ابن جلال التلمساني
ابن جلال التلمساني، واحد من أبرز أعلام الفكر والفقه في بلاد المغرب (شمال افريقيا) خلال القرن الـ10 الهجري (16 الميلادي). وُلد في تلمسان عام 908 هـ (1502–1503م) ونشأ في بيئة علمية مميزة، حيث تتلمذ على يد نخبة من العلماء البارزين أمثال سعيد المقري التلمساني وأبي عبد الله محمد بن موسى. بعد مسيرة علمية في تلمسان، اضطر للهجرة إلى مدينة فاس بسبب الاضطرابات السياسية.
ابن جلال التلمساني | |
---|---|
معلومات شخصية | |
الميلاد | سنة 1502 تلمسان |
الوفاة | 2 يناير 1574 (71–72 سنة) فاس |
الحياة العملية | |
التلامذة المشهورون | أحمد المنجور |
المهنة | مفتي، ومدرس، ومفسر |
تعديل مصدري - تعديل |
تقلّد في هذه المدينة مناصب علمية ودينية، أبرزها التدريس والخطابة في جامع القرويين وجامع الأندلسيين. عُرف بسعة علمه وقوة شخصيته وكثرة طلابه، واستمر في التدريس حتى وفاته عام 981 هـ (1574م) بفاس.
حياته
عدلأبو عبد الله محمد بن عبد الرحمن بن أحمد بن عبد الرحمن بن جلال التلمساني، المعروف بابن جلال التلمساني وذكر ابن مريم في مؤلفه «البستان في ذكر الأولياء و العلماء بتلمسان» نسبه بقوله «سيدي محمد بن عبد الرحمن بن جلال الوعزاني التلمساني»[1]، وُلد في مدينة تلمسان عام 908 هـ (1502–1503م). نشأ في بيئة علمية رفيعة المستوى، حيث تلقى تعليمه على يد نخبة من العلماء في مختلف العلوم الدينية والدنيوية. من بين أساتذته كان الشيخ أبو عبد الله محمد بن موسى، فقيه تلمسان، وسعيد المقري التلمساني، عم المؤرخ و الأديب الشهير أحمد المقري التلمساني.[2] كما تعلم على يد الشيخ أبي العباس أحمد بن عطاء الله، أحد تلامذة ابن غازي المكناسي، ودرس علم التفسير لدى أبي مروان عبد الملك البُرجي. واستفاد أيضًا من تلامذة العالم الصوفي محمد بن يوسف السنوسي وأحمد بن يوسف الملياني، الذي كان والده ملازمًا له. إلى جانب ذلك، تتلمذ على يد علماء آخرين من بلاد المغرب، أشار إليهم أبو بلقاسم الحفناوي في مؤلفه.[2] نتيجة لذلك، أصبح ابن جلال متمكنًا في علوم متعددة، مثل المنطق، الفقه، العقائد، البيان، الحديث، والتفسير.[3]
بدأ مسيرته المهنية كمفتٍ في مدينة تلمسان. غير أن الاضطرابات السياسية التي شهدتها المدينة آنذاك، بما في ذلك النزاعات الداخلية بين الزيانيين في أواخر حكمهم، وتذمر السكان من الحملات العثمانية، بالإضافة إلى الضغط السعدي، دفعت كثيرًا من العلماء، مثل شقرون الوجديجي التلمساني، إلى مغادرة المدينة. ومع تفاقم الأوضاع، قرر ابن جلال الهجرة إلى مدينة فاس كذلك عام 958 هـ (1551م) التي كانت تحت حكم السلطان السعدي محمد الشيخ، الذي أكرمه وقدّر علمه.[4]
في فاس، تولّى ابن جلال الإفتاء والتدريس والخطابة في جامع الأندلسيين لمدة ثماني سنوات، ثم انتقل للتدريس في جامع القرويين لمدة ثلاثة عشر عامًا. درّس هناك علومًا متنوعة، مثل الفقه، التفسير، المنطق، العقيدة، وعلم الكلام، مما جعله محط أنظار طلاب العلم من مناطق مختلفة، بما في ذلك مراكش.[2]
وصفه تلميذه البارز أحمد المنجور الفاسي، بقوله: «الفقيه المشارك المفتي الخطيب، استفدت منه في العقائد و الحديث و الأدب، وكان ذا تؤدة وسكون وهمة وسخاء».[2] كما ذكر عبد الرحمن التمنارتي، قاضي تارودانت، أن ابن جلال رافق السلطان السعدي عبد الله الغالب إلى منطقة سوس عام 970 هـ (1562م)، حيث قضى عامًا يُدرّس في الجامع الكبير بتارودانت، وانتفع منه كثير من الفقهاء.[5] كذلك التقى به المؤرخ والقاضي محمد بن عسكر الشفشاوني عدة مرات، وأثنى على علمه في كتابه الذي وثّق فيه علماء بلاد المغرب في القرن العاشر الهجري.[3]
استمر ابن جلال في التدريس حتى وفاته في فاس يوم 8 رمضان 981 هـ (2 يناير 1574م). وتشير مصادر أخرى إلى أنه توفي عام 980 هـ (12 يناير 1573م) وعلى أنه مدفون قرب ضريح السلطان السعدي عبد الله الغالب.[2] كما سار ابنه، المعروف بمحمد المرابط، على نهجه، حيث تولى الخطابة في جامع الأندلسيين وجامع القرويين وتوفي كذلك في فاس عام 1008 هـ (1599–1600م).[6]
تبين في اكتشاف عام 2004، أن لابن جلال كذلك بنتا قد تزوجت بالمؤرخ والأديب الشهير أحمد بن محمد المقري التلمساني. وجاء هذا الاكتشاف على إثر مخطوط أعادته بنت المستشرق الفرنسي دوليفان إلى المكتبة الوطنية الجزائرية[ملاحظة 1]، وحققه الباحث محمد بن معمر، تحت إشراف مخبر وهران لمخطوطات الحضارة الإسلامية في شمال إفريقيا. ونُشر محتوى هذا المخطوط في عام 2005 في كتاب بعنوان «رحلة المقري التلمساني إلى المشرق والمغرب»[7]. كشفت هذه المعلومة لأول مرة أن أحمد المقري كان متزوجًا من ثلاث زوجات، وليس اثنتين كما كان يُعتقد سابقا، لكن لم يُعرف إن تم الزواج في تلمسان أو فاس.[7]
الملاحظات و المراجع
عدلالمراجع
عدل- ^ ابن مريم (1908). البستان في ذكر الأولياء و العلماء بتلمسان. الجزائر: المطبعة الثعالبية. ص. 260.
- ^ ا ب ج د ه أبو بلقاسم الحفناوي (1906). تعريف الخلف برجال السلف. الجزائر: فونتانا الشرقية، الجزائر. ص. 413–415.
- ^ ا ب محمد بن عسكر الحسيني الشفشاوني (1977). دوحة الناشر لمحاسن من كان بالمغرب من مشايخ القرن العاشر، تحقيق محمد حجي. الرباط: مطبوعات دار المغرب للنشر و الترجمة و النشر. ص. 123.
- ^ محمد الزين (10 نوفمبر 2018). "هجرة التلمسانيين الى المغرب الأقصى خلال القرن 10ه/16م-العلماء أنموذجا-". مجلة الحكمة للدراسات التاريخية. ج. 6 ع. 2: 124–126. مؤرشف من الأصل في 2022-09-24.
- ^ عادل نويهض (2011). كتاب معجم أعلام الجزائر. بيروت: مؤسسة نويهض الثقافية. ص. 76.
- ^ أبو القاسم سعد الله. تاريخ الجزائر الثقافي. بيروت: دار الغرب الإسلامي. ج. 1. ص. 425.
- ^ ا ب أبو العباس أحمد بن محمد المقري التلمساني (2005). كتاب رحلة المقري التلمساني إلى المغرب والمشرق، تحقيق الدكتور محمد بن معمر. الجزائر: مكتبة الرشاد للطباعة و النشر و التوزيع. ص. 10. ISBN:9961794044.
الملاحظات
عدل- ^ وقعت العديد من المخطوطات في أيدي المستشرقين الفرنسيين أثناء فترة الاستعمار الفرنسي للجزائر، حيث تُحفظ غالبيتها في المكتبة الوطنية الفرنسية في باريس.