أيضاً إلى عدها ظرفاً مشدداً أو ركناً للجريمة، ومثال ذلك جرائم السرقة التي تحدث بواسطة الكسر أو الخلع أو تسور الحائط. وكذلك يقود هذا التحديد إلى التأكد من صدق الشاهد، فمثلاً قد يقول الشاهد إنه رأى الجاني وهو يجهز على المجني عليه بطعنه بسكين ثم يأتي بعد ذلك تقرير الطبيب الشرعي مبيناً أن القتل حصل بأداة راضه أو عيار ناري.
د ـ تحديد السبب أو الدافع في ارتكاب الجريمة: لكل جريمة أسبابها والدافع إلى اقترافها، وهناك أسباب عديدة تدفع المجرمين إلى ارتكاب الجرائم، منها أسباب عامة تتعلق بالظروف السائدة في المجتمع، وهي ظروف تختلف من بيئة لأخرى، وتتوقف على حالة المجتمع الأخلاقية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية. وهناك أسباب خاصة أو فردية تعود إلى شخص الجاني، لذا فإنها تختلف باختلاف الأفراد، إذ لكل فرد طباعه وتكوينه وميوله الخاصة به. وتعد أسباب الجريمة والدافع إلى ارتكابها المرشد الأول إلى فاعليها من خلال دلائل الجريمة وشواهدها. فإن معرفة سبب الجريمة يسهل للمحقق الاهتداء إلى المجرم أو حصر الاشتباه في عدد محدد من الأشخاص الذين يتوافر لديهم الدافع إلى ارتكاب الجريمة.
2ـ العناصر التي تتعلق بالجاني:
ترتكب الجريمة من شخص واحد أو عدة أشخاص يأخذ كل منهم وصفه القانوني من الدور الذي قام به في الواقعة الإجرامية. إذ يمكن أن تقع الجريمة من فاعل واحد يتبنى المشروع الإجرامي بمفرده، أو يسهم مباشرة مع غيره في إبراز عناصر الجريمة إلى الوجود، أو يقتصر دوره على مجرد التحريض عليها أو التدخل فيها من دون أي اشتراك في إبراز عناصرها المادية. لذلك ينبغي أن يشتمل البحث والتحقيق الجنائي على تحديد الأشخاص الذين ارتكبوا الجريمة أو أسهموا في ارتكابها بصفتهم فاعلين أو شركاء أو محرضين أو متدخلين، ومن ثم ضبطهم، وذلك عن طريق تحديد الأدلة. إذ بواسطة هذه الأدلة يتم تحديد كل من أسهم في الجريمة، ومن ثم تحديد دور كل واحد منهم، فالكشف عن بصمات الأصابع، ونسبتها إلى شخص معين يكشف عن أن لهذا الشريك دور أصلي في الجريمة مما يعطيه وصف الفاعل، إذ الفاعل هو من يقوم بدور أساسي في الجريمة، ووجود البصمات يشير إلى هذا الدور، وقد يكون الكشف عن تعدد البصمات دليلاً على تعدد الفاعلين فيما لو نسبت هذه البصمات إلى أكثر من شخص ممن أسهموا في الجريمة.
3ـ العناصر التي تتعلق بالقضايا القانونية:
لا يقتصر التحقيق على الجوانب السابق ذكرها، وإنما إلى جانب ذلك ينبغي أن يشتمل التحقيق الجنائي على عناصر أخرى تتعلق بالجوانب القانونية، من حيث تحديد أسباب الإباحة، وموانع العقاب، والظروف المشددة للعقاب، والأسباب المخففة القضائية، والبحث في مدى توافر أركان الجريمة. إذ لكل جريمة أركان يحددها النص القانوني، فلا يتصور قيام الجريمة ما لم يحدد التحقيق هذه الأركان، فبتحديدها يتم تحديد الوصف القانوني لفعل المتهم، وهو ما يسمى بتكييف الواقعة الجرمية. إذ من غير الممكن أن ينسب إلى فعل ما وصف الجريمة، ومن ثم يتعذر مباشرة التحقيق في شأنه ما لم يكن الفعل مجرَّماً بنص القانون من جهة، وليس من سبب يبيح الفعل من جهة أخرى، الأمر الذي يتطلب أن يكون من عناصر التحقيق عدم متابعة التحقيق في حالة استفادة الجاني من أسباب الإباحة، مما يقتضي من النيابة العامة حفظ ملف الدعوى من دون ملاحقة في هذه الحالة.
وفي جميع الأحوال أصبح من الضروري أن يشتمل ملف التحقيق على جميع العناصر المتعلقة بالجوانب القانونية سواء ما تعلق بموانع المسؤولية الجزائية، أم بأسباب الإباحة، وغيرها مما يؤثر في سير الدعوى العامة (أو الجزائية).
رابعاًـ القواعد التي تحكم حق الدولة في العقاب:
إن العلاقة بين الدولة ومرتكب الجريمة تحكمها القواعد التالية: الجريمة هي سبب اللجوء إلى إجراءات التحقيق، ومباشرة هذه الإجراءات من قبل جهة مختصة، وارتباط مباشرتها بغاية معينة. https://stringfixer.com/ar/Criminal_investigation
المرجع