تدخل الولايات المتحدة في تغيير الأنظمة في أمريكا اللاتينية
يتضمن تدخل الولايات المتحدة في تغيير الأنظمة في أمريكا اللاتينية انقلابات مدعومة من الولايات المتحدة تهدف إلى استبدال الزعماء اليساريين بآخرين يمينيين، أو مجالس عسكرية، أو أنظمة سلطوية أخرى.[1] كانت التدخلات الاقتصادية والعسكرية قليلة أثناء الحرب الباردة، بما يتماشى مع مبدأ ترومان للاحتواء، لكن التدخل في تغيير الأنظمة تزايد بعد صياغة توجيه مجلس الأمن القومي الأمريكي رقم 68، الذي دعا إلى مواجهة أكثر حدة لحلفاء السوفييت المحتملين.[2] وقعت حالات تدخل عديدة لتغيير الأنظمة خلال فترة جمهورية الموز من التاريخ الأمريكي اللاتيني في مطلع القرن العشرين، تهدف إلى تعزيز المصالح التجارية الأمريكية في المنطقة.[1] بدأ التدخل الأمريكي في تغيير الأنظمة في هذه الفترة من التاريخ الأمريكي اللاتيني بعد توقيع معاهدة باريس في بداية الحرب الأمريكية الإسبانية. حصلت كوبا على استقلالها، بينما ظلت بورتو ريكو والفلبين تحت الاحتلال الأمريكي.[3] أدت سياسة الولايات المتحدة التوسعية والإمبريالية، والآفاق الاقتصادية الجديدة، إلى تدخل متزايد للولايات المتحدة في أمريكا اللاتينية منذ عام 1898 وحتى مطلع ثلاثينيات القرن العشرين.[4]
تاريخ
عدلالأرجنتين
عدلفي الأرجنتين، أطاحت القوات المسلحة بالرئيسة المنتخبة ديمقراطيًا إيزابيل بيرون في انقلاب عام 1975، فبدأت الديكتاتورية العسكرية للجنرال خورخه رفاييل فيديلا، فيما يعرف بإعادة التنظيم الوطنية، ما أسفر عن 30,000 حالة اختفاء قسري. كان كل من الانقلاب والنظام السلطوي التالي مجازين بحماس ومدعومين من حكومة الولايات المتحدة[بحاجة لمصدر] فقد أجرى وزير الخارجية الأمريكي هنري كيسنجر زيارات رسمية عديدة للأرجنتين في فترة حكم الديكتاتورية.[5][6] ومن بين انتهاكات حقوق الإنسان العديدة التي ارتكبت خلال تلك الفترة، الاعتقال دون حكم قضائي، والإعدامات الجماعية، والتعذيب، والاغتصاب، واختفاء السجناء والمنشقين السياسيين،[7] وعمليات النقل غير القانونية لأطفال النساء الحوامل (سواء كانوا حوامل قبل سجنهم أو حملوا بسبب الاغتصاب المستمر)،[7] ووفقًا للقاضي الإسباني بالتازار جارزون، فقد كان كيسنجر شاهدًا على تلك الجرائم.[8]
بوليفيا
عدلدعمت حكومة الولايات المتحدة انقلاب عام 1971 بقيادة الجنرال هوجو بانزر الذي أطاح بالرئيس البوليفي خوان خوسيه توريس.[9][10] كان توريس قد أثار استياء واشنطن بعقده مجلس الشعب (Asamblea del Pueblo)، الذي مُثل فيه نواب عن قطاعات بروليتارية محددة (كعمال المناجب، واتحاد المعلمين، والطلاب، والفلاحين)، وبشكل أعم بسبب اقتياد البلاد إلى ما فهم أنه طريق يساري. أطلق بانزر انتفاضة عسكرية بدأت في 18 أغسطس، 1971، ونجحت في تولي مقاليد السلطة في 22 أغسطس 1971. وبعد أن تولى بانزر الحكم، وفرت الولايات المتحدة مساعدات عسكرية شاملة وغيرها من أشكال المساعدة لديكتاتورية بانزر، بينما قمع بانزر حرية التعبير والمعارضة، وعذب الآلاف، وأخفى وقتل الآلاف، وأغلق النقابات العمالية والجامعات.[11][12] وقد اختطف توريس، الذي كان قد فر من بوليفيا، واغتيل في عام 1976 ضمن عملية كوندور، وهي حملة قمع سياسي وإرهاب دولة من قبل دكتاتوريي أمريكا الجنوبية اليمينيين، مدعومة من الولايات المتحدة.[13][14][15] وصف الكثيرون، ومنهم الرئيس المخلوع إيفو موراليس، الأزمة البوليفية في عام 2019 بأنها انقلاب مدعوم من أمريكا للاستفادة من احتياطات البلاد الكبيرة من الليثيوم، لكن صحة هذا الادعاء لم تثبت.[16]
البرازيل
عدلعاشتا لبرازيل عقودًا عدة تحت حكومات سلطوية، وخصوصًا بعد انقلاب عام 1964 المدعوم أمريكيًا[17] ضد الديمقراطي الاشتراكي جواو غولار. تحت قيادة الرئيس الأمريكي آنذاك، جون كيندي، سعت الولايات المتحدة إلى «منع البرازيل من أن تصبح صينًا أو كوبا أخرى»، وهي سياسة نفذت في عهد ليندون جونسون، وأدت إلى أن يدعم الجيش الأمريكي الانقلاب في عام 1964.[18][19]
تشيلي
عدلبعد الانتخابات الديمقراطية للرئيس سلفادور أليندي في عام 1970، تسببت حرب اقتصادية أمر بشنها الرئيس ريتشارد نيكسون،[20] وأشياء غيرها، في وقوع انقلاب تشيلي لعام 1973، بتدخل من وكالة الاستخبارات المركزية،[21] بسبب ميول أليندي الديمقراطية الاشتراكية. وفي أعقاب ذلك نهوض ديكتاتورية أوغستو بينوشيه العسكرية المدعومة أمريكيا لعقود طويلة.[22] وفي عام 1988، أجري استفتاء شعبي لاعتماد حكم بينوشيه 8 أعوام أخرى. أيد ائتلاف أحزاب الديمقراطية المعارض الخيار «لا»، ففاز بالاستفتاء وأنهى حكم بينوشيه ديمقراطيًا. وبعد ذلك عقدت الانتخابات في 1989، ففاز الائتلاف مرة أخرى.[23][24][25]
يذكر تقرير الحكومة الأمريكية «Annex-NSSM 97» الذي رفعت عنه السرية تفاصيل خطة مبكرة للإطاحة بالرئيس أليندي إذا كان له أن يتولى الرئاسة.[26] وتذكر الوثيقة صراحة أنه لا ينبغي الكشف عن دور الحكومة الأمريكية، وأنها تستخدم المؤسسات التشيلية بشكل رئيسي كطريقة للإطاحة بالرئيس. وقد سلط الضوء على الجيش التشيلي باعتباره أفضل وسيلة لتحقيق ذلك الهدف. تتمثل فوائد الانقلاب الذي قام به الجيش في تقليل تهديدات الماركسية في أمريكا اللاتينية، وفي تنحية خطر محتمل على الولايات المتحدة.[27]
السلفادور
عدلبعد أن نشبت انتفاضات عديدة للفلاحين والعمال في البلاد ضد الحكومات الأوليغاركية والمناهضة للديمقراطية، والتي كثيرًا ما تحكمت فيها مصالح شركات أمريكية قوية مثل شركة الفاكهة المتحدة. وبظهور شخصيات مثل فارابوندو مارتي، الذي قاد تلك الثورات الشعبية التي سحقت بعنف، فقد أحبطت هذه الجهود التي هدفت إلى تولي السلطة بشكل ديمقراطي مرات عديدة بتدخل أمريكي. وقد انتشرت الحروب الأهلية لمواجهة الحكومات المدعومة أمريكيًا في السلفادور حروب العصابات.[28][29][30]
انظر أيضًا
عدلمراجع
عدل- ^ ا ب Schenoni, Luis and Scott Mainwaring (2019). "US hegemony and regime change in Latin America". Democratization. ج. 26 ع. 2: 269–287. DOI:10.1080/13510347.2018.1516754. S2CID:150297685. مؤرشف من الأصل في 2021-05-13.
- ^ Heuser, Beatrice. “NSC 68 and the Soviet Threat: a New Perspective on Western Threat Perception and Policy Making.” Review of International Studies 17, no. 1 (1991): 17–40. doi:10.1017/S0260210500112306.
- ^ "The Spanish-American War - The World of 1898: The Spanish-American War (Hispanic Division, Library of Congress)". www.loc.gov. مؤرشف من الأصل في 2021-05-07. اطلع عليه بتاريخ 2021-03-16.
- ^ Gilderhusrt, Mark T. (2000). Ewell, Judith; Beezley, William H. (eds.). The Second Century: U.S.–Latin American Relations Since 1889. Rowman & Littlefield Publishers. p. 49. ISBN 978-0-8420-2414-3.
- ^ "Kissinger approved Argentinian 'dirty war'". The Guardian. 6 ديسمبر 2003. مؤرشف من الأصل في 2021-04-17. اطلع عليه بتاريخ 2015-03-19.
- ^ "Transcript: U.S. OK'd 'dirty war'" (PDF). The Miami Herald. 4 ديسمبر 2003. مؤرشف من الأصل (PDF) في 2014-06-17.
- ^ ا ب Goni، Uki (22 يوليو 2016). "How an Argentinian man learned his 'father' may have killed his real parents". The Guardian. مؤرشف من الأصل في 2021-04-20. اطلع عليه بتاريخ 2016-07-22.
- ^ "CNN.com – Spanish judge seeks Kissinger – April 18, 2002". Edition.cnn.com. مؤرشف من الأصل في 2021-03-01. اطلع عليه بتاريخ 2015-02-22.
- ^ North American Congress on Latin America (NACLA) September 25, 2007, "Alliance for Power: U.S. Aid to Bolivia Under Banzer," https://nacla.org/article/alliance-power-us-aid-bolivia-under-banzer نسخة محفوظة March 17, 2018, على موقع واي باك مشين.
- ^ Huffington Post, October 23, 2008 updated on May 25, 2011, "U.S. Intervention in Bolivia," https://www.huffingtonpost.com/stephen-zunes/us-intervention-in-bolivi_b_127528.html نسخة محفوظة January 21, 2017, على موقع واي باك مشين. reposted from Foreign Policy in Focus
- ^ BBC News, March 5, 2009, "Hidden Cells Reveal Bolivia's Dark Past," http://news.bbc.co.uk/2/hi/americas/7925694.stm نسخة محفوظة March 10, 2009, على موقع واي باك مشين.
- ^ The Guardian, May 5, 2002, "Hugo Banzer: Former President and Dictator of Bolivia Who Headed a Brutal Military Regime," https://www.theguardian.com/news/2002/may/06/guardianobituaries.bolivia نسخة محفوظة July 21, 2016, على موقع واي باك مشين.
- ^ National Security Archive March 8, 2013, "Operation Condor on Trial: Legal Proceeding on Latin American Rendition and Assassination Program Open in Buenos Aires," https://nsarchive2.gwu.edu/NSAEBB/NSAEBB416/ نسخة محفوظة March 17, 2018, على موقع واي باك مشين.
- ^ Blakeley، Ruth (2009). State Terrorism and Neoliberalism: The North in the South. Routledge. ص. 22 & 23. ISBN:978-0-415-68617-4. مؤرشف من الأصل في 2015-06-14.
- ^ McSherry، J. Patrice (2011). "Chapter 5: "Industrial repression" and Operation Condor in Latin America". في Esparza, Marcia؛ Henry R. Huttenbach؛ Daniel Feierstein (المحررون). State Violence and Genocide in Latin America: The Cold War Years (Critical Terrorism Studies). Routledge. ص. 107. ISBN:978-0-415-66457-8.
- ^ "Morales claims US orchestrated 'coup' to tap Bolivia's lithium". www.aljazeera.com. مؤرشف من الأصل في 2020-09-13.
- ^ Skidmore، Thomas. The Politics of Military Rule in Brazil, 1964-1985. مؤرشف من الأصل في 2021-03-07.
- ^ "National Security Archive". National Security Archive. مؤرشف من الأصل في 2021-05-09.
- ^ "The Day That Lasted 21 Years (O Dia Que Durou 21 Anos): Rio Review". The Hollywood Reporter. مؤرشف من الأصل في 2021-03-09.
- ^ Peter Kornbluh. "Chile and the United States: Declassified Documents Relating to the Military Coup, September 11, 1973". مؤرشف من الأصل في 2015-03-23.
- ^ McSherry، J. Patrice (2011). "Chapter 5: "Industrial repression" and Operation Condor in Latin America". في Esparza, Marcia؛ Henry R. Huttenbach؛ Daniel Feierstein (المحررون). State Violence and Genocide in Latin America: The Cold War Years (Critical Terrorism Studies). Routledge. ص. 107. ISBN:978-0415664578.
- ^ "CIA Activities in Chile — Central Intelligence Agency". Cia.gov. مؤرشف من الأصل في 2020-12-30. اطلع عليه بتاريخ 2013-01-23.
- ^ Corte revoca mayoría de procesamientos en caso Riggs, El Mercurio, 3 January 2007 باللغة الإسبانية نسخة محفوظة 2020-08-10 على موقع واي باك مشين.
- ^ Pinochet family arrested in Chile, BBC, 4 October 2007 باللغة الإنجليزية نسخة محفوظة 2021-04-30 على موقع واي باك مشين.
- ^ Cobertura Especial: Detienen a familia y principales colaboradores de Pinochet, La Tercera, 4 October 2007 باللغة الإسبانية نسخة محفوظة 11 October 2007 على موقع واي باك مشين.
- ^ https://nsarchive.gwu.edu/documents/extreme-option-overthrow-allende/01.pdf نسخة محفوظة 2020-11-11 على موقع واي باك مشين.
- ^ Interdepartmental, Memorandum, "Annex-NSSM 97, Extreme Option—Overthrow Allende," Secret, August 18, 1970.
- ^ Francesca Davis DiPiazza. El Salvador in Pictures. ص. 32.
- ^ (No author.)"Supply Line for a Junta," TIME Magazine March 16, 1981. Retrieved 2008-07-16. نسخة محفوظة 2013-08-26 على موقع واي باك مشين.
- ^ [1] CIA World Factbook. Accessed online February 21, 2008. نسخة محفوظة 2021-05-07 على موقع واي باك مشين.