مستخدم:فهد صالح قاسم مغربه/ملعب

هذه الصفحة أنشئت من قبل الأستاذ الدكتور فهد صالح قاسم مغربه أستاذ الإدارة والتخطيط التربوي بكلية التربية والعلوم التطبيقية والآداب بجامعة عمران في الجمهورية اليمنية، وهي صفحة إثرائية لمقرر التخطيط التربوي وعرض مشاركات الطلبة، والتعريف بالتخطيط التربوي في الجمهورية اليمنية ومهارات التخطيط الاستراتيجي والتشغيلي والتخطيط للحياة، والبدء بالآتي: الفصل الأول: مدخل تعريفي؛ وخلفية عن التخطيط والتخطيط التربوي 1-1- أهداف دراسة المقرر؛ مخرجات التعلم المنشودة Learning Outcomes: الهدف العام: الارتقاء بكفايات الطلبة المعلمين في إعداد وتصميم الخطط التربوية. بعد الانتهاء من دراسة المقرر يتوقع أن يصبح الطلبة المعلمون قادرين؛ بمشيئة الله على: 1. معرفة مفاهيم ومبادئ وأساليب التخطيط التربوي، ويتبنون التخطيط الاستراتيجي كمنهج للتطوير، سواءً لتحقيق أهدافهم، أو تحقيق أهداف المدرسة. 2. توضيح أهمية التخطيط التربوي الاستراتيجي في تعبئة الطاقات، وما يلزم له من إمكاناتٍ حتى يقوم بوظائفه، وبما يضمن تحسين أدائه لتحقيق الأهداف التربوية. 3. تحديد مستويات ومراحل وإجراءات التخطيط التربوي، بدءاً من وضع الرؤية الاستراتيجية، ثم الرسالة والأهداف، وكذا وضع الخطط التشغيلية وتقويمها. 4. فهم مهارات التخطيط الشخصي للحياة والتخطيط للمشروعات الخاصة. 5. إدراك أهمية التخطيط التربوي لمدارس المستقبل، ومهارة المشاركة في الحوار والعمل بروح الفريق؛ أثناء عمليات ومراحل التخطيط؛ إعداداً وتنفيذاً وتقييماً. 6. فهم أساليب التنبؤ بمستقبل المهنة والمدرسة، والاستعداد لمواجهة المتغيرات، ووضع معايير موضوعية لتقويم أدائهم وأداء مدارسهم وفقاً لمعايير الجودة الشاملة. 7. توظيف القدرات العقلية والمهارات الفنية والجمالية، للتعامل الرشيد مع الموارد المتاحة للمدرسة، وابتداع أساليب لتفعيل التخطيط وتضمن له النجاح. 8. تصميم خطة استراتيجية للمدرسة، واستراتيجية شخصية ومشروع ذاتي للحياة. 9. فهم السياسات التربوية والتعليمية وترجمتها إلى خطط وبرامج ومشروعات. 10. امتلاك دافعية نحو التغيير وتطوير التربية في نطاق عملهم أو مكان سكنهم. 11. إدراك العوامل المؤثرة على التخطيط التربوي، والمشاكل التي تعترضه في اليمن. 12. مهارات التخطيط الفعال لمختلف المجالات، ووسائل استشراف المستقبل. 13. إدراك علاقة التخطيط التربوي بالتنمية الشاملة، وأساليب تقييم الخطط التربوية. 14. الربط بين رؤية ورسالة وأهداف وموارد وبيئة المدرسة وأهدافها الاستراتيجية 15. صياغة الأهداف وفقاً لواقع (الفرص والتهديدات ونقاط القوة والضعف)؛ للمدرسة. 1-1- نشأة وتطور التخطيط العام والتخطيط التربوي (توطئة تاريخية):

منذ أن استقر الإنسان على ظهر الأرض وهو يسعى إلى توفير احتياجاته الأساسية من شرابٍ وطعامٍ وملبس، وبحكم طبيعته البيولوجية، وما أودع الله فيه من المواهب والقدرات العقلية، فقد دفعه الحرص على تلبية احتياجاته الأساسية إلى جانب حاجاته الاجتماعية والنفسية، إلى اتخاذ التدابير اللازمة لتلبية تلك الحاجيات، وأخذ الحيطة والحذر تجاه كل ما يهدد وجوده، والاستعداد لما يخبؤه المستقبل من مخاطر وتحديات، بما يضمن بقاءه على قيد الحياة، وهذا هو ما أصطُلح عليه مؤخراً بمفهوم (التخطيط)، والذي يحده عنصران؛ هما:

1. وجود هدف أو غاية يراد الوصول إليها. 2. وجود وسائل محددة أيضاً للوصول إلى تلك الغاية.

وهذا ما جعل بعض الباحثين يذهبون إلى أن: " التخطيط عملية مارستها الجماعات والمجتمعات البشرية منذ القدم بأشكال وأنماط بدائية مختلفة، وبحسب مقتضيات الواقع، والظروف، لمواجهة الكوارث والتحديات تحت مسميات التدبير، أو التوقع والحيطة إلى ما شابه ذلك"( ).

وتوجد العديد من الإشارات المبكرة على أن التخطيط المنظم، أو على الأقل عناصر محددة منه قد فرضت نفسها في الحضارات القديمة، ومن ذلك التخطيط الذي اتبعه سيدنا يوسف- كما ذكره القرآن الكريم- الذي يشير إلى أنه: " كان تخطيطاً اقتصادياً! مقوماته حسن التخزين، وضبط الاستهلاك...امتد إلى خمسة عشر عاماً، فأنقذ الله به مصر من المجاعة التي كانت تنتظرها في سنين القحط بالادخار في سنوات الرخاء، وهذا هو لب فكرة التخطيط"( ). 1-2-1- تاريخ نشأة التخطيط بالمفهوم الحديث: يعود الفضل الأكبر في الخروج من دائرة التفكير النظري حول التخطيط؛ إلى حيز العمل والتنفيذ للخطط- كما يذكر الحاج (1992): إلى كتابات "ماركسMarx " في القرن التاسع عشر (1818- 1883)، حيث بين مدى الحاجة القصوى للتخطيط باعتباره مطلباً اقتصادياً ملبياً للنهضة الحضارية القادمة، وكذلك "أنجلز Engels"، الذي أكد على ضرورة قيام نوع من التخطيط على أسس علمية لتحقيق أقصى ما يمكن من التوازن بين العرض والطلب لكي تتوافر حاجات الإنسان، وحتى تتحقق بمقتضاه شروط التقدم الصناعي"( ). ومع بداية القرن العشرين؛ كان أول من أبرز فكرة التخطيط الاقتصادي العالم النرويجي (كريستيان هوبنهيدرChristian Hopinheidr)، في بحث نشره عام (1910). وقد ظهر التخطيط بمعناه العملي فيما كان يسمى بالاتحاد السوفيتي؛ كأسلوبٍ جديدٍ للتسيير الاقتصادي والاجتماعي؛ المرتبط بتطبيق الاشتراكية، وتحديداً نستطيع القول بأن الخطة التي وضعها الاتحاد السوفيتي عام (1920) لمدة (15) عاما؛ لإمداد روسيا بالكهرباء، أول خطة في العالم للتطوير بعيدة المدى"( ). فيما يرى البعض أنّ سنة (1923) تُعدّ تاريخ ميلاد التخطيط، حينما أعلن الاتحاد السوفيتي آنذاك عن خطته الخمسية الأولى للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، بما فيها التنمية التربوية، لمواجهة حاجات المجتمع السوفيتي، " وقد سبق ذلك تشكيل لجنة التخطيط القومي في سنة (1921)، تولت وضع تفاصيل أول خطة خمسية لعموم الاقتصاد القومي، بعد دراسة استمرت أكثر من ست سنوات، ليبدأ تنفيذها في عام (1928) ". وتعززت فكرة التخطيط في الغرب، بعد أن كانت كل من (ألمانيا، وبريطانيا) قد استخدمته أثناء الحرب العالمية الأولى (1918 -1914)؛ لإدارة دفتها، وملاءمة الاقتصاد لاحتياجاتها، إلا أنه تراجع عن التخطيط في العشرينيات، ولم يٌعر تجربة التخطيط في الاتحاد السوفيتي أي اهتمام، بل على العكس كان يسخر منها!، إلى أن تعرضت المجتمعات الغربية لأزمة الكساد العالمي فيمــــــا بين الأعوام (1933- 1929)، إذ هبط معدل الدخل القومي ما بين (50- 30%)، فيما ظهر أكثر من (32000000)؛ اثنين وثلاثين مليون، عاطلين عن العمل؛ مما حتم على الشركات والحكومات تبني التخطيط كأسلوب ينقذها من الانهيار الاقتصادي الذي حل بها، واستمرت في التمسك به بعد ذلك بأشكال متنوعة تبعاً للأنشطة ونظام الحكم وظروف المجتمعات ( ). " ومن الخطط التي ظهرت في الثلاثينيات خطة (تارديو، 1929) في فرنسا، وخطة (واهلن، 1941) في سويسرا، أما أمريكا فقد قامت بتخطيط المشروعات الحكومية عام (1933)"( ). ثم جاءت الحرب العالمية الثانية (1939-1945) فكانت الضرورة لاتخاذ التخطيط لترشيد الموارد الاقتصادية والسير بالمجهود الحربي، وفي أعقاب الحرب تأكدت أهمية التخطيط الاقتصادي بالنسبة للدول التي خربتها الحرب لإعمارها وإنعاشها من جديد، واشترطت الولايات الأمريكية لمنح معوناتها تخطيطاً شاملاً؛ وهو ما سمي بـ (مشروع مارشال) لإنعاش أوروبا. وتوسعت فكرة التخطيط ومنهجياته عندما قامت بعض الدول حديثة الاستقلال في جنوب أسيا؛ كالفلبين وبورما وإندونيسيا؛ بأخذ فكرة التخطيط القومي؛ لتحقيق التنمية بمعدلاتٍ سريعةٍ، بفترة وجيزة؛ للتغلب على الفقر والتخلف وانخفاض مستوى المعيشة, كما قامت دول أمريكا اللاتينية بالاتجاه نحو التخطيط المركزي الرأسمالي، وكانت بريطانيا قد اتجهت للتخطيط الاقتصادي المركزي؛ عام (1945)؛ عندما تولى حزب العمال الحكم؛ وانتهت عام (1951)؛ ولم تعتمد خططاً جديدةً بسبب تولي حزب المحافظين الحكم؛ حيث إن سياسته تعتمد على الاقتصاد الحر, ولكن الكثير من الدول انتهجت أسلوب التخطيط؛ ككندا والهند وجنوب إفريقيا ودول أوربا الشرقية( ).

1-2-2- نشأة التخطيط التربوي: يعد التخطيط التربوي علماً حديث النشأة على الرغم من رجوع جذور التخطيط التربوي بمعناه العام إلى مرحلة تاريخية ليست بالقصيرة، حيث يذكر المنصوري (1998): " أن الإسبرطيين- منذ نحو (2500) سنة- خططوا تعليمهم لتحقيق أهدافهم العسكرية والاقتصادية والاجتماعية، كما عرض أفلاطون في جمهوريته نوعاً من الخطة التعليمية التي تخدم الاحتياجات اللازمة للقيادة والأغراض السياسية في أثينا، وكذلك رسمت الصين في عصر (هان دينا ستيزوبيرو) نظاماً تعليمياً لتلبية حاجاتها، من الإداريين والقادة وحكام المناطق"( ). وفي العصر الإسلامي، وجدت كتاباتٌ وأعمالٌ تستند على مفهوم التخطيط؛ " نجد في كتابات ابن خلدون إشاراتٍ إلى التخطيط أو حامت حوله، غير أنها تنتمي إلى التصورات والأفكار أكثر من انتمائها إلى التطبيق العملي...وإن كان علينا أن نقدر قيمتها في الإطار الذي تمت فيه"( ). وفي عصر النهضة في أوروبا ظهرت بوادر يمكن اعتبارها خطواتٍ متقدمةٍ على طريق التخطيط التربوي، " نستشف ذلك من دعوات المفكر الإنجليزي "موريس دوب" (1709-1751)، إلى ضرورة أن تأخذ الدولة بالتخطيط المحكم والعملي لإحداث التقدم في المجالات المختلفة" ( ). كما ظهرت في القرن الثامن عشر أعمالٌ كثيرةٌ تحمل عنوان (خطة التربية)، أو إصلاح التعليم، وأهمها كتاب (خطة جامعية لحكومة روسيا)؛ الذي أعده (ديدرو)؛ بطلبٍ من كاثرين الثانية وفي الحقبة نفسها أبرز (آدم سميث) وغيره من الاقتصاديين أهمية العلاقات القائمة بين التربية والاقتصاد"( ). وخلاصةً لما سبق؛ ترجع البداية الحقيقية للتخطيط التربوي بمعناه الحديث؛" إلى التجربة السوفيتية في التخطيط العام كأسلوب واضح المعالم والقسمات في البناء والتطوير، ومن التخطيط العام نشأ التخطيط التربوي كتخطيطٍ قطاعيٍ منبثقٍ عنه ومرتبطٍ به...غير أن التخطيط التربوي حينذاك اعتراه جوانب قصور إذ انحصر نشاطه في ما هو قائم وتدعيمه، وارتكز في جوهره على أداءات شكلية متصفاً بالبساطة وعدم الدقة"( ). ويصف كومز (Coombs:1970)، التخطيط التربوي الذي كان سائداً حتى نهاية الحرب العالمية الثانية بالملامح الرئيسية التالية: 1- أنه قصير المدى (لعام واحد). 2- يعاني من الافتقار إلى الترابط بين أجزاء النظم التعليمية. 3- عدم التكامل مع النظام الاجتماعي والاقتصادي سواءً في أهدافه أو اتجاهاته. 4- افتقاد الفاعلية نتيجةً لتغيير معالمه واشتقاق مقوماته بصورةٍ تختلف من عامٍ لآخر"( ).

1-2-3- التخطيط التربوي بعد الحرب العالمية الثانية: تُعَدّ نهاية الحرب العالمية الثانية محطةً مهمةً في مسيرة التخطيط التربوي، ذلك أنه منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، وخاصةً في الخمسينيات والستينيات من القرن العشرين، حدثت تغيراتٌ سريعةٌ، وطرأت عوامل دفعت باتباع منهج التخطيط التربوي، حيث بحثت الدول الاشتراكية عن نموذج التنمية في منهجية الاتحاد السوفيتي، وتم توظيفها في تخطيط نظمٍ تربويةٍ جديدةٍ، كما واجهت دول غرب أوربا مشكلاتِ إعادة البناء الاقتصادي، وتعمير ما دمرته الحرب، وبمقتضى اشتراطات الولايات المتحدة، بأن تضع الدول الأوربية التي تتلقى المساعدات (التي عرفت باسم مارشال) خططاً لإعادة البناء على أن تغطي مختلف القطاعات الاقتصادية، فعملت الدول الأوربية على الأخذ بالتخطيط تحت ضغط الحاجة إلى نموٍ اقتصاديٍ واجتماعيٍ متماسكٍ ومستمر( ). واستجابةً لذلك؛ فقد ألزم قانون التربية الصادر عام (1944) في المملكة المتحدة، سلطات التربية المحلية بأن تعد خطةً لتطوير التربية، كما أحدثت فرنسا عام (1951)، هيئةً لتخطيط التجهيز المدرسي والجامعي والعلمي والفني، وأصبح تخطيط التربية جزءاً متمماً لخطتها العامة، وعلى نفس النهج صارت معظم الدول الأوربية، في تبني التخطيط بشكلٍ عام، مع اختلافٍ وتنوعٍ نسبيٍ من دولةٍ لأخرى( ). وتحديداً، " فقد انطلقت المحاولة الأولى للتخطيط الشامل في ميدان التربية في الاجتماع الثقافي لوزراء التربية في دول أمريكا اللاتينية؛ الذي انعقد في ليما (lima: 1956)، إذ كان من أهم توصيات هذا المؤتمر اللجوء إلى التخطيط التربوي؛ منهجاً لحل المشكلات الكمية والكيفية...ووضع خطةٍ شاملةٍ تشمل جميع مراحل التعليم وفروعه" ( ). وقد انتقل الاهتمام بالتخطيط التربوي إلى شتى دول العالم، وخصوصاً "عندما أدركت الكثير من دول العالم النامي منذ مطلع الخمسينيات أهمية التخطيط التربوي في الإسراع بتطوير التربية، وتحقيق التنمية الشاملة، فأدرجت خطتها التربوية ضمن خطتها العامة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، وهو ما فعلته الهند في خطتها الأولى (1951- 1955)، وجمهورية غانا (1951)، ثم تبعتهما دولٌ عديدةٌ؛ في آسيا وأفريقيا بما فيها الدول العربية"( ). وفي هذا السياق نشطت جهود المنظمات والوكالات الدولية لتعزيز جهود الحكومات في تبني التخطيط التربوي، ومن أهمها منظمة اليونسكو، والتي عملت على نشر المفاهيم التخطيطية في العالم، كما سيتضح في السطور التالية:

1-2-4- التخطيط التربوي ونشأته في الدول العربية: ترجع الجذور الأولى لميلاد التخطيط التربوي في الدول العربية إلى سنة (1958)، حينما أوصت الدورة العاشرة للهيئة العامة لليونسكو بضرورة إجراء مسحٍ للحاجات التربوية في البلاد العربية، فتكونت لجنةٌ من الأستاذ: أحمد طوقان (الأردن)، والسيد ماريون كولون marion coulon (بلجيكا)، حيث طافت بالدول العربية وتعرفت على مشكلاتها، ثم قدمت تقريراً أشارت فيه إلى ما يعانيه التعليم العربي من خللٍ وافتقادٍ للتوازن بين أنواعه ومراحله، مع التأكيد على أهمية التخطيط لمواجهة هذا الخلل وتحقيق توسع تربوي متوازن، وتم عرض التقرير على وزراء التربية العرب في الاجتماع الذي دعت إليه اليونسكو، وعُقد ببيروت(1960/02/12-9)، وكان من أهم توصياته إنشاء المركز الإقليمي لتخطيط التربية وإدارتها، ومن ثم تم إنشاء المركز عام (1961)( ). ويصف الشراح (2002)، واقع التخطيط التربوي العربي في فترة ما قبل الستينيات بقوله: " إن معظم المحاولات في فترة ما قبل الستينيات كانت مبتورة، انصبت على جهود محو الأمية وتعليم الكبار والتوسع في التعليم الأساسي، في إطار السياسات المتذبذبة والمنهجيات غير الموضوعية والأساليب المتواضعة"( ). وعلى خلفية ممارسة التخطيط التربوي، يقول عبد الدائم (2001): " نستطيع أن نعتبر عام (1960)، نقطة تحولٍ في هذا المجال، فمعظم الخطط التربوية في البلاد العربية تبدأ في ذلك العام أو قبله بقليلٍ أو بعده بقليل"( )، ويتطرق في موضعٍ آخر إلى أن عوامل كثيرةً قد ساهمت على زيادة الاهتمام بالتخطيط التربوي في الدول العربية، ويأتي في مقدمتها الاهتمام العالمي بالتخطيط، وجهود منظمة اليونسكو، ومن أهم ثمارها على صعيد العالم العربي: " مؤتمر بيروت (1960)، سالف الذكر- ثم مؤتمرٌ لوزراء التربية والوزراء المسؤولين عن التخطيط الاقتصادي، الذي انعقد في طرابلس الليبية (1966) بدعوةٍ من اليونسكو أيضاً، كما دعت إلى مؤتمرٍ ثالثٍ، من أجل متابعة الجهود في ميدان التخطيط التربوي، حضره وزراء التربية والوزراء المسؤولون عن التخطيط الاقتصادي، وعقد في مدينة مراكش بالمغرب (1970). هذه المؤتمرات وغيرها... فرضت الأخذ بمنهجية التخطيط التربوي لتنمية القوة البشرية المؤهلة والمدربة وفقاً لمتطلبات التنمية، حيث قامت معظم الدول العربية بوضع خططها التربوية....، وعلى النحو التالي( ): 1- ففي عام (1959/ 1960)، بدأت الخطة التونسية العشرية للتعليم . 2- أما عام (1960)، فبدأت فيه الخطط التربوية لكل من مصر وسوريا والسعودية والمغرب، مع الإشارة إلى وجود جهودٍ في مجال التخطيط في مصر منذ عام (1953). 3- وفي عام (1962/61)، صدرت الخطة العشرية السودانية للتنمية بما فيها الخطة التربوية. 4- فيما شهد عام (1962)، بدء الخطة التربوية الأردنية، وبدأت ليبيا خطتها التربوية (1963). 5- أما الدول (لبنان- الجزائر - العراق- اليمن- الكويت)، فقد تتابعت في الإعلان عن خططها التربوية، ولعل آخرها اليمن التي بدأت أول مشروع خطةٍ خمسيةٍ تربويةٍ؛ في عام (1969/68)، فيما بدأت في تنفيذها عام (1970)، في حين ظهرت الخطة الخمسية الأولى للدولة في العام (1977/76)، مع أنها كانت قد شرعت في خططٍ قصيرةٍ منذ العام (1963).

1-2- مفاهيم ومصطلحات التخطيط التربوي Educational Planning

يتضمن مقرر التخطيط التربوي مفرداتٍ؛ يحسن تعريفها وأهمها: 

1) التخطيط التربوي (Educational planning): • التخطيط لغة: جاء في" تهذيب لسان العرب" لابن منظور، الخط: هو عبارةٌ عن الطريقة المستطيلة في الشيء، والجمع خطوطٌ. والخط: الطريق. والخط: الكتابة ونحوها مما يخط. وخط الشيء يخطّه خطاً: كتبه بقلمٍ أو غيره. والتخطيط: التسطير... والخطة كالخط كأنها اسمٌ للطريقة. والأخطُّ: الدقيق المحاسن، ورجلٌ مخططٌ: جميلٌ"( ). • واصطلاحاً: فقد عرّفت منظمة اليونسكو التخطيط بأنه: " محاولةً واعيةً من جانب الحكومة لتنسيق السياسات العامة، على نحوٍ يحقق بدرجةٍ أكبر من السرعة والكمال ما يراد أن تبلغه التطورات المستقبلية من أهداف"( ). • كما يعرف التخطيط التربوي بـأنه: " يمثل نوعاً من التطبيق للاتجاهات والعلاقات المتصلة بتنمية التعليم، كي يصبح أكثر فاعليةً وكفايةً في الاستجابة لاحتياجات المتعلمين من جهة، ولأهداف المجتمع من جهةٍ أخرى"( ). 2) الخطة الاستراتيجية: تعرف الخطة Plan بأنها: "وسيلة التخطيط أو وثيقة التخطيط تترجم التخطيط إلى برامج عمل محددة برؤية وأهداف استراتيجية معينة، وبخطط تفصيلية تنفيذية محددة زمانا ومكانا وتكلفة، وبأساليب وأدوات متابعة وتقويم ( ). 3) الأهداف الاستراتيجية Objectives: هي الترجمة الفعلية والزمنية لرسالة المؤسسة ورؤيتها وغاياتها، كي تحولها إلى نتائج عملية محددة كميًا وكيفيًا وقياسها. وبقدر جودة تحديد تلك الغايات والأهداف، يتوافر للمؤسسة إمكانية تحديد الاستراتيجيات ووضع الخطط الاستراتيجية بجودة عالية. 4) الخطط التنفيذية التشغيلية operational planning: هي الخطط التي تترجم الأهداف الاستراتيجية إلى أهدافٍ تفصيليةٍ إجرائيةٍ؛ في صورة برامج ومشروعاتٍ تنفذ في آمادٍ زمنيةٍ؛ قصيرةٍ ومتوسطة الأمد. 5) سنة الأساس للخطة plan pase Year:؛ وهي السنة السابقة علي بدء تنفيذ الخطة مباشرةً، وتمثل بياناتها مختلف المتغيرات في الأنشطة التعليمية، وما يندرج تحتها من فروع النشاط، وتصور تلك البيانات تقدير الوضع الراهن قبل بدء الخطة( ). 6) سنة الهدف: هي السنة النهائية للخطة والتي يؤمل تحقيق الأهداف المحددة في نهايتها. 7) المؤشرات التربويةEducational Indicators ؛ جاء في معجم أكسفورد بأن المؤشر هو:" الذي يشير أو يلفت النظر إلى شيءٍ بدقةٍ معينةٍ"، وفي قاموس (ويبستر):" هو الذي يؤشر إلى درجةٍ تزيد أو تنقص من الدقة"، وهي في التربية:" إشاراتٌ للنجاح تشير إلى مدى تحقيق الأهداف التربوية"( ). وهي أدواتٌ للقياس وتشخيص واقع النظام التربوي ونقله إلى المجتمع التربوي، أو المجتمع بشكلٍ عامٍ. 8) الأنشطة ( Activities): وهي الأعمال أو الخدمات التي يتم القيام بها لتحقيق الهدف مثل عقد ورش العمل، تقديم التدريب، تنفيذ برامج للوصول إلى الفئات المستهدفة. وبصفة عامة، تؤدي الأنشطة إلى تحقيق مخرجات المشروع. 9) نتائج (Outcomes): وتتضمن تغييرات في السلوك أو المهارات كنتيجة لأنشطة المشروع. 10) التأثيرات( Impact): هي التغييرات التي تحدث عبر فترة أطول من الزمن مثل: تحسن مستوى المعيشة فى منطقة معينة نتيجة لبرامج التنمية المحلية بها. تحسن الحالة الصحية للسكان في منطقة نتيجة البرامج الصحية والرعاية الاجتماعية بها. 1-4- مبادئ وخصائص وأهداف وأهمية ومبررات ومرجعيات التخطيط التربوي: 1-4-1- مبادئ وخصائص التخطيط التربوي( ): لكل منظومةٍ فكريةٍ أسسٍ ومبادئ ترتكز عليها، والتخطيط التربوي يستند إلى عددٍ من القواعد أو المبادئ التي يجب مراعاتها؛ لكي يؤتي ثماره المرجوة، ويمكن تلخيص أهم هذه المبادئ على النحو المبين في الشكل التالي:

شكل (1/1) مبادئ التخطيط التربوي 1-4-2- أهداف التخطيط التربوي: يسعى التخطيط التربوي إلى تحقيق أهداف عديدة؛ أهمها تتبين من الشكل الآتي

شكل (1/2) أهداف التخطيط التربوي( ) 1-4-3- أهمية التخطيط الاستراتيجي التربوي. تبرز أهمية التخطيط التربوي من أنه يحقق للمؤسسات مميزاتٍ كثيرةٍ أهمها( ): 1. رسم السياسة التعليمية جملة وتفصيلاً للاستجابة لمتطلبات التنمية الشاملة للبلد. 2. الترشيد في الصرف على التعليم والتخفيف من الإهدار في التعليم. 3. إحكام استثمار الوقت والإمكانيات بشكل أفضل. 4. دراسة الواقع ومشكلاته؛ لتحقيق الانسجام وتقريب الشقة بين التعليم والمجتمع. 5. تحقيق التكامل بين مختلف فروع النظام التربوي والتعليمي. 6. يساعد في ترتيب الأهداف حسب أهميتها وليس بشكل عشوائي. 7. يساعد في استثمار الطاقات البشرية والمادية بشكل جيد. 8. يحدد الهدف العام الذي يحكم جميع القرارات الإدارية والتربوية والتعليمية في المنظمة . 9. يوحد جهود جميع العاملين في المؤسسة لتحقيق هدف واحد واضح ومتفق عليه . 10. يساعد على توقع التغيرات في البيئة المحيطة بها وكيفية التأقلم معها. 11. يزيد وعي وحساسية أعضاء المؤسسة؛ لمواجهة التغيير والتهديدات والفرص المحيطة. 12. يقدم للقيادات الإدارية المنطق السليم في تقييم الموازنات ويبين أولويات اتخاذ القرار . 13. يوضح صورة المنظمة التربوية والتعليمية أمام كافة جماعات وأصحاب المصالح. -4-4- مبررات التخطيط التربوي:

   يمكن إبراز أهم مبررات التخطيط التربوي( ):

1) حاجة التخطيط الاقتصادي الأساسية إلى التخطيط التربوي: حيث إن أثمن رأسمال هو رأس المال البشري، وهو أكثر رؤوس الأموال عطاء ونتاجاً... وقد ازداد الشعور بأهمية رأس المال البشري وبأهمية التربية التي تعده نتيجة لتزايد الحاجة في المجتمعات الحديثة إلى أصحاب الاختصاص في شتى الميادين...وازدادت الحاجة إلى الأيدي المدربة والإعداد الفني نتيجة تطور العلوم والتكنولوجيا. وبذلك تترسخ العلاقة بين التخطيط والتنمية؛ فالتنمية والتخطيط متلازمان؛ فالتنمية هي أهداف طويلة المدى ويتم تحقيقها على مراحل عبر خطط تنموية محددة، وسبق الإشارة إلى أهمية دور التخطيط التربوي في تحقيق التنمية الاقتصادية، وهذا الدور يتحقق بأساليب متعددة منها؛ أن التربية والتعليم( ): 1. تساهم في التنمية الاقتصادية عن طريق تزويد الأفراد بمهارات وقدرات فنيّة ومهنيّة تفيد في العمليات الإنتاجية. 2. تزود الأفراد بالمعلومات وبطرق حل المشكلات التى يطبقونها في عملهم. 3. تكسب الأفراد القيم والاتجاهات الإيجابية المرتبطة بالعمل. 4. تساعد الأفراد على التكيّف مع ظروف العمل والتقلبات التنموية والاقتصادية. 5. تعدّ القوى العاملة اللازمة للتنمية الشاملة. 6. تزيد من القدرة على الابتكار وتحسين السلوك وتطوير الإنتاج ومتطلبات الاقتصاد. 7. تحقيق التوازن في الإنفاق المالي على التعليم ليس فقط بين نوع التعليم ومستوياته المختلفة، بل بين قطاع التعليم والقطاعات الاقتصادية الأخرى. 8. مواجهة مشكلات البطالة. 2) اعتبار أن التربية تمثل توظيفاً مثمراً لرؤوس الأموال وليست عمليه استهلاكية: تُعد التربية توظيفا مثمرا لرؤوس الأموال، ولها مردود اقتصادي واضح وليست مجرد خدمة تقدم للمواطنين واستهلاكا لرؤوس الأموال لا استثمارا لها...فالتربية عملية استثمار؛ مردودها يكمن في ما تقدمه لنا من طاقات بشرية مبدعة في حقل العلوم والاقتصاد. 3) ضرورة مجاراة التربية للتقدم والتغير السريعين في ميداني العلم والصناعة: فهناك حاجة إلى الأخصائيين والأيدي العاملة في مجالات وفروع وصناعات وأعمال تتطور باستمرار، وهذا التطور والتغير في العلم والمعرفة والتكنولوجيا يؤدي إلى تغير واضح في طراز إعدادنا التربوي للطاقة العاملة بحيث نستطيع تلبية حاجة مجتمعنا. 4) التكامل بين مشكلات التربية وبين الحلول التي ينبغي أن تقدم لها: بتحقيق التوازن بين التعليم الأكاديمي والمهني والتوازن بين الإناث والذكور والريف والمدينة، ويحاول التخطيط التربوي دراسة أحسن الوسائل المؤدية إلى قبول أكبر عدد ممكن من الطلاب بأقل النفقات، والاستعانة بالكيف من أجل إصلاح الكم؛ إي تطوير محتوى التعليم من مناهج وطرائق ووسائل تعليمية ويتطلب التخطيط معلمين وأبنية ومواد تعليمية.....الخ. 5) النظرة الديمقراطية: لم تعد التربية وقفاً على فئة من المواطنين أو امتيازاً يتمتع به بعض المواطنين؛ بسبب التمييز الاقتصادي والاجتماعي؛ بل أصبحت في معظم دول العالم حق من حقوق جميع المواطنين, وقد ازداد الشعور بأهمية التخطيط التربوي. 6) الإيمان بالتخطيط من أجل السيطرة على المستقبل: التخطيط هو الأداة العلمية والوسيلة الناجحة لسيطرة الإنسان على المستقبل وتحكمه فيه بالقدر الممكن، ومن ثم يجب على إنسان العصر الحديث أن يقبض على زمام الحوادث الاقتصادية والاجتماعية؛ وخاصةً على الحوادث التربوية. 1-4-5- المعايير المرجعية للتخطيط التربوي؛ ويقصد بها الأصول أو الخلفية المرجعية التي يجب مراعاتها عند إعداد الخطط التربوية، وأهمها يبينها الشكل التالي:

  شكل (1/3) المعايير المرجعية للتخطيط التربوي

يتبين من الشكل (1/3) أن التخطيط التربوي لا ينطلق من فراغ؛ بل يعتمد على جملة من الأصول والأسس، والتي قد يطلق عليها البعض أصول التربية، وفيما يلي تفصيلٌ لكلٍ منها: 1) معايير حضارية تاريخية؛ بحيث يأتي التخطيط منسجماً مع الانتماء الحضاري للمجتمع، وخصوصاً (الدين، اللغة الرسمية، وعادات وقيم المجتمع واتجاهاته). 2) متطلبات المجتمع ومشكلاته وتطلعاته المستقبلية، وبذلك يراعي عدد السكان، وتوزيعهم حسب انتمائهم الديني أو المذهبي أو اللغوي، الكثافة السكانية، معدل النمو السكاني- المواليد والوفيات- العمر المتوسط، الهجرة الداخلية من الريف إلى المدينة، الهجرة إلى الخارج. 3) المرجعية السياسية؛ طبيعة النظام السياسي، الدستور ومواثيق المجتمع، تأثير التنظيمات السياسية، كيفية تدخل السلطة السياسية في القرارات التربوية، مكانة النظام التربوي في السياسة التنموية العامة، الوضع السياسي العام. 4) المرجعية الاقتصادية؛ الدخل القومي العام، تمويل التعليم، المصادر الأساسية والمصادر الثانوية، الدخل الفردي، معدل النمو الاقتصادي، وكلها تؤثر في تمويل الخطط وتتحكم فيها. 5) المرجعية التربوية؛ أهداف التعليم، أعداد المعلمين، المستوى التعليمي للسكان، هيكلة التعليم وتنظيمه، المتعلمين وحاجاتهم، الوسائل، الإدارة المدرسية، الكتب...الخ.


1-5- عناصر ومداخل وأقسام ومشكلات التخطيط التربوي: 1-5-1- عناصر التخطيط التربوي: للتخطيط التربوي عناصر رئيسيةً؛ أهمها تتبين من الشكل التالي؛

شكل (1/4) أهم العناصر المكونة للخطط التربوية ( ) 1) الهدف (objective)( )؛ جاء في معجم الصحاح في اللغة؛ الهَدَفُ: كل شيء مرتفعٍ، من بناء أو كثيب رملٍ أو جبلٍ، ومنه سمِّي الغرض هَدَفاً، وأَهْدَفَ على التلِّ: أشرفَ... وأَهْدَفَ إليه، أي لجأ، وأَهْدَفَ لك الشيءُ واسْتَهْدَفَ، أي انتصب. أما الهدف في علم التخطيط والإدارة؛ فيقصد به:" الغايات أو النتائج المطلوب تحقيقها في المستقبل، حيث يعتبر تحديد الأهداف ضرورياً لتسيير النشاطات، وبدونها يصبح التخطيط بلا معنى. 2) السياسات: وهي مجموعة المبادئ أو القوانين التي تحدد أسلوب التصرف لتحقيق الأهداف ويشترط فيها الوضوح، والتناسق والانسجام، الاقتناع والقبول، المرونة، المشروعية، الشمولية، الكفاية، وهناك فرق بين السياسة والهدف، فالهدف هو ما نريد تحقيقه، أما السياسية فهي بمثابة مرشد للأفراد في تصرفاتهم وقراراتهم داخل المنظمة، فهي تعبر عن اتجاهات الإدارة في تحديد نوع السلوك المطلوب من جانب الأفراد أثناء أدائهم لأعمالهم. 3) البرنامج program: مزيجٌ من الأهداف والنشاطات والسياسات والاجراءات الواجب القيام بها، وتحديد الموارد اللازمة لانجاز نشاطٍ معينٍ، وهو آليةٌ لتنفيذ الاستراتيجية...أو؛ هو مجموعةٌ الأنشطة المترابطة التي يتم اختيارها وتنظيمها وتصميمها في مجموعةٍ من المشروعات، التي يخدم كلٌ منها هدفاً فرعياً، أو عدداً مترابطاً من الأهداف الفرعية ( ). 4) المشاريع projects: وتتكون من مجموعة متكاملة من الأنشطة تنفذ خلال فترة زمنية محددة وحسب تصاميم وطاقات إنتاجية موجهة لخدمة أهداف مرغوبة ومحددة ومتفق عليها"، كما تعرف المشاريع بأنها؛"خطط أحادية الاستخدام لمجموعة من الأنشطة المتكاملة أقل مدى زمنياً وأقل تعقيدا من البرامج مثال مشروع تطوير منتج جديد". 5) الإجراءات Procedures: خطة تفصيلية قائمة توضح تسلسل الخطوات، وتتبعها الزمني للوصول إلى هدف معين في مواقف محددة، وهي توضّح؛ ما الذي يجب عمله، ولماذا ومن يقوم بالعمل، ومتى وكيف وأين... ومن الفوائد المترتبة على الإجراءات: ‌أ. الإسراع في إنجاز المعاملات. ‌ب. تحسين الخدمات المقدمة لجمهور المستفيدين. ‌ج. توحيد الأعمال الكتابية في المكتب. ‌د. تخفيض نفقات الأعمال الكتابية. ‌ه. التقليل من الجهد الفكري للموظفين. ‌و. تجنب الفوضى في القيام بالأعمال. ‌ز. إحكام الرقابة على تنفيذ الأعمال. ويتضح مما سبق؛ أن الإجراءات Procedurse: تصف تفصيلياً النشاطات المختلفة التي يجب القيام بها لإنجاز المهام، فمثلا إجراءات التعيين في الوظيفة تتطلب مجموعةً من الخطوات والمراحل التي يجب على طالب الوظيفة أن يمر بها بدءًا من تعبئة نموذج الوظيفة وإجراءات الامتحانات والمقابلات، إلى صدور قرار التعيين من الجهة المعنية( ). 6) الموازنة budget؛ خطةٌ ماليةٌ تغطي فترةً زمنيةً محددةً؛ توضح الكيفية التي يتم الحصول بموجبها على الأموال المطلوبة، وكيفية توزيعها على الاستخدامات المختلفة للخطة الاستراتيجية ( ). وتشمل تسجيلاً للالتزامات المستقبلية لتحقيق الأهداف، وترجمة السياسات على شكل أعدادٍ رقميةٍ تكون أساساً لسير العمل. 1-5-2- مداخل التخطيط التربوي: تعددت مداخل التخطيط التربوي بتعدد مدارسه وفلسفاته وأهدافه، إلا أنه يمكن تمييزها في ثلاثة مداخل رئيسيةٍ هي( ): 1) مدخل الطلب الاجتماعي (Social Demand)؛ ويقوم على حق جميع المواطنين في التعليم؛ وفقاً لحاجة الأفراد أنفسهم، ويكون تخطيط التعليم وفقاً لهذا المدخل من منظور الحاجات الثقافية والاجتماعية، وبذلك فمدخل تخطيط التعليم من منظور الطلب الاجتماعي يعطي الاهتمام لحاجات الأفراد لنوع التعليم بغض النظر عن حاجة سوق العمل، وفيما يتعلق باستخدام هذا المدخل فهناك مجموعة من الخطوات يجب إتباعها، وهي على النحو التالي: a. وضع أهداف محددة للتنمية التعليمية في مختلف مراحلها. b. ربط أهداف التعليم بالأهداف القومية لتحقيق مبدأ الاستيعاب الكامل، ومجانية التعليم. c. مراعاة المتغيرات السكانية من حيث النمو، والتوزيع، والنسق القيمي، والتعليم من حيث معدلات الرسوب والتسرب، ومعدل القيد الصافي، ومعدل القيد الخام. d. العلاقة بين مخرجات التعليم ومدخلاته من حيث المعلمون والطلبة والإدارة. 2) مدخل القوى العاملة (Manpower Requirement)؛ وفيه يتم التخطيط للتعليم لمقابلة حاجات سوق العمل من القوى العاملة المؤهلة؛ حيث تمثل العمالة العنصر الحاسم والحاكم في الخطط، ووفقا لهذا المدخل يكون التعليم في خدمة الاقتصاد، ووسيلة لتوفير القوى العاملة المؤهلة بالكم والكيف والمستوى المناسب، والقادر على إحداث النمو المطلوب. 3) مدخل معدل العائد (/Cost- Benefit Analysis تحليل الكلفة والمنفعة)؛ ويقوم فيه المخططون بمقارنة تكلفة إقامة المشاريع التعليمية بالفائدة المترتبة منها، وهو مفهومٍ جديدٍ يضع في حسبانه مشكلة الموارد المالية المتاحة للإنفاق على التعليم، ويركز هذا المدخل على قياس العائد الاقتصادي للتعليم. 1-5-3- أقسام وأنواع التخطيط التربوي: هناك تقسيمات عديدة للتخطيط التربوي تختلف تسمياتها تبعاً لمتغيراتٍ عديدةٍ؛ أهمها تتضح من خلال الشكل التالي:

شكل (1/5) أقسام وأنواع التخطيط التربوي( ): يتبين من الشكل (1/5) أن التخطيط ينقسم إلى أقسام عديدة؛ تبعاً لعوامل كثيرة، أهمها: 1) من حيث الأهداف: a. التخطيط البنائي/ الهيكلي: ويقصد به التخطيط بهدف إحداث تغييرات عميقة وبعيدة المدى. وإقامة هيكل جديد مغاير للسابق بأوضاع ونظم جديدة. b. التخطيط الوظيفي/ التأشيري: بإعداد الخطط وتنفيذها ضمن الهيكل الاقتصادي والاجتماعي ويتم إحداث التغير في وظائف النظام آخذا بمبدأ التطور البطيء والإصلاح التدريجي. 2) من حيث مجالاته: وينقسم إلي نوعين: a. التخطيط الشامل: ويتضمن إعداد خطة تشمل كل قطاعات المجتمع وأوجه أنشطته على ما يتطلب ذلك من شمول الأهداف وتعبئة كافة الموارد والإمكانات وهذا النوع يحقق النمو المتوازن بين القطاعات وييسر اختيار البدائل. b. التخطيط الجزئي: وينحصر في وضع خطة وتنفيذها لقطاع واحد كالزراعة أو الصناعة أو التعليم، وقد يطبق لتبادل جانب معين كخطة التعليم الابتدائي. 3) من حيث ميادينه: وهي كثيرة غير أن أهمها أربعة ميادين لأنواع التخطيط هي: a. التخطيط الطبيعي: للمحافظة علي موارد البيئة وتنميتها من تربة ومياه ومناجم. b. التخطيط الاقتصادي؛ لزيادة الإنتاج في قطاعات الزراعة والصناعية.. الخ. c. التخطيط الاجتماعي؛ لتحقيق الأهداف الاجتماعية في الاستهلاك كالعناية بالصحة العامة ونشر الطب الوقائي وخدمات الإسكان. d. التخطيط الثقافي؛ لنشر الثقافة بين أفراد المجتمع من خلال وسائط ثقافية. 4) من حيث المستويات: ويتضمن ثلاثة أنواع: a. التخطيط القومي: يكون شاملاً لكل قطاعات الاقتصاد وجميع مناطق الدولة. b. التخطيط الإقليمي: لإقليم معين (محافظة)؛ لإيجاد التجانس بين أقاليم الدولة. c. التخطيط المحلي: للمجتمعات المحلية (مديريات) والوحدات الإنتاجية لتطويرها. 5) من حيث الأجهزة التي تقوم به: ويتخذ شكلين: أ) مركزي/ ب) لا مركزي/ a. التخطيط المركزي/ Centralization planning؛ ويقصد به وجود سلطةٍ مركزيةٍ؛ لجهاز التخطيط؛ يضع إطار الخطة وإصدار القرارات الأساسية. b. التخطيط اللامركزي/ Decentralization planning؛ ويقصد به أن يقوم جهاز التخطيط بمنح الأقاليم/الفروع؛ سلطة اتخاذ بعض القرارات لا مركزياً. 1-6- مشكلات وصعوبات التخطيط التربوي: 1-6-1- تواجه التخطيط مشكلات كثيرة أهمها( ): 1. نقص البيانات والإحصائيات. 2. نقص الأفراد المدربين على التخطيط التربوي. 3. الافتقار إلى الوعي التخطيطي. 4. ضعف كفاءة أجهزة التخطيط التربوي. 5. تغير الظروف أثناء تنفيذ أو قبل إعداد الخطة. 6. قلة المخصصات المالية لتنفيذ الخطة. 1-6-2- صعوبات تطبيق عملية التخطيط ( ): وهناك عقباتٌ وصعوباتٌ على مستوى التطبيق الإداري؛ قد تواجه التخطيط التربوي، وأهمها ما يلي: 1. قلة توزيع مسؤوليات التخطيط بصورةٍ واضحةٍ ومحددةٍ بين مختلف المعنيين. 2. ضآلة أو ندرة المعلومات والبيانات والإحصائيات اللازمة لإعداد الخطط. 3. افتقار المنظمة إلى كوادر بشريةٍ لإعداد الخطط. 4. عدم توافر المناخ الإداري والعوامل الإنسانية والسلوكية والفنية والمادية بشكل صحيح ؛ لأن التخطيط السديد يستلزم توافر بيئةٍ إداريةٍ صالحة. 5. صياغة الخطط على أسس غير مدروسة، أو أنها اعتباطيةٌ تؤدي إلى مقاومةٍ من القائمين على تنفيذها عند التطبيق. 6. عدم توافر الموارد المالية والوقت الكافيين لتنفيذ الخطة وإعدادها. 7. مقاومة العاملين للتغيرات التي قد تحدثها الخطة. 8. انشغال الإداريين بالمشكلات اليومية أكثر من اهتمامهم بالمستقبل.

خاتمة الفصل: تطرق الفصل الحالي إلى نشأة التخطيط والتخطيط التربوي (توطئة تاريخية)، وكذا إعطاء لمحةٍ عن التخطيط التربوي ونشأته في الدول العربية، وكان لا بد من التعريف ببعض مفاهيم ومصطلحات التخطيط التربوي، كما تطلب الأمر إيراد موجزٍ؛ لـكلٍ من (مبادئ وأهمية وأهداف ومبررات وخصائص ومرجعيات، وشروط وعناصر ومداخل وأقسام ومشكلات التخطيط التربوي)، وكل ذلك يعدّ تمهيداً لما ستتناوله الفصول القادمة من موضوعات التخطيط، والبدء بالتفكير الاستراتيجي كمدخل للتخطيط التربوي وهو ما سيتضمنه الفصل التالي.