اعتبار (علم الحديث)
الاعتبار في سياق علم الحديث هو البحث عن وجود أسانيد أخرى لحديث تفرد به أحد الرواة، وتُسمى هذه الأسانيد بالمتابعات، وكذلك البحث عن متون أحاديث أخرى وردت مشابهة لمعناه، وتُسمى هذه المتون بالشواهد، وذلك بغرض تقوية الحديث الذي تفرد به الراوي، فإن خلت كتب الأحاديث من وجود متابعات وشواهد للحديث الذي تفرد به الراوي كان تفرده بهذا الحديث تفردا مطلقا. [1]
المتابعات
عدلالمتابعات هي الأسانيد الأخرى (وتُسمى أيضا الطرق) التي رُوي بها حديث انفرد به أحد الرواة، فمثلا أن يروي حماد بن سلمة حديثا انفرد به عن أيوب عن ابن سيرين عن أبي هريرة عن النبي ﷺ، فيقوم علماء الحديث بالبحث عن راو آخر غير حماد رَوى هذا الحديث عن أيوب، ثم عن راو آخر غير أيوب رَوى هذا الحديث عن ابن سيرين، ثم عن راو آخر غير ابن سيرين رَوى هذا الحديث عن أبي هريرة، ثم عن صحابي آخر غير أبي هريرة رَوى هذا الحديث عن النبي ﷺ (انظر الصورة أسفله)، فإن وُجد راو آخر عن أيوب سُمي الإسناد الجديد المتابعة التامة، وإن رواه راو آخر عن ابن سيرين، أو راو آخر عن أبي هريرة، أو صحابي آخر عن رسول الله ﷺ سُمي الإسناد الجديد المتابعة القاصرة، وقد يُسمى أحيانا بالشاهد.
مثال على المتابعات
عدلحدثنا علي بن حجر قال أخبرنا شريك عن المقدام عن أبيه عن عائشة قالت:
«مَنْ حَدَّثَكُم أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ بَالَ قَائِمًا فَلَا تُصَدِّقُوهُ مَا كَانَ يَبُولُ إلا قَاعِدًا[2]»
ثم رُوِي هذا الحديث من طريق آخر وهو:
حدثنا وكيع عن سفيان عن المقدام عن أبيه عن عائشة قالت: «من حدثك أن رسول الله ﷺ بال قائما فلا تصدقه، ما بال رسول الله ﷺ قائما منذ أنزل عليه القرآن[3]»
فنرى هنا اشتراك كل من سفيان وشريك في الرواية عن المقدام، فيُقال فيه أن سفيان تابع شريكاً.
الشواهد
عدلالشاهد هو الحديث المروي بمعنى مشابه للحديث الذي انفرد به أحد الراوة.
مثال على الشواهد
عدلما رواه البخاري حدثنا عبد الله بن مسلمة حدثنا مالك عن عبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمر أن رسول الله ﷺ قال: «الشهر تسع وعشرون ليلة، فلا تصوموا حتى تروه، فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين»
فالشاهد له حديث بمعناه:
ما رواه مسلم[4] حدثنا عبد الرحمن بن سلام الجمحي حدثنا الربيع ابن مسلم عن محمد ابن زياد عن أبي هريرة رضي الله عنه إن النبي ﷺ قال:«صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غمي عليكم فأكملوا العدد»
مثال على المتابعات والشواهد
عدلما رواه سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس أن رسول الله ﷺ قال: «لو أخذوا إهابها فدبغوه فانتفعوا به»
لكن ابن جريج قد روى هذا الحديث أيضا عن عمرو بن دينار عن عطاء إلا أنه لم يَذكر فيه الدباغ، فأجرى الحافظ البيهقي بحثا عن المتابعات والشواهد لرواية سفيان المذكور فيها الدباغ فوجد لها متابعا وشاهدا:[5]
أما المتابع فهو أسامة بن زيد الذي روى الحديث بلفظ الدباغ عن عطاء بن أبي رباح (أي أن أسامة تابع عمرو بن دينار) كما يلي:
ما رواه أسامة بن زيد عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس أن رسول الله ﷺ قال: «ألا نزعتم جلدها فدبغتموه، فاستمتعتم به»
وأما الشاهد فهو حديث بنفس المعني وهو:
ما رواه عبد الرحمن بن وعلة عن ابن عباس قال: قال رسول الله ﷺ: «أيما إهاب دبغ فقد طهر»