الاندماج في القطاع المصرفي الإماراتي

يشهد القطاع المصرفي في الإمارات العربية المتحدة تحولات كبيرة ومتسارعة، حيث أصبحت عمليات الاندماج بين البنوك أحد أبرز السمات التي تميز هذا القطاع في السنوات الأخيرة. يأتي هذا التوجه كاستجابة للتحديات الاقتصادية العالمية والمحلية بالإضافة إلى سعي البنوك لتعزيز كفاءتها التشغيلية وزيادة قدرتها التنافسية في سوق مالي يتسم بالتنافسية العالية. تعتبر عمليات الاندماج في القطاع المصرفي الإماراتي جزءا من استراتيجية أوسع تهدف إلى تعزيز الاستقرار المالي ودعم النمو الاقتصادي ومواكبة التطورات التكنولوجية التي تشهدها الصناعة المصرفية على مستوى العالم. من خلال هذه العمليات تسعى البنوك إلى تحقيق وفورات اقتصادية وتوسيع نطاق خدماتها وتعزيز حصتها السوقية مما يسهم في بناء نظام مالي أكثر قوة ومرونة.[1]

بنك أبو ظبي الوطني في دبي.

المقدمة

عدل

تعتبر الإمارات العربية المتحدة من بين الدول العربية التي تحاول بنوكها النمو خارجياً عن طريق عمليات الاندماج من أجل الصمود أمام المنافسة العالمية وتعزيز مراكزها المالية في ظل التحديات التي تفرزها البيئة المصرفية العالمية.

الاندماج في القطاع المصرفي

عدل

لقد بلغ إجمالي موجودات القطاع المصرفي الإماراتي خلال الربع الأول من عام 2020 ما مقداره 851.7 مليار دولار أمريكي وبلغت إجمالي الودائع ما مقداره 537.9 مليار دولار أمريكي وبزياد قدرها 13.4% مقارنة مع عام 2019، وبلغت حسابات رأس المال 100.7 مليار دولار أمريكي، أما حجم الائتمان الذي قدمته المصارف الإمارات خلال الربع الأول من عام 2020 فقدر بحوالي 447 مليار دولار أمريكي.[2] أما بالنسبة للقيم السوقية للمصارف الإماراتية فقد شهدت تراجعاً حاداً بسبب انعكاسات فيروس كورونا المستجد، حيث بلغ حجم متوسط الخسارة لأكبر 5 مصارف إماراتية حوالي 36.6% خلال الفترة الممتدة من ديسمبر 2019 إلى أبريل 2020 كما يوضحه الجدول الموالي:

جدول القيمة السوقية لأكبر 5 مصارف إماراتية خلال الفترة من ديسمبر 2019 إلى أبريل 2020. الوحدة: مليار دولار أمريكي

المصارف ديسمبر 2019 أبريل 2020 نسبة التغير %
بنك أبو ظبي الأول 15.6 9.65 36.35
بنك الإمارات دبي الوطني 13.00 7.23 44.38
بنك أبو ظبي التجاري 7.92 4.63 41.54
بنك دبي الإسلامي 5.51 3.60 34.66
بنك أبو ظبي الإسلامي 5.39 3.99 25.97
متوسط التغيير - - 36.58

من خلال الجدول يوجد انخفاض حاد في القيمة السوقية لأكبر 5 مصارف إماراتية خلال الربع الأول من عام 2020، حيث انخفضت القيمة السوقية لبنك الإمارات دبي الوطني مثلاً بنسبة 44.38% مقارنة بعام 2019[3]، وانخفضت بنسبة %25.97 في بنك أبو ظبي الإسلامي، وهذا جراء انتشار فيروس كورونا المستجد، الذي قد يكون دافعا قويا لهذه المصارف من أجل التفكير في تنظيم المزيد من عمليات الاندماج في المستقبل القريب.

ومن أهم عمليات الاندماج الحديثة التي تمت في القطاع المصرفي الإماراتي، نذكر ما يلي:

في أبريل 2019 أعلن بنك دبي الإسلامي عن الانتهاء رسمياً من اندماجه القانوني مع بنك نور، مما خلق أكبر مجموعة مصرفية متوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية في دولة الإمارات العربية المتحدة، وأكد بنك دبي الإسلامي أن الهدف من الاندماج هو تعزيز نفوذه، وزيادة حصته السوقية، وتحسين كفاءته التشغيلية، وترسيخ مكانته كبنك من أكبر البنوك الإسلامية في العالم بأصول تقدر بحوالي 75 مليار دولار أمريكي، مما عزز مكانته كثاني أكبر مصرف إسلامي في العالم من حيث الأصول، وقد وصلت قيمة أرباحه خلال الربع الأول من عام 2019 بعد الاندماج إلى 1,355 مليون درهم إماراتي، وبمعدل نمو قدره 12% مقارنة بـ 1,211 مليون درهم إماراتي قبل الاندماج في عام 2018، كما ارتفع إجمالي الدخل إلى 3,407 مليون درهم إماراتي، وبمعدل نمو قدره 26% مقارنة بـ 2,697 مليون درهم إماراتي عام 2018 قبل الاندماج، كما بلغت نسبة كفاية رأس المال بعد الاندماج ما مقداره 17.5%، الأمر الذي يعني أن الاندماج قد أدى إلى تحسين جودة أصول المصرف وملاءته المالية، وتحسين ربحيته، مما جعله كيان مصرفي قوي قادر على المنافسة إقليمياً ودولياً.[4]

في 2 أبريل 2020 تم الانتهاء رسمياً من عملية الاندماج بين بنك أبو ظبي التجاري وبنك الاتحاد الوطني وبنك الهلال التي انطلقت في مايو 2019، وقد نتج عن هذه العملية أكبر وأقوى مجموعة مصرفية تساهم في مسيرة التنمية الاقتصادية في دولة الإمارات العربية المتحدة، ولقد حققت مجموعة أبو ظبي التجاري خلال نهاية الربع الأول من عام 2020 أرباحاً صافية قدرها 209 مليون درهم إماراتي، كما ارتفعت الأرباح التشغيلية بنسبة 8%، باستثناء تكاليف الاندماج لتبلغ 2.293 مليار درهم إماراتي مقارنة بنفس الفترة من عام 2019، ويعود الارتفاع في الأرباح بشكل رئيسي إلى الوفرات الناتجة عن الاندماج وارتفاع الايرادات وفقاً للنتائج المالية الصادرة عن البنك، كما ارتفع صافي الدخل من الفوائد وعمليات التمويل الإسلامي بنسبة 6% لتبلغ 2.789 مليار درهم إماراتي مقارنة مع نفس الفترة من عام 2019، وقد تم توزيع 2.644 مليار درهم إماراتي كأرباح نقدية على المساهمين خلال الربع الأول من عام 2020 عن سنة 2019، في حين وصل إجمالي حقوق المساهمين إلى 49 مليار درهم إماراتي بنهاية الربع الأول من 2020، في حين بلغ صافي القروض والتسيلفات 247 مليار درهم إماراتي وودائع العملاء 263 مليار درهم إماراتي بتاريخ 31 مارس 2020، وهذا ما يعكس قدرة البنك الناتج عن الاندماج على التكيف مع الظروف الاستثنائية التي فرضتها جائحة كورونا على مستوى العالم ككل.[5]

خاتمة

عدل

صفوة القول أنه رغم كل التحديات التي يواجهها القطاع المصرفي الإماراتي فقد اتجهت عدة مصارف إماراتية إلى اعتماد إستراتيجية الاندماج المصرفي كآلية لتحسين وتعزيز مراكزها التنافسية، غير أنه يلاحظ في الغالب قلة عمليات الاندماج التي تمت بين المصارف في الإمارات العربية المتحدة ومحدوديتها مقارنة بصفقات الاندماج على المستوى العالمي، وهو الأمر الذي يجعل الحديث عن تحقيق المزيد من عمليات الاندماج بين المصارف الإماراتية يتطلب انتهاج إصلاحات شاملة للجهاز المصرفي الإماراتي سواء على مستوى المصارف المركزية أو على مستوى البيئة الداخلية لكل مصرف.[6]

النتائج

عدل

للاندماج المصرفي عدة أنواع، أفضلها الاندماج الطوعي والاختياري الذي يتم من خلال توافق الإرادة والتفاهم المشترك بين المصارف المشاركة فيه للاستفادة من مختلف المزايا والمنافع التي يحققها الاندماج؛ يعاني القطاع المصرفي الإماراتي من مجموعة من التحديات، مثل التركز المصرفي وصغر حجم وحداته المصرفية، إضافة إلى ظاهرة التمصرف الزائد وتعثر القروض المصرفية، ناهيك عن انخفاض درجات التصنيف الائتماني وضعف اندماج الاقتصاد الإماراتي في الاقتصاد العالمي.

في ظل المنافسة الشديدة التي تفرضها المصارف الأجنبية على المصارف الإماراتية يجب على هذه الأخيرة التفكير في تكوين تكتلات مصرفية عملاقة عن طرق الاندماج من أجل تحسين مستويات أداءها ومراكزها التنافسية.

تتميز عمليات الاندماج بين المصارف الإماراتية بقلة عددها مقارنة مع عمليات الاندماج العالمية، إضافة إلى تمركزها داخل حدود الدولة.

حدثت عمليات اندماج ناجحة للمصارف في الإمارات، تم من خلالها ميلاد مصارف ضخمة قادرة على المنافسة محليا، إقليمياً وعالمياً.

هناك توجه ملحوظ للمصارف الإسلامية في الإمارات لاعتماد عمليات الاندماج فيما بينها، مثل اندماج بنك دبي الإسلامي مع بنك نور في عام 2019.

مصادر

عدل
  1. ^ "دراسة تحليلية لظاهرة الاندماج في القطاع المصرفي العربي- تجارب مختارة".
  2. ^ "صندوق النقد العربي: الإمارات تتصدر عربيا في أصول القطاع المصرفي بحصة 24.3%".
  3. ^ "انخفاض أرباح "بنك الإمارات دبي الوطني" إلى 6959.5 مليون درهم (-52%) بنهاية عام 2020 .. وأرباح الربع الرابع 1315.6 مليون درهم (-35%)".
  4. ^ "إتمام دمج عمليات نور بنك في بنك دبي الإسلامي بنجاح".
  5. ^ "مجموعة بنك أبوظبي التجاري تبدأ التداول رسمياً بعد اكتمال الاندماج القانوني بين بنك أبوظبي التجاري وبنك الاتحاد الوطني والاستحواذ على مصرف الهلال".
  6. ^ "ما أبرز التحديات التي تواجه القطاع المصرفي الإماراتي؟".