تنمر على المثليين

يشمل التنمر على المثليين (بالإنكليزية: gay bashing أو gay bullying) أية إساءة لفظية أو جسدية لشخص ينظر إليه المعتدي على أنه/ها مثلي/ة الجنس، أو متحول/ة جنسياً، حتى الأفراد منهم الذين يُعتبرون في الحقيقة غيريي الجنس.

وقد يَستخدم التنمر اللفظي على المثليين افتراءات جنسية، وشتائم، وترهيباً، وتهديداً بالعنف أو عنفاً فعلياً، كما قد يطرأ في سياق سياسي متضمناً واحداً من الشعارات الشائعة المعادية للمثليين على الأقل.

ويتضمن التنمر على المثليين ممارسات مقصودة وغير مبررة بحق الضحية، وأفعالاً سلبية متكررة، يقترفها شخص أو مجموعة أشخاص، وإخلالاً بتوازن القوة الجسدية مع النفسية.[1][2]

السياق

عدل

لقد طرأ التنمر على المثليين حول العالم لعدة عقود ويستمر حتى اليوم،[3] وقد اتخذ رهاب المثليين منحىً خطيراً في الولايات المتحدة الأمركيية، لاسيّما في أواخر أربعينيات القرن العشرين وبدايات خمسينياته، عندما طُرد العديد من الأفراد المثليين من الحكومة، وذلك من قِبل مجالس أعدّها الرئيسان هاري ترومان ودوايت آيزنهاور،[4] كما يشرح المؤرخ ديفيد جونسون:[5]

«ساهم خوف الخزامى بتصاعد نيران الخوف الأحمر، وقد جرى دمج الشيوعيين مع المثليين غالباً في الخطابات الشائعة، إذ اعتُبرت كلتا المجموعتين ثقافة فرعية خفيّة تمتلك ما يخصّها من أماكن اجتماعات، وأدب، ورموز ثقافية، وروابط ولاء، واعتُقد أنهما تجندان المضطربين أو الضعيفين نفسياً لصفوفهما، واعتُبرتا لا أخلاقيتين وكافرتين، واعتقد العديد من الأشخاص أنهما كانتا تعملان سويةً لتقويض الحكومة.»

ويختتم جونسون بأن السيناتور جو ماكارثي، ذي السمعة السيئة لاعتداءاته على من زعم بكونهم شيوعيين ضمن الحكومة، كان يتعرّض للضغط غالباً من قبل حلفائه للتنديد بمثليي الجنس في الحكومة أيضاً، ولكنه قاومهم ولم يفعل ذلك.[5]

أسباب التنمّر على المثليين

عدل

قد تتطور لدى مثليي الجنس من ذكور وإناث أنماط شديدة من الاكتئاب والقلق أثناء نموّهم، في الواقع يعاني 71.4% من الأشخاص المنتمين للإل جي بي تي من اضطراب اكتئابي،[note 1] والذي قد ينتج عن عوامل تتعلق بتقدير الذات، ووطأة التكيّف، وضغط الأقلية، والإفصاح عن الميول، ورفض العائلة، والأبوة أو الأمومة، وتشكيل العلاقات، والعنف، سواءً كان جسدياً، أم ذهنياً أم لفظياً.[note 2]

يترافق التقدير الذاتي مع وطأة التكيّف، فعندما يُملى على شخص كهذا كيف يبدو ومَن يُحب، سيُستنزف تقديره لذاته، فيشعر بأنه غير جيد ما بما يكفي بطبيعته، من جهة أخرى تؤدي عدم قدرة الزوجين المثليين على إنجاب طفلهما الخاص بحد ذاتها إلى الاكتئاب، ناهيك عن حرمانها من حق التبني، ولم يُسمح للزوجان المنتميان لإل جي بي تي بالتبني قانونياً في الولايات الأمريكية الخمسين جميعها حتى شهر آذار/مارس من عام 2016.

آثار التنمر على المثليين

عدل

قد يجعل التنمر على المثليين بعض ضحاياه يشعرون بالحزن وعدم الأمان،[6] كما قد يتراجع بعضهم اجتماعياً كآلية تلاؤمية، وربما يحاول بعض طلّاب المدارس المثليين أو الذين لم يحددوا ميولهم الجنسية بعد أن يبدوا غيريي الجنس ليتفادوا التنمّر، ما قد يعزلهم عمّن مثلهم، أو من يُحتمل كونهم حلفاء، أو عن الدعم عموماً، [10] والأمر مماثل بالنسبة للبالغين.[7]

سلوكيات رهاب المثليين والمتحولين جنسياً التمييزية الظاهرة والباطنة في الأُطر التعليمية

عدل

يمكن تصنيف العنف القائم على رهاب المثليين أو المتحولين جنسياً في الأطر التعليمية لظاهر وباطن، فيتألف الأول من ممارسات جليّة تجعل المستهدفين يشعرون بعدم الارتياح، أو التأذي، أو الخزي، أو الرعب، وغالباً ما يمتنع الزملاء والكادر التدريسي عن التدخل عندما يشهدون حوادث كهذه، ما يساهم في جعلها أمراً عادياً ومقبولاً.

علماً أنه لا يُبلغ عن حالات العنف القائم على رهاب المثليين أو متحولي الجنس –حاله كحال جميع أنواع العنف القائم على النوع الاجتماعي– بالشكل الكافي، نظراً لخوف المُسهدف من العقاب، بالإضافة إلى قلّة وجود أنظمة داعمة أو إصلاحية، أو انعدامها،[8][9][10][11] ويؤدي غياب السياسات الفعالة، والحماية والمعالجة لحلقة فاسدة تصبح يتزايد فيها اعتبار حوادث كهذه أمراً طبيعياً.[10]

في المقابل يُعتبر العنف الباطن أو الضمني القائم على رهاب المثليين أو متحولي الجنس، والمسمى أحياناً بالـ«رمزي» أو «المنهجي»، أكثر حذقاً من ذاك الظاهر، ويتألف من سلوكيات منتشرة قد تبدو أحياناً غير مؤذية أو طبيعية من منظور مجتمع المدرسة، ولكنها تسمح بالمقابل برهاب المثليين أو المتحولين جنسياً أو تشجعه، بما يتضمن إدامة صور نمطية مؤذية.

ويمكن لسياسات أو قواعد إرشادية معيّنة أن تعزز هذه السلوكيات أو تضمّنها سواءً في مؤسسة فردية أو عبر القطاع التعليمي بأكمله، فتصبح بذلك جزءاً من الممارسات اليومية وقواعد توجّه السلوك المدرسي،[11][12][13] ومن الأمثلة على العنف الباطن القائم على رهاب المثليين أو متحولي الجنس:

  • الجزم بأن بعض المواد الدراسية تلائم بعض الطلاب بشكل أفضل بناءً على ميولهم الجنسية أو هويتهم/تعبيرهم الجنسيين (على سبيل المثال، العلوم للطلاب الذكور غيريي الجنس، والدراما للطلاب الذكور المثليين).
  • اقتراح أنه من الطبيعي أن يكون للطلاب غيريي الجنس سلطة أو تأثيراً أكبر (على سبيل المثال، اعتبار آراء الطلاب المنتمين للإل جي بي تي آي هامشيةً وغير مهمة).
  • تعزيز الصور النمطية المتعلقة بالتوجه الجنسي أو الهوية/التعبير الجنسيين في مواد المنهاج التعليمي أو تدريب المعلمين، كما من خلال الصور أو الحوارات (على سبيل المثال، الإشارة إلى غيرية الجنس بالـ«طبيعية»).
  • تعزيز الصور النمطية المتعلقة بالتوجه الجنسي أو الهوية/التعبير الجنسيين في السياسات، والقواعد والأنظمة التعليمية (على سبيل المثال، من خلال عدم الاعتراف بكون طلاب الإل جي بي تي آي جزءاً من مجتمع المدرسة، وبعدم تخصيصهم في السياسات المتعلقة به).[9]

الدعم

عدل

استجابةً للوعي المتزايد حول التنمر على المثليين، أُسّس عدد من مجموعات الدعم لمساعدة أفراد الإل جي بي تي على التعامل مع الإساءة التي يتعرضون لها، ففي المملكة المتحدة تنشط كل من ستونوول يو كيه،[10][14] والشبكة المقاومة للتنمر، بينما في روسيا تنشط الشبكة الروسيّة للإل جي بي تي.

ومن الحركات المميزة في الولايات المتحدة الأمريكية مشروع «تصبح الأمور أفضل»، والذي يحتفي بالمشاهير والأفراد العاديين من الإل جي بي تي الذين يصوّرون مقاطع فيديو على اليوتيوب ويشاركون المراهقين المثليين رسائل ملأى بالأمل.[15]

ملاحظات

عدل
  1. ^ After McCarthy called him an ex-Communist, Hank Greenspun wrote: "It is common talk among homosexuals in ميلواكي (ويسكونسن) who rendezvous in the White Horse Inn that Senator Joe McCarthy has often engaged in homosexual activities." لاس فيغاس صن, October 25, 1952. McCarthy later explained he meant to call Greenspun an ex-convict (which was true), rather than an ex-Communist (which was false).
  2. ^ The allegations are specifically rejected in Richard Rovere, Senator Joe McCarthy (1969), p. 68; see also Robert D. Dean, Imperial Brotherhood: Gender and the Making of Cold War Foreign Policy (2001) p. 149 (includes Bradlee quote); Kyle A. Cuordileone, Manhood and American Political Culture in the Cold War (2003), p. 94; Thomas Patrick Doherty, Cold War, Cool Medium: Television, McCarthyism, and American Culture, (2003), p. 228. Geoff Schumacher, Sun, Sin & Suburbia: An Essential History of Modern Las Vegas (2004), p. 144, concludes, "Greenspun descended into mud-spewing rhetoric that would make the National Enquirer blanch." Knowing that McCarthy would not dare enter Nevada, where he would be served with a lawsuit for defaming Greenspun, Greenspun punished McCarthy with his own weapon of anonymous, scandalous accusations.

المراجع

عدل
  1. ^ "Bullying Myths and Facts". US Dept of Education. مؤرشف من الأصل في مارس 25, 2010. اطلع عليه بتاريخ أكتوبر 2, 2010.
  2. ^ Meyer، Doug (2015). Violence against Queer People. Rutgers University Press. مؤرشف من الأصل في 2019-05-15.
  3. ^ Rogers، Thomas (12 ديسمبر 2010). "Explaining American schools' gay bullying epidemic". Salon.com. مؤرشف من الأصل في 2019-02-22. اطلع عليه بتاريخ 2010-12-12.
  4. ^ Sears، Brad؛ Hunter، Nan D.؛ Mallory، Christy (September 2009). Documenting Discrimination on the Basis of Sexual Orientation and Gender Identity in State Employment (PDF). Los Angeles: The Williams Institute on Sexual Orientation and Gender Identity Law and Public Policy at UCLA School of Law. ص. 5–3. مؤرشف من الأصل (PDF) في 2019-08-02. اطلع عليه بتاريخ أغسطس 2020. From 1947 to 1961, more than 5,000 allegedly homosexual federal civil servants lost their jobs in the purges for no reason other than sexual orientation, and thousands of applicants were also rejected for federal employment for the same reason. During this period, more than 1,000 men and women were fired for suspected homosexuality from the State Department alone—a far greater number than were dismissed for their membership in the Communist party. The Cold War and anti-communist efforts provided the setting in which a sustained attack upon gay men and lesbians took place. The history of this 'Lavender Scare' by the federal government has been extensively documented by historian David Johnson. Johnson has demonstrated that during this era government officials intentionally engaged in campaigns to associate homosexuality with Communism: 'homosexual' and 'pervert' became synonyms for 'Communist' and 'traitor.' LGBT people were treated as a national security threat, demanding the attention of Congress, the courts, statehouses, and the media. {{استشهاد بكتاب}}: تحقق من التاريخ في: |تاريخ الوصول= (مساعدة)
  5. ^ ا ب "An interview with David K. Johnson". University of Chicago Press. مؤرشف من الأصل في 2019-04-28.
  6. ^ Every Class in Every School, Final Report on the First National Climate Survey on Homophobia, Biphobia, and Transphobia in Canadian Schools, Egale Canada "نسخة مؤرشفة". مؤرشف من الأصل في 2015-08-06. اطلع عليه بتاريخ 2019-02-21.{{استشهاد ويب}}: صيانة الاستشهاد: BOT: original URL status unknown (link)
  7. ^ Nordgren، L. F.؛ Banas، K.؛ MacDonald، G. (2011). "Empathy Gaps for Social Pain: Why People Underestimate the Pain of Social Suffering". Journal of Personality and Social Psychology. ج. 100 ع. 1: 120–128. DOI:10.1037/a0020938. PMID:21219077.
  8. ^ Crozier، W. R.؛ Skliopidou، E. (2002). "Adult Recollections of Name-calling at School". Educational Psychology. ج. 22 ع. 1: 113–124. DOI:10.1080/01443410120101288.
  9. ^ ا ب Phoenix، A.؛ Frosh، S.؛ Pattman، R. (2003). "Producing Contradictory Masculine Subject Positions: Narratives of Threat, Homophobia and Bullying in 11-14 Year Old Boys". Journal of Social Issues. ج. 59 ع. 1: 179–195. DOI:10.1111/1540-4560.t01-1-00011.
  10. ^ ا ب ج Smith، G. W. (1998). "The Ideology of "Fag": The School Experience of Gay Students". The Sociological Quarterly. ج. 39 ع. 2: 309–335. DOI:10.1111/j.1533-8525.1998.tb00506.x.
  11. ^ ا ب Swearer، S. M.؛ Turner، R. K.؛ Givens، J. E.؛ Pollack، W. S. (2008). "You're So Gay!": Do Different Forms of Bullying Matter for Adolescent Males?". School Psychology Review. ج. 37 ع. 2: 160–173.
  12. ^ Russell، S. T.؛ Joyner، K. (2001). "Adolescent Sexual Orientation and Suicide Risk: Evidence From a National Study". American Journal of Public Health. ج. 91 ع. 8: 1276–1281. DOI:10.2105/ajph.91.8.1276. PMC:1446760. PMID:11499118.
  13. ^ Williams، T.؛ Connolly، J.؛ Pepler، D.؛ Craig، W. (2005). "Peer Victimization, Social Support, and Psychosocial Adjustment of Sexual Minority Adolescents" (PDF). Journal of Youth and Adolescence. ج. 34 ع. 5: 471–482. CiteSeerX:10.1.1.459.218. DOI:10.1007/s10964-005-7264-x. مؤرشف من الأصل (PDF) في 2017-08-08.
  14. ^ Pascoe, C. J. (2007). Dude You're a Fag, Masculinity and Sexuality in High School. Berkeley & Los Angeles, CA: University of California Press
  15. ^ Herek، G. M. (1986). "On Heterosexual Masculinity, Some Psychical Consequences of the Social Construction of Gender and Sexuality". American Behavioral Scientist. ج. 29 ع. 5: 563–577. DOI:10.1177/000276486029005005.