محمد بن عبد الله بن علي الرشيد
محمد بن عبد الله بن علي الرشيد (المهاد) (1252هـ/1836م - 1314هـ/1897م)[2] خامس حكام إمارة جبل شمر في حائل وأول حاكم من أسرة آل رشيد على نجد وأطولهم مدة في الحكم وهو مهندس سقوط الدولة السعودية الثانية،[3] كان أميرًا للحج قبل توليه الحكم، وبعد أن أنهى نقل الحجاج إلى النجف في سنة 1289هـ/1872م، جلب معه قافلة تموين إلى حائل وفبها من قبيلة الظفير معهم إبلهم ينقلون التموين معه متعهدًا بحمايتهم، مما أثار غضب الأمير بندر الطلال الذي أمر بعدم التعامل مع قبيلة الظفير وألا يسمح لهم ولا لقوافلهم بدخول حائل، فأمر بقتلهم جميعًا مما أجبر عمه محمد أن يقتله قبل تنفيذ الأمر.[4] فتولى الحكم مكانه في إمارة حائل سنة 1289هـ/1872م، واستمر بالحكم إلى أن توفي سنة 1315هـ/1897م فكان مدة حكمه 27 سنة، وكانت إمارته كلها بركة على الناس.[5] بدأ حكمه باستعادة منطقة الجوف التي تمردت بعد مقتل بندر، ثم توسع شمالاً فأخذ وادي السرحان ومد نفوذه إلى تدمر، ثم إقليم حوران حتى وصل بصرى على بعد 70 ميلا من دمشق سنة 1297هـ/1880م.[6]
المهاد | ||
---|---|---|
محمد بن عبد الله بن علي الرشيد | ||
![]() |
||
معلومات شخصية | ||
الميلاد | سنة 1836 حائل |
|
تاريخ الوفاة | ديسمبر 1897 (60–61 سنة)[1] | |
مواطنة | شبه الجزيرة العربية![]() |
|
اللقب | المهاد | |
العرق | عربي | |
الأب | عبد الله بن علي الرشيد | |
الأم | سلمى بنت محمد بن عبد المحسن آل علي[2] | |
إخوة وأخوات | متعب بن عبد الله بن علي الرشيد، وطلال بن عبد الله بن علي الرشيد، ونورة بنت عبدالله بن علي بن رشيد | |
عائلة | آل رشيد | |
مناصب | ||
أمير (الخامس) | ||
1872 – ديسمبر 1897 | ||
في مكتب | إمارة آل رشيد | |
الحياة العملية | ||
المهنة | سياسي، وأمير، وقائد عسكري | |
الخدمة العسكرية | ||
الولاء | إمارة آل رشيد | |
المعارك والحروب | معركة عروى، ومعركة أم العصافير، ومعركة المليداء | |
تعديل مصدري - تعديل ![]() |
![](http://upload.wikimedia.org/wikipedia/commons/thumb/e/e1/Map_of_Emirate_of_Jabal_Shammar.jpg/220px-Map_of_Emirate_of_Jabal_Shammar.jpg)
واستغل محمد بن رشيد النزاع بين الأخوين عبد الله وسعود أبناء الإمام فيصل بن تركي آل سعود، فبدأ يتمدد نحو نجد بدءًا بالقصيم بالتحالف مع حسن آل مهنا أبا الخيل أمير بريدة سنة 1293هـ/1876م بعد أن منعا سلمًا عبد الله الفيصل من حصار بريدة، ثم تمكن الحلف من فصل المجمعة عن ابن سعود واخضاعها لحكم ابن رشيد،[7] فحاول محمد بن سعود وقف تمدد ابن رشيد في نجد، ولكنه انهزم في معركة عروى سنة 1300هـ/1883م.[8] وكذلك تعرض الإمام عبد الله للهزيمة في معركة أم العصافير، فدخلت الوشم وسدير تحت حكم ابن رشيد.[9]
وهو (صاحب مقولة:كل حكم له صوله وجوله .. وحكم غير حكم الله يزول).[10]
البداية
عدلولد في حائل سنة 1252هـ/1836م في فترة الحملة المصرية الثانية على نجد بقيادة إسماعيل بك وخالد بن سعود. وأخواله آل علي حكام جبل شمر، فأمه هي «سلمى بنت محمد بن عبد المحسن آل علي».[2] وأمها شماء أو «شمة» بنت عيسى العُنَين من القوعة من آل ريا من الجعفر. وتمكن من تعلم القرآن والتجويد ومبادئ القراءة والكتابة والرماية وركوب الخيل والحرب.[11] ووصفه مقبل الذكير وآن بلنت وغيرهما من الرحالة الأوروبيين:«بأنه مربوع القامة، إلى الطول أقرب، نحيف الوجه، في وجهه بعض الجدري، وجنات غائرة وشفتان دقيقتان. وعينان عميقتان ونفاذتان، ولحية سوداء خفيفة. معتدل الجسم لا نحيف ولا سمين، ولونه أيضا معتدل».[12][13][14] وكان كثير المغازي وأغلبها على قبيلة عتيبة لأنهم لم يألفوه ولم يعطوه الطاعة، ومع ذلك فقد مدح عتيبة سنة 1311هـ/1894م عندما نزل على البرجسية من ضواحي الزبير فذم أهل الزبير قائلاً:تعدون أنفسكم مثل عتيبة طوال الإيمان، عتيبة الذبن صبحتهم سبعة وأربعين صباح، يوم نأخذهم ويوم يكسرونني ويقلعون خيلي.[15] وكانت أكثر سنين حكمه رخاء في الأسعار ورغد في العيش وكثرة في الأمطار. أما صفاته فقد كان في حكمه عادلا وعاقلاً وحليمًا، لا يبدأ بالشر إلا من بدأه به، ويحب الوفاء بالعهود وبعطي الأمان ولا يغدر، وكان شهمًا شجاعًا ملهمًا لنطق الصواب، قوي الحجة كثير الصفح والعفو عن المجرم، والحق يقال أنه غرة بيضاء في جبين حكام آل رشيد.[16] وكانت له ثلاث طرائق للتغلب والاستيلاء وهي:«الكرم والسيف والارهاب».[17]
أعماله قبل توليه الحكم
عدلأول بداية محمد آل رشيد كانت مشاركته في قوات قادها عمه عبيد بن رشيد في حملة محمد بن فيصل ضد عنيزة في شعبان 1278هـ/فبراير 1862م، والتي استمرت أكثر من عام.[18] وفي سنة 1283هـ/1867م تولى إمرة الحجيج بعد أخيه متعب الذي تولى منصب إمارة حائل بعد وفاة طلال، وقيل أن محمد بن رشيد لم يطلب إمارة الحاج إلا في ولاية الأمير بندر الطلال سنة 1869م.[19]
تصالحه مع بندر بن رشيد وعودته
عدلبعد أن قتل بندر الطلال عمه متعب بن عبد الله نصب نفسه حاكماً لحائل في 1869م وكان عمره آنذاك 20 عامًا.[20] وكان محمد عم بندر وقتها وافدًا في الرياض على الإمام عبد الله بن فيصل بن تركي آل سعود ومعه هدايا الجبل، فلما بلغه الخبر غضب وقرر البقاء في الرياض متحججًا طلب العلم، ولكن كان السبب الرئيس لبقائه هناك هو وجود عمه الأمير عبيد في حائل ولم يرغب بالتصادم معه، وتشير مصادر إلى أن لعبيد يدًا في مقتل متعب، لذا فقد بقي في الرياض مدة سنة كاملة.[21][22]
قرر بندر بالسير على سياسة أبيه طلال وتقريب عمه عبيد إليه (وقد أضحى طاعنًا في السن) طمعاً في هيبته وسلطته المعنوية على بقية أفراد الأسرة. إلا أن وفاة عبيد سنة 1286هـ/ أواخر 1869 قد أفقده السند في مواجهة بقية أفراد الأسرة، وأخطرهم كان عمه محمد العبدالله الموجود في الرياض، فخاف بندر من أن يساعد الإمام عبد الله عمه محمد عليه، فتوجه بهدية إلى الإمام وأتاه واعتذر إليه عن قتله لمتعب، وطلب منه التوسط لدى عمه،[23] فاجتمع به وقال له:أنت عمنا وخليفتنا في أبينا، وأن أردت الأمر فأنا أعاهدك أن الأمر لك وأنا خادمك. فرد محمد: لاأريد هذا الأمر، فهو لأبيكم ولكم، ولكن أريد إمارة الحاج. فاتفقا بينهما في حضور الإمام عبد الله على التالي:
استيلائه على الحكم
عدلبعد عودة محمد إلى حائل واستلامه منصب حماية الحاج، جرت الأمور هادئة حيث بندر رجل أخلاقه حميدة، ولكن إخوانه تنكروا لعمهم وغيروا أحوال بندر وأخافوه من عمه. وسرعان ما اندلع النزاع بينهما، حين أصدر الأمير بندر الطلال أمراً للجميع بعدم التعامل مع أي فرد من قبيلة الظفير وألا يسمح لهم ولا لقوافلهم بدخول حائل. وكان الأمير بندر يعلم بأن لعمه محمد تجارة من العراق، وأنه يستأجر إبلاً لينقل البضاعة من العراق إلى حائل. وفي سنة 1289هـ/1872م وبعد ارجاع الحاج إلى النجف، وصلت الأخبار إلى محمد بأن الغلاء والجفاف في نجد قد وصل حائل،[25] وأن أهلها أصابهم القحط، فأعلن: من أراد أن يحمل لنا عيش (تمن وهو الأرز) إلى الجبل نعطيه حملين، لنا حمل وله الحمل الآخر كائنا من كان. فأتاه خلق كثير، ومن جملة من أتوه رجال من قبيلة الظفير فحملوا مقدار خمسمئة حمل لمحمد الرشيد، وهو مايسمى بالميادة،[ملحوظة 1] ولكن اشترطوا أن يحميهم من ابن أخيه بندر، فعرض لهم محمد وجهه وضمن لهم جمالهم وأرواحهم طمعًا منه بأن تنتفع حائل واهلها منهم. فاستقل مع محمد ابن رشيد 4000 جمل كلها محملة بالتمن أو الأرز. ومع ذلك فقد خاف محمد من بندر أن لا يمضي له ما أراد ويؤمن الظفير، وفلما قرب من حائل ومعه الحدرة (القافلة) أمرهم أن يقيموا على ماء يبعد عن حائل مسيرة يومين ويركب هو بنفسه ويواجه الأمير بندر ويخبره بما فعل. فلما وصل حائل اتجه إليه حيث كان في مكان يسمى الخريمي شمال شرق السمراء وأسفل حائل لغرس النخل فيها،[27] وقيل كان يتنزه في بعض ضواحي حائل،[28] وقيل أنه كان في بستان له في أسفل البلد يغرس فيه، ويبعد عن القصر ثلثي الساعة، ولم يكن مع بندر أحد من أخوته، بل كان معه حمود بن عبيد بن علي الرشيد، وكانت بين حمود ومحمد صداقة قديمة، وقد كان حمود حاضر عملية الاغتيال.[29][30] فقدم محمد إلى بندر ومعه خمس ركايب، وأخبره بخبر الظفير ومجيئهم معه. فامتعض بندر وتغير لونه قائلا: مأخوذين مذبوحين. فقال له محمد: أنا أعطيتهم وجهي ثقة بك، فانظر أنت فالمصلحة عامة للشيوخ ولأهل حائل. فرد عليه بندر: أنت مالك وجه، مأخوذين مذبوحين. فسكت محمد وكظم ما يختلج في نفسه حيث هم بالفتك به.[4]
فلما صلوا العصر أمر بندر أحد خدامه أن بعطي محمد فرسًا ليركبها بدلا من راحلته، لأنه يريد محادثته وهما يسيران،[31] وقيل أن محمدًا عندما وصلا فوق وادي الأديرع طلب من أحد اتباعه أن يعطيه فرسه ليري الأمير أنه أخرج الرصاصة التي كانت في رجله، فقفز على صهوتها ثم بخفة البرق قفز خلف بندر فأغمد خنجره في جوفه، فلما أحس بالموت قال: يامحمد ياعمي، فرد عليه: ماجعلت في قلوبنا رحمة أو محبة.[32] بينما ذكر ضاري الرشيد أن محمد أراد أن يري بندر مكان الرصاصة التي اخرجها، فلما مال بندر، فإذا يد محمد اليسرى على رأس الأمير والخنجر بيده اليمنى، فسحبه وطعنه بقوة وسقطا، فما وصل بندر الأرض إلا ميتاً.[31] ولم يتدخل خدم بندر في الأمر لأن من عادة خدام آل رشيد وعبيدهم أنهم لا ينصرون بعضهم على بعض إذا تقاتلوا بينهم، بل يطيعون القاتل إن أصبح أميرًا عليهم.[5]
استلام محمد الرشيد الحكم
عدللم يتمكن محمد بعد قتله بندر أن يقدم على احتلال قصر الإمارة، فلا أخوة له أحياء ولا أبناء لأنه عقيم، فبقي خارج حائل متخوفًا من عدم مساعدة أهل حائل له، وقصد قلعة عيرف في جبل الأعيرف المطل على حائل يراقب تطورات الوضع. أما ابن عمه حمود العبيد فبعد أن رأى مقتل بندر -وقد كان يؤيد محمد ضمنيًا على ذلك- توجه مباشرة إلى حائل ودخل قصر برزان نحو غرفة السلاح وقام بتوزيع البنادق والسيوف على خدمه ورجاله، ووزعهم داخل القصر، حيث إخوة بندر موجودين بالقصر، وبعدها علم أبناء طلال بمقتل أخيهم فتحصنوا في القصر بعد أن حاصرهم حمود، أما أهل حائل فلم تكن لهم الرغبة في مساعدة إخوة بندر لما يعهدون فيهم من شر. وفي تلك الأثناء قدم محمد ومعه حوالي 40 رجلا من أهل لبدة وتوجه نحو القصر، وقد تمكن حمود من فتح ثغرة فيه فدخلوا فيه جميعًا، فهرب من ليلته كلا من سلطان وبدر ومسلط أبناء طلال الرشيد، وفي الصباح دخل محمد وحمود القصر، فنصب محمد نفسه حاكماً لحائل، وكان ذلك سنة 1289هـ/1872م.[ملحوظة 2] ثم بعث إلى الظفير فأتوا ونزلوا حائل وباعوا وابتاعوا مدة أيام ثم رجعوا أوطانهم مكرمين.[5]
مشكلة أبناء طلال
عدلبعد محاصرة قصر برزان هرب الأبناء الكبار للأمير طلال وهم: بدر ومسلط وسلطان من القصر. أما سلطان فقد وقع من القصر وانكسرت رجله واحتجز في بيت، واما بدر فقد هرب إلى من حائل فخرجت وراءه سرية تبحث عنه فوجدته قد وصل الجبل بمقدار خمس ساعات، واما مسلط فقد ضاع في الصحراء فوجدوه فاقتادوه، وهؤلاء الثلاثة قد قتلهم محمد بن عبد الله.[35] أما البقية فقد كانوا صغارًا، فبعد ثلاث سنوات أي في سنة 1291هـ/1874م قتل نهار وعبد الله لمحاولتهم الأخذ بثأر إخوانهم، وفي سنة 1881م قتل الأخ الأصغر نايف،[36] في حين ذكر الحماد أن نايف بن طلال قتل سنة 1304هـ/1887م بطلق ناري خاطئ إثناء مشاركته أداء العرضة ولا يعرف من قتله.[37]
عهده
عدلالبدء شمالًا
عدلاستغل أهالي الجوف القلاقل التي جرت في حائل بعد مقتل أميرها بندر بن طلال على يد عمه محمد، فأرسلوا إلى الباب العالي طلب إلحاق الجوف إلى ولاية الشام سنة 1289هـ/1872م فأرسلت الدولة العثمانية فرقة عسكرية بقيادة «محمد سعيد باشا» لإلحاق الجوف بولاية الشام، وعندها توجه الأمير محمد ابن رشيد إلى الجوف وعقد اتفاقا مع القيادة العسكرية التي قامت بمراجعة والي الشام «حالت باشا» ومحافظ المدينة المنورة «خالد باشا» والحكومة المركزية في الأستانة، وانتهى الأمر بإلحاق الجوف لإمارة حائل مع دفع زكاة سنوية لخزينة الحرمين الشريفين. وردًا على مشكلة الجوف، قام ابن رشيد بتحصيل زكاة منطقة خيبر الخاضعة لمحافظة المدينة المنورة.[38] في البداية لم تكن لدى ابن رشيد من قوة إلا حوالي 500-600 فارس من الحضر والبدو، إلا أنه تمكن من رفع العدد إلى ألفي فارس بعد أن التحق به عربان من قبائل عنزة، بالإضافة إلى اتفاقه مع أفخاذ حرب ومطير.[39] وبعدها بدأ بتوسيع مناطقه، فأخذ تيماء وخيبر والعلا وعين فيها موظفين لتحصيل الزكاة، ثم توسع فأخذ وادي السرحان ومد نفوذه إلى تدمر، حتى أكملها سنة 1297هـ/1880م باقتحام إقليم حوران ووصل إلى بصرى على بعد 70 ميلا من دمشق، ثم عاد بعدها إلى حائل وصالح قبائل الشمال.[6]
مساعدته بريدة
عدلعندما اندلع النزاع بين الأخوين عبد الله وسعود أبناء الإمام فيصل بن تركي آل سعود، كان موقف إمارة آل رشيد هو الحياد، واستمر الحياد إلى وفاة سعود سنة 1291هـ/1874م.[40] وفي سنة 1292هـ/1875م تصاعد الخلاف بين آل بو عليان حكام بريدة السابقين وبين آل مهنا حكامها الحاليين، حتى وصل الأمر بقتل أميرها مهنا أبا الخيل للاستيلاء على حكم المدينة، ولكن الأمر لم يكتمل وجرى قتل المتآمرين الذين قدموا من عنيزة وبمساعدة أميرها زامل السليم، فقدم آل بو عليان على الإمام عبد الله بن فيصل بعد استقراره في الرياض ومعهم كتاب من زامل السليم أمير عنيزة يطلب منه القدوم إلى القصيم واحتلال بريدة، ويعده بالمساعدة. فأحس حسن المهنا أمير بريدة بخطورة الوضع عندما قدم آل بو عليان إلى الرياض، فكتب إلى أمير الجبل محمد بن رشيد وعقد معه اتفاقًا سنة 1293هـ/1876م نص على ما يلي:«أن العدو هو عدو للجميع، والصاحب كذلك، وأن بريدة والقصيم ما عدا عنيزة لحسن، وما يستولون عليه من بادية وحاضرة نجد يكون لابن رشيد».[7] وتوج هذا الاتفاق بزواج الأمير محمد بن رشيد من لولوة بنت مهنا أخت الأمير حسن، وتزوج الأمير حمود بن عبيد من منيرة بنت الأمير حسن بن مهنا.[41] ثم توجه عبد الله الفيصل بجنوده إلى القصيم لقتال حسن المهنا، فلما علم ابن رشبد بخروجه، أرسل كاتبه ابن عتيق برسائل إلى الأمير زامل وعبد الله بن عبد الرحمن البسام يلتمس منهما عدم مساعدة عبد الله بن فيصل وألا يكونوا سببًا في سفك دماء المسلمين، وقد ذكر لهم أنه إن وصل عبد الله الفيصل إلى القصيم، فإنه -أي ابن رشيد- فسيقدم القصيم لمساعدة أمير بريدة حسن آل مهنا.[42] ثم أرسل حسن المهنا إلى محمد ابن رشيد يستحثه بالقدوم، فبرزت قوة محمد ابن رشيد عندما استنفر قبائل شمر وحرب وهتيم وبني عبد الله من مطير وتوجه بهم إلى بريدة ودخلها،[43] وبدا ضعف ابن سعود عندما تأخر عقاب بن حميد بقبيلته برقا العتيبية،[7] فطلب الأمير زامل من عبد الله البسام أن يسعى بالخير بين الطرفين. فركب إلى محمد بن رشيد واتفق معه على أن عبد الله الفيصل يرجع إلى الرياض وانه يرجع إلى حائل، فرجع عبد الله الفيصل إلى الرياض، في حين أقام ابن رشيد على بريدة مدة أيام ثم رجع إلى بلده. وكان ذلك في شهر ربيع الأول 1293هـ/أبريل 1876م.[44][43]
التمادي في القصيم
عدلاشترط ابن رشبد على حسن آل مهنا تبعية البلاد التي تدخل في طاعتهم عدا القصيم، أما غنائم الحرب فتكون قسمة بينهما.[45] فتشجع حسن المهنا على التمادي وشن غاراته في محرم 1294هـ/فبراير 1877م على شقراء في منطقة الوشم وهي تابعة للإمام عبد الله، ولما صُدَّ استعان بحليفه ابن رشيد وهاجموا قبيلة عتيبة المؤيدة لابن سعود فاستولوا في طريقهم على محاصيل أشيقر ونهبوا بيوتها، ورغم تبعية إقليم الوشم للامام عبد الله إلا أنه من ضعفه لم يحرك ساكنًا لصد المعتدين[46][47] وفي نفس السنة أي 1294هـ/1877م قام آل بو عليان بزيارة محمد بن رشيد لخطب وده وكسبه إلى جانبهم، غير أن ابن مهنا قطع الطريق أمامهم، فبعد عودتهم من حائل أرسل سرية تتطلبهم، فوجدتهم في موضع إسمه قرية عائدين إلى بلدة عنيزة فقتلتهم.[48]
أول احتكاك مع الكويت
عدليعود أول احتكاك بين ابن رشيد والكويت إلى سنة 1295هـ/1877م عندما أغار أهالي الكويت على الأجفر واستولوا على إبل ابن نويحر العنزي الذي كان تابعًا لإبن رشيد.[49] مما دفع محمد بن رشيد إلى غزو أطراف الكويت وأخذ يتعرض للأعراب القاطنين حولها، وكانت طائفة من العوازم نازلة الصبيحية، فأغار عليها ونهب مواشيها، فلما علم الشيخ عبد الله بهذا الأمر هب لمجابهته، ولما وصل منطقة ملح[ملحوظة 3] بلغته الأنباء بأن ابن رشيد قد ارتحل من حدود الكويت وعاد إلى نجد بحيث لا يمكن اللحاق به، فقفلوا راجعين إلى الكويت.[51] وبالرغم من هذا الاحتكاك فإن العلاقة بين محمد ابن رشيد والشيخ عبد الله ظلت جيدة، بدليل مساعدة شيخ الكويت لابن رشيد في نشاطه ضد آل سعود خلال سنوات 1302-1305هـ/1885-1888م، كما سهلت الكويت استيراد الأسلحة لابن رشيد عن طريق ميناؤها.[52]
توجس والي الحجاز وأمير مكة منه
عدلكشف تدخل محمد بن رشيد لصالح بلدة بريدة مدى ضعف حكم عبد الله بن فيصل، بل وأظهرت تلك المجابهة أن محمد بن رشيد هو اللاعب الجديد والقوي في الجزيرة العربية، ففي سنة 1293هـ/1876م الذي عرف بعام السلاطين الثلاثة، ثم اندلعت الحرب الروسية العثمانية فاضطربت أمور الدولة العثمانية، وحدث اثناءها اضطرابات في الحجاز نتيجة لقيام القبائل بالتعرض للحجاج، فامتنع محمد بن رشيد عن دفع زكاته السنوية بعد أن رأى اضطراب أمور الدولة. فكتب كلا من والي الحجاز وأمير مكة خطابًا إلى الصدارة في صفر 1295هـ/فبراير 1878م يشتكون منه، فقد تحول أمير حائل من مطيع للدولة إلى شخص يثير المشاكل في المنطقة، ورفض دفع الزكاة المفروضة عليه، وحرّض سكان خيبر والقصيم الخاضعة للمدينة على عدم دفع الضرائب السنوية للحكومة والاكتفاء بدفعها له. وعمل على كسب قبائل عتيبة ومطير ضمن حلفه لتقوية شوكته، وطالبا بسرعة تأديبه قبل أن تقوى شوكته، وإلا سيكون الوضع شبيه لما حدث مع الوهابيين.[53][54] والذي أشعل ذلك التوجس هو جمع الزكاة من تلك المناطق، فالبدو اعتادوا على الميل نحو الجهة التي يشعرون أنها أقوى فيدفعون إليها الزكاة، والأمر الآخر هو الخوف من قوة ابن رشيد الذي تمكن من توسيع تحالفاته وجمع أقصى ما يمكن من المقاتلين، أما مكة والمدينة فلديهما طابوران يتكون كل واحد منهما من 300 فرد، وهو بالكاد يكفي لضمان الأمن في تلك النواحي.[55]
التمدد نحو نجد
عدلالمجمعة
عدلعقد أهالي المجمعة وسدير حلفًا مع الأمير محمد ابن رشيد، واتفقوا معه أن يكونوا تابعين له وتحت حمايته، وهم الذين ثاروا ضد الإمام عبد الله سنة 1295هـ/1878م لتحقيق استقلالهم عن نجد. فحشد الإمام عبد الله سنة 1299هـ/1882م جيوشه المؤلفة من البدو والحضر في وادي حنيفة للزحف على المجمعة ومحاصرتها. فنزل بلدة حرمة وحاصر المجمعة وقطعوا كثيرا من نخلها. فاستنجدت المجمعة بابن رشيد، فخرج بجنوده من حائل واستنفر من حوله من بادية شمر وحرب وبني عبد الله من مطير وتوجه إلى بريدة ونزل عليها ومعه جنود عظيمة، وكان حسن آل مهنا قد جمع جنودًا كثيرة من أهل القصيم وبواديها وانضم إلى جيش ابن رشيد، حيث عسكروا عند منطقة الزلفي.[56][57] ويبدو أن طول فترة الحصار التي استمرت أربعين يومًا دون نتيجة، إضافة إلى قرب وصول قوات ابن رشيد بقواته المتفوقة، قد أوقع الفشل في اتباع الإمام عبد الله وعلى رأسها قبيلة عتيبة التي انسحبت من حربه منهزمة، فارتحل الإمام بأتباعه من المجمعة وعاد إلى الرياض. فدخل ابن رشيد المجمعة في شهر رمضان 1299هـ/أغسطس 1882م وعين سليمان بن سامي قائدًا لحامية المجمعة. وبذلك انفصلت المجمعة عن الرياض وانضمت إلى إمارة ابن رشيد.[58][47] أما محمد بن رشيد فإنه ارتحل من المجمعة ونزل الزلفي ثم ارتحل من الزلفي ونزل بريدة ثم الكهفة حتى دخل بلاده حائل.[59]
معركة عروى
عدلأثارت أطماع محمد بن رشيد في الاستيلاء على أقاليم نجد الأمير محمد بن سعود بن فيصل الذي طلب من إخوته تناسي خلافاتهم مع عمهم عبد الله والخروج لقتال عدوهم المشترك الأمير محمد بن رشيد فلم يوافقوه، فخرج بنفسه سنة 1300هـ/1883م وقصد بوادي قبيلة عتيبة يستنجد بهم على ابن رشيد. فأجتمعت اليه عتيبة (برقا وروقا) لمعاداتهم لابن رشيد وميلهم لآل سعود. فبلغ ابن رشيد أن محمد بن هندي شيخ عتيبة أراد غزو ابن شيد في حائل،[60] فخرج من حائل بجنوده من البادية والحاضرة وإتجه مسرعاً إلى تجمع عتيبة، وكتب إلى حسن بن مهنا أن يقدم اليه بجنود أهل القصيم. والتقي ابن رشيد بهم علي ماء يسمي عروى فثبت الأمير محمد بن سعود ومن معه من بوادي عتيبة وهزموا ابن رشيد أول الأمر، إلا أن وصول حسن بن مهنا بجنوده من أهل القصيم قد أنقذوا ابن رشيد من هزيمة محققة وقلبها إلى نصر. فاستطاع ابن رشيد دحر قوات محمد بن سعود واجبارها على الانسحاب إلى الخرج.[61][62] وكانت الهزيمة قاسية على عتيبة إلى حد أنها انضمت بعدها إلى الإمام عبد الله عندما أراد استرداد المجمعة.[63]
معركة أم العصافير
عدللم تحسم معركة عروى أيا من الطرفين، بيد أن ابن رشيد تعرض للهزيمة في أول الأمر، وهذا ما شجع عتيبة للانضمام إلى جيش الإمام عبد الله عندما أراد استرداد المجمعة،[61] فخرج من الرياض في ربيع الأول 1301هـ/يناير 1884م ونزل على بلدة شقراء حيث اجتمع عنده جنود البلدات والبوادي الخاضعة له،[64] ثم ارتحل حتى نزل سهل حمادة في روضة ام العصافير شمال أشيقر. ولما بلغ سليمان بن سامي أمير المجمعة بخروج الإمام إليهم كتب إلى ابن رشيد وحسن آل مهنا أبا الخيل أمير بريدة يخبرهما بذلك ويستحثهم للقدوم. فخرج محمد بن رشيد بجنوده واجتمع هو وحسن آل مهنا في الجعلة ومعهم جنودهما حيث توجهوا نحو عبد الله الفيصل ومن معه من عتيبة. فصبحوهم يوم الإثنين 28 ربيع الآخر 1301هـ/25 فبراير 1884م في روضة أم العصافير، فدار قتال شديد بينهما، حتى صارت الهزيمة على الإمام عبد الله ومن معه من القبائل وعربان عتيبة.[65] وكان ذلك أول صدام مسلح مباشر بين الإمام عبد الله ومحمد بن رشيد، وبعد هذه الواقعة بقي ابن رشيد في الحمادة مدة حيث قام بتنظيم شؤون المنطقة الإدارية تمهيدا لربطها بحائل.[66]
ومن أبرز نتائج تلك المعركة:
- دخول سدير والوشم في طاعة ابن رشيد، فوفد عليه في الحمادة أمراء البلدتين لتقديم الطاعة له، فعين أمراء جدد عليهما ليربطهما بحائل.[9]
- طَمَعَ ابن رشيد بعد هذه الموقعة في الاستيلاء على باقي نجد، فأخذ يكاتب رؤساء البلدان في ذلك ويبذل فيهم المال.[67]
- لم يتمكن عبد الله الفيصل في استرداد سلطته على الوشم وسدير، وانحسر نفوذه في الرياض وما حولها، بينما بقي أبناء أخيه سعود مسيطرين على الخرج جنوب الرياض.[9]
علاقاته مع الدولة العثمانية
عدلكانت معرفة العثمانيين بالأمير محمد هي قبل توليه الحكم، وذلك عندما التزم مع أبناء أخيه طلال بقيادة قوافل الحج بين العراق ومكة والمدينة، فقد أتاحت قيادة القوافل الفرصة له بالتعرف على المسؤولين العثمانيين الذين توسموا فيه الذكاء والقوة، فطلب السيد خالد شيخ الحرم المدني منح ابن رشيد الوسام المجيدي من الدرجة الثالثة ورتبة أمير الأمراء، فوافقت السلطات العثمانية على منحه الوسام المجيدي فقط، علمًا أن أمير حايل آنذاك بندر الطلال لم يمنح له الوسام بعد. وبعد توليه الإمارة سنة 1289هـ/1872م منحته الوسام العثماني من الدرجة الثالثة -وهو أرفع من الوسام المجيدي- في 1290هـ/1873م وذلك لاستمالته إليها وإبعاده عن السير في الفلك السعودي. لذا قام محمد بن رشيد بتقديم زكاته سنويًا إلى شيخ الحرم المدني ومقدارها 3000 مجيدي، ومعها 60 رأسًا من الإبل وستة رؤوس من الخيل.[68]
وبالرغم من بعض المواقف السلبية فإن ابن رشيد لم يقطع اتصالاته مع الدولة العثمانية، وأصر بالرسائل التي كان يبعثها إلى السلطان عبد الحميد عن إعلان تبعيته. وكان يرسل إليه بين الحين والآخر بخيول أصيلة هدايا له. وكانت تلك الهدايا لها نتائج ايجابية منها تطييب خاطره واعتباره أعلى مكانة من باقي شيوخ وامراء المنطقة، وبواسطتها استطاع إقامة علاقات مميزة جعلته يتحرك بحرية في نجد لتوطيد نفوذه.[69][70] حتى أن محافظ المدينة أشاد في خطاب رفع إلى الصدارة العظمى يوم 25 جمادى الأولى 1290هـ/20 يوليو 1873م بتعاون ابن رشيد معها، إذ هاجم رجال من عشيرة الموهوب قافلة حجاج أهل القصيم، فسارعت المحافظة بإرسال العساكر إلى جبل علم[ملحوظة 4] الذي يقع على سبع مراحل من المدينة المنورة، وبمساعدة محمد بن رشيد جرى استرجاع المنهوبات.[72]
توجس العثمانيين من تدخل الإنجليز
عدلومع ذلك لم تكن قوته المتزايدة لتخفى عن الإنجليز الذين يتابعون الوضع عن كثب. ففي 23 جمادى الأول 1301هـ/21 مارس 1884م أرسل محافظ المدينة إلى القيادة العسكرية العليا في الأستانة بأن سبعة عشر إنجليزيا قاموا بزيارة ابن رشيد، وأهدوه تسعة صناديق من بنادق مارتيني [الإنجليزية] وطقمين من السروج الفضية، وأنهم أقاموا عنده عدة أيام واستخرجوا منه خريطة تحتوي على الطرق والآبار وأسماء العشائر الموجودة في المنطقة، وأن خمسة عشر رجلاً منهم رجعوا وما زال إثنان منهم في معية ابن رشيد،[69] وقد نفى محمد بن رشيد في رسالة إلى والي الحجاز تلك القصة، مؤكدا ولائه للدولة العثمانية.[73] ثم بدأت التقارير ترد الباب العالي من مسؤوليها في العراق والحجاز تفيد أن هناك أسلحة حديثة انهالت على ابن رشيد من خليج البصرة عن طريق الكويت، ووجهت الاتهامات إلى نافذ باشا والي البصرة وسليمان بك بن منصور باشا السعدون شيخ المنتفق بنقلهم تلك الأسلحة، وأن ما تم نقله قارب العشرة آلاف بندقية مع ستة مدافع، فطالب وزير الداخلية في جلسة مجلس الوكلاء باستدعاء فالح باشا السعدون وابن عمه سليمان بك وغيرهما من شبوخ المنتفق إلى الأستانة لإبعادهم عن سيطرة ابن رشيد عليهم.[74] ومن الممكن أن السلطات البريطانية هي وراء هذه المساعدات، نظرًا لوجودها المستمر في الخليج، وكان في هذه السواحل رجال لابن رشيد يستلمون العتاد العسكري القادم من قناة السويس. ولكن مع ذلك فقد استمرت الدولة العثمانية بعلاقاتها الحسنة مع آل رشيد، وتطلعت إلى علاقات أقوى مع شيوخ المناطق والإمارات وذلك عقب الاحتلال البريطاني لمصر سنة 1300هـ/1882م. لذا زاد دعمها لآل رشيد وشجعتهم على الإطاحة بحكم آل سعود، التي اعتبرها العثمانيون أن لها ارتباطات مع بريطانيا.[75]
أزمة احتلال بلدة الوجه
عدلبالرغم من حرص محمد بن رشيد على إظهار تبعيته للدولة، فإنه لا يتوان عن تحقيق مصالحه والزحف على المناطق التي يرى فيها فائدة له، ولكنه لا يتمادى كثيرًا في ذلك، فعقب كل عملية يسارع إلى إعلان الطاعة تجنبًا للصدام مع الدولة. ومثال على ذلك، فعندما هاجم منطقة الوجه ربيع 1885م/1302هـ كاد هجومه أن يتسبب بأزمة سياسية بين الدولة العثمانية وبريطانيا التي تحتل مصر، حيث كانت الإدارة المصرية تشرف على قلعتي الوجه والمويلح في الحجاز. وكان طموح ابن رشيد من هجومه على «الوجه» هو حصوله على ميناء بحري تابع له يستطيع عن طريقه استيراد مايشاء. لذا تخوفت الإدارة المصرية من هذا الهجوم، وأبلغ قائدها نظارة الداخلية المصرية (وزارة الداخلية) بأن ابن رشيد يعد العدة للهجوم على قناة السويس، فأرسلت الأخيرة إلى ولاية الحجاز محذرة من هجوم ابن رشيد على ممتلكاتها، فطالب والي الحجاز وأمير مكة في خطابهما المشترك يوم 27 ربيع الآخر 1302هـ/12 فبراير 1885 بسرعة إرسال قوات عسكرية إلى المنطقة حتى لا يسمح بأي شكل من أشكال التدخل البريطاني عن طريق الإدارة المصرية في حدود الولاية. فقررت الحكومة بإرسال قوات عسكرية مع تأليب العشائر عليه، فسارع محمد بن رشيد إلى الانسحاب فورًا وأبدى الطاعة والتبعية للدولة العثمانية وطالب بمنحه خلعة.[69][76]
المصالحة مع عبد الله بن فيصل
عدلبعد هزيمته في أم العصافير، لجأ الإمام عبد الله الفيصل إلى استخدام الإسلوب الدبلوماسي، فأرسل أخوه محمد بن فيصل إلى حائل في شوال 1301هـ/أغسطس 1884م ومعه رسالة إلى ابن رشيد لمفاوضته في شؤون البلاد التي ضمها لإمارته مثل سدير والوشم والمجمعة. وقد استقبله ابن رشيد بحفاوة بالغة وأحسن ضيافته ووعده بتلبية طلبه، فتخلى له عن سدير والوشم واستثنى المجمعة.[66] فعاد محمد بن فيصل إلى الرياض في محرم 1302هـ/نوفمبر 1884م حاملا معه هدية جليلة للإمام من ابن رشيد مع التخلي له عن بلدان الوشم والسدير ليحكمهما باسمه. وقد أرضى هذا التصرف عبد الله بن فيصل الذي سارع بعزل أمراء تلك المناطق وعين بدلا منهم أمراء من قبله. إلا أن أمراء ابن رشيد لتلك المناطق لم يستكينوا لسلطته، فاضطربت أمور تلك البلاد عليه، وكثر النزاع والخلاف وتغلب بعض أهل البلدان على بلدانهم.[77] وكانت تلك مناورة سياسية من ابن رشيد لعلمه أن أميري تلك البلدتين لن يتعاونا مع الإمام، ومع ذلك فإن تنازل ابن رشيد عن تلك المناطق للإمام عبد الله مع أنه الأقوى في تلك اللحظة، قد يعني انتصارًا دبلوماسيًا للإمام، ولكن ضمنيًا فهو يعني دخول الإمام في الحلف الثنائي الذي بين ابن رشيد وابن مهنا.[78]
وفاته
عدلتوفي الأمير محمد بن رشيد بداء ذات الجنب ليلة الأحد الثالث من رجب 1315هـ/27 نوفمبر 1897م،[79][80] ودفن في مقبرة عبيد المسماة الآن بالبويضة في حائل، فقام ابن اخيه الأمير عبد العزيز المتعب الرشيد بإرسال رسالة إلى السلطان عبد الحميد في 5 رجب 1315ه يبلغه بوفاة عمه.[81]
وقبل وفاته قام الأمير محمد بتوصية ابن اخيه عبد العزيز المتعب بعدة وصايا لتحفظ له وحدة الإمارة وأمنها واستقرارها واستمرارها، منها:
- الحذر من العصبية القبلية، وطالبه بأن يعامل قبيلته شمر مثل غيرها.
- عدم التعرض لمبارك الصباح شيخ الكويت.[82]
- فتح البلاد لأهل القصيم لأنهم أهل تجارة.
- أن لا يتسامح مع البادية، وأن يشد وطأته عليهم، فهو يرى أن من عادة البدوي الظلم، أما الحضري فإنه لا يخطئ.[83]
الملاحظات
عدل- ^ الميادة هي أن يقوم صاحب الإبل بنقل الطعام مقابل كروة متفق عليها، وقد يصل الاتفاق إلى نصف الطعام.[26] فأحضر محمد ابن رشيد الأرز وهم أحضروا الجمال، فلهم نصف الحمل، وله النصف الآخر.[4]
- ^ ذكر البسام في كتابه تحفة المشتاق أن الحادثة جرت في 5 ربيع الأول 1289هـ/مايو 1872م،[33] في حين ذكر الحماد أن الوثائق العثمانية قالت بأن بندر كان حيا في 27 رجب 1289هـ/سبتمبر 1872م لاستلامه الوسام المجيدي من الدرجة الثالثة، وأوردت خبر وفاته في شوال 1289هـ/ديسمبر 1872م.[34]
- ^ ملح (بفتح الميم واللام) هي واحة في جنوب غرب الكويت شرقي الصمان، وفيها آبار مياه عذبة، وكانت في طريق القوافل من نجد قاصدة الكويت والزبير والبصرة.[50]
- ^ علم هو جبل من هضاب كثيرة تقع على الطريق السريع بين المدينة والقصيم، ويمر به وادي الرقم.[71]
مصادر
عدل- ^ http://www.worldstatesmen.org/Saudi_Arabia.htm#Jebel.
{{استشهاد ويب}}
:|url=
بحاجة لعنوان (مساعدة) والوسيط|title=
غير موجود أو فارغ (من ويكي بيانات) (مساعدة) - ^ ا ب ج الشمري 2016، صفحة 83.
- ^ "محمد المانع ، توحيد المملكة" (PDF). مؤرشف من الأصل (PDF) في 2024-09-20.
- ^ ا ب ج آل عبيد 1999، صفحة 33.
- ^ ا ب ج آل عبيد 1999، صفحة 36.
- ^ ا ب الحماد 2004، صفحات 82-83.
- ^ ا ب ج آل عبيد 1999، صفحة 109.
- ^ ابن عيسى 1999، صفحة 106.
- ^ ا ب ج السلمان 1999، صفحة 243.
- ^ الرشيد 2022، صفحة 145 الحاشية.
- ^ الحماد 2004، صفحات 50-51.
- ^ رحلة إلى بلاد نجد - الليدي آن بلنت. ص:187
- ^ الحماد 2004، صفحات 53-54.
- ^ يوليوس أويتنج. رحلة داخل الجزيرة العربية، ترجمة:فائز السعيد، دارة الملك عبد العزيز. الرياض. 1419هـ/1999م. ص:97
- ^ آل عبيد 1999، صفحة 38.
- ^ آل عبيد 1999، صفحات 36-37.
- ^ الريحاني، صفحة 111.
- ^ السلمان 1999، صفحات 205 & 208.
- ^ الحماد 2004، صفحة 68.
- ^ تاريخ آل علي وآل رشيد وغيرهم في جبل شمر. حمد عبيد العطوني الشمري، آفاق للنشر، 2018. ص:78
- ^ الحماد 2004، صفحة 69.
- ^ الرشيد 2022، صفحة 133."ذكر في الحاشية"
- ^ ابن عيسى 1999، صفحة 74.
- ^ الرشيد 2022، صفحات 42، 134.
- ^ ابن عيسى 1999، صفحة 85.
- ^ تعليق وملاحظات حول:تاريخ آل رشيد في كتاب موزل. مجلة العرب، سنة:10. ج:9-10. مارس-أبريل 1976. ص:791
- ^ الحماد 2004، صفحة 71.
- ^ آل عبيد 1999، صفحة 35.
- ^ عبيد 2003، صفحة 135.
- ^ من شيم العرب، فهد المارك، ط:4- 1988، ص:250-251
- ^ ا ب عبيد 2003، صفحة 137.
- ^ الحماد 2004، صفحات 71-72.
- ^ البسام 2000، صفحة 353.
- ^ الحماد 2004، صفحة 74 الحاشية.
- ^ الرشيد 2022، صفحة 144.
- ^ عبيد 2003، صفحة 65.
- ^ الحماد 2004، صفحة 75.
- ^ الحماد 2004، صفحة 82 و 153.
- ^ قورشون 2005، صفحة 231.
- ^ السلمان 1999، صفحة 227.
- ^ الحماد 2004، صفحة 84.
- ^ البسام 2000، صفحة 358.
- ^ ا ب ابن عيسى 1999، صفحة 98.
- ^ البسام 2000، صفحة 359.
- ^ السلمان 1999، صفحات 336-337.
- ^ الحماد 2004، صفحات 85-86.
- ^ ا ب السلمان 1999، صفحة 241.
- ^ ابن عيسى 1999، صفحات 104-105.
- ^ الحماد 2004، صفحة 210.
- ^ سعاد الصباح. الكويت في عهد عبد الله بن صباح الصباح. دار سعاد الصباح للنشر والتوزيع. ص. 118.
- ^ حسين خزعل. تاريخ الكويت السياسي. ص. 139.
- ^ الحماد 2004، صفحة 211.
- ^ قورشون 2005، صفحات 230-231.
- ^ الحماد 2004، صفحات 153-154.
- ^ قورشون 2005، صفحة 233.
- ^ الحماد 2004، صفحة 86.
- ^ ابن عيسى 1999، صفحة 105.
- ^ الركابي 2004، صفحة 157.
- ^ آل عبيد 1999، صفحة 113.
- ^ ابن عيسى 1999، صفحة 106 الحاشية.
- ^ ا ب السلمان 1999، صفحة 242.
- ^ الركابي 2004، صفحات 157-158.
- ^ الحماد 2004، صفحات 88-89.
- ^ ابن عيسى 1999، صفحة 107.
- ^ البسام 2000، صفحة 367.
- ^ ا ب الركابي 2004، صفحة 158.
- ^ ابن عيسى 1999، صفحة 108.
- ^ الحماد 2004، صفحات 151-152.
- ^ ا ب ج قورشون 2005، صفحة 236.
- ^ الزعارير 1997، صفحة 155.
- ^ الجاسر. المعجم الجغرافي: شمال المملكة، ج:3. ص:936-937
- ^ الحماد 2004، صفحة 152.
- ^ الحماد 2004، صفحة 157.
- ^ الحماد 2004، صفحة 161.
- ^ الزعارير 1997، صفحات 156-158.
- ^ الحماد 2004، صفحة 159.
- ^ ابن عيسى 1999، صفحة 109.
- ^ الحماد 2004، صفحات 89-90.
- ^ ابن عيسى 1999، صفحة 115.
- ^ البسام 2000، صفحة 381.
- ^ الحماد 2004، صفحة 62.
- ^ الريحاني، صفحة 116.
- ^ الحماد 2004، صفحة 63.
مراجع
عدل- الحماد، حمد عبدالله (2004). حكم محمد العبد الله بن رشيد لنجد. 1289-1315هـ/1873-1897م (ماجستير thesis). جامعة الملك سعود. مؤرشف من الأصل في 2024-07-16.
- الشمري، خليف (2016). طلال بن عبد الله آل رشيد. 1238-1283هـ/1822-1867م قراءة سوسيو-تاريخية. بيروت: جداول للنشر والتوزيع.
- عبيد، جبار يحيى (2003). التاريخ السياسي لإمارة حائل 1835-1921م. تقديم: عبد الله بن محمد المنيف (ط. الأولى). بيروت: الدار العربية للموسوعات.
- الزعارير، محمد (1997). إمارة آل رشيد في حائل (ط. الأولى). بيروت: بيسان للنشر والتوزيع.
- الركابي، كريم طلال (2004). التطورات السياسية الداخلية في نجد. 1283-1319هـ / 1865-1902م (ط. الأولى). بيروت: الدار العربية للموسوعات.
- الرشيد، ضاري بن فهيد (2022). وديع البستاني (المحرر). نبذة تاريخية عن نجد. تحقيق: د.طارق حمود آل غرس. الكويت: مركز طوروس.
- البسام، عبد الله بن محمد (2000). تحفة المشتاق في أخبار نجد والحجاز والعراق. تحقيق:إبراهيم الخالدي. الرقة: المختلف للنشر والتوزيع.
- الريحاني، أمين. تاريخ نجد الحديث. دار الجيل.
- السلمان، محمد بن عبد الله (1999). الأحوال السياسية في القصيم في عهد الدولة السعودية الثانية (ط. الثانية). الرياض: مكتبة الملك فهد الوطنية.
- ابن عيسى، ابراهيم (1999). عقد الدرر. الرياض: مكتبة الملك فهد.
- آل عبيد، محمد بن علي (1999). النجم اللامع للنوادر جامع. ترتيب وتصحيح: صالح بن ابراهيم الصالح البطحي. الرياض.
{{استشهاد بكتاب}}
: صيانة الاستشهاد: مكان بدون ناشر (link) - قورشون، زكريا (2005). العثمانيون وآل سعود في الأرشيف العثماني (1745-1914م) (ط. الأولى). بيروت: الدار العربية للموسوعات.
- رحلة إلى بلاد نجد - الليدي آن بلنت.