التعافي الأخضر
حزم التعافي الأخضر هي إصلاحات بيئية وتنظيمية ومالية مقترحة لبناء الازدهار في أعقاب أي أزمة اقتصادية، مثل جائحة فيروس كورونا أو الأزمة المالية العالمية. وهي تتعلق بالتدابير المالية التي تهدف إلى استعادة النمو الاقتصادي مع إفادة البيئة أيضًا بشكل إيجابي، بما في ذلك تدابير الطاقة المتجددة، والاستخدام الفعال للطاقة، والحلول المعتمدة على الطبيعة، والنقل المستدام، والابتكار الأخضر، والوظائف الخضراء، من بين أمور أخرى.[1][2]
من أجل التعافي الأخضر استجابة لجائحة فيروس كورونا، جاء الدعم من عدة أحزاب سياسية وحكومات ونشطاء وأكاديميين عبر الاتحاد الأوروبي، والمملكة المتحدة، والولايات المتحدة، وبلدان أخرى.[3] باتباع تدابير مماثلة استجابة للأزمة المالية العالمية، ويتمثل جزء رئيسي من الحزم في ضمان أن إجراءات مكافحة الركود تكافح أيضًا تغير المناخ، بما في ذلك الحد من استخدام الفحم الحجري والنفط والغاز، واعتماد النقل النظيف والطاقة المتجددة والمباني الصديقة للبيئة والممارسات المالية أو الشركات المستدامة. وهذه المبادرات مدعومة من قبل الأمم المتحدة ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.[4] مثلما قدمت العديد من المبادرات العالمية تتبعًا مباشرًا للاستجابات المالية الوطنية، بما في ذلك مرصد التعافي العالمي (من جامعة أكسفورد والأمم المتحدة وصندوق النقد الدولي)، ومتتبع سياسة الطاقة (اتحاد من ست منظمات)، ومتتبع التعافي الأخضر التابع لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.[5] ويشمل مرصد التعافي العالمي نحو 8000 سياسة في 88 دولة مقارنة بـ 1700 سياسة لتتبع سياسة الطاقة في 35 دولة، و1500 في 44 دولة في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.[6][7]
عند المقارنة بين الاستثمار في عمليات الإنقاذ والتعافي، وجد تحليل أجرته جامعة أكسفورد في مارس 2021 أن 18% من استثمارات التعافي و2.5% من إجمالي الإنفاق كانت خضراء. وفي يوليو عام 2021، دعمت وكالة الطاقة الدولية هذا التحليل، مشيرة إلى أن نحو 2% فقط من أموال كفالة الإنقاذ الاقتصادية في جميع أنحاء العالم كانت تذهب إلى الطاقة النظيفة.[8] ووفقًا لتحليل عام 2022 لمبلغ 14 تريليون دولار الذي أنفقته دول مجموعة العشرين كحافز اقتصادي، جرى تخصيص نحو 6% فقط من إنفاق التعافي من الجائحة للمناطق التي ستخفض أيضًا انبعاثات غازات الدفيئة، بما في ذلك السيارات الكهربائية، ما يجعل المباني أكثر كفاءة في استخدام الطاقة وتركيب مصادر الطاقة المتجددة.[9]
الخلفية
عدلمنذ الثورة الصناعية أطلق حرق الفحم والنفط والغاز ملايين الأطنان من ثاني أكسيد الكربون والميثان وغازات الدفيئة الأخرى في الغلاف الجوي، وتسبب ذلك بالاحتباس الحراري. وبحلول عام 2020 ارتفع متوسط درجة حرارة الأرض بما يزيد عن 1 درجة مئوية عن مستويات ما قبل الصناعة. وحسبت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ التابعة للأمم المتحدة أن الاستمرار في حرق الوقود الأحفوري سيؤدي إلى تسخين الكوكب بما يتراوح بين 0.8 درجة إلى 2.5 درجة لكل 1000 غيغا طن من الكربون المحترق وأن 2900 غيغا طن من الكربون تبقى في الاحتياطيات المؤكدة.[10] وبالتالي فإن حرق جزء صغير من احتياطيات الوقود الأحفوري سيؤدي إلى تسخين كوكبي خطير، ما يؤدي إلى تراجع المحاصيل على نطاق واسع، والانقراض الجماعي السادس.[11]
بحلول نهاية عام 2019 زادت حوادث الحرائق البرية في أستراليا وغابات الأمازون المطيرة في البرازيل وغابات القطب الشمالي في روسيا، بالإضافة إلى زيادة مخاطر الأعاصير في الولايات المتحدة ومنطقة البحر الكاريبي والفيضانات. وفي عام 2015 وقعت معظم الدول اتفاقية باريس التي تلتزم بالحد من انبعاثات الكربون العالمية لمنع ارتفاع درجات الحرارة بأكثر من درجتين، مع طموح للحد من ارتفاع درجة الحرارة إلى 1.5 درجة. طالب النشطاء والسياسيون وخاصة الشباب «بصفقة خضراء جديدة» في الولايات المتحدة، وثورة صناعية خضراء في المملكة المتحدة، بهدف إنهاء استخدام الوقود الأحفوري في النقل وتوليد الطاقة والزراعة والمباني والتمويل. وفي أواخر عام 2019 أعلن الاتحاد الأوروبي عن صفقة خضراء أوروبية، على الرغم من أنه قيل إن هذا أقل بكثير من هدف إنهاء استخدام الوقود الأحفوري في الكتلة بحلول عام 2050.[12]
في أوائل عام 2020، تسببت جائحة فيروس كورونا بقيام البلدان بإغلاق اقتصاداتها، في محاولة لمنع العدوى والوفيات. وتطلب هذا من العديد من الشركات تعليق العمل، حيث سافر الناس أقل وانخفض معدل التسوق والتزموا منازلهم للعمل أكثر. وفي معظم البلدان كانت النتيجة فقدان الوظائف. مثلما تسبب الانخفاض في النشاط الاقتصادي بانخفاض انبعاثات غازات الدفيئة. ودفع ذلك الجماعات إلى الدعوة إلى تعافٍ أخضر وجعل السياسيين والحكومات يعدون بتعافٍ أخضر أيضًا.[13]
في الخطابات السابقة، سميت الآثار الجانبية الإيجابية للسياسات الخضراء بالفوائد المشتركة. ووفقًا للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، فإن المنافع المشتركة هي «الآثار الإيجابية التي قد تحدثها سياسة أو إجراء يهدف إلى أمر واحد وتمتد أثارها إلى أهداف أخرى، بغض النظر عن التأثير الصافي على الرفاهية الاجتماعية الشاملة». ويمكن أن تعزز الطاقات المتجددة العمالة والتنمية الصناعية. واعتمادًا على البلد وسيناريو التوزيع، يمكن أن يؤدي وضع الطاقة المتجددة مكان محطات توليد الطاقة بالفحم إلى أكثر من ضعف عدد الوظائف لكل متوسط قدرة ميغاواط (على الرغم من أن هذا يمثل خسارة إنتاجية مصاحبة بنسبة 50%). إلى جانب الآثار الاقتصادية والمناخ يمكن أن توفر استراتيجيات التخفيف فوائد مشتركة متعلقة بالصحة. ويمكن للشبكات الشمسية المصغرة تحسين الوصول إلى الكهرباء للمناطق الريفية وأن تحل مصادر الطاقة المتجددة محل الطاقة القائمة على الفحم، ليقلل ذلك من عدد الوفيات المبكرة الناجمة عن تلوث الهواء.[14]
مقترحات التعافي الأخضر
عدلتختلف مقترحات التعافي الأخضر بشكل كبير.
في الولايات المتحدة، قدمت مجموعة من الأكاديميين والنشطاء «حافزًا أخضر لإعادة بناء اقتصادنا» في مارس عام 2020. واستهدفت قائمة السياسات ثمانية مجالات، هي الإسكان والبنية التحتية المدنية والنقل والعمالة والتصنيع الأخضر وتوليد الطاقة والأغذية والزراعة والبيئة والبنية التحتية الخضراء وسياسة الابتكار والسياسة الخارجية. وحدد مستوى التمويل المطلوب عند 4% من الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة، أو نحو 850 مليار دولار سنويًا، حتى تحقيق مزدوج لإزالة الكربون بالكامل ومعدل بطالة أقل من 3.5%.[15]
في المملكة المتحدة، اقترحت الحكومة «تعافيًا صديقًا للبيئة ومرنًا»، وأعلنت عن تمويل بقيمة 3 مليارات جنيه إسترليني لتجديدات المباني في يوليو. على النقيض من ذلك، في أوائل شهر يوليو اقترحت مجموعة أكاديمية وفكرية «قانون التعافي الأخضر» الذي استهدف تسعة مجالات هي: النقل وتوليد الطاقة والزراعة والوقود الأحفوري والحكومة المحلية والاتفاقية الدولية والتمويل وإدارة الشركات والتوظيف والاستثمار. ووضع ذلك واجبات على جميع الهيئات العامة والمنظمين لإنهاء استخدام الوقود الأحفوري «بأسرع ما يمكن عمليًا من الناحية التكنولوجية»، مع استثناءات صارمة في حالة عدم وجود بدائل تقنية.[16][17]
في يونيو عام 2020، تعهدت الحكومة الألمانية بالتعافي الأخضر بتمويل قدره 40 مليار يورو (36 مليار جنيه إسترليني أو 45 مليار دولار أمريكي) كجزء من حزمة تعافٍ بقيمة 130 مليار يورو.[18]
المراجع
عدل- ^ O'Callaghan، Brian؛ Murdock، Em (10 مارس 2020). "Are We Building Back Better? Evidence from 2020 and pathways to green inclusive spending" (PDF). United Nations Environment Programme. مؤرشف من الأصل (PDF) في 2022-10-08.
- ^ Hepburn، Cameron؛ O'Callaghan، Brian؛ Stern، Nicholas؛ Stiglitz، Joseph؛ Zenghelis، Dimitri. "Will COVID-19 fiscal recovery packages accelerate or retard progress on climate change?". Oxford Review of Economic Policy. ج. 36 ع. Supplement_1: S359–S381. DOI:10.1093/oxrep/graa015.
- ^ Barbier، Ed (2010). "Green Stimulus, Green Recovery and Global Imbalances". World Economics. ج. 11 ع. 2: 149-177. مؤرشف من الأصل في 2022-10-06.
- ^ M Holder, 'OECD and UN institutions demand green economic recovery from Covid-19' (5 June 2020) Business Green نسخة محفوظة 2022-10-09 على موقع واي باك مشين.
- ^ "Track public money for energy in recovery packages". Energy Policy Tracker. مؤرشف من الأصل في 2022-10-06.
- ^ D. Aldana Cohen, D. Kammen, J. Brave NoiseCat, et al, A green stimulus to rebuild our economy, Medium, 22 March 2020 نسخة محفوظة 2022-10-06 على موقع واي باك مشين.
- ^ e.g. Tom Steyer, 'A fair, green recovery for all Californians نسخة محفوظة 19 أكتوبر 2021 على موقع واي باك مشين.'; New York City, COVID-19 Green Recovery. نسخة محفوظة 2022-10-07 على موقع واي باك مشين.
- ^ "Key findings – Sustainable Recovery Tracker – Analysis". IEA. مؤرشف من الأصل في 2022-10-08. اطلع عليه بتاريخ 2021-07-23.
- ^ Nahm, Jonas M.; Miller, Scot M.; Urpelainen, Johannes (2 Mar 2022). "G20's US$14-trillion economic stimulus reneges on emissions pledges". Nature (بالإنجليزية). 603 (7899): 28–31. DOI:10.1038/d41586-022-00540-6. PMID:35236968. Archived from the original on 2022-10-08.
- ^ C McGlade and P Ekins, ‘The geographical distribution of fossil fuels unused when limiting global warming to 2oC’ (2015) 517 Nature 187, Figure 1
- ^ "What to expect from the world's sixth mass extinction". dw. مؤرشف من الأصل في 2022-10-08.
- ^ European Environmental Bureau, 'EU plans multi-billion euro ‘green recovery’ but falls short in crucial areas' (27 May 2020) eeb.org. Friends of the Earth Europe, 'EU Green Deal: fails to slam on the brakes' (11 December 2019) نسخة محفوظة 2022-10-08 على موقع واي باك مشين.
- ^ See Green New Deal Group, A Green New Deal (July 2008) نسخة محفوظة 2022-09-01 على موقع واي باك مشين.
- ^ S Evans, 'Analysis: Coronavirus set to cause largest ever annual fall in CO2 emissions' (9 April 2020) Carbon Brief. F Harvey, 'Steep fall in emissions during coronavirus is no cause for celebration' (19 May 2020) Guardian نسخة محفوظة 2022-10-01 على موقع واي باك مشين.
- ^ Mock، Brentin (24 مارس 2020). "A Green Stimulus Plan for a Post-Coronavirus Economy". CityLab. Bloomberg L.P. مؤرشف من الأصل في 2022-10-08. اطلع عليه بتاريخ 2022-01-15.
- ^ "The Green Recovery Act". www.common-wealth.co.uk. مؤرشف من الأصل في 2022-10-06. اطلع عليه بتاريخ 2022-10-13."The Green Recovery Act". www.common-wealth.co.uk. مؤرشف من الأصل في 2020-07-15. اطلع عليه بتاريخ 2022-10-13. | تاريخ الوصول = 3 November 2021 | مؤلف1-الأخير = McGaughey | مؤلف1-الأول = E | مؤلف2-الأخير = Lawrence | مؤلف2-الأول = M | مؤلف3 = Common Wealth | مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20221006093917/https://www.common-wealth.co.uk/interactive-digital-projects/green-recovery-act | تاريخ أرشيف = 6 أكتوبر 2022 }}
- ^ "The Guardian view on a post-Covid recovery: not much building back greener". The Guardian (بالإنجليزية). 7 Jul 2020. Archived from the original on 2022-10-08. Retrieved 2021-11-03. "Mr Johnson has talked of a "new deal" and he could take up the suggestion by the Common Wealth think tank to legislate for a green recovery act to drive an economic revival with renewable energy at its core."
- ^ Murray, JS (4 Jun 2020). "Green Recovery: Germany unveils plans for €40bn climate spending surge". www.businessgreen.com (بالإنجليزية). Archived from the original on 2022-10-08. Retrieved 2021-11-03.