مستخدم:ترياقي/ملعب

علاج عِرق النَّسا

يقولون: "من المعاناة يولد الأمل". لكن إذا كانت هذه المعاناة هي ألمٌ غير مُتحَمَّل، يؤثر على حركتك ونشاطك، فقد يصعب عليكَ رؤية الأمل بالعلاج.

لكن حسبما أعي، فلطالما أنتَ هُنا عزيزي القارئ، فقد أتيتَ باحثًا عن هذا الأمل، لذا سندور حوله تفصيلًا اليوم.

تختلف الآلام في طبيعتها بين الأمراض المختلفة، وأهم ما يميز آلام الأعصاب هو كونها تشبه لسعة كهربية، أو وخزًا مؤلمًا، أو ضربًا بسكينٍ -كما يصف بعض المرضى-، وأحد هذه الآلام هو عرق النَّسَا.

ويشير عرق النَّسَا إلى الألم الممتد في العصب الوركي، والذي يبدأ في أسفل الظهر مرورًا بالفخذين ويصل إلى أسفل القدمين.

قد يظن البعض من الاسم أنه يصيب النساء فقط، لكنه يحدث لدى الرجال أيضًا.

في هذا المقال، نتحدث تفصيلًا عن علاج عرق النَّسَا، ما هي طرق علاجه المختلفة؟ وهل الجراحة هي الحل الأمثل له؟

لكن قبل أن نتناول العلاج، سنتحدث قليلًا عن أعراض عرق النَّسَا، وأسبابه، فتابع معنا القراءة.

ما هي أعراض عِرق النَّسَا؟

إذا كنتَ تعاني من عرق النسا، فغالبًا ستشعر ببعض الأعراض ممتدة على طول العصب الوركي أو الفخذي، منها:

• ألم: يظهر عِرق النَّسَا كألم مفاجئ وسريع، قد يكون مستمرًّا أو متقطعًا، يشَبهه البعض بلسعة كهربائية، فيبدأ من أسفل ظهرك -في الفقرات القطنية-، ويمتد إلى ساقك حيث تزداد حدته، حتى يصل إلى أسفل قدمك.
• خدَر: قد تشعر بخدَر في ساقك من شدة الألم؛ فقد يصاحب هذا الألم بعض التنميل، أو ربما تشعر بضعف عضلي فيها.
• يظهر في قدم واحدة: فعلى الأغلب تشعر بهذه الأعراض في أحد ساقيك، ونادرًا ما تظهر في الساقين معًا.
• يتأثر الألم بالحركة: قد يزداد الألم سوءًا بجلوسك، أو محاولتك الوقوف أو الانحناء أو الدوران، أو الوقوف لمدة طويلة، وربما يزداد مع العطس أو الكحة. وقد تتحسن هذه الأعراض بالمشي قليلًا.

لفَهم الأمر أكثر، دعنا نستعرض التكوين التشريحي لهذه المنطقة من العمود الفقَري؛ إذ تشمل:

• الفقَرات: وهي الأجزاء العظمية من العمود الفقري، تحمل وزن الجسم وتحمي النخاع الشوكي المار بالقناة الشوكية، وبها قنوات صغيرة تخرج منها تفرعات الأعصاب الشوكية المتصلة بأجزاء الجسم المختلفة.
• الأقراص: يُطلَق عليها الغضاريف، وتربط الفقرات العظمية ببعضها؛ فتعطي العمود الفقَري المرونة اللازمة للحركة في الاتجاهات المختلفة، كما تمتص الصدمات؛ فتحمي الفقرات من التحطم.
• بالإضافة إلى الأربطة التي تربط الفقرات ببعضها، والأوتار التي تربط العضلات بالفقرات.

لذا، فعرق النَّسا يتعلق بتهيُّج العصب الوركي المتفرع من النخاع الشوكي أسفل الظهر، مارًا خلال الفقَرات القطنية والعجزية، ثم بجانب أو خلال العضلة الكمثرية -التي تقع في عمق الأرداف-، حتى يصل إلى الجزء الخلفي من الساق وأسفل القدم.

لكن ما سبب هذا الألم؟

لا يُعد عرق النسا تشخيصًا بذاته، لكنه يظهر كعرض لأمراض أخرى، لذا من الضروري تحديد هذه الحالات المرضية، وذلك لاختلاف طريقة علاج عرق النسا تبعًا لسبب هذا الألم.

أسباب حدوث عرق النسا

قد يتهيج العصب الوركي نتيجة إحدى الحالات الآتية:

تنكس الفقرات القطنية، أو داء القرص التنكسي:

وفيه تتأثر الأقراص الفاصلة بين الفقرات العظمية، كما في حالة الانزلاق الغضروفي؛ فقد تتلف الغضاريف فتبرز بعض أجزائها الداخلية الناعمة، فتسبب تهيجًا للعصب الوركي.

تضيق القناة الشوكية القطني:

إذ يضيق الجزء السفلي من القناة الشوكية، فيسبب ضغطًا على الحبل الشوكي، وعلى الأعصاب المارة خلال هذا الجزء من العمود الفقري، فيسبب ألمًا بالغًا، وربما يؤثر على المثانة أو على وظيفة الأمعاء.

الانزلاق الفقاري:

إذ تنزلق إحدى فقرات العمود الفقري على الأخرى، والتي قد تحدث في بعض كسور الظهر.

التهاب المفصل العجزي الحرقفي:

وهو يربط الجزء السفلي من العمود الفقري بالحوض، ففي حالة التهابه يسبب ألمًا في أسفل الظهر، وربما يمتد إلى إحدى الساقين، أو كلتيهما.

تشنج العضلة الكمثرية:

كما ذكرنا فهذه العضلة تقع في عمق الأرداف، ويمر العصب الوركي بجانبها، فعند تشنج هذه العضلة، تضغط عليه وتسبب ألمَ عِرق النَّسَا.

وهناك أسباب أخرى تؤدي لحدوث عرق النسا؛ مثل الحمل، أو زيادة الوزن، أو النوم على مرتبة شديدة الصلابة أو شديدة المرونة.

لذا فالتشخيص الجيد لحالتك سيساعدك على اتباع العلاج المناسب لك، لتتخلص من هذا الألم سريعًا.

علاج عرق النسا

ربما تتوقع مع هذا الألم احتياجك للراحة، لكن على العكس تجد أن ألم عرق النسا يتحسن مع الحركة،

لذا سينصحك طبيبك باستمرار نشاطاتك اليومية قدر الإمكان.

كما يمكنك تجربة بعض هذه الطرق الأولية لعلاج عِرق النَّسَا:

الكمادات:

يمكنك استخدام الكمادات الباردة على مكان الألم إذا كان ملتهبًا أو متورمًا، خلال أول يومين إلى ثلاثة أيام من بداية الألم.

وبعدها يمكنك استخدام الكمادات الدافئة لتحسين تدفق الدم إلى مكان الألم، وتخفيف الألم بقدر كبير.

تمارين التمدد:

قد يساعدك إرخاء الجزء السفلي من ظهرك وعضلاتك على التخفيف من الألم. يمكنك اتباع الطرق الصحيحة لإرخائه بمساعدة أخصائي العلاج الطبيعي، أو ممارسة بعض تمارين اليوجا بشكل صحيح.

المسكنات:

يمكنك استخدام بعض المسكنات مثل: الباراسيتامول، أو الإيبوبروفين، والتي تُصرَف بدون وصفة طبية، للتخفيف من الألم والالتهاب.

التمارين الرياضية:

تساعدك ممارسة التمارين الرياضية على إفراز الإندورفينات بجسدك، وهي مواد تعمل كمسكنات طبيعية للألم، لذا حاوِل المداومة على بعض التمارين الخفيفة في البداية؛ كالسباحة، أو استخدام الدراجة الثابتة.

وبعدها يمكنك المداومة على تمارين أخرى أكثر صعوبة، فتساعدك على التمتع بلياقة بدنية جيدة، وتفادي تكرار الإصابة في المستقبل.

العلاج الطبيعي:

قد يوجهك طبيبك للمتابعة مع أخصائي العلاج الطبيعي، لتعليمك بعض التمارين التي تحسن من وضعية ظهرك، وتساعد على تقوية عضلاته.

عادة ما تتحسن الآلام البسيطة والمتوسطة لعِرق النَّسا في خلال ستة أسابيع أو أكثر قليلًا، لكن إذا لم يتحسن ألمك بهذه الطرق، فيمكن أن تلجأ لعلاج عرق النسا بأحد الطرق التالية:

العلاج بالأدوية:

قد يصف لك طبيبك روشتة لعلاج عرق النَّسا تحتوي على أدوية باسطة للعضلات، أو أحد العقاقير المخدرة كمسكنات للألم الشديد.

كما يمكن أن يصف لك أحد أدوية مضادات الاكتئاب؛ إذ تزيد مستوى الإندورفينات، فتساعد على تقليل الألم.

الحقن بالظهر:

هناك حلٌ آخر يمكن اعتباره من التدخلات الطبية عالية الخطورة؛ إذ تحتاج لدقةٍ شديدة، وهو الحقن بالكورتيكوستيرويدات -الستيرويدات القشرية- في أسفل الظهر.

إذ يتم حقنها في داخل القناة الشوكية مباشرة، لذا يقتصر استخدامها في حالات بسيطة؛ وذلك لخطورتها المُحتمَلة.

التدخل الجراحي:

يمكن اللجوء للتدخل الجراحي لعلاج عِرق النَّسا في حالة الآلام الشديدة، أو حدوث مضاعفات؛ كأن يؤثر على المثانة أو الأمعاء، كما يمكن إجراؤها إذا نَتَجَ عن عرق النسا ضعفًا في الأطراف السفلية بجسدك.

واحدة من أشهر العمليات الجراحية لعلاج عرق النسا هي عملية استئصال الديسك أو القرص، إذ يتم استئصال الجزء المتضرر من القرص أو الغضروف، والذي يسبب ضغطًا على العصب الوركي.

وقد تتم هذه العملية باستخدام الميكروسكوب، فيما يُعرف بالاستئصال المجهري للقرص أو الغضروف.

هل يمكن علاج عرق النسا بالأعشاب؟

يفضل البعض اللجوء للأعشاب كحَل أول للعلاج، لكن بالرغم من سهولة هذا الاختيار، إلا أنه قد ينتج عنه آثارًا جانبية غير مرجوة، أو قد يؤدي إلى تفاعلاتٍ غير مرغوبٍ فيها مع الأدوية؛ فيقلل من تأثيرها،

وربما يملك تأثيرًا ضعيفًا، فلا يكفي وحده كخطة للعلاج.

لذا إذا كنتَ ستلجأ لعلاج عرق النسا بالأعشاب، فلا تتردد في استشارة طبيبك أولًا، ليخبرك ما إذا كانت مناسبة لحالتك.

ومن الأعشاب الطبيعية المُستخدَمة في علاج عِرق النَّسا:

• الكركم: إذ له تأثير مضاد للالتهاب، ويقلل من الألم والتورم إذا كانت هذه المنطقة متورمة. يمكنك تناوله عن طريق الفم كمشروب أو في طعامك، أو استخدامه سطحيًّا كدهان أو معجون على الجلد.
• الثوم: يحتوي أيضًا على مضادات للالتهاب، كما يحسن من المناعة.

أخيرًا، أعلم أن صعوبة الألم قد تجعلك تشعر أنه لن يفارقك أبدًا، لكن اطمئن عزيزي القارئ؛ فتحديد سبب الألم، واختيار طريقة العلاج المناسبة، والكثير من الصبر، سيأخذونك إلى رؤية النور في نهاية النفق، وقريبًا ستستمتع بالراحة التي ترجوها، فَارتَقِب!

آلاء رفعت عمر

المصادر:

1. https://www.healthline.com/health/sciatica#treatment
2. https://www.webmd.com/back-pain/guide/sciatica-symptoms
3. https://www.mayoclinic.org/diseases-conditions/sciatica/symptoms-causes/syc-20377435
4. https://www.spine-health.com/conditions/sciatica/sciatica-treatment
5. https://www.verywellhealth.com/sciatica-natural-remedies-89308
6. https://www.herbal-supplement-resource.com/sciatica-remedies.html