مستخدم:بهوت/ملعب

تاريخ بهوت على ربوة ذات قرار مكين بين بلقاس ونبروه اخْتُطَّت بلدة بهوت قبل الإسلام بثلاثة قرون وسكنها قوم مصريون قبل الفتح العربى ورفعوا من أرضها على تلال عالية خشية الفيضان النيلى مذ كان يخط وسطها نهير أثريبتيك (1) Athribtique البنهاوي الذي يبدأ من بنها ويصب في البحر الابيض المتوسط بعد أن يكوّن دالًا من فرع sebennytique المعروف بفرع البُرُلّس قديما.. والأسانيد التاريخيه الغابرة تتناصر مع المصورات الجغرافيه التالدة، والأطلال الملموسة على أن بهوت كانت على الفرعين المذكورين آنفا، وها هو الضُّفَيْرى تنطق آثاره ويشهد عمقه قبل ردمه بانه كان أثارةً من الفرع البرلّسى القديم الذي طمست معالمه لأسباب نذكرها بعد. كما أن المستنقعات والبرك غربيّ أولاد على وبر الجزيرة، تؤيد البحث بانها بقية من فرع بنها.. وقد نطقت مصورات اسْترابون وبطليموس وبيكال وميشال الفرنسية -التي هى بين أيدينا الآن ولدينا مجموعه كبيره منها مهداة الينا من المغفور له الأمير عمر طوسون سنة 1935م إبَّان بحثى مديرية الشرقية واستخراج تاريخها- نطقت هذه المصورات بمرور هذين الفرعين على بهوت في العصور الأولى : وبقيت إلى القرن الخامس الهجرى.. ولم تُطمس معالمها في المصورات الإسلاميه إلا في الرسوم التى أبرزها النقيرى، الذى مسح الأراضى المصرية في القرن الثامن الهجرى.. وألفينا الفرعين قد زالا من الوجود في مصوراته وما بعدها، ومن البحوث التاريخية استدْلَلْتُ على أنه حدثت مجاعة مشفوعة بأزمة سنة 464هـ واتصلتا بالحروب.. وقد نطقت مصورات اسْترابون وبطليموس وبيكال وميشال الفرنسية -التي هى بين أيدينا الآن ولدينا مجموعه كبيره منها مهداة الينا من المغفور له الأمير عمر طوسون سنة 1935م إبان بحثى مديرية الشرقية واستخراج تاريخها- نطقت هذه المصورات بمرور هذين الفرعين على بهوت في العصور الأولى : وبقيت إلى القرن الخامس الهجرى.. ولم تُطمس معالمها في المصورات الإسلاميه إلا في الرسوم التى أبرزها النقيرى، الذى مسح الأراضى المصرية في القرن الثامن الهجرى.. وألفينا الفرعين قد زالا من الوجود في مصوراته وما بعدها، ومن البحوث التاريخية استدللت على أنه حدثت مجاعة مشفوعة بأزمة سنة 464هـ واتصلتا بالحروب الصليبية التي استمرت زهاء مائتى سنه .. وكان الصليبيون يهجمون على البلاد بسفنهم من البحر الأبيض المتوسط الذى لايبعد عن بهوت بأكثر من 20 ميلا.. وكانوا اذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزَّة اهلها أذِلَّة .. وقد هجموا على دمياط وضواحيها غير مرة، واستباحوها وسلبوها ونهبوها.. الأمر الذى كان عزيزًا على بهوت العربية، وأخواتها من جيرانها العرب.. فهُدمت دمياط سنة 648هـ بأمر المماليك(٢) خوْفا من انتهاك حرماتها.

وسبقتها بهوت وضواحيها فردموا معظم الفرعين البنهاوى والبرلسى وطمسوا معالمهما لأنهما كانا مصدر الخطر . وهم يعلمون أن في ذلك تقهقرا للحركه التجارية، وشلًّا للمواصلات.. ولكن السلامة في الرمضاء على التلال.. خير من المدنية تحت الظلال . "كذلك يضرب الله الامثال". ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (١) راجع مصورات بيكال الفرنسية ص ٢٦ (٢) المقريزى والفتوحات الاسلاميه وابن إياس، وتاريخ مصر الحديث ص313 ج1

جغرافية بهوت

عدل

اسم هذه القرية أُشتُقّ من اسم قبيلة عربية ولكن حُرّف آخر حرف فيه من ( الدال إلى التاء) لسهولة النطق في الزاوية القائمة المكونة من خطَّيْ 31 ْعرضًا نحو الشمال 30,5 ْ طولا نحو الشرق أُنشئت بهوت.. وبعبارة اخرى أنها في قطاع المثلث القائم الزاوية الناجم من خطَّيْ 30,5 ْ طولًا وعرضًا . وفى شمالها الآن بلقاس على بعد ثلاثة أميال منها، وفى شمالها الغربي الجرايدة على منأى خمسة أميال، وبيلا على هذا البعد من الغرب، وكذلك نبروه نحو الجنوب.. واقرب المدن الكبيرة إليها مدينة المنصورة على بعد أحد عشر ميلًا من الجنوب الشرقى., وبينهما صلة تجارية من القدم.. وان كانت بهوت منشأه قبل المنصورة بتسعة قرون.. كما انه بين بهوت وبين طنطا المستحدثة عنها، أواصر إدارية(١) عريقة.. واقرب المياه العذبة إليها بحر بلقاس المسْتَمَدّ من بحر "بسنديله" على بعد ثلاثة أميال من الشمال الشرقى لبهوت.. ومنه يتفرع معظم الترع التى تروى أراضها.. ثم يتجه هذا الريَّاح شمالا نحو بلقاس ثم ينعطف غربا نحو المعصرة وكفر الجرايده.. لسُقْيَا زراعتها . وفى هذا المنعطف تجرى ترع بهوت الشمالية لريّ أراضها الواسعة.. وقد انشئت في بهوت بضعة مصارف لصرف المياه المالحة.. وتجفيف المستنقعات وقد بُدئ في إنشائها من سنة1903م .. وتمكنت الأيدي العاملة من توصيلها إلى مصرف دِمِلَّاشْ رقم2 في الشرق.. ومصرف رقم3 المارّ على بلقاس ومصرف الشرقية رقم4 غرب البلد وهو أكبرالمصارف في أرض بهوت.. ويستوعب إصلاح معظم أراضيها.

(١) كانت بهوت ضمن مجموعة قرى مركز طلخا جزءًا من محافظة الغربية قبل أن تُفصل عنها وتُلحق بالدقهلية في عهد ثورة ١٩٥٢ (تعليق المحقّق).

الإدارة

عدل

كانت بهوت القديمة "كورة" تهيمن على ضواحيها، بيْد أنها كانت تستمد الأوامر من مصدرين كبيرين: دنيسيا نحوالجنوب ونقيزه في الشمال وهما مدينتان عظيمتان على مقربة من البحر الابيض المتوسط. ولم يبق منهما غير الأطلال الصامتة كما هو واضح في مصورات ميشال. وبقيت الادارة كذلك في الفتح الإسلامى. ثم خضعت لمقاطعة دسبولس بين فرعى النهر المذكورين آنفا.. وفى القرن الثالث من الهجرة عاد الإشراف عليها من نقيزة ودوسيا.. وبالرجوع للمصورات القديمة ألفيناها لم تتغير إدارتها في النصف الأول من القرن الخامس.. ولكنها حُولت إلى إدارة تمريز في النصف الثانى من ذلك القرن وتمريز كانت في تخوم الحامول على طريق بحيرة البرلس.. وفى القرن الثامن كانت الهيمنة عليها من سمنود بعد أن طُمست معالم فرعي النيل اللذين كانا يخطان وسط بهوت، للأسباب المذكورة آنفا.. وبقيت خاضعة لسمنود إلى منتصف القرن التاسع عشر الميلادى (منذ مائة سنه).. ثم اتجهت نحو بلقاس فبيلا فشربين فطلخا.. وكان سكانها 7235 نفسا.. ويدير شئونها العمدة بمعونة الخفراء وأول شيخ حكمها في القرن الماضى حاكم تركى ولم يفلح وخلفه الفقارى فحجازى شلوف فقراقيش ثم محمد إسماعيل سنة 1875م ثم تركزت عموديّتها في آل البدراوى :(المرحوم محمد باشا فعلى بك) ثم البسطويسى على من ١٩٠٧ إلى ١٩١٧ فالحاج حامد بدوى الى١923 فالمرحوم عبد المجيد باشا البدراوى وقد خلفه شقيقه الماجد محيى الدين باشا فالكريم الحاج عبد العزيز المغازى.. [ثم حسين البيلي]..

ويلحق بالبلد بضعة دساكر (عزب) أقدمها عزبة الخازندار وزمامها خاضع لبهوت ويملكها ورثة المرحوم ذى الفقار (خازندار) محمد على باشا بعد إسلامه.. وقد انجب المرحومين سعيد باشا وأحمد باشا وإبراهيم بك ذى الفقار وحفدتهم.. ومن الدساكر عزب ابى أحمد والعاصية والحدادين ومنشأة البدراوى التى يسيطر عليها سعادة السيد محمد باشا البدراوى وأنجاله.. وقد انشأوا بها مستشفى كبيرا 1946م.

المواصلات

عدل

مواصلات بهوت كانت ميسّرة في السفن التى كانت تجرى في فرعى بنها والبرلس مشحونة بالصادر والوارد، حتى كانت هذه البلد كورة لمعظم ضواحيها.. وكرسيًّا للحكم والإدارة.. ولما طمست معالم الفرعين المذكورين آنفا اضحت كغيرها من القرى حتى أول هذ القرن الميلادى، وقد اتسع نطاق العمران في البلد فطفق رجالها يستصرخون أولى الأمر في إمدادهم بالخطوط الحديدية. بيْد أن أولى ألامر كانوا لا يصيخون لشكواهم لأن بعض الرءوس المفكرة(١) كان يخشى انحلال الاخلاق وتدهور القوى بوجود السكة الحديد. حيث يتصل أفرادها بذوى السير السيئة، ويتنكبون الزراعة ويرغبون في الأعمال الحرة . وفى ذلك الزمن كنت ترى طريق نبروه متصل المرور وتسير فيه الجمال والحمير وعجلات الحمل مشحونه بالقطن والغلات إلى أقرب المواصلات. وأما اليوم فقد أصبحت السيارات تجتازها غير مرة في اليوم.. بعد أن كان أشق المسير بين نبروه وبهوت.. وأقرب المحطات إليها محطة منشأة البدراوى باشا على بعد ميلين من شمالها.. ولكن طريق نبروه مطروق أكثر وإن كان نائيا عن البلد بخمسة أميال . _______________________________ (١) إتضح فيما بعد أن الفكرة في إنشاء خط سكة حديد في منطقة نائية عن الكتل السكانية بعيدا عن بهوت المزدحمة بالفلاحين، كانت فكرة السيد بدراوى حتى لا يتحول الفلاحين عن الزراعة وينشغلوا بأعمال أخرى ويتصلوا بالعالم المتنوّر في المدن فيتمردون على الفِلاحة الشاقة. (تعليق المحقِّق).

أرضها

عدل

زمام بهوت يبلغ زهاء أحد عشرألف فدان.. وقد أصبحت من أخصب الأرضين المصرية. ولا سيما الإقطاعيات المعروفة بالعُهد، التى كانت مخصّصة لِجَوَارِى الخديوي إسماعيل(1)، مثل عُهدة جميلة، وسِرب ناس، وفلك ناس، ولُطْفيار، وبخْتيار، وزينب هانم ... الخ. وقد صارت أرض بهوت جميعها اليوم صالحة لزراعة القطن والقمح والذرة والأرز والثمار والخضراوات والأزهار ولا سيما بعدما أنشئ فيها من الترع والمصارف. وكان معظم الأرض بورا قبل سنة 1900 م من كثرة المستنقعات والأحواض الدوبالية التى لا تصلح للزراعة.. ويدل على ذلك أسماء أحواضها الكبرى مثل الغرَقْ والنُّقَرْ والسَّيَّاحْ التى كانت تدل دلالة اضحة على عدم صلاحيتها لزراعةٍ مَّا، كما شهدنا في طفولتنا.. بل كانت قبل ذلك مرتعًا للجاموس ومباءةً للبعوض. ويتخللها قِفار مِلْحِيّةٌ تعرف بالضَّهارى التى كان آخر عهدنا بها ضهراية القليِّنى سنة 1912م، وكانت مأوى المخاوف حتى وقت الظهيرة.. ولما تملَّكها المصلح الكبير جعلها جنات تجرى من تحتها الانهار. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) في آخر يونيه 1879م صدر الأمر العثمانى بإقالة الخديو إسماعيل. وقد تمكن قبل مغادرته البلاد من منح جواريه أرضا تختلف باختلاف بياضهن وسوادهن وكانت عهدة البيضاء مائة فدان والسوداء خمسين فدانا وكان عدد الجوارى السود 450 والبيض 400

إقْتصاد وعُمْرانيَات

عدل

فزعت الأمم والشعوب إلى الاتفاف حول نظرية مالتس malthus للتشاؤم من الحياة الإقتصادية في العالم.. وهرعوا إلى الأطباء والحكماء ورجال الاقتصاد لتحديد النسل وتجنيب ويلات المجاعة التى لا تنأى عن البلاد المضطربة بتنازع البقاء "ولنبْلونَكم بشئ من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات".. ولكنَّا لا نذهب مذهب مالتس الاقتصادى المتشائم.. ونؤكد لبهوت أنها في مأمن من هذا الهول، وأن حياتها سعيدة ميسرة إن شاء الله. ولا نفتى بما افتى به بعض رجال الدين من جواز تحديد النسل والله يقول: "وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها".. ويقول للعرب في الجاهليه "ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق (فقر) نحن نرزقهم وإياكم إن قتلهم كان خطئا كبيرا". على انه يحقق لكثير من الممالك الأجنبية أن يفزعوا ويجنحوا إلى النظريات المالتسية ويعتنقوا مذهبها إذا علموا أن أرضهم لا تفى بمؤنتهم؛ وهذه إنجلترا وسكانها أربعون مليوناـ وليس فيها أرض تزرع إلا نصف مليون فدان. وهى في أشد الحاجة إلى الاستعمار والسلب والنهب وخوْض غمار البحار لجلب القوت خشية الدمار.. ولقد قدر علماء الاقتصاد للفرد إنتاج نصف فدان ليفى بمؤنته طيلة العام وإذا طبقنا هذه القاعدة على الشعب المصرى أَلْفيْناهُ في حاجة إلى 30% من التموين الخارجى مالم يتوسعوا في تخصيب الصحارى لأن سكان البلاد المصريه 21 مليون نفس، والمزروع فيها ١/30 من أرضها أى سبعة ملايين فدان وهى إذن في حاجه إلى تكملة خارجية من التموين، وتتجلى هذه القاعدة في القرى التى يزيد سكانها على ضعف زمامها.. ولكنى أطمئن بهوت إلى ما بعد مئات السنين.. لأن سكانها نحو سبعة آلاف نفس وهم في حاجة إلى ثلاثة آلاف وخمسمائة فدان. ولكن الله منّ عليهم بأحد عشر ألف فدان وهى كفيلة بتموين اثنين وعشرين ألف نفس. ومع الإستقامه قد تفيض على ثلاثين ألفا إذا هم أدّوْا ما عليهم من الواجب والفرض "ولو أنَ أهل القرى آمنوا واتَقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض"

جيولجيا بهوت

عدل

(أو طبقات أرضها) Geology

هذا علم يبحث في طبقات ألأرض وتكوينها، وبالرجوع إلى المصور الجيولجي للوجه البحرى، رأينا أن بهوت كغيرها من بلاد الشمال معدودة من التكاوين الحديثة البيلوسية (طين الإبليز). ولهذا العلم اتصال وثيق بالحيوان والنبات والكيمياء والجغرافيا. وقشرة بهوت صلبة من الخارج صخرية من الباطن في الجهة الشمالية. ولقد شهدت وأنا يافع حفريات بها سنة 1903 في إنشاء مصرفها البحرى ورأيت طبقات أرضها.. ثم حُفرت أمامى قواعد أعمدة مسجد أولاد بدر الدين سنة 1904م، ورأيت طبقات أرضها لاتخرج عن بقية الوجه البحرى في نحو أربع طبقات متعاقبة متتالية التكوين.. كما هو معروف في الجيولوجيا.. أما صخريتها من الداخل فقد عرفتها وهم يحفرون لإنزال الرافعة (المضخَة) وقد يئسوا من أن تجتاز مواسيرها تلك الصخور.. كما يئست وزارة الأوقاف من مثل ذلك، بعد بنائه الأخير.. على أن ماء الجهة الشمالية ملح أجاج.. وفيه كبريت مطهر للجسم. وأما جنوب البلد فأرضها رخوة وماؤها عذب.. وإنى أرجِّح أن صخورها ألباطنية عروق من الصخر تصلبت بالحرارة المركزية من مواد معدنية.. بدليل أنها متباينة في نواحيها.. كما أرجِّح أن تحت تل بهوت هضبة صخرية لأن عوامل التعرية لم تؤثر فيها من قديم بل لا يزال مرتفعا عن الأرض بضعة أمتار، مع وجود عوامل التعرية موفورة في الشمال: من حرارة ومطر ورياح.. وأرجِّح أيضا أن زلزال عام 702هـ لم يؤثر فيها لأن قشرتها الأرضية لم تتقلص تحت مبانيها كغيرها من قرى الوجه البحرى، وأرى أن بهوت كانت أكبر من ذلك وأنها كانت ممتدة نحو الشمال فلقد شهدتُ في حفريات المصرف سنة 1903م مقبرة كاملة كانوا يستخرجون منها رفات الموتى وجماجمهم سليمة لولا ما أصابها من البِلَى والأملاح التى كانت تحيط بها.. ولعلها كانت تضاهى مقبرة النصارى في دِيَمَه قديمًا.. ولا بد من أن هناك مقبرة مجهولة بعد هذه.. ثم جاء الدور الثالث الذى كانت مقبرته غربى البلد بجوار السيد مجاهد.. ثم جُدِّدَت في الطور الرابع سنة 1901م نحو الجنوب في مكانها الآن.

وكان مصدرالمياه العذبة للبلد ترعة صغيرة تُعرف بالمصرب وقد طمست من عهد قريب.. وكانوا يستمدون المياه في أيام الجفاف من الآبار.. والآن تجد المياه النقية بالآلات الحديثه من بلقاس وقصر سعادة البدراوى باشا، ولا يصدون عنه صغيرا ولا كبيرا، وقد دخل مشروع المياه بها سنة 1955م بالمنازل والنَّواحى والحارات.

عروبة بهوت

عدل

نقَبتُ مَلِيًّا زهاء ثلث قرن في أصل بهوت وفى تسميتها بهذا الإسم المزعج.. وكثيرا ما كان يكيد لى بعض أصدقائى بقولهم بهوت من البُهتان وكنت أتحاشى الإنتساب إليها في بعض المواقف.. ولقد كان بينى وبين كثير من المؤرخين أمثال أحمد زكى باشا ومحمد بك رمزى ومحمد مسعود بك ـ كان بينى وبينهم حوار عنيف في هذه البحوث حتى اهتديت إلى ما يلى:

"بهود" قبيلة عربية كانت في الشمال الشرقى لجزيرة العرب.. وقد انضم بعض أفرادها للعرب في الفتح الإسلامى لمصرسنة 18هـ وكان المؤرخ أحمد زكى باشا يرى أن "بهود" محرّفة من "أبى هود" بالأحقاف شرقيّ أليمن.. واستدل على ذلك بالقبائل التى اختطَّت حوالى الفسطاط للفتح الإسلامي.. وكان فيها خطط حضرموت من حِمْيَرْ كما هو ثابت في القلقشندى(1) . وقد خالفته في الرأى لأن حِمْيَرْ لا تكسر أول المضارع كما هو في لغة بهوت اليوم.. ولأن التركيب المزْجيّ الذى أشار به بعيد النسب.. كما أن سمعة الحِمْيَرِيّين كانت ضعيفة في الفتح الإسلامى. على أن الترخيم والقَطَعَة في لغة بهوت ولم تعرف عن حِمْيَر، ولكنى تابعتُ البحث الجبّار في أُمَّهات التاريخ حتى وصلت إلى لُمْعَةٍ في قيد الأنساب (2) في المتمصِّرين من العرب والأعراب. وفيها: "وبهود من بطون طيئٍ العربية وقد وفَدَتْ مع العرب الفاتحين إلى مصر وأحبَّ بعضهم ريف البرارى وأقاموا به نحو الجنوب من وادى النسور." وبمراجعة تلك الخطط في الكندى والقضاعى والشريف النسابه وصبح الأعشى (٣) ، وجدت بطونًا من طيْءٍ وتميم قد أسهمت في الفتح العربى بمصر.. وهنا ألْفَيْتُ ضالتى المنشودة فإن قبائل طيْءٍ وتميم وبهرا من أصلٍ واحدٍ وهم يكسرون حرف المضارعة.. ولهم حكايات معروفة على ذلك في كتب الأدب(٤) ، ويعرف ذلك بالتكْتَكَه.. وبهوت وبِيَلا والجرايْده يكسرون أول الفعل كما يرخِّمون المنادى، بل يحذفون آخر بعض الأسماء فيما يعرف بالقَطَعَة(٥) ، وهذا شائع في هذه البلاد بالتوارث من طَيْء. وباقتفاء آثار الرسم يالمصورات وجدت في مصورات الممالك الإسلامية لمحمد بك واصف ما يكشف النقاب عن هذا اللبس، كما رأيت بين تميم وطيْء قبيلة ديرين ولعلها هى المشار إليها بأنها من أصهار بهود وقد نزحَتْ معها في الفتح الإسلامى. ثم تذكرت أغنية كانت زائعة في بهوت وإخوتها ينشدها العجائز للأطفال ومطلعها "حِدَيْ بْدَيْ منازل طَيّ..." فلماذا اختارت جداتنا "طَيّ" في هذه الأغنيه الأثرية..؟ إنها أغنية موروثة من ألوان الريديّة عند العرب، يترنمون بها تذكارًا لأرومتهم التَالدة.. ثم استرسلت في الجهاد البحثى حتى استضأْت بنبراس جديد يؤيد هذه الأدلّة في فتح دمياط سنة20هـ وهو ذلك النص: "ثم خرج شطا بن الهاموك إلى البرلس(٦) ودميرة وأشموم، فحشد أهل تلك النواحى وجعلهم مدَدًا للمسلمين في فتح تنيس (صان).. وإذا رجعت إلى المصورات رأيت أن بهوت وإخوتها في الطريق ما بين البرلس ودميره وكانوا في مقدمة فتح صان آخر المفتتحات الإسلامية. وأن هذه البلاد ـ بهوت وبيلا والجرايده ـ من قبيلة واحدة، كما كنا نسمع من آبائنا الأولين.. وأنهم من نسل كريم "ذريَة بعضها من بعض والله سميع عليم" ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) صبح الأعشى ص331ج3 (2) قيد الأنساب ص211 ج 2 (٣) صبح الأعشى ص333 ج3 (٤) المستطرف ص55 ج1 في الأجوبه المسكته (٥) الوسيط ص15 (٦) النجوم الزاهره والخطط المقريزيه ص74 ج1 والفتوحات الإسلاميه ص282، ومصر الحديثه ص97 ج1