مستخدم:سامي مبيض/ملعب
شكري القوتلي (21 تشرين الأول 1891-30 حزيران 1967)، زعيم سوري من دمشق، قاد الحركة الوطنية ضد الاحتلال الفرنسي وإنتخب رئيساً للجمهورية السورية ثلاث مرات، كانت الأولى في عام 1943 والثانية سنة 1947 والثالثة عام 1955. وقد شهدت رئاسته الأولى جلاء المستعمر الفرنسي عن سورية يوم 17 نيسان 1946. قاد شكري القوتلي بلاده خلال حرب فلسطين عام 1948 وقدّم دعماً لكثير من القضايا العربية، منها تأميم قناة السويس، وهو أحد مؤسسي جامعة الدول العربية وصانع جمهورية الوحدة مع الرئيس جمال عبد الناصر عام 1958. نال لقب "المواطن العربي الأول" من مصر وفي سورية يُعرف بلقب "أبو الجلاء".
الأسرة
عدلولَد شكري القوتلي في حي الشاغور يوم 21 تشرين الأول 1891 وهو سليل أُسرة عريقة جاءت من الحجاز واستوطنت دمشق في مطلع القرن الثامن عشر. عمل رجالها بالتجارة والزراعة، وعُرفوا بقاماتهم الطويلة وببيتهم القويّة، ولقبوا بالقوتلي.[1] كان والده محمود القوتلي من الأعيان وقد توفي عام 1914. وكذلك جده عبد الغني القوتلي، وهو من كبار المُسحنين في دمشق الذي قال عنه محمّد كرد علي في مذكراته: "قد تلد الولادة مثل عبد الغني القوتلي ولكن أعظم منه بالأخلاق وكرمه فلا."[2] وقد اشتهر من أبناء هذه العائلة الكريمة كلّ من حسن باشا القوتلي، رئيس غرفة تجارة دمشق في نهاية القرن التاسع عشر، ومحمّد سعيد باشا القوتلي، وكيل أعمال الأمير عبد القادر الجزائري، الذي حَضر افتتاح قناة السويس في مصر عام 1869، بدعوة من الخديوي اسماعيل.[3] أما والدة شكري القوتلي ناجية بنت محمد عطا القدسي فهي من العائلات الدمشقية العريقة التي يعود نسبها إلى النبي محمّد (ص).[4]
سنوات الدراسة
عدلدَرس شكري القوتلي القرآن الكريم بدمشق وتَعلم اللغة الفرنسية في مدرسة الأباء العازاريين بباب توما قبل أن بنتقل إلى مدرسة مكتب عنبر خلف الجامع الأموي، حيث نال الشهادة الثانوية.[5] وكانت مدرسة مكتب عنبر هي مُلكاً قديماً لعمه مراد القوتلي، الذي باعه إلى الوجيه اليهودي يوسف عنبر عام 1869.[6] أعجب القوتلي بسيرة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب وبرع في حفظ شعر المتنبي والفرزدق، كما حفظ القرآن الكريم عن ظهر قلب. سافر إلى اسطنبول عام 1908، ليلتحق بالمعهد الشاهاني الملكي، أرقى مدارس العاصمة العثمانية في حينها. وقد تخرج القوتلي منه عام 1913، حاملاً الشهادة العليا بالعلوم السياسية والإدراية.[7]
العمل السري ضدد العثمانيين
عدلعاد شكري القوتلي إلى دمشق وعَمل موظفاً في مكتب الوالي العثماني، وإنتسب سراً إلى الجمعية العربية الفتاة التي أنشأت في باريس على يد عدد من الطلاب العرب، بهدف تحرير البلاد العربية من الحكم العثماني والنهوض بالأمة العربية.[8] بايع الشريف حسين بن علي، قائد الثورة العربية الكبرى ضد الدولة العثمانية عام 1916، وقام بنقل السلاح والمال إلى ثوار الحجاز، فتم اعتقاله بأمر من جمال باشا، الحاكم العسكري لولاية سورية، وذلك بعد أن طَلب أحد المُعتقلين، شكري باشا الأيوبي، مساعدة القوتلي للخروج من السجن، قائلاً لإبنه أن شكري القوتلي هو مُعتمد حزب الفتاة بدمشق.[9] في المُعتقل، طَلب القوتلي من أحد الحراس إحضار شفرة صغيرة ضمن رغيف خبز، وقام بقطع شرايين يده اليسرى في محاولة إنتحار لكي لا يفشي أسماء رفاقه في الحركة الوطنية. وقد شوهدت دمائه تسيل من غرفته بالسجن وطُلب من الطبيب أحمد قدري، أحد قادة جمعية الفتاة المعتقلين في زنزانة مجاوزة، إنقاذ حياته.[10] نُقل القوتلي إلى المستشفى الحميدي في حي البرامكة، حيث قضى خمسة وعشرون يوماً، ليعاد فوراً إلى سجن خان باشا حتى إنتهاء الحرب العالمية الأولى وسقوط الدولة العثمانية في دمشق في نهاية شهر أيلول 1918.
نشاطه في المعهد الفيصلي
عدلوبعد خروجه من السجن، عاد شكري القوتلي إلى عَمله الحكومي وعُيّن مديراً لرسائل في ولاية دمشق بمعية الوالي علاء الدين الدروبي، وكان ذلك بعد تحرير البلاد من الحكم العثماني وإقامة حكومة عربية برئاسة الأمير فيصل بن الحسين، نجل الشريف حسين، في 3 تشرين الأول 1918.[11] انضم شكري القوتلي يومها إلى حزب الإستقلال الذي أنشأ على أنقاض الجمعية العربية الفتاة، والمنادي بتحرير الأمة العربية من أي استعمار أجنبي وتوحيدها ضمن حدودها الجغرافية الطبيعية.[12]
وقد كان حزب الإستقلال مُقرباً من الأمير فيصل، الذي بايعه السوريون ملكاً عربياً عليهم يوم 8 أذار 1920. ولكن العهد الفيصلي لم يستمر طويلاً وسقط إثر معركة ميسلون ضد الجيش الفرنسي في 24 تموز 1920. خُلع الملك فيصل الأول عن العرش وفُرض الإنتداب الفرنسي بقوة السلاح على كلّ من سورية ولبنان، تنفيذاً لما جاء في إتفاقية سايكس بيكو الموقعة خلال الحرب العالمية الأولى بين الحكومة الفرنسية ونظيرتها البريطانية. ومن أولى قرارات المندوب السامي الفرنسي هنري غورو كان اصدار قرار إعدام بحق شكري القوتلي، نظراً لناشطه القومي المعروف ومعارضته للحكم الفرنسي الجديد. هرب القوتلي إلى مصر وأقام في القاهرة كلاجئ سياسية، بدعوة من الملك أحمد فؤاد الأول.[13]
المؤتمر السوري الفلسطيني
عدلوفي مصر، اقترن شكري القوتلي بالسيدة بهيرة الدالاتي، بنت محمّد سعيد الدالاتي، أحد رفاقه في المعتقل أيام العثمانيين، وشارك في تأسيس المؤتمر السوري الفلسطيني، أول تنطيم سياسي ظهر في المنفى لتوحيد الوطنيين العرب في معارضة الإنتداب الفرنسي في سورية ولبنان، والبريطاني في فلسطين.[14] تم تأسيس المؤتمر في جينيف وقد ضمّ من السوريين، إضافة لشكري القوتلي، كلّ من الشيخ رشيد رضا، الرئيس الأسبق للبرلمان السوري، والصحفي خير الدين الزركلي، والحاج أديب خير، صاحب المكتبة العمومية بدمشق. وكان معهم أيضاً السياسي الدمشقي حسن الحكيم والدكتور عبد الرحمن الشهبندر، وزير الخارجية الأسبق في عهد الملك فيصل الأول.[15] رئيس المؤتمر الأمير ميشال لطف الله كان لبنانياً مسيحياً مُقرباً من الأسرة الهاشمية الحاكمة يومها في الأردن والعراق، وكان يعتمد على تمويل شهري لأعماله من الشريف حسين بن علي، قائد الثورة العربية الكبرى. ونظراً لعلاقته الطيبة مع الهاشميين، لم يستطع الأمير ميشيل لطف الله من الحصول على أي دعم مالي من الملك عبد العزيز آل سعود، العدو التاريخي للشريف حسين، فأوفد شكري القوتلي إليه، طالباً الدعم للمؤتمر السوري الفلسطيني.[16]
رفض الملك عبد العزيز دعم التيار المحسوب على الهاشميين، ولكنه قدم دعماً مالياً سخياً للقوتلي ورفاقه المستقلين عن الشريف حسين، مما أدى إلى نشوب خلاف عميق داخل المؤتمر السوري الفلسطيني، بين شكري القوتلي من جهة وكلّ من الأمير ميشيل والشهبندر.[17] كانت علاقة شكري القوتلي متيناً جداً بالملك السعودي، الذي كان القوتلي قد دعمه في معاركه ضد الهاشميين في الحجاز، وأرسل عدداً من المستشارين السوريين للمساهمة في تأسيس المملكة العربية السعودية، منهم الشيخ يوسف ياسين، ابن مدينة اللاذقية، الذي اصبح وزيراً لخارجية السعودية، والأطباء رشاد فرعون ومدحت شيخ الأرض، وكلاهما من دمشق.[18] انقسم المؤتمر السوري الفلسطيني إلى جناحين، الأول محسوب على السعودية، والثاني على الهاشميين. ضم الجناح الأول، إضافة لشكري القوتلي الأخوين نبيه وعادل العظمة، ومفتي القدس الحاج محمّد أمين الحسيني، ومحمد عزت دروزة، سكرتير الجمعية العربية الفتاة.[19]
العودة الى سورية ونشاطه في الثورة الوطنية الكبرى
عدلعاد شكري القوتلي إلى دمشق بعد صدور عفو فرنسي عنه والتحق بصفوف الثورة السورية الكبرى التي إنطلقت من جبل الدروز في حزيران 1925، بقيادة سلطان باشا الأطرش.[20] قام القوتلي ببيع أملاكه في الغوطة الشرقية لأخيه عادل القوتلي، واشترى بثمنها سلاحاً للثوار، وقد تولى مهام دفع رواتب دورية لهم، وصلت إلى ليرتين ذهبيتين في الشهر.[21] وقد وصلت قيمة تبرعات القوتلي إلى الحركة الوطنية يومها إلى نصف مليون ليرة ذهبية.[22] عمل أيضاً على جمع تبرعات للثورة السورية الكبرى من الجلايات العربية المقيمة في المغترب، بمساعدة صديقه الصحفي الفلسطيني محمّد علي الطاهر، والدمشقي محبّ الدين الخطيب وقائد حركة تونس الفتاة، عبد العزيز الثعالبي. كما سافر إلى مصر للاجتماع بسعد باشا زغلول، زعيم حزب الوفد، الذي قدم دعماً مالياً للثورة السورية الكبرى عن طريق شكري القوتلي.[23] نُفي القوتلي خارج البلاد مجدداً، بعد صدور حكم جديد بالإعدام بحقه وتدمير منزل أسرته بالشاغور، وعاد للعيش في القاهرة حتى صدور عفو فرنسي حديد سنة 1932، أمكنه من العودة إلى سورية.
تأسيس الكتلة الوطنية
عدلعند إنحسار الثورة السورية وهزيمة قادتها، التف عدد من السياسيين القدامى حول الرئيس هاشم الأتاسي، زعيم مدينة حمص، وقرروا تأسيس تنظيم وطني جديد لمحاربة الإحتلال بكافة الطرق السياسية والقانونية، لا العسكرية.[24] ولدت فكرة الكتلة الوطنية في تشرين الأول عام 1927 وانضم إليها شكري القوتلي فور عودته من مصر، ليتم إنتخابه عضواً في مجلسها الدائم، مع كلّ من سعد الله الجابري وجميل مردم بك وفارس الخوري وابراهيم هنانو.[25] وقد عمل مع فخري البارودي وجميل مردم بك على إدارة مكتب الكتلة في حي القنوات بدمشق، الذي قُدم مجاناً من قبل الوجيه الدمشقي أمين دياب.[26]
عمله في الصناعة
عدلومن أولى اسهامات القوتلي كان تأسيس معمل الكونسيروة لتمويل أعمال الكتلة الوطنية ودفع رواتب شهرية لعائلات المعتقلين والجرحى. كان ذلك في شباط 1932، وحمل المشروع الصناعي توقيع كلّ من توفيق قباني، مؤسس أول معمل ملبس في سوق البزورية، والحاج سليم الشلاح عضو مجلس إدارة غرفة تجارة دمشق، وصادق غراوي صاحب معمل شوكولا "غراوي،" إضافة طبعاً لشكري القوتلي، الذي اقترن معمل الكونسروة باسمه.[27]
حُدد رأس مال الشركة بثلاثين ألف ليرة عثمانية ذهبية، تم توزيعها على خمسة عشر ألف مساهم. جال القوتلي على كافة المدن السورية لبيع أسهم الشركة الجديدة بقيمة ليرتان ذهبيتان للسهم الواحد.[28] مع نهاية الثلاثينيات، وصل عدد موظفي وعمال شركة الكونسيروة إلى 200 وبلغ إنتاجها السنوي خمسة ًوعشرين طناً من المعلبات، يتم تصديرها إلى فلسطين ولبنان وإمارة شرق الأردن والحجاز ومصر.[29] رفض القوتلي بيع أسهم الشركة في أي مصرف أجنبي، وأصر أن يتم الاكتتاب العام إما في فرع دمشق من بنك مصر أو عبر البنك العربي، وكانت من عادته إهداء أسهم في شركة الكونسيروة لأصدقائه عند عقد قرانهم أو رزقهم بمولودٍ.[29] كما أنه كان يُرسل حوالي خمسين صندوق من منتجات الشركة في كل موسم لصديقه الملك عبد العزيز آل سعود وملك مصر فاروق الأول ورئيس وزراء العراق نوري السعيد.[30] ذهبت رئاسة مجلس إدارة معمل الكونسيروة للدكتور أحمد منيف العائدي، أحد مؤسسي كلية الطب في جامعة دمشق، ومعه رئيس الجامعة الدكتور رضا سعيد، وانتُخب مدني الحفار، تاجر مال القبان في سوق البزورية، نائباً لرئيس مجلس الإدارة. تم تداول أسهم شركة الكونسيروة في سوق البورص، أحد تفرعات سوق الحميدية، وذاع صيتها بشكل كبير في الأوساط الدمشقية، إلى درجة أن القاضي الشرعي في دمشق كان يخبر الناس عند توزيع ميراثهم بعد وفاة أحد الأقارب، بين المال النقدي أو وضع أموالهم في شركة الكونسيروة. استمرت شركة الكونسيروة في العمل من عام 1934 إلى أن تم تأميمها في بداية عهد البعث عام 1965.[29]
النشاط السياسي 1932-1936
عدلتوجه شكري القوتلي إلى القدس في نهاية عام 1931، ممثلاً عن الحركة الوطنية السورية إلى المؤتمر الإسلامي الذي دعى إليه صديقه الحاج محمّد أمين الحسيني. وفي دمشق، بدأ يفرض زعامته ونفوذه على الكثير من الأحياء القديمة، مثل الشاغور والقيمرية والقنوات، وقد جنّد العديد من قبضايات الأحياء لصالحه، مثل أبو عبده العشي وعبود الكدري وأبو على الكلاوي، مما أدى إلى نشوب خلاف وتنافس شديد على زعامة المدنية بينه وبين زميلة في الكتلة الوطنية جميل مردم بك. وعندما قرر الأخير المشاركة بحكومة الرئيس حقي العظم المحسوبة على الفرنسيين عام 1932، وقف شكري القوتلي في وجهه وقاد معارضة شعبية ضده، مطالباً مردم بك بالإستقالة.[31] وكان مدعوماً بهذا الطرح من شيوخ الكتلة هاشم الأتاسي وابراهيم هنانو، لأن مردم بك قرر المشاركة بالحكم دون التشاور مع مكتب الكتلة الدائم، أو أخذ موافقة قادته.[32]
الإضراب الستيني
عدلتوفي ابراهيم هنانو، وعيم حلب وأحد قادة الكتلة الوطنية في تشرين الثاني 1935، وشارك القوتلي في تشيعه مع قادة الصف الأول من الكتلة، حيث حصلت مواجهات دامية مع عناصر الشرطة، أدت إلى اعتقال عدد كبير من الوطنيين، كان على رأسهم فخري البارودي، نائب دمشق.[33] أطلقت الكتلة الوطنية إضراب عام في طول البلاد وعرضها، سمّي بالإضراب الستيني، وقد لعب شكري القوتلي دوراً محوريا فيه، مُنسقاً وممولاً وقائداً ميدانياً.[34] وفي 20 كانون الثاني 1936، تم اغلاق مكتب الكتلة الوطنية في دمشق ووضع كل من شكري القوتلي ولطفي الحفار ونسيب البكري تحت الإقامة الجبرية، كما تم تفي جميل مردم بك إلى شمال سورية وطرد فارس الخوري من عمادة كلية الحقوق في جامعة دمشق.[35]
أدى الإضراب الستيني إلى استقالة حكومة تاج الدين الحسني المحسوبة على الفرنسيين، وتعيين رئيس وزراء جديد، أكثر اعتدالاً وحياد، هو الوجيه الدمشقي عطا الأيوبي. قاد الأيوبي مفاوضات شاقة مع سلطة الإنتداب في بيروت، أدت إلى إنهاء الإضراب وفتح المتاجر، ودعوة وفد رفيع من زعماء الكتلة الوطنية إلى فرنسا للتفاوض على استقلال سورية ومستقبلها السياسي.[36] توجه الوفد إلى باريس يوم 26 أذار 1936 وكان برئاتسة هاشم الأتاسي وعضوية كلّ من سعد الله الجابري وفارس الخوري وجميل مردم بك. أما شكري القوتلي، فقد بقي في دمشق وعُيّن رئيساً للكتلة الوطنية في غياب هاشم الأتاسي، مسؤولاً عن متابعة مجريات الإنتفاضة التي انطلقت ذلك العام في فلسطين، بقيادة المفتي محمّد أمين الحسيني. قام القوتلي بمد المجاهدين الفلسطينيين بالمال والسلاح وأسس "لجنة الدفاع عن فلسطين،" التي جمعت خمسة الأف جنيه استرليني لصالح المقاومة الفلسطينية.[37]
توصل وفد الكتلة الوطنية إلى معاهدة مع رئيس الحكومة الفرنسية ليون بلوم، تعطي سورية استقلالها التدريجي على مدى خمسة وعشرون سنة، مع إمتيازات عسكرية وإقتصادية وثقافية للجمهورية الفرنسية داخل الأراضي السورية.[38] وفي أيلول 1936، عاد وفد الكتلة إلى دمشق رافعاً شعار النصر، فقدم رئيس الجمهورية محمّد علي العابد استقالته، فاسحاً المجال أمام إجراء إنتخابات نيابية ورئاسية مُبكرة. خاضت الكتلة الوطنية تلك الإنتخابات بكامل ثقلها السياسي، وفاز شكري القوتلي بمقعد نيابي ممثلاً عن دمشق. كما فاز هاشم الأتاسي برئاسة الجمهورية السورية، وكُلّف جميل مردم بك بتشكيل الحكومة الوطنية الأولى، التي عُيّن شكري القوتلي فيها وزيراً للدفاع والمالية.[39] كانت حقيبة الدفاع شكلية، لأن سورية لم تكن تمتلك جيش وطني بعد حلّ الفرنسيون جيشها الصغير إبان معركة ميسلون عام 1920.
القوتلي وزيراً
عدلرفض البرلمان الفرنسي التصديق على معاهدة عام 1936، بالرغم من تبنيها بالإجماع داخل البرلمان السوري، بحجه عدم استطاعة باريس التخلي عن نفوذها ومستعمراتها في الشرق الأوسط في ظلّ تنامي احتمال نشوب حرب عالمية جديدة في أوروبا. أُجبر رئيس الحكومة جميل مردم بك على السفر إلى فرنسا لتوقيع ملاحق إضافية للمعاهدة، فيها الكثير من التنازلات، وكان القوتلي ينوب عنه خلال غيابه المتكرر، بصفة رئيس وزراء بالوكالة. ولكن صدام حصل بينه وبين شكري القوتلي في شباط 1937، عندما أصر جميل مردم بك على تجديد عقود إقتصادية مع فرنسا، متعلقة بالتنقيب عن النفط وإعتماد البلاد على مصرف سورية ولبنان التابع للحكومة الفرنسية في باريس، بالرغم من معارضة وزير المالية شكري القوتلي. انتظر مردم بك سفر القوتلي إلى مكة المكرمة لأداء فريضة الحج، وقام بتمرير جميع تلك العقود المعلّقة. غَضب القوتلي من هذا التجاوز الصريح له ولصلاحياته، وقدم استقالته من الحكومة يوم 22 أذار 1938.[40] وفي بايان الاستقالة الذي وزع على الصحف ووكالات الأنباء، قال الوزير المستقيل أنه غادر الحكم لأسباب صحية، رافضاً إنتقاد جميل مردم بك لكي لا يضر بعهد الكتلة الوطنية.[41]
الحرب العالمية الثانية
عدلسقط عهد الكتلة الوطنية في صيف العام 1939، إثر فشله في تمرير المعاهدة وفي الحفاظ على منطقة لواء إسكندرون، التي تم ضمها إلى تركيا، وكان ذلك قبل أشهر قليلة من اندلاع الحرب العالمية الثانية في أوروبا. أُشيع يومها أن شكري القوتلي كان مؤيداً لألمانيا النازية، نظراً لكرهه الشديد لسياسات فرنسا الإستعمارية في الشرق الأوسط، وقد اجتمع مع عدد من الشخصيات النازية بدمشق، مما أدى إلى نفيه مجدداً خارج البلاد، بتهمة التعاطف مع ادولف هتلر.[42] سقطت باريس تحت قبضة الحكم النازي، وقاد الجنرال شارل ديغول مقاومة وطنية ضد الإحتلال الإلماني، بمساعدة رئيس وزراء بريطانيا ونستون تشرشل. وفي حزيران 1941، دخلت قوات الحلفاء إلى سورية لتحريرها من الحكم النازي، عبر الحدود الأردنية والفلسطينية، وتبعها الجنرال ديغول، الذي أعلن استقلال سورية في أيلول 1941، لكسب ود السوريين وحثهم على دعم مقاومته لألمانيا النازية.[43] ولكن ديغول رفض إنسحاب الجيش الفرنسي من سورية حتى إنتهاء الحرب في أوروبا، وعرض على هاشم الأتاسي العودة إلى الحكم. رفض الأتاسي هذا الطرح، بحجة عدم الإلتزام الفرنسيين بوعودهم وعهودهم عام 1936، فذهبت رئاسة الجمهورية للشيخ تاج الدين الحسني، المحسوب على فرنسا، والخصم التاريخي لهاشم الأتاسي وشكري القوتلي. توفي الشيخ تاج وهو في سدة الحكم يوم 17 كانون الثاني 1943، وأعلن عن إجراء إنتخابات رئاسية مبكرة ذلك الصيف، قرر شكري القوتلي خوضها، ممثلاً عن الكتلة الوطنية. وبعد حصوله على دعم من الرئيس هاشم الأتاسي، شكّل القوتلي قائمة إنتخابية لدخول البرلمان، مؤلفة من قادة الكتلة الوطنية بدمشق، التي حصدت 118 من أصل 120 صوت لصالحه داخل المجلس النيابي وأوصلته إلى سدة الحكم.
الرئاسة الأولى عام 1943
عدلمن تحت قبة المجلس التشريعي، ألقى شكري القوتلي خطاب لقسم يوم 17 آب 1943، ليصبح رابع رئيس للجمهورية السورية. وقد ذهبت رئاسة المجلس النيابي في عهده للرئيس فارس الخوري، وكُلّف سعد الله الجابري، زعيم الكتلة الوطنية في حلب، بتشكيل الحكومة الوطنية الأولى في عهد القوتلي. خاضت هذه الحكومة مفاوضات شاقة مع الفرنسيين، تزعمها الرئيس الجابري ووزير خارجيته جميل مردم بك، وسافر أعضائها إلى مصر للمشاركة بتأسيس جامعة الدول العربية عام 1944.[44] وقد حصل العهد الجديد على دعم مُطلق من الملك فاروق الأول، صديق الرئيس شكري القوتلي، ومن الملك عبد العزيز آل سعود، ولكن الأردن رفض التعاون مع الرئيس الجديد، وذلك بسبب معارضة الرئيس القوتلي لمشروع سورية الكبرى الذي نادى به الملك عبد الله بن الحسين، الطامع بحكم سورية منذ خلع شقيقه الملك فيصل الأول عن عرش دمشق عام 1920.[45] وقد حرص الرئيس القوتلي على فتح قنوات دولية للترويج لقضية استقلال سورية وجلاء كافة الجيوش الأجنبية عن أراضيها، في تشرين الأول 1943، أوفد وزير خارجيته جميل مردم بك إلى الكويت ومصر والعراق للحصول على دعم من قادة تلك الدول العربية، وبعث برسائل مماثلة إلى الرئيس الأميركي فرانكلين روزفلت والسوفيتي جوزيف ستالين والصيني تشانغ كاي شيك، ومذكراً بمادئ الحرية والعدالة التي كان الحلفاء يحاربون من أجلها.[46] وفي تموز 1944، استقبل الرئيس القوتلي فياتشيسلاف مولوتوف وزير خارجية الإتحاد السوفيتي بدمشق لتبادل السفراء مع موسكو، وتوجه إلى القاهرة لعقد أجتماع قمة مع زعماء الولايات المتحدة وبريطانيا، تم بدعوة من الملك فاروق.[47] كان الرئيسان فرانكلين روزفلت وونستون تشرشل عائدان من مؤتمر يالطاحيث قاما بوضع خارطة العالم الجديد مع نظيرهم السوفيتي جوزيف ستالين. نظراً لتدهور حالته الصحية، لم يتمكن الرئيس روزفيلت من حضور الاجتماع، وتم اللقاء بين شكري القوتلي وونستون تشرشل في القاهرة يوم 17 شباط 1945، بحضور الملك فاروق والملك عبد العزيز آل سعود وهيلا سلاسي، إمبراطور إثيوبيا.[48]
قمة القوتلي تشرشل
عدلفي هذا اللقاء التاريخي، والأول من نوعه لرئيس سوري، طلب تشرشل من القوتلي عقد مهادة مع فرنسا، فرد الرئيس السوري بالقول: "لن أعترف بفرنسا...ولن أمد لها يدي، ولن أتفق معها مهما كانت الأسباب والظروف. والله ثم والله لن أرتكب هذه الجريمة بحق وطني، ولن أرضخ لأي ضغط ولو أصبحت مياه البحر حمراء قانية." أجباه تشرشل: "لقد قُلت لك أن لفرنسا مصالح في بلادكم فاعملوا معها معاهدة ثقافية، وأنا كفيلها بكل ما تطلبون." فأجابه القوتلي: "ليس لها أملاك سوى دار واحدة في الصالحية بمنطقة الجسر الأبيض، وأنا مستعد أن أشتريها منها وأسكنها لأني لا أملك داراً للسكن في دمشق بعد أن أحرقت فرنسا داري ودار أجدادي وآبائي كما دمّرت الحي الدمقشي بأكمله الذي كان بيتنا فيه."[49]
إنضمام سورية الى الأمم المتحدة
عدلبعد العودة من مصر، أعلن الرئيس القوتلي في يوم 26 شباط 1945 الحرب على دول المحور (ألمانيا النازية وإيطالية واليابان)، في خطوة لافتة لكسب احترام الدول المنتصرة في الحرب العالمية الثانية، وهي الولايات المتحدة وبريطانيا والإتحاد السوفيتي.[50] وبعدها بأسابيع قليلة تم تبادل العلاقات الدبلوماسية بين سورية والولايات المتحدة، وقام الرئيس القوتلي بتعين الدكتور ناظم القدسي كأول سفير سوري في واشنطن. وعلى أثر ذلك التطور، تمت دعوة الجمهورية سورية لإنضمام رسمياً إلى منظمة الأمم المتحدة التي بدأت أعمالها في مدينة سان فرانيسكو الأميركية في أيار 1945. كان القوتلي قد بعث رسائل بهذا الشأن إلى رؤساء وملوك دول العالم، مطالباً إنضمام بلاده إلى الأمم المتحدة، وتم مناقشة طلبه داخل مجلس العموم البريطاني.[51] وللإسراع بخطوات إنضمام سورية إلى المنظمة الدولية، قام الوفد المصري بالتوقيع على الميثاق الأمم المتحدة، نيابة عن الجمهورية السورية، بالتنسيق بين الرئيس القوتلي والملك فاروق.[52] وقد عيّن الرئيس القوتلي صديقه القديم وشريك عهده رئيس الحكومة فارس الخوري رئيساً للوفد السوري المؤسس في الأمم المتحدة، ومعه نخبة من الشخصيات السورية مثل السفير ناظم القدسي والسفير فريد زين الدين والمحامي نعيم أنطاكي والبروفيسور قسطنطين زريق، أستاذ مادة التاريخ في الجامعة الأميركية في بيروت.[53]
العدوان الفرنسي عام 1945
عدلفي 19 أيار 1945، عقدت قمة سورية لبنانية في بلدة شتورا، قرر خلالها الرئيس القوتلي ونظيره اللبناني بشارة الخوري تجميد كافة المفاوضات مع الحكومة الفرنسية، مطالبين بتحديد فترة زمنية واضحة لجلاء قواتهم عن سورية ولبنان. ردت فرنسا بإرسال تعزيزات عسكرية إلى شواطئ بيروت ونقلها فوراً إلى دمشق، حيث نصبوا الحواجز والمتاريس في وسط العاصمة السورية. وفي الساعة السابعة من مساء من يوم 29 أيار 1945، بدأ العدوان الفرنسي على مدينة دمشق، عندما طُلب من عناصر حامية الدرك المرابطة على أبواب المجلس النيابي إنزال العلم السوري وتحية العلم الفرنسي بدلاً منه.[54] رفض السوريون فعل ذلك، فأُطلق الرصاص الحي عليهم، ودخلت القوات الفرنسية إلى داخل المجلس النيابي بحثاً عن رئيسه سعد الله الجابري، فلم تجده وأضرمت النار في مكتبه وقامت بقصف المبنى بالمدافع.[55] جاء أمر الهجوم على دمشق من الكولونيل أوليفيا روجيه، الحاكم العسكري للمدينة، المعين حديثاً من قبل الجنرال شارل ديغول، وقد نصت خطته على اعتقال كلّ من شكري القوتلي وجميل مردم بك وسعد الله الجابري، بصفتهم أعداء الجمهورية الفرنسية.
وخلال العدوان الفرنسي أُحرقت مناطق عدة في دمشق، منها سوق ساروجا الأثري أحياء في منطقة العمارة وقصفت قلعة دمشق التاريخية، إضافة طبعاً لتدمير البرلمان في شارع العابد.[56] جاء السفير البريطاني تيرانس شون إلى منزل الرئيس القوتلي في ساعة متأخرة من الليل وعرض عليه الخروج الآمن من العاصمة، مع كافة أفراد أسرته، قائلاً أن فرنسا تنوي اعتقاله من جميع رجال حكمه.[57] نهض القوتلي من الفراش، حيث كان يعاني من نزيف حاد بالمعدة، وصاح في وجه السفير البريطاني: "ألمثلي يقال هذا؟ أن لم أغادر دمشق ولن أغادر دمشق، وأريد أن تنقولي سريري إلى مدخل المجلس النيابي، لأستشهد من هؤلاء الأبطال."[58] ثم طَلب إحضار والدته وزوجته وأولاده إلى الغرفة وخاطب المندوب البريطاني قائلاً: "ما عندي أغلى من ديني ووطني وهؤلاء، فوالله لو قطعتم أصابعي بعد أن دمّر الفرنسيون بلدي، لن أوقع لهم ما يريدون."[58]
وقد أوفد سعد الله الجابري إلى مصر ليخطب أمام جامعة الدول العربية معلناً أن "مجزرة رهيبة بندى لها الجبين قد حدثت في دمشق." وبعدها بيوم واحد، صدر إنذار البريطاني صارم من لندن، حاملاً توقيع ونشتون تشرشل، مطالباً بالإنسحاب الفرنسي الفوري من سورية، دون أي قيد أو شرط، تلبية لرغبة الرئيس القوتلي.[59] فُرض وقف لإطلاق النار من قبل الإنكليز في 1 حزيران 1945 وبدأت فرنسا بالإنسحاب، حيث سلّمت الحكومة السورية كل المطارات والمواقع العسكرية، وتلاها تسليم جميع المستشفيات والمدارس والسجون، ومعها جزيرة أرواد وقلعة حلب وقلعة دمشق. وقد أعلن الرئيس شكري القوتلي يوم 1 آب 1945 عيداً وطنياً لتأسيس الجيش السوري الذي كان قد هُزم على يد الفرنسيين قبل ستة وعشرون سنة في معركة ميسلون.[60] وفي 17 نيسان 1946، أقيم عيد الجلاء الأول في سورية بمشاركة عربية واسعة، ورفع الرئيس شكري القوتلي علم بلاده فوق سماء دمشق، قائلاً أنه لن يرفع أي عَلم فوق هذه الراية إلا علم الوحدة العربية.[61]
تعديل الدستور السوري
عدلانتهت ولاية الرئيس القوتلي في عام 1947 ولكن حلفائه أصروا على بقائه في الحكم، بالرغم من تعارض ذلك مع المادة 68 من الدستور السوري، التي وضعت من قبل هاشم الأتاسي قبل عقود وحددت ولاية رئيس الجمهورية بأربع سنوات فقط، غير قابلة للتمديد.[62] تزعم مقترح تعديل الدستور كلّ من جميل مردم بك ولطفي الحفار وفخري البارودي وصبري العسلي، بصفتهم قادة في الحزب الوطني، اللذي ظهر على أنقاض الكتلة الوطنية بعد الجلاء.[63] وعارضهم في ذلك نواب حلب عن حزب الشعب، برئاسة ناظم القدسي ورشدي الكيخيا، ونواب الحزب العربي الإشتراكي، برئاسة نائب حماة أكرم الحوراني، ورئيس المجلس النيابي سعد الله الجابري ورئيس الحكومة الأسبق خالد العظم، الطامع بالرئاسة الأولى.[64] ومع ذلك، استطاع نواب الحزب الوطني من تعديل الدستور لصالح شكري القوتلي، ليتم إعادة إنتخابه لولاية رئاسية ثانية، تنتهي عام 1951. في الإنتخابات الرئاسية لعام 1947 حصل الرئيس شكري القوتلي على 123 من أصل 125 صوت داخل المجلس النيابي.
حرب فلسطين الأولى
عدلتوجه الرئيس القوتلي إلى أول قمة عربية عُقدت في مدينة أنشاص المصرية في أيار 1946 لمناقشة الأوضاع في فلسطين، ودعى جامعة الدول العربية لعقد مؤتمر خاص في بلدة بلودان لدعم القضية الفلسطينية. ووقف مندوب سورية في الأمم المتحدة فارس الخوري في وجه قرار تقسيم فلسطين الذي صدر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في نهاية شهر تشرين الثاني عام 1947، الذي قال عنه الرئيس القوتلي: "لن يمر ولن يقبل به العرب.[65]"
اندلعت المظاهرات العارمة في كافة المدن السورية ضد قرار التقسيم، وفتحت دمشق أبواب التطوع للجهاد في فلسطين، بأمر من رئيس البلاد. وبعدها قررت جامعة الدول العربية تأسيس جيش الإنقاذ لمحاربة العصابات الصهيونية، بقيادة الضابط فوزي القاوقجي، التي موّلت الحكومة سورية %25 من نفقاته العسكرية، وكان للرئيس شكري القوتلي الفضل في تأسيسه وتسميته.[66] وعند اعلان ديفد بن غوريون ولادة دولة إسرائيل يوم 14 أيار 1948، دخل الجيش السوري إلى ميدان المعركة، بقوة قتالية وصلت إلى ثلاثة الأف شخص، ولكن نتيجة الحرب لم تكن لصالح العرب، الذين هزموا مجتمعين في فلسطين.
إنقلاب حسني الزعيم
عدلوقع إنقلاب عسكري في دمشق ليلة 29 أذار 1949، بقيادة الزعيم حسني الزعيم قائد الجيش، الذي أمر بإعتقال الرئيس شكري القوتلي ورئيس وزرائه خالد العظم، بتهمة التخلي عن الجيش وعدم تسليحه بشكل جيد قُبيل حرب فلسطين. أودع القوتلي في سجن المزة العسكري ثم نُقل إلى مستشفى الشهيد يوسف العظمة بسبب تدهور حالته الصحية، ليتم اطلاق سراحة بعد قبوله للإستقاله من منصبه، عبر وساطة قام بها رئيس المجلس النيابي المُنحل فارس الخوري.[67] كَتب القوتلي نص الاستقالة بخط يده ووجها إلى الشعب السوري لا إلى قائد الإنقلاب حسني الزعيم، وجاء فيها: أدقم إلى الشعب السوري الكريم استقالتي من رئاسة الجمهورية السورية، راجياً له العز والمجد."[68] سُمح له مغادرة البلاد إلى منفى اختياري فتوجه مع أفراد أسرته بداية إلى سويسرا ثمّ إلى مصر، حيث حلّ ضيفاً على صديقه القديم الملك فاروق الأول. وبعد سنوات عدة، تبين أن إنقلاب حسني الزعيم تم بتخطيط وتمويل من وكالة الإستخبارات الأميركية، وكان هدفه التخلص من شكري القوتلي شخصياً الذي رفض توقيع إتفاقية مرور نفط شركة التابلاين الأميركية عبر الأراضي السورية، كما رفض توقيع إتفاقية هدنة مع إسرائيل، أسوة بباقي الزعماء العرب.[69] وقد جاء هذا الإعتراف على لسان ضابط الإستخبارات الأميركية المقيم يومها في دمشق مايلز كوبلاند في كتابه الشهير "لعبة الأمم" الذي صدر في الولايات المتحدة سنة 1970، بعد ثلاثة أعوام من وفاة القوتلي.
سنوات المنفى
عدلخلال سنوات المنفى التي قضاها شكري القوتلي في مصر، تعاقب على الحكم في سورية أربع عهود عسكرية: عهد الزعيم حسني الزعيم (أذار – آب 1949)، واللواء سامي الحناوي (آب – كانون الأول 1949)، والزعيم فوزي سلو (1951-1953) و أخيراً العقيد أديب الشيشكلي (1953-1954). بعد سقوط الأخير إثر إنقلاب عسكري في شباط 1954، أعُيد العمل بالدستور وعاد الرئيس هاشم الأتاسي إلى السلطة، التي كان قد غادرها طوعياً بعد إنقلاب الشيشكلي الثاني سنة 1951. وقد تغير الحكم في مصر أيضاً، بعد ثورة الضباط الأحرار على الملك فاروق ووصول جمال عبد الناصر إلى رئاسة الجمهورية عام 1954، خلفاً للواء محمد مجيب. قرر القوتلي العودة إلى سورية ووصل مطار دمشق يوم 7 آب 1954، ليعلن ترشحه لرئاسة الجمهورية، بعد انتهاء ولاية هاشم الأتاسي الثالثة والأخيرة. وخلال سنوات المنفى، كَتب الرئيس القوتلي مُقدمة كتاب عن نضال سورية الوطني ضد فرنسا، وضعه الصحفي سعيد تلاوي، صاحب جريدة الفيحاء الدمشقية.[70]
الولاية الثالثة
عدلحصلت الإنتخابات النيابية في سورية، ووزعت من خلالها معاقد البرلمان على الشكل التالي: 19 للحزب الوطني، 30 لحزب الشعب، 2 للحزب السوري القومي الإجتماعي، 17 لحزب البعث العربي الإشتراكي، ومقععد واحد للحزب الشيوعي السوري، ذهب لأمينه العام خالد بكداش. ترشح خالد العظم لرئاسة الجمهورية، وترشح ضده لطفي الحفار عن الحزب الوطني ولكنه سرعان ما سحب ترشيحه عندما عَلم برغبة شكري القوتلي بالعودة إلى المنصب.[71] وفي الإنتخابات الرئاسية التي تمت تحت قبة المجلس، فاز شكري القوتلي بالرئاسة الأولى، عبر نيله 91 صوت من أصل 142 صوت داخل المجلس النيابي، مقابل 42 صوت لصالح خالد العظم.[72] وفي 5 أيلول 1955، القى شكري القوتلي القسم الرئاسي، للمرة الثالثة في حياته، وبدأ العمل في ولايته الدستورية الثالثة والأخيرة.
اختار الرئيس القوتلي المحامي سعيد الغزي ليكون رئيساً لحكومته الأولى، قبل تولى صديقه المحامي صبري العسلي لهذا المنصب عام 1956، وذهبت رئاسة المجلس النيابي للدكتور ناظم القدسي عن حزب الشعب، ثم لأكرم الحوراني عن حزب البعث، وهو معارض قديم لشكري القوتلي. وفي حكومة العسلي، عُيّن صلاح البيطار عن حزب البعث وزيراً للخارجية، وهو مُقرب من جمال عبد الناصر، وأوتي باللواء عفيف البزرة، المحسوب على الحزب الشيوعي السوري، رئيساً للأركان الجيش. وقد توسعت سلطة المباحث في عهد القوتلي عن طريق العقيد عبد الحميد السراج، مدير المكتب الثاني في سورية، المحسوب أيضاً على مصر والإتحاد السوفيتي. وقد اتسم عهد القوتلي بالجنح إلى المعسكر الشرقي في الحرب الباردة، حيث تم تبادل العلاقات الدبلوماسية مع كلّ رومانيا وتشيكوسلوفاكيا وجمهورية الصين الشعبية، وسافر الرئيس السوري إلى موسكو في نهاية شهر تشرين الأول 1956 للحصول على دعم سوفيتي للرئيس جمال عبد الناصر خلال حرب السويس.[73] وفي زيارته إلى الكرملين، وهي الأولى من نوعها لرئيس سوري، خاطب القوتلي الزعيم السوفيتي نيكيتا خروتشوف بالقول: "أرسلوا الجيش الأحمر إلى مصر...ذلك الجيش العظيم الذي هزم هتلر!" [74] كما قامت سورية بقطع علاقتها مع كلّ من فرنسا وبريطانيا، احتجاجاً على العدوان الثلاثي، وأشرف عبد الحميد السراج على نسف أنابيب النفط البريطانية المارة عبر الأراضي السورية، دعماً لجمال عبد الناصر. وقد وقعت دمشق في عهد القوتلي سلسة من الإتفاقيات مع الإتحاد السوفيتي، أبرمها وزير الدفاع خالد العظم، مُنحت سورية من خلالها سلاحاً روسياً بقيمة 570$ مليون دولار، يتم تسديد قيمتها بالتقسيط عبر عائدات القمح السورية، على مدى 12 سنة. [75] وفي 12 آب 1957، تم الكشف عن مؤامرة أميركية لقلب نظام الحكم في سورية ووجهت أصابع الإتهام إلى الملحق العسكري الأميركي روبيرت مالوي والسكرتير الثاني هاوارد ستون والسفير جيمس موس، الذين طردوا على الفور من دمشق، فردت أميركا بالمثل وقامت بطرد الدكتور فريد زين الدين، السفير السوري من واشنطن.[76] وكان قرار الإطاحة بالرئيس القوتلي مجدداً قد اتخذ من قبل الرئيس الأميركي دوايت أيزنهاور، الذي اعتبر أن سورية في عهده قد اتخذت قراراً حاسماً بالوقوف مع الإتحاد السوفيتي في الحرب الباردة.[77]
الوحدة السورية المصرية عام 1958
عدلتوجه وفد من الضباط السورين إلى مصر يوم 11 كانون الثاني 1958، يقودهم رئيس أركان الجيش اللواء عفيف البزرة والملحق العسكري المصري عبد المحسن أبو النور، للمطابة بتوحيد سورية ومصر تحت راية الرئيس جمال عبد الناصر. ولم يبلغ أحداً منهم بإبلاغ الرئيس القوتلي أو وزير الدفاع خالد العظم.[78] تأخر الرئيس المصري في مقابلتهم، لأنه كان منشغلاً في استقبال رئيس إندونيسيا أحمد سوكارنو، وعند مقابلتهم سألهم جمال عبد الناصر عن موقف الرئيس شكري القوتلي من هذه الوحدة، مؤكداّ أن وحده دون سواه مخول بالتفاوض بإسم الشعب السوري والدولة السورية.[78] ولكن الرئيس السوري قرر دعم جهود هؤلاء الضباط، بدلاً من معاقبتهم على تمردهم، فأرسل وزير الخارجية صلاح البيطار لإعطائهم شرعية سياسية وفاوض رسمياً على الوحدة بإسم الرئيس القوتلي. اشترط عبد الناصر أن تكون الوحدة إندماجية لا فيدرالية، وأن تكون عاصمتها القاهرة وليس دمشق، مع شرط أخير ان يتم حلّ جميع الأحزاب السورية، فوافق صلاح البيطار دون تردد.[79] سافر الرئيس القوتلي إلى مصر للتوقيع على ميثاق الوحدة السورية المصرية في شباط 1958، بعد أخذ موافقة مجلس النواب، وتنازل طوعياً عن رئاسة الجمهورية العربية المتحدة لصالح الرئيس عبد الناصر، الذي كرمه بلقب "المواطن العربي الأول" وقال أنه "الوجه العربي المشرق لسورية."[80]
القوتلي ودع الإنفصال عام 1961
عدلقضى شكري القوتلي سنوات التقاعد متنقلاً بين دمشق والقاهرة وجينيف، وظلّت أخباره تتصدر الصفحات الأولى من الجرايد السورية، مما أزعج الرئيس جمال عبد الناصر، الذي استدعى وزير الثقافة والإرشاد القومي رياض المالكي، وأصدر أمر إداري بأن "الأضواء لا جيب أن تُسلط بعد اليوم إلا على شخص سيادة رئيس اجلمهورية، دون غريه من الشخصيات."[81] وقد ازدادت الهوة بين القوتلي وعبد الناصر عندما منع الأخير عزف النشيد الوطني السوري حماة الديار ومنع إقامة الإحتفالات بعيد الجلاء السوري يوم 17 نيسان، قائلاً أن للجمهورية العربية المتحدة عيد واحد فقط هو عيد ثورة يوليو.[82] وقد انفجر الخلاف بينهما عند اصدار عبد الناصر لقرارات التأميم في تموز 1961، التي اعترض عليها شكري القوتلي بشدة قائلاً: "أخاف على الوحدة التي صنعناها معاً يا أبا خالد، أخاف عليها من هذه القرارات الارتجالية والغير مدروسة.[83]" وقد سافر الرئيس القوتلي إلى القاهرة بطلب من غرفة تجارة دمشق، في محاولة إقناع عبد الناصر بالعدول عن التأميم، ولكن الرئيس المصري رفض المشورة.
وبعد أسابيع من وقوع إنقلاب الإنفصال الذي أطاح بجمهورية الوحدة يوم 28 أيلول 1961، أطل الرئيس القوتلي على شاشة التلفزيون السورية من سويسرا، حيث كان يتلقى العلاج، في خطاب متلفز كان الأول والأخير بالنسبة له، شنّ من خلاله هجومهاً عنيفاً على الوحدة والتجاوزات المصرية التي تخللتها. كان ضباط الإنفصال، بقيادة المقدم عبد الكريم النحلاوي، بفكرون بالطلب من شكري القوتلي العودة إلى الحكم للمرة الرابعة، مع الحكومة القديمة والمجلس النيابي القديم، وإعتبار أن عهد الوحدة لم يمر على سورية، ولكن الرئيس القوتلي رفض المشاركة بالعهد الجديد وظلّ متمسكاً بإعتزاله الشأن العام. وقد جاء في كلمته المتلفزة: "لقد كان في أساس الأخطاء كلها قاعدة واحدة: تأمين الأقلية وتخوين الأكثرية، وتسليط هيئات مصطنعة وأفراد على تنفيذ اشتراكية تعاونية لا يؤمنون بها، ولا يعملون من أجلها، ولا يفهمون أي مبدأ من مبادئ العدالة والتعاون، وكان كل مدار الثقة بهم أنهم حاقدون يكرهون الناس، ويتطيرون من وجوه الخير." أكمل القوتلي كلامه بالقول: "إننا لا تستورد المبادئ ولا نتسعير العقائد" مضيفاً أن الوحدة "لا تعني عملية ضم، والنظام الرئاسي لا يعني انعزال الراعي عن الرعية." وصف جهاز الحكم أيام عبد الناصر بانه كان "جلاد الشعب" وبانه "لو طال به الزمان لآل مصير الجمهورية كلها إلى مجموعة اقاليم يحكمها أفراد متنافرون. جهاز غريب عجيب، انبت للجسم الواحد عدة رؤوس, وللرأس الواحد عدة ميول ونزوات وشهوات."
كما تطرق إلى انعدام الديمقراطية في عهد عبد الناصر وقال:
"ولطالما شكا النواب المعينون لمجلس الأمة من عدم جدوى وجودهم تحت قبة المجلس، لأن ليس لهم من وظائف التمثيل النيابي سوى إقرار المشاريع التي كتبها موظفو الدولة والتصويت عليها برفع الأيداي الصامتة." ختم بماركة إنقلاب الإنفصال وقال: "كلمتي الأخيرة اليكم أنكم انتم وحدكم مسؤلون عن تقرير المستقبل، وأن القيادات في صفوفكم عناوين زائلة، وتبقون أنتم الشعب سطور البقاء والخلود. ولقد استطعت على خدمة نضالكم وجهادكم، مواطناً عادياً وجندياً مكافحاً، أكثر مما تيح لي أن أتوفر لهذه الخدمة الشريفة، رئيساً وحاكماً ومسؤلاً. وأن اعظم ما أطمح إليه عامل في الحقل العام، عانق القضية المقدسة منذ مطلع هذا القرن: فتى وشاباً وشيخاً أن يستحق استمرار الرضى عنه في صفوف المواطنين العاديين، مواطناً صالحاً وجندياً أميناً." [84]
حصلت قطيعة كاملة من يومها بين شكري القوتلي وجمال عبد الناصر استمرت حتى حرب حزيران 1967.
الوفاة
عدلتوفي الرئيس شكري القوتلي في بيروت عن عمر ناهز 75 عاماً يوم 30 حزيران 1967، وكان ذلك أثر تعرضه لذبحة قلبية عند سماعه لنبأ سقوط هضبة الجولان في يد اسرائيل. أُعيد جثمانه إلى دمشق مجللاً بالعلم السوري، بواسطة من الملك فيصل بن عبد العزيز، وخرجت جنازة شعبية مهيبة له لم تشهد مثلها مدينة دمشق ممن قبل، صاح خلالها المشيعون: "لا الله الا الله وشكري يك حبيب الله. الله يرحم شكري بك، الله يرحم سورية!" صلى على الرئيس السوري الأسبق في الجامع الأموي ووري الثرى في مدافن الأسرة في مقبرة الباب الصغير بدمشق.
تخليد ذكرى القوتلي
عدلأُطلق اسم الرئيس شكري القوتلي على شوارع رئيسية في كافة المدن السورية وفي القاهرة، وأصبح الشارع الذي يحمل اسمه في دمشق، الواصل بين ساحتي المرجة والأمويين، مقراً لمعرض دمشق الدولي ولعدد من الفنادق الفخمة. كما أطلق اسمه على الحي الذي كان يسكنه قبل إنقلاب عام 1949، الذي يُعرف من يومها بحي "الرئيس." وقد صدر كتاب عن حياته وجهاده في مصر عام 1959، حمل عنوان "شكري القوتلي: تاريخ أمة في حياة رجل" للصحفي السوري عبد اللطيف يونس، وتلاه كتاب ثاني في بيروت سنة 2003، للقاضي عبد الله الخاني، أمين عام الرئاسة السورية في عهد القوتلي، حمل عنوان "جهاد شكري القوتلي." ووضع المؤرخ السوري سامي مروان مبيّض كتاباً ثالثاً باللغة الإنكليزية عن حياة شكري القوتلي بعنوان "جورج واشنطن سورية" (بيروت 2005) إضافة لعمل تلفزيني عن حياة الرئيس السوري، لم يكتب له النجاح. ولكن شخصية شكري القوتلي ظهرت في العديد من الأعمال السينمائية والتلفزيونية السورية والعربية، منها مسلسل "هجرة القلوب إلى القلوب" للمخرج هيثم حقي، ومسلسل "نزار قباني" للمخرج باسل الخطيب، وفيلم "الليل" لمحمد ملص، الذي لعب فيه الفنان رفيق سبيعي دور القوتلي، وفيلم "جمال عبد الناصر" للمخرج أنور القوادري. واحتفظت عائلة الرئيس شكري القوتلي بمذكراته التي لم تُنشر حتى اليوم.
المراجع
عدل- ^ عبد الله الخاني (2003). جهاد شكري القوتلي، ص 19 (بالعريبة). بيروت: دار النفائس.
{{استشهاد بكتاب}}
: صيانة الاستشهاد: لغة غير مدعومة (link) - ^ محمد كرد علي (1948). مذكرات، الجزء الأول، ص 69. دمشق.
{{استشهاد بكتاب}}
: صيانة الاستشهاد: مكان بدون ناشر (link) - ^ عبد الغني العظري (1998). عبقريات من بلادي، ص 30. دمشق: دار البشائر.
- ^ عبد الله الخاني (2003). جهاد شكري القوتلي، ص 19. بيروت: دار النفائس.
- ^ عبد اللطيف يونس (1959). تاريخ أمة في حياة رجل، ص 25-26. القاهرة: دار المعارف.
- ^ سامي مروان مبيّض (2005). جورج واشنطن سورية، ص 11 (باللغة الإنكليزية). بيروت: دار الذاكرة.
{{استشهاد بكتاب}}
: صيانة الاستشهاد: لغة غير مدعومة (link) - ^ عبد اللطيف يونس (1959). شكري القوتلي: تاريخ أمة في حياة رجل، ص 25. القاهرة: دار المعارف.
- ^ محمد حرب فرزات (1955). الحياة الحزبية في سورية، ص 42-43. دمشق: دار الرواد.
- ^ كوليت خوري (1989–2015). أوراق فارس الخوري، الجزء الأول، ص 219.
{{استشهاد بكتاب}}
: صيانة الاستشهاد: تنسيق التاريخ (link) - ^ احمد قدري (1956). مذكراتي عن الثورة العربية الكبرى، ص 61. دمشق.
{{استشهاد بكتاب}}
: صيانة الاستشهاد: مكان بدون ناشر (link) - ^ يوسف الحكيم (1983). سورية والعهد الفيصلي، ص 36. بيروت: دار النهار.
- ^ محمد حرب فرزات (1955). الحياة الحزبية في سورية، ص 64-65. دمشق: دار الرواد.
- ^ عبد اللطيف يونس (1959). شكري القوتلي: تاريخ أمة في حياة رجل، ص 30. القاهرة: دار المعارف.
- ^ باتريك سيل (2010). الصراع على الاستقلال العربي، ص 181 (باللغة الإنكليزية). بريطانيا: جامعة كامبردج.
{{استشهاد بكتاب}}
: صيانة الاستشهاد: لغة غير مدعومة (link) - ^ فيليب خوري (1987). سورية والإنتداب الفرنسي، ص 236-237 (باللغة الإنكليزية). الولايات المتحدة: جامعة برنستون.
{{استشهاد بكتاب}}
: صيانة الاستشهاد: لغة غير مدعومة (link) - ^ فيليب خوري (1987). سورية والإنتداب الفرنسي، ص 235 (بالانكليزية). الولايات المتحدة الامريكية: جامعة برينستون.
{{استشهاد بكتاب}}
: صيانة الاستشهاد: لغة غير مدعومة (link) - ^ فيليب خوري (1987). سورية والإنتداب الفرنسي، ص 240 (باللغة الإنكليزية). الولايات المتحدة: جامعة برنستون.
{{استشهاد بكتاب}}
: صيانة الاستشهاد: لغة غير مدعومة (link) - ^ سامي مروان مبيض (2005). جورج واشنطن سورية، ص 63 (بالانكليزية). بيروت: دار الذاكرة.
{{استشهاد بكتاب}}
: صيانة الاستشهاد: لغة غير مدعومة (link) - ^ فيليب خوري (1987). سورية والإنتداب الفرنسي، ص 235 (بالنكليزية). الولايات النتحدة الامريكية: جامعة برينستون.
{{استشهاد بكتاب}}
: صيانة الاستشهاد: لغة غير مدعومة (link) - ^ جورج فارس (1957). من هم في العالم العربي، ص 7-8. دمشق.
{{استشهاد بكتاب}}
: صيانة الاستشهاد: مكان بدون ناشر (link) - ^ يوسف جبران غيث (1998). فخامة الرئيس شكري القوتلي. العراق: جامعة بغداد.
- ^ نصوح بابيل (1987). صحافة وسياسة، ص 222. لندن: دار رياض نجيب الريس.
- ^ رالف كوري (1998). صناعة وطني عربي مصري، ص 289 (بالانكليزية). لندن.
{{استشهاد بكتاب}}
: صيانة الاستشهاد: لغة غير مدعومة (link) صيانة الاستشهاد: مكان بدون ناشر (link) - ^ عبد الرحمن الكيالي (1958). المراحل في الإنتداب الفرنسي ونضالنا الوطني، الجزء الأول ص 185. حلب.
{{استشهاد بكتاب}}
: صيانة الاستشهاد: مكان بدون ناشر (link) - ^ فيليب خوري (1987). سورية والإنتداب الفرنسي، ص 247 (باللغة الإنكليزية). الولايات المتحدة: جامعة برنستون.
{{استشهاد بكتاب}}
: صيانة الاستشهاد: لغة غير مدعومة (link) - ^ فيليب خوري (1987). سورية والإنتداب الفرنسي، ص 248-249 (بالانكليزية). لندن: جامعة برينستون.
{{استشهاد بكتاب}}
: صيانة الاستشهاد: لغة غير مدعومة (link) - ^ سامي مروان مبيّض (2019). عبد الناصر والتأميم، ص 179. بيروت: دار رياض نجيب الريّس.
- ^ سامي مروان مبيّض (2019). عبد الناصر والتأميم، ص 181. بيروت: دار رياض نجيب الريّس.
- ^ ا ب ج سامي مروان مبيض (2019). عبد الناصر والتأميم، ص 179-181. بيروت: دار رياض نجيب الريس.
- ^ بدر الدين الشلاح (1990). للتاريخ والذكرى، 68. دمشق.
{{استشهاد بكتاب}}
: صيانة الاستشهاد: مكان بدون ناشر (link) - ^ سامي مروان مبيض (2005). جورج واشنطن سورية، ص 98 (بالانكليزية). بيروت: دار الذاكرة.
{{استشهاد بكتاب}}
: صيانة الاستشهاد: لغة غير مدعومة (link) - ^ سامي مروان مبيّض (2005). جورج واشنطن سورية، ص 98 (باللغة الإنكليزية). بيروت: دار الذاكرة.
{{استشهاد بكتاب}}
: صيانة الاستشهاد: لغة غير مدعومة (link) - ^ بيتر شامبروك (1998). الإمبريالية الفرنسية في سورية، ص 204 (باللغة الإنكليزية). لندن: دار اثاكا.
{{استشهاد بكتاب}}
: صيانة الاستشهاد: لغة غير مدعومة (link) - ^ عبد الغني العطري (1998). عبقريات من بلادي، ص 32. دمشق: دار البشائر.
- ^ فيليب خوري (1987). سورية والإنتداب الفرنسي، ص 460 (بالانكليزية). الولايات المتحدة الامريكية: جامعة برينستون.
{{استشهاد بكتاب}}
: صيانة الاستشهاد: لغة غير مدعومة (link) - ^ نجيب الأرمنازي (1953). سورية من الاحتلال حتى الجلاء، ص 99. بيروت: دار الكتاب الجديد.
- ^ فيليب خوري (1987). سورية والإنتداب الفرنسي، ص 538 (بالانكليزية). الولايات المتحدة الامريكية: جامعة برينستون.
{{استشهاد بكتاب}}
: صيانة الاستشهاد: لغة غير مدعومة (link) - ^ فيليب خوري (1987). سورية والإنتداب الفرنسي، ص 468 (باللغة الإنكليزية). الولايات المتحدة: جامعة برنستون.
{{استشهاد بكتاب}}
: صيانة الاستشهاد: لغة غير مدعومة (link) - ^ بيتر شامبروك (1998). الإمبريالية الفرنسية في سورية، ص 227 (باللغة الإنكليزية). لندن: دار اثاكا.
{{استشهاد بكتاب}}
: صيانة الاستشهاد: لغة غير مدعومة (link) - ^ رضوان الأتاسي (2005). هاشم الأتاسي، ص 246. دمشق.
{{استشهاد بكتاب}}
: صيانة الاستشهاد: مكان بدون ناشر (link) - ^ شكري القوتلي (1970). شكري القوتلي يخاطب أمته، ص 16-18. بيروت: مركز الوثائق المعاصرة.
- ^ فيليب خوري (1987). سورية والإنتداب الفرنسي، ص 571 (باللغة الإنكليزية). الولايات المتحدة: جامعة برنستون.
{{استشهاد بكتاب}}
: صيانة الاستشهاد: لغة غير مدعومة (link) - ^ باتريك سيل (2010). الصراع على الاستقلال العربي، ص 429 (باللغة الإنكليزية). بريطانيا: جامعة كامبردج.
{{استشهاد بكتاب}}
: صيانة الاستشهاد: لغة غير مدعومة (link) - ^ سلمى مردم بك (1994). أوراق سلمى مردم بك، ص 147. بيروت: شركة المطبوعات.
- ^ عبد الله الخاني (2003). جهاد شكري القوتلي، ص 41. بيروت: دار النفائس.
- ^ سلمى مردم بك (1994). أوراق جميل مردم بك، 125-135. بيروت: شركة المطبوعات.
- ^ سلمى مردم بك (1994). أوراق جميل مردم بك، ص 127. بيروت: شركة المطبوعات.
- ^ نصوح بابيل (1987). صحافة وسياسة، ص 224. لندن: دار رياض نجيب الريّس.
- ^ نصوح بابيل (1987). صحافة وسياسة، ص 224-225. لندن: دار رياض نجيب الريس.
- ^ عبد الله الخاني (2003). جهاد شكري القوتلي، ص 51. بيروت: دار النفائس.
- ^ سلمى مردم بك (1994). أوراق جميل مردم بك، ص 88-89. بيروت: شركة المطبوعات للتوزيع والنشر.
- ^ سلمى مردم بك (2003). أوراق جميل مردم بك، ص 88-89. بيروت: شركة المطبوعات للتوزيع والنشر.
- ^ سامي مروان مبيّض (2005). فولاذ وحرير، ص 464-466 (باللغة الإنكليزية). الولايات المتحدة.
{{استشهاد بكتاب}}
: صيانة الاستشهاد: لغة غير مدعومة (link) صيانة الاستشهاد: مكان بدون ناشر (link) - ^ كوليت خوري (1996). العيد الذهبي للجلاء، ص 71-73. دمشق: دار طلاس.
- ^ كوليت خوري (1996). العيد الذهبي للجلاء، ص 73-77. دمشق: دار طلاس.
- ^ دعد الحكيم (1999). مذكرات فخري البارودي، الجزء الثاني، ص 295-296. دمشق: وزارة الثقافة.
- ^ عبد الله الخاني (2004). جهاد شكري القوتلي، ص 54. بيروت: دار النفائس.
- ^ ا ب عبد الله الخاني (2003). جهاد شكري القوتلي، ص 54. بيروت: دار النفائس.
- ^ سلمى مردم بك (1994). أوراق جميل مردم بك، ص 220. بيروت: شركة المطبوعات.
- ^ سامي مروان مبيض (1998). سياسة دمشق والإنتداب الفرنسي، ص 212 (بالانكليزية). دمشق: دار طلاس.
{{استشهاد بكتاب}}
: صيانة الاستشهاد: لغة غير مدعومة (link) - ^ شكري القوتلي (1970). شكري القوتلي يخاطب أمته، ص 82. بيروت: مركز الوثائق المعاصرة.
- ^ خالد العظم (1972). مذكرات خالد العظم، الجزء الثاني ص 328. بيروت: الدار المتحدة.
- ^ محمد حرب فرزات (1955). الحياة الحزبية في سورية، ص 221-222. دمشق: دار الرواد.
- ^ خالد العظم (1972). مذكرات، الجزء الثاني، ص 328. بيروت: دار المتحدة.
- ^ سامي مروان مبيّض (2017). غرب كنيس دمشق، ص 228-235. بيروت: دار رياض نجيب الريّس.
- ^ بيني موريس (2009). 1948: تاريخ أول حرب عربية إسرائيلية، ص 85 (باللغة الإنكليزية). الولايات المتحدة: جامعة يال.
{{استشهاد بكتاب}}
: صيانة الاستشهاد: لغة غير مدعومة (link) - ^ نذير فنصة (1983). أيام حسني الزعيم، 137 يومً هزت سورية، ص 31. دمشق: دار الأفاق الجديد.
- ^ بشير العوف (1949). الإنقلاب السوري، ص 150. دمشق: مطبعة النوري.
- ^ مايلز كوبلاند (1970). لعبة الأمم، ص 46-60 (بالانكليزية). الولايات المتحدة الامريكية.
{{استشهاد بكتاب}}
: صيانة الاستشهاد: لغة غير مدعومة (link) صيانة الاستشهاد: مكان بدون ناشر (link) - ^ سعيد تلاوي (1950). كيف استقلت سورية، ص 1-3. دمشق.
{{استشهاد بكتاب}}
: صيانة الاستشهاد: مكان بدون ناشر (link) - ^ سامي مروان مبيّض (2019). عبد الناصر والتأميم، ص 287-319. بيروت: دار رياض نجيب الريّس.
- ^ نصوح بابيل (1987). صحافة وسياسة، ص 463. لندن: دار رياض نجيب الريّس.
- ^ باتريك سيل (1966). الصراع على سورية، ص 288 (باللغة الإنكليزية). لندن.
{{استشهاد بكتاب}}
: صيانة الاستشهاد: لغة غير مدعومة (link) صيانة الاستشهاد: مكان بدون ناشر (link) - ^ محمد حسنين هيكل (1987). قطع ذيل الأسد، ص 192 (بالانكليزية). الولايات المتحدة الامريكية.
{{استشهاد بكتاب}}
: صيانة الاستشهاد: لغة غير مدعومة (link) صيانة الاستشهاد: مكان بدون ناشر (link) - ^ خالد العظم (1972). مذكرات، الجزء الثالث، ص 5. بيروت: دار المتحة.
- ^ عبد الله الخاني (2004). سورية بين الديمقراطية والحكم الفردي، ص 200. بيروت: دار النفائس.
- ^ ديفد ليش (1992). سورية والولايات المتحدة، ص 138-139 (باللغة الإنكليزية). الولايات المتحدة.
{{استشهاد بكتاب}}
: صيانة الاستشهاد: لغة غير مدعومة (link) صيانة الاستشهاد: مكان بدون ناشر (link) - ^ ا ب عبد الله الخاني (2003). جهاد شكري القوتلي، ص 115. بيروت: دار النفائس.
- ^ عبد الله الخاني (2004). جهاد شكري القوتلي، ص 115. بيروت: دار النفائس.
- ^ خالد العظم (1972). مذكرات خالد العظم، الجزء الثالث ص 136. بيروت: الدار المتحدة.
- ^ رياض المالكي (1972). ذكريات على درب الكفاح والهزيمة، ص 242. بيروت: مطبعة الثبات.
- ^ سامي مروان مبيض (2019). عبد الناصر والتأميم، ص 28. بيروت: دار رياض نجيب الريس.
- ^ سامي مروان مبيض (2019). عبد الناصر والتأميم، ص 88. بيروت: دار رياض نجيب الريس.
- ^ شكري القوتلي (1970). شكري القوتلي يخاطب أمته، ص 451-466. بيروت: مركز الوثائق المعاصرة.