«الإسلام السياسي» هو مصطلح استشراقي ظهرَ حديثًا بسبب انعزال الأقطاب الدينية في العالم الإسلامي عن السياسة نتيجة إنتشار العلمانية والثقافة الغربية، كان المستشرق الإسرائيلي مارتن كرامر من أوائل الخبراء الذين بدأوا في استخدام مصطلح «الإسلام السياسي» بين عامي 1980م و2003م،[1] كان دكميجيان من أوائل الخبراء الذين أبدوا ملاحظات حول تسييس الإسلام في سياق فشل الحكومات العلمانية في الدول ذات الغالبية المسلمة بينما يستخدم كلاً من الإسلاموية والأصولية في نفس الوقت بدلاً من الإسلام السياسي،[2] يمكن أن يشير المصطلح إلى مجموعة واسعة من الأفراد أو الجماعات الذين يرون أن للإسلام نظام حكم سياسي متمثل في «الخلافة الإسلامية» أو «الدولة الإسلامية» ونظام تشريعي وجنائي متمثل في «الشريعة الإسلامية»، ويدافعون عن تشكيل الدولة والمجتمع وفقًا لفهمهم للمبادئ الإسلامية، وللإشارة إلى النشاطات واسعة النطاق للأفراد والمنظمات المؤيدة لتحويل الدولة والمجتمع ككل للاستناد لمرجعية من القوانين الإسلامية.[3][4][5][6] تُتهم الأحزاب السياسية الإسلامية بإستغلال العاطفة الدينية للمجتمع ودغدغة مشاعر البسطاء كوسيلة للوصول للسلطة والمال والمكانة الإجتماعية،[7][8][9] وتُتهم بعدم المنافسة الشريفة في الإنتخابات بسبب التجارة بالدين كشعار سياسي أمام منافسيها،[10][11] وعدم مصداقية تلك الأحزاب فيما ترفعه من شعارات دينية كتطبيق الشريعة بل تستخدمها كوسيلة للوصول للسلطة وكدعاية إنتخابية لحشد المتدينين ثم تتخلي عنه مباشرة بعد فوزها بالحكم وتحكم بالقوانين الوضعية التي كانت ترفضها قبل الوصول للحكم،[12][13][14][15] مما يتعارض مع مبدأ المنافسة الشريفة وتكافؤ الفرص؛ حيث تتحول الإنتخابات من صراع بين من لديه المشروع الإقتصادي الأكثر نجاحًا إلي صراع حول المزايدة الدينية.[16][17][18][19] كما أن وصول الأحزاب الإسلاموية للسلطة يهدد العملية الديمقراطية، ويُرسخ للإستبداد بأسم الدين، ويؤدي للحروب الأهلية بسبب الإنقسام المجتمعي الفكري والديني والصراعات بين الأحزاب الدينية وتحويل الصراع السياسي علي الحكم لصراع ديني مما يجعله مشروعًا فاشلًا غير صالح للتطبيق، كما حدث في العشرية السوداء في الجزائر بعد إلغاء الجيش الجزائري للإنتخابات التشريعية التي فازت بها الجبهة الإسلامية للإنقاذ، وعارضت الجبهة إنقلاب الجيش الجزائري ودعت لإعتصامات ومظاهرات راح ضحيتها المئات ثم بدأت الهجمات الإرهابية ضد الجيش من الجبال التي أستوطنها الإسلاميين المسلحين وشنوا المجازر ضد المدنيين المؤيدين للجيش بعد تكفيرهم، وقد راح ضحيتها 150 الف شخص.[20][21][22] كما تؤدي الأحزاب الإسلامية لإنتشار الإلحاد في المجتمع؛ بسبب غضب المجتمع تجاه تلك الأحزاب التي تمارس الإستبداد والسرقة والفساد بأسم الدين، وكونها تربط هزيمتها السياسية بأنها هزيمة للدين نفسه، وليس لحزب سياسي يمتطي الدين ويرفع شعارات دينية كوسيلة للوصول لما هو دنيوي.[23]

ظهور المصطلح

عدل

ظهر مصطلح الإسلام السياسي لوصف حركات تغيير سياسية تؤمن بالإسلام باعتباره «نظاما سياسيا للحكم»، وأن الإسلام «ليس عبارة عن ديانة فقط وإنما عبارة عن نظام سياسي واجتماعي وقانوني واقتصادي يصلح لبناء مؤسسات دولة». ورغم ربط هذا المصطلح ببعض الأسماء بعينها مثل -حسن البنا- وبعض الجماعات والحركات مثل -الإخوان المسلمون- أو -الحركة الوهابية- إلا أن للمصطلح تاريخ أبعد من ذلك فيعود التاريخ السياسي للإسلام لعهد النبي محمد نفسه عندما أسس دولة إسلامية في المدينة المنورة ثم توسعت خلال الخلافة الراشدة.[24][25][26]

ويستخدم المصطلح غالبًا في سياق الربط مع الحركات التي تمثل القوى السياسية الحالية باسم الإسلام، والتي نشأت في نهاية القرن العشرين[27] ويستخدم بعض المؤلفين الأكاديميين مصطلح إلإسلاموية لوصف نفس الظاهرة أو يستخدمون كلا المصطلحين بشكل تبادلي.[27][28][29][30]

نشأة تاريخية

عدل

يعود التاريخ السياسي للإسلام إلي النبي محمد عندما أسس الدولة الإسلامية في المدينة المنورة[31]، فبعد مرور 13 عاما من ظهور الإسلام في مكة، واجه الرسول وأصحابه مقاومة شديدة وإضطهادًا شديدًا من الوثنيين، ودفع ذلك بالرسول للهجرة إلى المدينة المنورة (يثرب)، بعد أن رحب أهلها من قبائل الأنصار بالرسول وأعلنوا البيعة له، ومن هنا قدرّ للدولة الإسلامية أن تنشأ في المدينة المنورة ثم بدأت الغزوات لصد هجمات الوثنيين ولأحقا بدأ جهاد الطلب لنشر الإسلام بين القبائل الأخري عبر قتال الوثنيين واليهود والنصاري وفرض جزية سنوية عليهم،[32] ثم بعد وفاة النبي محمد بايع المسلمين أبو بكر الصديق علي السمع والطاعة في سقيفة بني ساعدة؛ فقامت الخلافة الراشدة التي امتدت للعراق وبلاد الشام ثم تمددت في عهد عمر بن الخطاب لتشمل شمال أفريقية وبلاد فارس، ثم قامت الخلافة الأموية بعد تنازل الحسن بن علي عن الخلافة لمعاوية بن أبي سفيان فتمددت الدولة الإسلامية لتشمل الأندلس وأجزاء ضخمة من آسيا الوسطى[33][34]، وبعد ضعف الدولة الأموية نشأ الحزب العباسي الذين بايعوا بنو العباس وقالوا بأنهم أحق بالخلافة بإعتبارهم من نسل عم النبي العباس بن عبدالمطلب وقادوا ثورات مسلحة ضد الدولة الأموية بقيادة أبو مسلم الخراساني وأعلنوا قيام الخلافة العباسية في خراسان وتوالت هزائهم الأمويين وسقطت أراضيهم في يد العباسيين وقام أبو العباس السفاح بالعديد من الجرائم ضد الأمويين كإخراج جثثهم والتمثيل بها والصلب وغيرها من التنكيل بخصومه حتي لُقب ب"السفاح"[35]، ثم نشأت الخلافة العثمانية عقب تنازل الخليفة العباسي المتوكل على الله عن الخلافة للعثمانيين وأمتدت الخلافة العثمانية لتشمل القسطنطينية والبلقان.[36]، وبعد قيام الدول الوطنية الحديثة التي تقوم علي مبدأ العلمانية وفصل الدين عن شؤون الدول عقب إنتهاء سيطرة الدولة العثمانية نشأت عدة أحزاب في دول عدة تعمل لإقامة دولة إسلامية مرة أخري منها ما هو دعوي سلمي ومنها ما هو جهادي مسلح وتم إطلاق عليهم من قبل العلمانيين مصطلح «الإسلام السياسي».[37]

حركات إسلامية سياسية دعوية

عدل

حركات إسلامية سياسية جهادية

عدل

مراجع

عدل
  1. ^ Martin (8 سبتمبر 2017). Fundamentalists or Islamists?. New Brunswick (U.S.A.) and London (U.K.) : Transaction: Routledge. ص. 53–70. ISBN:978-1-351-29532-1. مؤرشف من الأصل في 2022-10-14.
  2. ^ Dekmejian، Richard Hrair (1 أبريل 1980). "The Islamic Revival in the Middle East and North Africa". Current History. ج. 78 ع. 456: 169–174. DOI:10.1525/curh.1980.78.456.169. ISSN:0011-3530. مؤرشف من الأصل في 2022-10-17.
  3. ^ Krämer, Gudrun. “Political Islam.” In Encyclopedia of Islam and the Muslim World. Vol. 6. Edited by Richard C. Martin, 536–540. New York: Macmillan, 2004. via Encyclopedia.com نسخة محفوظة 13 يوليو 2018 على موقع واي باك مشين.
  4. ^ "النظام السياسي في الإسلام وعلاقته بالأنظمة الحاكمة اليوم". تبيان. 23 يونيو 2019. مؤرشف من الأصل في 2021-06-14. اطلع عليه بتاريخ 2022-06-14.
  5. ^ "رأي.. هل فرضت الشريعة الإسلامية نظاماً سياسياً؟". CNN Arabic. 26 مارس 2017. مؤرشف من الأصل في 2021-04-16. اطلع عليه بتاريخ 2022-06-14.
  6. ^ "مصطلحُ "الإسلام السياسي" مصطلحٌ غربيٌ استشراقيٌ علمانيُ - حسام الدين عفانه". ar.islamway.net. مؤرشف من الأصل في 2020-11-01. اطلع عليه بتاريخ 2022-06-14.
  7. ^ "إسلام سياسي". ويكيبيديا. 24 مارس 2024.
  8. ^ "في الذكرى 20 لهجمات 11 من سبتمبر.. تساؤلات حول مسارات الحرب على الإرهاب". قناة 218. 11 سبتمبر 2021. مؤرشف من الأصل في 2023-05-19. اطلع عليه بتاريخ 2024-03-24.
  9. ^ "الخلافة... من المسجد إلى السلطة". Hespress - هسبريس جريدة إلكترونية مغربية. 18 أبريل 2016. مؤرشف من الأصل في 2024-01-23. اطلع عليه بتاريخ 2024-03-24.
  10. ^ "برق الإخوان الخلب". aawsat.com. مؤرشف من الأصل في 2019-01-17. اطلع عليه بتاريخ 2024-03-24.
  11. ^ بناصا (3 ديسمبر 2020). "علاقة إسلاميي المغرب مع تنظيم الإخوان المسلمين". Banassa. مؤرشف من الأصل في 2024-03-28. اطلع عليه بتاريخ 2024-03-24.
  12. ^ "طارق البشيشي: الإخوان كان لديهم لجنة سياسية تمارس الابتزاز الديني وقت الانتخابات - بوابة الشروق". www.shorouknews.com (بar-eg). Archived from the original on 2023-08-30. Retrieved 2024-03-26.{{استشهاد ويب}}: صيانة الاستشهاد: لغة غير مدعومة (link)
  13. ^ "شعارات الإخوان الانتهازية .. استغلال الدين لخداع البسطاء". اليوم السابع. 28 أكتوبر 2020. مؤرشف من الأصل في 2022-01-23. اطلع عليه بتاريخ 2024-03-26.
  14. ^ "في العراق اتعس انواع السلطة". panoramanews.net. مؤرشف من الأصل في 2024-03-25. اطلع عليه بتاريخ 2024-03-24.
  15. ^ نت، صحافة 24. "مقالات : د. محمود السالمي : الوطن العربي وتلاشي مشروع الإخوان". صحافة 24 نت. مؤرشف من الأصل في 2024-03-25. اطلع عليه بتاريخ 2024-03-24.{{استشهاد ويب}}: صيانة الاستشهاد: أسماء عددية: قائمة المؤلفين (link)
  16. ^ "صحيفة عمون : خطيب مسجد في الزرقاء يتهم جبهة العمل الاسلامي بتحريض 40 شابا اعتدوا عليه بالضرب لاشارته "ربط السياسة بالدين"". مؤرشف من الأصل في 2023-10-31. اطلع عليه بتاريخ 2023-10-31.
  17. ^ "نصر رضوان يكتب: هؤلاء يتاجرون بالدين – النيلين". مؤرشف من الأصل في 2021-02-01. اطلع عليه بتاريخ 2023-10-31.
  18. ^ https://arabianiraq.com/%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%AC%D8%A7%D8%B1%D8%A9-%D8%A8%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AF%D9%8A%D8%A7%D9%86-%D8%A8%D8%A7%D8%B3%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%8A%D9%86-%D8%B3%D8%B1%D9%82%D9%88%D9%86%D8%A7-%D8%A7%D9%84/ نسخة محفوظة 2023-10-31 على موقع واي باك مشين.
  19. ^ "تجار الدين الحقيقيون". مؤرشف من الأصل في 2023-10-31. اطلع عليه بتاريخ 2023-10-31.
  20. ^ Sour، Lotfi (1 يناير 2016). "Understanding political Islam in Algeria: experiences, past and present". Studia Politica: Romanian Political Science Review. مؤرشف من الأصل في 2024-03-24.
  21. ^ Ajami، Fouad (27 يناير 2010). "The Furrows of Algeria". The New Republic. ISSN:0028-6583. مؤرشف من الأصل في 2023-10-23. اطلع عليه بتاريخ 2024-03-24.
  22. ^ Kepel، Gilles (3 يناير 2003). "Jihad". Pouvoirs. n° 104 ع. 1: 135–142. DOI:10.3917/pouv.104.0135. ISSN:0152-0768. مؤرشف من الأصل في 2023-11-09. {{استشهاد بدورية محكمة}}: |المجلد= يحوي نصًّا زائدًا (مساعدة)
  23. ^ "لا شك في أن سلوك هؤلاء الإسلاميين دفع الناس للهرب منهم ومما يعتقدون، هذا أحد الأسباب التي دفعت النّاس إل". Bing. مؤرشف من الأصل في 2024-03-31. اطلع عليه بتاريخ 2024-03-31.
  24. ^ Al Jazeera Arabic قناة الجزيرة، في العمق - الإسلام السياسي في عالمنا العربي، مؤرشف من الأصل في 2019-11-15، اطلع عليه بتاريخ 2019-01-14
  25. ^ "التاريخ السياسي لدولة النبي في المدينة – إضاءات". web.archive.org. 6 مايو 2021. مؤرشف من الأصل في 2021-05-06. اطلع عليه بتاريخ 2022-08-12.{{استشهاد ويب}}: صيانة الاستشهاد: BOT: original URL status unknown (link)
  26. ^ "السلفية الوهابية أصل الإسلام السياسي في الوطن العربي (3من3)". عربي21. 14 ديسمبر 2018. مؤرشف من الأصل في 2021-01-22. اطلع عليه بتاريخ 2022-08-12.
  27. ^ ا ب Voll, John O.; Sonn, Tamara. "Political Islam". Oxford Bibliographies Online Datasets (بالإنجليزية). DOI:10.1093/obo/9780195390155-0063. Archived from the original on 2020-02-23.
  28. ^ "كيف ظهر "الإسلام السياسي" وماهي أهدافه الحقيقية؟". midan.aljazeera.net. مؤرشف من الأصل في 2018-08-01. اطلع عليه بتاريخ 2018-12-24.
  29. ^ "ماذا بقي من الإسلام السياسي والجهادي بعد الربيع العربي؟ - جريدة الشرق". www.al-sharq.com. مؤرشف من الأصل في 2019-12-08. اطلع عليه بتاريخ 2018-12-24.
  30. ^ "تحولات مفاهيم التطرف والإرهاب في ظل المنبع الإخواني لتسييس الدين". مركز المزماة للدراسات والبحوث. 19 فبراير 2020. مؤرشف من الأصل في 2020-02-23. اطلع عليه بتاريخ 2020-02-23.
  31. ^ "التاريخ السياسي لدولة النبي في المدينة". إضاءات. 7 مايو 2019. مؤرشف من الأصل في 2021-05-06. اطلع عليه بتاريخ 2022-02-11.
  32. ^ عمرالشاهين, محمد (2009). "أسس الدولة الإسلامية في المدينة المنـــورة". Journal of Kirkuk University Humanity Studies (بالإنجليزية). 4 (2 عدد خاص بالمؤتمر كلية التربية). Archived from the original on 2022-02-11.
  33. ^ "العالم الإسلامي: التاريخ في الجغرافيا". www.aljazeera.net. مؤرشف من الأصل في 2020-12-01. اطلع عليه بتاريخ 2022-03-21.
  34. ^ "تنازل الحسن رضى الله عنه عن الخلافة لمعاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه - منشور". ask.mnshoor.net. مؤرشف من الأصل في 2022-03-21. اطلع عليه بتاريخ 2022-03-21.
  35. ^ iMrMr (24 أبريل 2011). "العصر العباسي الأول: شباب الدولة وصعودها". مدونة الأستــــاذ ثــابت. مؤرشف من الأصل في 2022-03-21. اطلع عليه بتاريخ 2022-03-21.
  36. ^ "د. رشيد الخيّون - آل عثمان وإشكالية الخلافة... سلاطين لا خلفاء". الشرق الأوسط. مؤرشف من الأصل في 2020-11-15. اطلع عليه بتاريخ 2022-03-21.
  37. ^ القططي، وليد (6 أبريل 2021). ""الإسلام السياسي" أزمة مصطلح ونخبة". شبكة الميادين. مؤرشف من الأصل في 2021-04-16. اطلع عليه بتاريخ 2022-03-21.
  38. ^ "Al Moqatel - دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب (1115 ـ 1206هـ)". www.muqatel.com. مؤرشف من الأصل في 2022-04-04. اطلع عليه بتاريخ 2022-05-25.
  39. ^ "«الديوبندية» والأصول الفكرية للإسلام السياسي في آسيا". إضاءات. 23 أغسطس 2021. مؤرشف من الأصل في 2021-09-01. اطلع عليه بتاريخ 2022-02-20.