اللعبة الكبرى

كانت «اللعبة الكبرى» نزاعًا سياسيًا ودبلوماسيًا ظل قائمًا لمعظم القرن التاسع عشر بين الإمبراطورية البريطانية والإمبراطورية الروسية على أفغانستان والأقاليم المجاورة في وسط وجنوب آسيا. كانت روسيا تخشى من الغارات التجارية والعسكرية البريطانية في آسيا الوسطى، وكانت بريطانيا تخشى من إضافة روسيا «جوهرة التاج»، أي الهند، إلى الإمبراطورية الشاسعة التي كانت روسيا تبنيها في آسيا. أدى ذلك إلى جو من عدم الثقة والتهديد المستمر بالحرب بين الإمبراطوريتين. جعلت بريطانيا أولويتها القصوى حماية جميع السبل إلى الهند، وكانت «اللعبة الكبرى» في المقام الأول هي الوسيلة التي فعل البريطانيون بها ذلك. خلص المؤرخون الذين لديهم حق الاطلاع على السجلات إلى أن روسيا لم يكن لديها خطط تتعلق بالهند، كما ذكر الروس مرارًا وتكرارًا.[1]

اللعبة الكبرى
معلومات عامة
تاريخ البدء
12 يناير 1830 عدل القيمة على Wikidata
تاريخ الانتهاء
10 سبتمبر 1895 عدل القيمة على Wikidata
المشاركون
بلاد فارس في بداية اللعبة الكبرى سنة 1814
آسيا الوسطى حوالي سنة 1848

بدأت اللعبة الكبرى في 12 يناير 1830، عندما كلف اللورد إلينبورو، رئيس مجلس التحكم في الهند، اللورد ويليام بينتينك، الحاكم العام، بإنشاء طريق تجاري جديد إلى إمارة بخارى. اعتزمت بريطانيا السيطرة على إمارة أفغانستان وجعلها محمية، واستخدام الإمبراطورية العثمانية، والإمبراطورية الفارسية، وخانات خيفا، وإمارة بخارى، كدول عازلة بين الإمبراطوريتين. كان هذا من شأنه أن يحمي الهند وكذلك طرق التجارة البحرية البريطانية الرئيسية عن طريق منع روسيا من الحصول على ميناء على الخليج الفارسي أو المحيط الهندي. اقترحت روسيا أفغانستان كمنطقة محايدة. تضمنت النتائج الحرب الأنغلو-أفغانية الأولى الفاشلة عام 1838، والحرب الأنغلو-سيخية الأولى عام 1845، والحرب الأنغلو-سيخية الثانية عام 1848، والحرب الأنغلو-أفغانية الثانية عام 1878، وضم روسيا خانات خوقند.[2]

يعتبر المؤرخون أن نهاية اللعبة الكبرى كانت التوقيع على بروتوكولات لجنة حدود بامير في 10 سبتمبر 1895، عندما عُيّنت الحدود بين أفغانستان والإمبراطورية الروسية.[3] جعلت رواية كيم (1901) لروديارد كبلينغ هذا المصطلح شائعًا وأدخلت التضمين الجديد لتنافس القوى العظمى. أصبح أكثر شعبية بعد حلول الحرب السوفيتية الأفغانية في عام 1979.[4]

اشتقاق المصطلح

عدل

استُخدِمَ مصطلح «اللعبة الكبرى» قبل القرن التاسع عشر بوقت طويل وارتبط بألعاب المخاطرة، مثل البطاقات والنرد. يعود المكافئ الفرنسي لو غراند جو إلى عام 1585 على الأقل، ويرتبط بمعاني المخاطرة والصدفة والخداع.[5]

في النطاق التاريخي، يرجع تاريخ المصطلح إلى منتصف القرن التاسع عشر. تُنسب «اللعبة الكبرى» إلى النقيب آرثر كونولي (1807-1842) الذي تعين ضابطًا سياسيًا. في يوليو 1840، في مراسلات مع الرائد هنري رولينسون الذي كان قد تعين مؤخرًا وكيلًا سياسيًا جديدًا في قندهار، كتب كونولي، «لديك لعبة كبرى، لعبة نبيلة، أمامك». اعتقد كونولي أن منصب رولينسون الجديد منحه الفرصة لتعزيز الإنسانية في أفغانستان، ولخص آماله:[6]

إذا كانت الحكومة البريطانية ستلعب فقط اللعبة الكبرى - مساعدة روسيا بحرارة للوصول إلى كل ما يحق لها توقعه - مصافحة بلاد فارس - الحصول على جميع التعديلات الممكنة من الأوزبكيين - إجبار أمير بخارى على أن يكون عادلًا معنا، والأفغان، ودول أوزبيك الأخرى، ومملكته - ولكن لم الاستمرار؛ أنت تعلم، بشكل ما على أي حال، وجهات نظري الواسعة. إن شاء الله! إن نفعيتهم، بل ضرورتهم سوف تُرى، ومن شأننا أن نلعب الجزء النبيل الذي يجب أن تملأه الأمة المسيحية الأولى في العالم.

أُدخِل المصطلح في التيار السائد من قبل الروائي البريطاني روديارد كبلينغ في روايته كيم (1901).[7] استُخدِم لأول مرة أكاديميًا من قبل الأستاذ إتش. دبليو. سي. ديفيس في عرض تقديمي بعنوان اللعبة الكبرى في آسيا (1800-1844) في 10 نوفمبر 1926.[8] أصبح استخدام مصطلح «اللعبة الكبرى» لوصف التنافس الأنغلو-روسي في آسيا الوسطى شائعًا فقط بعد الحرب العالمية الثانية.

المنافسة البريطانية-الروسية في أفغانستان

عدل

من النظرة البريطانية، التوسع الروسي في آسيا الوسطى هدد بتحطيم «الجوهرة في تاج» الإمبراطورية البريطانية في الهند، كانت مخاوف البريطانيين من أن قوات القيصر ستقمع حكم الخانات في آسيا الوسطي (خيوة، بخارى، وخوقند) واحدا تلو الآخر. بذلك ستكون إمارات أفغانستان محطة تزود للقوات الروسية نحو غزوهم للهند.[9]

مع وجود هذه الأفكار في العقلية البريطانية، شنت بريطانيا الحرب الإنجليزية الأفغانية الأولى في سنة 1838، وحاولت فرض حكم عميل لها في أفغانستان تحت حكم شجاع شاه. كانت حياة هذه الحكومة قصيرة وأثبتت عدم استمراريتها بدون مساعدة من طرف الجيش البريطاني. وفي سنة 1842 قامت الجماهير بمهاجمة البريطانيين في شوارع كابل وأجبرت الحامية البريطانية على مغادرة كابل بسبب الهجمات المستمرة من طرف المدنيين.

تكون الجيش البريطاني المنسحب تقريبا من 4500 جندي (690 فقط أوروبيين)،12000 معسكر تابع. طوال سلاسل من الهجمات التي شنها المقاتلون الأفغان، كل الأوربيون قضو نحبهم إلا «ويليام بريدون» خلال عملية الانسحاب نحو الهند، قليل من الجنود الهنديين من نجى ونجح في الوصول إلى الهند.[10] كبحت جماح البريطانيين في أفغانستان بعد هذا الانسحاب المخزي من كابل.

بعد ثورة الهند سنة 1857، رأت حكومات بريطانية متتابعة على أن أفغانستان دولة حاجزة. كان الروسيون بقيادة قسطنطين كوفمان، ميخاييل سكوبيليف، ومخاييل تشيرنياف، قد استمروا في تقدمهم بثبات جنوبا من خلال آسيا الوسطى نحو أفغانستان، وبحلول سنة 1865 كانت مدينة طشقند قد ضمت عسكريا بشكل رسمي.

وبحلول 1868 كانت سمرقند قد أصبحت جزءا من الإمبراطورية الروسية، في حين جردت بخارى من الاستقلال من خلال معاهدة سلام في نفس السنة. في هذا الحين سيطرت روسيا على أراضي شاسعة وصولا إلى الخليج الشمالي من نهر جيجون.

في رسالة بعثها رئيس الوزراء البريطاني بينجامين دزرائيلي إلى الملكة فيكتوريا يقترح فيها «تصفية آسيا الوسطى من الروسيين وحملهم على التوجه إلى بحر القزوين».[11] وقام بتقديم قانون الألقاب الملكية سنة 1876، الذي أضاف لقب إمبراطورة الهند إلى قائمة ألقاب الملكة فيكتوريا، واضعا إياها في نفس المرتبة مع إمبراطور روسيا.

انظر أيضا

عدل

وصلات خارجية

عدل

مراجع

عدل
  1. ^ Barbara Jelavich, St. Petersburg and Moscow: Tsarist and Soviet Foreign Policy, 1814–1974 (1974) p 200
  2. ^ Becker 2005، صفحة 47.
  3. ^ Morgan 1981، صفحة 231.
  4. ^ Seymour Becker, "The ‘great game’: The history of an evocative phrase." Asian Affairs 43.1 (2012): 61-80.
  5. ^ Yapp 2000، صفحات 183.
  6. ^ Yapp 2000، صفحات 181.
  7. ^ Morgan 1973، صفحات 55-65.
  8. ^ Yapp 2000، صفحات 180.
  9. ^ When Will the Great Game End? | Oriental Review نسخة محفوظة 13 فبراير 2017 على موقع واي باك مشين.
  10. ^ First Afghan War - Battle of Kabul and Retreat to Gandamak نسخة محفوظة 15 فبراير 2017 على موقع واي باك مشين.
  11. ^ ماهاجان، سناه، السياسة الخارجية لبريطانيا 1874-1914،ص.53