ظاهرية

مذهب فقهي، وسمي بذلك نسبة للأخذ بظاهر النصوص وعدم النظر في التعليل والقياس
(بالتحويل من فقه ظاهري)

الظاهرية أو الداودية[1] مذهب فقهي، وقيل منهج فكري وفقهي، نشأ المذهب في بغداد في منتصف القرن الثالث الهجري (وبذلك يعد من ضمن الثلاث القرون الأولى)، إمامهم داود بن علي الظاهري ثم تزعمهم وأظهر شأنهم وأمرهم الإمام علي بن حزم الأندلسي. وتعد بعض المصادر أن الظاهرية هو المذهب الفقهي الخامس.

تعريف بالمدرسة الظاهرية

عدل

المدرسة الظاهرية تنادي بالتمسك وفق رؤيتها بالقرآن الذي هو كلام الله وسنة الرسول وذلك بحسب الدلالة المتيقنة منهما وإجماع الصحابة، وطرح كل ما عدا ذلك من الأمور التي تعتبرها ظنية (كالرأي والقياس واستحسان ومصالح مرسلة وسد الذرائع وشرع من قبلنا...)، فالظاهرية تسعى لتقرير مراد الله من العباد في اتباع البراهين وهي الأدلة الثابتة من كتاب الله والسنة وأجماع الصحابة، وشاع كثيرا أن أتباع المدرسة الظاهرية يقولون بالقياس الجلي، وهذا باطل إذ الظاهرية المنتسبون للظاهر ينكرون هذا وعلى رأسهم الإمام ابن حزم في المحلى، وقد نقل ابن الصلاح عنهم أنهم لا يقولون به وعد هذا من الشذوذ.

الأصول والأساس

عدل

يعتقد الظاهرية أن أصول منهجهم ومدرستهم مستمدة مما كان عليه النبي محمد وأصحابه من غير زيادة ولا نقصان إلا ما يعتري البشر من الخطأ والنسيان، فهم يرون العمل بالقطعيات المتيقنات وترك الظنون والآراء (ذهب بعضهم بجواز الأخذ بغالب الظن)لأن القطعيات هي ما أجمعت عليه الأمة وهو لايفي أبدا في إثبات الأدلة من السنن الثابتة، فالشريعة عندهم هي ما أمر الله ورسوله بحيث نقطع أنه مرادهما، وهذا ما يلزم جميع الأمة بحسب منهجهم.

بينما يعتقد مخالفوهم أنهم اخترعوا هذا المنهج وخالفوا فيه جماهير علماء الإسلام فبينهم من يخرج الظاهرية من عموم العلماء ومنهم من يعتقد بأنهم من علماء الأمة ويقبل اجتهادهم وأنهم يدخلون في الإجماع وينخرم الإجماع من دونهم

وعن الظاهرية اقرر انها قسمان:

  • ظاهر نصي
  • ظاهر عقلي

وانما الظاهر النصي في الكلام المركب، وهو ماثبت بيقين أو رجحان انه مراد المتكلم سواء اكان الخطاب بحقيقة الوضع اللغوي، ام كان بسعة المجاز اللغوي أو الأدبي..

وليس الظاهر مايتبادر للمتسامح من كونه خلاف الجلي الواضح، بل الظاهر مادل عليه الخطاب بوجوه الدلالة المعروفة في كلام العرب سواء اكان المدلول جليا واضحا، ام كان خفيا لايظهر الا باستنباط واجتهاد..

وغير الظاهر مالا تدل عليه اللغة في خطاب المتكلم كجعل شرب اللبن رضاعا.

والظاهر العقلي ليس هو كل احتمال يتصوره العقل، بل هو مالا يحتمل العقل غيره.

المذهب الظاهري ليس مذهب لغويا؛ ولكنه مذهب نصي شرعي بمقتضى فكري لغوي.

ومعنى انه فكري انه يفصل بين المعرفة الشرعية والمعرفة البشرية؛ فالمعرفة الشرعية على التوقيف والاتباع الا مافوضه الشرع إلى العقل، والمعرفة البشرية اوسع دائره في الحرية.

وميزة الشرع انه عبودية الله، وليس حرية للشهوات والشبهات والآراء.

والظاهر بجناحيه الفكري واللغوي موجه لتحرير مراد الشرع وتخليصه من الاوشاب البشرية.

*وموجزه: ان الشرع لايعرف الا بلغة العرب التي نزل بها الشرع، وماصح نقله من مراد للرسول محمد عرف بغير اللغة من ايمائه وسكوته؛ فيؤخذ بالاصطلاح الشرعي ان وجد، فأن لم يوجد أخذ بالمعنى المجازي الغالب للاستعمال، فأن لم يوجد أخذ بالمعنى الحقيقتي الوضعي.

هذا إذا تجرد الخطاب من قرائن ودلالات سياق واحاله إلى معهود شرعي بنص آخر. وان مراد الشرع هو مايتيقنه العقل أو يرجحه عند تعدد الاحتمالات.

المذهب الظاهري اتباع لرجحان الفكر بواسطة الخطاب الشرعي، ومعنى هذا انه ليس مذهب امام بعينه كالشافعي أو مالك.

فالظاهر اتباع للنص بمنهج فكري في نظريتي المعرفة.

والظاهرية اتباع لإمام أخذ بالظاهر وربما اخطأ في التطبيق كالاخذ بالحرفية والغفلة عن معقول النص ومعهوده.

"لكن له بالتنبيه على ماذكرنا منزلة رفيعة، ومحلة عالية؛ ويستحق بذلك التقدم بالفقه، وليس ذلك بموجب تقليده؛ لما ذكرنا من انه لم يعصم من الخطأ بعد رسول الله أحد من الناس، ولا يحل ان يقلد من يخطئ وان اصاب في كثير".

وكلام الإمام علي بن حزم الأندلسي في مثل هذا كثير.

لما وجدت المذاهب وتحزبت تجرد لإحياء الاصل من الاخذ بالظاهر الإمام داود بن علي الظاهري وهو معاصر للامام أحمد بن حنبل، وما زال المذهب في عز حتى كان هو المذهب الرسمي للدولة في خراسان والعراق.

فلما ضعفت دولته آخر القرن الرابع بزغ نجمه في الأندلس على يد منذر بن سعيد وابن مفلت ثم الإمام علي بن حزم الأندلسي الذي بقيت جملة من مؤلفاته، ثم كانت له دولة في القرن السادس وما بعده بالأندلس.

من أعلام المدرسة الظاهرية

عدل
  • الإمام داوود بن علي الأصفهاني المشهور بـ (داوود الظاهري): وهو ممن نادى بالأخذ بظاهر القرآن والسنة الصحيحة وفق حرفية النص، وترك الاستعانة بالأدلة العقلية والرأي والتأويل والأخذ بما اعتبره أدلة ظنية وبالمقاصد وذلك لانتشار المذهبية والرأي والتأويل في زمانه.
  • ابنه الإمام أبوبكر محمد بن داوود الظاهري.
  • الإمام النحوي نفطويه.
  • الإمام ابن حزم الظاهري المكنى بأبي محمد واسمه علي ويعرف أيضا باسم علي بن حزم الأندلسي، وهو من أصل هذا المذهب تأصيلا كاملا، بل يعتقد الكثيرون أن المذهب الظاهري، لم يكن ليبرز لولا ظهور الإمام ابن حزم.
  • الحافظ ابن طاهر القيسراني.
  • الإمام النحوي المفسر أبو حيان الغرناطي الأندلسي -صاحب تفسير البحر المحيط-.
  • منذر بن سعيد البلوطي
  • ابن نباته المعروف بابن الرومية
  • المحدث المغربي الشهير الحافظ أحمد بن الصديق الغماري
  • العلامة اللغوي المحدت أبو تراب الظاهري -- وهو من المعاصرين وتوفي من سنوات قريبة.
  • أبو عبد الرحمن بن عقيل الظاهري، وهو شيخ موسوعي له مؤلفات متعدد شغل عدة وظائف بالمملكة العربية السعودية، وهو الآن يعمل مستشار، ورئيس تحرير مجلة الدرعية.
  • الشيخ الدكتور عبد العزيز على الحربى
  • الشيخ الدكتور عبد الباقي السيد عبد الهادي الظاهرى
  • الشيخ محمد بن إبراهيم الريحان الشهير بابن تميم الظاهرى
  • الأستاذ سعيد الأفغاني
  • الإمام الشوكاني ـ وإن لم يكن ظاهرياً إلا أنه من المتعاطفين مع أهل الظاهر فكان كثير النقل لمذهب أهل الظاهر، بل كان كثير التنديد بمعارضي أهل الظاهر.[2]

الظاهرية الفقهاء

عدل

الظاهرية القضاة

عدل
  • القاضي الحرزى أبوالحسن عبد العزيز بن أحمد الأصفهانى
  • قاضى القضاة المنذر بن سعيد البلوطى
  • قاضى القضاة ابن مضاء الأندلسي النحوى
  • قاضى القضاء أحمد بن بقى الأموي حفيد بقى بن مخلد محدث الأندلس وفقيهها المتخير

المراجع

عدل
  1. ^ طبقات أهل الظاهر لأبي معاوية البيروتي: صـ ٢٩
  2. ^ قال الشوكاني في البدر الطالع (2|281) في ترجمة أبي حيان صاحب التفسير: وكان ظاهريا وبعد ذلك انتمى إلى الشافعى وكان أبو البقاء يقول انه لم يزل ظاهريا. قال ابن حجر كان أبو حيان يقول محال أن يرجع عن مذهب الظاهر من علق بذهنه انتهى. ولقد صدق في مقاله فمذهب الظاهر هو أول الفكر وآخر العمل عند من منح الإنصاف ولم يرد على فطرته ما يغيرها عن أصلها وليس هو مذهب داوود الظاهري وأتباعه بل هو مذهب أكابر العلماء المتقيدين بنصوص الشرع من عصر الصحابة إلى الآن وداوود الظاهري واحد منهم وإنما اشتهر عنه الجمود في مسائل وقف فيها على الظاهر حيث لا ينبغي الوقوف وأهمل من أنواع القياس ما لا ينبغي لمنصف إهماله، والواضح من كتب الظاهرية أنهم لايهملون هذا النوع من القياس، ولايسمى عندهم بالقياس، إنما دلالة النص، والحق أنه أدل في التعبير، والأحرص في حفظ العقل في الخوض في متاهات التأويل، ودلالة النص هو نفسه القياس بالنص عند أصوليين المذاهب.

المصادر

عدل
  • كتاب (المدرسة الظاهرية بالمغرب والأندلس) للدكتور توفيق الغلبزوني.
  • تاريخ أهل الظاهر للدكتور عبد الباقي السيد عبد الهادي، دار الآفاق العربية، القاهرة.
  • الظاهرية والمالكية وأثرهما في المغرب والأندلس في عهد الموحدين، للدكتور عبد الباقي السيد عبد الهادي، دار الآفاق العربية، القاهرة.
  • ابن حزم الظاهري وأثره في المجتمع الأندلسي، للدكتور عبد الباقي السيد عبد الهادي، دار الآفاق العربية، القاهرة.