مستخدم:خالد حاجر/ملعب
حكم الديمقراطية في الإسلام
عدلمن ويكيبيديا، الموسوعة الحرة
(بالتحويل من مستخدم:خالد حاجر) اذهب إلى التنقلاذهب إلى البحث حكم الديمقراطية في الإسلام
من المسائل الشائكة جدا في عصرنا الحديث حكم الديمقراطية في الإسلام، فبين من يعتبرها الكفر البواح الذي لا جدال فيه، الذي وقعت فيه الأمة حديثا، وبين من يعتبرها الإسلام الصحيح كما نزل من رب العالمين.
قبل الحديث عن موقف الإسلام من الديمقراطية، ينبغي أن نعرف ماهي الديمقراطية أولا، فالذين يقولون أن الديمقراطية نقيض الإسلام إنما يستندون على تعريف الديمقراطية عند الغرب، والذين يرون أن الديمقراطية توافق الإسلام وأنها هي الوسيلة المتاحة حاليا لتحقيق الشورى، إنما يعرفون الديمقراطية بكونها الشورى التي فرض الله نظاما للحكم، لذلك لابد أولا من معرفة ماهي الديمقراطية قبل الحديث عن موقف الإسلام منها.
في هذا المقال سوف نعرف إن شاء الله:
1 ) ماهي الديمقراطية
عدلينقسم مصطلح الديمقراطية في اليونانية إلى كلمتين :
- ديمو : وتعني الشعب أو العامة
- وقراطية : وتعني حكم
فالديمقراطية إذن تعني حكم الشعب(1 )
الديمقراطية حكم الشعب بنفسه لنفسه، وهذا في مقابل كل أشكال الحكم الأخرى، سواء كانت الحكم الفردي المتغلب، أو كانت الحكم الديني، فالشعب هو صاحب السلطة العليا المطلقة، له أن يقرر ما يشاء أيا كان.
هذه السلطة المطلقة للشعب، هي التي جعلتنا نرى في الأمم الأكثر ديمقراطية أسوأ الأخلاق الفردية، حيث قرروا بعض القوانين التي تناقض الفطرة والأخلاق، مثل زواج المثليين، وترخيص الإجهاض، والربا والزنا، وغير ذلك، فكل ما أراده الشعب له الحق بتشريعه دون حسيب أو رقيب.
إن الديمقراطية بهذا التعريف تعني في القرآن اتباع أهواء البشر، قال ربنا عز وجل:
﴿ وَأَنِ احكُم بَينَهُم بِما أَنزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِع أَهواءَهُم وَاحذَرهُم أَن يَفتِنوكَ عَن بَعضِ ما أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيكَ فَإِن تَوَلَّوا فَاعلَم أَنَّما يُريدُ اللَّهُ أَن يُصيبَهُم بِبَعضِ ذُنوبِهِم وَإِنَّ كَثيرًا مِنَ النّاسِ لَفاسِقونَأَفَحُكمَ الجاهِلِيَّةِ يَبغونَ وَمَن أَحسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكمًا لِقَومٍ يوقِنونَ ﴾ (2 )
فالحكم بحسب هذه الآية، إما أن يكون بما أنزل الله، أو أن يكون بأهواء البشر، والديمقراطية هي التجسيد الفعلي الأهواء البشر.
وهي عين حكم الجاهلية لإنه إما إسلام يحكم فيه بما أنزل الله أو حكم جاهلي وهو ما كان بما سوى ما أنزل الله.
2 ) مبادئ الحكم الديمقراطي
عدلتنطلق الديمقراطية ابتداء من فكرة سيادة الشعب المطلقة، هذه السيادة تنزل حتى مستوى الفرد، فيصبح المرء سيد نفسه لا سلطة فوقه إلا سلطة الجماعة المتمثلة في القانون الذي تشرعه الجماعة.
هذا هو المبدأ الأساسي للديمقراطية، ويعبر عنه بمجموعة مبادئ حسب الإعلان العالمي بشأن الديمقراطية (إعلان معتمد في ختام المؤتمر البرلماني الدولي الثامن والتسعين (القاهرة، 11‐15 أيلول/سبتمبر 1997)
١- الديمقراطيــة هــي مبــدأ معتــرف بــه عالميــا :
وهــي هــدف يقــوم علــى القــيم المــشتركة للـــشعوب في المجتمع العـــالمي بأســـره، بغـــض النظـــر عـــن الفـــروق والاختلافـــات الثقافيـــة والسياسية والاجتماعية والاقتصادية. وهـي بـذلك حـق أساسـي للمـواطن ينبغـي أن يمـارس في ظـل منـاخ مـن الحريـة والمـساواة والـشفافية والمـسؤولية، مـع احتـرام التعـدد في الآراء ومراعـاة المصلحة العامة.
٢ – الديمقراطيـة مثـل أعلـى يـتعين الـسعي لبلوغـه :
وأسـلوب مـن أسـاليب الحكـم ينبغــي تطبيقـه وفقـا للأشـكال الـتي تجـسد لنـوع الخـبرات والخـصائص الثقافيـة، دون إخـلال بالمبـادئ والمعايير المعترف بها دوليا. وهي على هذا النحو حالة أو وضع يمكـن العمـل دومـا لاسـتكماله وتحسينه، ويتوقـف مـساره وتطـوره علـى مختلـف العوامـل الـسياسية والاجتماعيـة والاقتـصادية والثقافية.
٣ – تهــدف الديمقراطيــة أساســا :
باعتبارهــا مــثلا أعلــى، إلى صــون وتعزيــز كرامــة الفــرد وحقوقه الأساسية، وتحقيق العدالة الاجتماعية، ودعم التنمية الاقتصادية والاجتماعيـة، وتـأمين تماسك المجتمع وتلاحمه وتوطيد الاستقرار الوطني والسلام الاجتماعي، فـضلا عـن تهيئـة المنـاخ المناسب لإرساء دعائم السلام الدولي، وتعد الديمقراطية، بوصفها شـكلا مـن أشـكال الحكـم، أفضل السبل لتحقيق هذه الأهداف جميعا، كما أهنا تعتبر النظام السياسي الوحيد القـادر علـى التصحيح الذاتي.
٤ – إن تحقيق الديمقراطية يقتضي شراكة حقيقية بين الرجل والمرأة في إدارة شؤون المجتمع الذي يعملان فيـه علـى قـدم المـساواة وعلـى نحـو متكامـل
ممـا يكفـل لهمـا إثـراء متبـادلا نظـرا لما بينهما من اختلاف.
٥ – إن عمليـة الوصـول إلى الـسلطة وممارسـتها وتـداولها تفـسح المجال في ظـل الديمقراطيـة لمنافسة سياسية مفتوحة، نابعة مـن مـشاركة شـعبية عريـضة وحـرة ودون تمييـز، وتمـارس وفقـا للقانون نصا وروحا.
٦ – إن الديمقراطية لا تنفصم عن الحقوق المنصوص عليها في الوثـائق الدوليـة المـذكورة في ديباجة هذا الإعلان، مما ينبغي معه تطبيق هذه الحقوق تطبيقا فعـالا، علـى أن تقتـرن ممارسـتها بالمسؤولية الشخصية والجماعية.
٧ – تقوم الديمقراطية على سيادة القانون ومباشرة حقوق الإنسان. وفي الدولة الديمقراطيـة لا يعلو أحد على القانون، والجميع متساوون أمام القانون.
٨- يمثــل الــسلام والتنميــة الاقتــصادية والاجتماعيــة والثقافيــة شــرطا للديمقراطيــة وثمــرة مــن ثمارهــا؛ ومــن ثم، فــإن التــرابط وثيــق بــين الــسلام والتنميــة واحتــرام ســيادة القــانون وحقوق الإنسان.[1] (3 )
إن أي نظرة فاحصة للمبادئ الواردة أعلاه، يدرك صاحبها بلاشك أن الديمقراطية دين يقوم على أنه لا إله أعلى من الإنسان، فالإنسان هو القيمة الأعلى النهائية، ولذلك فلا فروق دينية أو أخلاقية أو ثقافية معتبرة، ولا يخضع الإنسان إلا لسلطة الجماعة والتي يعبر عنها بالقانون كما نص على ذلك المبدأ السابع.
3 ) أنواع الحكم الديمقراطي
عدلإن مفهوم الديمقراطية – أي الحكم للعامة – وتأليه الإنسان بحيث يعتبر القيمة الأعلى، يطبق واقعيا بنظم مختلفة كل نظام منها يمثل نوعا من أنواع الحكم الديمقراطي، وكلها تشترك في تجسيد روح الديمقراطية المتمثلة في سلطة الشعب.
هذه السلطة تترجم عمليا بثلاث سلطات متمايزة وهي:
السلطة التشريعية: في الدولة تشريع القوانين أو المصادقة على مشاريع القوانين المقترحة من السلطة التنفيذية، هو من اختصاص السلطة التشريعية وهذه السلطة يمثلها البرلمان المنتخب بالاقتراع المباشر
السلطة التنفيذية: ويوكل إليها تنفيذ القوانين الصادرة من السلطة التشريعية، والمصادقة عليها، ويمثلها الرئيس والحكومة
السلطة القضائية: ويوكل إليها حل النزاعات وفق القوانين الصادرة من الهيئة التشريعة، كما أنها مسؤولة عن مطابقة تشريعات البرلمان للدستور المصوت عليه من طرف الشعب
العلاقة بين هذه السلطات الثلاث تختلف من نظام لآخر، ومن ثم فإنه عدنا عدة أنواع من النظم الديمقراطية من أهمها:
- نظام الحكم الرئاسي:
في هذا النظام يختار الشعب من يحكمه عن طريق الاقتراع المباشر على رئيس الجمهورية في النظام الجمهوري، أو رئيس الوزراء في النظام الملكي
الرئيس يمثل إرادة الشعب وسلطته، وهو صاحب صلاحيات واسعة، فهو في هذا النظام أسمى تعبير لإرادة الأمة، ومن ثم فهو رئيس المجلس الأعلى للقضاء، وهو القائد الأعلى للجيش ويحق له حل البرلمان.
- نظام الحكم البرلماني:
في هذا النظام الشعب يحكم من خلال ممثليه في البرلمان، فهم الذين يمثلون أسمى تعبير عن إرادة الشعب، وإليهم يوكل اختيار الرئيس أو رئيس الوزراء.
هل استطاعت البشرية تحقيق مبادئ الديمقراطية
بعض النظر عن عدالة مبادئ الفكر الديمقراطي السابق ذكرها من عدمها، إلا أن واقع أقدم ديمقراطيات العالم وأعرقها يفرض طرح السؤال هل استطاعت البشرية تحقيق مبادئ الديمقراطية؟!
في الحقيقة تمثيل الأمة كلها في الحكم أمر لم تفلح فيه الديمقراطية حتى الآن، وذلك للعلاقة الوثيقة ما بين السلطة ورأس المال، فالذي لا يملك المال لا يستطيع أن يسمع صوته كناخب أو منتخب، ومن ثم فإن الانتخابات التي هي الوسيلة الديمقراطية للوصول إلى السلطة إنما تضع السلطة في يد رأس المال لا أكثر، فصاحب المال هو وحده من يستطيع الإنفاق بسخاء على الحملات الانتخابية ومن ثم فهو من يصل إلى السلطة.
إن الأنظمة الديمقراطية العلمانية هي أنظمة ديكتاتورية ولكن بشكل ناعم، حيث توصل صاحب المال إلى السلطة، فتزيد الغني سلطة ومالا، وتزيد الفقير فقرأ واحتياجا، ولا تسمح له إلا بالقدر الذي يمكنه من خدمة صاحب رأس المال
على المستوى الأمني عجزت النظم الديمقراطية عن تحقيق الأمن الاقتصادي والاجتماعي، حيث أن معدلات الجريمة لم تنفك في ازدياد في الدولة الأكثر ديمقراطية الولايات المتحدة الأمريكية على سبيل المثال.
على مستوى احترام حقوق الإنسان ( human rights )عموما والمرأة خصوصا تحول الإنسان في الأنظمة الديمقراطية الرأسمالية والعلمانية واقعيا إلى سلعة رخيصة نظرا لحاجة الفقراء المتزايدة تحت سطوة جشع أصحاب رأس المال، فتحولت المرأة من إم وزوجة وأخت إلى وسيلة دعاية معروضة على قارعة الطريق، وكأنها دمية خالية من أي روح.
إذن يمكننا القول نظرا للواقع والشواهد أن الديمقراطية التي قامت على تأليه الإنسان، كانت وبالا على الإنسان نفسه فقد حولته في ظل الرأسمالية إلى سلعة رخيصة، قيمته يحددها السوق.
4 ) حكم الديمقراطية في الإسلام
عدلنظرا لما سبق تفصيله من حقيقة الديمقراطية، ونظرا لماهية الإسلام يمكننا بوضوح استنتاج أن الديمقراطية دين يقوم على أنه لا إله أعلى من الشعب أي الشعب هو صاحب السلطة العليا، بينما في الإسلام الله عز وجل هو صاحب السلطة المطلقة، بحيث لا سلطة لأحد سواه سبحانه، ومن ثم فإنه لا تقاطع بين الديمقراطية والإسلام من حيث المبدأ.
إن الإسلام يقوم على مبدأ الإخلاص لله فلا يمكن أن تكون هناك سلطة لأحد سوى الله في الإسلام، ولذلك فالشعب في الإسلام ملزم بالخضوع المطلق لحكم الله تعالى، وليس له من الأمر شيء ولو كان مثقال ذرة ومن هنا كان لا تقاطع بين الإسلام والحكم الديمقراطي ويستحيل التوفيق بينهما
من حيث آليات الحكم فإنه من الطبيعي أن تختلف باختلاف المبادئ، فالإسلام ليس كالجاهلية وإليك بعض الفروق الأساسية:
- على مستوى حرية الفرد:
في الإسلام الفرد حريته مقيدة بالشرع، ولغيره حق تغيير ما يقع فيه من منكر إما بلسانه أو يده أو قلبه، بينما في الحكم الديمقراطي الفرد حريته لا يقيدها سوى القانون، وليس في القانون منكر أو معروف فضلا عن مفهوم النهي على المنكر والأمر بالمعروف الذي هو أحد آكد تكاليف الإسلام.
بمعنى أن الفرد في الإسلام أمره ليس خاصا به، فإذا فعل منكرا يجب على الآخرين تغيره بحسب استطاعتهم، مثلا أراد الفرد شرب الخمر على من يحيط به منعه من ذلك بقدر استطاعتهم، هذا في الإسلام
بينما من وجهة نظر الحكم الديمقراطي شرب الخمر أو أي منكر آخر لا يتعدى على حرية الآخرين، يسمى حرية فردية هو حق يكفله الدستور والقانون للفرد
- على مستوى التشريع:
في الإسلام التشريع حق إلهي بحت، وليس للإنسان سوى السمع والطاعة، أو العمل التنظمي في حدود ضيقة تركها الله للشورى.
بينما في الحكم الديمقراطي التشريع حق للشعب صاحب السلطة العليا، ويمارسه من خلال السلطة التشريعية التي تمثله، ولا يصبح القانون ملزما إلا بموافقة السلطة التشريعية عليه بغض النظر عن الحكم الديني حلال أم حرام.
للزيادة حول هذا الموضوع هذا المقطع المرئي يناقش الدستور الموريتاني أحد الدساتير التي وضعت لتكريس النظام الديمقراطي
- على مستوى الحاكمية:
في الحكم الإسلامي الحاكم مسؤول عن إقامة الدين وخدمته والحكم وفقا لشرع رب العالمين، بينما في الحكم الديمقراطي الحاكم ممثل للشعب، عليه تنفيذ إرادة الأمة، ولا علاقة له بالدين إلا بقدر ما يريده الشعب.
في حكم الإسلام السياسة ليست شأن العامة، ومن ثم فلا وجود لأحزاب سياسية أصلا، وليس هناك تداول للسلطة، لأن السلطة في الإسلام إنما هي لخدمة الدين وذلك عبر تنفيذ أوامر الله الثابتة وبالتالي لا حاجة لتغيير الحاكم الذي طاعته أصلا محدودة في المعروف.
بينما من أبرز سمات الأنظمة الديمقراطية التناوب السلمي على السلطة، وهو الدافع وراء تشكيل الأحزاب السياسية، فالكل طامع في مكسب دنيوي يحققه من وراء الحصول على السلطة والنفوذ.
- على مستوى الأخلاق والقيم
رأينا سابقا أهمية الأخلاق في الإسلام بحيث أن الإسلام إنما يتجلى في حسن الأخلاق والتي هي المعيار الذي يميز الناس فالصادق ليس كالكاذب، والأمين ليس كالخائن، والمؤمن ليس كالفاسق، وهكذا منظور الإسلام للقيم
بينما في الحكم الديمقراطي لا قيمة للأخلاق ويستوي الجميع، لا فرق بين الصادق والكاذب، والمؤمن والفاسق، ولا المجرم والصالح، كلهم سواسية أمام صناديق التصويت، صوت هذا، كصوت هذا ولا فرق
ملخص ما سبق أن الديمقراطية فكرة وآليات تناقض الإسلام مناقضة تامة بحيث لا نقاط تقاطع بينهما.
5 ) حجج المدافعين عن حكم الديمقراطية
عدليحاول من ينتسبون لما يعرف ب ” الإسلام السياسي ” إضفاء صبغة إسلامية على الديمقراطية باعتبارها أفضل المتاح، وهي خير من البقاء تحت النظم الاستبدادية.
يتركز الدفاع عن الديمقراطية عند هذا التيار على مسألتين وهما:
- a ) الديمقراطية هي الشورى
يحاول الإسلاميون – المنتمون لما يعرف بالحركات الإسلامية – المدافعون عن الديمقراطية تجاهل المبادئ التي قامت عليها الديمقراطية نظرا لكونها كفر صريح، والتركيز على كونها الوسيلة المتاحة والمباحة لتحقيق الشورى في واقعنا المعاصر وذلك من خلال الشبه التالية:
- أولا : أن الإسلام لم يحدد آلية للقيام بالشورى
- ثانيا : أنه من المباح شرعا استيراد الخبرات من الكفار ما لم تكن محرمة شرعا
- ثالثا : لقد قام عبد الرحمن بن عوف - بالطرق على بيوت أهل المدينة يستشريهم وبين عثمان وعلي رضوان الله عليهم، وهذا هو الاستفتاء المباشر بحسب هؤلاء
وعليه فإن الديمقراطية هي الآلية لتحقيق الشورى في واقعنا عندهم.
- b ) الرد على من جعل الديمقراطية هي الشورى
- أولا : إن الرد على من جعل الديمقراطية هي الشورى يكمن في الواقع نفسه، فنحن لا نأخذ من الديمقراطية غير الانتخابات، وإنما نأخذ – أو على الأصح يفرض علينا – الديمقراطية بلبها وقشورها، ولذلك هذا القول مناف للواقع يسعى صاحبه لإرضاء جمهوره المنادي بالديمقراطية .
- ثانيا : قولهم أن الإسلام لم يبين آلية الشورى فيه طعن مباشر في الإسلام الذي أمر بالشورى ولم يبين كيف نقوم بها، وربنا هو القائل:
﴿ وَيَومَ نَبعَثُ في كُلِّ أُمَّةٍ شَهيدًا عَلَيهِم مِن أَنفُسِهِم وَجِئنا بِكَ شَهيدًا عَلى هؤُلاءِ وَنَزَّلنا عَلَيكَ الكِتابَ تِبيانًا لِكُلِّ شَيءٍ وَهُدًى وَرَحمَةً وَبُشرى لِلمُسلِمينَ ﴾ (4 )
فتعالى الله عما يقولون علوا كبيرا وحاشاه أن يكون ترك أمرا مهما كهذا دون بيان.
إن الناظر في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو المكلف بالبلاغ المبين يرى بوضوح كيف قام بالشورى عمليا، فالشورى لا تكون إلا في الأمور الدنيوية التنظيمية التي لم ينزل فيها وحي.
- أما آلياتها فهي كالآتي:
يستشار أهل الرأي في المسألة التي تخصهم، أو من هم المعنيون بها أكثر من غيرهم، كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم حين استشار أبا بكر وعمر في أسرى بدر، وحين استشار شيوخ الأنصار في الصلح مع غطفان على نصف ثمار المدينة في غزوة الأحزاب.
فالمستشارون يتغيرون بحسب المناسبة، وليسوا مأجورين، ولا يمثلون إلا أنفسهم، فهم أحرار في آراءهم لا تهددهم شعبية انتخبتهم كما في الأنظمة الديمقراطية.
ولي الأمر له أن يختار من الآراء ما يراه الأصوب، وليس ملزما بأخذ كل الآراء، فرسول الله صلى الله عليه وسلم كان ينزل على أحد الآراء ولم يكن يخرج عنها.
إذن الشورى في الإسلام مبينة المجال والمستشارين وليست كما يقول هؤلاء.
وعليه فإن بقية الشبهات تسقط فهي تقوم على مبدأ أن الإسلام لم يبين الشورى.
إن هؤلاء يدعون أن لهم في فعل عبد الرحمن بن عوف بفرض صحته دليلا على جواز الاقتراع المباشر، وهو لو صح لما كانت لهم فيه حجة، لأنه:
- أولا ليس وحيا من عند الله ولا حجة في غير الوحي.
- ثانيا إن أهل المدينة يومها لا يمثلون إلا جزءا يسيرا جدا من المسلمين، ومن ثم فهو لم يقم الانتخابات التي تروجون لها.
- أخيرا إن الانتخابات التي هي آلية ديمقراطية تساوي بين المؤمن والكافر، والبر والفاجر، والعالم والجاهل، فكل هؤلاء متساوون أمام صناديق الاقتراع، وهذا يخل بالسنن الكونية حيث يساوي بين الشر والخير.
أما في الإسلام الأمر مختلف، فلا يستشار الفاجر ولا الفاسق، وإنما يستشار أهل الحل والعقد الذين يعرف عنهم العدالة ورجحان العقل.
- c ) الديمقراطية عكس الاستبداد
يروج تيار كبير من الإسلام السياسي للديمقراطية باعتبارها في جوهرها تعني العدالة والمساواة والحرية، وأنها عكس الظلم والاستبداد والطغيان، وعليه فإن الديمقراطية ليست فقط مباحة وإنما هي فرض في الإسلام أمر بها رب العالمين حين أمر بالعدل والقسط.
هذا الصنف الذي من أبرز قادته القرضاوي، لا يختلف في خطابه عند الحديث عن الديمقراطية مع الغربيين والعلمانيين، فكلهم يتشدق بالديمقراطية باعتبارها العدل المطلق وما سواها الظلم والجور.
- d ) الرد على من جعل الديمقراطية نظير الاستبداد
إنما قلناه في محاولتنا الإجابة على السؤال هل استطاعت البشرية تحقيق مبادئ الديمقراطية كفاية حيث أثبتنا أن النظم الديمقراطية هي أنظمة ديكتاتورية مستبدة ولكن بأدوات ناعمة، لذلك هؤلاء المدعون سواء كانوا غربيين أو محسوبين الإسلام السياسي يكذبهم الواقع.
من الناحية الفكرية لا يوجد أظلم من الشرك، والديمقراطية هي عين الشرك الصريح حيث تجعل من الشعب الرب الأعلى، لذلك من العبث والجهل وصف الديمقراطية بالعدالة وهي التي تقوم على عزل الإنسان عن خالقه، وتجعل من هوى الإنسان ربا مطاعا.
المراجع
عدل1- ويكيبيديا
2- المائدة: 49-
3- وثيقة الاتحاد البرلماني الدولي رقم 33 (الصادرة عن جمعية الاتحاد في دورتها 117) المعممــة أثنــاء الــدورة الثانيــة والــستين للجمعيــة العامــة، عمــلا بــالقرار 57/47 في إطــار البند 12 من جدول الأعمال.
4- النحل: 89
"تصنيف "
- ^ "وثيقة الاتحاد البرلماني الدولي: الذكرى العاشرة لاعتماد الإعلان العالمي بشأن الديمقراطية" (PDF). 10 أكتوبر 2007.