مستخدم:محمود السعيد84/ملعب

في يناير 1928 نجحت قوات المارينز الأمريكية في تحديد مركز قيادة معارك "ساندينو" في "كويلالي"، و بالرغم من تعرضها لكمين في طريقها إلا أن القوات الأمريكية و النيكاراغويّة لم تعاني من أية مشكلة في هزيمة الـ 400 ثائر تحت قيادة "فرانسيسكو استرادا"، خسر المارينز رجلًا واحدًا بينما قتلوا عشرين. كانت طبيعة ساندينو "المبالغة" واضحةً في تقريره الشخصيّ للأحداث، ادّعى "ساندينو" أنه ربح المعركة في ثلاث ساعات و أنه قد قُتل سبعة و تسعين جنديًا أمريكيًّا إلى جانب إصابة ستين آخرين؛ بينما في الواقع لم يكن في هذه العملية سوى 66 جندي مارينز فقط. بل إنه بمزيد من الفخر ادّعى الفوز بـستة رشاشات من نوع "لويس"، ثلاثة "إم1إيه1" تومسون، و ستة و أربعين بندقية آلية من نوع لويس؛ أيضًا كان من ضمن هذه الغنائم كتاب شفرات للتواصل مع الطائرات.

بعد وصوله إلى جبال "نويفيا سيغوفيا" هرَّب ساندينو رسالة سرًّا إلى "ميكسيكو سيتي" يقول فيها: "إنني لن أتخلّى عن المقاومة حتى يتم طرد القراصنة الغزاة قتلة الشعوب الضعيفة من بلدي... سأجعلهم يدركون أن جرائمهم ستكلفهم الكثير.... سيكون الصراع بيننا داميًا! إن نيكاراجوا لا يمكن أن تصبح إرثًا للإمبرياليين... إنني سأحارب في سبيل هدفي ما دام قلبي ينبض... إذا كان قدري هو الهزيمة فإن لديّ في ترسانتي خمسة أطنان من الديناميت سأفجرها بيديّ؛ و سيُسمع دَوِيُّ الانفجار من بُعد 250 ميلًا –كناية عن شدة الانفجار- ؛ و سيشهد جميع من يسمع دَوِيَّ الانفجار موتَ ساندينو.. لا يُمكن أن تُدنِّس أيدي الخونة أو الغزاة رُفات ساندينو."

استطاع ساندينو مفاجأة المارينز متخفيًا عن الأنظار عن طريق التوجه جنوبًا و مداهمة مزارع البُنّ في "ماتاغالبا" و "جينوتيجا". في شهر فبراير من عام 1928 أجرى معه الصحفيُّ "كارلتون بيلز" حوارً صحفيًا في مدينة "سان رايفايل ديل نورت" ، كان ذلك الحوار الصحفيّ الذي نُشر في جريدة "الأمة – ذا نيشَن" هو الحوار الصحفي الوحيد الذي منحه ساندينو لصُحفيّ من أمريكا الشمالية.بحاجة لمصدر بعد ذلك انتقل ساندينو و قواته إلى الشرق متجهين إلى ساحل "موسكيتو".

في أبريل دمّر أتباع ساندينو معدات منجمي "بونانزا" و "لا لوز" ، أكبر منجمي ذهب في البلد؛ و اللذان كانا ضمن أملاك ثلاثة إخوة أمريكيين: جيمس جيلمور، جي فريد، و دي واتسون فليتشر، جميعهم من ولاية "مانهاتن" و هم أشقاء السفير الأميريكيّ في إيطاليا "هنري براذر فليتشر". بعد تدمير منجمي الإخوة "فليتشر" كتب ساندينو أنه لا يستهدف فقط المارينز؛ و إنما أيضًا الأمريكان الشماليين داخل "نيكاراجوا" و الذين "يدعمون موقف كوليدج".

بدعم جوِّيٍّ، و أثناء ذروة مَوسِم الأمطار احتاج مشاة البحرية في الكثير من الأحيان إلى استخدام القوارب المحليّة المصنوعة من جذوع الأشجار من أجل تأدية العديد من الدوريّات النهرية ابتداءً من الساحل الشرقي لنيكاراغوا و وصولًا إلى نهر "ريو كوكو"؛ و بالرغم من أنّ هذه الدوريات قد حدَّت من تحركات قوات ساندينو و أمّنت سيطرةً ضعيفةً على النهر الرئيسيّ في شمال نيكاراغوا إلا أنّ قوات المارينز قد فشلت في تحديد موقع ساندينو و عجزت عن إحراز انتصارٍ حازم. بحلول شهر أبريل من عام 1928 كانت تقارير المارينز تفيد بأنّ أمر ساندينو قد انتهى و أنّه يحاول تجَنُّب إلقاء القبض عليه. و لكن بعد شهر من ذلك هاجم جيشُ سايندينو مخفرًا آخر تابعًا للمارينز و قاموا بقتل خمسة جنود. في ديسمبر 1928 استطاع المارينز العثور على والدة ساندينو و أجبروها على كتابة خطاب لساندينو تطالبُه فيه بالاستسلام؛ غير أن ساندينو أعلن أنّه سيستمر بالقتال حتى جلاء قوات المارينز الأمريكية عن نيكاراغوا.

التضامن مع الدول الأخرى

عدل

بينما أخذت نجاحات ساندينو في الازدهار بدأ بتلقي إيماءات رمزية بالدعم من "الاتحاد السوفييتي" و "الكومنترن – الشيوعية الدولية". كذلك فإن الرابطة العمومية الأمريكية المناهضة للإمبريالية و التي يشرف عليها مكتب "الكومنترن" في أمريكا الجنوبية قد أصدرت عددًا من البيانات الداعمة لساندينو. و في داخل الولايات المتحدة الأمريكية كذلك أعلن فرع الرابطة المناهضة للإمبريالية عن معارضته لأعمال الحكومة الأمريكية في نيكاراغوا. الأخ غير الشقيق لساندينو المدعُو "سُقراط - سوكراتس" و الذي كان مقيمًا في ولاية "نيو يورك" تم إعلانُه كمتحدثٍ في العديد من التجمهُرات التي نظمتها الرابطة و "الحزب الشيوعي الأمريكي" ضد التدخل الأمريكي في نيكاراغوا. في صيف 1928 أصدر المؤتمر العالمي السادس للكومنترن المُنعقد في موسكو بيانا يعرب فيه عن "التضامن مع العمال و الفلاحين من نيكاراغوا و بطولة جيش التحرير الوطني بقيادة الجنيرال ساندينو". و في الصين، كانت فرقة من جيش "كومينتانغ" التي استولت على "بكين" عام 1928 تُدعى "لواء ساندينو". [14]

في يونيو التالي، أَرسَل ساندينو مبعوثًا ليمثله في المؤتمر الثاني للرابطة العالمية المناهضةللإمبريالية المُنعقد في "فرانكفورت"، و الذي حضره أيضًا "جواهرلال نيهرو" من الهند، و مدام "صن يات-صِن" من الصين.

عام المنفى في المكسيك

عدل

تدهورت علاقات "ساندينو" مع "تورشيوس" عندما رفض "تورشيوس" اقتراح مجلس الثورة. انتقده ساندينو لوقوفه بجانب "هندوراس" في نزاع على الحدود مع "جواتيمالا"؛ و الذي اعتبره ساندينو بمثابة إلهاء عن هدف توحيد أمريكا الوسطى. أدّى الصراع بين الرجلين إلى استقالة "تورشيوس" في يناير 1929، مما أدّى إلى قطع تدفق السلاح إلى قوات ساندينو و تركهم في عزلة متزايدة عن أي تأييد خارجي محتمل. في فبراير 1929 عانى جيش ساندينو من ضربة كبيرة جرّاء اعتقال المارينز للجنرال "مانويل ماريا جيرون" العقل المدبر للغارات التي كان يشنها جيش سانينو. [15] بعد ذلك بفترة قصيرة أخذت الهزائم تتوالى على جيش ساندينو على يد قوات المارينز. [16] في محاولة لتأمين الدّعم العسكريّ و الماليّ كتب ساندينو رسائل مناشدة لمختلف زعماء أمريكا اللاتينية. كما تطلّع ساندينو لتلقّي الدعم من المكسيك الثورية؛ غير أن البلاد كانت قد اتخذت موقفًا مضادًّا للشيوعية تحت قيادة الحاكم الفعليّ "بلوتاركو إلياس كاليس".

و بعد فشل المفاوضات بشأن استسلامه في مقابل انسحاب القوات الأمريكية؛ عرض الرئيس المكسيكي "إيميليو بورتيس" على ساندينو اللجوء السياسيّ. في يونيو 1929 غادرت العصابات المسلحة الرائدة نيكاراغوا. في ظل المناخ السياسي في فترة الـ "ماكسيماتو" فإن تطرُّف ساندينو كان غير مرحب به، من أجل استرضاء الولايات المتحدة فإن الحكومة المكسيكية حصرت إقامة ساندينو في مدينة "ميريدا". أثناء إقامته في الفندق كان ساندينو ما يزال على اتصال بمؤيديه. [17] سافر ساندينو إلى مدينة "ميكسيكو" و قابل "بورتيس جيل" غير أن طلبه للدعم قد قوبِل بالرفض السريع. لاحقًا عرض "الحزب الشيوعي المكسيكي" على ساندينو أن يتكفل بتكاليف سفره إلى أوروبا؛ إلا أن ذلك العرض تمّ سحبه بعد أن رفض ساندينو إصدار بيان يدين فيه الحكومة المكسيكية. في أبريل 1930 و عندما نمت علاقات ساندينو مع الشيوعيين على نحوٍ جيد، تمّ تسريب معلومات تفيد بأن ساندينو أصبح يشكّل خطرًا على حكومة "بورتيس جيل"؛ مما أصبح يشكل تهديدًا لحياة ساندينو، فاضطر إلى مغادرة البلاد و العودة إلى نيكاراغوا.

إيميكو

عدل

خلال فترة بقائه في المكسيك أصبح ساندينو عضوًا في "مدرسة المغناطيسية الروحانية للاشتراكية العالمية" (إيميكو) ؛ تأسست في "بوينس آيرس" عاصمة الأرجنتين عام 1911 على يد "يواكين ترينكادو" كهربائي من إقليم "الباسك"، جمعت الإيميكو بين المُثل العليا للأناركية و علم الكونيّات و الذي كان توليفًا مميزًا بين "الزراديشتية" و "الكابالا" و "الروحانيات". رافضًا كلًا من الرأسمالية و البلشفية؛ أسس "ترينكادو" شيوعيته على أساس "روحانية النور و الحقيقة" و التي آمن أنها قادرة على "محو" الأديان المتواجدة حتى تلك المرحلة من التاريخ البشريّ؛ تلك المرحلة التي ستنشأ من صراعات القرن العشرين، و التي ستكون الوقت المناسب لتأسيس "الاشتراكية العالمية" التي سيتم فيها إلغاء الملكية الخاصة و الدولة، كذلك ستختفي الكراهية الناتجة عن الأديان الخاطئة، و تنتمي البشرية جمعاء إلى عِرق واحد "الأسباني" و تتكلم لغةً واحدة "الأسبانية"

انسحاب الولايات المتحدة و موت ساندينو

عدل

على الرغم من عدم استطاعة ساندينو تأمين أي دعم خارجي لرجاله فإن "الأزمة الإقتصادية" جعلت الحملات البحرية مكلفة جدًّا لحكومة الولايات المتحدة، و في يناير من عام 1931 أعلن "وزير خارجية الحكومة الأمريكية" آن ذاك "هنري ستيمسون" أن كل جنود الولايات المتحدة في نيكاراغوا سينسحبون بعد الانتخابات في نيكاراغوا عام 1932. استلم "الحرس الوطني النيكاراغوي" -الذي تم تأسيسه حديثًا- مسؤولية السيطرة على التمرد، وكان الحرس الوطني يأخذ أوامره من ضباط الولايات المتحدة.

دمر زلزال في مايو 1931 مدينة "مانغوا" و قتل أكثر من ألفي شخص، و أضعفت البلبلة والخسائر الناجمة عن هذا الزلزال الحكومة المركزية و أعطت دفعًا معنويا لساندينو لإحياء قتاله ضد الأميركيين.

نشطت عصابات الساندينيستا خلال صيف عام 1931، و غطى نشاطها كل قطاعات شمال "مانغوا" وكانوا ينفذون غارات على الأجزاء الجنوبية والغربية من البلاد و قطاعات "إيستيلي" ، "ليون" و "كونتالس"، وعلى الرغم من سيطرتهم على عدة بلدات على طول السكة الحديد الوطنية الواصلة بين "مانغوا" و ميناء "كورينتو" على ساحل المحيط الهادئ، إلا أنهم لم يحاولوا أن يسيطروا على أي من المدن الهامة، و سيطروا بشكل مؤقت على بعض المدن الصغيرة مثل مدينة "تشينانديغا".

تم إجلاء آخر جندي أمريكي من نيكاراغوا في يناير من عام 1933 وذلك تطبيقا "لسياسة حسن الجوار"؛ و كانذلك بعد تنصيب "خوان باتيستا ساكاسا" رئيسا لـ نيكاراغوا. . خسر المارينز خلال مهمتهم في نيكاراغوا 130 قتيلًا؛ و بعد رحيلهم عن البلاد قال ساندينو: "أُحَيِّي الشعب الأميركي"، و أَقسمَ أنه لن يهاجم أي أميركي من الطبقة العاملة يزور نيكاراغوا. . اجتمع ساندينو في فبراير 1934 مع "ساكاسا" في "مانغوا" حيث تعهد ساندينو بالولاء للرئيس ووافق على أن يأمر قواته أن يسلموا سلاحهم خلال ثلاث شهور، و وافق ساكاسا بالمقابل على أن يعطي الجنود الذين يسلمون سلاحهم حقوق تملك الأراضي في "وادي نهر الكاكاو" و أن تحرس المنطقة من قبل مئة مقاتل من "الساندينيستا" يتلقون أوامرهم من الحكومة، و أعطيت الأولوية في التوظيف في الأعمال العامة في شمال نيكاراغوا لـ الساندينيستا.

بقي ساندينو معاديًا للحرس الوطني و اعتبره غير شرعي بسبب ارتباطه بالجيش الأميركي و أصر على حل الحرس الوطني. . لم يكن ساندينو محبوبًا بين جنود الحرس الوطني بسبب موقفه من قائدهم الجنرال "أنستازيو سوموزا غارسيا" وضباطه. . أمر الجنرال "سوموزا غارسيا" رجاله أن يغتالوا ساندينو على أمل أن ينال ولاء الضباط الكبار في الحرس الوطني .

موت ساندينو

عدل

تمت مباغتة ساندينو في الحادي والعشرين من فبراير عام 1934 هو و أبيه و أخيه "سقراط" و اثنين من جنرالاته "أيستراندا" و "أومانزور" و الشاعر "سوفونيوس سالفاتيرا" الذي كان يشغل منصب وزير الزراعة عند ساكاسا بينما كانوا يغادرون قصر ساكاسا الرئاسي بعد جولة جديدة من المحادثات مع ساكاسا. . أوقف رجال الحرس الوطني السيارة التي تقل الرجال الستة عند البوابة الرئيسية و أمروهم أن يغادروها، ثم قام رجال الحرس الوطني باستبعاد والد ساندينو و سالفاتيرا، و أخذوا ساندينو و أخاه و الجنرالين إلى تقاطع طرق في "لاريناغا" وأعدموهم هناك. . دفنت بقايا ساندينو من قبل كتيبة من الحرس الوطني في "لاريناغا" في مانغوا، و ذلك حسب أوامر أحد ضباط "سوموزا" المقربين الرائد "ريغوبيرتو دورات" و هو والد "روبيرتو دورات سوليس" وزير التواصل الإجتماعي خلال ولاية الرئيس "أرنولدو أليمانز".

في اليوم التالي هاجم الحرس الوطني جيش ساندينو بقوة كبيرة و خلال شهر من هذا الهجوم دمروا جيش ساندينو تمامًا؛ وبعد سنتين من هذه الحادثة أجبر الجنرال "سوموزا" الرئيس "ساكاسا" على الإستقالة و نصب نفسه رئيسًا لـ نيكاراغوا و أسس دكتاتورية وسلالة حاكمة سيطرت على نيكاراغوا لأربعة عقود.

مازالت تفاصيل اغتيال ساندينو و ما حصل لبقاياه من أكثر ألغاز نيكاراغوا بقاءً حتى الآن . بعد إعدام ساندينو ادّعى بعض الأشخاص أنهم شاهدوا الحراس يركلون ساندينو و المحتجزين الثلاثة على الأرض ثم رشقوهم بعدة رصاصات قبل أن يدفنوهم. ويدّعي بعض أتباع ساندينو أنهم وجدوا الجثة ونقلوها إلى مكان آخر ثم أعادوا دفنها؛ وحسب معرفة الساندينيستا فإن سفاحي الجنرال "سوموزا" قطعوا رأس و أطراف ساندينو قبل أن يسلموا رأسه لحكومة الولايات المتحدة كعربون على ولائهم لها.