محمد بن عبد الله بن علي الرشيد

خامس حكام إمارة جبل شمر

محمد بن عبد الله بن علي الرشيد (المهاد) (1252هـ/1836م - 1314هـ/1897م)[2] خامس حكام إمارة جبل شمر في حائل وأول حاكم من أسرة آل رشيد على نجد وأطولهم مدة في الحكم وهو مهندس سقوط الدولة السعودية الثانية،[3] (حكم من 1873 إلى 1897). تولى الحكم بعد أن قتل ابن أخيه بندر الطلال، لاختلافهما حول شؤون الدولة، ولوجود خلافات تراكمت بين الإثنين بدأت بعدما قتل بندر عمه متعب العبدالله وتولى الحكم مكانه في إمارة حائل سنة 1289هـ/1872م، واستمر بالحكم إلى أن توفي سنة 1315هـ/1897م فكان مدة حكمه 27 سنة، وكانت إمارته كلها بركة على الناس.[4] (صاحب مقولة:كل حكم له صوله وجوله .. وحكم غير حكم الله يزول).[5]

المهاد
محمد بن عبد الله بن علي الرشيد
معلومات شخصية
الميلاد سنة 1836   تعديل قيمة خاصية (P569) في ويكي بيانات
حائل  تعديل قيمة خاصية (P19) في ويكي بيانات
تاريخ الوفاة ديسمبر 1897 (60–61 سنة)[1]  تعديل قيمة خاصية (P570) في ويكي بيانات
مواطنة شبه الجزيرة العربية
إمارة آل رشيد تعديل قيمة خاصية (P27) في ويكي بيانات
اللقب المهاد
العرق عربي   تعديل قيمة خاصية (P172) في ويكي بيانات
الأب عبد الله بن علي الرشيد  تعديل قيمة خاصية (P22) في ويكي بيانات
الأم سلمى بنت محمد بن عبد المحسن آل علي[2]
إخوة وأخوات متعب بن عبد الله بن علي الرشيد، وطلال بن عبد الله بن علي الرشيد، ونورة بنت عبدالله بن علي بن رشيد  تعديل قيمة خاصية (P3373) في ويكي بيانات
عائلة آل رشيد  تعديل قيمة خاصية (P53) في ويكي بيانات
مناصب   تعديل قيمة خاصية (P39) في ويكي بيانات
أمير (الخامس)
1872  – ديسمبر 1897 
في مكتبإمارة آل رشيد 
الحياة العملية
المهنة سياسي، وأمير، وقائد عسكري  تعديل قيمة خاصية (P106) في ويكي بيانات
الخدمة العسكرية
الولاء إمارة آل رشيد  تعديل قيمة خاصية (P945) في ويكي بيانات
المعارك والحروب معركة عروى، ومعركة أم العصافير، ومعركة المليداء  تعديل قيمة خاصية (P607) في ويكي بيانات
إمارة حائل في أقصى امتداد لها خلال حكم محمد المهاد وابن اخيه عبدالعزيز المتعب

البداية

عدل

ولد في حائل سنة 1252هـ/1836م في فترة الحملة المصرية الثانية على نجد بقيادة إسماعيل بك وخالد بن سعود. وأخواله آل علي حكام جبل شمر، فأمه هي «سلمى بنت محمد بن عبد المحسن آل علي».[2] وأمها شماء أو «شمة» بنت عيسى العُنَين من القوعة من آل ريا من الجعفر. وتمكن من تعلم القرآن والتجويد ومبادئ القراءة والكتابة والرماية وركوب الخيل والحرب.[6] ووصفه مقبل الذكير وآن بلنت وغيرهما من الرحالة الأوروبيين:«بأنه مربوع القامة، إلى الطول أقرب، نحيف الوجه، في وجهه بعض الجدري، وجنات غائرة وشفتان دقيقتان. وعينان عميقتان ونفاذتان، ولحية سوداء خفيفة. معتدل الجسم لا نحيف ولا سمين، ولونه أيضا معتدل».[7][8][9] أما صفاته فقد كان في حكمه عادلا وحليمًا وحكيمًا، وكانت له ثلاث طرائق للتغلب والاستيلاء وهي:«الكرم والسيف والارهاب».[10]

أعماله قبل توليه الحكم

عدل

أول بداية محمد آل رشيد كانت مشاركته في قوات قادها عمه عبيد بن رشيد في حملة محمد بن فيصل ضد عنيزة في شعبان 1278هـ/فبراير 1862م، والتي استمرت أكثر من عام.[11] وفي سنة 1283هـ/1867م تولى إمرة الحجيج بعد أخيه متعب الذي تولى منصب إمارة حائل بعد وفاة طلال، وقيل أن محمد بن رشيد لم يطلب إمارة الحاج إلا في ولاية الأمير بندر الطلال سنة 1869م.[12]

خلافه مع بندر بن رشيد ثم عودته

عدل

بعد أن قتل بندر الطلال عمه متعب بن عبد الله نصب نفسه حاكماً لحائل في 1869م وكان عمره آنذاك 20 عامًا.[13] وكان محمد عم بندر وقتها وافدًا في الرياض على الإمام عبد الله بن فيصل بن تركي آل سعود ومعه هدايا الجبل، فلما بلغه الخبر غضب وقرر البقاء في الرياض متحججًا طلب العلم، ولكن كان السبب الرئيس لبقائه هناك هو وجود عمه الأمير عبيد في حائل ولم يرغب بالتصادم معه، وتشير مصادر إلى أن لعبيد يدًا في مقتل متعب، لذا فقد بقي في الرياض مدة سنة كاملة.[14][15]

قرر بندر بالسير على سياسة أبيه طلال وتقريب عمه عبيد إليه (وقد أضحى طاعنًا في السن) طمعاً في هيبته وسلطته المعنوية على بقية أفراد الأسرة. إلا أن وفاة عبيد سنة 1286هـ/ أواخر 1869 قد أفقده السند في مواجهة بقية أفراد الأسرة، وأخطرهم كان عمه محمد العبدالله الموجود في الرياض، فخاف بندر من أن يساعد الإمام عبد الله عمه محمد عليه، فتوجه بهدية إلى الإمام وأتاه واعتذر إليه عن قتله لمتعب، وطلب منه التوسط لدى عمه،[16] فاجتمع به وقال له:أنت عمنا وخليفتنا في أبينا، وأن أردت الأمر فأنا أعاهدك أن الأمر لك وأنا خادمك. فرد محمد: لاأريد هذا الأمر، فهو لأبيكم ولكم، ولكن أريد إمارة الحاج. فاتفقا بينهما في حضور الإمام عبد الله على التالي:

  1. يبقى بندر الطلال حاكماً على حائل وتبقى بيده القوة العسكرية والسياسة الخارجية.
  2. يعين محمد العبد الله أميرًا على قوافل الحج والتجارية، فاتفق الاثنان على ذلك وعادا معاً إلى حائل.[17]

استيلائه على الحكم

عدل

بعد عودة محمد إلى حائل واستلامه منصب حماية الحاج، جرت الأمور هادئة حيث بندر رجل أخلاقه حميدة، ولكن إخوانه تنكروا لعمهم وغيروا أحوال بندر وأخافوه من عمه. وسرعان ما اندلع النزاع بينهما، حين أصدر الأمير بندر الطلال أمراً للجميع بعدم التعامل مع أي فرد من قبيلة الظفير وألا يسمح لهم ولا لقوافلهم بدخول حائل. وكان الأمير بندر يعلم بأن لعمه محمد تجارة من العراق، وأنه يستأجر إبلاً لينقل البضاعة من العراق إلى حائل. وفي سنة 1289هـ/1872م وبعد ارجاع الحاج إلى النجف، وصلت الأخبار إلى محمد بأن الغلاء والجفاف في نجد قد وصل حائل،[18] وأن أهلها أصابهم القحط، فأعلن: من أراد أن يحمل لنا عيش (تمن وهو الأرز) إلى الجبل نعطيه حملين، لنا حمل وله الحمل الآخر كائنا من كان. فأتاه خلق كثير، ومن جملة من أتوه رجال من قبيلة الظفير فحملوا مقدار خمسمئة حمل لمحمد الرشيد، وهو مايسمى بالميادة،[ملحوظة 1] ولكن اشترطوا أن يحميهم من ابن أخيه بندر، فعرض لهم محمد وجهه وضمن لهم جمالهم وأرواحهم طمعًا منه بأن تنتفع حائل واهلها منهم. فاستقل مع محمد ابن رشيد 4000 جمل كلها محملة بالتمن أو الأرز. ومع ذلك فقد خاف محمد من بندر أن لا يمضي له ما أراد ويؤمن الظفير، وفلما قرب من حائل ومعه الحدرة (القافلة) أمرهم أن يقيموا على ماء يبعد عن حائل مسيرة يومين ويركب هو بنفسه ويواجه الأمير بندر ويخبره بما فعل. فلما وصل حائل اتجه إليه حيث كان في مكان يسمى الخريمي شمال شرق السمراء وأسفل حائل لغرس النخل فيها،[21] وقيل كان يتنزه في بعض ضواحي حائل،[22] وقيل أنه كان في بستان له في أسفل البلد يغرس فيه، ويبعد عن القصر ثلثي الساعة، ولم يكن مع بندر أحد من أخوته، بل كان معه حمود بن عبيد بن علي الرشيد، وكانت بين حمود ومحمد صداقة قديمة، وقد كان حمود حاضر عملية الاغتيال.[23][24] فقدم محمد إلى بندر ومعه خمس ركايب، وأخبره بخبر الظفير ومجيئهم معه. فامتعض بندر وتغير لونه قائلا: مأخوذين مذبوحين. فقال له محمد: أنا أعطيتهم وجهي ثقة بك، فانظر أنت فالمصلحة عامة للشيوخ ولأهل حائل. فرد عليه بندر: أنت مالك وجه، مأخوذين مذبوحين. فسكت محمد وكظم ما يختلج في نفسه حيث هم بالفتك به.[20]

فلما صلوا العصر أمر بندر أحد خدامه أن بعطي محمد فرسًا ليركبها بدلا من راحلته، لأنه يريد محادثته وهما يسيران،[25] وقيل أن محمدًا عندما وصلا فوق وادي الأديرع طلب من أحد اتباعه أن يعطيه فرسه ليري الأمير أنه أخرج الرصاصة التي كانت في رجله، فقفز على صهوتها ثم بخفة البرق قفز خلف بندر فأغمد خنجره في جوفه، فلما أحس بالموت قال: يامحمد ياعمي، فرد عليه: ماجعلت في قلوبنا رحمة أو محبة.[26] بينما ذكر ضاري الرشيد أن محمد أراد أن يري بندر مكان الرصاصة التي اخرجها، فلما مال بندر، فإذا يد محمد اليسرى على رأس الأمير والخنجر بيده اليمنى، فسحبه وطعنه بقوة وسقطا، فما وصل بندر الأرض إلا ميتاً.[25] ولم يتدخل خدم بندر في الأمر لأن من عادة خدام آل رشيد وعبيدهم أنهم لا ينصرون بعضهم على بعض إذا تقاتلوا بينهم، بل يطيعون القاتل إن أصبح أميرًا عليهم.[4]

استلام محمد الرشيد الحكم

عدل

لم يتمكن محمد بعد قتله بندر أن يقدم على احتلال قصر الإمارة، فلا أخوة له أحياء ولا أبناء لأنه عقيم، فبقي خارج حائل متخوفًا من عدم مساعدة أهل حائل له، وقصد قلعة عيرف في جبل الأعيرف المطل على حائل يراقب تطورات الوضع. أما ابن عمه حمود العبيد فبعد أن رأى مقتل بندر -وقد كان يؤيد محمد ضمنيًا على ذلك- توجه مباشرة إلى حائل ودخل قصر برزان نحو غرفة السلاح وقام بتوزيع البنادق والسيوف على خدمه ورجاله، ووزعهم داخل القصر، حيث إخوة بندر موجودين بالقصر، وبعدها علم أبناء طلال بمقتل أخيهم فتحصنوا في القصر بعد أن حاصرهم حمود، أما أهل حائل فلم تكن لهم الرغبة في مساعدة إخوة بندر لما يعهدون فيهم من شر. وفي تلك الأثناء قدم محمد ومعه حوالي 40 رجلا من أهل لبدة وتوجه نحو القصر، وقد تمكن حمود من فتح ثغرة فيه فدخلوا فيه جميعًا، فهرب من ليلته كلا من سلطان وبدر ومسلط أبناء طلال الرشيد، وفي الصباح دخل محمد وحمود القصر، فنصب محمد نفسه حاكماً لحائل، وكان ذلك سنة 1289هـ/1872م.[ملحوظة 2] ثم بعث إلى الظفير فأتوا ونزلوا حائل وباعوا وابتاعوا مدة أيام ثم رجعوا أوطانهم مكرمين.[4]

مشكلة أبناء طلال

عدل

بعد محاصرة قصر برزان هرب الأبناء الكبار للأمير طلال وهم: بدر ومسلط وسلطان من القصر. أما سلطان فقد وقع من القصر وانكسرت رجله واحتجز في بيت، واما بدر فقد هرب إلى من حائل فخرجت وراءه سرية تبحث عنه فوجدته قد وصل الجبل بمقدار خمس ساعات، واما مسلط فقد ضاع في الصحراء فوجدوه فاقتادوه، وهؤلاء الثلاثة قد قتلهم محمد بن عبد الله.[29] أما البقية فقد كانوا صغارًا، فبعد ثلاث سنوات أي في سنة 1291هـ/1874م قتل نهار وعبد الله لمحاولتهم الأخذ بثأر إخوانهم، وفي سنة 1881م قتل الأخ الأصغر نايف،[30] في حين ذكر الحماد أن نايف بن طلال قتل سنة 1304هـ/1887م بطلق ناري خاطئ إثناء مشاركته أداء العرضة ولا يعرف من قتله.[31]

عهده

عدل

البدء شمالًا

عدل

استغل أهالي الجوف القلاقل التي جرت في حائل بعد مقتل أميرها بندر بن طلال على يد عمه محمد، فأرسلوا إلى الباب العالي طلب إلحاق الجوف إلى ولاية الشام سنة 1289هـ/1872م فأرسلت الدولة العثمانية فرقة عسكرية بقيادة محمد سعيد باشا لإلحاق الجوف بولاية الشام، وعندها توجه الأمير محمد ابن رشيد إلى الجوف وعقد اتفاقا مع القيادة العسكرية التي قامت بمراجعة السلطات في ولاية سوريا ومحافظة المدينة المنورة والحكومة المركزية في الأستانة، وانتهى الأمر بإلحاق الجوف بإمارة حائل على أن تدفع مبلغًا معينًا من المال لخزينة الدولة.[32] لم تكن لدى ابن رشيد في البداية من قوة إلا حوالي 500-600 فارس من الحضر والبدو، إلا أنه تمكن من رفع العدد إلى ألفي فارس بعد أن التحق به عربان من قبائل عنزة، بالإضافة إلى اتفاقه مع أفخاذ حرب ومطير.[33] وبعدها بدأ بتوسيع مناطقه، فأخذ تيماء وخيبر والعلا وعين فيها موظفين لتحصيل الزكاة، ثم توسع فأخذ وادي السرحان ومد نفوذه إلى تدمر، حتى أكملها سنة 1297هـ/1880م باقتحام إقليم حوران ووصل إلى بصرى على بعد 70 ميلا من دمشق، ثم عاد بعدها إلى حائل وصالح قبائل الشمال.[34]

دفع ذلك التوسع كلا من والي الحجاز وأمير مكة بإرسال لائحة مشتركة إلى الصدارة في صفر 1295هـ/فبراير 1878م يشتكون منه، فقد تحول أمير حائل وشيخ شمر إثناء الحرب الروسية العثمانية من مطيع للدولة إلى شخص يثير المشاكل، ورفض دفع الضرائب التي كان مسؤولا عنها، وحرّض سكان خيبر والقصيم الخاضعة للمدينة على عدم دفع الضرائب السنوية. وعمل على كسب قبائل عتيبة ومطير في تحالفه لتقوية شوكته، وطالبا بسرعة تأديبه قبل أن تقوى شوكته، وإلا سيكون الوضع شبيه لما حدث مع الوهابيين.[35] الذي فجر المشكلة هي جمع الزكاة من تلك المناطق، فالبدو اعتادوا على الميل نحو الجهة التي يشعرون أنها أقوى، والأمر الآخر هو الخوف من قوة ابن رشيد الذي تمكن من توسيع تحالفاته وجمع أقصى ما يمكن من المقاتلين، فمكة والمدينة لديهما طابوران يتكون كل واحد منهما من 300 فرد، وهو لا يكفي حتى لضمان الأمن في تلك النواحي.[36]

مساعدته بريدة

عدل

عندما اندلع النزاع بين الأخوين عبد الله وسعود أبناء الإمام فيصل بن تركي آل سعود، كان موقف إمارة آل رشيد هو الحياد، واستمر الحياد إلى وفاة سعود سنة 1291هـ/1874م.[37] وفي سنة 1292هـ/1875م تصاعد الخلاف بين آل بو عليان حكام بريدة السابقين وبين آل مهنا حكامها الحاليين، حتى وصل الأمر بقتل أميرها مهنا أبا الخيل للاستيلاء على حكم المدينة، ولكن الأمر لم يكتمل وجرى قتل المتآمرين الذين قدموا من عنيزة وبمساعدة أميرها زامل السليم، فقدم آل بو عليان على الإمام عبد الله بن فيصل بعد استقراره في الرياض ومعهم كتاب من زامل السليم أمير عنيزة يطلب منه القدوم إلى القصيم واحتلال بريدة، ويعده بالمساعدة. فأحس حسن المهنا أمير بريدة بخطورة الوضع عندما قدم آل بو عليان إلى الرياض، فكتب إلى أمير الجبل محمد بن رشيد وعقد معه اتفاقًا سنة 1293هـ/1876م نص على ما يلي:«أن العدو هو عدو للجميع، والصاحب كذلك، وأن بريدة والقصيم ما عدا عنيزة لحسن، وما يستولون عليه من بادية وحاضرة نجد يكون لابن رشيد».[38] وتوج هذا الاتفاق بزواج الأمير محمد بن رشيد من لولوة بنت مهنا أخت الأمير حسن، وتزوج الأمير حمود بن عبيد من منيرة بنت الأمير حسن بن مهنا.[39] ثم توجه عبد الله الفيصل بجنوده إلى القصيم لقتال حسن المهنا، فلما علم ابن رشبد بخروجه، أرسل كاتبه ابن عتيق برسائل إلى الأمير زامل وعبد الله بن عبد الرحمن البسام يلتمس منهما عدم مساعدة عبد الله بن فيصل وألا يكونوا سببًا في سفك دماء المسلمين، وقد ذكر لهم أنه إن وصل عبد الله الفيصل إلى القصيم، فإنه -أي ابن رشيد- فسيقدم القصيم لمساعدة أمير بريدة حسن آل مهنا.[40] ثم أرسل حسن المهنا إلى محمد ابن رشيد يستحثه بالقدوم، فبرزت قوة محمد ابن رشيد عندما استنفر قبائل شمر وحرب وهتيم وبني عبد الله من مطير وتوجه بهم إلى بريدة ودخلها،[41] وبدا ضعف ابن سعود عندما تأخر عقاب بن حميد بقبيلته برقا العتيبية،[38] فطلب الأمير زامل من عبد الله البسام أن يسعى بالخير بين الطرفين. فركب إلى محمد بن رشيد واتفق معه على أن عبد الله الفيصل يرجع إلى الرياض وانه يرجع إلى حائل، فرجع عبد الله الفيصل إلى الرياض، في حين أقام ابن رشيد على بريدة مدة أيام ثم رجع إلى بلده. وكان ذلك في شهر ربيع الأول 1293هـ/أبريل 1876م.[42][41]

التدخل في القصيم

عدل

كشف تدخل محمد بن رشيد لصالح بلدة بريدة مدى ضعف حكم عبد الله بن فيصل، بل وأظهرت تلك المجابهة أن محمد بن رشيد هو اللاعب الجديد والقوي في الجزيرة العربية، وقد اشترط ابن رشبد على حسن آل مهنا تبعية البلاد التي تدخل في طاعتهم عدا القصيم، أما غنائم الحرب فتكون قسمة بينهما.[43] فتشجع حسن المهنا على التمادي وشن غاراته في محرم 1294هـ/فبراير 1877م على شقراء في منطقة الوشم وهي تابعة للإمام عبد الله، ولما صُدَّ استعان بحليفه ابن رشيد وهاجموا قبيلة عتيبة المؤيدة لابن سعود فاستولوا في طريقهم على محاصيل أشيقر ونهبوا بيوتها، ورغم تبعية إقليم الوشم للامام عبد الله إلا أنه من ضعفه لم يحرك ساكنًا لصد المعتدين[44][45] وفي نفس السنة أي 1294هـ/1877م قام آل بو عليان بزيارة محمد بن رشيد لخطب وده وكسبه إلى جانبهم، غير أن ابن مهنا قطع الطريق أمامهم، فبعد عودتهم من حائل أرسل سرية تتطلبهم، فوجدتهم في موضع إسمه قرية عائدين إلى بلدة عنيزة فقتلتهم.[46]

المجمعة

عدل

وفي سنة 1295هـ/1878م راسلت المجمعة الأمير محمد ابن رشيد واتفقت معه أن تكون تابعة له وتحت حمايته، فحشد الإمام عبد الله سنة 1299هـ/1882م جيوشه المؤلفة من البدو والحضر في وادي حنيفة للزحف على المجمعة ومحاصرتها. فنزل بلدة حرمة وحاصر المجمعة وقطعوا كثيرا من نخلها. فاستنجدت المجمعة بابن رشيد، فخرج بجنوده من حائل واستنفر من حوله من بادية شمر وحرب وبني عبد الله من مطير وتوجه إلى بريدة ونزل عليها ومعه جنود عظيمة، وكان حسن آل مهنا قد جمع جنودًا كثيرة من أهل القصيم وبواديها وانضم إلى جيش ابن رشيد، حيث عسكروا عند منطقة الزلفي.[47][48] ويبدو أن طول فترة الحصار التي استمرت أربعين يومًا دون نتيجة، إضافة إلى قرب وصول قوات ابن رشيد بقواته المتفوقة، قد أوقع الفشل في اتباع الإمام عبد الله وعلى رأسها قبيلة عتيبة التي انسحبت من حربه منهزمة، فارتحل الإمام بأتباعه من المجمعة وعاد إلى الرياض. فدخل ابن رشيد المجمعة في شهر رمضان 1299هـ/أغسطس 1882م وعين سليمان بن سامي قائدًا لحامية المجمعة. وبذلك انفصلت المجمعة عن الرياض وانضمت إلى إمارة ابن رشيد.[49][45]

معركة عروى

عدل

أثارت أطماع محمد بن رشيد في الاستيلاء على أقاليم نجد الأمير محمد بن سعود بن فيصل الذي طلب من إخوته تناسي خلافاتهم مع عمهم عبد الله والخروج لقتال عدوهم المشترك الأمير محمد بن رشيد فلم يوافقوه، فخرج بنفسه سنة 1300هـ/1883م وقصد بوادي قبيلة عتيبة يستنجد بهم على ابن رشيد. فأجتمعت اليه عتيبة (برقا وروقا) لمعاداتهم لابن رشيد وميلهم لآل سعود. فبلغ ذلك ابن رشيد فخرج من حائل بجنوده من البادية والحاضرة وإتجه مسرعاً إلى تجمع عتيبة، وكتب إلى حسن بن مهنا أن يقدم اليه بجنود أهل القصيم. والتقي ابن رشيد بهم علي ماء يسمي عروى فثبت الأمير محمد بن سعود ومن معه من بوادي عتيبة وهزموا ابن رشيد أول الأمر، إلا أن وصول حسن بن مهنا بجنوده من أهل القصيم قد أنقذوا ابن رشيد من هزيمة محققة وقلبها إلى نصر.[50]

وفاته

عدل

توفي الأمير محمد بن رشيد بداء ذات الجنب ليلة الأحد الثالث من رجب 1315هـ/27 نوفمبر 1897م،[51][52] ودفن في مقبرة عبيد المسماة الآن بالبويضة في حائل، فقام ابن اخيه الأمير عبد العزيز المتعب الرشيد بإرسال رسالة إلى السلطان عبد الحميد في 5 رجب 1315ه يبلغه بوفاة عمه.[53]

وقبل وفاته قام الأمير محمد بتوصية ابن اخيه عبد العزيز المتعب بعدة وصايا لتحفظ له وحدة الإمارة وأمنها واستقرارها واستمرارها، منها:

  1. الحذر من العصبية القبلية، وطالبه بأن يعامل قبيلته شمر مثل غيرها.
  2. عدم التعرض لمبارك الصباح شيخ الكويت.[54]
  3. فتح البلاد لأهل القصيم لأنهم أهل تجارة.
  4. أن لا يتسامح مع البادية، وأن يشد وطأته عليهم، فهو يرى أن من عادة البدوي الظلم، أما الحضري فإنه لا يخطئ.[55]

الملاحظات

عدل
  1. ^ الميادة هي أن يقوم صاحب الإبل بنقل الطعام مقابل كروة متفق عليها، وقد يصل الاتفاق إلى نصف الطعام.[19] فأحضر محمد ابن رشيد الأرز وهم أحضروا الجمال، فلهم نصف الحمل، وله النصف الآخر.[20]
  2. ^ ذكر البسام في كتابه تحفة المشتاق أن الحادثة جرت في 5 ربيع الأول 1289هـ/مايو 1872م،[27] في حين ذكر الحماد أن الوثائق العثمانية قالت بأن بندر كان حيا في 27 رجب 1289هـ/سبتمبر 1872م لاستلامه الوسام المجيدي من الدرجة الثالثة، وأوردت خبر وفاته في شوال 1289هـ/ديسمبر 1872م.[28]

مصادر

عدل
  1. ^ http://www.worldstatesmen.org/Saudi_Arabia.htm#Jebel. {{استشهاد ويب}}: |url= بحاجة لعنوان (مساعدة) والوسيط |title= غير موجود أو فارغ (من ويكي بيانات) (مساعدة)
  2. ^ ا ب ج الشمري 2016، صفحة 83.
  3. ^ "محمد المانع ، توحيد المملكة" (PDF). مؤرشف من الأصل (PDF) في 2024-09-20.
  4. ^ ا ب ج آل عبيد 1999، صفحة 36.
  5. ^ الرشيد 2022، صفحة 145 الحاشية.
  6. ^ الحماد 2004، صفحات 50-51.
  7. ^ رحلة إلى بلاد نجد - الليدي آن بلنت. ص:187
  8. ^ الحماد 2004، صفحات 53-54.
  9. ^ يوليوس أويتنج. رحلة داخل الجزيرة العربية، ترجمة:فائز السعيد، دارة الملك عبد العزيز. الرياض. 1419هـ/1999م. ص:97
  10. ^ الريحاني، صفحة 111.
  11. ^ السلمان 1999، صفحات 205 & 208.
  12. ^ الحماد 2004، صفحة 68.
  13. ^ تاريخ آل علي وآل رشيد وغيرهم في جبل شمر. حمد عبيد العطوني الشمري، آفاق للنشر، 2018. ص:78
  14. ^ الحماد 2004، صفحة 69.
  15. ^ الرشيد 2022، صفحة 133."ذكر في الحاشية"
  16. ^ ابن عيسى 1999، صفحة 74.
  17. ^ الرشيد 2022، صفحات 42، 134.
  18. ^ ابن عيسى 1999، صفحة 85.
  19. ^ تعليق وملاحظات حول:تاريخ آل رشيد في كتاب موزل. مجلة العرب، سنة:10. ج:9-10. مارس-أبريل 1976. ص:791
  20. ^ ا ب آل عبيد 1999، صفحة 33.
  21. ^ الحماد 2004، صفحة 71.
  22. ^ آل عبيد 1999، صفحة 35.
  23. ^ عبيد 2003، صفحة 135.
  24. ^ من شيم العرب، فهد المارك، ط:4- 1988، ص:250-251
  25. ^ ا ب عبيد 2003، صفحة 137.
  26. ^ الحماد 2004، صفحات 71-72.
  27. ^ البسام 2000، صفحة 353.
  28. ^ الحماد 2004، صفحة 74 الحاشية.
  29. ^ الرشيد 2022، صفحة 144.
  30. ^ عبيد 2003، صفحة 65.
  31. ^ الحماد 2004، صفحة 75.
  32. ^ الحماد 2004، صفحة 82.
  33. ^ قورشون 2005، صفحة 231.
  34. ^ الحماد 2004، صفحات 82-83.
  35. ^ قورشون 2005، صفحات 230-231.
  36. ^ قورشون 2005، صفحة 233.
  37. ^ السلمان 1999، صفحة 227.
  38. ^ ا ب آل عبيد 1999، صفحة 109.
  39. ^ الحماد 2004، صفحة 84.
  40. ^ البسام 2000، صفحة 358.
  41. ^ ا ب ابن عيسى 1999، صفحة 98.
  42. ^ البسام 2000، صفحة 359.
  43. ^ السلمان 1999، صفحات 336-337.
  44. ^ الحماد 2004، صفحات 85-86.
  45. ^ ا ب السلمان 1999، صفحة 241.
  46. ^ ابن عيسى 1999، صفحات 104-105.
  47. ^ الحماد 2004، صفحة 86.
  48. ^ ابن عيسى 1999، صفحة 105.
  49. ^ الركابي 2004، صفحة 157.
  50. ^ السلمان 1999، صفحة 242.
  51. ^ ابن عيسى 1999، صفحة 115.
  52. ^ البسام 2000، صفحة 381.
  53. ^ الحماد 2004، صفحة 62.
  54. ^ الريحاني، صفحة 116.
  55. ^ الحماد 2004، صفحة 63.

مراجع

عدل