العلاقات الإسرائيلية الألمانية

العلاقات الثنائية بين إسرائيل وألمانيا

العلاقات الإسرائيلية الألمانية لم يكن حدوثها سهلا حيث جعل الهولكوست فكرة تطبيع العلاقات بين ألمانيا وإسرائيل تبدو شبه مستحيلة. لكن الدولتين نجحتا على الرغم من البدايات المتعثرة في إرساء علاقات تتسم بالصداقة والحرص على المصالح المشتركة على مدى أكثر من 40 عاما. كانت أولى بوادر الانفراج بين العلاقات الألمانية الإسرائيلية بعد الهولكوست قد لاحت أمام المستشار كونراد أديناور عن طريق تقديم تعويضات اقتصادية. ومنذ 1952 قدمت ألمانيا 3,45 مليار مارك (1,22 مليار يورو) إلى إسرائيل، وذلك من أجل «تمهيد الطريق أمام نفوس الضحايا المعذبة لكي ترتاح من آلامها الفظيعة»، كما قال المستشار كونراد اديناور. في عام 1960 قابل دافيد بن غوريون المستشار الألماني اديناور في نيويورك في لقاء ودي. وتشكلت لديه ساعتها قناعة مفادها أن ألمانيا قد تغيرت ولم تعد موطنا للنازيين. «لا يجوز لنا أن ننسى ما حدث، لكن من ناحية أخرى لا ينبغي لنا أن نبني تصرفاتنا على ما حدث»، وفق رؤية بن غوريون. وبسبب التقارب مع ألمانيا حصد بن غوريون انتقادات داخلية حادة، في الوقت الذي وجد فيه اديناور نفسه واقعا تحت ضغط الدول العربية.

العلاقات الإسرائيلية الألمانية
ألمانيا إسرائيل
السفارات
برلين
تل أبيب
الحدود
لا يوجد حدود مشتركة بين البلدين
لقاء كونراد أديناور مع زلمان شازار في إسرائيل

في عام 1965، أي بعد 20 عاما على نهاية الحرب العالمية الثانية، قررت ألمانيا وإسرائيل إقامة علاقات دبلوماسية بينهما. السفير الألماني الأول إلى إسرائيل رولف باولس وصف القرار بأنه «مبكر نسبيا». كما قوبل عند وصوله إلى إسرائيل بالاحتجاجات. تمثل مقولة «ألمانيا تتحمل مسؤولية خاصة تجاه دولة إسرائيل، تجعلها ملزمة بالدفاع عن وجود إسرائيل وحماية حقها في الوجود» التي قالها وزير الخارجية الألماني فرانك- فالتر شتاينماير، أحد أركان الدبلوماسية الألمانية.[1]

التجارة

عدل

تعتبر ألمانيا هي الشريك التجاري الأكبر لإسرائيل في أوروبا، وثاني أهم شريك لإسرائيل بعد الولايات المتحدة، وتبلغ صادرات ألمانيا لأسرائيل نحو 2.3 مليار دولار سنويا [2]

التسليح

عدل

جرت أولى الإتصالات المتعلقة بالتسليح بين الدولة الإسرائيلية الوليدة والإتحادية الألمانية بعد إستسلامها غير المشروط بنهاية الحرب العالمية الثانية، والذي تضمن نزع السلاح الألماني بالكامل، عام 1954. وفي إطار المفاوضات بشأن التعويضات الألمانية عن الهولوكوست، التي تمت بتوافق مشترك على الأهمية القصوى للسرية والكتمان، لأن كلا الجانبين اعتبر المناخ السياسي غير مناسب على الإطلاق، فمن ناحية كانت الحكومة الألمانية حريصة على تجنب أي نقاش عام حول المسؤولية عن الجرائم اللاإنسانية والإبادة الجماعية التي ارتكبت في ظل النظام السابق ولم ترغب الحكومة الإسرائيلية أن تتلوث صورتها أمام العموم كمتعاون مع المضطهد النازي بعد الحرب، ولكن على مستوى المصالح، سعت ألمانيا للإبقاء على حياة صناعتها العسكرية بعد الحرب وسعت إسرائيل لضمان واردات الأسلحة في المحيط المعادي لها، وفي ظل العواقب القانونية لتصدير ألمانيا للأسلحة.[3] فتميزت تلك العلاقة بالدأب على سريتها وعدم رسميتها متجسدا بحدوثها عبر قنوات الأجهزة السرية المعنية: الموساد والمخابرات الألمانية، في أوائل عقد ال1960، عقدت صفقة ضخمة عسكريا وسياسا، اشترت فيها اسرائيل "فائض" دبابات أمريكية اعطيت لألمانيا، وضمت 200 دبابة، مدافع متنقلة، 6 قوارب (لتكون قوارب صاروخية) وغواصات، لفّت السرية الصفقة ووصلت الشحنات الأولى دون ان تجذب انتباه. ولكن في أواخر 1964، تسربت الأخبار للصحافة الألمانية، فأنكرت اسرائيل وجود الصفقة، اما في المانيا فاشغلت الصفقة نقاشا كبيرا أثر على تطور علاقاتهم الثنائية.[4] سرية العلاقات والصفقات العسكرية أمر إستمر حتى بعد إقامة العلاقات الدبلوماسية بينهما بعد أكثر من 10 سنوات من تلك الإتصالات، عام 1965.[5]

افضى التعاون في مجال التسليح بين ألمانيا كخامس أكبر منتج للأسلحة في العالم، وإسرائيل التي تشكل الأسلحة أكبر صادراتها منذ العام 1989[6]، لنمط يتميز بتوريد ألمانيا لمكونات عتاد رئيسية للصناعة العسكرية الإسرائيلية وعمل الصناعة العسكرية الإسرائيلية على دمج وتآلف المكونات التي تنتجها بدلا من استيرادها لأنظمة أسلحة كاملة، مقللين بذلك المخاطر السياسية التي قد تواجهها ألمانيا عند فتح نقاش عام حول صادراتها من الأسلحة، وتتموضع الصناعة الحربية الإسرائيلية كمورّد للإلكترونيات وتكنولوجيا المعلومات، وهو ترتيب فتح المجال لتكون إسرائيل محطّة تعيد تصديرمكونات ألمانية إلى دول ثالثة.[3]

في 2024 إفادت منظمة العفو الدولية أن الحكومة الألمانية "تتخذ موقفا إلى جانب واحد في صالح إسرائيل عبر كامل الصراع" في الشرق الأوسط، وأن إنتقاد الحكومة المحق لأفعال حماس كجرائم حرب، إلا أنها لا تسمي أفعال إسرائيل التي تنتهك القانون الدولي بذلك.[7][8] ومع بدء الحرب الإسرائيلية على غزة عقب عملية طوفان الأقصى في اكتوبر 2023، ورّدت ألمانيا لإسرائيل ما قيمته 326 مليون يورو من الأسلحة، ووقف المتحدث بإسم وزارة الصناعة الألمانية قائلا أن الحكومة تقرر بخصوص صادرات الأسلحة حالة-بحالة، وتأخذ بعين الإعتبار القانون الدولي إلإنساني والوضع القائم بين اسرائيل وحماس، قائلا "ليس هناك حظر على تصدير الأسلحة لإسرائيل، ولن يكون هناك حظر"![9]

الصراع العربي-الإسرائيلي

عدل

أدان المستشار الألماني أولاف شولتس تصرفات حماس خلال الحرب بين إسرائيل وحماس عام 2023 وأعرب عن دعمه لإسرائيل وحقها في الدفاع عن النفس. وانتقد السلطة الفلسطينية والرئيس الفلسطيني محمود عباس، قائلاً إن "صمتهما مخزي". وفي 17 أكتوبر 2023، وصل شولتس إلى إسرائيل وحذر في نفس اليوم إيران وحزب الله من التورط في الحرب بين إسرائيل وحماس. وقال إن "ألمانيا وإسرائيل متحدان بحقيقة أنهما دولتان دستوريتان ديمقراطيتان. أفعالنا مبنية على القانون والنظام، حتى في المواقف القصوى". ومن جهته تعهد وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس في زيارة إلى تل أبيب في 19 أكتوبر 2023، أمام نظيره الإسرائيلي يوآف جالانت بمواصلة دعم الجيش الإسرائيلي وتلبية جميع احتياجاته.[10]

من جهة أخرى، طالما رأت شخصيات سياسية عن عدم حيادية وانحياز المواقف السياسية لألمانيا لصالح إسرائيل، بسبب خجل الحكومة الألمانية من تاريخ ألمانيا النازية مع اليهود. سبق أن عبر ديزموند توتو سنة 2015 أن"الغرب قد ارتكب الهولوكوست بحق اليهود في أوروبا بينما يدفع الفلسطينيون ثمنا تاريخيا لهذه الجريمة".[11][12][13][14]

مراجع

عدل
  1. ^ تطبيع ما لا يمكن تطبيعه نسخة محفوظة 19 مارس 2021 على موقع واي باك مشين.
  2. ^ "The Israel-German special relationship". Britain Israel Communications and Research Centre. مؤرشف من الأصل في 2007-03-12. اطلع عليه بتاريخ 2009-07-14.
  3. ^ ا ب "German-Israeli Armaments Cooperation". www.bits.de. مؤرشف من الأصل في 2023-09-12. اطلع عليه بتاريخ 2023-12-21.
  4. ^ "How Israel Tried to Conceal Its Biggest Arms Deal With Germany". Haaretz (بالإنجليزية). Archived from the original on 2023-01-21. Retrieved 2024-02-05.
  5. ^ Peter F. Müller, Michael Mueller (2002). Gegen Freund und Feind. Der BND: Geheime Politik und schmutzige Geschäfte (بالألمانية). هامبورغ: Rowohlt Verlag, Hamburg. pp. 485–504.
  6. ^ "ענף הייצוא מס' 1: נשק במיליארד והצי דולר בשנה". أرشيف معاريف على موقع المكتبة الوطنية الإسرائيلية. 1989 [1989].
  7. ^ deutschlandfunk.de (13 Oct 2024). "Nahost-Konflikt - Amnesty International Deutschland wirft Bundesregierung einseitige Parteinahme vor". Die Nachrichten (بالألمانية). Retrieved 2024-10-13.
  8. ^ deutschlandfunk.de (12 Oct 2024). "Verstößt der Krieg in Gaza und im Libanon gegen das Völkerrecht?". Deutschlandfunk (بالألمانية). Retrieved 2024-10-13.
  9. ^ "German government denies it suspended permits for arms exports to Israel". Euronews. مؤرشف من الأصل في 2024-09-18.
  10. ^ "ألمانيا تضاعف صادرات الأسلحة إلى إسرائيل بنحو 10 مرات في 2023". مؤرشف من الأصل في 2023-11-09. اطلع عليه بتاريخ 2023-11-09.
  11. ^ "وزير فلسطيني: خجل ألمانيا من تاريخها مع اليهود لا يجب أن يدفع ثمنه شعبنا". مؤرشف من الأصل في 2022-08-20. اطلع عليه بتاريخ 2023-10-18.
  12. ^ https://www.wafa.ps/ar_page.aspx?id=Kh8cQoa660352880484aKh8cQo نسخة محفوظة 2023-11-14 على موقع واي باك مشين.
  13. ^ https://www.alquds.co.uk/%D8%A7%D9%84%D9%87%D9%88%D9%84%D9%88%D9%83%D9%88%D8%B3%D8%AA-%D9%83%D9%8A%D9%81-%D9%8A%D8%AF%D9%81%D8%B9-%D8%A7%D9%84%D9%81%D9%84%D8%B3%D8%B7%D9%8A%D9%86%D9%8A-%D8%AB%D9%85%D9%86-%D8%A3%D8%AE%D8%B7/ نسخة محفوظة 2021-12-09 على موقع واي باك مشين.
  14. ^ https://www.aljazeera.net/amp/news/2015/5/13/%D8%A3%D9%84%D9%85%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A7-%D9%88%D8%A5%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D9%84-%D8%B9%D9%84%D8%A7%D9%82%D8%A7%D8%AA-%D9%82%D9%88%D9%8A%D8%A9-%D8%B1%D8%BA%D9%85-%D8%B9%D9%82%D8%AF%D8%A9 نسخة محفوظة 2023-10-18 على موقع واي باك مشين.