العلاقات بين الإمبراطورية الروسية ومصر (1784-1917)

هذه هي النسخة المستقرة، المفحوصة في 2 يناير 2023. تغييرات قوالب تنتظر المراجعة.

يعود تاريخ العلاقات الدبلوماسية بين الإمبراطورية الروسية ومصر إلى أكثر من مئتين وخمسة وعشرين عاما عندما اصدرت الإمبراطورة يكاترينا الثانية عام 1784 مرسوما يقضي بتعين كندراتي فون تونوس كأول قنصل روسي في الإسكندرية ليضع حجر الأساس في بناء تاريخ طويل من العلاقات بين مصر وروسيا لا تزال مستمرة ليومنا هذا، لكن أول قنصلية روسية أفتتحت بشكل فعلي في القاهرة يعود تاريخها إلى العام 1862 عندما أرسلت وزارة الخارجية خريج دائرة الشرق الأوسط الدبلوماسي ألكسي لاگوڤسكي في محاولة لتنشيط دور روسيا الامبراطورية في الشرق، وتحديدا من مصر التي كانت ولو بشكل غير رسمي لا تزال في حينها خاضعة للسيطرة العثمانية مما جعل من عمل القنصلية في القاهرة أمرا ذا أهمية قصوى. فخلال فترات قصيرة وبنتيجة النجاحات التي حققها لاگوڤسكي استطاعت القنصلية الروسية توسيع نشاطها الدبلوماسي على الأراضي المصرية لتصل إلى مدن أخرى فبإضافة إلى توسيع عمل القنصلية في الإسكندرية تم افتتاح مكاتب إخرى في كل من بورسعيد والسويس والمنصورية والاسماعلية وغيرها من المدن المصرية.

ومع تشكل الجمعية الروسية للملاحة والتجارة عام 1856 ودخول قناة السويس قيد الخدمة، بدأت العلاقات الروسية المصرية تأخذ طابع التعاون في مجالات عدة بما فيها التعاون في مجال ري الأراضي والجيولوجيا والآثار والسياحة والطب والثقافة. وشهدت تلك الفترة تبادل الزيارات لممثلين عن القيصر الكسندر الثاني ومحمد علي الذي فتح بدوره نافذة للحوار السياسي أيضا مع الإمبراطورية الروسية في حينها، تكللت فيما بعد بزيارة أخوة القيصر ألكسندر الثالث إلى مصر عام 1888 ونجليه نيقولاي الثاني (آخر امبراطور لروسيا مستقبلا) وگيورگي في عام 1890 ومن ثم الزيارة التي قام بها الخديوي عباس قبل تولية مهمات السلطة إلى مدينة سانت بطرسبرغ. وفي العام 1900 قام بزيارة إلى مدينة اوديسا عندما كان متوجها إلى رومانيا. إلا أن الزيارة المهمة في تاريخ العلاقات بين البلدين هي تلك التي قام بها الأمير محمد علي عام 1909 إلى القوقاز ورحلته الشهيرة إلى سيبريا في طريقه إلى اليابان.

وعلى الرغم من كل هذه العلاقات المنفتحة على مصر فإن الدبلوماسية الروسية لم تنظر إلى مصر كدولة مستقلة، وذلك مراعاة لأعتبارات اخلاقية وادبية تجاه السلطان التركي ولكنها كانت تدعم توجهات الشعب المصري للحصول على الاستقلال عن السيطرة التركية والبريطانية. ونتيجة الدور الكبير الذي لعبه ألكسي سميرنوڤ كمبعوث وسفير للإمبراطور الروسي استطاعت مصر الحفاظ على القرار السياسي الذاتي المستقل في إطار الامبراطورية العثمانية واستمر الامر على هذا الحال حتى الحرب العالمية الأولى.

هذه الحرب كانت بالنسبة للدبلوماسية الروسية تجربة جديدة لتثبت قدراتها على تحمل مسؤوليتها أمام الامبراطورية، ولا سيما أن المعارك الطاحنة على جبهات الحرب في فلسطين أوقعت المئات من الجنود الروس وكان على القنصلية استقبال الأعداد الكبيرة من الضحايا والجرحى والمهجرين وقد نجحت في إنجاز هذه المهمة الصعبة.

لكن لم تكن هذه هي المهمة الوحيدة التي وجب على الدبلوماسين الروس وتحديدا سميرنوف مواجهتها، فالنشاط الملحوظ لمؤيدي ثورة البلاشفة المتواجدين في مصر في حينها ونتيجة عدم الاستقرار السياسي فيها والوجود الكبير للمهاجرين من أوروبا جعل من نشاط البلاشفة أمراً واقعياً كان على القنصلية مواجهته، وقد نجحت في نهاية المطاف في طرد مجموعة كبيرة من البلاشفة خارج الحدود المصرية، إلا أن انتصار ثورة أكتوبر في روسيا ووصول البلاشفة إلى الحكم وانهيار الامبراطورية حوَّلت سميرنوف وعددا كبير من الدبلوماسيين الروس إلى مهاجرين نتيجة عدم انصياعهم لقرارات حكومة روسيا السوفيتية آنذاك.

العلاقات المصرية السوفيتية

عدل

إن التقلبات السياسية التي عصفت بروسيا بعد انتصار البلاشفة أثرت بشكل أو بآخر على العلاقات الدبلوماسية مع العالم ككل، لكن العلاقات المصرية السوفيتية استؤنفت من جديد فقط في العام 1943 ومنذ ذلك الحين تربط البلدين علاقات متميزه تسعى الحكومة المصرية لتحويلها إلى إستراتيجية والفضل في كل هذا يعود إلى الدبلوماسيين الروس الأوائل الذين وضعوا اللبنة الأولى في تاريخ العلاقات الروسية المصرية.

المصادر

عدل

ن. خوخلوڤ- القنصل العام لروسيا الاتحادية في الإسكندرية

گ. گورياتشكين - نائب القنصل العام لروسيا الاتحادية في الإسكندرية

حسن نصر (8 يونيو 2009). "الإمبراطورية الروسية ودور دبلوماسييها في استقلال مصر عن الدولة العثمانية". روسيا اليوم. مؤرشف من الأصل في 2010-01-15.