المنصور سيف الدين قلاوون
أبو المعالي السُّلْطَان الْملك الْمَنْصُور سيف الدّين قَلَاوُونَ الألفي العلائي الصَّالِحِي و لقب ايضا بأبو الفتح هو أحد أشهر سلاطين المماليك البحرية و رأس أسرة حكمت مصر والمشرق مايزيد على قرن من الزمان فهو مؤسس دولة بنو قَلَاوُونَ، كان من رجال الملك الصالح نجم الدين أيوب. وأبلى بلاء حسناً في معركة المنصورة، وعلا شأنه بعد ذلك، فكان من كبار الأمراء أصحاب النفوذ في دولة الظاهر بيبرس، وبويع له بالسلطنة في الحادي عشر من رجب سنة 678هـ خلفاً للملك الصغير العادل بدر الدين سُلامش. وتتحدث أغلب مصادر هذا العصر عن لقب الألفي وهو لقب أطلق على السلطان المنصور قلاوون لأنه ورد البلاد في أحسن جلبة، وأبهى وأتم خلقة وخلقاً. ازدحمت عليه عند وصوله وهو ابن أربع عشرة سنة أرباب الرغبات وبذلت فيه الألوف من الذهب، فكان الألفي قامة، والألفي قيمة، وأنه لأعلى وأغلى، وإن محله لأجل وأعلى[1]
السلطان الأعظم | |||||||
---|---|---|---|---|---|---|---|
الْمَنْصُور سيف الدّين قَلَاوُونَ | |||||||
درهم فضي ضرب في عهد المنصور قلاوون عام 1290م في حماة
| |||||||
السلطان الأعظم | |||||||
فترة الحكم 689-678هـ / 1290-1279م |
|||||||
تاريخ التتويج | 678هـ /1279م، قلعة الجبل، القاهرة، الدولة المملوكية | ||||||
|
|||||||
ألقاب | سلطان مصر والشام | ||||||
معلومات شخصية | |||||||
الاسم الكامل | الْمَنْصُور سيف الدّين قَلَاوُونَ بن عبد الله الألفي العلائي الصَّالِحِي النجمي | ||||||
الميلاد | 618هـ / 1222م مجهول |
||||||
الوفاة | 27 ذي القعدة 689هـ / 10 نوفمبر 1290م (عمر 68 سنة) قلعة الجبل في القاهرة، الدولة المملوكية |
||||||
مكان الدفن | مجموعة السلطان المنصور قلاوون ، القاهرة. | ||||||
مواطنة | مصر | ||||||
الديانة | مسلم سني | ||||||
الزوجة |
|
||||||
الأولاد | |||||||
أقرباء | السعيد ناصر الدين محمد (صهر) | ||||||
عائلة | المماليك البحرية | ||||||
نسل |
|
||||||
سلالة | بني قلاوون | ||||||
الحياة العملية | |||||||
المهنة | عاهل وحاكم وقائد عسكري | ||||||
الخدمة العسكرية | |||||||
المعارك والحروب | الحملة الصليبية السابعة، معركة حمص الثانية، فتح قلعة المرقب، فتح طرابلس الشام (1289) | ||||||
تعديل مصدري - تعديل |
أصله ونشأته
عدلهو المنصور أبو المعالي سيف الدين قلاوون(1)بن عبد الله(2)الألفي(3)العلائي(4)الصالحي النجمي(5).
ذكر شمس الدين الذهبي حول صفات المنصور قلاوون[2] ما يلي:
كان من أحسن الناس صورة في صباه، وأبهاهم وأهيبهم في رجولته، كان تام الشكل، مستدير اللحية على وجهه هيبة المُلك وعلى أكتافه حشمة السلطنة، وعليه سكينة ووقار. |
أصله من جنس المماليك(6)، و هم أطفال مسّهم الرق بسبب خطفهم من أهلهم أو بيعهم من الفقر، و ينتهي بهم المطاف في القاهرة حيث يقوم أحد السلاطين أو الأمراء باعتاق المملوك، يشرف علي تربيته و ينشأه نشأة إسلامية مصرية حيث يقوم بدراسة الشريعة و حفظ صحيح البخاري و القرآن وتعلم القراءة و الكتابة و اتقان اللغة العربية بجانب اتقان اللهجة المصرية العامية وحفظ القرآن الكريم ثم إذا وصل سن البلوغ يتم تدريبه علي فنون الفروسية و المهارات القتالية[3] ، و كان المنصور قلاوون من ضمن المماليك البحرية و نشأ معهم في قلعة الروضة في القاهرة.
طفولة قلاوون و نشأته
عدلنتيجة لهذه الظروف فإن المعلومات عن نشأة و اصل معظم المماليك قبل وصولهم للقاهرة شحيحة للغاية، و مما وصل لنا من المؤرخين عن طفولة قلاوون انه ولد سنة 618هـ اختطف المنصور قلاوون و هو صغير و بيع في اسواق الرقيق و أطلق عليه أحد تجار الرقيق اسم (آق ون) هو اسم تركي يعني بطه سمي هكذا لأن كان هناك تقوص في قدميه و حرف اسمه علي لسان أهل مصر[4] الي قلاوون وعرف به، وصل القاهرة و عمره أربع عشرة سنة بعد أن اشتراه أحد امراء المصريون و هوالأمير الأمين علاء الدين آق سنقر الساقي العادلي و اليه نسب الملك المنصور قلاوون بالعلائي و اشتراه بألف دينار لحسن سيرته لهذا السبب لقب ب قلاوون الألفي، ولما توفي الأمير الأمين علاء الدين انتقل إلى خدمة الصالح أيوب الذي أعتقه سنة 647هـ، و أصبح من ضمن المماليك البحرية.
فيما بعد شارك في عدة حملات ابرزها الحملة الصليبية السابعة كما انه كان أبرز رجال الظاهر بيبرس و صديقه المقرب و لقوة الرابطة بينهم قام بتزويج ابنته الْخُونْدَهُ غَازِيَةُ خَاتُونَ بِنْتُ الْمَلِكِ الْمَنْصُورِ قَلَاوُونَ للْمَلِكِ السَّعِيدِ ناصر الدين مُحَمَّدُ بن الملك الظاهر بيبرس البندقداري[5]، و بوفاة الظاهر بيبرس أصبح أحد اقوي امراء المماليك و اتابك للعسكر.
السلطنة
عدلبعد أن اُجبر الملك السعيد على خلع نفسه ورحيله إلى الكرك عرض الأمراء السلطنة على الأمير سيف الدين قلاوون الألفى إلا أن قلاوون الذي كان يدرك قوة الأمراء والمماليك الظاهرية [6][7] رفض السلطنة قائلاً للأمراء «أنا ما خلعت الملك السعيد طمعاً في السلطنة، والأولى ألا يخرج الأمر عن ذرية الملك الظاهر».[8] فأستُدعى سلامش الذي كان طفلا في السابعة من عمره [9] إلى قلعة الجبل [10] وتم تنصيبه سلطانا بلقب الملك العادل بدر الدين ومعه قاضى القضاة برهان الدين السنجارى وزيراً وعز الدين أيبك الأفرم [11] نائبا للسلطنة وقلاوون الألفى أتابكاً[12] ومدبراً للدولة وكُتب إلى الشام بما تم فحلف الناس بدمشق كما وقع الحلف بمصر أصبح قلاوون هو الحاكم الفعلى للبلاد وأمر بأن يخطب بإسمة واسم سُلامش معاً في المساجد وبأن يُضرب اسمه مع اسمه على السكة [13] كما شرع في القبض على الأمراء الظاهرية وإيداعهم السجون بينما راح يستميل المماليك الصالحية [14] عن طريق منحهم الاقطاعات والوظائف والهبات بهدف سيطرته الكاملة على البلاد تمهيداً لاعتلاءه تخت السلطنة.[15] ولما أحس قلاوون أن البلاد قد صارت في قبضته بالكامل استدعى الأمراء والقضاة والأعيان بقلعة الجبل وقال لهم: «قد علمتم أن المملكة لا تقوم الا برجل كامل» فوافقه المجتمعون وتم خلع سُلامش بعد أن ظل سلطاناً اسمياً لمدة مئة يوم ونُصب قلاوون سلطاناً.[8][13][16]
صلح السلطان مع سنقر الأشقر
عدلبدأ السلطان قلاوون ولايته بمحاربة الخارجين عليه كالأمير سنقر الأشقر، حيث بعث إليه حيث هو بالشام جيشاً بقيادة الأمير سنجر، وظلا في سجال من القتال حتى توالت الأنباء بقرب عودة التتار فكتب السلطان المنصور إلى سنقر «إن التتار قد أقبلوا، والمصلحة أن نتفق عليهم، لئلا يهلك المسلمون بيننا وبينهم، وإذا ملكوا البلاد لم يدعوا منا أحدا»، فكتب إليه سنقر بالسمع والطاعة.[17]
في السابع والعشرين من جمادى الآخرة 680هـ وصل الخبر بقدوم منكوتمر بن هولاكو بجيشه إلى عنتاب، فخرج إليه السلطان وعسكر في حمص، واستقدم سنقر الأشقر وقواته، ودخل التتار حماة فخربوا فيها، ثم وصلوا إلى حمص حيث التقى الجمعان في حمص بتاريخ 14 رجب سنة 680هـ/ (28 أكتوبر 1281م).[18] وقد اضطربت ميمنة المسلمين في البداية، ثم الميسرة، وثبت السلطان ومن معه ثباتاً عظيماً، ماحمل الأمراء والقادة على الانقضاض على التتار وكسروهم كسرة عظيمة، وجرحوا ملكهم، وقتلوا منهم الكثير، وكانت مقتلة تفوق الوصف، وانتهت المعركة بانتصار المسلمين انتصاراً مظفراً، ودخل السلطان المنصور دمشق في أبهة النصر في 22 من رجب سنة 680هـ (5 نوفمبر 1281م) وبين يديه الأسرى، وحاملين معهم رؤوس قتلى المغول على الرماح.[19]
عزم السلطان المنصور على استكمال رحلة الجهاد ضد الصليبيين التي بدأها أسلافه، ففي سنة 684هـ فتح قلعة المرقب وبانياس وفي سنة 688هـ فتح طرابلس (لبنان) بعد حصارها واستعمال المنجنيق وغنم جيشه غنائم عظيمة. عزم السلطان على المسير إلى عكا إلا أن الأجل لم يمهله، فكان شرف فتحها لولده الذي خلفه، السلطان البطل الأشرف صلاح الدين خليل بن قلاوون.
وفاة المنصور قلاوون
عدلتوفي السلطان قلاوون بقلعة الجبل بالقاهرة في السابع والعشرين من ذي القعدة سنة 689هـ، وفيها غُسّل وكفن، ثم حُمل إلى تربته الواقعة ضمن ما يعرف بمجموعة السلطان المنصور قلاوون في منطقة بين القصرين (شارع المعز) فدُفن فيها، ولا تزال هذه المجموعة العمرانية شاهدة على عظمة هذا السلطان وازدهارعهده و يوجد له مسجد كبير في شارع المعز لبوابة الفتوح، و كان بجانب اهتمامه بالعمران كان سلطاناً شاعراً كان له عدة ديوان اشهرها ديوانه (الحصن الحصين) الذي يمتدح فيه مصر و أهلها.
بعد وفاة السلطان المنصور خلفه ولده السلطان الملك الأشرف صلاح الدين خليل بن قلاوون الذي استكمل رحلة الجهاد وفتح فتوحاً عظيمة، ومن بعده أخوه الناصر محمد بن قلاوون وظل الحكم في بنو قلاوون نحو قرن من الزمان.
المراجع
عدل- سعيد عبد الفتاح عاشور، الأيوبيون والمماليك في مصر والشام، القاهرة 1970.
- على إبراهيم حسن، مصر في العصور الوسطى، مكتبة النهضة المصرية، الطبعة الرابعة، القاهرة 1954.
- محمد الياس أبو مصطفى: دور الخطر المغولي في توحيد الجبهة الداخلية للمماليك، رسالة ماجستير منشورة، الجامعة الإسلامية (غزة)، 2016م.
وصلات خارجية
عدلسبقه: العادل بدر الدين سُلامش |
سلطان مصر | خلفه: الأشرف صلاح الدين خليل |
الهوامش
عدل- 1 قلاوون:تعني البطة. وكني أيضاً بأبو الفتوح.المنصور: تلقب بالمنصور بعد سلطنته سيف الدين: لقبه به أستاذه
- 2عبد الله: تشير إلى أن الأب مجهول، وكان ذلك شأن أغلب المماليك لأنهم كانوا يسترقون أطفالاً ويباعون بعيداً عن أهلهم، واختير اسم عبد الله، لأن أباه أياً كان لابد وأن يكون عبداً لله.
- 3الألفي: نظراً لشراءه بألف دينار في إشارة إلى تمتعه بمواصفات ومميزات خاصة.
- 4العلائي: نسبة إلى الأمير الذي اشتراه وهو الأمير علاء الدين آق سنقر الكاملي.
- 5الصالحي النجمي: نسبة إلى السلطان الملك الصالح نجم الدين أيوب الذي آلت إليه المماليك العلائية ومنهم قلاوون بعد وفاة الأمير علاء الدين آق سنقر الكاملي سنة 647هـ/1249م، والذي جعله من جملة مماليكه البحرية وهم المماليك الذين أسكنهم الصالح نجم الدين أيوب قلعة الروضة.
- 6المماليك:كانت طبقة الفرسان التي حكمت مصر في العصور الوسطى، والتي نشأت من صفوف جنود الرقيق. وكان أغلبهم من الأتراك القبجاق، والقبط، والشركس، والأبخاز، والكرج. ويصف الباحث ديفد أيالون ما أسماه “ظاهرة المماليك”، أو إنشاء طبقة من المحاربين، وكانت ذات أهمية كبيرة. استمر وجود المماليك في مصر لما يقرب من ألف سنة، من القرن التاسع إلى القرن التاسع عشر[20]
مراجع
عدل- ^ شافع بن علي المصري. الفضل المأثور من سيرة السلطان المنصور ص25.
- ^ الجوهر الثمين في بعض من اشتهر ذكره بين المسلمين ص 400.
- ^ كتاب اطلس تاريخ العصر المملوكي صفحة ١٣.
- ^ ابن تغري بردي. النجوم الزاهرة في ملوك مصر و القاهرة، القاهرة د.ت، ج11 ص 266.
- ^ الشيال،2/162.
- ^ الشيال, 2/162
- ^ الأمراء والمماليك الظاهرية: أمراء ومماليك السلطان الظاهر ركن الدين بيبرس.
- ^ ا ب المقريزى، السلوك، 2/120
- ^ الشيال، 2/162
- ^ قلعة الجبل : مقر سلاطين المماليك بالقاهرة وكانت فوق جبل المقطم حيث يوجد الآن مسجد محمد على وأطلال قلعة صلاح الدين.
- ^ عز الدين أيبك الأفرم ليس عز الدين أيبك التركمانى الذى كان سلطاناً.
- ^ أتابك : القائد العام للجيش.
- ^ ا ب الشيال، 2/163
- ^ المماليك الصالحية: مماليك السلطان الأيوبى الصالح أيوب.
- ^ المقريزى، السلوك، 2/121
- ^ ابن تغرى، 7/286
- ^ محمد الياس أبو مصطفى: دور الخطر المغولي في توحيد الجبهة الداخلية للمماليك، رسالة ماجستير منشورة، الجامعة الإسلامية (غزة)، 2016م، ص97
- ^ محمد الياس أبو مصطفى: دور الخطر المغولي في توحيد الجبهة الداخلية للمماليك، رسالة ماجستير منشورة، الجامعة الإسلامية (غزة)، 2016م، ص 102-104
- ^ محمد الياس أبو مصطفى: دور الخطر المغولي في توحيد الجبهة الداخلية للمماليك، رسالة ماجستير منشورة، الجامعة الإسلامية (غزة)، 2016م، ص 104-114
- ^ "الحياة العلمية والثقافية في العصر المملوكي". مؤرشف من الأصل في 2024-02-02.