مستخدم:هبة قردحجي/ملعب
القدريَّة:
تعريف القدريَّة:
القدريَّة: هم الذين ينفُون قدر الله تعالى، ويقولون: إن الله تعالى لم يخلق أفعال العباد، ويجعلون العبد خالقَ فِعل نفسه، ويقولون: إن الله تعالى لا يعلم الشيء إلا بعد وقوعه؛ (موسوعة الفرق والمذاهب - وزارة الأوقاف المصرية - صـ 521).
نشأة القدريَّة:
ظهرت القدريَّة في البصرة في آخر عصر الصحابة بعد عصر الخلفاء الراشدين، وتبرأ منهم المتأخرون من الصحابة؛ كعبدالله بن عمر وجابر بن عبدالله وأبي هريرة وابن عباس وأنس بن مالك وعبدالله بن أبي أوفى وعقبة بن عامر الجهني، وأقرانهم، وأوصَوا مَن بعدهم بألا يسلِّموا على القدريَّة، ولا يصلُّوا على جنائزهم، ولا يعودوا مرضاهم،وأول مَن أظهر بدعة القدر رجلٌ من أهل البصرة بالعراق، يقال له: سنسويه (أو سوسن) بن يونس الأسواري، كان نصرانيًّا فأسلم ثم تنصَّر، فأخذ عنه معبد الجهني، الذي أظهر القول بالقدر، وعنه أخذ غيلان بن مسلمٍ الدمشقي، أما معبد الجهني فقد قتله الحَجَّاج بن يوسف الثقفي سنة 80هـ، وأما غيلان الدمشقي فقد قتله الخليفة هشام بن عبدالملك بدمشق؛ (الفرق بين الفرق لعبدالقاهر البغدادي صـ 40: 39)، (مدخل لدراسة العقيدة لعثمان ضميرية صـ 52).
روى مسلم عن يحيى بن يعمر، قال: كان أولَ مَن قال في القدر بالبصرة معبدٌ الجهني، فانطلقتُ أنا وحميد بن عبدالرحمن الحميري حاجَّين - أو معتمرين - فقلنا: لو لقينا أحدًا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسألناه عما يقول هؤلاء في القدر، فوُفِّق لنا عبدالله بن عمر بن الخطاب داخلًا المسجد، فاكتنفته (يعني صرنا في ناحيتيه) أنا وصاحبي، أحدنا عن يمينه، والآخر عن شماله، فظننت أن صاحبي سيكِل الكلام إليَّ، فقلت: أبا عبدالرحمن، إنه قد ظهر قِبلنا ناس يقرؤون القرآن، ويتقفَّرون (يطلبون) العلم، وذكر من شأنهم، وأنهم يزعمون أنْ لا قدر، وأن الأمر أُنُف، قال: (فإذا لقيت أولئك فأخبرهم أني بريء منهم، وأنهم برآء مني)، والذي يحلف به عبدالله بن عمر (لو أن لأحدهم مثلَ أُحدٍ ذهبًا، فأنفقه، ما قبِل الله منه حتى يؤمن بالقدر)؛ (مسلم حديث: 8).
قال الإمام النووي - رحمه الله -: قوله: (أول من قال في القدر) فمعناه: أول من قال بنفي القدر فابتدع وخالف الصواب الذي عليه أهل الحق، ويقال: القدَر والقدْر بفتح الدال وإسكانها، لغتان مشهورتان، وحكاهما ابن قتيبة عن الكسائي، وقالهما غيره، واعلم أن مذهب أهل الحق إثبات القدر، ومعناه أن الله تبارك وتعالى قدر الأشياء في القدم، وعلِم سبحانه أنها ستقع في أوقاتٍ معلومةٍ عنده سبحانه وتعالى وعلى صفاتٍ مخصوصةٍ، فهي تقع على حسب ما قدرها سبحانه وتعالى، وأنكرت القدريَّة هذا وزعمت أنه سبحانه وتعالى لم يقدرها ولم يتقدم علمه سبحانه وتعالى بها، وأنها مستأنَفة العلم؛ أي: إنما يعلمها سبحانه بعد وقوعها، وكذَبوا على الله سبحانه وتعالى وجل عن أقوالهم الباطلة علوًّا كبيرًا، وسميت هذه الفرقة قدريةً لإنكارهم القدر؛ (مسلم بشرح النووي جـ 1 صـ 190).
وقال الإمام النووي - رحمه الله -: قوله: (وأن الأمر أُنف)؛ أي: مستأنَف، لم يسبق به قدر ولا علم من الله تعالى، وإنما يعلمه بعد وقوعه، كما قدمنا حكايته عن مذهبهم الباطل، وهذا القول قول غلاتهم، وليس قول جميع القدريَّة، وكذَب قائله وضلَّ وافترى، عافانا الله وسائر المسلمين؛ (مسلم بشرح النووي جـ 1 صـ 192).
نبيُّنا صلى الله عليه وسلم يحذرنا من القدريَّة:
روى أبو داود عن عبدالله بن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((القدريَّة مجوس هذه الأمة، إن مرِضوا فلا تعودوهم، وإن ماتوا فلا تشهدوهم))؛ (حديث حسن) (صحيح أبي داود للألباني حديث: 3925).
أقوال سلفنا الصالح في ذم القدريَّة:
(1) روى أحمد عن يحيى بن سعيدٍ: أن أبا الزبير أخبره أنه كان يطوف مع طاوسٍ بالبيت، فمر بمعبدٍ الجهني، فقال قائل لطاوسٍ: هذا معبد الجهني الذي يقول في القدر، فعدل إليه طاوس حتى وقف عليه، فقال: أنت المفتري على الله عز وجل القائل ما لا تعلم؟ قال معبد: يكذب عليَّ، قال أبو الزبير: فعدلت مع طاوسٍ حتى دخلنا على ابن عباس، فقال له طاوس: يا بن عباسٍ، الذين يقولون في القدر؟ فقال ابن عباسٍ: "أروني بعضهم"، قال: قلنا: صانع ماذا؟ قال: "إذن أجعل يدي في رأسه ثم أدق عنقه"؛ (إسناده صحيح) (السنة لعبدالله بن أحمد رقم: 911).
(2) روى مالك عن عمه أبي سهيل بن مالكٍ، أنه قال: كنت أسير مع عمر بن عبدالعزيز فقال: ما رأيك في هؤلاء القدريَّة؟ فقلت: (رأيي أن تستتيبهم، فإن تابوا، وإلا عرضتَهم على السيف)، فقال عمر بن عبدالعزيز: (وذلك رأيي)، قال مالك: (وذلك رأيي)؛ (حديث صحيح) (موطأ مالك - كتاب القدر - حديث: 2).
(3) روى أحمد عن نافعٍ قال: كان لابن عمر صديق من أهل الشام يكاتبه، فكتب إليه مرةً عبدالله بن عمر: إنه بلغني أنك تكلمت في شيءٍ من القدر، فإياك أن تكتب إليَّ؛ فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((سيكون في أمتي أقوام يكذِّبون بالقدر))؛ (حديث حسن) (مسند أحمد جـ 9 صـ 456 حديث: 5639).
(4) روى الفريابي عن ابن عونٍ، قال: لم يكن أبغض أو أكره إلى محمد بن سيرين من هؤلاء القدريَّة؛ (إسناده صحيح) (القدر للفريابي - تحقيق عبدالله المنصور رقم: 329).
(5) قال عبدالله بن أحمد بن حنبل: سمعت أبي - رحمه الله - وسأله علي بن الجهم عمن قال بالقدر يكون كافرًا؟ قال: "إذا جحد العلم، إذا قال: إن الله عز وجل لم يكن عالمًا حتى خلق علمًا فعلِم، فجحد علم الله عز وجل، فهو كافر"؛ (السنة لعبدالله بن أحمد، رقم: 835).
أنواع القدريَّة:
القدريَّة نوعان:
الأول: منكِرون لعلم الله تعالى، وهم غلاة القدريَّة الأوائل.
الثاني: القائلون بأن الله لم يخلُقْ أفعال العباد، وهم معظَم القدريَّة؛ (معارج القبول لحافظ حكمي - جـ 2 - صـ 285: 284).
عدد فِرق القدريَّة:
افترقت القدريَّة إلى عشرين فرقة، وهذه أسماؤها: الواصلية، والعمرية، والهذلية، والنظامية، والمردارية، والمعمرية، والثمامية، والجاحظية، والخياطية، والشحامية، وأصحاب صالح قبة، والمريسية، والكعبية، والجبائية، والبهشيمية المنسوبة إلى أبي هاشم بن الجبائي؛ (الفرق بين الفرق لعبدالقاهر البغدادي صـ 44).
رابط الموضوع: https://www.alukah.net/sharia/0/115029/#ixzz5Zq7BoUOs