بوابة:الإسلام/مقالة مختارة/26
قاضي القُضاة هو منصبٌ ديني ودُنيوي إسلامي ابتُكر خلال العصر العبَّاسي أيَّام خلافة هارون الرشيد بعد أن ظهرت الحاجة المُلحَّة إلى فصل السلطة القضائيَّة عن السلطة التنفيذيَّة بعد أن ازدهرت الدولة الإسلاميَّة وتنوعت مرافقها وتوسعت وصارت الحاجة مُلحة أن يتولى كل شخص في الدولة منصبًا إداريًّا مستقلًّا عن غيره من المناصب، كي يقوم بواجبه على أكمل وجه. قلَّد الخليفة العبَّاسي هارون الرشيد، منصب قاضي القضاة لأوَّل مرة في التاريخ الإسلامي، إلى الإمام أبي يوسف الذي يُعتبر أوَّل من نظَّم شؤون القضاء باستقلاليَّة إلى حدٍ ما عن السلطة التنفيذيَّة، وأوجد الزي الخاص بالقضاة، وتحددت مهام قاضي القضاة في بغداد، كما كرَّس أبو يوسف مذهب أستاذه الإمام أبي حنيفة النعمان في القضاء. وكان يوجد قاضي قضاة واحد في بغداد، ومع قيام الدولة الفاطميَّة في مصر، أصبح هناك قاضي قضاة آخر في القاهرة على المذهب الشيعي الإسماعيلي. ومع السلطنة المملوكيَّة، أصبح لكل مذهب من المذاهب الأربعة عند أهل السنَّة، قاضي قضاة. وكان تقليد قاضي القضاة يتم في احتفال يقرأ فيه عهد الخليفة، وبعد ذلك يُباشر سلطته القضائيَّة، هذه السلطة التي أُضيفت إليها وظائف أخرى غير قضائيَّة، مثل إمارة الحج والخِطابة والنظر في الجوامع والتدريس ووِكالة بيت المال والحِسبة ومشيخة الشيوخ ودار الضرب والأسوار وغيرها، مما يدل على المكانة التي كان يحتلها قاضي القضاة، سواء في بغداد أو القاهرة أو دمشق أو قرطبة (حيثُ عُرف بقاضي الجماعة).