فجوة إلكترونية

الفجوة المعرفية بين مستخدمي وسائل التواصل الحديثة وغير المستخدمين لها
(بالتحويل من الفجوة الإلكترونية)

الفجوة الإلكترونية وتسمى أيضا الفجوة الرقمية (بالإنجليزية: Digital Divide) هو مصطلح حديث ظهر في علم الحاسوب وعلوم الاجتماع في بداية الألفية الجديدة. يشير إلى الفجوة بين الذين بمقدورهم استخدام الإنترنت بسبب امتلاكهم المهارة اللازمة والقدرة المادية، وبين الذين لا يستطيعون استخدام الإنترنت.[1][2][3] بعض الدراسات تنسب الفجوة الرقمية إلى الفجوة بين مستخدمي وسائل الاتصالات الحديثة وتقنية المعلومات بشكل عام وغير المستخدمين لهم.

المصطلح يشير إلى إمكانية الوصول المحدودة إلى الإنترنت لدى الأشخاص الذين لا مأوى لهم، والذين يعيشون في فقر، وكبار السن، وأولئك الذين يعيشون في المجتمعات الريفية؛ في المقابل، يتمتع أفراد الطبقة المتوسطة والطبقة العليا في المناطق الحضرية بإمكانية الوصول بسهولة إلى الإنترنت. هناك انقسام آخر بين المنتجين والمستهلكين لمحتوى الإنترنت، [4] [5] والذي قد يكون نتيجة للتفاوتات التعليمية. [6]

نشأة المصطلح

عدل

ظهور المصطلح جاء مع الانتشار الواسع للتجارة الإلكترونية والحكومة الإلكترونية، حيث بدأ جدل واسع بين العلماء حول وضع الأشخاص الذين لا يستطيعون استخدام الإنترنت، وما إذا كانت سوف تفوتهم الكثير من الفوائد والخدمات المقدمة لمستخدمي الإنترنت. ومدى مساهمة الإنترنت في خلق فجوة في المجتمع، سواءًا في الدول المتقدمة أو نظيرتها في العالم الثالث.

تصل نسبة استخدام الإنترنت في الولايات المتحدة وكندا إلى حوالي 70% من السكان، بينما لا يصل الملايين من السكان إلى الإنترنت. من هنا تنبهت دول العالم لحجم الكارثة وسارعت لإقامة القمة العالمية حول مجتمع المعلومات (WSIS)[7] التي عقدت مرحلتها الأولى في جنيف (كانون الأول 2003)، وعقدت المرحلة الثانية في تونس (تشرين الثاني 2005)، وهي الدولة التي دعت لإقامة قمة مجتمع المعلومات في محاولة من الدول العربية للحفاظ على فرصتها لتكون أحد الأقطاب المعلوماتية في مجتمع المعلومات. وطالبت القمة بخلق بيئة مواتية على المستويات الحكومية والخاصة والمدنية لجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية والعربية لإثراء صناعة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في الشرق الأوسط. كما ركزت على المنح التدريبية وتنمية الموارد البشرية باعتبارها حجر الأساس في بناء مجتمع المعلومات.

خلال جائحة كوفيد-19

عدل

في بداية جائحة كوفيد-19 ، أصدرت الحكومات في جميع أنحاء العالم أوامر بالبقاء في المنزل مما أدى إلى فرض إغلاق شامل والحجر الصحي وفرض الكثير من القيود. وقد أدت الانقطاعات الناتجة عن ذلك في مجالات مختلفة مثل التعليم والخدمات العامة والأعمال المجتمعية إلى دفع ما يقرب من نصف سكان العالم إلى البحث عن طرق بديلة للعيش أثناء العزلة. [8] وشملت هذه الأساليب الطب عن بعد، والفصول الدراسية الافتراضية، والتسوق عبر الإنترنت، والتفاعلات الاجتماعية القائمة على التكنولوجيا، والعمل عن بعد، والتي تتطلب جميعها الوصول إلى الإنترنت عالي السرعة أو النطاق العريض والتقنيات الرقمية. تشير دراسة أجراها مركز بيو للأبحاث إلى أن 90% من الأميركيين يصفون استخدام الإنترنت بأنه "ضروري" أثناء الوباء. [9] إن الاستخدام المتسارع للتقنيات الرقمية يخلق بيئة حيث تصبح القدرة على الوصول إلى المساحات الرقمية، أو عدم القدرة على ذلك، عاملاً حاسماً في الحياة اليومية. [10]

وفقًا لمركز بيو للأبحاث ، من المرجح أن يواجه 59% من الأطفال من الأسر ذات الدخل المنخفض عقبات رقمية في إكمال مهامهم المدرسية. [9] وشملت هذه العقبات استخدام الهاتف المحمول لإكمال الواجبات المنزلية، والاضطرار إلى استخدام شبكة واي فاي العامة بسبب عدم موثوقية خدمة الإنترنت في المنزل، وعدم توفر جهاز كمبيوتر في المنزل. تؤثر هذه الصعوبة، التي يطلق عليها اسم فجوة الواجبات المنزلية، على أكثر من 30% من طلاب المدارس الابتدائية والثانوية الذين يعيشون تحت خط الفقر، وتؤثر بشكل غير متناسب في بعض البلدان على الطلاب الهنود الأمريكيين/سكان ألاسكا الأصليين، والسود، واللاتينيين. [11] إن هذه الأنواع من الانقطاعات أو فجوات الامتياز في التعليم هي مثال على المشاكل المتمثلة في التهميش المنهجي للأفراد المضطهدين تاريخياً في التعليم الابتدائي. كشف الوباء عن عدم المساواة مما تسبب في حدوث تناقضات في التعلم. [12]

تم الإبلاغ عن نقص "الاستعداد التكنولوجي"، أي الاستخدام الواثق والمستقل للأجهزة، بين كبار السن في الولايات المتحدة؛ حيث أفاد أكثر من 50% منهم بعدم كفاية معرفتهم بالأجهزة وأفاد أكثر من ثلثهم بعدم الثقة. [9] [13] وعلاوة على ذلك، ووفقًا لورقة بحثية صادرة عن الأمم المتحدة، يمكن العثور على نتائج مماثلة في مختلف البلدان الآسيوية، حيث أفاد الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 74 عامًا باستخدام أقل وأكثر ارتباكًا للأجهزة الرقمية. [14] وقد ظهر هذا الجانب من الفجوة الرقمية وكبار السن أثناء الوباء حيث اعتمد مقدمو الرعاية الصحية بشكل متزايد على الطب عن بعد لإدارة الحالات الصحية المزمنة والحادة. [15]

الأسباب

عدل
 
أعداد مستخدمي الإنترنت بين عامي 1997 - 2007 لكل 100 شخص من السكان في البلاد المتقدمة (أزرق) والبلاد الناشئة (أحمر)، وكذلك المتوسط العالمي (أخضر) طبقا لإحصائيات الاتحاد الدولي للاتصالات.

من الأسباب الاجتماعية والثقافية للفجوة الرقمية:[16][17]

  • تدني التعليم وعدم توافر فرص التعلم: تدني مستوى التعليم وعدم توافر فرص التعلم من أهم الأسباب التي تنتج عنها الفجوة الرقمية.
  • الأمية: تعتبر الأمية من الأسباب الرئيسية المؤدية للفجوة الرقمية، فكلما ارتفعت نسبة الأمية أدى ذلك إلى اتساع الفجوة الرقمية، ومن المعلوم أن نسبة الأمية بين البالغين في العالم العربي تقدر ب 45 % وهي أعلى من المتوسط العالمي وحتى من متوسط البلدان النامية.
  • الدخل : يعتبر الدخل من الأسباب المؤدية للفجوة الرقمية، فالأفراد في الدول النامية دخلهم محدود بعكس الأفراد في الدول المتقدمة. وبالتالي تنشأ الفجوة الرقمية بسبب الفرق بين الدخل في الدول النامية والمتقدمة.[18]
  • الفجوة اللغوية : تلعب اللغة دورًا رئيسيًا في اقتصاد المعرفة، لذلك يعد التخلف اللغوي من الأسباب الرئيسية للفجوة الرقمية. ولذلك تسعى جميع الدول حاليًا إلى الاهتمام بلغتها القومية خاصة فيما يتعلق بعلاقتها بتكنولوجيا المعلومات والاتصالات عمومًا والإنترنت بصفة خاصة.
  • الجمود المجتمعي: تتسم مجتمعات الدول النامية بضعف قابليتها للتغيير لأسباب عديدة، ترجع إلى منظومة القيم والتقاليد السائدة. وبالتالي فهي تجد صعوبة في تقبل أي تغييرات جديدة نظرًا لتمسكها بهذه القيم والتقاليد.
  • الجمود التنظيمي والتشريعي: من أهم أسباب الفجوة الرقمية عدم توافر البيئة التمكينية، التي تتيح مشاركة متوازنة في إحداث التنمية من قبل القطاع العام والخاص، وهذا ناتج عن الجمود التنظيمي والتشريعي.
  • غياب الثقافة العلمية التكنولوجية: من الأسباب المؤدية للفجوة الرقمية غياب الثقافة العلمية التكنولوجية. وحتى يتم التغلب على هذه الفجوة لابد من أن تكون هذه الثقافة موجودة لدى جميع شعوب الدول النامية.

انظر أيضًا

عدل

المراجع

عدل
  1. ^ Hilbert، Martin (2013). "Technological information inequality as an incessantly moving target: The redistribution of information and communication capacities between 1986 and 2010" (PDF). Journal of the Association for Information Science and Technology. ج. 65: 821–835. DOI:10.1002/asi.23020. مؤرشف من الأصل (PDF) في 2017-10-18.
  2. ^ Digital Divide: Civic Engagement, Information Poverty and the Internet Worldwideنسخة محفوظة 2009-10-24 على موقع واي باك مشين.. Cambridge University Press.
  3. ^ Lu، Ming-te (2001). "Digital divide in developing countries" (PDF). Journal of Global Information Technology Management. ج. 4 ع. 3: 1–4. DOI:10.1080/1097198x.2001.10856304. مؤرشف من الأصل (PDF) في 2014-08-26.
  4. ^ Graham، M. (يوليو 2011). "Time machines and virtual portals: The spatialities of the digital divide". Progress in Development Studies. ج. 11 ع. 3: 211–227. CiteSeerX:10.1.1.659.9379. DOI:10.1177/146499341001100303. S2CID:17281619.
  5. ^ Reilley, Collen A. (يناير 2011). "Teaching Wikipedia as a Mirrored Technology". First Monday. ج. 16 ع. 1–3. DOI:10.5210/fm.v16i1.2824.
  6. ^ Reinhart, Julie M.; Thomas, Earl; Toriskie, Jeanne M. (2011). "K-12 Teachers: Technology Use and the Second Level Digital Divide". Journal of Instructional Psychology (بالإنجليزية). 38 (3): 181–193. ISSN:0094-1956. Archived from the original on 2024-11-30.
  7. ^ wsis. "World Summit on the Information Society". www.itu.int. مؤرشف من الأصل في 2019-06-23. اطلع عليه بتاريخ 2018-09-23.
  8. ^ Sandford, Alasdair (2 Apr 2020). "Coronavirus: Half of humanity on lockdown in 90 countries". euronews (بالإنجليزية). Archived from the original on 2020-05-19. Retrieved 2022-03-07.
  9. ^ ا ب ج McClain, Colleen; Vogels, Emily A.; Perrin, Andrew; Sechopoulos, Stella; Rainie, Lee (1 Sep 2021). "The Internet and the Pandemic". Pew Research Center: Internet, Science & Tech (بالإنجليزية الأمريكية). Archived from the original on 2022-03-07. Retrieved 2022-03-07.
  10. ^ Ruiu، Maria Laura؛ Ragnedda، Massimo (2024). Digital-Environmental Poverty: Digital and environmental inequalities in the post-covid era. Palgrave MacMillan Cham. ص. 44. ISBN:978-3-031-56184-9.
  11. ^ "The numbers behind the broadband "homework gap"". Pew Research Center (بالإنجليزية الأمريكية). 20 Apr 2015. Archived from the original on 2022-03-07. Retrieved 2022-03-07.
  12. ^ "Understanding the Digital Divide in Education". soeonline.american.edu (بالإنجليزية الأمريكية). 15 Dec 2020. Archived from the original on 2024-12-09. Retrieved 2023-02-14.
  13. ^ Kakulla, Brittne (2021). "Older Adults Are Upgrading Tech for a Better Online Experience". AARP (بالإنجليزية). DOI:10.26419/res.00420.001. S2CID:234803399. Archived from the original on 2022-03-07. Retrieved 2022-03-07.
  14. ^ Liu، Yongwang؛ Fan، Zhenxiong (يونيو 2022). "The Digital Divide and COVID-19: Impact on the Socioeconomic Development in Asia and the Pacific". United Nations ESCAP. Bangkok. مؤرشف من الأصل في 2024-12-02. اطلع عليه بتاريخ 2023-05-30.
  15. ^ "Health Literacy Online | health.gov". health.gov. مؤرشف من الأصل في 2022-03-08. اطلع عليه بتاريخ 2022-03-07.
  16. ^ "Reasons for Digital Divide". The Great Digital Divide Project. مؤرشف من الأصل في 2018-09-23. اطلع عليه بتاريخ 2018-09-23.
  17. ^ "Digital Divide - ICT Information Communications Technology". www.internetworldstats.com (بالإنجليزية). Archived from the original on 2019-04-30. Retrieved 2018-09-23.
  18. ^ "Digital Divide: The Technology Gap between the Rich and Poor". Digital Responsibility (بالإنجليزية الأمريكية). Archived from the original on 2018-09-14. Retrieved 2018-09-23.

وصلات خارجية

عدل