النشاط السياسي للمرأة البحرينية (1971-1976)

النشاط السياسي للمرأة البحرينية في الفترة من 1971 إلى 1976 يمثل مرحلة هامة في تاريخ البحرين الحديث حيث بدأت النساء في البلاد تتجاوزن القيود الاجتماعية التقليدية للمشاركة في الحياة السياسية. جاء هذا النشاط بعد الاستقلال عن الاستعمار البريطاني حيث تزايدت المطالبات بالحقوق السياسية والاجتماعية للمرأة كجزء من الحركة الديمقراطية الأوسع في البحرين.

خلال هذه الفترة شاركت النساء البحرينيات في تأسيس منظمات نسائية وحقوقية وساهمن في الحملات المطالبة بالتغيير السياسي والاجتماعي بما في ذلك حق التصويت والترشح للانتخابات. كما لعبت المرأة دورا فعالا في النقاشات العامة حول الحقوق المدنية والمساواة.

المقدمة

عدل

أدى اكتشاف النفط في ثلاثينيات القرن العشرين وازدياد عائداته في إمارات الخليج العربي لا سيما البحرين إلى انهيار القيم والمعتقدات القديمة وظهور مفاهيم جديدة ارتبطت بازدياد عائدات النفط فأصبحت سبباً العمليات التحول في المجتمعين البحريني وارتبط ذلك التحول بالتغيرات الناتجة عن الهجرة من الريف والبادية إلى المدن وهجرة الوافدين إلى الخليج العربي وغالبيتهم من المثقفين مما فتح للمرأة الخليجية أبواب التعليم وأتاح لها المساهمة الفاعلة في الحياة العامة بعيداً عن تأثير العادات والتقاليد القديمة.[1]

إن تطور تعليم المرأة في البحرين في الخمسينيات كان نتيجة لعدة عوامل ابرزها ابتعاث أول دفعة من الفتيات لإكمال دراستهن في الخارج لاسيما في جامعات القاهرة وبيروت مما أدى لدخولهن في احتكاك بمجتمعات جديدة وأنماط مختلفة من الحياة والتفكير وجاء العامل الآخر متمثلاً بالعامل السياسي ونشوء حركة وطنية فعالة في البحرين كان لها أثر على الحياة الاجتماعية إذ شاركت فيها المرأة بشكل ملحوظ ثم أتى عامل آخر لا يقل أهمية عن العاملين السابقين وهو العامل الاقتصادي إذ شهدت حقبة الخمسينيات بداية الانتعاش الاقتصادي بعد تطبيق نظام مناصفة الارباح مع الشركات الأجنبية فكانت البحرين أبرز المتأثرين بذلك الانتعاش نتيجة ارتفاع ميزانية الدولة مما هيأ لها زيادة الخدمات العامة ومن ضمنها الخدمات التعليمية فضلاً عن ذلك تنوعت وسائل الاعلام من راديو وتلفزيون وصحف ومجلات وكتب وأصبح بميسور الكثير التنقل والسفر وبالتالي الدخول في علاقة مباشرة مع الحضارات والانماط الاجتماعية الأخرى.[2]

نشاط المرأة البحرينية السياسي (1971-1974)

عدل

كان للمرأة البحرينية دور مبكر في الساحة السياسية إذ شاركت في أول انتخابات بلدية جرت عام 1950 ولكنها حصلت على حق التصويت لا الترشيح وتلك المشاركة عُدت أول ممارسة سياسية عملية للمرأة فضلاً عن الدور الذي أدته النساء البحرينيات حديثات التخرج من الجامعات في القاهرة وبيروت ودمشق في تعميق وزيادة وعي الطالبات للمشاركة في العمل السياسي، فكانت نتيجة ذلك المشاركة النسائية البحرينية في تظاهرة منددة للعدوان الثلاثي على مصر عام 1956 وفي عقد الستينيات كان للمرأة البحرينية نشاط داخل الحركات السرية التي نمت بين الطلبة الدارسين في الخارج مما أدى إلى اكسابها العديد من خبرات العمل السياسي فضلاً عن زيادة الوعي الوطني لديها ومشاركتها الفاعلة في التظاهرات الشعبية عام 1965.[3]

كان النشاط النسائي في البحرين قد وصل ذروته مع بداية حقبة السبعينيات وذلك بتأسيس عدد من الجمعيات النسائية التي عملت على تنظيم المطالب النسائية لاسيما في المجال السياسي فبعد اعلان استقلال البحرين من الحماية البريطانية في 14 أغسطس 1971 اتجهت سياسة تلك الجمعيات نحو تعزيز انتماء البحرين إلى الوطن العربي عندما قامت بتشكيل وفد قابل المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة بعد مطالبات إيران بضم البحرين إليها فضلاً عن اشتراك ثلاث نساء في استفتاء تقرير المصير مؤكدة عروبة البحرين.[4]

شهدت تلك المدة نشاطاً نسائياً للمطالبة بالحقوق السياسية لاسيما وأن الدستور البحريني الصادر عام 1973 منحها حق التصويت والترشيح إلا أن الأفكار التقليدية السائدة لدى بعض فئات المجتمع البحريني أدت إلى سلب تلك الحقوق الأمر الذي دفع المرأة البحرينية وبتأييد من بعض التيارات السياسية المؤيدة لحقوقها لعقد العديد من الندوات واللقاءات للدفاع عن تلك الحقوق فأقامت جمعية أوال تجمعاً في أكتوبر 1973 طالبت فيه بمنح حق المرأة البحرينية في الترشيح والانتخاب.[5]

حرص الدستور البحريني الصادر عام 1973 على التأكيد على مبادئ المساواة والعدالة وإعطاء المواطنين حق المشاركة في الشؤون العامة وتكافؤ الفرص فيما بينهم إذ نصت المادة 18 من الدستور على أن مبدأ المساواة بين المواطنين أمام القانون في الحقوق والواجبات العامة لا تمييز بينهم بسبب الجنس والأصل.

بالرغم من المبادئ التي أرساها الدستور البحريني في عام 1973 والذي كفل لمواطنيه حق المساواة والعدالة إلا أنه قرر في قانون الانتخاب رقم 20 لعام 1973 بشأن تنظيم انتخاب اعضاء المجلس الوطني عدم المساواة بين الرجل والمرأة في حق الانتخاب إذ ميز القانون بينهما فيما يتعلق بذلك الحق فأشارت المادة الأولى منه على حصر حق الانتخاب على الرجال فقط وشملت تلك الفقرة قانون انتخاب المجلس البلدي والذي اقتصر على الرجال دون النساء ونص على أن لكل بحريني من الذكور بلغ من العمر عشرين سنة ميلادية كاملة حق الانتخاب.

يلاحظ أن التشريع في الدستور البحريني متناقض إذ بينما قرر الدستور المساواة بين المواطنين في الحقوق والواجبات العامة وعدم التمييز بينهم بسبب الجنس نجد أن كلاً من قانون الانتخاب للمجلس الوطني وقانون الانتخاب للمجلس البلدي قررا حرمان المرأة من حق الانتخاب والترشيح لعضوية البرلمان والمجلس البلدي.

في ظل ذلك الحرمان بدأ كفاح المرأة البحرينية من أجل الحصول على حقوقها السياسية والمكفولة لها دستورياً.

لم يقتصر نشاط المرأة البحرينية أثناء تلك المدة على الصعيد الداخلي إذ شمل الصعيد الخارجي فكان للمرأة البحرينية نشاط في محيطها الاقليمي في منطقة الخليج العربي إذ شاركت المرأة البحرينية في دعم إحدى الثورات في سلطنة عُمان وتمثل ذلك بمشاركة البحرينية ليلى عبد الله فخرو في معارك ثورة إقليم ظفار عام 1973 إذ كانت تضمد الجرحى وتدرس التلاميذ وإلى جانب ذلك الموقف كان للمرأة البحرينية دوراً فاعلاً في نصرة الشعب العربي في مصر في حرب عام 1973 إذ انضمت الجمعيات النسائية للتظاهرات الشعبية التي طافت شوارع البحرين في 16 أكتوبر 1973 عندما وردت الأنباء عن تحرك الأسطول الأمريكي واستعماله قاعدة الجفير في مرور المتطوعين الموالين لإسرائيل فضلاً عن تبرع المرأة البحرينية بالمال والدم لمساندة الجيش المصري.[6]

موقف التيارات الدينية من مشاركة المرأة البحرينية في انتخابات عام 1973

عدل

اشار قانون انتخابات المجلس الوطني البحريني المرقم 10 لسنة 1973 بأن حق الانتخاب والمشاركة في التصويت اقتصر على الذكور دون الإناث مما يعني حرمان المرأة من حقها الانتخابي ومخالفة الاتجاه العام للديمقراطية والتي أشارت إلى المساواة في الحقوق السياسية بين الجنسين.

ظهرت في البحرين في أوائل عام 1973 بعض التيارات التي تباينت مواقفها تجاه المشاركة السياسية للمرأة البحرينية إذ دعا تيار المتنورين المثقفين إلى ضرورة المشاركة السياسية للمرأة البحرينية لاسيما في الانتخابات البرلمانية والبلدية فضلاً عن أهمية مساهمتها في المنظمات الاجتماعية والمؤسسات الأهلية وبرز تيار ديني تألف من عدة اتجاهات تباينت في موقفها بين الداعم والرافض للمشاركة السياسية للمرأة البحرينية فتضمن برنامج كتلة المعارضة الدينية دعم مشاركة المرأة في الحياة السياسية والأخذ بالمبادئ الديمقراطية لضمان تحالف القوى الوطنية معها لتحقيق أهدافها السياسية أما الاتجاه السلفي فقد عارض مشاركة المرأة البحرينية في الترشيح والانتخاب وعدم انخراطها في الجمعيات والمؤسسات الأهلية في حين أيد تيار الإخوان المسلمين المشاركة السياسية للمرأة البحرينية في التصويت فقط دون السماح لها بالترشيح للانتخابات البرلمانية والبلدية وذلك عائد لتوظيف مشاركتها في التصويت لضمان نجاح مرشحي التيار من الرجال في الانتخابات.

نشاط المرأة البحرينية (1973-1974)

عدل

بدأت أولى محاولات المرأة البحرينية للمطالبة بحقوقها السياسية في 26 يوليو 1973 عندما عقدت الجمعيات الثلاثة أوال[7] والرفاع الثقافية الخيرية[8] ونهضة فتاة البحرين[9] ندوة نسائية لتدارس مسألة حرمان المرأة البحرينية من الترشيح والانتخاب والتباحث في ضرورة حصول المرأة البحرينية على حقوقها السياسية المكفولة لها دستورياً كمواطنة والمشاركة في الانتخابات واتخاذ خطوات عملية لحث المرأة البحرينية على المطالبة بحقوقها السياسية.

أما أبرز ما خرجت به تلك الندوة من توصيات فهي:

دعوة جميع الأندية الشبابية لحضور اجتماع موسع شكلت عن طريقه ثلاث لجان عمل، الأولى في المنامة والثانية في الرفاع والثالثة في المحرق وكانت مهمة تلك اللجان توعية النساء البحرينيات إلى أهمية التكاتف وتأييد مطالب الجمعيات بمنح الحقوق والدفاع عنها.

شكلت لجنة مشتركة من الجمعيات الثلاثة لمقابلة وزير العدل والشؤون الإسلامية للتباحث بمسألة فتح المرأة حق الانتخاب والترشيح وكانت اللجنة متمثلة بفائقة المؤيد ممثلة عن جمعية نهضة فتاة البحرين وبدرية الجامع ممثلة عن جمعية أوال والشيخة منيرة بنت فارس آل خليفة ممثلة عن جمعية الرفاع الثقافية الخيرية وقابلت عضوات تلك اللجنة الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة وكذلك قامت اللجنة بمقابلة رئيس الوزراء الشيخ خليفة بن سلمان بن حمد آل خليفة وأكدت اللجنة أثناء تلك المقابلات على مطالب المرأة البحرينية السياسية ومساواتها مع الرجل.

استمر نشاط اللجنة النسائية أثناء المدة من سبتمبر إلى أكتوبر عام 1973 وتمخض عن تلك الاجتماعات وضع عريضة شملت المطالب النسائية البحرينية وأبرزها الآتي:

  • المساواة السياسية بين الرجال والنساء في البحرين وفق ما أقره الدستور البحريني.
  • أن يكون للمرأة البحرينية حق الترشيح والانتخاب وأن لا يقتصر على الانتخاب في حال تم تعديل الفقرات الخاصة بانتخابات المجلس الوطني والمجلس البلدي.
  • توضيح وتحديد المقصود بكلمة مواطن التي أشار إليها الدستور.
  • رفض كل محاولة لحرمان المرأة من حقها في الترشيح والانتخاب وابعادها عن تأدية الدور المطلوب منها.

أرسلت نسختين من تلك العريضة في يوم 22 ديسمبر 1973 الأولى للشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة أمير البحرين والثانية إلى رئاسة المجلس الوطني.

استندت العريضة التي تم رفعها للمطالبة بحقوق المرأة البحرينية السياسية على نص المادة (الأولى - هـ) من الدستور البحريني والتي أشارت إلى أن للمواطنين حق المشاركة في الشؤون العامة والتمتع بالحقوق السياسية بدءاً بحق الانتخاب.

وعندما نوقشت تلك العريضة في المجلس الوطني البحريني والمكون أعضاءه من الذكور والبالغ عددهم 30 عضواً من مختلف الاتجاهات السياسية يسارية ومدنية انتهى النقاش بالتأكيد على أن المواطنة تخص الذكور فقط ولا تخص الإناث في حين قدمت الحكومة تفسيراً لمفهوم المواطنة التي نص عليها الدستور البحريني بأنها تخص الذكور والإناث إلا أنها أجلت مبدئيا مسألة تمتع المرأة البحرينية بحقوقها السياسية.

إن تلك العريضة عكست محاولة الجمعيات النسائية تأدية دور أكبر في التحولات السياسية والاجتماعية التي شهدتها المرأة في حقبة السبعينات والتي تكللت بتشكيل لجنة شؤون المرأة عام 1979 والتي ضمت نساء عملن في مختلف الوزارات وكان هدف تلك اللجنة التوعية بمطالب المرأة البحرينية وحقوقها السياسية وتفعيل دورها في مجالات التعليم والصحة والعمل في مختلف الوزارات الخاصة والعامة إلا أن اللجنة لم يكتب لها النجاح إذ تم حلها عام 1981 مما أدى إلى تشتت الجهود المبذولة من قبل الجمعيات لتحقيق بعض النجاح على صعيد القضايا التي تهم المرأة البحرينية.

على الرغم من الجهود التي بذلتها تلك اللجنة النسائية إلا أنها لم تغير شيئاً من قضية حرمان المرأة من حقها في الانتخاب والترشيح لعضوية المجالس النيابية ولعل ذلك عائد إلى عدة أسباب أهمها:

  • التنافس القائم بين الجمعيات أضعف إلى حد ما الجهود المبذولة من قبل تلك اللجنة وأضاف بذلك بعداً سلبياً إلى قضية إقرار حقوق المرأة السياسية كمواطنة والناتج من عدم التنسيق بين تلك الجمعيات في توحيد مطالبهم مما أدى إلى إضعاف الحركة النسائية وبالتالي عدم أخذ الجدية المطلوبة من قبل السلطة والمجتمع على حد سواء في منح المرأة لحقوقها.
  • عدم وجود تنظيمات أو جماعات حزبية تتبنى قضايا المرأة مما أضاف بعداً آخر نحو سلب الحقوق السياسية للمرأة دستورياً.
  • تمسك أغلب الكتل البرلمانية الدينية والمحافظة في المجلس الوطني بمبدأ محدودية دور المرأة وأن المكان الطبيعي لها هو البيت وأنها يجب أن لا تتمتع بأي حقوق سياسية.

وأثناء انعقاد الفصل الأول للمجلس الوطني عام 1974 قدمت الكتلة الدينية في المجلس مشروعاً منع الاختلاط في التعليم والصحة وبالرغم من أن المشروع رفض من قبل الأغلبية داخل المجلس إلا أن تلك الكتلة بقيت تعمل على معارضة مسألة الاختلاط في التعليم والعمل.

نلاحظ مما تقدم أن المجلس الوطني اعترض بأغلبيته على مسألة منح المرأة حق الانتخاب والترشيح ولعل ذلك عائد إلى عدم وجود قوة مساندة لقضايا المرأة داخل المجلس الوطني أثناء تلك المدة فضلاً عن أن موافقة الأعضاء على منحها حق الترشيح والانتخاب يعني مصادرة لامتيازات تلك الكتل داخل المجلس في الوقت الذي لم تعارض أغلبية تلك الكتل على مسألة الاختلاط في الدراسة والعمل لأنها توفر مساندة فعلية للرجل في العمل دون المساس بامتيازاته السياسية.

لم يدم قيام المجلس الوطني في البحرين طويلاً إذ أصدر أمير البلاد الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة أمراً في أغسطس 1975 بحل المجلس الوطني وأوضح الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة بأن حل المجلس سيبقى إلى أجل غير مسمى وأن الحكم الدستوري والتشريعي عائد إلى البلاد في الوقت المناسب.[10]

هكذا عاشت البحرين في حالة فراغ دستوري عن طريق دمج السلطة التشريعية مع السلطة التنفيذية إذ أوكل لمجلس الوزراء تولى المهمة التشريعية وظلت البحرين طيلة نهاية السبعينيات وبداية الثمانينيات في ركود سياسي نتج عن حل المجلس الوطني مما تفاقم سلباً على وضع المرأة البحرينية للمطالبة بحقوقها السياسية.

المرأة البحرينية ومحاولات إنشاء اتحاد نسائي (1974-1976)

عدل

شهد عقد السبعينيات نشاطاً من قبل الأندية والتجمعات النسائية للمطالبة بالقضاء على الأمية بين النساء البحرينيات عن طريق فتح مراكز خاصة لمحو الأمية وكان التدريس فيها طوعاً من قبل عدد من أعضاء الأندية والجمعيات والعون المادي الذي قدمته وزارة التربية والتعليم لتلك اللجنة لاسيما تقديم الكتب والقرطاسية فضلاً عن المباني المدرسية كمراكز مسائية لمحو الأمية.

وبلغ عدد النساء الأميات في البحرين في عامي (1973-1974) حوالي 39365 امرأة من مختلف الأعمار واستمر نشاط اللجنة الأهلية في مجال الإشراف على محو الأمية في البحرين حتى أكتوبر 1974 إذ تولت وزارة التربية والتعليم مسؤولية محو الأمية وتعليم الكبار في البحرين بشكل رسمي.

شهد عام 1974 تأسيس جمعية التوعية الإسلامية في قرية الدراز في منطقة البديع وأسسها جماعة من علماء الدين والمثقفين وأشاروا إلى أن الغاية من تأسيس تلك الجمعية لتكون بمثابة مؤسسة اسلامية ذات طابع ثقافي واعلنوا بأن هدفها الأساسي تعليم المرأة وشهد عام 1975 نشاطاً لتلك الجمعية عن طريق اقامة الدورات الدراسية المنظمة وفتح بعض الفصول الدراسية لتعليم المرحلتين الابتدائية والاعدادية ومنذ عام 1976 ضعف نشاط تلك الجمعية لاسيما في مجال تعليم المرأة واستمر ذلك حتى اغلاقها عام 1982 لارتباط بعض مؤسسيها بعدد من التيارات الإسلامية المعارضة للحكومة البحرينية.

بدأت فكرة انشاء اتحاد نساء البحرين بناءً على مقترح حول انضمام الجمعيات البحرينية إلى عضوية الاتحاد النسائي العربي العام إذ تم مخاطبة وزارة العمل والشؤون الاجتماعية وجاء ردها بإقامه اتحاد نسائي بين الجمعيات النسائية البحرينية للتمثيل الخارجي.

عقدت عدة اجتماعات بين ممثلات الجمعيات النسائية وبرز أثناء تلك الاجتماعات خلافات انقسمت إلى عدد من الآراء وهي:

  • جماعة رأت أن يكون الاتحاد جزئياً أي أن كل جمعية تحتفظ بكيانها المستقل.
  • أن يكون الاتحاد كلياً.

كان الرأي الثاني سبباً لإثارة الخلافات وفشل تلك المحاولة لتأسيس الاتحاد. عقد اجتماع لتشكيل اتحاد بين جمعيتي نهضة فتاة البحرين ورعاية الطفل والأمومة في أبريل 1974 إلا أن تلك المحاولة لم يكتب لها النجاح بسبب انسحاب ممثلة جمعية النهضة من ذلك الاجتماع.

استؤنفت الاتصالات بين الجمعيات النسائية في بداية عام 1975 اذ تم عن طريقها الاتفاق على تأسيس لجنة اتحادية تضم الجمعيات لتكون بداية لتأسيس ذلك الاتحاد إلا أن تلك المحاولة هي الأخرى باءت بالفشل ولعل ذلك عائد إلى عدة أسباب أهمها:

  • غياب التشجيع والدعم الرسمي لفكرة قيام الاتحاد النسائي وأصبحت المحاولات لتأسيسه اصعب ما تكون من محاولات لتقريب الوجهات بين الجمعيات.
  • لم تكن فكرة الاتحاد النسائي في البحرين نابعة من النساء البحرينيات العضوات في الجمعيات إذ كانت نتيجة دعوة من الاتحاد النسائي العربي في إطار جهوده لتنظيم الحركة النسائية في البلاد العربية.
  • غياب الوعي لدى عضوات الجمعيات النسائية بأهمية إنشاء ذلك الاتحاد فكل عضوة كانت تعمل وفقاً لسياقات رسمتها لها الجمعية التي انتمت إليها.
  • رغبة كل جمعية بأن تكون لها القيادة للاتحاد النسائي.
  • اعتبرت كل جمعية من الجمعيات التي اشتركت في تلك الاجتماعات أن تنازلها عن قيادة الاتحاد النسائي تعني تنازلاً عن موقعها الاجتماعي في الوسط النسائي البحريني.

قدمت وزارة العمل والشؤون الاجتماعية في عام 1976 طلباً إلى الجمعيات النسائية لوضع برنامج موحد للعمل النسائي إذ قامت جمعية أوال بتوجيه دعوة إلى الجمعيات النسائية الأخرى لتشكيل لجنة مشتركة ووضع برنامج عمل موحد للاتحاد النسائي فعقدت ممثلات الجمعيات اجتماعين الأول تمثل بعقد ندوة نسائية في أبريل 1976 أوضحن فيها ضرورة العمل على تأسيس اتحاد يلبي مطالب المرأة في ظل الفراغ الدستوري الذي مرت به البحرين بعد حل المجلس الوطني أما الاجتماع الثاني فعقد في مايو من العام نفسه وتم عن طريقه وضع برنامج العمل الأساسي للاتحاد وتضمن الآتي:

  • اقامة الندوات النسائية لزيادة الوعي لدى المرأة البحرينية بأهمية مشاركتها مع الرجل في الحياة العامة سياسية كانت أو اجتماعية.
  • إصدار مجلة مشتركة تضم نشاطات الجمعيات لاسيما البحوث الخاصة بالمرأة.
  • تبني مطالب المرأة البحرينية والعمل على تنظيم المطالبة بتحقيقها.
  • القيام بحملات صحية تبرز أهمية تأسيس اللجنة الثقافية النسائية في 14 ديسمبر 1976 وتضمن برنامج تلك اللجنة:
    • القيام بأنشطة ثقافية مشتركة بين الجمعيات.
    • مناقشة القضايا النسائية المشتركة التي تتطلب تحرك فعلي من قبل الجمعيات لمساندة عمل تلك اللجنة.
    • تمول اللجنة من اشتراكات وتبرعات الجمعيات.
    • تتألف إدارة اللجنة من رئيسة وسكرتيرة وأمينة صندوق.

أدت بعض العوامل دورها في تحفيز الجمعيات النسائية البحرينية لاستئناف الاتصالات فيما بينها بهدف تأسيس اتحاد نسائي بحريني ولعل أبرز تلك العوامل تأسيس اتحادات نسائية في الكويت عام 1974 والامارات العربية المتحدة عام 1975 فضلاً عن نجاح تجربة تأسيس الاتحاد النسائي في العراق ونشاطاته الخارجية ففي يوم 28 أكتوبر 1976 وصل إلى البحرين وفد من الاتحاد العام لنساء العراق واستمرت زيارة وفد الاتحاد النسائي العراقي ثلاثة أيام قام خلالها الوفد بالاطلاع على نشاطات الجمعيات النسائية في البحرين وبحث سبل التنسيق بين تلك الجمعيات والاتحاد النسائي العراقي ولعل تلك الزيارة كانت دافعاً للجمعيات النسائية البحرينية لتكثيف اتصالاتها مع الجانب الحكومي لتأسيس اتحاد ينظم نشاط المرأة البحرينية على غرار التجربة العراقية.

غير اسم اللجنة الثقافية إلى اللجنة النسائية المشتركة في 18 يناير 1977 وحدد موعد اجتماعها بيوم واحد كل أسبوعين وأن يكون لكل جمعية صوت واحد فضلاً عن الاتفاق على إصدار مجلة باسم مجلة البشرى تضمنت مطالب الحركة النسائية في البحرين إلا أنها لم تستمر في الصدور بسبب قيام وزارة العمل والشؤون الاجتماعية بإيقاف عمل تلك اللجنة وكانت المناقشة الداخلية لتولي رئاسة تلك اللجنة سبباً في حلها.

لابد من الإشارة إلى بعض المأخذ التي شابت العمل النسائي السياسي في البحرين أثناء المدة (1971-1975) والتي يمكن ايجازها بالآتي:

  • عدم قدرة الجمعيات على التواصل بشكل صحيح مع القاعدة النسائية في مدن وقرى البحرين لتوسيع الدعم النسائي لنشاطها السياسية.
  • تأخر التحرك النسائي للمطالبة بالحقوق السياسية إذ جاء قبل أيام معدودة من صدور قانون الانتخابات الذي حرم المرأة من حقها السياسي.
  • عدم التوجه لبعض الشخصيات النسائية التي أدت دوراً بارزاً في العمل النسائي أو الشخصيات ذات النفوذ في البلاد.
  • عدم التوجه لاستمرار التحرك في مدة قيام المجلس الوطني بوتيرة العمل نفسها لاسيما أثناء فترات انعقاده التي نتج عنها وضع دستور البلاد.
  • المنافسة بين الجمعيات النسائية لتبوء المراكز القيادية وغياب الوعي لديها في تغليب مصلحة المرأة العامة على المصالح الخاصة.
  • إن تلك الإجراءات الحكومية كان لها الأثر الكبير في تهيئة المرأة البحرينية ليكون لها دور رائد بالمشاركة الفاعلة في قوة العمل في البحرين.

الخاتمة

عدل

كان لتأسيس الجمعيات النسائية في بداية عقد السبعينيات دوره في تنظيم المرأة البحرينية في الحياة السياسية.

كان لصدور الدستور البحريني عام 1973 تأثيره الواضح في نشاط المرأة البحرينية للمطالبة بحقوقها السياسية.

كانت أدوات المرأة البحرينية للمطالبة بحقوقها السياسية عن طريق عقد الندوات وتقديم العرائض الاحتجاجية التي تضمنت مطالبها لتأخذ دورها في بناء المجتمع.

مصادر

عدل
  1. ^ "قطاع النفط والغاز في البحرين .. إرث مستدام لأكثر من 90 عام وقصة من الإرادة الوطنية والتصميم على الإنجاز".
  2. ^ "جهود المرأة البحرينية.. مســـيرة عطـــاء خالـــــدة".
  3. ^ "خلال ندوة "مئوية الانتخابات في البحرين"... وثائق تثبت عمر التجربة الانتخابية في البحرين 100 عام".
  4. ^ "علاقات مملكة البحرين بالمملكة المتحدة .. التاريخ يمهد الطريق لفتح آفاق جديدة في العمل المشترك".
  5. ^ "مذكرة تفسيرية لدستور مملكة البحرين".
  6. ^ "وفاة المناضلة ليلى فخرو في لندن بعد صراع مع مرض عضال".
  7. ^ "الموقع الرسمي لجمعية أوال النسائية".
  8. ^ "الموقع الرسمي لجمعية الرفاع الثقافية الخيرية".
  9. ^ "المسؤولية الإجتماعية: "نهضة فتاة البحرين" أول جمعية خيرية في".
  10. ^ "الذكرى 48 لحل المجلس الوطني 26 اغسطس ، اب 1975".